الفرع الأول: رفْعُ القَبرِ على الأرضيُستحَبُّ رفْعُ القبرِ على الأرضِ قَدْرَ شِبْرٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [8796] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/246)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/209)، ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 405). ورَفعُه قَدرَ شِبرٍ قَولٌ عِندَهم، وقيل: يُرفَعُ قَدرَ أربعِ أصابِعَ. ينظر: ((النهر الفائق)) لابن نجيم (1/403). ، والمالِكيَّة [8797] ((الشرح الكبير)) للدردير (1/418)، ((منح الجليل)) لعليش (1/499). ، والشَّافعيَّة [8798] ((المجموع)) للنووي (5/296)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/353) ، والحَنابِلَة [8799] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/245)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/138). . الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُلْحِدَ، ونُصِبَ عليه اللَّبِنُ نَصْبًا، ورُفِعَ قَبرُه مِنَ الأرضِ نحوًا مِن شِبْرٍ)) [8800] أخرجه ابن حبان (6635)، والبيهقي (6983). حسن إسناده الألباني في ((أحكام الجنائز)) (195) وقال: وله شاهد، وأشار إلى تصحيحه ابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (14/87). .ثانيًا: ليُعرَفَ أنَّه قبرٌ فيُتَوقَّى ويُحتَرَمَ، ويُزارَ ويُتَرَحَّمَ على صاحِبِه [8801] ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/39)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/138). .الفرع الثاني: تسنيمُ القبرِتسنيمُ [8802] تسنيمُ القَبرِ: خلافُ تسطيحِه، وهو جَعْلُه كالسَّنَامِ، و(السَّنَامُ) كُتَلٌ من الشَّحْمِ مُحَدَّبةٌ على ظهرِ الْبَعِير والنَّاقَةِ. ((المطلع على ألفاظ المقنع)) للبعلي (ص: 152)، و ((المعجم الوسيط)) لمجموعة من المؤلفين (1/455). القبرِ أفضَلُ [8803] قال ابن حجر: (الاختلافُ في ذلك في أيِّهما أفضَلُ، لا في أصلِ الجوازِ). ((فتح الباري)) (3/257). مِن تسطيحِه [8804] تسطيحُ القبر: جَعْلُ أعلاه كالسَّطْحِ، وأصْلُ السَّطْحِ البَسْطُ. ينظر: ((المصباح المنير)) للفيومي (1/276). ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة [8805] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ)) (1/146)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/209) ، والمالِكيَّة [8806] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/228). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/129). ، والحَنابِلَة [8807] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/246)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/138). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة [8808] قال النووي: (تسطيحُ القبرِ وتَسنيمُه وأيُّهما أفضل: فيه وجهان.. الثاني: التسنيمُ أفضَلُ). ((المجموع)) (5/297). . الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّةعن أبي بكرِ بن عياشٍ عن سفيانَ التمَّارِ، أنَّه حدَّثَه: ((أنَّه رأى قبرَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُسَنَّمًا)) [8809] أخرجه البخاري (1390). . ثانيًا: لأنَّ التَّسطيحَ يُشبِه أبنيَةَ أهلِ الدُّنيا [8810] ((المغني)) لابن قدامة (2/377). .ثالثًا: لأنَّ التَّسطيحَ صار شِعارًا لأهلِ البِدَع [8811] ((المغني)) لابن قدامة (2/377). . انظر أيضا: المطلب الثاني: تعميقُ القَبرِ وتوسيعُه. المطلب الثالث: حُكمُ سَترِ قَبرِ المرأة.

