اختلف العُلَماءُ في أكْلِ لَحمِ الجَزورِ (الإبل)؛ هل ينقُضُ الوضوءَ أو لا؟ على قولينِ:القول الأوّل: أنَّ الأكلَ مِن لحمِ الجَزورِ لا ينقُضُ الوضوءَ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/76)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/32). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/438)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/235)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص 22). ، والشَّافعيَّة على الصَّحيحِ ((المجموع)) للنووي (2/57)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/32). ، وقَولٌ للحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (1/160)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/189). ، وبه قالت طائفةٌ مِن السَّلَف قال النوويُّ: (وهو محكيٌّ عن أبي بكر الصِّدِّيق، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وابن مسعود، وأُبيِّ بن كعب، وأبي طلحة، وأبي الدرداء، وابن عبَّاس، وعامر بن ربيعة، وأبي أمامة، رَضِيَ اللهُ عنهم، وبه قال جمهور التَّابعين) ((المجموع)) (2/57). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ1- عن سعيدِ بنِ الحارثِ عن جابرِ بنِ عبدِالله رَضِيَ الله عنهما أنَّه سألَه، عن الوُضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّارِ، فقال: ((لا؛ قد كنَّا زمانَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا نجِدُ مثلَ ذلك مِن الطَّعامِ إلَّا قليلًا، فإذا نحن وَجَدْناه لم يكُن لنا مناديلُ إلَّا أكفُّنا وسواعِدُنا وأقدامُنا، ثم نصلِّي، ولا نتوضَّأُ)) أخرجه البخاري (5457) . 2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان آخِرُ الأمرينِ مِن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرْكَ الوضوءِ ممَّا غيَّرَت النَّار))، وفي رواية: ((ترْك الوضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّار)) رواه أبو داود (192) واللفظ له، والنسائي (185)، وابن خزيمة (1/28) (43). وصحَّحه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/67)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (2/412)، وصحَّح إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (2/56)، وقال ابنُ القيِّم في ((تهذيب السنن)) (1/320): جاء مثبتًا من رواية جابر. وحسَّنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (2/273)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (192). .وجه الدَّلالة: أنَّ قوله: (ممَّا غيَّرت) عامٌّ يشمَلُ الإبِلَ وغَيرَها، وإذا كان هذا آخِرَ الأمرينِ، فالواجِبُ أن نأخُذ بالآخِرِ من الشَّريعةِ؛ لأنَّ الآخِرَ يكونُ ناسخًا للأوَّلِ ((الشرح الممتع)) (1/304). .القول الثاني: أنَّ الأكلَ منِ لحمِ الجَزورِ يَنقُضُ الوضوءَ، وهو مذهبُ الحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/130)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/138) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/189). ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلفِ قال النوويُّ: (وهو قول أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن يحيى، وحكاه الماورديُّ عن جماعةٍ من الصَّحابة: زيد بن ثابت، وابن عمر، وأبي موسى، وأبي طلحة، وأبي هريرة، وعائشة، وحكاه ابنُ المُنذِر عن جابرِ بن سَمُرة الصحابيِّ، ومحمد بن إسحاق، وأبي ثور، وأبي خَيثمة، واختاره من أصحابِنا أبو بكر بن خُزَيمةَ، وابن المُنذِر، وأشار إليه البيهقيُّ). ((المجموع)) (2/57). وقال البيهقيُّ: (وحَكى بعضُ أصحابنا عن الشافعيِّ، أنَّه قال في بعضِ كُتُبِه: إنْ صحَّ الحديثُ في الوضوءِ مِن لُحومِ الإبلِ، قلتُ به. وقد صحَّ فيه حديثانِ عند أهل العِلمِ بالحَديثِ). ((معرفة السنن والآثار)) (1/451). ، واختاره ابن المُنذِر قال ابن المُنذِر: (الوضوءُ من لحومِ الإبِلِ يجِبُ). ((الأوسط)) (1/247)، وينظر: ((المجموع)) (2/57). ، وابنُ حزم قال ابن حزم: (أكْلُ لُحومِ الإبل نِيئةً ومطبوخةً أو مشويةً عمدًا، وهو يدري أنَّه لحمُ جَملٍ أو ناقةٍ، فإنَّه يَنقُض الوضوءَ). ((المحلى)) (1/225). