يُسَنُّ نظَرُ الخاطِبِ [182]     يجوزُ للخاطِبِ توكيلُ مَن يَنظر له المخطوبةَ، كامرأةٍ، أو مَحرَمٍ لها باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة. يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (6/370)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/405)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/128)، ((الإقناع)) للحجاوي (3/157). إلى المخطوبةِ [183]     ولا ينظُرُ إليها نظَرَ تلذُّذٍ وشَهوةٍ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (7/96). ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [184]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/19)، ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج للهيتمي وحواشي الشرواني والعبادي)) (7/190)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/208). ، ووجهٌ للمالكيَّةِ [185]     ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/215). ، وقَولٌ للحنابلةِ [186]     ((الإنصاف)) للمرداوي (8/15)، ((الإقناع)) للحجاوي (3/157)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/10). ، وهو ظاهِرُ اختيارِ ابنِ تيميَّةَ [187]     قال ابن تيمية: (الشَّارعُ قد أباح بل أحَبَّ له النظَرَ إلى المخطوبةِ، وقال: «إذا ألقى اللهُ في قَلبِ أحَدِكم خِطبةَ امرأةٍ، فليَنظُرْ إليها؛ فإنَّه أحرى أن يُؤدَمَ بينهما». وقال لِمن خطب امرأةً من الأنصار: «انظُرْ إليها؛ فإنَّ في أعيُنِ الأنصارِ شَيئًا». وقوله: «أحرى أن يُؤدَمَ بينهما» يدُلُّ على أنَّه إذا عَرَفها قبل النِّكاحِ دام الوُدُّ، وأنَّ النِّكاحَ يَصِحُّ وإن لم يَرَها). ((مجموع الفتاوى)) (29/354). ، والصَّنعانيِّ [188]     قال الصنعاني: (دلَّت الأحاديثُ على أنَّه يُندَبُ تقديمُ النظَرِ إلى من يريدُ نِكاحَها). ((سبل السلام)) (2/165). ، وابنِ عثيمين [189]     قال ابن عثيمين: (على كلِّ حالٍ نقول: إنَّ ظاهِرَ السُّنَّة أنَّ النَّظَرَ إلى المخطوبةِ سُنَّةٌ). ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (12/20). ، وابنِ باز [190]     قال ابن باز: (إذا تيسَّر له النظَرُ إليها، فذلك مستحَبٌّ، وهو أقرَبُ إلى الاجتِماعِ والوئامِ). ((فتاوى نور على الدرب))  (20/96). ، وبه أفتت اللَّجنةُ الدَّائمةُ [191]     جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (السُّنَّةُ: أن يرى الرَّجُلُ مخطوبتَه). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (18/81). .الأدلة مِنَ السُّنَّة:1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّه عنه قال: ((كنتُ عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتاه رجلٌ فأخبَرَه أنَّه تزوَّجَ امرأةً مِن الأنصارِ، فقال له رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنظَرْتَ إليها؟ قال: لا. قال: فاذهَبْ فانظُرْ إليها؛ فإنَّ في أعيُنِ الأنصارِ شَيئًا)) [192]     أخرجه مسلم (1424). .2- عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللَّه عنه: ((أنَّه خطبَ امرأةً، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: انظُرْ إليها؛ فإنَّه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما)) [193]     أخرجه الترمذي (1087) واللفظ له، والنسائي (3235)، وابن ماجه (1866)، وأحمد (18154). حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن القطان في ((أحكام النظر)) (387)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/503)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1087). . انظر أيضا: المَطلبُ الثَّاني: حدودُ نظَرِ الخاطِبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّالثُ: وقتُ النَّظَرِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الرَّابِعُ: النَّظَرُ إلى المخطوبةِ بغيرِ إذنِها. المَطلبُ الخامِسُ: النَّظَرُ إلى من يَغلِبُ على ظَنِّه رَفضُها إيَّاه.

