النِّيةُ في الزَّكاة: أن يعتقِدَ أنَّ ما يُخرِجُه مِنَ المالِ، أنَّها زكاتُه، أو زكاةُ مَن يُخرِجُ عنه، كالصبيِّ والمجنونِ ((المحلى)) لابن حزم (6/91 رقم 688)، ((المغني)) لابن قدامة (2/477)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/137)، ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (2/794). .فرعٌ:   مَحلُّ النِّيَّةِ القَلبُ؛ وهو محلُّ الاعتقاداتِ كُلِّها ((المغني)) لابن قدامة (2/477)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/137)، وينظر: ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (2/794). . فرعٌ:   النِّيةُ الحُكميَّةُ كافيةٌ؛ فإذا عَدَّ مالَه وأخرَجَ ما يجِبُ فيه ودفعَه لمستَحِقِّه، كفاه؛ فإنَّه لو سُئِلَ عنه لقال: أديتُ الزَّكاةَ المفروضةَ؛ نصَّ على هذا المالكيَّةُ ((منح الجليل شرح مختصر خليل)) لمحمد علي (2/95)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/666). . انظر أيضا: المطلَبُ الثَّاني: حُكمُ النِّيةِ في الزَّكاةِ    . المطلَب الثالث: النِّيةُ على وليِّ الصبيِّ والمَجنونِ. المطلب الرابعُ: وقتُ النِّيةِ في الزَّكاةِ. المطلب الخامس: النِّيةُ عند عزْلِ الزَّكاةِ مِنَ المالِ.

تجِب النِّيةُ عند أداءِ الزَّكاةِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/257)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/169). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/242)، ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 68). ، والشافعيَّة ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 72)، ويُنظر: ((فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب)) لزكريا محمد الأنصاري (1/135). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/138)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/476). ، والظَّاهِريَّة قال ابنُ حَزْم: (لا يُجزئُ أداءُ الزَّكاة إذا أخرَجَها المسلِمُ عن نفْسه، أو وكيلِه بأمْره، إلَّا بنيَّةِ أنَّها الزَّكاةُ المفروضةُ عليه، فإنْ أخَذَها الإمامُ أو ساعِيه, أو أميرُه أو ساعيه؛ فبِنِيَّةٍ كذلك؛ لِقَولِ الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، ولِقولِ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)). ((المحلى)) (6/91 رقم 688). ، وبه قال عامَّةُ الفُقهاءِ قال ابنُ نجيم: (وقَولُه: [لله تعالى] بيانٌ لشرْطٍ آخَرَ، وهو النيَّةُ، وهي شرْطٌ بالإجماعِ في العباداتِ كلِّها). ((البحر الرائق)) (2/217). وقال سند: (النِّيَّة واجبةٌ في أداءِ الزَّكاةِ عند كافَّةِ الفُقَهاءِ، وقال الأوزاعيُّ: لا تجِبُ؛ لأنَّ ذلك دَينٌ كسائِرِ الدُّيُونِ). ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/243)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/136). وقال النووي: (وبوجوبِها قال مالك وأبو حنيفة، والثوري وأحمد، وأبو ثور وداود، وجماهيرُ العلماء، وشذَّ عنهم الأوزاعيُّ، فقال: لا تجِبُ ويصحُّ أداؤها بلا نيَّةٍ، كأداء الدُّيونِ). ((المجموع)) (6/180). وقال ابنُ قدامة: (مذهَبُ عامَّة الفقهاء: أنَّ النيَّةَ شَرْطٌ في أداءِ الزَّكاةِ، إلَّا ما حُكِيَ عن الأوزاعيِّ أنَّه قال: لا تجِبُ لها النِّية؛ لأنَّها دَينٌ، فلا تجِبُ لها النِّية، كسائِرِ الديون؛ ولهذا يُخرِجُها وليُّ اليتيمِ، ويأخذها السلطانُ مِنَ المُمتَنِع). ((المغني)) (2/476). وقال المرداويُّ: (هذا بلا نزاعٍ، من حيثُ الجملةُ). ((الإنصاف)) (3/138). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُ الله تعالى: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ [الروم: 39].ثانيًا: من السُّنَّةعن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: ((إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّاتِ)) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907). .وجْهُ الدَّلالةِ: أنَّ أداءَ الزَّكاةِ عَمَلٌ واجِبٌ، فتجِبُ لها النيَّةُ ((المغني)) لابن قدامة (2/476). .ثالثًا: أنَّ الزَّكاةَ عبادةٌ محضَةٌ يتكرَّرُ وُجوبُها، فلم تصِحَّ من غيرِ نيَّةٍ، كالصَّلاةِ ((المجموع)) للنووي (6/179)، ((المغني)) لابن قدامة (2/476، 477). . رابعًا: أنَّ إخراجَ المالِ يكون فرْضًا، ويكونُ نفلًا، فتفتقِرُ الزَّكاةُ لِلنِّيَّةِ؛ لتَمييزِها عن الهِباتِ والكفَّاراتِ والتطوُّعاتِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/136)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/203). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى النِّيَّة في الزَّكاة. المطلَب الثالث: النِّيةُ على وليِّ الصبيِّ والمَجنونِ. المطلب الرابعُ: وقتُ النِّيةِ في الزَّكاةِ. المطلب الخامس: النِّيةُ عند عزْلِ الزَّكاةِ مِنَ المالِ.

