يُباحُ الخَلُّ المُنقَلِبُ بنَفسِه عن الخَمرِ. الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نِعْمَ الأُدمُ- أو الإدامُ- الخَلُّ)) [83] أخرجه مسلم (2051).   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّه مَدَح الخَلَّ بأنَّه نِعمَ الإدامُ، فإذَن الخَلُّ حَلالٌ [84] ((المحلى)) لابن حزم (6/115).   .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على ذلك [85] قال النووي: (وقد حُكِيَ عن سحنون المالكيِّ أنَّها لا تَطهُرُ، فإن صحَّ عنه فهو محجوجٌ بإجماعِ مَن قَبلَه). ((شرح صحيح مسلم)) (13/152).   : ابنُ رُشدٍ الجَدُّ [86] قال ابن رشد الجدُّ: (لا اختلافَ بين أهل العلم في أنَّ الخَمرَ إذا تخَلَّلت من ذاتِها، تحِلُّ وتَطهُرُ). ((البيان والتحصيل)) (18/19).   والحفيدُ [87] قال ابن رشد الحفيد: (وأجمعوا على أنَّ الخمرَ إذا تخَلَّلت من ذاتها، جاز أكلُها). ((بداية المجتهد)) (3/28).   ، والكاسانيُّ [88] قال الكاساني: (إذا تخلَّلت بنفسها يحِلُّ شُربُ الخَلِّ، بلا خلافٍ). ((بدائع الصنائع)) (5/113).   ، وابنُ قُدامةَ [89] قال ابن قدامة: (فأما إذا انقلَبَت بنَفسِها، فإنَّها تطهُرُ وتَحِلُّ، في قَولِ جَميعِهم). ((المغني)) (9/173).   ، والنَّوويُّ [90] قال النووي: (وأجمعوا أنَّها إذا انقلبت بنَفسِها خَلًّا طهُرَت). ((شرح صحيح مسلم)) (13/152).   ، وابنُ تيميَّةَ [91] قال ابن تيميَّةَ: (وقد اتَّفقوا جميعُهم أنَّ الخمرَ إذا استحالت بفِعلِ الله سُبحانَه فصارت خلًّا، طَهُرت). ((مجموع الفتاوى)) (22/181).   ، وابنُ جُزَيٍّ [92] قال ابن جزي: (إذا تخلَّلَت الخمرُ من ذاتها، صارت حلالًا طاهرةً اتِّفاقًا). ((القوانين الفقهية)) (ص: 117).   .ثالثًا: أنَّه إذا سقَطت عن العصيرِ الحَلالِ صِفاتُ العَصيرِ، وحَلَّت فيه صِفاتُ الخَمرِ؛ فليست تلك العَينُ عَصيرًا حلالًا، بل هي خَمرٌ مُحَرَّمةٌ، وإذا سقَطَت عن تلك العَينِ صِفاتُ الخَمرِ المحَرَّمة، وحَلَّت فيها صِفاتُ الخَلِّ الحلالِ؛ فليست خَمرًا مُحَرَّمةٌ، بل هي خَلٌّ حَلالٌ [93] ((المحلى)) لابن حزم (6/115).   . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: حُكمُ الخَمرِ إذا خُلِّلَت بعِلاجٍ [94] أي: يتدخَّل في تخلِيلها باضافة  ما يقلِبها من الخمر إلى الخَلِّ، أو بنقْل من مكان إلى مكان يتسبب في تخليلها. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/113)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/392).   . المطلب الثَّالِثُ: حُكمُ الخَمرِ إذا خُلِّلَت بنَقلِها. المطلب الرَّابعُ: إمساكُ الخَمرِ للتَّخليلِ .

