يُباحُ أكْلُ مَيْتةِ السَّمكِ غيرِ الطَّافي.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقولُ اللهِ تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة: 96]. وجهُ الدَّلالةِ:صَيدُ البحرِ: ما أُخِذ حَيًّا، وطَعامُه: ما أُخِذ مَيتًا، يعني: ما ألْقاهُ البحرُ مَثلًا، أو طَفا على ظهْرِه مَيِّتًا [411] ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (15/14). قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ الآية: (قال ابنُ عبَّاسٍ في الرِّوايةِ المشهورةِ عنه: صَيْدُه ما أُخِذ منه حَيًّا، وَطَعَامُهُ ما لَفَظَه مَيِّتًا، وهكذا روي عن أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو، وأبي أيوب الأنصاري، رضيَ اللهُ عنهم. وعكرمة، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري) ((تفسير ابن كثير)) (3/197).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1 - عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: ((سَأل رَجُلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نَركَبُ البحرَ، ونَحمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ تَوضَّأْنا به عَطِشْنا، أفنَتَوضَّأُ مِنَ البحرِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه)) [412] أخرجه أبو داودَ (83)، والتِّرْمذيُّ (69)، والنَّسائيُّ (59)، وابنُ ماجَهْ (386)، وأحمدُ (8735). وصحَّحه البُخاريُّ كما في ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (1/197). وقال التِّرْمذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ. وأخرجه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (1243). وصحَّحه ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التَّمهيد)) (16/217)، وقال: لأنَّ العلماء تَلقَّوْه بالقَبولِ. وكذا صحَّحه النَّوويُّ في ((المجموع)) (1/82).   .2 - عن جابر رضيَ اللهُ عنه، قال: ((غَزَوْنا جيشَ الخَبَطِ، وأُمِّرَ أبو عُبَيدةَ، فجُعْنا جوعًا شديدًا، فأَلْقى البحرُ حُوتًا مَيِّتًا لم يُرَ مِثلُه، يُقالُ له العَنْبرُ، فأكَلْنا منه نِصفَ شهرٍ، فأخذ أبو عُبَيدةَ عَظْمًا مِن عِظامِه، فمَرَّ الرَّاكِبُ تحتَه... فأخبَرَني أبو الزُّبَيرِ، أنَّه سمِع جابرًا يقولُ: قال أبو عُبَيدَةَ: كُلوا. فلمَّا قدِمْنا المدينةَ ذكَرْنا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلوا رِزقًا أخرَجه اللهُ، أَطعِمونا إنْ كان معَكم. فأتاه بعضُهم بعُضوٍ فأَكَله)) [413] أخرجه البُخاري (4362) واللَّفظُ له، ومسلمٌ (1935).   .وجهُ الدَّلالةِ: أنَّ أكْلَهم لم يكُنْ على وجهِ ما تُؤكَلُ عليه المَيْتةُ للضَّرورةِ؛ وذلك أنَّهم أقاموا عليها أيامًا يَأكُلون منها، ومَنِ اضطُرَّ إلى المَيْتةِ ليس يُباحُ له المُقامُ عليها، بل يُقالُ له: خُذ منها ما تَحتاجُ وانتَقِلْ منها إلى طلَبِ المُباحِ مِنَ القُوتِ [414] ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (23/13).   .3- عن زيدِ بنِ أَسلَمَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضي الله عنهما، أنَّه قال: ((أُحِلَّتْ لنا مَيْتتانِ ودَمَانِ: الجَرادُ والحِيتانُ، والكبدُ والطِّحالُ)) [415] تقدم تخريجه.   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ غيرَ الحوتِ ممَّا يُسمَّى سَمَكًا في معناه [416] ((شرح الزَرْكَشي على مختصر الخِرَقي)) (6/697).   . رابعًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ [417] قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (وفيه أكْلُ مَيتةِ البحرِ مِن دَوابِّه وغيرِها؛ لأنَّ دَوابَّه إذا جازَ أكْلُها مَيْتةً فسَمَكُه أَوْلى بذلك؛ لأنَّ السَّمك لم يُختلَفْ في أكْلِه). ((التمهيد)) (23/12).   ، وابنُ رُشْدٍ الجَدُّ [418] قال ابنُ رُشْدٍ الجَدُّ: (واتَّفَق أهلُ العِلمِ كلُّهم على جوازِ أكلِ سَمَكِ البحرِ ... إلَّا الطَّافيَ منه). ((البيان والتحصيل)) (3/300).   ، وابنُ قُدامةَ [419] قال ابنُ قُدامةَ: (وأمَّا ما مات بسببٍ، مِثلَ أنْ صادَه إنسانٌ، أو نَبَذَه البحرُ، أو جَزَر عنه، فإنَّ العلماءَ أَجمَعوا على إباحتِه. وكذلك ما حُبِس في الماءِ بحظيرةٍ حتَّى يَموتَ، فلا خلافَ أيضًا في حِلِّه).((المغني)) (9/394).   ، والنَّوويُّ [420] قال النَّوويُّ: (السَّمكُ بأنواعِه فهو حلالٌ، ولا حاجةَ إلى ذبْحِه بلا خلافٍ، بل يَحِلُّ مُطْلقًا، سواءٌ مات بسببٍ ظاهرٍ كضغطةٍ أوْ صدمةِ حَجرٍ، أوِ انحسارِ ماءٍ، أو ضرْبٍ مِنَ الصَّيَّادِ أو غيرِه، أو مات حَتْفَ أنْفِه). ((المجموع)) (9/31).   ، وابنُ تيميَّةَ [421] قال ابنُ تيميَّةَ: (أمَّا السَّمَكُ إذا مات بمفارقةِ الماءِ فهو حلالٌ طاهرٌ بالإجماعِ). ((شرح العمدة)) (ص 134)، وقال: (وقد أَجمَع سلَفُ الأُمَّةِ وأئمَّتُها على حِلِّ السَّمكِ كلِّه). ((منهاج السنة)) (8/200).   ، والزَرْكَشيُّ [422] قال الزَرْكَشيُّ: (السَّمك، ولا نِزاعَ في حِلَّ مَيْتتِه... وغير الحوتِ ممَّا يُسمَّى سَمَكًا في معناه). ((شرح الزَرْكَشي على مختصر الخِرَقي)) (6/697).   ، والشَّوكانيُّ [423] قال الشَّوكانيُّ: (لا خلافَ في أنَّ مَيتةَ السَّمكِ حلالٌ طاهرةٌ). ((السيل الجرار)) (ص 28).   . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: السَّمَكُ الطَّافي. المطلب الثَّالث: مَيتةُ حَيوانِ البحرِ غيرِ السَّمكِ. المطلب الرَّابع: السَّمكُ يوجَدُ في بطنِ السَّمكةِ مَيتًا.

يُباحُ أكْلِ السَّمَكِ الطَّافي، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّةِ [424] ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (1/387)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/345).   ، والشَّافعيَّةِ [425] ((المجموع)) للنَّووي (9/31)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/267).   ، والحنابلةِ [426] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/187)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/289).   ، والظاهريَّةِ [427] قال ابنُ حَزْم: (ما يَسكُنُ جَوفَ الماءِ، ولا يعيشُ إلَّا فيه، فهو حلالٌ كلُّه كَيْفما وُجِد، سواءٌ أُخِذ حَيًّا ثمَّ مات، أو مات في الماءِ، طَفا أو لم يَطْفُ). ((المحلى)) (6/60). وقال: (وبأكلِ الطَّافي مِنَ السَّمَكِ يقولُ ابنُ أبي ليلى، والأَوْزاعيُّ، وسُفيانُ الثَّوريُّ، ومالكٌ، واللَّيثُ، والشَّافعيُّ، وأبو سُلَيمانَ). ((المحلى)) (6/64).   . وهو قولُ بعضِ السَّلفِ [428] رواه ابن أبي شَيْبةَ في ((مصنَّفه)) (4/248) عن ابنِ عُمرَ. وقال ابنُ قُدامةَ: (وممَّن أَباحَ الطَّافي مِنَ السَّمَكِ: أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ، وأبو أيُّوبَ- رضيَ اللهُ عنهما-). ((المغني)) (9/394). وقال أبو الفرج شمسُ الدِّين ابنُ قُدامةَ: (ورُويَ ذلك عن عطاءٍ، ومَكْحولٍ، والثَّوريِّ، والنَّخَعي). ((الشرح الكبير)) (11/43). وهو قولُ ابنِ أبي ليلى، والأَوْزاعي، واللَّيثِ. يُنظر: ((المحلى)) لابن حَزْم (6/64). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقولُ اللهِ تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة: 96]. أوجه الدلالة من الآية:أ- أنَّ صَيدَ البحرِ: ما أُخِذ حَيًّا، وطعامُه: ما أُخِذ مَيتًا، يعني: ما أَلْقاهُ البحرُ مَثلًا، أو طَفا على ظهْرِه مَيِّتًا [429] ((الذخيرة)) للقَرافي (4/98)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (15/14).   . وبه قال كثيرٌ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابِعين [430] ((فتح القدير)) للشَّوكاني (2/90).   .ب- قولُه تعالى وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ [المائدة: 96] عطف على قولِه: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ [المائدة: 96]. أيْ: أُحِلَّ لكُم طعامُه، وهذا يَتناوَلُ ما صِيدَ منه وما لم يُصَدْ، والطَّافي لم يُصَدْ؛ فيَتناوَلُه [431] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/36).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1- عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: ((سَأل رَجُلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نَركَبُ البحرَ، ونَحمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ تَوضَّأْنا به عَطِشْنا، أفنَتَوضَّأُ مِنَ البحرِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه)) [432] أخرجه أبو داودَ (83)، والتِّرْمذيُّ (69)، والنَّسائيُّ (59)، وابنُ ماجَهْ (386)، وأحمدُ (8735). وصحَّحه البُخاريُّ كما في ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (1/197). وقال التِّرْمذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ. وأخرجه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (1243). وصحَّحه ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التَّمهيد)) (16/217)، وقال: لأنَّ العلماء تَلقَّوْه بالقَبولِ. وكذا صحَّحه النَّوويُّ في ((المجموع)) (1/82).   .2- عن جابر رضيَ اللهُ عنه، قال: ((غَزَوْنا جيشَ الخَبَطِ، وأُمِّرَ أبو عُبَيدةَ، فجُعْنا جوعًا شديدًا، فأَلْقى البحرُ حُوتًا مَيِّتًا لم يُرَ مِثلُه، يُقالُ له العَنْبرُ، فأكَلْنا منه نِصفَ شهرٍ، فأخذ أبو عُبَيدةَ عَظْمًا مِن عِظامِه، فمَرَّ الرَّاكِبُ تحتَه... فأخبَرَني أبو الزُّبَيرِ، أنَّه سمِع جابرًا يقولُ: قال أبو عُبَيدَةَ: كُلوا. فلمَّا قدِمْنا المدينةَ ذكَرْنا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلوا رِزقًا أخرَجه اللهُ، أَطعِمونا إنْ كان معَكم. فأتاه بعضُهم بعُضوٍ فأَكَله)) [433] أخرجه البُخاري (4362) واللَّفظُ له، ومسلمٌ (1935).   .3- عن زيدِ بنِ أَسلَمَ، عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: ((أُحِلَّتْ لنا مَيْتتانِ ودَمَانِ: الجَرادُ والحِيتانُ، والكبدُ والطِّحالُ)) [434] أخرجه البَيْهَقيُّ (1241). وصحَّحه أبو زُرْعةَ وأبو حاتمٍ كما في ((التَّلخيص الحَبير)) (1/36)، وكذا البَيْهَقيُّ، وقال: وهو في معنى المُسنَد. وصحَّحه أيضًا النَّوويُّ في ((المجموع)) (2/560 ).   .وجهُ الدَّلالةِ مِنَ الأحاديثِ:أنَّ أَحَقَّ ما يَتناوَلُه اسمُ الميتةِ: الطافي؛ لأنَّه المَيتُ حقيقةً [435] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/36).   .