لا يجوزُ تأخيرُ النِّيةِ عن وَقتِ دفْعِ الزَّكاةِ إلى مُستَحِقِّها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة أطْلق الحَنَفيَّةُ اشتراطَ مُقارنةِ النيَّةِ للأداءِ ولو حُكمًا، كما لو دفَعَ بلا نيَّةٍ ثمَّ نوى والمالُ لا يزالُ قائمًا في مِلكِ الفَقيرِ، بخلاف ما إذا نوى بَعدَ ما استهلَكَه الفقيرُ أو باعه، فلا تُجزِئُ عن الزَّكاةِ. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/257)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/169)، وينظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/293). ، والمالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/302)، ((الشرح الكبير)) للدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/500). ، والشافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (15/307)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/358). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/139)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/449). ؛ وذلك لأنَّ الأصلَ في النيَّةِ الاقترانُ بالأداءِ، كسائِرِ العباداتِ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/257). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى النِّيَّة في الزَّكاة. المطلَبُ الثَّاني: حُكمُ النِّيةِ في الزَّكاةِ    . المطلَب الثالث: النِّيةُ على وليِّ الصبيِّ والمَجنونِ. المطلب الخامس: النِّيةُ عند عزْلِ الزَّكاةِ مِنَ المالِ.

إنْ عَزَل الزَّكاةَ عن مالِه، ونوى عند العَزلِ أنها زكاةٌ؛ كفى ذلك، ولو لم ينوِ عند الدَّفْعِ؛ نصَّ على هذا جُمهورُ الفُقَهاءِ: الحنفيَّةِ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/257)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/170). ، والمالكيَّةِ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (3/243)، ((الشرح الكبير)) للدردير مع ((حاشية الدسوقي)) (1/500). ، والشَّافعيَّةِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/415)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/139). . وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّ الدَّفعَ يتفرَّقُ، فيتحرَّجُ باستحضارِ النِّيةِ عند كلِّ دفْعٍ، فاكتُفِيَ بوُجودِها حالةَ العَزلِ ((حاشية ابن عابدين)) (2/268). .ثانيًا: رفعًا للحَرَجِ، كتقديمِ النِّيةِ في الصَّومِ؛ لعُسرِ الاقترانِ بإعطاءِ كُلِّ مُستَحِقٍّ ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/139). .ثالثًا: أنَّ القَصدَ مِنَ الزَّكاةِ سدُّ حاجةِ مُستحِقِّها، وهو يحصُل بتقديمِ نيَّةِ الزَّكاةِ عند عزْلِ المال ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/139). . رابعًا: أنَّ النِّيابةَ تَجوزُ في الزَّكاةِ، ونِيَّةُ المزكِّي غيرُ مقارنةٍ لأداءِ الوَكيلِ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/257)، ((المجموع)) للنووي (6/182)، ((المغني)) لابن قدامة (2/477)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/260). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى النِّيَّة في الزَّكاة. المطلَبُ الثَّاني: حُكمُ النِّيةِ في الزَّكاةِ    . المطلَب الثالث: النِّيةُ على وليِّ الصبيِّ والمَجنونِ. المطلب الرابعُ: وقتُ النِّيةِ في الزَّكاةِ.