يَحرُمُ تَخليلُ الخَمرِ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [95] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 15)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (1/304)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/248)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/82)، ويُنظر: ((حاشية البجيرمي)) (1/108).   والحَنابِلةِ [96] ((الإنصاف)) للمرداوي (1/230)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/187)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/172).   ، وهو الأشهَرُ عن مالكٍ، واختاره ابنُ عبدِ البرِّ [97] قال ابن عبد البر: (ولا يخَلِّلْ أحدٌ خَمرًا، فإن خَلَّلَها فبِئسَ ما فعل، ولْيستغفِرِ اللهَ، ولْيأكُلْها إن شاء، وقد قيل: لا يأكُلها إلَّا أن تعُودَ خلًّا بغيرِ صنيعِ آدميٍّ، وهو الأشهرُ عن مالك، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه أقول). ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/443). وقال: (والذي يصِحُّ في تخليلِ الخَمرِ عن مالك ما رواه ابنُ وهب وابن القاسم عن مالكٍ، قال ابنُ وهب: سَمِعتُ مالِكًا يقولُ في رجلٍ اشترى خلًّا فوجد فيها قُلَّةَ خَمرٍ، قال: لا يجعَلْ فيها شيئًا لِيُخَلِّلَها). ((الاستذكار)) (8/28)، ويُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (6/348)، ((التاج والإكليل)) للمواق (1/97)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/88).   ، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ [98] قال ابن عبد البر: (قال ابن وهب: وهو قولُ عمرَ بنِ الخطَّاب، والزُّهْري، وربيعة). ((الاستذكار)) (8/29)، ويُنظر: ((تفسير القرطبي)) (6/290). وقال ابن قُدامة: (الخَمرةُ إذا أُفسِدَت فصُيِّرت خلًّا، لم تزُلْ عن تَحريمِها، وإنْ قلَبَ اللهُ عَينَها فصارت خلًّا، فهي حلالٌ؛ رُوي هذا عن عُمر ابن الخطاب رَضِيَ اللهُ عنه، وبه قال الزهريُّ، ونحوُه قَولُ مالك). ((المغني)) (9/172).   ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّةَ [99] قال ابن تيمية: (أما التخليلُ ففيه نزاعٌ... وقيل: لا يجوزُ بحالٍ كما يقولُه من يقولُه مِن أصحابِ الشَّافعي وأحمد، وهذا هو الصحيح). ((مجموع الفتاوى)) (21/483).   ، وابنِ القَيِّم [100] قال ابن القيِّم: (إذا كان له عصيرٌ فخاف أن يتخمَّرَ، فلا يجوزُ له بعد ذلك أن يتَّخِذَه خَلًّا؛ فالحِيلة: أن يُلقَى فيه أولًا ما يمنَعُ تخمُّرَه، فإن لم يَفعَلْ حتى تخمَّرَ، وجَب عليه إراقَتُه، ولم يجُزْ له حَبسُه حتى يتخلَّلَ، فإن فعَلَ لم يَطهُرْ؛ لأنَّ حَبسَه مَعصيةٌ، وعَوْدَه خلًّا نعمةٌ، فلا تُستباحُ بالمعصيةِ). ((إغاثة اللهفان)) (2/11). وقال: (وأمَّا ما رُويَ عن عليٍّ من اصطباغِه بخَلِّ الخمرِ، وعن عائشةَ أنَّه لا بأس به؛ فهو خَلُّ الخمرِ الذي تخلَّلت بنفسِها لا باتخاذِها). ((إعلام الموقعين)) (2/293).   ، وابنِ عُثَيمين [101] قال ابن عثيمين: (ولا يجوز أن تُتَّخذَ للتَّخليلِ، بخلاف ما إذا تخلَّلت بنفسِها؛ فإنها تطهُرُ وتَحِلُّ). ((الشرح الممتع)) (1/432).   ، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [102] جاء في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة برئاسة ابن باز: (إذا حُوِّلَتِ الخمرةُ إلى خلٍّ، بَقِيَت على تحريمِها، ولا تنقُلُها الإزالةُ عن حُكمِها،... أمَّا إذا تخلَّلت بنَفسِها من دون عَملِ أحدٍ، فإنَّها تطهُرُ بذلك وتُباحُ). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (22/109).   ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [103] قال ابن قدامة: (ولأنه إجماعُ الصَّحابةِ، فروي أنَّ عُمَرَ- رضي الله عنه- صَعِدَ المِنبَرَ، فقال: لا يحِلُّ خَلُّ خَمرٍ أُفسِدَت، حتى يكونَ اللهُ تعالى هو تولَّى إفسادَها). ((المغني)) (9/173). وقال ابن القطان: (ولا خِلافَ بين العُلَماءِ في أنَّه غيرُ جائز لأحدٍ أن يتَّخِذَ مِن الخَمرِ خَلًّا، وأن فاعِلَ ذلك عاصٍ). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/327). ونسبه القرطبيُّ للجمهورِ، فقال: (ذهب جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ الخمر لا يجوزُ تخليلُها لأحدٍ). ((تفسير القرطبي)) (6/290). .الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن أنسٍ رضي الله عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِلَ عن الخَمرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قال: لا)) [104] أخرجه مسلم (1983).   .وجهُ الدَّلالةِ:نصَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ على النَّهيِ عن التَّخليلِ، وحَقيقةُ النَّهيِ للتَّحريمِ [105] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/114).   .2- عن أنسٍ رضي الله عنه: ((أنَّ أبا طلحةَ سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أيتامٍ وَرِثوا خَمرًا، قال: أهرِقْها، قال: أفلا أجعَلُها خلًّا؟ قال: لا)) [106] أخرجه أبو داود (3675) واللفظ له، وأحمد (12189). صَحَّحه النووي في ((المجموع)) (2/575)، وابنُ الملَقِّن في ((البدر المنير)) (6/630)، وابنُ القيم في ((إعلام الموقعين)) (2/296)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (9/74): رجال إسناده في سُنَن أبي داود ثقاتٌ، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3675)، والحديث أصلُه مختصَر في الصَّحيحِ؛ أخرجه مسلم (1983).   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّه أمرَ بإراقتِها مع عِلمِه أنَّها مالُ يتيمٍ، وأموالُ اليتامى تجِبُ حِراستُها، فلو كان التَّخليلُ سَببًا لطَهارتِها وإباحتِها، لأمَرَ به في مالِ اليتيمِ، ولم يأمُرْ بإراقتِها [107] ((الحاوي الكبير)) للماوردي (6/227).   . ثانيًا: أنَّه لا يستقِرُّ مِلكُ مُسلمٍ على خَمرٍ، ولا يَثبُتُ له عليها مِلكٌ بحالٍ، كما لا يَثبُتُ له ساعةً مِلكُ الخِنزيرِ ولا دَم، ولا صَنَم، فكيف يُخَلِّلُها [108] ((الاستذكار)) لابن عبد البر (8/30).   ؟!ثالثًا: أنَّ زوالَ الإسكارِ كان بفِعلِ شَيءٍ مُحرَّمٍ، فلم يترتَّبْ عليه أثَرُه؛ إذ التَّخليلُ لا يجوزُ [109] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/433).   .رابعًا: أنَّ التخليلَ عَمَلٌ ليس عليه أمرُ اللهِ ولا رَسولِه، فيكونُ باطِلًا مَردودًا؛ فلا يترتَّبُ عليه أثَرٌ، كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليس فيه، فهو رَدٌّ)) [110] رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718)، ويُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/433).   .خامسًا: أنَّ في الاشتِغالِ بالتَّخليلِ احتِمالَ الوُقوعِ في الفَسادِ، ويتنَجَّسُ الظاهِرُ منه ضرورةً، وهذا لا يجوزُ، بخلافِ ما إذا تخَلَّلَت بنَفسِها [111] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/114).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: الخَمرُ إذا تخَلَّلَت بنَفسِها. المطلب الثَّالِثُ: حُكمُ الخَمرِ إذا خُلِّلَت بنَقلِها. المطلب الرَّابعُ: إمساكُ الخَمرِ للتَّخليلِ .

