يَحْرُمُ الصَّيْدُ في الحَرَمِ المَكِّيِّ على المُحْرِمِ، وعلى الحلالِ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةعنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ الفتحِ: ((إنَّ هذا البلدَ حَرَّمَه اللهُ يَومَ خَلَقَ السَّمواتِ والأرضَ، فهو حرامٌ بحُرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، وإنَّه لم يَحِلَّ القتالُ فيه لأحدٍ قَبْلي، ولم يَحِلَّ لي إلَّا ساعةً مِن نهارٍ، فهو حرامٌ بحُرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، لا يُعْضَدُ شَوكُه [17] لا يُعْضَدُ شَوكُه: لا يُكسَرُ، وقيل: لا يُقْطَعُ. يُنظر: ((كشف المُشْكِل من حديث الصحيحين)) لابن الجَوزي (2/326)، ((شرح النَّووي على مسلم)) (9/125).   ، ولا يُنَفَّرُ صَيْدُه، ولا يَلتَقِطُ إلَّا مَن عَرَّفَها، ولا يُخْتَلى خَلَاها [18] ولا يُختَلَى خَلاها: الخَلا بالقصر: الحشيشُ الرَّطْبُ، الواحدةُ: خَلاةٌ. فإذا مُدَّ فهو المكانُ الخالي. يُنظر: ((كشف المُشْكِل من حديث الصحيحين)) لابن الجَوزي (2/327)، ((شرح النَّووي على مسلم)) (9/125).   ) [19] رواه البخاري (3189)، ومسلم (1353) واللَّفظ له.   .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ [20] قال ابن المنذر: (أَجمَعوا على أنَّ صَيْدَ الحَرَمِ حَرامٌ على الحلالِ والمُحْرِمِ). ((الإجماع)) (ص:60).   ، وابنُ رُشْدٍ [21] قال ابن رُشْدٍ: (لم يَختلِفِ المسلمون في تحريمِ قتْلِ الصَّيْدِ في الحَرَمِ). ((بداية المجتهد)) (2/124).   ، وابنُ قُدامةَ [22] قال ابن قُدامةَ: (أَجمَع المسلمون على تحريمِ صَيْدِ الحَرَمِ على الحلالِ والمُحْرِمِ). ((المغني)) (3/316، 317).   ، وابنُ القَطَّانِ [23] قال ابن القَطَّان: (ولم يَختَلِفِ السَّلفُ والخلَفُ في تحريمِ الصَّيْدِ بمكَّةَ وسائرِ الحَرَمِ). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/296).   ، والنَّوويُّ [24] قال النَّوويُّ: (أَجمعَتِ الأُمَّةُ على تحريمِ صَيْدِ الحَرَمِ على الحلالِ). ((المجموع)) (7/490).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى صَيْدِ البَرِّ. المطلب الثَّالث: صَيْدُ الحَرَمِ المَدَنيِّ.  المطلب الرَّابع: صَيْدُ المُحْرِمِ. المطلب الخامس: قَتْلُ الحيوانِ المُؤْذي.

يَحْرُمُ صَيْدُ الحَرَمِ المَدَنيِّ، وهو مذهبُ الجمهورِ [25] قال النَّووي: (صَيْدُ حَرَمِ المدينةِ حرامٌ عندنا. وبه قال مالِكٌ وأحمدُ والعلماءُ كافَّةً إلَّا أبا حنيفةَ فقال: ليس بحرامٍ). ((المجموع)) (7/497). وقال الشِّنقيطيُّ: (اعلمْ أنَّ جماهيرَ العلماءِ على أنَّ المدينةَ حَرَمٌ أيضًا، لا يُنَفَّرُ صَيْدُها، ولا يُخْتَلَى خَلاها. وخالَفَ أبو حنيفةَ الجمهورَ، فقال: إنَّ حَرَمَ المدينةِ ليس بحَرَمٍ على الحقيقةِ، ولا تَثبُتُ له أحكامُ الحَرَمِ، مِن تحريمِ قتْلِ الصَّيْدِ، وقطْعِ الشَّجرِ). ((أضواء البيان)) (1/452).   : المالِكيَّةِ [26] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/178)، ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (2/560)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/356)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (2/373).   ، والشَّافِعيَّةِ [27] ((المجموع)) للنَّووي (7/480) ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/523).   ، والحنابلةِ [28] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (3/396) ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (2/474).   .