تجِبُ زكاةُ الأنعامِ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ الإنسيَّةِ في الجملةِ.الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، كتب له هذا الكتاب لَمَّا وجَّهه إلى البحرين: ((بسمِ اللهِ الرَّحمن الرحيمِ، هذه فريضةُ الصَّدقةِ التي فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المسلمينَ، والتي أمَرَ اللهُ بها رسولَه، فمَن سُئِلَها من المسلمينَ على وَجهِها فلْيعطِها، ومَن سُئِلَ فَوقَها فلا يُعطِ: في أربعٍ وعشرين من الإبِلِ فما دونها من الغَنَم، من كلِّ خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغت خمسًا وعشرينَ إلى خمسٍ وثلاثين، ففيها بنتُ مَخاضٍ أنثى، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى خمسٍ وأربعين، ففيها بنتُ لَبُونٍ أنثى، فإذا بلغَتْ ستًّا وأربعينَ إلى ستين، ففيها حِقَّةٌ طَروقةُ الجَمَلِ، فإذا بلغت واحدًا وستِّين إلى خمسٍ وسبعين، ففيها جَذَعة، فإذا بلغت- يعني: ستًّا وسبعين إلى تسعينَ، ففيها بنتَا لَبُون، فإذا بلغت إحدى وتسعينَ إلى عشرينَ ومئةٍ، ففيها حِقَّتان طَرُوقتا الجَمَل، فإذا زادتْ على عِشرينَ ومئةٍ، ففي كلِّ أربعينَ بِنتُ لَبُونٍ، وفي كلِّ خمسينَ حِقَّةٌ، ومَن لم يكُن معه إلَّا أربعٌ مِنَ الإبِلِ، فليس فيها صدقةٌ إلَّا أن يشاء ربُّها، فإذا بلغَتْ خمسًا مِنَ الإبِلِ، ففيها شاةٌ، وفي صدقةِ الغَنَمِ؛ في سائمتها- إذا كانت أربعينَ إلى عشرينَ ومئةٍ- شاةٌ، فإذا زادت على عشرينَ ومئةٍ إلى مئتين، شاتان، فإذا زادت على مئتينِ إلى ثلاثِمئة، ففيها ثلاثُ شِياهٍ، فإذا زادت على ثلاثِمئةٍ، ففي كلِّ مئةٍ شاةٌ، فإذا كانت سائمةُ الرَّجُلِ ناقصةً من أربعينَ شاةً واحدةً، فليس فيها صدقةٌ إلَّا أن يشاء ربُّها)) رواه البخاري (1454). . 2- عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا وجَّهه إلى اليَمَنِ، أمَرَه أن يأخُذَ مِنَ البَقَرِ، من كلِّ ثلاثينَ تبيعًا أو تبيعةً، ومن كلِّ أربعين مُسِنَّةً، ومن كل حالِم- يعني: محتلمًا- دينارًا أو عَدْلَه من المعافِرِ- ثياب تكون باليمن)) رواه أبو داود (1576)، والترمذي (623)، والنسائي (5/25)، وابن ماجه (1803)، وأحمد (5/230) (22066)، وابن خزيمة (4/19) (2268)، وابن حبان (11/244) (4886)، حسَّنه الترمذي، والبغويُّ في ((شرح السنة)) (5/658)، وصحَّحه ابن عَبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (2/130)، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (25/36): ثابت، وحسن إسناده النووي في ((الخلاصة)) (2/1092)، وجوَّد إسناده ابن القيم في ((أحكام أهل الذمة)) (1/129)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1576) .3- عن أبي ذرٍّ الغِفاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما مِن صاحِبِ إبِلٍ ولا بَقَرٍ ولا غَنَمٍ، لا يؤدِّي زكاتَها، إلَّا جاءت يومَ القيامةِ أعظمَ ما كانت وأسمَنَه، تنطحُه بقرونِها، وتطؤُه بأظلافِها، كلَّما نفِدَت أُخراها أعادتْ عليه أُولاها، حتَّى يُقضى بين النَّاسِ)) رواه البخاري (1460)، ومسلم (990) واللفظ له. .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (أجمعوا على وجوبِ الصَّدَقةِ في الإبِلِ والبَقَر والغَنَم). ((الإجماع)) (ص: 45). ، وابنُ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا على أنَّ في خَمسٍ من الإبِلِ مشانٍ راعيةٍ، غيرِ معلوفةٍ ولا عوامِلَ، ليستْ فيها عمياء، ذكورًا كانت أو إناثًا، أو مختلطة، إذا أتمَّت عامًا شمسيًّا عند مالِكِها كما ذكرْنا في الذَّهَب- زكاةَ شاةٍ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 35). وقال: (اتَّفقوا على أنَّ في البقر زكاةً). ((مراتب الإجماع)) (ص: 36). وقال: (اتفقوا على أنَّ في الغنم إذا كانت بالصِّفة التي ذكرنا في الإبل والبقر، وأقامت المدَّةَ التي ذكَرْنا في الإبل، وبلغت أربعين- شاةً، إلى مئة وعشرين، ثم شاتين إلى مئتين). ((مراتب الإجماع)) (ص: 36). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة في الإبل: (وجوبُ زكاتها ممَّا أجمع عليه علماء الإسلام). ((المغني)) (2/429). وقال عن البقر: (وأمَّا الإجماعُ فلا أعلم اختلافًا في وجوبِ الزَّكاة في البقر. وقال أبو عُبيد: لا أعلم النَّاسَ يختلفون فيه اليوم). ((المغني)) (2/442). وقال في الغنم: (أجمع العلماءُ على وجوبِ الزَّكاة فيها). ((المغني)) (2/447). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمع المسلمون على وجوبِ الزَّكاةِ في الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ). ((المجموع)) (5/338). . انظر أيضا: المطلب الثاني: بَقَرُ الوَحشِ. المطلب الثالث: ما تولَّدَ مِنَ الأهليِّ والوحشِيِّ. المطلب الرابع: زكاةُ الجواميسِ. المطلب الخامس: حُكمُ زكاةِ غيرِ بهيمةِ الأنعامِ كالخَيلِ.

