زيارةُ القبورِ لها أنواعٌ ثلاثةٌ:1- الزيارةُ الشَّرعيَّة:وهي زيارةُ القبورِ من أجل الدُّعاءِ للأمواتِ، والترحُّمِ عليهم، وتذَكُّر الآخرَةِ [9036] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/345). قال ابن القَيِّم: (أمَّا زيارةُ الموحِّدينَ: فمقصودُها ثلاثةُ أشياءَ: أحدها: تذكُّرُ الآخرةِ والاعتبارُ والاتِّعاظُ. وقد أشار النبىُّ صلَّى الله تعالى عليه وآلِهِ وسلَّم إلى ذلك بقوله: ((زُورُوا الْقُبُورَ؛ فَإٍنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ)). الثانى: الإحسانُ إلى الميِّتِ، وألَّا يطولَ عَهْدُه به، فيهجُرَه، ويتناساه، كما إذا تَرَكَ زيارةَ الحَيِّ مُدَّةً طويلةً تناساه، فإذا زار الحيَّ فَرِحَ بزيارته وسُرَّ بذلك، فالمَيِّتُ أَوْلى؛ لأنَّه قد صار فى دارٍ قد هَجَرَ أهلُها إخوانَهم وأهْلَهم ومعارِفَهم، فإذا زاره وأهدى إليه هديَّةً: مِن دعائِه، أو صدقةٍ، أو أهدى قُربةً، ازداد بذلك سُرورُه وفَرَحُه، كما يُسَرُّ الحَيُّ بمن يزوره ويُهْدي له؛ ولهذا شَرَعَ النبىُّ صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلم للزَّائرين أن يَدْعُوا لأهلِ القبورِ بالمغفرةِ والرَّحمة، وسؤالِ العافيةِ فقط. ولم يَشْرَع أن يدعوهم، ولا يَدْعُوا بهم، ولا يُصَلَّى عندهم. الثالث: إحسانُ الزَّائِرِ إلى نَفْسِه باتِّباعِ السُّنَّة، والوقوفِ عند ما شَرَعَه الرَّسولُ صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم، فيُحْسِنُ إلى نفسه وإلى المَزُورِ). ((إغاثة اللهفان)) (1/218) .2- الزيارةُ البِدْعِيَّة:وهي أن تُقْصَدَ القبورُ وتُزارَ للعبادَةِ عندها؛ بقراءةٍ أو صلاةٍ أو ذبحٍ وغيرِ ذلك؛ ظَنًّا أنَّ للعبادةِ عندها مَزِيَّةً، وهذه بدعةٌ، وهي من وسائِلِ الشِّرْكِ [9037] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/345). .3- الزيارة الشِّرْكيَّة:وهي زيارةُ القبورِ لدعاءِ أَهْلِها والاستغاثةِ بهم، أو للذَّبْحِ أو النَّذْرِ لهم، أو غيرِ ذلك من العباداتِ التي لا تَصْلُح إلَّا للهِ، وهذا شِرْكٌ [9038] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/345) (13/287)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (7/446). . انظر أيضا: المطلب الأول: حُكمُ زيارةِ القبورِ. المطلب الثاني: ما يُسَنُّ قولُه لِمَن زار القبورَ.