الأدلَّة مِنَ السُّنَّةِ:1 - عن جابرٍ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ((إنَّ إبراهيمَ حَرَّمَ مكَّةَ، وإنِّي حَرَّمْتُ المدينةَ ما بيْن لابَتَيْها [29] لابَتَيْها: اللَّابَة: الحَرَّة، وهي الأرضُ ذاتُ الحجارةِ السُّودِ كأنَّها أُحرِقَتْ بالنَّار، والمدينةُ المُنوَّرةُ بيْن حَرَّتَيْنِ شرقيَّةٍ وغربيَّةٍ تَكتَنِفانِها. يُنظر: ((مَعالم السُّنن)) للخَطَّابي (2/119)، ((كشف المُشْكِل من حديث الصحيحين)) لابن الجَوزي (1/235).   ، لا يُقْطَعُ عِضَاهُها [30] عِضاهُها: كلُّ شجرٍ فيه شَوكٌ، واحدتُها: عِضاهةٌ وعَضِيهةٌ. ((شرح النَّووي على مسلم)) (9/136).   ، ولا يُصادُ صَيْدُها)) [31] أخرجه مسلم (1362).   .2 - عن أنسٍ رضي الله عنه، ((أنَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَشرَفَ على المدينةِ، فقال: اللَّهمَّ إنِّي أُحَرِّمُ ما بيْن جَبَلَيْها مِثْلَ ما حَرَّمَ إبراهيمُ مكَّةَ، اللَّهمَّ بارِكْ لهُم في مُدِّهِم وصاعِهِم)) [32] أخرجه البخاري (5425)، ومسلم (1365).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى صَيْدِ البَرِّ. المطلب الثَّاني: صَيْدُ الحَرَمِ المَكِّيِّ.  المطلب الرَّابع: صَيْدُ المُحْرِمِ. المطلب الخامس: قَتْلُ الحيوانِ المُؤْذي.

يُشرَعُ قتْلُ الحيوانِ المُؤْذي [69] قال ابن حجر: (وقال مَن عَلَّل بالأذَى: أنواعُ الأذَى مُختلِفةٌ، وكأنَّه نَبَّه بالعقربِ على ما يُشارِكُها في الأذى باللَّسعِ ونحوِه مِن ذواتِ السُّمومِ كالحَيَّةِ والزُّنْبُورِ، وبالفأرةِ على ما يُشارِكُها في الأذى بالنَّقْبِ والقَرْضِ كابنِ عِرْسٍ، وبالغُرابِ والحِدَأِ على ما يُشارِكُهُما بالاختِطافِ كالصَّقرِ، وبالكلبِ العَقورِ على ما يُشارِكُه في الأذى بالعُدوانِ والعَقْرِ كالأسدِ والفَهْدِ). ((فتح الباري)) (4/40).   ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [70] الحَنفيَّةُ يقولون بجَوازِ قتْلِ الفَواسقِ، وفي المؤذي إذا ابتَدأَ بالأذى، أو ما يَغلِبُ عليه الابتِداءُ. ((المبسوط)) (4/81)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلعي (2/67)، ((البحر الرائق)) (3/38) ((حاشية ابن عابدين)) (2/571).   ، والمالِكيَّةِ [71] ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/386)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/253)، ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/221)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/503)، (1/550).   ، والشَّافِعيَّةِ [72] ((فتح العزيز)) للرافعي (7/488)، ((روضة الطالبين)) للنَّووي (3/146).   ، والحنابلةِ [73] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (3/346)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (1/546).   ، وحُكِيَ الإجماعُ على جوازِ ذلك [74] قال القُرْطُبي: (ما كان مِنَ الحيوانِ أصْلُه الإذايةُ فإنَّه يُقتَلُ ابتِداءً؛ لأجلِ إذايتِه مِن غيرِ خِلافٍ، كالحَيَّةِ والعَقربِ والفأرِ والوَزَغِ، وشَبَهِه). ((تفسير القرطبي)) (1/318).   .الدَّليل مِنَ السُّنَّة:عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: ((أَمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بقَتْلِ خَمْسِ فَواسِقَ في الحِلِّ والحَرَمِ: الغُرابُ، والحِدَأةُ، والعَقربُ، والفأرةُ، والكلْبُ العَقورُ)) [75] أخرجه البخاري (1829)، ومسلم (1198).   .وفي روايةٍ: ((خَمْسٌ فَواسِقُ، يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَمِ: الحَيَّةُ، والغُرابُ الأَبْقَعُ، والفأرةُ، والكلْبُ العَقورُ، والحُدَيَّا)) [76] أخرجه مسلم (1198).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى صَيْدِ البَرِّ. المطلب الثَّاني: صَيْدُ الحَرَمِ المَكِّيِّ. المطلب الثَّالث: صَيْدُ الحَرَمِ المَدَنيِّ.  المطلب الرَّابع: صَيْدُ المُحْرِمِ.