لا تَجِبُ الزَّكاةُ في بَقَرِ الوحش، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/263)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/280). ، والمالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/4، 5)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/94). ، والشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/368)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/44). ، وهو روايةٌ عن أحمد قال ابنُ قدامة: (اختلفَتِ الروايةُ في بقَرِ الوَحشِ؛ فرُوِيَ أنَّ فيها الزَّكاةَ. اختاره أبو بكر؛ لأنَّ اسمَ البَقَرِ يشملها، فيدخل في مطلق الخَبَرِ. وعنه لا زكاة فيها. وهي أصحُّ، وهذا قولُ أكثَرِ أهل العِلم). ((المغني)) (2/444، 445). ، وبه قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ قال ابنُ قدامة: (هذا قول أكثر أهل العِلم) ((المغني)) (2/445). .وذلك للآتي:  أوَّلًا: أنَّها لا تُجزِئُ في الضَّحايا والهدايا، فلا تجِبُ فيها الزَّكاةُ؛ قياسًا على الظِّباءِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/94)، ((الكافي)) لابن قدامة (1/383). .ثانيًا: أنَّ اسمَ البَقَرِ لا ينصرف إليها عند الإطلاقِ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/263)، ((المغني)) لابن قدامة (2/445). .ثالثًا: أنَّ وجودَ نِصابٍ مِنَ بقرِ الوَحشِ موصوفًا بصفةِ السَّومِ حولًا، لا وجودَ له ((المغني)) لابن قدامة (2/445). .رابعًا: أنَّ بقَرَ الوَحشِ ليست من بهيمةِ الأنعام؛ فلا تجِبُ فيها الزَّكاة، كسائر الوحوش، وسرُّ ذلك أنَّ الزَّكاة إنما وجبَتْ في بهيمة الأنعام دون غيرها؛ لكثرةِ النَّماءِ فيها مِن دَرِّها ونَسلِها، وكثرةِ الانتفاع بها، لكثرَتِها وخفَّةِ مَؤُونَتِها، وهذا المعنى يختصُّ بها، فاختصَّت الزَّكاةُ بها دون غيرِها ((المغني)) لابن قدامة (2/445). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكم زكاة الأنعام. المطلب الثالث: ما تولَّدَ مِنَ الأهليِّ والوحشِيِّ. المطلب الرابع: زكاةُ الجواميسِ. المطلب الخامس: حُكمُ زكاةِ غيرِ بهيمةِ الأنعامِ كالخَيلِ.