ثالثًا: مِنَ الآثارِعن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللهُ عنه أنَّه قال: (الطَّافي حلالٌ) [436] أخرَجه البُخاريُّ مُعلَّقًا بصيغة الجزْمِ قَبْل حديثِ (5493) واللَّفظُ له، وأخرَجه موصولًا عبدُ الرزَّاقِ في ((المصنَّف)) (8654)، وابنُ أبي شَيْبةَ في ((المصنَّف)) (20115)، والطَّحاويُّ في ((شرح مُشْكِل الآثار)) (10/210)، والدَّارَقُطنيُّ (4/269). وصحَّح إسنادَه النَّوويُّ في ((المجموع)) (9/34)، وقال ابنُ حَجَرٍ في ((تهذيب التهذيب)) (6/386): علَّقه البُخاريُّ ووَصَله الدَّارَقُطني، وقال في ((تغليق التعليق)) (4/507): له طُرُقٌ كثيرةٌ.   .رابعًا: أنَّه سَمَكٌ، لو مات في البَرِّ لأُكِل بغيرِ تَذكيةٍ، ولو نَضَب عنه الماءُ أو قتلَتْه سمكةٌ أخرى فمات لأُكِل؛ فكذلك إذا مات وهو في البحرِ [437] ((فتح الباري)) لابن حجر (9/619).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: مَيْتةُ السَّمكِ غيرِ الطَّافي. المطلب الثَّالث: مَيتةُ حَيوانِ البحرِ غيرِ السَّمكِ. المطلب الرَّابع: السَّمكُ يوجَدُ في بطنِ السَّمكةِ مَيتًا.

يُباحُ أكْلُ مَيتةِ البحرِ مِن غيرِ السَّمكِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّةِ [438] ((الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي)) (2/115)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/453).   ، والشَّافعيَّةِ - في أصحِّ الوجهَيْن - [439] ((المجموع)) للنَّووي (9/32)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/298).   ، والحنابلةِ [440] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/201)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/289).   ، وحُكيَ فيه الإجماعُ [441] قال أبو الفرج ابنُ قُدامةَ: (فأمَّا السَّمكُ وشَبَهُه ممَّا لا يعيشُ إلَّا في الماءِ، فإنَّه يُباحُ بغيرِ ذَكاةٍ، لا نَعلَمُ في هذا خلافًا). ((الشرح الكبير)) (11/42، 43).   .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتاب1- قولُه تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة: 29].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الأصلَ في كُلِّ الحَيواناتِ الحِلُّ؛ لعُمومِ الآيةِ، ومِن ذلك حَيوانُ البحرِ كلُّه [442] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/15، 33).   . 2- قولُه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة: 96]. وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ صَيْدُ الْبَحْرِ: ما أُخِذ حَيًّا، وَطَعَامُهُ: ما أُخِذ مَيتًا [443] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (15/33).   ؛ ولأنَّه فَرَّق بيْن الصَّيدِ والطَّعامِ؛ فدَلَّ على أنَّ الطَّعامَ ما مات بنفْسِه [444] ((المعونة)) للقاضي عبد الوهاب (ص 700).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1 - عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قال: سَأل رَجُلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّا نَركَبُ البحرَ، ونَحمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ تَوضَّأْنا به عَطِشْنا، أفنَتَوضَّأُ مِنَ البحرِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتتُه)) [445] أخرجه أبو داودَ (83)، والتِّرْمذيُّ (69)، والنَّسائيُّ (59)، وابنُ ماجَهْ (386)، وأحمدُ (8735). وصحَّحه البُخاريُّ كما في ((الاستذكار)) لابن عبدِ البَرِّ (1/197). وقال التِّرْمذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ. وأخرجه ابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (1243). وصحَّحه ابنُ عبدِ البَرِّ في ((التَّمهيد)) (16/217)، وقال: لأنَّ العلماء تَلقَّوْه بالقَبولِ. وكذا صحَّحه النَّوويُّ في ((المجموع)) (1/82).   .وجهُ الدَّلالةِ:أفاد الحديثُ بعُمومِه أنَّ جميعَ مَيْتةِ البحرِ حلالٌ، ويَدخُلُ فيه غيرُ السَّمَكِ [446] ((شرح العمدة)) لابن تيميَّة (ص 134).   .2 - عن جابر رضيَ اللهُ عنه، قال: ((غَزَوْنا جيشَ الخَبَطِ، وأُمِّرَ أبو عُبَيدةَ، فجُعْنا جوعًا شديدًا، فأَلْقى البحرُ حُوتًا مَيِّتًا لم يُرَ مِثلُه، يُقالُ له العَنْبرُ، فأكَلْنا منه نِصفَ شهرٍ، فأخذ أبو عُبَيدةَ عَظْمًا مِن عِظامِه، فمَرَّ الرَّاكِبُ تحتَه... فأخبَرَني أبو الزُّبَيرِ، أنَّه سمِع جابرًا يقولُ: قال أبو عُبَيدَةَ: كُلوا. فلمَّا قدِمْنا المدينةَ ذكَرْنا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلوا رِزقًا أخرَجه اللهُ، أَطعِمونا إنْ كان معَكم. فأتاه بعضُهم بعُضوٍ فأَكَله)) [447] أخرجه البُخاريُّ (4362) واللَّفظُ له، ومسلمٌ (1935).   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ هذا يَدُلُّ على أنَّ دَوابَّ البحرِ كلَّها حلالٌ، مِنَ السَّمَكِ وغيرِه [448] ((الأوسط)) لابن المُنذِر (1/394).   .ثالثًا: أنَّه لا يُتمكَّنُ مِن تَذكيَتِه؛ لأنَّه لا يُذبَحُ إلَّا بعد إخراجِه مِنَ الماءِ، ومتى خَرَج مات [449] ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (11/45).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: مَيْتةُ السَّمكِ غيرِ الطَّافي. المطلب الثَّاني: السَّمَكُ الطَّافي. المطلب الرَّابع: السَّمكُ يوجَدُ في بطنِ السَّمكةِ مَيتًا.

 يُباحُ أكْلُ السَّمكةِ المَيِّتةِ إذا وُجِدَتْ في بطنِ سَمكةٍ أخرى، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [450] ((الفتاوى الهندية)) (5/428)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/309).   ، والمالكيَّةِ [451] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/345)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/49).   ، والشَّافعيَّةِ [452] وذلك بشرطِ ألَّا يَتغيَّرَ لَونُها في أصحِّ الوجهين. ((المجموع)) للنَّووي (9/73). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/554).   ، والحنابلةِ [453] مَذهبُهمُ الجَوازُ مع الكراهةِ. ((الفروع)) لابن مفلح (10/404)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/212).   .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه حيوانٌ طاهرٌ في مَحلٍّ طاهرٍ، لا تُعتبَرُ له ذَكاةٌ؛ فأُبيحَ، كالطَّافي في السَّمكِ [454] قال ابنُ قُدامةَ: (وقال «أحمدُ» في موضعٍ: الطَّافي أشَدُّ مِن هذا، وقد رَخَّص فيه أبو بكرٍ - رضيَ اللهُ عنه -. وهذا هو الصَّحيحُ). ((المغني)) لابن قُدامة (9/426).   .ثانيًا: أنَّها كالسَّمكةِ الَّتي ماتَتْ حَتْفَ أنفِها، وهي حلالٌ؛ فكذلك المَيِّتةُ في جَوفِ سمكةٍ أخرى [455] قال النَّوويُّ: (ولو وُجِدَتْ سمكةٌ في جَوفِ سمكةٍ، فهُمَا حلالٌ، كما لو ماتَتْ حَتْفَ أنفِها).((المجموع)) (9/73).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: مَيْتةُ السَّمكِ غيرِ الطَّافي. المطلب الثَّاني: السَّمَكُ الطَّافي. المطلب الثَّالث: مَيتةُ حَيوانِ البحرِ غيرِ السَّمكِ.