صَلاةُ الجِنازةِ لها تحريمٌ، وتكبيرٌ، وتحليلٌ، ويُستقبَلُ فيها القِبلةُ، ويُشرَعُ أن تُصلَّى بإمامٍ وصفوفٍ، ويُمنَعُ المصلِّي فيها من الكَلامِ.الدَّليل من الإجماع:نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ [8232] قال ابنُ عبد البرِّ: (أجمَعوا على التَّكبير فيها، واستقبالِ القِبلةِ بها). ((الاستذكار)) (3/43). ، وابنُ تيميَّةَ [8233] قال ابنُ تيميَّة: (صلاة الجِنازة، فإنَّ لها تحريمًا وتحليلًا، ونُهِيَ فيها عن الكلام، وتُصلَّى بإمامٍ وصفوف، وهذا كلُّه متَّفَقٌ عليه). ((مجموع الفتاوى)) (26/194). ، وابنُ حجرٍ [8234] قال ابنُ حَجر: (قوله سمَّاها صلاة، أي: يُشتَرَط فيها ما يُشتَرَط في الصلاة، وإنْ لم يكن فيها ركوعٌ ولا سجودٌ، فإنَّه لا يُتكلَّم فيها، ويُكبَّر فيها، ويُسلَّم منها بالاتِّفاق). ((فتح الباري)) (3/190). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة. المطلب الرَّابع: عددُ التكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة..

الفرع الأوَّل: حُكمُ النيَّةِ في صلاةِ الجِنازةلا تصحُّ صلاةُ الجِنازة بغيرِ نيَّة، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة [8235] ((حاشية ابن عابدين)) (1/437). ويُنظر: ((درر الحكام)) للملا خسرو (1/63)، ، والمالِكيَّة [8236] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/213)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/117). ، والشافعيَّة [8237] ((المجموع)) للنووي (5/229)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/340) ، والحَنابِلَة [8238] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/113). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/367). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن عُمرَ بن الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ)) [8239] أخرجه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907) .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ كلمةَ ((إنَّما)) تُثبتُ الشيءَ، وتَنفي ما عَداه؛ فدلَّتْ على أنَّ العبادةَ إذا صحِبتْها النيةُ صحَّت، وإذا لم تَصحَبْها لم تصحَّ [8240] ((عمدة القاري)) للعيني (1/78). .ثانيًا: لأنَّها صلاةٌ؛ فوجبَتْ لها النيَّةُ كسائرِ الصَّلواتِ [8241] ((البيان في مَذهَب الإمام الشافعي)) للعمراني (3/63). .الفرع الثَّاني: حُكمُ تَعْيينِ الميتِلا يجِبُ تعيينُ الميِّتِ [8242] تعيينُ الشيء تخصيصه من الجملة. ينظر: ((الصحاح)) للجوهري (6/2171). ((المصباح المنير)) للفيومي (2/440). ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة [8243] ((منح الجليل)) لعليش (1/484). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/118)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/553). ، والشافعيَّة [8244] ((المجموع)) للنووي (5/230)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/341)؛ نصَّ الشافعيَّةُ على أنَّ الغائب يجِبُ تعيينُه. ينظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/341). ، والحَنابِلَة [8245] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/369)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/113). ؛ وذلك لعدمِ توقُّفِ المقصودِ على ذلِك [8246] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/118). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة. المطلب الرَّابع: عددُ التكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة..

الفرع الأوَّل: مكانُ الجِنازة وحُكمُ الصَّلاةِ قُدَّامَهايُشترَطُ أنْ يكونَ الميِّتُ بين يدَيِ الإمامِ، وتبطُلُ صلاةُ مَن تَقدَّم عليه، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة [8247] ((المبسوط)) للسرخسي (1/76). ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 383). ويُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (2/208). ، والشافعيَّة [8248] ((المجموع)) للنووي (5/228)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/360). ، والحَنابِلَة [8249] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/363، 368)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/117)، ((الإقناع)) للحجاوي (1/226)، وفيه: (وجميع ما يُشترط لمكتوبة مع حضور الميِّت بين يديه قبل الدَّفن، إلَّا الوقت، فلا تصحُّ على جِنازَةٍ محمولة؛ لأنَّها كإمام). وينظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/363). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي غالبٍ، قال: ((رأيتُ أنسَ بنَ مالكٍ صلَّى على جِنازة رجُلٍ، فقامَ حِيالَ رأسِه، فجيءَ بجِنازة أخرى؛ بامرأةٍ، فقالوا: يا أبا حمزةَ، صلِّ عليها، فقام حيالَ وسَطِ السَّريرِ، فقال له العلاءُ بنُ زياد: يا أبا حمزةَ، هكذا رأيتَ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قامَ مِن الجِنازةِ مَقامَك مِن الرَّجُلِ، وقامَ مِن المرأةِ مقامَك من المرأةِ؟ قال: نعَمْ)) [8250] أخرجه أبو داود (3194)، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) واللفظ له. حسَّنه الترمذي، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1223).  .