اختلف أهل العِلم في زكاةِ المتولِّدِ مِنَ الأهليِّ والوحشيِّ قال الحطَّاب: (كما إذا ضَربت فحول الظباء في إناث الغنم، أو العكس أو ضَربت فحول بقر الوحش في إناث الإنسيِّ منها، أو العكس). ((مواهب الجليل)) (3/82). على أقوالٍ؛ أقواها قولان:القول الأوّل: لا تجِبُ فيه الزَّكاةُ مطلقًا، وهو مذهَبُ الشافعيَّة ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/369)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/339). ، والمالكيَّة على المشهورِ ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/432)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/95). ، وبه قال داودُ الظاهريُّ ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/263)، ((المجموع)) للنووي (5/338). ، واختاره ابنُ قُدامةَ ((المغني)) لابن قدامة (2/446). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه ليس في أخْذ الزَّكاة منها نصٌّ ولا إجماعٌ ولا قياسٌ صحيحٌ، فلا تتناوَلُه نصوصُ الشَّرعِ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/252). .ثانيًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ الإيجابِ ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/369). .ثالثًا: أنَّ هذا الحيوانَ يتركَّبُ مِن جِنسِ ما لا يوجِبُ الزَّكاةَ، وما يوجِبُ الزَّكاة؛ فلا تجِبُ فيه كالنقد المغشوشِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/95). .رابعًا: أنَّ المتولِّد منهما لا يجزئُ في الأضحيَّة، فكذا لا تجِبُ فيه الزَّكاة ((المجموع)) للنووي (5/338)، ((المغني)) لابن قدامة (2/446). . خامسًا: أنَّ المتولِّدَ بين شيئينِ ينفرِد باسمِه وجِنسِه وحُكمِه عنهما، كالبَغلِ المتولِّد بين الفَرَس والحِمار ((المغني)) لابن قدامة (2/446). .القول الثاني: تجِبُ مطلقًا، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (4/34)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/446). ، وقولٌ للمالكيَّة ((الذخيرة)) للقرافي (3/95)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) للدسوقي (1/432). .وذلك للآتي: أوَّلًا: حصولُ الماليَّة بها ((الذخيرة)) للقرافي (3/95). .ثانيًا: احتياطًا وتغليبًا للإيجابِ ((المغني)) لابن قدامة (2/446). .ثالثًا: أنَّه متولِّدٌ بين ما تجِبُ فيه الزَّكاةُ، وما لا تجِبُ فيه، فوجبتْ فيها الزَّكاةُ، كالمتولِّدِ بين سائمةٍ ومعلوفةٍ ((المغني)) لابن قدامة (2/446). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكم زكاة الأنعام. المطلب الثاني: بَقَرُ الوَحشِ. المطلب الرابع: زكاةُ الجواميسِ. المطلب الخامس: حُكمُ زكاةِ غيرِ بهيمةِ الأنعامِ كالخَيلِ.

لا زكاةَ في غيرِ بهيمةِ الأنعامِ إلَّا أن تكونَ مُعَدَّةً للتِّجارة، والخيلُ وغيرُها في ذلك سواءٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/488)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/94). ، والشافعيَّة ((الشرح الكبير)) للرافعي (5/315)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/369). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (4/35)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/463). ، والظَّاهِريَّة ((المحلى)) لابن حزم (5/209، 229 رقم 641). ، وهو قولُ أبي يوسف، ومحمَّدِ بنِ الحسن ((شرح معاني)) الآثار للطحاوي (2/27)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/266). ، وبه قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لا أعلم أحدًا مِن فقهاء الأمصارِ أوجَبَ الزَّكاةَ في الخيل إلَّا أبا حنيفةَ؛ فإنَّه أوجبها في الخيل السائمة... وقد جاء بعده صاحباه في ذلك أبو يوسف ومحمَّد فقالا: لا زكاةَ في الخيل سائمةً وغيرَها، وهو قول مالك والثوري والأوزاعي والليث والشافعي، وسائِرِ العلماء) ((الاستذكار)) (3/237، 239). وقال ابنُ قدامة: (لا زكاة في غير بهيمة الأنعام من الماشية، في قول أكثَرِ أهلِ العِلم. وقال أبو حنيفة: في الخَيلِ الزَّكاة، إذا كانت ذكورًا وإناثًا، وإن كانت ذكورًا مفردةً، أو إناثًا مفردة، ففيها روايتان، وزكاتها دينارٌ عن كلِّ فرسٍ، أو ربع عُشرِ قيمتها، والخِيَرة في ذلك إلى صاحِبِها، أيُّهما شاء أخرَجَ). ((المغني)) (2/463). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُريرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ليس على المُسلِمِ في عبْدِه ولا فرَسِه صدقةٌ)) رواه البخاري (1463)، ومسلم (982) واللفظ له. .2- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((قد عفوتُ لكم عن صَدقةِ الخيْلِ والرَّقيقِ)) رواه أبو داود (1574)، والترمذي (620)، والنسائي (5/37)، وأحمد (1/92) صحَّحه البخاري كما في ((سنن الترمذي)) (3/16)، وصحَّح إسناده ابن جرير الطبري في ((مسند عمر)) (2/945)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/93)، وحسَّنه البغوي في ((شرح السنة)) (3/347)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (620). .ثانيًا: مِنَ الآثارِ  عن حارثةَ بن مُضرِّب، قال: (جاء ناسٌ من أهل الشَّامِ إلى عُمَرَ، فقالوا: إنَّا قد أصبْنا مالًا وخيلًا ورقيقًا، نُحِبُّ أن يكون لنا فيها زكاةٌ وطهورٌ. قال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعلُه، فاستشار أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفيهم عليٌّ، فقال: هو حَسَنٌ إن لم يكن جزيةً يُؤخَذون بها مِن بعدِك. قال أحمد: فكان عُمَرُ يأخُذُ منهم، ثم يَرزُقُ عبيدَهم) رواه أحمد (1/14) (82)، وابن خزيمة (4/30) (2290)، والدارقطني (2/126)، والحاكم (1/557)، والبيهقي (4/118) (7664). صحَّح إسناده ابن جرير الطبري في ((مسند عمر)) (2/939)، وجوَّد إسناده وقواه ابن كثير في ((مسند الفاروق)) (1/248)، والبُوصِيريُّ في ((إتحاف الخِيَرة المهرة)) (3/13)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (1/57). .أوجه الدَّلالة: الوجه الأوَّل: أنَّ قوله: (ما فعله صاحباي) يعني: النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبا بكرٍ، ولو كان واجبًا لَمَا تركَا فِعلَه.الوجه الثَّاني: أنَّ عُمَرَ امتنع مِن أخْذها، ولا يجوز له أن يمتَنِعَ مِنَ الواجِبِ.الوجه الثالث: قول عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: (هو حَسَنٌ إن لم يكن جزيةً يُؤخذون بها مِن بعدك)، فسمَّاها جزيةً إن أُخِذوا بها، وجعَل حُسنَها مشروطًا بعدَمِ أخذِهم بها مِن بَعدِه، فيدلُّ على أنَّ أخْذَهم بذلك غيرُ جائزٍ.الوجه الرَّابع: استشارةُ عُمَرَ أصحابَه في أخْذه، ولو كان واجبًا لَمَا احتاج إلى الاستشارة. الوجه الخامس: أنَّه لم يُشِر عليه بأخْذه أحدٌ سوى عليٍّ، بهذا الشَّرطِ الذي ذكره، ولو كان واجبًا لأشاروا به.الوجه السَّادس: أنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه عوَّضَهم عنه رِزقَ عبيدِهم، والزَّكاةُ لا يُؤخَذُ عنها عِوَضٌ ((المغني)) لابن قدامة (2/464). .ثالثًا: أنَّ عدمَ تحديد نِصابٍ في الخيلِ ونحوه من قِبل الشَّارِعِ؛ دليلٌ على أنَّه ليس فيه الزَّكاة، ولو كانت الزَّكاةُ واجبةً فيه لبيَّنَ أنصِبَتَها كما بيَّنه في بقيَّةِ أنواع المواشي ((المحلى)) لابن حزم (5/227- 229 رقم 641)، ((فقه الزَّكاة للقرضاوي)) (1/227). .رابعًا: أنَّ الأصلَ عدمُ الوجوب إلَّا بدليلٍ، ولا دليلَ فيها ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/168). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكم زكاة الأنعام. المطلب الثاني: بَقَرُ الوَحشِ. المطلب الثالث: ما تولَّدَ مِنَ الأهليِّ والوحشِيِّ. المطلب الرابع: زكاةُ الجواميسِ.

لا زَكاةَ في البِغالِ، ولا الحَميرِ.الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:     نقَلَ الإجماعَ على ذلك الطَّحاويُّ [744] قال الطحاويُّ: (واتَّفقوا في البِغال والحمير أنَّه لا زكاةَ فيها، وإنْ كانت سائمةً). نقلًا عن ((الإقناع في مسائل الإجماع)) لابن القطان (2/649)، وينظر: ((شرح معاني الآثار)) (2/30). ، وابنُ حَزمٍ [745] قال ابنُ حزم: (وأمَّا الحمير فما نعلم أحدًا أوجب فيها الزكاة، إلَّا شيئًا حدَّثَناه حَمَامٌ، قال: ثنا عبدُ الله بن محمَّد ... عن منصور عن إبراهيمَ النَّخعَي، قال منصورٌ: سألتُه عن الحمير؛ أفيها زكاة؟ فقال إبراهيمُ: أمَّا أنا فأُشبِّهها بالبقر، ولا نعلم فيها شيئًا. قال أبو محمَّد: كلُّ ما لم يأمُرِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيه بزكاةٍ محدودةٍ موصوفة، فلا زكاةَ فيه). ((المحلى بالآثار)) (4/35). ، وابنُ بطَّالٍ [746] قال ابنُ بطَّال: (وقال الطحاويُّ، والطبريُّ: والنظر: أنَّ الخيل في معنى البِغال والحمير التي قد أَجمَع الجميعُ أنْ لا صدقةَ فيها، ورَدُّ المختلَف فيه إلى المتَّفَق عليه إذا اتَّفقا في المعنى أَوْلَى). ((شرح صحيح البخاري)) (3/487). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكم زكاة الأنعام. المطلب الثاني: بَقَرُ الوَحشِ. المطلب الثالث: ما تولَّدَ مِنَ الأهليِّ والوحشِيِّ. المطلب الرابع: زكاةُ الجواميسِ.