تجبُ الزَّكاة على المُسلِم، ولا زكاةَ على الكافِرِ الأصليِّ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة: 103].وجه الدَّلالة:أنَّ الخطابَ في الأمْرِ بالزَّكاة، للمُسلمين، ولأنَّهم هم الذين تُطهِّرُهم الزَّكاةُ وتُزَكِّيهم ينظر: ((المحلى)) لابن حزم (4/4) رقم (638)، ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (8/124). .ثانيًا من السُّنَّة:عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعَثَ معاذًا إلى اليمنِ فقال: ادْعُهم إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رسولُ الله، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأعْلِمْهم أنَّ اللهَ قد افتَرَض عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأعْلِمْهم بأنَّ الله افتَرَض عليهم صدقةً في أموالِهم، تُؤخَذُ مِن أغنيائِهم، وتردُّ في فُقَرائِهم)) رواه البخاري (1395) واللفظ له، ومسلم (19). .وجه الدَّلالة:أنَّه جَعَلَ الأمرَ بالزَّكاة بعد طاعَتِهم بالدُّخولِ في الإسلام، وكذلك الضميرُ في قوله: ((أغنيائِهم)) أي: أغنياءِ الذين أطاعوا ودخَلُوا في الإسلامِ، وتردُّ إلى فقرائِهم كذلك ينظر: ((المحلى)) لابن حزم (4/4) رقم (638). .ثالثًا: مِنَ الإجماعِ  نقلَ الإجماعَ على وجوبِها على المسلِم: النوويُّ قال النوويُّ: (أمَّا وجوب الزَّكاة على الحرِّ المسلمِ فظاهرٌ؛ لعموم الكتابِ والسُّنة والإجماعِ؛ فيمَن سِوَى الصبيِّ والمجنونِ). ((المجموع)) (5/326). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (وأمَّا على من تجِبُ؛ فإنَّهم اتَّفقوا على كلِّ مسلمٍ عاقلٍ مالكٍ للنِّصاب مِلكًا تامًّا). ((بداية المجتهد)) (1/245). ، ونقل الإجماعَ على أنْ لا زكاةَ على الكافِرِ: ابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا أنَّه لا زكاةَ على كافرٍ في شيء من أمواله حاشا ما أنبتتْ أرضُه؛ فإنَّهم اختلفوا؛ أيؤخَذُ منه العُشر أم لا؟ وحاشا أموال نصارى بني تغلِبَ؛ فإنَّهم اختلفوا أتُضعَّف عليهم الصَّدقة أم لا؟) ((مراتب الإجماع)) (ص: 37). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (فأمَّا الكافر فلا خلافَ في أنَّه لا زكاةَ عليه) ((المغني)) (2/464). .رابعًا: أنَّ الزَّكاة عبادةٌ، ولا تتحقَّقُ مِنَ الكافِرِ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/154). . انظر أيضا: المطلب الثاني: الحريَّة. المطلب الثالث: هل يُشتَرَط العقلُ والبلوغُ؟.

يُشتَرَط في وجوبِ الزَّكاةِ أن يكونَ صاحِبُ المالِ حرًّا.الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:  نقل الإجماعَ على ذلكِ: النوويُّ قال النوويُّ: (أما وجوبُ الزَّكاة على الحرِّ المسلم فظاهرٌ؛ لعموم الكتاب والسُّنة والإجماعِ فيمن سِوَى الصبيِّ والمجنون). ((المجموع)) (5/326). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (وأمَّا على من تجب؛ فإنَّهم اتَّفقوا على كلِّ مسلمٍ عاقلٍ مالكٍ للنِّصابِ مِلكًا تامًّا). ((بداية المجتهد)) (1/245). . الفرع الأوَّل: حُكْمُ الزَّكاةِ على العبدِلا زكاةَ على العبدِ في مالِه، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/259)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/253). ، والمالكيَّة نصَّ المالكيَّة أنَّه لا زكاة على العبدِ ولا على سيِّده في المالِ الذي يملِكُه. ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/150)، ((منح الجليل)) لعليش (2/4). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/326)، ((نهاية المحتاج)) للرملي(3/125). الشافعيَّة أوجبوا الزَّكاة في المال الذي مَلَّكَه السيِّدُ للعبدِ، لكن أوجبوه على سيِّدِه، وليس على العبدِ. انظر (((المجموع)) للنووي (5/326). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/168)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/7). والمذهبُ أنَّه لا زكاةَ على واحدٍ منهما؛ لا على السيِّد ولا على العبدِ. انظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (3/7). ، وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العِلم قال ابنُ قدامة: (... الزَّكاة لا تجب إلَّا على حرٍّ مسلمٍ تامِّ المِلك، وهو قول أكثر أهل العِلم، ولا نعلمُ فيه خلافًا إلَّا عن عطاء وأبي ثور؛ فإنَّهما قالا: على العبدِ زكاةُ ماله). ((المغني)) لابن قدامة (2/464). ، وحُكيَ فيه الإجماعُ قال الخرشي: (الرقيقُ ومَن فيه شائبةُ رقٍّ؛ لا زكاةَ في مالِه؛ عينٍ، أو ماشيةٍ، أو حَرثٍ، ولا فيما يريدُ للتِّجارة بلا خلافٍ؛ لعدم تمامِ تصرُّفه). ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/181). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ العبدَ لا مِلْكَ له ((حاشية ابن عابدين)) (2/259). .