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (القديمُ أنَّه ينتقض، وهو ضعيفٌ عند الأصحابِ، ولكنَّه هو القويُّ أو الصحيحُ مِن حيث الدَّليل، وهو الذي أعتقِد رُجحانَه، وقد أشار البيهقيُّ إلى ترجيحِه واختيارِه والذَّبِّ عنه). ((المجموع)) (2/57). ، وابن باز قال ابن باز: (دلَّت الأحاديثُ الصَّحيحة الثابتةُ عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أنَّ لحمَ الإبِلِ يَنقُض الوضوءَ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (29/80). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (إذا أكَل الإنسانُ مِن لحم الجَزورِ؛ الناقةِ أو الجَملِ، فإنَّه ينتقضُ وضوءُه، سواءٌ كان نِيًّا أو مطبوخًا). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/196). .الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رجلًا سأل رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أأتوضَّأُ مِن لُحومِ الغنَم؟ قال: إنْ شئتَ فتوضَّأ، وإن شئتَ فلا توضَّأ. قال: أتوضَّأُ مِن لُحومِ الإبِلِ؟ قال: نعَم، فتوضَّأْ من لحومِ الإبِلِ. قال: أُصلِّي في مرابِضِ الغنَم؟ قال: نعَم. قال: أصلِّي في مبارِكِ الإبلِ؟ قال: لا)) رواه مسلم (360). .وجه الدَّلالة: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّ الصحابيَّ على الوضوءِ مِن لَحمِ الإبِلِ، بينما علَّقَ الوضوءَ بالمشيئةِ في لحَم الغَنَمِ، فدلَّ هذا على أنَّ لحمَ الإبِلِ لا مشيئةَ فيه ولا اختيارَ، وأنَّ الوضوءَ منه واجِبٌ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/303). .2- عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سُئِلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الوضوءِ مِن لُحومِ الإبِلِ، فقال: توضَّؤوا منها)) رواه أبو داود (184)، والترمذي (81)، وابن ماجه (494). صحَّحه إسحاق بن راهويه كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (46)، والإمام أحمد كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (1/159)، والترمذيُّ، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/110) وقال: ظاهر مشهور. وصحح إسناده ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (10/157)، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (184)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسنَد)) (151). .وجه الدَّلالة: أنَّه أمَر بالوضوءِ مِن لَحمِ الإبِلِ، والأصلُ في الأمرِ الوُجوبُ التمَسَ بعضُ العُلَماءِ حِكمةً، فقال: إنَّ لحمَ الإبِلِ شديدُ التأثيرِ على الأعصاب، فيُهيِّجُها؛ ولهذا كان الطبُّ الحديثُ ينهى الإنسانَ العصبيَّ عن الإكثارِ مِن لحم الإبل، والوضوءُ يُسكِّنُ الأعصابَ ويُبَرِّدها.. وسواء كانت هذه هي الحِكمةَ أم لا؛ فإنَّ الحكمةَ هي أمر النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لكن إنْ علِمْنا الحكمةَ، فهذا فضلٌ من الله وزيادةُ علمٍ، وإنْ لم نعلَمْ فعلينا التسليمُ والانقيادُ. ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/303، 307). . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: أجزاءُ الإبل من غير اللَّحم. المطلب الثالث: لبَن الإبل، ومرَق لحمِها   .

