السَّندُ لُغةً: كلُّ ما يُستَنَد إليه ويُعتمَدُ عليه من حائطٍ أو غيرِه ((المصباح المنير في غريب الشرح الكبير)) للفيومي (1/ 291)، وينظر: ((قضايا الزَّكاة المعاصرة - الندوة الرابعة عشرة)) (ص: 40). .السَّنَدُ اصطلاحًا: أداةٌ ماليَّةٌ تَصْدُرُ لحاملِها مِنَ البَنكِ أو الشَّرِكة أو الحكومةِ، ولفتراتِ استحقاقٍ مختلفةٍ ومحدَّدةٍ، وهي تحمِلُ فوائدَ تُدفَعُ سنويًّا أو كلَّ نصفِ سَنةٍ.وهو يعبِّر: عن علاقةِ دائنيَّةٍ ومديونيَّةٍ، محلُّها مبلَغٌ مِنَ المال أقرَضَه الطَّرَفُ الأوَّل-المُقرِضُ- للطَّرَفِ الثاني- المُقتَرِض- ويتعهَّد المُقتَرِض بموجِبِ هذه العلاقة بدفعاتٍ دوريَّة معيَّنةٍ تمثِّل الفوائِدَ المترتَّبة على الاقتراضِ، بالإضافةِ إلى المبلغِ الأصليِّ المُقتَرَض عند تاريخِ الاستحقاق. ويدفَعُ فيها المكتَتِبُ أقلَّ من القيمةِ الاسميَّة للسَّنَدِ، على أن يستردَّ القيمةَ الاسميَّةَ كاملةً عند حُلولِ الأجلِ، مع الفوائِدِ الرِّبَويَّة للسَّنَدِ.والسَّنَدُ نوعان: سنَدٌ باسْمِ مالِكِه، وسَنَدٌ لحامِلِه، وكلاهما قابِلٌ للتَّداوُلِ والبيع، قد يُباع بقيمَتِه فيربَحُ المشتري فوائِدَه فقط، وقد يُباعُ بأقلَّ مِن قِيمَتِه فيربح المشتري الفوائِدَ والفارِقَ بين قيمَتِه وثَمَنِ شِرائِه ينظر: ((قضايا الزَّكاة المعاصرة– الندوة السابعة)) (ص: 185، 186، 311- 313)، ((الندوة الحادية عشرة والثانية عشرة)) (ص: 185)، ((الندوة الرابعة عشرة)) (ص: 40)، ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (1/520-521)، ((أحكام وفتاوى الزَّكاة والصدقات والنذور والكفارات)) (ص: 59). . انظر أيضا: المطلب الثاني: حُكم السَّندات. المطلب الثالث: زكاةُ السَّنَداتِ. المطلب الرابع: زكاةُ الصُّكوكِ.

يَحرُمُ التَّعامُلُ بالسَّنداتِ، وبهذا صدَرَ قرارُ مَجمَعِ الفِقهِ الإسلاميِّ بجُدَّة ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي: (إنَّ السَّندات التي تمثِّل التزامًا بدَفعِ مَبلَغِها مع فائدةٍ منسوبةٍ إليه أو نفعٍ مشروط؛ محرَّمةٌ شرعًا من حيث الإصدارُ أو الشِّراءُ أو التداولُ؛ لأنَّها قروضٌ رِبَويَّة، سواء أكانَتِ الجهةُ المُصْدِرةُ لها خاصَّةً أو عامَّةٌ ترتبط بالدولة، ولا أثَرَ لتسمِيَتِها شهاداتٍ أو صكوكًا استثماريَّةً أو ادِّخاريةً، أو تسميةَ الفائدة الرِّبويَّة المُلتزَم بها ربحًا أو رِيعًا، أو عُمولةً أو عائدًا. تحرم أيضًا السَّنَدات ذات الكوبون الصِّفري باعتبارها قُروضًا يجري بيعُها بأقلَّ من قيمَتِها الاسميَّةِ، ويستفيدُ أصحابُها من الفروقِ باعتبارِها خصمًا لهذه السَّنَدات. كما تَحرُمُ أيضًا السندات ذات الجوائِزِ باعتبارِها قروضًا اشتُرِطَ فيها نفعٌ أو زيادةٌ بالنسبة لمجموعِ المُقرِضِين، أو لبعضِهم لا على التَّعيينِ، فضلًا عن شبهة القِمار). ((قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي)) قرار رقم: 60 ( 11/6) بشأن السندات. ، وندَوات قضايا الزَّكاة المعاصرة ((الندوة الحادية عشرة والثانية عشرة)) ص 185، ((الندوة الثالثة عشرة)) ص 414. ، واللَّجنة الدَّائمة في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (لا يجوز بيعُ ولا شراءُ السَّندات المذكورة؛ لأنَّها معاملةٌ رِبويَّة، والرِّبا محرَّم بالنصِّ وإجماع المسلمين). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (14/353). ، وندوة الأسواقِ الماليَّة من الوجهة الإسلاميَّة في ندوة الأسواق الماليَّة من الوجهة الإسلاميَّة: (إنَّ السَّنَدات التي تُعطي لأصحابِها فوائدَ منسوبةً لقِيَمِها الاسمية، أو ترتِّبُ لهم نفعًا مشروطًا، سواءٌ أكان جائزةً أو مبلغًا مقطوعًا أو خَصمًا- محرَّمةٌ شرعًا إصدارًا وتداولًا، باعتبارِها قروضًا رِبَوية). ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة)) (6-2/1659). ؛ وذلك لاشتمالها على الفوائِدِ الرِّبويَّةِ المحرَّمة؛ ولأنَّ تداوُلَها بالبَيعِ والشِّراءِ من قبيل بيعِ الدَّين لغَيرِ مَن هو عليه؛ وهذا غيرُ جائزٍ ((أحكام وفتاوى الزَّكاة والصدقات والنذور والكفارات)) (ص: 59)، قضايا الزَّكاة المعاصرة - الندوة الرابعة عشرة - ص 40، 41، الندوة الحادية عشرة والثانية عشرة - ص 185، - الندوة الرابعة عشرة - ص 40، 41، ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (14/353). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: تعريف السَّند. المطلب الثالث: زكاةُ السَّنَداتِ. المطلب الرابع: زكاةُ الصُّكوكِ.