لا يجوزُ أن تُحتَسَبَ المُكُوسُ المكُوسُ: جمعُ مَكسٍ، وهي الضَّريبةُ التي يأخُذُها الماكِسُ، وهو العَشَّارُ، وقد غلَبَ استعمالُ المَكسِ فيما يأخذه أعوانُ السُّلطانِ ظلمًا عند البَيعِ والشِّراءِ، ويُطلَقُ على ما يأخُذُه المصدِّقُ بعد فراغِه. ((النهاية)) لابن الأثير (4/349)، ((لسان العرب)) لابن منظور (6/220)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/577). والضَّرائِبُ الضَّرائبُ: جمع ضريبةٍ، وهي التي تُؤخَذُ في الإرصادِ والجِزيةِ ونحوها، ومنه ضريبةُ العَبدِ، وهي غلَّتُه التي يؤدِّيها إلى سيِّدِه مِنَ الخَراجِ المقرَّرِ عليه. ((الصحاح)) للجوهري (1/170)، ((لسان العرب)) لابن منظور (1/550). ويُقصَدُ بها في العَصرِ الحديثِ: المبلغُ المالي الذي تتقاضاه الدَّولةُ مِنَ الأشخاصِ والمؤسَّساتِ؛ بهدفِ تَمويلِ نَفَقاتِ الدَّولةِ. عن الزَّكاةِ، وهذا مذهبُ المالكيَّة ((التاج والإكليل للمواق)) (2/360)، ويُنظر: ((فتح العلي المالك)) لمحمد عليش (1/163، 164). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي مع ((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/243، 351)، ويُنظر: ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) لسليمان الجمل (2/295)، ((الفتاوى الفقهية الكبرى)) لابن حجر الهيتمي (2/48). ، وهو قولٌ مصحَّحٌ ومُفتًى به عند الحنفيَّةِ قال ابنُ عابِدين: (فقد اختَلَفَ التصحيحُ والإفتاءُ في الأموالِ الباطِنةِ إذا نوى التصدُّقَ بها على الجائِرِ، وعَلِمْت ما هو الأحوطُ. قلتُ: وشمِلَ ذلك ما يأخذُه المكَّاسُ؛ لأنَّه وإن كان في الأصلِ هو العاشِرَ الذي ينصِبُه الإمامُ، لكنِ اليومَ لا يُنصَبُ لأخذِ الصَّدقاتِ بل لسلْبِ أموالِ النَّاسِ ظلمًا بدون حمايةٍ، فلا تسقُطُ الزَّكاةُ بأخْذه كما صرَّح به في البزازية، فإذا نوى التصدُّقَ عليه كان على الخلافِ المذكور). ((حاشية ابن عابدين)) (2/289، 310)، وينظر: ((الفتاوى الهندية)) لمجموعة علماء برئاسة نظام الدين البلخي (1/182). ، وروايةٌ عن أحمَدَ ((المغني)) لابن قدامة (3/16)، ((الفروع)) لابن مفلح (4/282). ، واختاره الخِرَقيُّ ((المغني)) لابن قدامة (3/16). ، وابنُ تيميَّةَ قال ابنُ تيميَّة: (ما يأخُذُه ولاةُ الأمورِ بغيرِ اسمِ الزَّكاةِ؛ لا يُعتدُّ به مِنَ الزَّكاة). ((مجموع الفتاوى)) (25/93). وهذا النَّقلُ يدلُّ على عَدَمِ دقَّة ما نقله عنه برهانُ الدين ابنُ القيِّم، وفيه قولُه: (وأنَّ ما أخذه الإمامُ باسمِ المَكْسِ جاز دفعُه بنيَّةِ الزَّكاةِ، وتسقُطُ الزَّكاةُ، وإن لم يكن على صِفَتِه). ((المسائل الفقهية من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية)) لبرهان الدين ابن القيم (ص 51)، ((المستدرَك على مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (3/160). ، وابنُ عابدين قال ابنُ عابدين: (على أنَّه اليومَ صار المكَّاسُ يُقاطِعُ الإمامَ بِشَيءٍ يدفَعُه إليه، ويصيرُ يأخذ ما يأخُذُه لِنَفسِه؛ ظُلمًا وعدوانًا، ويأخُذُ ذلك ولو مرَّ التَّاجِرُ عليه أو على مكَّاسٍ آخَرَ في العامِ الواحِدِ مِرارًا متعدِّدة، ولو كان لا تجِبُ عليه الزَّكاةُ فعلِم أيضًا أنَّه لا يُحسَبُ من الزَّكاةِ عندنا؛ لأنَّه ليس هو العاشِرَ الذي ينصِبُه الإمامُ على الطريقِ؛ ليأخُذَ الصَّدَقاتِ من المارِّينَ، وقد مرَّ أيضًا أنَّه لا بدَّ مِن شرْطِ أن يأمَنَ به التجَّارُ مِنَ اللُّصوصِ ويحميهم منهم، وهذا يَعقدُ على أبوابِ البلدة، ويؤذي التجَّارَ أكثرَ مِنَ اللُّصوصِ وقُطَّاعِ الطريق، ويأخُذُه منهم قهرًا؛ ولذا قال في البزازية: إذا نوى أن يكونَ المَكسُ زكاةً، فالصَّحيحُ أنَّه لا يقع عن الزَّكاةِ؛ كذا قال الإمام السرخسي، وأشار بالصَّحيحِ إلى القَولِ بأنَّه إذا نوى عند الدفْعِ التصَدُّقَ على المكَّاسِ جاز؛ لأنَّه فقيرٌ بما عليه من التَّبِعاتِ). ((حاشية ابن عابدين)) (2/310، 311). ، وابنُ عُثيمين ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/218). ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (لا يجوز أن تُحتَسَبَ الضَّرائِبُ التي يدفَعُها أصحابُ الأموال على أموالِهم مِن زكاةِ ما تجِبُ فيه الزَّكاةُ منها، بلْ يجِبُ أن يُخرِجَ الزَّكاةَ المفروضةَ، ويَصرِفَها في مصارِفِها الشرعيَّةِ، التي نصَّ عليها سبحانه وتعالى بقَولِه: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الآية). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (9/285). ، وصدر به قرار الندوةُ الرَّابعةُ لقضايا الزَّكاةِ المعاصِرة في الندوة الرابعة لقضايا الزَّكاة المعاصِرة، والتي أُقيمت في المنامة عام1994م: ( أداءُ الضريبةِ المفروضةِ مِنَ الدَّولةِ لا يُجزِئُ عن إيتاءِ الزَّكاة؛ نظرًا لاختلافِهما من حيث مصدرُ التَّكليفِ والغايةُ منه، فضلًا عن الوِعاءِ والقَدْرِ الواجِبِ والمصارِفِ، ولا تُحسَم مبالغُ الضريبة من مقدارِ الزَّكاةِ الواجبة). ((أحكام وفتاوى الزَّكاة والصدقات والنذور والكفارات)) (ص: 107). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ قول الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60].وجْهُ الدَّلالةِ: أنَّ شرْطَ الزَّكاةِ صَرفُها لأهلِها المختصِّينَ بها، والضَّريبةُ لا تُعطى للأصنافِ الثَّمانيةِ ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/484). .ثانيًا: مِنَ الآثارِ عن مُجاهِدٍ قال: (سألتُ ابنَ عُمَرَ عمَّا يأخُذُ العَشَّارونَ، فقال: لا يُحتَسَبُ به مِنَ الزَّكاةِ) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنَّف)) (10305 )، وابن زنجويه في ((الأموال)) (2304 ). .ثالثًا: أنَّ الضَّريبةَ تختلِفُ عن الزَّكاةِ مِن حيثُ مصدرُ التَّكليفِ، والغايةُ منه، والوِعاءُ والقَدْرُ الواجبُ والمصارِفُ، وهي لا تُؤخَذُ باسْمِ الزَّكاة، ولا يُعتبَرُ فيها شُروطُها ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) لسليمان الجمل (2/295)، ((أحكام وفتاوى الزَّكاة والصدقات والنذور والكفارات)) (ص 107). .رابعًا: أنَّ عدَمَ احتسابِ الزَّكاةِ مِن الضَّريبةِ أسلَمُ لدِينِ المَرءِ المُسلِمِ، وأضمنُ لبَقاءِ فَريضةِ الزَّكاةِ، وبقاءِ صِلة المسلمينَ بها، حتى لا يَعفَى عليها النِّسيانُ باسْمِ الضَّرائبِ ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (2/1118). .خامسًا: أنَّ الآخِذَ غاصِبٌ في ظَنِّه، فهو صارِفٌ لِفِعلِه عن كَونِه قبضًا لزكاةٍ، فاستحال وقوعُه زكاةً ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي مع ((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/351). .