الفرع الأول: تعميقُ القَبرِيُستحَبُّ أن يُعَمَّقَ القَبرُ [8812] واختلفوا في حَدِّ التعميقِ المستحَبِّ: فقال الحنفيَّةُ: وينبغي أن يكون مقدارُ عُمقِه إلى صَدْرِ رجُلٍ وسَط القامَةِ، وكلَّما زاد فهو أفضَلُ. ينظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/109). وقال الشافعيَّة: ويُستحَبُّ أن يكون عُمقُه قامةً وبَسطةً، ومعنى القامة والبَسْطة: أن يقِفَ فيه رجلٌ معتدِلُ القامَةِ ويرفَعَ يديه إلى فوق رأسِه ما أمكَنَه، وقدَّروا ذلك بأربعِ أذرُعٍ ونِصفٍ. ينظر: ((المجموع)) (5/287). وقال الحنابلة: يُستحَبُّ تعميقُ القبرِ وتوسِعَتُه من غيرِ حَدٍّ، على الصحيحِ من المذهَبِ. ينظر: ((الإنصاف)) (2/382) ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة [8813] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/208). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/193)، ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/109). ، والشَّافعيَّة [8814] ((المجموع)) للنووي (5/287)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/351). ، والحَنابِلَة [8815] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/382)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/133). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/371). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن هِشامِ بنِ عامرٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((شَكَوْنا إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ أُحُدٍ، فقلنا: يا رسولَ الله، الحَفْرُ علينا لكُلِّ إنسانٍ؛ شديدٌ! فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: احْفِروا وأَعْمِقوا وأَحْسِنوا، وادْفِنُوا الاثنينِ والثلاثةَ في قبرٍ واحدٍ)) [8816] أخرجه أبو داود (3215)، والترمذي (1713)، والنسائي (2010) واللفظ له، وابن ماجه (1560)، وأحمد (16296). قال الترمذي: حسن صحيح، واحتجَّ به ابنُ حزمٍ في ((المحلى)) (5/117)، وصحَّحه ابنُ عساكر في ((معجم الشيوخ)) (2/1031)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/295)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (2009). .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الأَمْرَ في قوله ((وأَعْمِقوا)) للاستحبابِ [8817] ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (3/1219). .ثانيًا: لأنَّ تعميقَ القبرِ أنفى لظهورِ الرائحَةِ التي تستضِرُّ بها الأحياءُ [8818] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/133). .ثالثًا: لأنَّ تعميقَ القبرِ أبعدُ لقدرةِ الوَحْشِ على نَبْشِه [8819] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/133). .الفرع الثاني: توسيعُ القبرِيُستحَبُّ توسيعُ القبرِ [8820] قال ابن القيم: (وكان مِن هَدْيِه: اللَّحْدُ، وتعميقُ القبرِ، وتوسيعُه مِن عند رأس المَيِّت ورِجْليه). ((زاد المعاد)) (1/502). وقال الشوكاني (وفيه مشروعيَّةُ التوصِيَةِ من الحاضرينَ للدَّفْنِ بتوسيعِ القَبرِ، وتفَقُّدِ ما يَحتاجُ إلى التفقُّدِ). ((نيل الأوطار)) (4/96). ؛ نصَّ عليه الشَّافعيَّة [8821] ((المجموع)) للنووي (5/287)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/351). ، والحَنابِلَة [8822]  ((الفروع)) لابن مفلح (3/374)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/133). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/371). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن عاصمِ بن كُلَيبٍ، عن أبيه، عن رجُلٍ من الأنصارِ، قال: خَرَجْنا مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في جِنازة، فرأيتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو على القبرِ يوصي الحافِرَ: ((أَوْسِعْ مِن قِبَلِ رِجْليهِ، أَوْسِعْ مِن قِبَلِ رأسِه)) [8823] أخرجه أبو داود (3332)، وأحمد (23465)، والدارقطني (4/285)، والبيهقي (11140).  صحح إسناده النووي في ((الخلاصة)) (2/1014)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/296)، وقال الزيلعي في ((نصب الراية)) (4/168): إسنادُه إسنادُ الصحيح إلَّا كليبًا لم يُخَرِّجا له، ووثَّقه ابن حبَّان وابن سعد، وصحَّحَ إسنادَه ابن حَجَرٍ في ((التلخيص الحبير)) (2/686)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3332)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1490). . انظر أيضا: المطلب الأوَّلُ: رفْعُ القَبرِ على الأرضِ وتسنيمُه. المطلب الثالث: حُكمُ سَترِ قَبرِ المرأة.