اختلف العُلَماءُ في حدودِ نظَرِ الخاطِبِ إلى المخطوبةِ؛ على قولينِ:القول الأول: يَنظُرُ إلى الوَجهِ والكفَّينِ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [194]     ((التاج والإكليل)) للمواق (3/404)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (3/289)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/215). ، والشَّافِعيَّةِ [195]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/20)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/191)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/186). ، واختيارُ ابنِ حزمٍ [196]     قال ابن حزم: (لا يجوزُ له أن ينظُرَ منها إلَّا إلى الوجهِ والكفَّين فقط، لكنْ يأمُرُ امرأةً تنظُرُ إلى جميع جِسمِها وتخبِرُه). ((المحلى بالآثار)) (9/161). ؛ وذلك لدَلالةِ الوَجهِ على الحُسنِ، والكَفَّين على الجسَدِ [197]     ((حفة المحتاج للهيتمي وحواشي الشرواني والعبادي)) (7/191)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/186). . القول الثاني: يجوزُ النظَرُ إلى ما ظهَرَ غالِبًا، كالوَجهِ، والكَفَّين، والرَّقَبةِ، والقَدَمِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [198]     ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/624)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/11). ، واختاره ابنُ عثيمين [199]     قال ابن عثيمين: (قولُه: «وله نظَرُ ما يظهرُ غالبًا» مثلُ الوجهِ، والرقبةِ، واليدِ، والقدَمِ، ونحوها، أمَّا أن ينظُرَ إلى ما لا يظهَرُ غالبًا، فهذا لا يجوزُ، فكلمةُ «غالبًا» مربوطةٌ بعُرفِ السَّلَفِ الصالحِ، لا بعُرفِ كُلِّ أحدٍ؛ لأنَّنا لو جعَلْناها بعُرفِ كُلِّ أحدٍ لضاعت المسألةُ، واختلف النَّاسُ اختلافًا عظيمًا، لكنِ المقصودُ ما يظهر غالبًا وينظُرُ إليه المحارمُ، فللخاطِبِ أن ينظُرَ إليه). ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (12/21). . وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا أذِنَ في النظَرِ إليها من غيرِ عِلمِها، عُلِمَ أنَّه أذِنَ في النظَرِ إلى جميعِ ما يظهَرُ عادةً؛ إذ لا يمكِنُ إفرادُ الوَجهِ بالنظَرِ مع مُشاركةِ غَيرِه له في الظُّهورِ [200]     ((المغني)) لابن قدامة (7/97). .ثانيًا: لأنَّها امرأةٌ أباح الشَّارِعُ النَّظَرَ إليها، فينظُرُ إلى ما يظهَرُ غالِبًا، كذَواتِ المحارِمِ [201]     ((المغني)) لابن قدامة (7/97). .ثالثًا: لأنَّه يظهَرُ غالِبًا، فأُبيحَ النَّظَرُ إليه كالوَجهِ [202]     ((المغني)) لابن قدامة (7/97). . انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: حُكمُ نظَرِ الخاطبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّالثُ: وقتُ النَّظَرِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الرَّابِعُ: النَّظَرُ إلى المخطوبةِ بغيرِ إذنِها. المَطلبُ الخامِسُ: النَّظَرُ إلى من يَغلِبُ على ظَنِّه رَفضُها إيَّاه.

يُشرَعُ النظرُ إلى المخطوبةِ بعد العَزمِ على خِطبتِها، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [203]     ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/18)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/135). ، والمالِكيَّةِ [204]     ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/519)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/21). ، والشَّافِعيَّةِ [205]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/19، 20)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/190). ، والحَنابِلةِ [206]     ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/624)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/10). ؛ وذلك لأنَّ الأصلَ تحريمُ النَّظَرِ إلى الأجنبيَّةِ، وخُولِفَ فيمن أراد الخِطبةَ، فإذا كان غيرَ عازمٍ عاد إلى الأصلِ، وهو التَّحريمُ [207]     ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (4/449). . انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: حُكمُ نظَرِ الخاطبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّاني: حدودُ نظَرِ الخاطِبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الرَّابِعُ: النَّظَرُ إلى المخطوبةِ بغيرِ إذنِها. المَطلبُ الخامِسُ: النَّظَرُ إلى من يَغلِبُ على ظَنِّه رَفضُها إيَّاه.

يجوزُ للخاطِبِ أن ينظُرَ إلى المخطوبةِ بغيرِ إذنِها أو عِلمِها، نصَّ عليه الشَّافِعيَّةُ [208]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/20)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/186). ، والحَنابِلةُ [209]     ((الإقناع)) للحجاوي (3/157)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/624). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللَّه عنه: ((أنَّه خطبَ امرأةً، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: انظُرْ إليها؛ فإنَّه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما)) [210]     أخرجه الترمذي (1087) واللفظ له، والنسائي (3235)، وابن ماجه (1866)، وأحمد (18154). حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن القطان في ((أحكام النظر)) (387)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/503)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1087). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بالنظَرِ وأطلَقَ، ولم يشتَرِطِ استِئذانَها [211]     ((المغني)) لابن قدامة (7/96)، ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (6/69). .ثانيًا: لأنَّها تَستحْيي غالبًا مِن الإذنِ [212]     ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (6/69). . انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: حُكمُ نظَرِ الخاطبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّاني: حدودُ نظَرِ الخاطِبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّالثُ: وقتُ النَّظَرِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الخامِسُ: النَّظَرُ إلى من يَغلِبُ على ظَنِّه رَفضُها إيَّاه.