سادسًا: أنَّ احتِسابَ الضَّريبةِ مِنَ الزَّكاةِ فيه غَصْبٌ لحَقِّ الفُقَراءِ والمساكينِ ((المدخل)) لابن الحاج (4/67). .سابعًا: أنَّه لا قائلَ مِنَ المُسلمينَ بأنَّ الزَّكاةَ تُؤخَذُ بغيرِ حَوْلٍ، وبِغَيرِ الشُّروطِ المُعتبَرة فيها، وإذا كان ذلك كذلك، فلا تُجزِيه وإن سُمِّيَت زكاةً ((المدخل)) لابن الحاج (4/67). .ثامنًا: أنَّ الشَّارِعَ تعبَّدَنا بالمعاني لا بالألفاظِ؛ فكَونُهم يُسمُّونها زكاةً، لا عِبرةَ به ((المدخل)) لابن الحاج (4/67). .تاسعًا: أنَّ المَكَسَةَ وأعوانَهم عزَّ أن تجِدَ فيهم مُستحِقًّا للزَّكاةِ؛ لأنَّهم كلَّهم لهم قُدرةٌ على صَنعةٍ وكَسبٍ، ولهم قُوَّةٌ وتجبُّرٌ ((المدخل)) لابن الحاج (4/67)، ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (1/303، 304). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى النِّيَّة في الزَّكاة. المطلَبُ الثَّاني: حُكمُ النِّيةِ في الزَّكاةِ    . المطلَب الثالث: النِّيةُ على وليِّ الصبيِّ والمَجنونِ. المطلب الرابعُ: وقتُ النِّيةِ في الزَّكاةِ.

إذا دفعَ المزكِّي الزَّكاةَ إلى مَن يرى أنَّه مُستحِقٌّ لها، لم يحتَجْ إلى إعلامِه بأنَّها زكاةٌ؛ وهو مذهَبُ المالكيَّةِ ((الشرح الكبير)) للدردير مع ((حاشية الدسوقي)) (1/500)، ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/666). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/449)، قال أحمد: (لِمَ يُبكِّتُه؟! يعطيه، ويسكُتُ، ما حاجَتُه إلى أن يُقَرِّعَه؟!) ((المغني)) لابن قدامة (2/482)، وينظر: ((حاشية الروض المربع)) لابن قاسم (3/300). ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ جاء في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (إذا دفعتَ زكاتَك إلى مَن تَعلَمُ أنَّه مُستحِقٌّ لها بنِيَّةِ الزَّكاة، فهي زكاةٌ صحيحةٌ، ونرجو أن يقبلَها اللهُ تعالى منك، ولا يلزَمُك إخبارُ الآخِذِ بأنَّها زكاةٌ) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة – المجموعة الأولى)) (9 /462). ويرى ابنُ عُثيمين التَّفصيلَ في ذلك؛ حيث يقول: (هل يُعلِمُ المزكِّي الآخِذَ أنَّ هذه زكاةٌ أم لا يُعلِمُه؟ الجواب: فيه تفصيلٌ؛ إذا كان الآخِذُ معروفًا أنَّه مِن أهلِ الزَّكاة فلا يُخبِرُه؛ لأنَّ في ذلك نوعًا من الإذلالِ، والتَّخجيلِ له، وإنْ كان الآخِذُ لا يعلَمُ أنَّه مِن أهلِ الزَّكاةِ فليخبِرْه المزكِّي بأنَّ هذا المالَ زكاةٌ، فإذا كان ذلك الفقيرُ لا يقبَلُ الزَّكاةَ؛ لأنَّ بعضَ النَّاسِ عنده عِفَّةٌ لا يقبَلُ الزَّكاة، فهنا نقول له: هذه زكاةٌ؛ لأنَّه إذا كان لا يقبَلُها فإنَّها لا تدخُلُ مِلكَه؛ لأنَّه مِن شَرطِ التمَلُّكِ القَبولُ، وهذا لا يَقبَلُ، ونقول لِمَن يريد نَفعَ هذا الفقيرِ العفيفِ: أعطِه صدقةَ تطوُّعٍ وأنت مأجورٌ، أمَّا أن تُدخِلَ مِلكَه ما لا يُريدُه، فهذا لا يجوزُ). ((الشرح الممتع)) (6/207، 208). ؛ وذلك لأنَّ فيه نوعًا مِنَ الإذلالِ له ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/207). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: معنى النِّيَّة في الزَّكاة. المطلَبُ الثَّاني: حُكمُ النِّيةِ في الزَّكاةِ    . المطلَب الثالث: النِّيةُ على وليِّ الصبيِّ والمَجنونِ. المطلب الرابعُ: وقتُ النِّيةِ في الزَّكاةِ.