اختلَفَ أهلُ العِلم في أجزاءِ الإبِلِ مِن غَيرِ اللَّحم، كالشَّحمِ والكَبِدِ والطِّحالِ؛ هل تنقُضُ الوضوءَ أم لا؟ على قولين:القول الأوّل: أكلُ أجزاءِ الإبِلِ مِن غَيرِ اللَّحم، كالشَّحمِ والكَبِدِ والطِّحال، لا ينقُضُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/76)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/32). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/132)، وينظر: ((شرح التلقين)) للمازري (1/199)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/235)، ((القوانيين الفقهية)) لابن جزي (ص: 22). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) (2/60)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/205). ، والحنابلة الحنفيَّة والمالكيَّة والشافعيَّة على أنَّ لحمَ الإبِلِ أساسًا لا ينقُضُ الوضوءَ، ويدخل فيه أجزاؤه، وفرَّقَ الحنابلة بين لحْمِه وأجزائِه؛ فعندهم لَحمُه ينقُضُ، وأجزاؤُه لا تنقُضُ. يُنظر: ((الفروع)) لابن مفلح (1/234)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/161). ، واختارَه ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (ولا ينقُضُ الوضوءَ أكلُ شحومِها محضةً، ولا أكلُ شيءٍ منها غير لحمِها، فإنْ كان يقَعُ على بطونِها أو رؤوسِها أو أرجُلِها اسمُ لحمٍ عند العرَب، نقَض أكلُها الوضوءَ، وإلَّا فلا). ((المحلى بالآثار)) (1/225). ، وابنُ باز قال ابن باز: (ولحومُها الهبرُ، أمَّا الكِرش والمُصران، فهذه ليست داخلةً، والشَّحم كذلك، لكن إن توضَّأ منه من باب الاحتياطِ، فهو حسنٌ، أمَّا اللَّبَنُ والمَرَقُ فلا وضوءَ منهما، وإنَّما الوضوءُ مِن اللَّحم خاصَّة؛ إذا أكَلَه يتوضَّأ وضوءَ الصَّلاةِ). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/231). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ النصَّ جاء في نَقضِ الوُضوءِ مِن لحمِ الإبِلِ، وهذه الأشياءُ لا تدخُلُ تحت اسمِ اللَّحمِ، بدليل أنَّك لو أمَرْتَ أحدًا أن يشتري لك لحمًا، واشترى كَرِشًا؛ لأنكرتَ عليه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/299). .ثانيًا: أنَّ الأصلَ بقاءُ الطَّهارة، ودخولُ غيرِ اللَّحمِ دُخولٌ احتماليٌّ، واليقينُ لا يزولُ بالاحتمالِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/299). .ثالثًا: أنَّ النقضَ بلحم ِالإبلِ أمرٌ تعبديٌّ لا تُعرَفُ حِكمَتُه، وإذا كان كذلك، فإنَّه لا يمكِنُ قياسُ غَيرِ الهَبْرِ قال المرتضى الزبيدي: (الهَبْرةُ: بَضعةٌ من لَحم لا عظم فيها، أو هي قطعةٌ مجتمعةٌ منه، يقال: أعطيته هَبْرةً مِن لحم، إذا أعطاه مجتمعًا منه، وكذلك البِضعة والفِدرة. هَبَره يَهبُره هبرًا: قطعه قِطعًا كِبارًا، ويقال: هَبَر له من اللَّحم هَبرةً؛ أي: قطع له قِطعة) ((تاج العروس)) (14/387). على الهَبْرِ؛ لأنَّ مِن شَرطِ القِياسِ أن يكونَ الأصلُ معلَّلًا؛ إذ القياسُ إلحاقُ فرْع ٍبأصلٍ في حُكمٍ لعِلَّة جامعة، والأمورُ التعبديَّة غيرُ معلومةِ العِلَّة ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/299). .القول الثاني: أكلُ أجزاءِ الإبِلِ مِن غير اللَّحم، كالشَّحم والكَبد والطِّحال ينقُضُ، وهو روايةٌ عن أحمد ((الفروع)) لابن مفلح (1/234)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/161). ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الصَّحيح: أنَّه لا فَرق بين الهَبْر وبقيَّةِ الأجزاء). ((الشرح الممتع)) (1/299). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه من جملةِ الجَزُورِ، وإطلاقُ اللَّحم في الحيوانِ يُرادُ به جملَتُه؛ لأنَّه أكثَرُ ما فيه، ولذلك لَمَّا حرَّم الله تعالى لَحمَ الخِنزيرِ، كان تحريمًا لجُملتِه، فكذلك هاهنا ((المغني)) لابن قدامة (1/141). .ثانيًا: أنَّ في الإبِلِ أجزاءً كثيرة قد تُقارِب الهَبْر، ولو كانت غير داخلةٍ لبيَّن ذلك الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِعِلمِه أنَّ الناسَ يأكلون الهَبْر وغيرَه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/300). .ثالثًا: أنَّه ليس في شريعةِ محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حيوانٌ تتبعَّض أجزاؤه حِلًّا وحُرمةً، وطهارةً ونجاسةً، وسلبًا وإيجابًا، وإذا كان كذلك، فلتكنْ أجزاءُ الإبِلِ كلُّها واحدةً ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/300). . انظر أيضا: المطلب الأول: أكْلُ لحم الجَزور (الإبل) . المطلب الثالث: لبَن الإبل، ومرَق لحمِها   .