لا يجوزُ النَّظَرُ إلى من يَغلِبُ على ظَنِّه عَدَمُ الإجابةِ، نصَّ عليه الشَّافِعيَّةُ [213]     ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (7/190)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/185). ، والحَنابِلةُ [214]     ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (2/624)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/10). ، وهو ظاهِرُ مَذهَبِ المالِكيَّةِ [215]     ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/215). ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (2/340). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين [216]     قال ابن عثيمين: (شروطُ جواز النَّظَر إلى المرأةِ سِتةٌ: الأول: ... الثَّالث: أن يغلِبَ على ظنِّه الإجابةُ). ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (12/22). وقال: (الشرط الثَّاني: أن يغلِبَ على ظنِّه الإجابةُ، وهذا معلومٌ أنَّهم إذا مكَّنوه من النَّظَر إليها فهم موافِقون، وهذا الشَّرطُ إنما يكونُ فيما لو أراد الإنسانُ أن ينظُرَ إلى امرأةٍ بدونِ اتفاقٍ مع أهلِها). ((اللقاء الشهري)) رقم اللقاء (20). . الدَّليلُ مِنَ الكِتابِ:قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور: 30].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الآيةَ نَصٌّ في حُرمةِ إطلاقِ البصَرِ على مَن لا تحِلُّ له [217]     ((التفسير الوسيط)) للواحدي (3/315)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 761)، ((تفسير الزمخشري)) (3/229). ، وَغيرُ المجيبةِ للخاطِبِ تبقى على أصلِ الحَظرِ. انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: حُكمُ نظَرِ الخاطبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّاني: حدودُ نظَرِ الخاطِبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّالثُ: وقتُ النَّظَرِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الرَّابِعُ: النَّظَرُ إلى المخطوبةِ بغيرِ إذنِها.

يحرُمُ على الخاطِبِ الخَلوةُ بالمَخطوبةِ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَخلُوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ إلَّا مع ذي مَحرَمٍ)) [222]     أخرجه البخاري (5233) واللفظ له، ومسلم (1341). . ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على حُرمةِ الخَلوةِ بالأجنبيَّةِ: النَّوويُّ [223]     قال النووي: (إذا خلا الأجنبيُّ بالأجنبيَّةِ مِن غيرِ ثالثٍ معهما فهو حرامٌ باتِّفاقِ العلماء). ((شرح النووي على مسلم)) (9/109). ، وابنُ تيميَّةَ [224]     قال ابن تيمية: (مؤاخاةُ الرجالِ النِّساءَ الأجانبَ وخُلوُّهم بهنَّ ونظَرُهم إلى الزينةِ الباطنةِ منهن: فهذا حرامٌ باتِّفاقِ المسلمين). ((مجموع الفتاوى)) (11/505). ، وابنُ حَجَر [225]     قال ابن حجر: (فيه منعُ الخَلوةِ بالأجنبيَّةِ، وهو إجماعٌ). ((فتح الباري)) (4/77). ، والصَّنعانيُّ [226]     قال الصنعاني: (دلَّ الحديثُ على تحريمِ الخَلوةِ بالأجنبيَّةِ، وهو إجماعٌ). ((سبل السلام)) (2/183). ، والمخطوبةُ أجنبيَّةٌ عنه ما دام لم يَعقِدْ عليها [227]     ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (18/78). . ثالثًا: لأنَّه لا يُؤمَنُ مع الخَلوةِ مُواقَعةُ المحظورِ [228]     ((المبدع شرح المقنع)) لإبراهيم بن مفلح (7/6). . انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: حُكمُ نظَرِ الخاطبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّاني: حدودُ نظَرِ الخاطِبِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الثَّالثُ: وقتُ النَّظَرِ إلى المَخطوبةِ. المَطلبُ الرَّابِعُ: النَّظَرُ إلى المخطوبةِ بغيرِ إذنِها.