يجِبُ على الرَّجُلِ سَترُ ما بين السُّرَّةِ والرُّكبةِ أمام الرِّجالِ [7] ولا ينبغي للرجُلِ أن يكشِفَ عن ظَهرِه أو صَدرِه أو بَطنِه مِن غيرِ حاجةٍ، بدَعوى أنَّ ما عدا ما بين سُرَّتِه ورُكبَتِه ليس عورةً؛ فليس ذلك مِن المروءةِ. ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنفيَّة [8] ((تبيين الحقائِق)) للزَّيلعيِّ (1/95)، ((البحر الرَّائق)) لابن نُجَيم (1/283). وعندهم: السُّرَّةُ ليسَت بعورةٍ، والرُّكبةُ عَورةٌ. ، والمالكيَّة [9] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (1/498)، ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (2/179). ، والشَّافعيَّة [10] ((المجموع)) للنووي (3/167)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمليِّ (2/7). ، والحنابلةِ [11] ((الفروع)) لمحمد بن مُفلِح (2/34)، ((الإنصاف)) للمَرْداويِّ (1/317)، ((كشَّاف القناع)) للبُهُوتيِّ (1/266). . الأِدلَّةُ مِن السُّنَّةِ:1- عن جَرْهَدٍ الأسلميِّ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّ به، وهو كاشِفٌ عن فَخِذِه، فقال: ((أمَا علِمْتَ أنَّ الفَخِذَ عَورةٌ؟!)) [12] أخرَجَه البُخاريُّ مُعلَّقًا بصيغة التمريض مختصرًا قبل حديث (371)، وأخرجه موصولًا أبو داود (4014)، وأحمد (15926) واللَّفظُ له، والتِّرمذي (2795) باختلاف يسير. قال التِّرمذي: حسَنٌ، ما أرى إسنادَه بمتَّصِلٍ، وصَحَّحه الطَّحاويُّ في ((شرح معاني الآثار)) (1/475)، والبيهقيُّ في ((السُّنَن الكبرى)) (2/228) وقال: يُحتَجُّ به، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4013). .وَجهُ الدَّلالةِ: في الحديثِ دَلالةٌ على عدَمِ جَوازِ كَشفِ الفَخِذِ [13] ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة- المجموعة الأولى)) (6/165). . 2- عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخرمةَ رضي الله عنه، قال: ((أقبلتُ بحَجَرٍ أحمِلُه ثقيلٍ، وعليَّ إزارٌ خَفيفٌ، قال: فانحلَّ إزاري ومعي الحجَرُ لم أستَطِعْ أن أضَعَه حتى بلغتُ به إلى مَوضِعِه، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ارجِعْ إلى ثوبِكَ فخُذْه، ولا تَمشُوا عُراةً)) [14] أخرجه مُسلم (341). .وَجهُ الدَّلالةِ: في الحديثِ الأمرُ بأخْذ الإزارِ، وهو يستُرُ ما بين السُّرَّة والرُّكبةِ [15] ((سُبُل السَّلام)) للصَّنعانيِّ (1/133)، ((الشَّرحُ المُمتِع)) لابنِ عُثَيمين (2/162). .الأدلَّةُ على عدَمِ وُجوبِ سَترِ السُّرَّة والرَّكبة:1- عن أبي مُوسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَلَ حائِطًا [16] حائطًا: أي: بُستانًا. يُنظر: ((شرح القسطلاني)) (6/106). وأمَرني بحِفظِ بابِ الحائِطِ، فجاءَ رجلٌ يستأذِنُ، فقال: ائذنْ له وبَشِّرْه بالجَنَّةِ، فإذا أبو بكرٍ، ثم جاءَ آخَرُ يستأذِنُ، فقال: ائذَنْ له وبشِّرْه بالجَنِّةِ، فإذا عُمَرُ، ثمَّ جاءَ آخَرُ يستأذنُ، فسكَتَ هُنيهةً [17] هُنَيْهَةً: أَيْ: قَليلًا مِن الزَّمانِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (5/279)، ((فتح الباري)) لابن حَجَر (7/55). ، ثم قال: ائذنْ له وبشِّرْه بالجَنَّةِ على بَلوَى ستُصيبُه، فإذا عُثمانُ بنُ عفَّانَ. وفي رواية زاد: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان قاعدًا في مكانٍ فيه ماءٌ، قد انكشَفَ عن رُكبتيه- أو رُكبته- فلمَّا دخل عثمانُ غطَّاها)) [18] أخرَجَه البُخاريُّ (3695) واللَّفظُ له، ومُسلِمٌ (2403).  .