يَحِلُّ شُربُ الخَمرِ لِدَفعِ الغُصَّةِ- إذا خاف على نَفسِه الهلاكَ، ولم يجِدْ غَيرَها- بقَدرِ ما يُزيلُ الغُصَّةَ، وهو باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [36] ((الفتاوى الهندية)) (5/412)، ويُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص73).   ، والمالِكيَّةِ [37] ((التاج والإكليل)) للمواق (6/318)، ((منح الجليل)) لعليش (9/353).   ، والشَّافِعيَّةِ [38] الشَّافِعيَّة يقولونُ بالوجوبِ، ((المجموع)) للنووي (4/336)، ويُنظر: ((حاشية الجمل)) (2/193).   ، والحَنابِلةِ [39] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/173)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/117).   ، وهو مَذهَبُ الظَّاهِريَّةِ [40] قال ابن حزم: (أصحابُنا والمالكيُّونَ يُبيحونَ للمُختَنِقِ شُربَ الخمرِ إذا لم يجِدْ ما يُسيغُ أكلَه به غيرَها). ((المحلى)) (1/176).   .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتاب1- قولُه تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ تعالى استثنى من المحَرَّماتِ ما اضطُرَّ المرءُ إليه؛ فهو غيرُ مُحَرَّمٍ عليه، من المأكلِ والمَشرَبِ [41] ((المحلى)) لابن حزم (1/175).   .2- قَولُه تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]، وقال: لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 233].أوجهُ الدَّلالةِ:أ- أنَّ في عَدَمِ اعتبارِ حالةِ الضَّرورةِ حَرَجًا وتكليفَ ما ليس في الوُسْعِ [42] ((الاختيار)) للموصلي (4/37).   .ب- أنَّ حِفظَ الحياةِ أعظَمُ في نَظَرِ الشَّرعِ مِن رعايةِ المُحَرَّماتِ [43] ((قواعد الأحكام في مصالح الأنام)) للعز بن عبد السلام (1/93).   .ج- أنَّ حِفظَ النَّفسِ مَطلوبٌ، بدليلِ إباحةِ المَيتةِ عند الاضطرارِ إليها، وهو موجودٌ هنا [44] ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/117).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: حكم شرب الخمر. المطلب الثَّالِثُ: شُربُ الخَمرِ لِعَطَشٍ . المطلب الرَّابعُ: الإكراهُ على شُربِ الخَمرِ . المطلب الخامس: الحِكمةُ مِن تَحريمِ الخَمرِ .

يُباحُ للمُكرَهِ شُربُ الخَمرِ [50] على اختلاف بين العلماء في حَدِّ الإكراه الذي يجوز معه فِعلُ ذلك.   ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة [51] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (8/442)، ((الهداية)) للمرغيناني (3/277)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (5/181)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/176).   ، والمالِكيَّة [52] ((منح الجليل)) لعليش (9/353)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (8/109).   ، والشَّافِعيَّة [53] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (9/168)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/187).   ، والحَنابِلةِ [54] ((المبدع)) لابن مفلح (9/91)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/117).   . الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتاب1- قَولُه تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الاستثناءَ مِن التَّحريمِ إباحةٌ، وقد تحقَّقَ الاضطرارُ بالإكراهِ، فيُباحُ له التناوُلُ، بل لا يُباحُ له الامتِناعُ عنه، ولو امتنع عنه حتى قُتِلَ، يؤاخَذُ به، كما في حالةِ المَخمَصةِ؛ لأنَّه بالامتِناعِ عنه صار مُلقِيًا نفسَه في التَّهلُكةِ [55] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/176).   .2- قَولُه تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 173].3- قَولُه تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة: 3].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ المُكَرَه مُضطَرٌّ، وهذه الآياتُ نَصٌّ في أنَّ المُضطَّرَ لا يَحرُمُ عليه شيءٌ مِمَّا اضطُرَّ إليه مِن طعامٍ أو شَرابٍ [56] ((المحلى)) لابن حزم (12/376).   .ثانيًا: أنَّ المُكرَهَ غَيرُ مُكَلَّفٍ، كالمجنونِ؛ فلا يتعَلَّقُ بفِعلِه جوازٌ ولا غيرُه مِنَ الأحكامِ التَّكليفيَّةِ [57] ((منح الجليل)) لعليش (9/353).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: حكم شرب الخمر. المطلب الثَّاني: شُربُ الخَمرِ لِغُصَّةٍ . المطلب الثَّالِثُ: شُربُ الخَمرِ لِعَطَشٍ . المطلب الخامس: الحِكمةُ مِن تَحريمِ الخَمرِ .