لا يجوزُ التَّصريحُ بخِطبةِ المُعتَدَّةِ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ [البقرة: 235].أوجهُ الدَّلالةِ:1- لأنَّه لَمَّا أباح التعريضَ دَلَّ على أنَّ التصريحَ محَرَّمٌ [126]     ((المهذب)) للشيرازي (2/448). ، فمنطوقُ الآيةِ نفيُ الجُناحِ بالتَّعريضِ، ومفهومُها ثبوتُ الجُناحِ في التَّصريحِ، ويؤيِّدُ ذلك قَولُه تعالى:  وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا [127]     ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/24)، ((تفسير ابن عثيمين - الفاتحة والبقرة)) (3/162). .  2- في قَولِه: وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ أي: لا تحقِّقوا العَقدَ في العِدَّةِ، ولا يكونُ هذا إلَّا بالتَّصريحِ فيها [128]     ((تفسير الإمام الشافعي)) (1/393)، ((تفسير السمرقندي)) (1/155)، ((تفسير الخازن)) (1/170)، ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 105). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ [129]     قال ابن حزم: (اتَّفَقوا أنَّ التصريحَ بالخِطبة في العِدَّةِ حَرامٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 69). ، وابنُ عطيَّةَ [130]     قال ابن عطية: (أجمَعَت الأمَّةُ على أنَّ الكلامَ مع المُعتَدَّة بما هو نَصٌّ في تزويجِها وتنبيهٌ عليه: لا يجوزُ). ((تفسير ابن عطية)) (1/315). ويُنظر: ((تفسير القرطبي)) (3/188). ، وابنُ القَطَّان [131]     قال ابن القطان: (اتَّفَقوا أنَّ التصريحَ بالخِطبةِ في العِدَّةِ حَرامٌ). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (2/5). ، وابنُ تيميَّةَ [132]     قال ابن تيمية: (لا يجوزُ التصريحُ بخِطبة المُعتَدَّة، ولو كانت في عِدَّةِ وفاةٍ، باتفاقِ المسلمين). ((الفتاوى الكبرى)) (3/343). .ثالثًا: لأنَّ التصريحَ لا يحتَمِلُ غيرَ النِّكاحِ، فلا يؤمَنُ أن يحمِلَها الحِرصُ على النِّكاحِ فتُخبِرَ بانقضاءِ العِدَّةِ [133]     ((المهذب)) للشيرازي (2/448). . انظر أيضا: المطلبُ الثاني: التَّعريضُ [134]     التعريضُ: هو كلُّ كلامٍ احتمَلَ النِّكاحَ وغَيرَه. يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (9/249)، ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/484). بخِطبةِ المعتَدَّةِ. المَطلبُ الثَّالثُ: تصريحُ الزَّوجِ بالخِطبةِ للبائِنِ مِنْهُ بغيرِ الثَّلاثِ. المَطلبُ الرابع: حُكمُ نكاحِ مَن انقضتْ عدَّتُها إذا صرَّحَ أو عرَّض بخِطْبتِها أثناء العِدَّةِ.

يجوزُ تَصريحُ الزَّوجِ بخِطبةِ مَن بانت منه بغيرِ الثَّلاثِ [169]     كالمُختلعةِ والبائنِ بفَسخٍ لعيبٍ ونحوِه. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/18). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [170]     ((التجريد)) للقدوري (9/4679)، ((الفتاوى الهندية)) (1/280)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/164). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/269). ، والمالِكيَّةِ [171]     ((الشرح الكبير)) للدردير (2/217)، ((منح الجليل)) لعليش (3/261). ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/12). ، والشَّافِعيَّةِ [172]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/31)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/210)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/101). ، والحَنابِلةِ [173]     ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/12)، ((الإنصاف)) للمرداوي (8/28)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/23). ؛ وذلك لكَونِه يُباحُ له نكاحُها في عِدَّتِها، فهي كغيرِ المعتدَّةِ بالنِّسبةِ إليه [174]     ((الشرح الكبير على المقنع)) لأبي الفرج شمس الدين ابن قدامة (20/70)، ((الممتع في شرح المقنع)) للتنوخي (3/543). .  انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: التَّصريحُ بخِطبةِ المُعتَدَّةِ. المطلبُ الثاني: التَّعريضُ [134]     التعريضُ: هو كلُّ كلامٍ احتمَلَ النِّكاحَ وغَيرَه. يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (9/249)، ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/484). بخِطبةِ المعتَدَّةِ. المَطلبُ الرابع: حُكمُ نكاحِ مَن انقضتْ عدَّتُها إذا صرَّحَ أو عرَّض بخِطْبتِها أثناء العِدَّةِ.

مَن عرَّض أو صرَّح بخِطبةِ امرأةٍ -وكانت ممن لا يَحِلُّ له التَّعريضُ بخِطبتِها أو التَّصريحُ به- ثم  تزوَّجَها بعد انقِضاءِ عِدَّتِها؛ صَحَّ نكاحُها، نصَّ عليه المالِكيَّةُ [175]     نصَّ المالكيَّةُ على كراهةِ التزَوُّجِ ممَّن صرَّح لها بالخِطبةِ في عِدَّتِها. ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (3/298)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/220)، ((منح الجليل)) لعليش (3/265). ، والشَّافِعيَّةُ [176]     ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (9/283). ، والحَنابِلةُ [177]     ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين بن مفلح (7/13)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/18). ، وهو الظَّاهِرُ مِن مذْهَبِ الحَنَفيَّةِ [178]     لم يذكُرِ الحَنَفيَّةُ المنعَ مِن نكاحِ المخطوبةِ في عِدَّتِها. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/164). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ النِّكاحَ حادِثٌ بعد المعصيةِ، فلا تؤثِّرُ المعصيةُ فيه [179]     ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (9/283). .ثانيًا: أنَّ الخِطبةَ ليست شرطًا في صِحَّةِ النِّكاحِ، فلا يُفسَخُ النِّكاحُ بوُقوعِها غيرَ صحيحةٍ [180]     ((فتح الباري)) لابن حجر (9/180)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/129). . انظر أيضا: المَطلبُ الأوَّلُ: التَّصريحُ بخِطبةِ المُعتَدَّةِ. المطلبُ الثاني: التَّعريضُ [134]     التعريضُ: هو كلُّ كلامٍ احتمَلَ النِّكاحَ وغَيرَه. يُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (9/249)، ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/484). بخِطبةِ المعتَدَّةِ. المَطلبُ الثَّالثُ: تصريحُ الزَّوجِ بالخِطبةِ للبائِنِ مِنْهُ بغيرِ الثَّلاثِ.