الفرع الأول: زيارةُ الرِّجالِ للقبورِ يُستَحَبُّ للرِّجالِ زيارةُ القُبورِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [9039] ((حاشية ابن عابدين)) (2/242)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 411). ، والمالِكيَّة [9040] ((الشرح الكبير)) للدردير (1/422). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/135). ، والشَّافعيَّة [9041] ((المجموع)) للنووي (5/310). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/331). ، والحَنابِلَة [9042] ((الفروع)) لابن مفلح (3/411)، ((الإنصاف)) للمردواي (2/393). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [9043] قال النووي: (وأجمعوا على أنَّ زيارَتَها- زيارةَ المقابِرِ للرِّجالِ- سُنَّة لهم). ((شرح النووي على مسلم)) (7/46). وقال أيضًا: (يُستحَبُّ للرِّجالِ زيارةُ القبورِ، وهو قولُ العُلماءِ كافَّةً؛ نقل العبدري فيه إجماعَ المسلمين). ((المجموع)) (5/310). قال شمس الدين ابن قدامة: (لا نعلمُ خلافًا بين أهل العِلْمِ في استحباب زيارَةِ الرِّجالِ القبورَ). ((الشرح الكبير)) (2/426). قال ابن عبد الهادي: (ليس في المسألة إجماعٌ لتحقيقِ ثبوتِ الخِلافِ فيها عن بعض المُجتَهدينَ، وإن كان قولُه ضعيفًا من حيث الدليلُ، قال شيخ الإسلام في أثناء كلامه، مع أنَّ نَفْسَ زيارةِ القبورِ مُختلَفٌ في جوازها، قال ابن بطَّالٍ في شرح البخاري: كَرِهَ قوم زيارةَ القبور، لأنَّه رُوِيَ عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أحاديثُ في النهيِ عنها، وقال الشعبيُّ: لولا أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن زيارَةِ القبور لزُرْتُ قَبْرَ ابنتي، وقال إبراهيم النَّخَعي: كانوا يكرهونَ زيارةَ القبور، وعن ابن سيرين مثلُه). ((الصارم المنكي)) (ص: 328). وقال ابن حجر: (قال النوويُّ تبعًا للعبدري والحازمي وغيرهما: اتَّفَقوا على أنَّ زيارةَ القبورِ للرِّجالِ جائزةٌ، كذا أطلقوا، وفيه نظَرٌ؛ لأنَّ ابن أبي شيبة وغيره روى عن ابنِ سيرين وإبراهيم النَّخَعي والشَّعبي الكراهةَ مُطْلَقًا، حتى قال الشعبيُّ: لولا نَهْيُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لزُرْتُ قبر ابنتي؛ فلعلَّ مَن أَطْلَقَ أراد بالاتِّفاق ما استقرَّ عليه الأمرُ بعد هؤلاءِ، وكأنَّ هؤلاء لم يَبْلُغْهم الناسِخُ، والله أعلم). ((فتح الباري)) (3/148) .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن بُريدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((نَهَيْتُكُم عن زيارةِ القبورِ، فزُورُوها)) [9044] أخرجه مسلم (977). .2- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((زارَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قبرَ أُمِّه، فبكى وأبكى مَنْ حَوْلَه، وقال: استأذَنْتُ ربِّي عزَّ وجلَّ في أن أَسْتَغْفِرَ لها، فلَمْ يُؤْذَنْ لي، واستَأْذَنْتُ في أنْ أزورَ قَبرَها فأَذِنَ لي، فزوروا القبورَ؛ فإنَّها تُذَكِّرُكم الموتَ)) [9045] أخرجه مسلم (976). .3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كلَّما كان ليلَتُها مِن رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يخرُجُ مِن آخِرِ اللَّيلِ إلى البَقيعِ...)) [9046] أخرجه مسلم (974). .ثانيًا: أنَّ في زيارةِ المقابِرِ نفعًا للحَيِّ وللمَيِّت؛ للحَيِّ بتذَكُّرِه الموتَ والآخِرَةَ، وللمَيِّتِ بالدُّعاءِ له [9047] ((إغاثة اللهفان)) لابن القيم (1/218). .الفرع الثاني: زيارةُ النِّساءِ للقبورِ.اختلفَ أهْلُ العِلْمِ في حُكْمِ زيارةِ النِّساءِ للقُبورِ [9048] قال ابن تيمية: (قال الفقهاء: إذا عَلِمَتِ المرأةُ من نَفْسِها أنَّها إذا زارت المقبرةَ بدا منها ما لا يجوزُ مِن قولٍ أو عملٍ؛ لم تَجُزْ لها الزيارةُ بلا نزاعٍ). ((مجموع الفتاوى)) (24/356). على ثلاثةِ أقوالٍ:القول الأول: يُكْرَهُ للنِّساءِ زيارةُ القُبورِ، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّة [9049] ((المجموع)) للنووي (5/310)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/57). ، والحَنابِلَة [9050] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/150). ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/427). ، وقولٌ عند الحَنفيَّة [9051] ((حاشية ابن عابدين)) (2/242). وقولٌ للمالكيَّةِ [9052] ((الكافي في فِقْهِ أهلِ المدينةِ)) لابن عبد البر (1/283)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/50). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [9053] قال ابن عبد البر: (ولا خلافَ في إباحَةِ زيارةِ القبورِ للرِّجالِ، وكراهِيتِها للنِّساء). ((الاستذكار)) (1/184). . الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةأ) ما يَدُلُّ على المنْعِ:عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعَنَ زوَّاراتِ القُبورِ)) [9054] أخرجه الترمذي (1056)، وابن ماجه (1576)، وأحمد (8430). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (6/81): لا بأس به، وصححه ابن تيمية في ((مجموع فتاواه)) (24/360)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1056).  .ب) ما يَصْرِفُ النَّهيَ إلى الكراهةِ:1- عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عنه، ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: اتَّقِ اللهَ واصْبِرِي)) [9055] أخرجه البخاري (1283)، ومسلم (926). .وَجهُ الدَّلالةِ: أنه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يَنْهَهَا عن الزِّيارَةِ [9056] ((المجموع)) للنووي (5/311). .2- عن محمَّدِ بن قيس بن مَخْرَمة بن المطَّلب، أنَّه قال يومًا: ألَا أُحَدِّثُكم عني وعن أمِّي، قال: فظَنَنَّا أنَّه يريدُ أمَّه التي ولَدَتْه، قال: قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنه: ((ألَا أُحَدِّثُكم عنِّي وعن رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، قلنا: بلى.. الحديث، وفيه: قالت: قلتُ: كيف أقولُ لهم يا رسولَ الله؟ قال: قولي: السَّلامُ على أهْلِ الدِّيارِ مِنَ المؤمنينَ والمُسلمينَ، ويَرْحَمُ اللهُ المُستَقْدمينَ مِنَّا والمُستَأخرينَ، وإنَّا إن شاء اللهُ بكم لَلاحِقونَ)) [9057] أخرجه مسلم (974). .3- عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((نُهِينا عنِ اتِّباعِ الجَنائزِ ولم يُعْزَمْ علينا)) [9058] أخرجه البخاري (1278)، ومسلم (938). .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الزيارةَ مِن جِنسِ الاتِّباعِ، فيكونُ كلاهما مكروهًا [9059] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/354). .ثانيًا: لأنَّ المرأةَ قليلةُ الصَّبْرِ، سريعةُ الجَزَعِ، وفي زيارَتِها للقبور تهييجٌ لأحزانِها، وربَّما أفضى بها ذلك إلى فِعْلِ ما لا ينبغي [9060] ((المغني)) لابن قدامة (2/425). .القول الثاني: يَحْرُم على النِّساءِ زيارةُ القبورِ، وهو قولٌ عند الحَنفيَّة [9061] قال الشرنبلالي: («نَدْبُ زيارَتِها» من غيرِ أن يطأَ القبورَ «للرِّجالِ والنِّساءِ» وقيل: تَحْرُمُ على النِّساء). ((مراقي الفلاح)) (ص: 228). ، وقولٌ عند الشَّافعيَّة [9062] قال الخطيب الشربيني: (وتُكْرَه زيارَتُها (للنساء)..وقيل تَحْرُم؛ لِما روى ابنُ ماجه والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ((لَعَنَ زوَّاراتِ القُبورِ)) ). ((مغني المحتاج)) (2/57). ، وهو قولُ ابنِ تيميَّة [9063] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/348-356). وينظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/364). ، وابنِ بازٍ [9064] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/136). ، وابنِ عثيمينَ [9065] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/158). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لعَنَ زوَّاراتِ القبور)) [9066] أخرجه الترمذي (1056)، وابن ماجه (1576)، وأحمد (8430). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (6/81): لا بأس به، وصححه ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (24/360)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1056).  .