حملُ الجِنازة فرضُ كفايةٍ.الدليل من الإجماع:نقل الإجماعَ على ذلك النوويُّ [8415] قال النووي: (حمل الجِنازَة فرض كفاية ولا خلاف فيه). ((المجموع)) (5/270). ، وابن مُفلح [8416] قال ابنُ مُفلِح: (باب حمْل الجنائز، وهو فرضُ كِفايةٍ [إجماعًا]). ((الفروع وتصحيح الفروع)) (3/363). ، والمَرْداويُّ [8417] قال المَرداويُّ: (حمْله ودفنه: فرضُ كفايةٍ إجماعًا). ((الإنصاف)) (2/387). ، وابن حجر الهيتميُّ [8418] قال ابن حجر الهيتميُّ: («وتكفينُه والصَّلاة عليه» وحمْلُه، وكان سببُ عدَم ذِكره له- وإن ذَكَره غيره- أنَّه قد لا يجب بأن يُحفَر له عند محلِّه، ثم يُحرَّك لينزل فيه، (ودفنه) وما أُلحِق به كإلقائِه في البحر، وبناءِ دكَّة عليه على وجه الأرض بشَرْطهما الآتي (فروض كفاية) إجماعًا). ((تحفة المحتاج)) (3/98). ، والشربينيُّ [8419] قال الشِّربينيُّ: («وتَكفينه، والصَّلاة عليه» وحمْلُه «ودفنُه؛ فروضُ كفاية»؛ للإجماعِ على ما حكاه في أصل الرَّوضة، وللأمر به في الأخبار الصَّحيحة في غير الدَّفنِ). ((مغني المحتاج)) (1/332). . انظر أيضا: المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة. المطلب الخامس: حُكمُ حَمْلِ المَيِّتِ بالدابَّة ونحوها.

يُسَنُّ اتِّباعُ الجِنازة للرِّجالِ، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنفيَّة [8420] ((حاشية ابن عابدين)) (2/239). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/310)، ((الدر المختار)) للحصكفي (2/239). ، والمالكية [8421] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/427). ويُنظر: ((إرشاد السالك إلى أشرف المسالك)) (1/139)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). والشَّافعيَّة [8422] ((المجموع)) للنووي (5/277). ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (3/89). ، والحَنابِلَة [8423] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/381)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/128). ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ [8424] قال النووي: (قال الشافعي والأصحاب: يُستحَبُّ للرِّجالِ اتِّباعُ الجِنازَة حتى تُدفَن، وهذا مُجمَعٌ عليه؛ للأحاديثِ الصَّحيحة فيه) ((المجموع)) (5/277). . الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((أمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ، ونَهانا عن سبعٍ: أمَرَنا بعيادَةِ المَريضِ، واتِّباعِ الجِنازة، وتَشْميتِ العاطِسِ، وإجابَةِ الدَّاعي، ورَدِّ السَّلامِ، ونَصْرِ المَظْلومِ، وإبْرارِ المُقْسِمِ...)) [8425] رواه البخاري (6222)، ومسلم (2066). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة. المطلب الخامس: حُكمُ حَمْلِ المَيِّتِ بالدابَّة ونحوها.