تجِبُ الزَّكاةُ في أصلِ السَّندِ فقط، أمَّا الفوائِدُ الرِّبويَّةُ فيجِبُ التخلُّصُ منها، وبه صدر قرار الهيئة الشرعيَّة في فتاوى الهيئة الشرعية: (السَّنَداتُ التي تمثِّل ديونًا بفائدةٍ رِبَويةٍ؛ محرَّمةٌ شرعًا، وتكونُ الزَّكاة على رأس مال السَّنَد، ولا تجب الزَّكاة على الفائدةِ المحرَّمة، وعلى صاحبِ السَّنَد أن يتخلَّصَ منها متى قبَضَها، وذلك بصَرفِها في وجوهِ الخَيرِ ما عدا المساجدَ والمصاحِفَ). ((أحكام وفتاوى الزَّكاة والصدقات والنذور والكفارات)) (ص: 59). ، واللَّجنة الدَّائمة في سؤال موجَّه للَّجنة الدائمة عن سنداتٍ تُشترى بسعرٍ محدَّدٍ لفترةٍ زمنيَّة محدَّدة، مقابِلَ ربِحٍ معلوم محدَّدٍ سَلَفًا حين الشراءِ، أجابت: (لا يجوزُ بيعُ ولا شراءُ السَّندات المذكورة؛ لأنَّها معاملةٌ رِبويَّة، والرِّبا محرَّم بالنصِّ وإجماع المسلمين) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى) (14/353). ، ونَدَوات قضايا الزَّكاةِ المعاصِرَة جاء في قرارات ندوات قضايا الزَّكاة المعاصرة: (تجِبُ على المالك الزَّكاةُ على الأصل- تكلفة السَّند- كلَّ عامٍ قيمة تكلفةِ السَّندات إلى مالِه في النِّصاب والحَوْل، ويزكِّي الجميعَ بنسبة ربع العشر 2.5%، فإن زادت التكلفةُ عن القيمة الاسميَّة فيزكِّي القيمةَ الاسمية. أمَّا الفوائد المترتِّبة للسند، فإنَّ تملُّكَ الفوائد محرَّمٌ، ويجب صرفُها في وجوه الخير، وهذا الصرف للتخلُّصِ مِنَ الحرام، ولا يُحتَسَب ذلك من الزَّكاةِ، ولا يُنفَقُ منها على مصالِحِ الشَّركة، والأوْلى صَرفُها للمضطرِّين مِنَ الواقعينَ في المجاعاتِ وغَيرِها). ((الندوة الحادية عشرة والثانية عشرة)) (ص: 185). وفيها أيضًا: (السَّنداتُ التي تمثِّل ديونًا بفائدةٍ ربويَّةٍ؛ محرَّمةٌ شرعًا، وتكون الزَّكاةُ على رأسِ مالِ السَّنَد، ولا تجب الزَّكاة عن الفائدة المحرَّمة، وعلى صاحِبِ السند أن يتخلَّص منها متى قبضها، وذلك بصرفِها في وجوه الخير، ما عدا المساجدَ والمصاحف). ((الندوة الثالثة عشرة)) (ص: 414). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ السَّنداتِ عبارةٌ عن دَينٍ على مليءٍ، فتجِبُ الزَّكاةُ فيه ((قضايا الزَّكاة المعاصرة - الندوة السابعة)) (ص: 234). .ثانيًا: أنَّ حائِزَ المالِ الحرام لخَلَلٍ في طريقِ اكتسابِه لا يَملِكُه، ويجِبُ عليه التخلُّص منه، بردِّه إلى مالِكِه أو وارِثِه إنْ عرفه، فإنْ يَئِسَ من معرفته وجَبَ عليه صَرفُه في وجوهِ الخَيرِ، وبقصد الصَّدقة عن صاحِبِه ((أحكام الزَّكاة والنذور والكفارات)) (ص: 101). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: تعريف السَّند. المطلب الثاني: حُكم السَّندات. المطلب الرابع: زكاةُ الصُّكوكِ.