ثانيًا: أنَّ الزَّكاةَ تمليكٌ، ومَن لا يملِكُ لا يُمكِنُه أن يملِّكَ غيرَه ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/253). . الفرع الثاني: حُكم الزَّكاةِ في مال المُكاتَبِلا تجب الزَّكاةُ في مال المُكاتَب قال القُونويُّ: (المُكاتَب: العبدُ الذي يكاتَبُ على نفْسِه بثَمَنِه، فإنْ سعى وأدَّاه عُتِقَ) ((أنيس الفقهاء)) (1/61). وقال ابنُ عُثيمين: (والمُكاتَبون: هم الذين اشتَرَوا أنفسَهم مِن أسيادِهم، وهو مأخوذٌ مِنَ الكتابةِ؛ لأنَّ هذا العقدَ تقعُ فيه الكتابةُ بين السيِّدِ والعبد) ((الشرح الممتع)) (6 /229). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/ 154)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 160)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 6). ، والمالكِيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/431)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/759). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/ 326)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 409). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 7)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/ 437). ، وحُكي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ المُنْذِر: (وأجمعوا على أنْ لا زكاة في مال المكاتب حتى يُعتق، وانفرد أبو ثور، فقال: فيه الزَّكاة). ((الإجماع)) (ص: 47). قال ابنُ قدامة: (وجملته أنَّ المكاتب لا زكاة عليه بلا خلاف نعلمه). ((المغني)) (10/415). ؛ وذلك لأنَّ المُكاتَبَ ليس تامَّ المِلكِ، ولا يزال عبدًا ما بَقِيَ عليه دِرهمٌ ((المغني)) لابن قدامة (2/464). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: الإسلام. المطلب الثالث: هل يُشتَرَط العقلُ والبلوغُ؟.

لا يُشتَرَط العقلُ ولا البلوغُ في وجوبِ الزَّكاة، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/284)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) لأحمد بن محمد الخلوتي (1/589). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (3/330)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (3/128). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 169)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/464، 465)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) للزركشي (2/412). ، واختارَه ابنُ حَزْمٍ قال ابنُ حزم: (والزَّكاة فرضٌ على الرِّجال والنِّساء؛ الأحرار منهم والحرائر والعبيد، والإماء، والكبار والصِّغار، والعقلاء، والمجانين من المسلمين، ولا تؤخذ من كافر) ((المحلى)) (4/3) رقم (638). .أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقولُه تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة: 103].وجه الدَّلالة:أنَّ هذا عمومٌ لكُلِّ صغيرٍ وكبيرٍ، وعاقلٍ ومجنونٍ، وحُرٍّ وعبدٍ؛ لأنهم كلَّهم محتاجونَ إلى طُهْرةِ اللهِ تعالى لهم وتزكِيَتِه إيَّاهم، وكلُّهم مِنَ الذين آمنوا ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (4/ 4). .ثانيًا: من السُّنةعنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لمُعاذِ بنِ جَبلٍ رَضِيَ اللهُ عنه لمَّا بَعَثَه إلى اليمن: ((فأعْلِمْهم أنَّ اللهَ افتَرَض عليهم صدقةً في أموالِهم؛ تُؤخَذُ مِن أغنيائِهم، وتُرَدُّ في فُقرائِهم)) رواه البخاري (1395)، ومسلم (19). .وجه الدَّلالة:أنَّ قَولَه: ((أغنيائِهم)) يشمل: الصَّغيرَ والمجنونَ، كما شَمِلَهما لفظُ ((فُقرائِهم)) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (9/ 411). .ثالثًا: مِنَ الآثارعن القاسِمِ بنِ محمَّدٍ قال: (كانت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنْهَا تَلِيني أنا وأخًا لي يتيمينِ في حِجْرِها، فكانت تُخرِجُ مِن أموالِنا الزَّكاةَ) رواه مالك في ((الموطأ)) (2/353)،  وابن زنجويه في ((الأموال)) (1812)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7345). .رابعًا: أنَّ الزَّكاة تُرادُ لثوابِ المزكِّي ومواساةِ الفقيرِ، والصبيُّ والمجنونُ مِن أهلِ الثَّوابِ، ومِن أهلِ المواساةِ؛ ولهذا يجبُ عليهما نفقةُ الأقارِبِ، ويُعتَق عليهما الأبُ إذا مَلَكاه، فوَجَبَت الزَّكاةُ في مالِهما ((المجموع)) للنووي (5/329)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/128). .خامسًا: قياسًا على كونِ مالهما قابلًا لأداءِ النَّفَقات والغراماتِ ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/128)، ((المجموع)) للنووي (5/330). .سادسًا: أنَّ الزَّكاةَ حقُّ الفقيرِ في أموالِ الأغنياء، فاستوى في وجوبِ أدائها المكلَّفُ وغيرُ المكلَّفِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/23)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/128)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/409). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: الإسلام. المطلب الثاني: الحريَّة.