اختلف أهلُ العلم في حُكْم تشييعِ المرأةِ للجِنازة على أقوالٍ؛ أقواها قولان:القول الأول: يُكْرَه للمرأةِ اتِّباعُ الجِنازة، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة [8426] ((المجموع)) (5/277)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/116). ، والحَنابِلَة [8427] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/129). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/356). ، وقولُ بَعضِ السَّلَف [8428] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/420). . الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((نُهِينَا عن اتِّباعِ الجنائِزِ، ولم يُعْزَمْ علينا)) [8429] أخرجه البخاري (1278) واللفظ له، ومسلم (938). .وَجهُ الدَّلالةِ:قولها: (وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنا) معناه نُهِينا نَهْيًا غيرَ مُحَتَّمٍ، وهو محمولٌ على كراهَةِ التَّنزيهِ [8430] ((المجموع)) (6/277). قال ابن حجر في معنى ((لم يعزم علينا)): (أي: لم يُؤَكِّدْ علينا في المنْعِ كما أكَّد علينا في غيرِه مِن المنهيَّاتِ؛ فكأنَّها قالتْ: كَرِه لنا اتِّباعَ الجنائِزِ مِن غيرِ تَحريمٍ) ((فتح الباري)) لابن حجر (3/145). .القول الثاني: يَحْرُم عليهِنَّ اتِّباعُ الجِنازة، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة [8431] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 402). ويُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (2/232). ، وهو قولُ ابنِ بازٍ [8432] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/344). ، وابنِ عُثيمين [8433] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/330). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((نُهِينَا عن اتِّباع الجنائِزِ، ولم يُعْزَمْ عَلَيْنا)) [8434] أخرجه البخاري (1278) واللفظ له، ومسلم (938). .وَجهُ الدَّلالةِ:النَّهْيُ في الحديث للتَّحريمِ؛ لأنَّ الأَصْلَ في النَّهيِ التَّحريمُ [8435] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/344). .ثانيًا: لِمَا يُخْشَى في ذلك من الفتنة لهنَّ وبِهِنَّ، وقلة صَبْرِهن [8436] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/344). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/330). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة. المطلب الخامس: حُكمُ حَمْلِ المَيِّتِ بالدابَّة ونحوها.

اتفَّقَتِ المذاهِبُ الفقهيَّةُ الأربعةُ: الحَنفيَّة [8437] ((البناية)) للعيني (3/255). ويُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/109). ، والمالِكيَّة [8438] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/227). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). ، والشَّافعيَّة [8439] ((المجموع)) للنووي (5/271)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/359). ، والحَنابِلَة [8440] ((الإقناع)) للحجاوي (1/229)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/126). على استحبابِ تغطيةِ [8441] لا يُشْرَع تغطيةُ المَيِّت بغطاءٍ مكتوبٍ عليه آياتٌ من القرآنِ كآيةِ الكُرْسِيِّ، أو غيرها؛ فليس لذلك أصْلٌ، وهو في الحقيقة امتهانٌ لكلامِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، بجعْلِه غطاءً يَتَغَطَّى به الميِّتُ، وهو ليس بنافعٍ المَيِّتَ بشيءٍ. ينظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/168). نَعْشِ المرأة [8442] قال ابن عثيمين: (أمَّا الرجُلُ فلا يُسَنُّ فيه هذا، بل يبقى كما هو عليه؛ لأنَّه فيه فائدة، وهي: قوَّةُ الاتِّعاظ إذا شاهده مَن كان معه بالأمسِ جُثَّةً على هذا السَّريرِ، وإن سُتِرَ بعباءةٍ كما هو معمولٌ به عندنا فلا بأس). ((الشرح الممتع)) (5/357). وعند المالكيَّة لا بأس بسَتْرِ النَّعْشِ للرجُلِ. ينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/34)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). ونصَّ الحنابلة على سُنِّيَّة تغطية النعش مبالغةً في ستر الميت. ينظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/357)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/108). بالمكبَّةِ [8443] قال ابن عثيمين: (والمكبة مثل الخيمة؛ أعوادٌ مُقَوَّسةٌ تُوضَعُ على النَّعشِ، ويوضَع عليها سِترٌ). ((الشرح الممتع)) (5/356). ؛ وذلك لتُسْتَرَ عن أَعْيُنِ النَّاسِ [8444] ((المجموع)) للنووي (5/271). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الخامس: حُكمُ حَمْلِ المَيِّتِ بالدابَّة ونحوها.

لا بَأْسَ بحَملِ المَيِّت على دابَّةٍ لغَرَضٍ صحيحٍ [8445] قال ابن عثيمين: (الأفضلُ حَمْلُها على الأكتافِ؛ لِمَا في ذلك من المباشَرَةِ بحمل الجِنازَة؛ ولأنَّه إذا مرَّتِ الجِنازَةُ بالنَّاس في الأسواقِ عرفوا أنَّها جِنازَة ودَعَوْا لها، ولأنَّه أبعَدُ عن الفَخْر والأبَّهة، إلَّا أن يكون هناك حاجةٌ، أو ضرورة؛ فلا بأسَ أن تُحْمَلَ على السيَّارة، مثل: أن تكون أوقاتَ أمطارٍ، أو حرٍّ شديدٍ، أو برد شديدٍ، أو قلَّة المشَيِّعين). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/166). كبُعْدِ قَبرِه ونحوه؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة [8446] ((مراقي الفلاح) للشرنبلالي (ص: 223)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 399). ، والمالِكيَّة [8447] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/227). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/465)، ((الشامل في فقه الإمام مالك)) للدمياطي (1/161). ، والحَنابِلَة [8448] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/368)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/127). ؛ وذلك للحاجَةِ [8449] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/166). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.