اختَلف أهلُ العِلمِ في الخَمرِ إذا خُلِّلَت بنَقلِها، كما لو نُقِلَت من الظِّلِّ إلى الشَّمسِ، أو العكس؛ هل تَطهُرُ أم لا؟ وذلك على أقوالٍ؛ أقواها قولانِ:القولُ الأوَّلُ: إذا خُلِّلَت الخَمرُ بنَقلِها مِنَ الظلِّ إلى الشَّمسِ، أو العكس؛ فإنَّها تَطهُرُ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [112] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/48)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (10/106).   ، والمالِكيَّةِ [113] ((شرح التلقين)) للمازري (2/3/359)، ((الذخيرة)) للقرافي (4/118).   ، وهو الأصحُّ عند الشَّافِعيَّةِ [114] ((المجموع)) للنووي (2/576)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/81).   ، ووجهٌ عند الحَنابِلةِ [115] قال المرداوي: (وعنه يجوزُ، وأطلقهنَّ ابنُ تميم فيما يُلقى فيها، فعلى المذهب لو خالف وفَعَل، لم تطهُرْ على الصحيحِ مِن المذهَبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونص عليه، وقيل: تَطهُرُ، وفي الوسيلةِ في آخِرِ الرَّهنِ روايةٌ أنَّها تحِلُّ، وعلى الرواية الثانية والثالثة: لو خُلِّلَت طَهُرت، قاله في الفروع، وابن تميم، والفائق، وقال في المستوعب: فإن خُلِّلَت كُرِهَ ولم تَطهُرْ في أصَحِّ الروايتين، وعلى المذهب أيضًا: لو خُلِّلَت بنقلِها من الشمسِ إلى الظلِّ أو بالعكس، أو فرغَ مِن محلٍّ إلى محلٍّ آخرَ، أو ألقى جامدًا فيها؛ ففيه وجهانِ). ((الإنصاف)) (1/230)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/173)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/483).   .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الشِّدةَ المُطْرِبةَ في الخَمرِ قد زالَت مِن غَيرِ نجاسةٍ تَخلُفُها [116] ((البيان)) للعمراني (1/428).   .ثانيًا: أنَّ علَّةَ التَّحريمِ قد زالت، فتكونُ كما لو تخلَّلَت بنَفسِها [117] ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/294).   .القول الثاني: إذا خُلِّلَت الخَمرُ بنَقلِها مِنَ الظِّلِّ إلى الشَّمسِ، أو العَكسِ؛ فإنَّها لا تَطهُرُ، وهو مذهَبُ الحَنابِلةِ [118] ((الإنصاف)) للمرداوي (1/230). وتحِلُّ عندهم إذا نُقِلت من مكانٍ إلى آخَرَ لغيرِ قصدِ التَّخليلِ. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/187).   ، ووجهٌ للشَّافعيَّةِ [119] قال النووي: (وإن نقَلَها من شمسٍ إلى ظلٍّ، أو من ظِلٍّ إلى شمسٍ حتى تخلَّلت؛ ففيه وجهان، أحدهما:  تَطهُرُ؛ لأنَّ الشِّدَّةَ قد زالت من غيرِ نجاسةٍ خلفَتْها، والثاني: لا تَطهُرُ؛ لأنَّه فِعلُ محظورٍ يُوصَلُ به إلى استعجال ما يحِلُّ في الثاني، فلم يحِلَّ به). ((المجموع)) (2/575).   ، وقولُ ابنِ تَيميَّة [120] قال ابن تيميَّة: (أمَّا التَّخليلُ ففيه نزاع، قيل: يجوزُ تخليلُها، كما يُحكى عن أبي حنيفة. وقيل: لا يجوزُ، لكن إذا خُلِّلت طهُرت، كما يُحكَى عن مالك. وقيل: يجوزُ بنَقلِها من الشَّمس إلى الظِّلِّ، وكشْفِ الغطاءِ عنها، ونحوِ ذلك، دون أن يُلقَى فيها شيءٌ، كما هو وجهٌ في مذهب الشافعيِّ وأحمد. وقيل: لا يجوزُ بحالٍ، كما يقولُه مَن يقولُه من أصحاب الشافعيِّ وأحمد، وهذا هو الصَّحيحُ). ((مجموع الفتاوى)) (21/483).   ؛ وذلك لأنَّ للآدَميِّ في تخليلِها فِعلًا، كما لو وضعَ فيها شيئًا فتخلَّلَت [121] ((الشرح الكبير)) لشمس الدِّين ابن قدامة (1/294).   ، ولأنَّه فِعلُ مَحظورٍ يُوصَلُ به إلى استِعجالِ ما يحِلُّ في الثَّاني، فلم يَحِلَّ به [122] ((المجموع)) للنووي (2/575).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: الخَمرُ إذا تخَلَّلَت بنَفسِها. المطلب الثَّاني: حُكمُ الخَمرِ إذا خُلِّلَت بعِلاجٍ [94] أي: يتدخَّل في تخلِيلها باضافة  ما يقلِبها من الخمر إلى الخَلِّ، أو بنقْل من مكان إلى مكان يتسبب في تخليلها. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/113)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/392).   . المطلب الرَّابعُ: إمساكُ الخَمرِ للتَّخليلِ .

يَحرُمُ إمساكُ المُسلِمِ الخَمرَ للتَّخليلِ، وهو مذهَبُ الحَنابِلةِ [123] لكنَّهم استَثنَوا الخَلَّالَ، فقالوا: لا يَحرُمُ على الخَلَّالِ إمساكُ الخَمرِ ليتخَلَّلَ؛ لئلَّا يضيعَ مالُه. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/187)، (3/334). والخَلَّال: هو صانِعُ الخَلِّ وبائِعُه. يُنظر: ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سِيْدَه (4/511)، ((لسان العرب)) لابن منظور (11/212).   ، وقَولٌ للمالِكيَّةِ [124] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (1/52)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير للدردير)) (1/48)، ((منح الجليل)) لعليش (1/50).   اختاره ابنُ عبد البَرِّ [125] قال ابن عبد البر: (ولا يخَلِّلُ أحدٌ خَمرًا، فإن خَلَّلَها فبِئسَ ما فعل، ولْيستغفِرِ اللهَ، وليأكُلْها إن شاء، وقد قيل: لا يأكُلها إلَّا أن تَعُودَ خلًّا بغير صنيعِ آدميٍّ، وهو الأشهَرُ عن مالكٍ، وهو قولُ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ الله عنه، وبه أقولُ. وقد قيل: إنَّها حرامٌ إذا خَلَّلَها الآدميُّ، إلا أن يكونَ نصرانيًّا). ((الكافي)) (1/443). وقال: (في هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ الخمرَ لا يجوزُ لأحدٍ تَخليلُها، ولو جاز لمسلمٍ تخليلُها ما كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدَعُ الرجُلَ يفتَحُ من أذُنَيه حتى يُذهِبَ ما فيها منها؛ لأنَّ الخَلَّ مالٌ، وقد نهى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن إضاعةِ المالِ). ((الاستذكار)) (8/28). وقال: (هذا هو الصحيحُ مِن جهةِ النظَرِ أيضًا؛ لأنَّه لا يستَقِرُّ مِلكُ مُسلمٍ على خمرٍ، ولا يَثبُتُ له عليها مِلكٌ بحالٍ، كما لا يَثبُتُ له ساعةً مِلكُ الخنزيرِ، ولا دَم، ولا صَنَم، فكيف يخَلِّلُها؟!). ((الاستذكار)) (8/30). ، وهو قَولُ ابنِ حَزمٍ [126] قال ابنُ حزم: (المُمسِكُ للخَمرِ لا يُريقُها حتى يخَلِّلَها أو تتخَلَّلَ مِن ذاتِها- عاصٍ لله عَزَّ وجَلَّ، مُجَرَّحُ الشهادةِ). ((المحلى)) (6/115).   ، وابنِ تيميَّةَ [127] قال ابنُ تيميَّة: (لأنَّ اقتناءَ الخَمرِ مُحرَّمٌ، فمتى قَصَدَ باقتنائها التَّخليلَ، كان قد فعَلَ مُحَرَّمًا). ((مجموع الفتاوى)) (21/503). وقال: (لأنَّ حَبسَ الخَمرِ حرامٌ، سواءٌ حُبِسَت لقصدِ التَّخليلِ أو لا). ((مجموع الفتاوى)) (21/503).   والشَّوكانيِّ [128] قال الشوكاني: (الخمرُ لا تُملَكُ، بل يجِبُ إراقتُها في الحالِ، ولا يجوزُ لأحدٍ الانتفاعُ بها إلَّا بالإراقةِ). ((نيل الأوطار)) (8/215).   ، وابنِ عُثَيمينَ [129] قال ابن عثيمين: (ولكِنَّ الصَّحيحَ أنَّه لا فَرقَ، وأنَّ الخمرَ متى تخَمَّرت أُريقَت، ولا يجوزُ أن تتَّخَذَ للتخليلِ، بخلاف ما إذا تخَلَّلت بنَفسِها، فإنَّها تَطهُرُ وتَحِلُّ). ((الشرح الممتع)) (1/432).   ، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ [130] جاء في فتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ: (نهيُه- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عن تخليلِ الخَمرِ يدُلُّ على أنَّه لا يجوزُ التَّخليلُ، ولا تَطهُرُ الخَمرُ ولا تحِلُّ بالتَّخليلِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (22/108).   . الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سُئِلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الخَمرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قال: لا)) [131] أخرجه مسلم (1983).   . 2- عن أنسٍ رَضِيَ الله عنه: ((أنَّ أبا طلحةَ سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أيتامٍ وَرِثوا خَمرًا، قال: أهرِقْها، قال: أفلا أجعَلُها خلًّا؟ قال: لا)) [132] أخرجه أبو داود (3675) واللفظ له، وأحمد (12189). صَحَّحه النووي في ((المجموع)) (2/575)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/630)، وابن القيم في ((إعلام الموقعين)) (2/296)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (9/74): رجالُ إسنادِه في سنن أبي داود ثقات، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3675)، والحديث أصلُه مختَصَر في الصحيحِ؛ أخرجه مسلم (1983).   . وجهُ الدَّلالةِ:الحديثُ فيه دليلٌ على أنَّ الخَمرَ لا تُملَكُ، بل يجِبُ إراقتُها في الحالِ، ولا يجوزُ لأحدٍ الانتِفاعُ بها إلَّا بالإراقةِ [133] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/215).   .ثانيًا: لأنَّ حَبسَ الخَمرِ حَرامٌ، سَواءٌ حُبِسَت لِقَصدِ التَّخليلِ أو لِغَيرِ ذلك [134] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/503).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: الخَمرُ إذا تخَلَّلَت بنَفسِها. المطلب الثَّاني: حُكمُ الخَمرِ إذا خُلِّلَت بعِلاجٍ [94] أي: يتدخَّل في تخلِيلها باضافة  ما يقلِبها من الخمر إلى الخَلِّ، أو بنقْل من مكان إلى مكان يتسبب في تخليلها. يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/113)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (12/392).   . المطلب الثَّالِثُ: حُكمُ الخَمرِ إذا خُلِّلَت بنَقلِها.