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان كاشِفًا عن رُكبَتَيه وهو مع أصحابِه، فدَلَّ على جوازِ كَشفِ الرُّكبةِ [19] ((عُمدة القاري)) للعَينيِّ (4/82). . 2- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنتُ جالِسًا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ أقبَلَ أبو بكرٍ آخذًا بطَرَفِ ثَوبِه حتى أبدَى عن رُكبتِه، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَّا صاحبُكم فقد غامَرَ [20] غامَرَ: أي: خَاصَمَ ودخَلَ في غَمْرةِ الخصومَةِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حَجَر (7/25). ) [21] أخرَجَه البُخاريُّ (3661). . وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّه على كشْفِ الرُّكبةِ ولم يُنكِرْ عليه، فدلَّ على عدَمِ وُجوبِ سَترِ الرُّكبةِ [22] ((نيل الأوطار)) للشَّوكانيِّ (2/79). .3- عن عُمير بن إسْحاق، قال: ((كنْتُ مع الحسَن بن علي فلقِيَنا أبو هريرة فقال: أرِني أقبِّل منْك حيثُ رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل، قال: فقالَ بقمِيصِه [23] فقال بقمِيصِه: هذا من التعبير بالقوْل عن الفِعل، ومعناه رفَعَ قميصَه، وحَسَر عن سُرَّته. يُنظر: ((نيل الأوطار)) للشَّوكاني (2/78). ، قال: فقبَّل سُرَّته)) [24] أخرجه أحمدُ (10398) واللفظُ له، والطحاويُّ في ((مشكل الآثار)) (1712)، وابنُ حبان في ((صحيحه)) (5593)، والطبرانيُّ في ((المعجم الكبير)) (3/31) (2580)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (3248). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (9/180): رجاله رجال الصحيح غير عُمير بن إسحاق وهو ثقة، وذكر الشَّوكاني في ((در السحابة)) (227) أنه روي من طريقين؛ ثم قال: رجالهما رجال الصحيح غير عمير بن إسحاق وهو ثقة، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (13/195)، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1395) وقال: رجاله رجال الصحيح. .وجه الدلالة:أنَّ السُّرَّة لو كانت من العَوْرة لما كشَفَها له [25] ((فتح القدير)) لابن الهمام (10/28). انظر أيضا: المطلب الثاني: ما يجِبُ على الرجُلِ سَترُه أمام الأجنبية.

يجِبُ على الرَّجُلِ سَترُ ما بين السُّرَّة إلى الرَّكبةِ أمام المرأةِ الأجنبيَّةِ [26] ولا ينبغي للرجُلِ أن يكشِفَ عن ظَهرِه أو صَدْرِه أو بَطنِه مِن غيرِ حاجةٍ، بدَعوى أنَّ ما عدا ما بينَ سُرَّتِه ورُكبَتِه ليس عورةً؛ فليس ذلك مِن المروءةِ، ويُمنَعُ منه إذا خُشِيَت الفِتنةُ. ، وهو مذهَبُ الجمهور [27] أمَّا مذهبُ المالكيَّةِ فإنَّه لا يجوزُ عِندَهم للمرأةِ أن تنظُرَ مِن الرَّجُلِ إلَّا ما يجوزُ للرَّجُلِ أن ينظُرَ إليه مِن ذواتِ المحارمِ، وهو عندهم الوجهُ والأطرافُ. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (1/500)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/171). : الحَنَفيَّة [28] ((مُختصَر القُدُوريِّ)) (ص: 241)، ((تبيينُ الحقائق)) للزَّيلعيِّ (6/18). ، والشَّافعيَّةِ في أصَحِّ الأوجُهِ [29] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/477)، ((روضة الطالبين)) للنووي (7/25)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 204). ، والحنابلة [30] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/626)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/15). ، وذلك لأنَّ ما بين السُّرَّةِ والرُّكبةِ عَورةٌ، ونظَرُ المرأةِ إلى عورةِ الرَّجُلِ حَرامٌ [31] ((المبسوط)) للسَّرخَسيِّ (10/121). . انظر أيضا: المطلب الأول: ما يجِبُ على الرجُلِ سَترُه أمام الرِّجالِ.