وَجهُ الدَّلالةِ: أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لعَنَ زوَّاراتِ القبور، وهذا دليلٌ على حُرمَةِ هذا الفِعْلِ. ثانيًا: أنَّ زيارَتَها للقبورِ تُخْرِجُها إلى الجَزَعِ والنَّدْبِ والنِّياحةِ؛ لِمَا فيها من الضَّعْف وكثرةِ الجَزَع وقلَّةِ الصبرِ، وأيضًا لأنَّ ذلك سببٌ لتأَذِّي المَيِّت ببكائِها، ولافتتانِ الرِّجالِ بِصَوْتها وصُورَتِها، وإذا كانت زيارةُ النِّساءِ مَظِنَّةً وسببًا للأمورِ المُحَرَّمة في حَقِّهِنَّ وحَقِّ الرجال- والحكمةُ هنا غير مضبوطةٍ- فإنَّه لا يُمكِن أن يُحَدَّ المقدارُ الذي لا يُفضِي إلى ذلك، ولا التَّمييزُ بين نوعٍ ونوعٍ. ومن أصول الشريعةِ أنَّ الحكمةَ إذا كانت خفيَّةً أو غيرَ منتشرَةٍ، عُلِّقَ الحكمُ بِمَظِنَّتِها، فيَحْرُم هذا البابُ؛ سَدًّا للذريعةِ [9067] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/356). .القول الثالث: تُباحُ زيارةُ القبورِ للنِّساءِ، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة [9068] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/210)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/242). ، وقولٌ للمالكيَّةِ [9069] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/50)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/564). لكنِ اشتَرَطوا أن تكونَ المرأةُ من القواعِدِ. ، وقولٌ عند الشَّافعيَّة [9070] لكن بِشَرْطِ أمْنِ الفتنةِ، قال الخطيب الشربيني: ( (وتُكرَه زيارَتُها (للنِّساء).. (وقيل: تَحْرُم).. (وقيل تُباحُ) جَزَمَ به في الإحياء وصحَّحَه الروياني إذا أُمِنَ الافتتانُ). ((مغني المحتاج)) (2/57). ، وروايةٌ عن أحمد [9071] قال شمس الدين ابن قدامة: (أما زيارةُ القبورِ للنِّساءِ ففيها روايتان.. (والرواية الثانية) لا يُكْرَه). ((الشرح الكبير)) (2/427). ، واختاره القرطبيُّ [9072] وقيد الجواز بخروج النِّساء منفردات عن الرِّجالِ مع أمنِ الفتنةِ. ينظر: ((الجامع لأحكام القرآن)) (20/170). ، والشوكانيُّ [9073] بِشَرْطِ أمْنِ الفتنةِ وعَدَمِ تضييعِ حَقِّ الزَّوجِ، مع تَرْكِ التبرُّج والصِّياح ونحو ذلك. ينظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/135). . الأدلَّة من السُّنَّة:1- عن بُريدَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((نهَيْتُكم عن زيارَةِ القُبورِ فزُورُوها)) [9074] أخرجه مسلم (977). .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ السِّياقَ يدُلُّ على سَبْقِ النَّهْيِ ونَسخِه؛ فيدْخُلُ في عمومِه الرِّجالُ والنِّساءُ [9075] ((المغني)) لابن قدامة (2/425)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/427). .2- عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((زار النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قبرَ أمِّه فبَكى وأبكى مَن حَوْلَه، فقال: استأذَنْتُ ربِّي في أن أستَغْفِرَ لها، فَلَمْ يُؤْذَنْ لي، واستأذَنْتُه في أن أزورَ قَبرَها فأَذِنَ لي؛ فزُوروا القبورَ؛ فإنِّها تُذَكِّرُ الموتَ)) [9076] أخرجه مسلم (976). .وَجهُ الدَّلالةِ: أن تعليلَ الأمرِ بزيارَةِ القُبور ِلتَذَكُّرِ الآخِرَةِ، يَشْترِكُ فيه الرِّجالُ والنِّساءُ [9077] ((فتح الباري)) لابن حجر (3/149). .3- عن عبدِ اللهِ بنِ أبي مُلَيكةَ، ((أنَّ عائشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها أقبلَتْ ذاتَ يومٍ من المقابِرِ، فقُلْتُ لها: يا أمَّ المؤمنينَ مِن أينَ أقبَلْتِ؟ قالت: مِن قَبرِ أخي عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بكرٍ. فقلت لها: أليسَ كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن زيارَةِ القبورِ؟ قالت: نعم، كان نهى، ثُمَّ أَمَرَ بزيارَتِها)) [9078] أخرجه ابن ماجه (1570) مختصرا، وأبو يعْلَى (4871) باختلافٍ يسيرٍ، والحاكم (1392)، والبيهقي (7458).  قال البيهقيُّ: تفرَّدَ به بسطام بن مسلم البصري، وله ما يُقَوِّيه. وجوَّدَ إسنادَه الحافظُ العراقيُّ في ((تخريج الإحياء)) (5/242)، وصحَّحَه الألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (3/234)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1564).  .4- عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((ألَا أُحَدِّثُكم عنِّي وعن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قلنا: بلى.. الحديث، وفيه: قالت: قلْتُ: كيف أقولُ لهم يا رسولَ الله؟ قال: قولي: السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ من المؤمنينَ والمُسْلمينَ، ويَرْحَمُ اللهُ المُستَقدِمينَ مِنَّا والمُستَأخرينَ، وإنَّا إن شاءَ الله بكم لَلاحقونَ)) [9079] أخرجه مسلم (974). .وَجهُ الدَّلالةِ:  أنَّ تعليمَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لها هذا الدُّعاءَ يدُلُّ على جوازِ زيارَةِ النِّساءِ للمقابِرِ [9080] ((شرح النووي على مسلم)) (7/45)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/134). .5- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((مرَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: اتَّقي اللهَ واصبري. قالت: إليكَ عَنِّي؛ فإنكَ لم تُصَبْ بمُصيبتي- ولم تعرِفْهُ- فقيل لها: إنَّهُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأتت بابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلم تَجِدْ عندَه بوَّابِينَ، فقالت: لم أعرفْكَ، فقال: إنَّما الصبرُ عندَ الصَّدْمةِ الأُولى)) [9081] أخرجه البخاري (1283) ومسلم (926). . وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّه لم يُنْكِرْ عليها زيارَتها للقَبرِ [9082] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/134). .الفرع الثالث: حُكمُ زيارَةِ قَبرِ الكافِرِيجوزُ للمُسلمِ زيارَةُ قَبرِ الكافِرِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة [9083] ((المجموع)) للنووي (5/144). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/312). ، والحَنابِلَة [9084] ((الإقناع)) للحجاوي (1/237)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/150). ، وهو قولُ ابنِ حَزْمٍ [9085] ((المحلى)) لابن حزم (3/388). ، واختاره ابنُ تيميَّة [9086] ((الإخنائية أو الرد على الإخنائي)) لابن تيمية (ص: 61). ، وابنُ بازٍ [9087] ((مجموع فتاوى ابن باز)) لابن تيمية (5/348). ، وابنُ عثيمينَ [9088] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/383). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((استأذَنْتُ ربِّي أن أستغْفِرَ لأُمِّي فلم يأَذَنْ لي، واستأذَنْتُه أن أزورَ قَبرَها فأَذِنَ لي)) [9089] أخرجه مسلم (976). .ثانيًا: أنَّ علَّةَ تذكُّرِ الآخرَةِ حاصلةٌ بزيارَةِ قَبرِ الكافِرِ أيضًا [9090] ((مجموع الفتاوى)) (27/377). . انظر أيضا: تمهيدٌ: في أنواعِ زيارةِ القبورِ. المطلب الثاني: ما يُسَنُّ قولُه لِمَن زار القبورَ.

يُستَحَبُّ للزائِرِ أن يُسَلِّمَ على المقابِرِ، ويدعُوَ لمن يَزورُه، ولجميع أهلِ المقبرَةِ مِنَ المُسلمين، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [9091] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (1/228، 229). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/320). ، والمالِكيَّة [9092] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/50)، ((منح الجليل)) لعليش (1/506). ، والشَّافعيَّة [9093] ((المجموع)) للنووي (5/311)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/57). ، والحَنابِلَة [9094] ((الفروع)) لابن مفلح (3/413)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/151). .الأدلَّة من السُّنَّة:1- عن عائشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قالت: ((ألَا أُحَدِّثُكم عنِّي وعن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قلنا: بلى.. الحديث، وفيه: قالت: قلْتُ: كيف أقولُ لهم يا رسولَ الله؟ قال: قولي: السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ من المؤمنينَ والمُسْلمينَ، ويَرْحَمُ اللهُ المُستَقدِمينَ مِنَّا والمُستَأخِرينَ، وإنَّا إن شاءَ الله بكم لَلاحِقونَ)) [9095] أخرجه مسلم (974). .2- عن بُريدةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُهم إذا خرجوا إلى المقابِرِ، فكان قائِلُهم يقول: السَّلامُ عليكم أهْلَ الدِّيارِ من المؤمنينَ والمُسلمينَ، وإنَّا إنْ شاءَ الله لَلاحِقونَ، أسأَلُ الله لنا ولكم العافِيةَ)) [9096] أخرجه مسلم (975). . انظر أيضا: تمهيدٌ: في أنواعِ زيارةِ القبورِ. المطلب الأول: حُكمُ زيارةِ القبورِ.