تُحْمَلُ الجِنازة كيفما تيَسَّرَ، سواءٌ كان حَمْلُها بالتَّربيعِ [8450] التربيع: هو الأخذ بجوانبِ السَّريرِ الأربعِ. ((المغني)) لابن قدامة (2/357). أو بينَ عمودينِ، وهذا مذهَبُ المالِكيَّة [8451] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/235). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/132)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزى (1/64، 65). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة [8452] قال النووي: ( (والثالث) هما سواءٌ في الفضيلة؛ حكاه الرافعي رحمه الله). ((المجموع)) (5/270). ، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ [8453] ((المجموع)) للنووي (5/270). ، واختاره ابنُ عُثَيمينَ [8454] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/356) .الأدلَّة من الآثارِ:1- عن أبي الدرداء: (من تمامِ أَجْرِ الجِنازة أن تُشَيِّعَها من أهلِها، وأن تَحْمِلَ بأركانِها الأربعة، وأن تَحْثُوَ في القَبرِ) [8455] أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (11283)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (3192)، وجَوَّدَ إسنادَه ابنُ المُلَقِّن في ((البدر المنير)) (5/224 ). .2- عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قال: (رأيتُ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه في جِنازة عبد الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قائمًا بين العَمودينِ المُقَدَّمينِ، واضعًا السَّريرَ على كاهِلِه) [8456] أخرجه الشافعي في ((الأم)) (2/603)، والبيهقي (7083). قال النووي في ((خلاصة الأحكام)) (2/994)، و ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/222): إسناده على شرط الصحيحين. . وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ كِلا الأمرينِ قد ورد عن الصَّحابةِ؛ ممَّا يدلُّ على جوازِهما. انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.

الفرع الأول: مكانُ المُشاةِ المُتَّبعينَ للجِنازةاختلف أهلُ العِلمِ في الأفضل لِمَنْ تَبِعَ الجِنازة من المُشاة: هل يكون أمامَها أو خَلْفَها؛ على ثلاثةِ أقوال:القول الأول: الأفضلُ لِمَن تَبِعَ الجِنازة من المُشاةِ أن يكون أمامَها، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة [8457] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/227). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). ، والشَّافعيَّة [8458] ((المجموع)) للنووي (5/279)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/340). ، والحَنابِلَة [8459] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/129)، ((المغني)) لابن قدامة (2/354). إلَّا أنَّ عند الحنابلةِ لا يُكْرَه أن يمشِيَ مُتَّبِعو الجنائِزِ حيث شاؤوا عن يمينِها أو يسارِها. ، وهو قولُ بعضِ السَّلَف [8460] ((المجموع)) للنووي (5/279). ، وقال به أكثرُ أهلِ العلمِ، وكان يفعَلُه أكثرُ الصَّحابةِ [8461] ((معالم السنن)) للخطابي (1/307). ، وحُكي فيه إجماعُهم [8462] قال أبو الوليد الباجي: (قولُه: إنَّه رأى عمر بن الخطاب يَقْدُمُ النَّاسَ أمام الجِنازَة على نحو ما ذكرناه من رواية ابن شهاب، وزاد في هذا أنَّه بين أنَّه مِمَّا كان يأمر به ويأخُذُ النَّاس بالتزامِه والعمل به، وقد فعل ذلك عمرُ بحضرة الصَّحابة لا سيما في مثل جِنازَة زينبَ بنتِ جَحشٍ زوجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإنَّه لا يتخلَّفُ عنها أحدٌ إلا لعُذرٍ، ثم لم يَثْبُتْ في ذلك إنكارٌ من أحد، فثبت أنَّه إجماع). ((المنتقى شرح الموطأ)) (2/9). ؛ وذلك لأنَّه شفيعٌ، وحَقُّ الشَّفيعِ أن يتقَدَّم [8463] ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/311). .القول الثاني: أنَّ الأفضلَ لِمَنْ تَبِعَ الجِنازة مِنَ المشاةِ أن يمشي خَلْفَها، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة [8464] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ)) (1/244)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 605). ، وقولٌ عند المالِكيَّة [8465] ((الذخيرة)) للقرافي (2/465). ، وقال به بعضُ السَّلَفِ [8466] ((المجموع)) للنووي (5/279). ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ [8467] ((المحلى)) لابن حزم (3/393). . الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن البَراءِ بنِ عازب رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أَمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسَبْعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أمَرَنا باتِّباعِ الجَنائِز..)) [8468] أخرجه البخاري (1239) واللفظ له، ومسلم (2066). .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ لَفْظَ الاتِّباعِ لا يقَعُ إلَّا على التَّالي، ولا يُسَمَّى المتقدِّمُ تابعًا، بل هو متبوعٌ [8469] ((المحلى)) لابن حزم (3/393). . ثانيًا: من الآثارعن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، قال: (المَشيُ خَلْفَها أفضَلُ من المَشْيِ أمامَها؛ كفضلِ صلاةِ الرَّجُلِ في جماعةٍ على صلاتِه فذًّا) [8470] أخرجه ابن أبي شيبة (11239)، وأحمد (754)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2761)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6868). صححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/482)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (3/219): إسناده حسن، وهو موقوف له حكم المرفوع. وقال الألباني في ((أحكام الجنائز)) (96): (رُوِيَ من طريقينِ يتقَوَّى أحدهما بالطريق الآخر). .ثالثًا: لأنَّها متبوعةٌ؛ فيجب أن تُقَدَّمَ كالإمامِ في الصَّلاة [8471] ((المغني)) لابن قدامة (2/354). .القول الثالث: الماشي المتقدِّمُ على الجِنازة والمتأخِّرُ عنها، كلاهما سواءٌ، وهو قولٌ عند الحَنابِلَة [8472] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/379). ، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ [8473] ((طرح التثريب)) للعراقي (3/263). ، واختاره الطبريُّ [8474] ((التمهيد)) لابن عبد البر (12/97). ، والشوكانيُّ [8475] ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/140). ، وابنُ عثيمينَ [8476] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/171). ؛ وذلك لأنَّ فيه توسعةً على المُشَيِّعين، وهو يوافِقُ سُنَّةَ الإسراعِ بالجِنازة، وأنَّهم لا يلزمونَ مكانًا واحدًا يَمشونَ فيه؛ لئلَّا يَشُقَّ عليهم [8477] ((سبل السلام)) للصنعاني (2/108). . الفرع الثاني: الرُّكوبُ عند التَّشييعِالمسألة الأولى: حُكمُ الرُّكوبِ عند التَّشييعِ يُكْرَه الرُّكوبُ في حالِ تشييعِ الجِنازة، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة [8478] ((التاج والإكليل)) لابن المواق (2/227). ويُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/9). ، والشَّافعيَّة [8479] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/359). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/311)، الشافعية قالوا: لا بَأْسَ بالركوبِ في الرُّجوعِ من الجِنازَة، ولا يُكرَه. ، والحَنابِلَة [8480]  ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/369)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/129). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/355). ، وقالت به طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ [8481] ((مصنف ابن أبي شيبة)) (11257، 11259)، ((الأوسط)) لابن المنذر (3028، 3029). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن جابرِ بنِ سَمُرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أُتِيَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بفَرَسٍ مُعْرَوْرًى [8482] أيْ: لا سَرْجَ عليه ولا غَيْرَه. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/225). ، فرَكِبَه حين انصرف من جِنازة ابنِ الدَّحداحِ، ونحن نمشي حولَه)) [8483] أخرجه مسلم (965). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رَكِبَ حين انصرَفَ مِن جِنازة؛ فدَلَّ على إباحةِ الرُّكوبِ في الرُّجوعِ مِنَ الجِنازة، لا الذَّهابِ معها [8484] ((شرح النووي على مسلم)) (7/33). . عن ثوبانَ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أُتِيَ بدابَّةٍ وهو مع الجِنازة فأبى أن يَرْكَبَها، فلمَّا انصرف أُتِيَ بدابَّةٍ فَرَكِبَ، فقيل له، فقال: إنَّ الملائكةَ كانت تَمْشي، فلم أكُنْ لِأَرْكَبَ وهم يَمشونَ، فلمَّا ذهبوا رَكِبْتُ)) [8485] أخرجه أبو داود (3177)، والحاكم في المستدرك (1314)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6854). قال الحاكم في ((المستدرك)) (1314): صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (97)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (4/117): رجال إسناده رجال الصحيح، وصححه أيضًا الألباني على شرط الشيخين في ((التعليقات الرضية)) (1/458). .ثانيًا: لأنَّ المَشْيَ في الجِنازة أقربُ إلى الخُشوعِ، وأليَقُ بحالِ الشَّفيعِ [8486] ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/176). .ثالثًا: أنَّ المَشْيَ مع الجِنازة فِعْلُ بِرٍّ، وموضِعُ تواضُعٍ [8487] ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/9). .المسألة الثانية: موضِعُ الرُّكبانِ من الجِنازةالأفضلُ لِمَنْ تَبِعَ الجِنازة راكبًا أن يكون خَلْفَها، وهو مذهَبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة [8488] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 401)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/233). ، والمالِكيَّة [8489] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/227). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). ، والحَنابِلَة [8490] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/129). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/355). إلَّا أنَّ الحنابلة قالوا: لا يُكْرَه أن يمشِيَ مُتَّبِعو الجنائز حيث شاؤوا؛ عن يمينها أو يسارها. ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ [8491] ((المحلى)) لابن حزم (3/393). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة عن البراءِ بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أَمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أَمَرَنا باتِّباعِ الجَنائِز..)) [8492] أخرجه البخاري (1239) واللفظ له، ومسلم (2066). .وَجهُ الدَّلالةِ: لفظ الاتِّباع لا يقَعُ إلا على التالي، ولا يُسَمَّى المتقدِّمُ تابعًا، بل هو متبوعٌ [8493] ((المحلى)) لابن حزم (3/393). .ثانيًا: لأنَّه بِسَيْرِ الرَّاكِبِ أمامَها يتضرَّرُ النَّاسُ بإثارةِ الغُبارِ [8494] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 401). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.

يُسْتَحَبُّ الإسراعُ [8495] قال النووي: (المرادُ بالإسراعِ: فوق المشيِ المُعتادِ ودون الخَبَبِ). ((المجموع)) (5/271). بالجِنازة، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [8496] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/206)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/232). ، والمالِكيَّة [8497] ((منح الجليل)) لعليش (1/497). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/457)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/678). ، والشَّافعيَّة [8498] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/340). ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (3/89). ، والحَنابِلَة [8499] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/128). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/352). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [8500] قال ابنُ قُدامَة: (لا خلافَ بين الأئمَّة- رحمهم الله- في استحبابِ الإسراع بالجِنازة، وبه وَرَدَ النصُّ). ((المغني)) (2/352). قال النووي: (اتَّفقَ العُلماءُ على استحبابِ الإسراعِ بالجِنازَة، إلَّا أن يُخافَ من الإسراعِ انفجارُ المَيِّت أو تغيُّره ونحوه؛ فيُتَأَنَّى). ((المجموع)) (5/271). وخالف ابن حزم وقال بوجوبِ الإسراعِ، قال ابنُ حزم: (يجب الإسراعُ بالجِنازة). ((المحلى)) (3/381). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أَسْرِعوا بالجِنازة؛ فإنْ تَكُ صالحةً فخَيْرٌ تُقَدِّمونَها، وإن يَكُ سِوَى ذلك، فشَرٌّ تَضعونَه عن رِقابِكم)) [8501] أخرجه البخاري (1315) واللفظ له، ومسلم (944). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.

اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ جُلوس المُشَيِّعينَ قبل وَضعِ الجِنازة، على قولين: القول الأول: لا يُكْرَهُ الجُلوسُ قبل وَضْعِ الجِنازة، وهو مذهَبُ المالِكيَّة [8502] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/235). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/133). ، والشَّافعيَّة [8503] ((المجموع)) للنووي (5/280). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/312). الشافعية قالوا: هو بالخيار؛ إن شاء قام حتى تُوضَع الجِنازَةُ، وإن شاء قَعَدَ. ، وروايةٌ عن أحمَدَ [8504] ((الفروع)) لابن مفلح (3/368). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنه قال فِي شَأنِ الجنائِزِ: ((إِنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قامَ، ثُمَّ قَعَدَ)) [8505] أخرجه مسلم (962). .وَجهُ الدَّلالةِ:أن قوله: ((قَامَ، ثُمَّ قَعَدَ)) دلَّ على أنَّ القيامَ منسوخٌ بالقُعودِ [8506] ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) لابن الملقن (9/587)، وينظر أيضًا: ((المجموع)) للنووي (5/280). . القول الثاني: لا يُشرَع الجلوسُ لِمَن تَبِع الجِنازة حتى توضَعَ بالأرض للدَّفْنِ، وهو مَذهَب الحَنفيَّة [8507] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/244)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 224). ، والحَنابِلَة [8508] ((الفروع)) لابن مفلح (3/368)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/129). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/358). ، وقولُ بعضِ السَّلَف [8509] ((المغني)) لابن قدامة (2/358)، وينظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/60). ، واختاره ابنُ المُنذر [8510] ((الإقناع)) لابن المنذر (1/156). ، وابنُ القَيِّم [8511] ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/499). ، والشوكانيُّ [8512] ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/143). ، وابنُ بازٍ [8513] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/178). ، وابنُ عثيمينَ [8514] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/359). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أبي سعيدٍ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا اتَّبَعْتم جِنازة، فلا تجلسوا حتى تُوضَعَ)) [8515] أخرجه البخاري (1310)، ومسلم (959). .ثانيًا: لأنَّه قد تقع الحاجةُ إلى التعاوُنِ، والقيامُ أَمْكَنُ منه [8516] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/135). .ثالثًا: لأنَّ المعقولَ مِن نَدْبِ الشَّرْعِ لحضورِ دَفْنِه إكرامُ المَيِّتِ، وفي جُلوسِهم قبل وَضْعِه ازدراءٌ به، وعدمُ التفاتٍ إليه [8517] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/135). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.

اختلف أهلُ العلم في حُكْم ِالقِيامِ للجِنازة إذا مَرَّت به؛ على قولين:القول الأول: يُكره القيامُ للجِنازة [8518] قال الشوكاني: (القيام للجِنازَة إذا مَرَّتْ أمرٌ منسوخٌ.. قال القاضي عِياض: ذهب جميعُ السَّلفِ إلى أنَّ الأمر منسوخٌ بحديث عليٍّ). ((الدراري المضية)) (1/143). إذا مَرَّت به، ولم يُرِدِ الذَّهابَ معها، باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة [8519] قال النوويُّ: (قال الشافعيُّ وأصحابُنا: وإذا مَرَّتْ به جِنازَة ولم يُرِدِ الذَّهابَ معها لم يَقُمْ لها، بل نَصَّ أكثرُ أصحابنا على كراهة القيام، ونَقَلَ المحامليُّ إجماعَ الفقهاء عليه). ((روضة الطالبين)) (2/116). : الحَنفيَّة [8520] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق)) للزيلعي (1/244)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 224). نصَّ الحنفيَّةُ على عدمِ القيامِ لها، دونَ التَّصريحِ بالكَراهةِ.   ، والمالكية [8521]  (مواهب الجليل)) للحطاب (3/58)،  ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/424). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/139). ، والشَّافعيَّة [8522] ((المجموع)) للنووي (5/280)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/20). ، والحَنابِلَة [8523]  ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/130). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/357). ، وهو قول طائفةٍ مِنَ السَّلَف [8524] ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/60). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، أنه قال: ((قام رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قعَدَ)) [8525] أخرجه مسلم (962). .