الفرع الأوَّل: تعريفُ الصُّكوكِالصُّكوكُ لُغةً: جمع صَكٍّ، والصَّكُّ: الكتابُ- فارسيٌّ مُعرَّب- وهو الذي يُكتَبُ للعُهدةِ، وكانت الأرزاقُ تسمَّى صِكاكًا؛ لأنَّها كانت تَخرجُ مكتوبةً ((تاج العروس)) للزبيدي (27/243)، ((النهاية)) لابن الأثير (3/43)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (39/323). . الصُّكوكُ اصطلاحًا: أداةٌ استثماريَّةٌ تقومُ على تجزئةِ رأسِ المالِ القِراضِ (المضارَبَة) بإصدارِ صُكوك مِلكيَّةٍ يمثِّل مجموعُها رأسَ المالِ، ويُكتَبُ في هذه الصُّكوكِ أسماءُ أصحابِها باعتبارِهم يملكون حِصَصًا شائعةً في رأسِ مالِ المُضارَبَةِ ((قضايا الزَّكاة المعاصرة - الندوة السابعة)) (ص 311)- ((الندوة الثالثة عشرة)) (ص 414)،  ((الأسهم والسندات وأحكامها)) لأحمد الخليل (ص: 328). ومن تعريفاتها أيضًا أنها: (وثائِقُ متساوية القيمةِ تمثِّلُ حِصصًا شائعة في ملكيَّةِ أعيان، أو منافِع أو خِدمات، أو في موجوداتِ مشروع معيَّن، أو نشاطٍ استثماريٍّ خاصٍّ، وذلك بعد تحصيلِ قيمةِ الصُّكوك وقَفلِ باب الاكتتابِ وبَدءِ استخدامِها فيما أُصدِرَت من أجله). ((هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية))، المعايير الشرعية، 2007، البند 2 من المعيار الشرعي رقم 17. . الفرع الثاني: حُكمُ الصُّكوكِيجوزُ شِراءُ الصُّكوكِ وبَيعُها، وبهذا صدَرَ قرارُ المجمَعِ الفقهيِّ بجُدَّة ضمن قرارات مجمع الفقه الإسلامي بجدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: (من البدائِلِ للسَّنَداتِ المحرَّمةِ- إصدارًا أو شراءً أو تداولًا-: السنداتُ أو الصُّكوكُ القائمةُ على أساسِ المضارَبةِ لمشروعٍ أو نشاطٍ استثماريٍّ معيَّنٍ، بحيث لا يكون لمالكيها فائدةٌ أو نفعٌ مقطوع، وإنَّما تكون لهم نسبةٌ مِن ربحِ هذا المشروعِ بِقَدرِ ما يملكون من هذه السَّنَدات أو الصُّكوك، ولا ينالونَ هذا الرِّبحَ إلَّا إذا تحقَّق فعلًا. ويمكِنُ الاستفادةُ في هذا مِنَ الصيغة التي تم اعتمادُها بالقرار رقم (5) للدورة الرابعة لهذا المجتمع بشأن سندات المقارضة). ((قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي)) قرار رقم: 60 ( 11/6) بشأن السندات. ؛ وذلك لأنَّها قائمةٌ على أساسِ المُضاربةِ لمَشروعٍ أو نشاطٍ استثماريٍّ معيَّن، بحيث لا يكونُ لِمالِكِيها فائدةٌ أو نَفعٌ مقطوعٌ، وإنما تكون لهم نِسبةٌ مِن رِبح ِهذا المشروع بقدْرِ ما يَملِكونَ مِن هذه الصُّكوكِ، ولا ينالونَ هذا الرِّبحَ إلَّا إذا تحقَّقَ فعلًا ((قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي)) قرار رقم: 60 ( 11/6). . الفرع الثالث: زكاةُ الصُّكوكِتَجِبُ الزَّكاةُ في الصُّكوكِ وأرباحِها، وبهذا صدر قرارُ نَدَوات قضايا الزَّكاةِ المعاصِرةِ في قرارات الندوة الثالثة عشرة: (السَّنداتُ والصُّكوك التي تُمثِّلها جملة الأعيان والمنافع وغيرها، مثل: سندات المقارضة وسندات الإجارة وسندات السَّلَم ونحوها، تجب الزَّكاة فيها وفي ربحها). ((قضايا الزَّكاة المعاصرة – الندوات الثالثة عشرة)) (ص: 414). ؛ وذلك لأنَّ حُكمَها حُكمُ عُروضِ التِّجارةِ ((قضايا الزَّكاة المعاصرة -الندوة السابعة)) (ص: 311، 233). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: تعريف السَّند. المطلب الثاني: حُكم السَّندات. المطلب الثالث: زكاةُ السَّنَداتِ.