يُشترَطُ في العَقيقةِ ما يُشترَطُ في الأُضحيَّةِ [42] قال ابنُ عثيمين: (قولُه: «وحُكْمُها كالأُضحيَّةِ»، أيْ: حُكْمُ العَقيقةِ حُكْمُ الأُضحيَّةِ في أَكثرِ الأحكامِ، ومنها: أوَّلًا: أنَّه لا بدَّ أنْ تَكونَ مِن بهيمةِ الأنعامِ... ثانيًا: أنَّه لا بدَّ أنْ تَبلُغَ السِّنَّ المُعتبَرةَ، وهو ستَّةُ أشهُرٍ في الضَّأنِ، وسَنَةٌ في المَعْزِ، وسَنَتان في البقرِ، وخمْسُ سِنينَ في الإبلِ. ثالثًا: أنْ تَكونَ سليمةً مِنَ العيوبِ المانعةِ مِنَ الإجزاءِ، كالعَوَرِ البَيِّنِ، والمرضِ البَيِّنِ، والعَرَجِ البَيِّنِ، وما أَشبَهَ ذلك. وتُخالِفُ الأُضحيَّةَ في مسائلَ، منها... أنَّ طبْخَها أَفضلُ مِن توزيعِها نِيَّةً؛ لأنَّ ذلك أَسهَلُ لمَن أُطعِمَتْ له... ومنها: ما ذكره المؤلِّفُ أنَّه لا يُجزِئُ فيها شِرْكٌ في دَمٍ). ((الشرح الممتع)) (7/499).   ، وهو مذهبُ الجمهورِ [43] قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (جمهورُ الفقهاءِ أنَّه يُجتنَبُ في العَقيقةِ مِنَ العيوبِ ما يُجتنَبُ في الأُضحيَّةِ، ويُؤكَلُ منها، ويُتصدَّقُ، ويُهدَى إلى الجِيرانِ). ((الاستذكار)) (5/321).   : المالِكيَّةِ [44] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/592).   ، والشَّافِعيَّةِ [45] ((المجموع)) للنَّووي (8/429).   ، والحنابلةِ [46] ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (3/31).   ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [47] قال ابن رُشْدٍ: (وأمَّا سِنُّ هذا النُّسُكِ وصِفَتُه فسِنُّ الضَّحايا وصِفَتُها الجائزةُ، أعْني أنَّه يُتَّقى فيها مِنَ العيوبِ ما يُتَّقى في الضَّحايا، ولا أَعْلمُ في هذا خلافًا في المذهبِ ولا خارجًا منه). ((بداية المجتهد)) (3/15).   ؛ وذلك قياسًا على الأُضحيَّةِ بعِلَّةِ القُربةِ بالذَّبحِ في كلٍّ [48] ((موطأ الإمام مالك)) (2/501)، ((فتح الباري)) لابن حجر (9/592، 593).   . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: أنْ تَكونَ العَقيقةُ مِن بَهيمةِ الأنعامِ.

يُشترَطُ أنْ تَكونَ العَقيقةُ مِن بَهيمةِ الأنعامِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [49] ((البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق)) لابن نُجَيْم (2/387)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (2/543)، ((الفتاوى الهندية)) (5/304).   ، والمالِكيَّةِ [50] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/255)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/126)، ويُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رُشْدٍ الجد (3/353 ،354).   ، والشَّافِعيَّةِ [51] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/293).   ، والحنابلةِ [52] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (4/80)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (3/25).   ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [53] قال ابن عبدِ البَرِّ: (وقد أَجمَع العلماءُ أنَّه لا يَجوزُ في العَقيقةِ إلَّا ما يَجوزُ في الضَّحايا مِنَ الأزواجِ الثَّمانيةِ، إلَّا مَن شَذَّ ممَّن لا يُعَدُّ خلافًا). ((الاستذكار)) (5/321). وقال ابنُ القَطَّانِ: (وأَجمَع العلماءُ أنَّه لا يَجوزُ فيها إلَّا ما يَجوزُ في الضَّحايا مِنَ الثَّمانيةِ الأزواجِ، إلَّا مَن شَذَّ ممَّا لا يُعَدُّ خلافًا). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/306). لكنْ قال ابنُ حَزْمٍ: (ولا يُجزِئُ في العَقيقةِ إلَّا ما يَقعُ عليه اسمُ شاةٍ - إمَّا مِنَ الضَّأنِ، وإمَّا مِنَ الماعزِ فقط -، ولا يُجزِئُ في ذلك مِن غيرِ ما ذَكَرْنا، لا مِنَ الإبلِ ولا مِنَ البقرِ الإنسيَّةِ، ولا مِن غيرِ ذلك). ((المحلى)) (6/234). .الأدلَّة: أولًا: مِنَ السُّنَّةِعن سَلْمانَ بنِ عامرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه، قال: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((مع الغُلامِ عَقيقةٌ؛ فأَهْريقوا عنه دَمًا، وأَمِيطوا عنه الأذَى)) [54] أخرجه البُخاريُّ مُعلَّقًا بصيغةِ الجَزمِ (5472)، وأخرَجه موصولًا: أبو داودَ (2839)، والتِّرمِذيُّ (1515)، وابنُ ماجَهْ (3164) واللَّفظُ لهم، والنَّسائيُّ (4214)، وأحمدُ (16238) باختلافٍ يسيرٍ. وقال التِّرمِذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ، وقال ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (4/306)، وابنُ العربي في ((القبس)) (2/649): ثابِتٌ، وصَحَّحه البَغَويُّ في ((شرح السُّنَّة)) (6/53)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (9/505): المحفوظ عن محمَّدِ بنِ سيرينَ عن سَلْمانَ بنِ عامرٍ، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3164).   .وجهُ الدَّلالةِ:قولُه: (فأَهْريقوا عنه دَمًا)؛ فهو لفْظٌ مُطْلقٌ يَشمَلُ كلَّ دمٍ جَوَّزَ الشَّرعُ إراقتَه، مِنَ الغَنَمِ والبُدْنِ والبقرِ [55] ((تحفة المودود بأحكام المولود)) لابن القيِّم (ص: 84).   .ثانيًا: من الآثارعن قَتادةَ: (أنَّ أنسَ بنَ مالكٍ كان يَعُقُّ عن بَنيهِ الجَزورَ) [56] أخرجه الطَّبَرانيُّ (1/244) (688). وقال الهَيْثَميُّ في ((مَجْمَع الزَّوائد)) (4/62): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ.   .ثالثًا: قياسًا على الأُضحيَّةِ؛ بعلَّةِ القُربةِ بالذَّبحِ في كلٍّ [57] ((الموطَّأ)) للإمام مالك (2/501)، ((روضة الطَّالبين) للنَّووي (3/230).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: يُشترَطُ في العَقيقةِ ما يُشترَطُ في الأُضحيَّةِ.