وَجهُ الدَّلالةِ:أن آخِرَ الأمرينِ من رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم تَرْكُ القيامِ لها، والأخذُ بالآخِرِ مِن أَمْرِه أَوْلى [8526] ((المغني)) لابن قدامة (2/358) . القول الثاني: يُستحَبُّ القيامُ للجِنازة إذا مَرَّت به، وهو قولُ بعض الشَّافعيَّة، واختاره النوويُّ [8527] ((المجموع)) للنووي (5/280). ، وهو روايةٌ عن أحمدَ [8528] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/380)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/242). ، وقولُ بعض السَّلَفِ [8529] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/425، 427)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/60)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3 /179). ، واختاره ابنُ تيميَّةَ [8530] ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/361). وابنُ القيِّم [8531] ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/502). ، وابنُ باز [8532] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/187، 188). ، وابنُ عُثيمين [8533] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/11). .الأدلَّة من السُّنَّة:1- عن عامِر بنِ ربيعةَ رَضِيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((إذا رأى أحدُكم الجِنازة، فإن لم يكُنْ ماشيًا معها، فلْيَقمْ حتى تُخَلِّفَه، أو توضَعَ مِن قَبلِ أن تُخَلِّفَه)) [8534] أخرجه البخاري (1308)، ومسلم (958). .2- عن ابنِ أبي ليلى ((أنَّ قيسَ بنَ سَعدٍ، وسهلَ بنَ حُنيفٍ رَضِيَ الله عنهما، كانا بالقادسيَّة فمَرَّت بهما جِنازة فقاما، فقيل لهما: إنَّها مِن أهْلِ الأرضِ، فقالا: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّتْ به جِنازة، فقام؛ فقيل: إنَّه يهوديٌّ، فقال: ألَيْسَتْ نَفْسًا)) [8535] أخرجه البخاري (1312)، ومسلم (961). .3- عن جابِرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ الله عنه، قال: ((مرَّتْ جنازة، فقام لها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقُمْنا معه، فقلنا: يا رسولَ الله، إنَّها يهوديَّةٌ، فقال: إنَّ المَوتَ فَزَعٌ؛ فإذا رأيتُم الجِنازة فقُوموا)) [8536] أخرجه البخاري (1311)، مسلم (960) واللفظ له. . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.

لا يُشرَعُ رفعُ الصَّوتِ [8537] رفعُ الصَّوتِ بقراءةِ قرآنِ أو ذكرٍ أثناءَ تشييعِ الجنازةِ بدعةٌ، ومن صورِ هذه البدعةِ رفعُ الصَّوتِ بالتهليلِ، وما شابهَ ذلك مِن أذكارٍ بصوتٍ جماعيٍّ، ومنه قولُهم: (وحِّدوه) أو (اذكروا الله) أوقراءةُ بعضِ القصائدِ كالبُردةِ، أو الدعاءُ للميتِ برفعِ الصَّوتِ عندَ الدَّفنِ، وذكَر بعضُ أهلِ العلمِ أنَّ في رفعِ الصَّوتِ- إضافةً إلى كونِه بدعةً- تشبُّهًا بالنَّصارى؛ فإنَّهم يرفعونَ أصواتَهم بشيءٍ مِن أناجيلِهم وأذكارِهم مع التمطيطِ والتلحينِ والتحزينِ، وأقبحُ مِن ذلك تشييعُها بالعَزفِ على الآلاتِ الموسيقيَّةِ أمامَها عزفًا حزينًا، كما يُفعَلُ في بعضِ البلادِ الإسلاميَّة تقليدًا للكفَّار. ينظر: ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (9 /20)، ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (14/62)، ((فتاوى نور على الدرب)) للعثيمين (6/108)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/171)، ((أحكام الجنائز)) للألباني (ص: 71). بقراءةٍ أو ذِكْرٍ في السَّيرِ بالجِنازة ومعها، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [8538]  ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/207). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/310). ، والمالِكيَّة [8539] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/238). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/136،137). ، والشَّافعيَّة [8540] ((المجموع)) للنووي (5/321)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/48)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/23). ، والحَنابِلَة [8541] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/370)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/130). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/355). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [8542] قال ابن تيميَّةَ: (لا يُستَحَبُّ رَفْعُ الصَّوتِ مع الجِنازَة؛ لا بقراءةٍ ولا ذِكْرٍ ولا غيرِ ذلك؛ هذا مذهَبُ الأئمَّة الأربعة، وهو المأثورُ عَنِ السَّلَف من الصَّحابة والتابعين، ولا أعلَمُ فيه مخالِفًا). ((مجموع الفتاوى)) (24/294). وقال أيضًا: (ويُكرَه رَفْعُ الصَّوتِ مع الجِنازَة، ولو بالقراءةِ؛ اتِّفاقًا). ((الفتاوى الكبرى)) (5/361). وقال: (كان المَيِّتُ على عهدِ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يخرُجُ به الرِّجالُ يحملونَه إلى المقبرةِ، لا يُسْرِعون ولا يُبْطئونَ، بل عليهم السَّكينةُ، لا نساءَ معهم، ولا يَرفعونَ أصواتَهم، لا بقراءةٍ ولا غيرِها، وهذه هي السُّنَّة باتِّفاقِ المسلمين). ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/146). وهناك قولٌ عند الحنفية وغيرِهم بِحُرْمَةِ هذا الفِعلِ، وليس مجرَّد الكراهة، قال الطحطاوي: (قوله ( ويُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوت) قيل: يكرهُ تحريمًا؛ كما في القهستاني عن القنية، وفي الشرح عن الظهيرية). ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 401). قال ابن مُفْلِح: (ويُكْرَه رفعُ الصَّوتِ ولو بالقراءةِ؛ اتِّفاقًا، قاله شيخنا، وحرَّمَه جماعةٌ من الحنفية وغَيْرِهم). ((الفروع)) (3/369) . الأدلة:أوَّلًا: مِنَ الآثارقال قيسُ بنُ عبَّاد- وهو من أكابِرِ التَّابعين من أصحابِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه-: (كانوا يَسْتَحبُّون خَفْضَ الصَّوتِ عند الجنائِزِ، وعند الذِّكْرِ، وعِندَ القِتالِ) [8543] أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (247)، وابن أبي شيبة (11201)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (3034)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (18466). قال ابن حجر كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (4/184): موقوف صحيح، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (6/88): رجاله رجالُ الصحيح، وقال الألباني في ((أحكام الجنائز)) (ص 92): إسناده رجاله ثقات. . ثانيًا: اتَّفَقَ أهلُ العلمِ بالحَديثِ والآثارِ أنَّ هذا لم يكن على عَهْدِ القُرونِ الثلاثةِ المُفَضَّلةِ [8544] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/294). .ثالثًا: أنَّ عدمَ رفعِ صوتٍ بقراءةٍ ولا ذِكرِ ولا غيرِهما، أسكنُ للخاطرِ، وأجمعُ للفِكرِ فيما يتعلَّق بالجِنازةِ [8545] ((الأذكار)) للنووي (ص: 160). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.

اختلفَ أَهلُ العِلْمِ في حُكْمِ تَشييعِ الجِنازة إذا كان معها مُنْكَرٌ على قولينِ:القول الأول: يَحْرُمُ أن يَتْبَعَها مع مُنْكَرٍ، وهو عاجزٌ عن إزالتِه، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة [8546] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/241)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/130). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/357). ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمَةُ [8547] ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (7/308). ؛ وذلك لأنَّه يؤدِّي إلى استماعِ محظورٍ ورؤيَتِه؛ مع قُدرَتِه على تَرْكِ ذلك [8548] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/131). .القول الثاني: يَتْبَعُها ويُنْكِرُه بِحَسَبِه، وهو مذهَبُ الحَنفيَّةِ [8549] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 224)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/232)، ((البناية)) للعيني (12/86). ، وروايةٌ عن أحمَدَ [8550] قال البهوتي: ((ويَحْرُم أن يَتْبَعها مع مُنكَرٍ وهو عاجزٌ عن إزالَتِه... وعنه: يَتْبَعُها ويُنكِرُه بِحَسَبِه). ((كشاف القناع)) (2/130-131)، وينظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/241). ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة [8551] قال ابن تيمية: (وأما الجِنازَة التي فيها مُنكَر؛ مثل أن يُحمَلَ قُدَّامَها أو وراءَها الخُبزُ والغَنَمُ أو غير ذلك من البِدَع الفعليَّة أو القولية... فهل له أن يمتَنِعَ من تشييعِها؟ على قولين هما روايتانِ عن أحمد. والصحيحُ أنَّه يُشَيِّعُها؛ لأنَّه حقٌّ للميِّتِ، فلا يسقُطُ بفِعْل غيرِه، ويُنكِر المنكَرَ بِحَسَبِه). ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/145)، وينظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/361). ؛ وذلك لأنَّ الحَقَّ في الجِنازة للمَيِّتِ، فلا يُتْرَك حَقُّه؛ لِمَا فَعَلَه الحَيُّ من المُنْكَرِ [8552] ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/145)، وينظر: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/361). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ . المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة. المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة. المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.