لا يَنتقِضُ الوضوءُ بشُربِ لَبَن الإبِلِ ومرَقِ لَحمِها، وهو باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/76)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/32). ، والمالكيَّة ((الذخيرة)) للقرافي (1/235)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 22). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/60). قال النوويُّ: (ولأحمد روايةٌ أنَّه يجِبُ الوضوءُ مِن شُرب لبَنِ الإبل، ولا أعلَمُ أحدًا وافَقَه عليها، ومذهَبُنا ومذهَبُ العلماء كافَّةً: لا وضوءَ مِن لَبَنِها). ، والحنابلة ((المغني)) لابن قدامة (1/140) ((الإنصاف)) للمرداوي (1/161). , وبه قال أكثَرُ العُلَماءِ قال النوويُّ: (لأحمد روايةٌ أنَّه يجِبُ الوضوءُ مِن شُرب لَبَن الابل، ولا أعلَمُ أحدًا وافَقَه عليها، ومذهَبُنا ومذهَبُ العلماء كافَّةً: لا وضوءَ مِن لَبَنِها). ((المجموع)) (2/60). قال ابن باز: ( أمَّا المَرقُ والحَساءُ واللَّبَن؛ فلا ينقُضُ) ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/234). وقال ابن عثيمين: (وأمَّا الوضوءُ مِن ألبان الإبل؛ فالصَّحيحُ أنَّه مستحبٌّ، وليس بواجبٍ؛ لوجهين: الأوَّل: أنَّ الأحاديثَ الكثيرةَ الصَّحيحة واردةٌ في الوضوءِ مِن لحومِ الإبِلِ، والحديثُ في الوضوءِ مِن ألبانِها إسنادُه حسَنٌ، وبعضهم ضعَّفه. الثَّاني: ما رواه أنسٌ في قصَّة العُرَنيِّينَ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَهم أن يَلحَقوا بإبِلِ الصَّدقة، ويَشربوا من أبوالِها وألبانها... ولم يأمرْهم أن يتوضَّؤوا من ألبانِها، مع أنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى ذلك؛ فدلَّ ذلك على أنَّ الوضوءَ منها مستحبٌّ). ((الشرح الممتع)) (1/306). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((قدِم أُناسٌ من عُكل أو عُرَينة، فاجْتَوُوا المدينةَ، فأمرَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلِقاحٍ، وأن يَشرَبوا مِن أبوالِها وألبانِها، فانطَلَقوا...)) رواه البخاري (233) واللفظ له، ومسلم (1671). .وجه الدَّلالة: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَهم أن يَلحَقوا بإبلِ الصَّدقةِ، ويَشربوا من أبوالِها وألبانِها، ولم يأمرْهم أن يتوضَّؤوا؛ من ألبانِها، مع أنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى ذلك، فدلَّ ذلك على أنَّها لا تنقُضُ الوضوءَ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/306). . ثانيًا: أنَّ الأخبارَ إنَّما وردت في الوضوءِ مِن اللَّحم، والحُكمُ فيه غيرُ مَعقولِ المعنى، فيُقتصَرُ على ما ورد النصُّ فيه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/307). . انظر أيضا: المطلب الأول: أكْلُ لحم الجَزور (الإبل) . المطلب الثَّاني: أجزاءُ الإبل من غير اللَّحم.