وفي رواية: ((فقال العلاءُ بن زياد: يا أبا حمزةَ، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّر عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم)) [8251] أخرجه أبو داود (3194) واللفظ له، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) مختصرا، والبيهقي (7173).  احتجَّ به ابن حزم في ((المحلى)) (5/123)، وصحَّحه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/256)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3194)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (129).  .  وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى خلفَ الجِنازة، ولم يتقدَّمْ عليها، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي)) [8252] أخرجه البخاري (631). . ثانيًا: لأنَّ الميِّتَ كالإمامِ، فلو تَقدَّمَ المصلِّي على الإمامِ من غيرِ عُذرٍ فسَدتْ صلاتُه؛ فكذا لو تَقدَّمَ على الميِّتِ، فسدتْ صلاتُه [8253] ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/360). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/425). .ثالثًا: اتِّباعًا لِمَا جرَى عليه الأوَّلون [8254] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/360). .الفرع الثَّاني: موقفُ الإمامِ من الجِنازةالمسألة الأولى: موقِف الإمامِ من جِنازة الرَّجُلِيقِفُ الإمامُ عندَ رأسِ الرجُل، وهو الصَّحيحُ عند الشافعيَّة [8255] ((المجموع)) للنووي (5/225)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/348). ، وروايةٌ عن أبي حَنيفة [8256] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/126). ، وهو قولُ أبي يوسف من أصحابِه [8257] ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/270). ، واختارَه ابنُ المنذرِ [8258] ((الإقناع)) لابن المنذر (1/161). ، وابنُ حزمٍ [8259] ((المحلى)) لابن حزم (3/382). ، والقرطبيُّ [8260] ((تفسير القرطبي)) (8/222). ، والشوكانيُّ [8261] ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/136). ، وابنُ باز [8262] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/139). ، وابنُ عُثَيمين [8263] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/127). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن نافعٍ أبي غالبٍ، قال: ((كنتُ في سِكَّةِ المِرْبَد [8264] قوله: (سِكَّةِ المِرْبَد): السِّكَّة: هي الطريق الْمُصْطفَّة مِن النَّخل. والمِرْبَد: الموضع الذي تُحبس فيه الإبل والغنم، وبه سُمِّي مربد المدينة والبصرة. ينظر: ((معجم البلدان)) لياقوت (5/91)، ((شرح أبي داود)) للعيني (6/134). ، فمرَّت جِنازة معها ناسٌ كثير، قالوا: جِنازة عبدِ الله بن عُمير، فتبِعْتُها فإذا أنا برجلٍ عليه كساءٌ رقيقٌ على بُرَيذينَتِه [8265] بُرَيذِينَتِه: تصغير بِرْذَون، والبِرذون: هو التُّركيُّ من الخيلِ. ((المصباح المنير)) للفيومي (1/41)، ((عون المعبود)) للعظيم آبادي (7/312)، (8/250). ، وعلى رأسِه خِرقةٌ تَقِيه من الشَّمس، فقلتُ: مَن هذا الدِّهقانُ [8266] الدِّهْقان- بكسر الدال وضمِّها-: لفظ مُعرَّب، ويُطلق على رئيسِ القريةِ، وعلى مُقدَّمِ أصحابِ الثَّراءِ والمالِ وأصحابِ الزِّراعةِ، وعلى التاجِر، وعلى مَن له مالٌ وعَقار. ((النهاية)) لابن الأثير (2/145)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/201). ؟ قالوا: هذا أنسُ بنُ مالك، فلمَّا وُضِعَتِ الجِنازة قام أنسٌ فصلَّى عليها، وأنا خلفَه لا يحولُ بيني وبينه شيءٌ، فقام عندَ رأسِه فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، لم يُطِلْ ولم يُسرِعْ، ثم ذهب يقعُد، فقالوا: يا أبا حمزةَ، المرأةُ الأنصاريَّةُ، فقرَّبُوها وعليها نعشٌ أخضرُ، فقام عندَ عجيزتِها فصلَّى عليها نحوَ صلاتِه على الرجُلِ، ثم جَلَسَ، فقال العلاءُ بن زياد: يا أبا حمزة، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّر عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم)) [8267] أخرجه أبو داود (3194) واللفظ له، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) مختصرًا، والبيهقي (7173).  صحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/256)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3194)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (129).  .المسألة الثانية: موقِفُ الإمامِ من جِنازة المرأةِيقِفُ الإمامُ عند وسَطِ المرأة، وهو مذهبُ الشافعيَّة [8268] ((المجموع)) للنووي (5/225)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/348). ، والحَنابِلَة [8269] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/112). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/386). ، وروايةٌ عن أبي حَنيفة [8270] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/126). ، وهو قولُ أبي يُوسَف [8271] ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/270). ، وروايةٌ عن مالك [8272] ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). ، واختاره الطَّحاويُّ [8273] ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (1/491). ، وابنُ المنذر [8274] ((الإقناع)) لابن المنذر (1/161). ، وابنُ حزمٍ [8275] ((المحلى)) لابن حزم (3/382). ، والقرطبيُّ [8276] ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) للقرطبي (2/616). ، والصنعانيُّ [8277] ((سبل السلام)) للصنعاني (2/102). ، والشوكانيُّ [8278] ((الدراري المضية)) للشوكاني (1/136). ، وابنُ باز [8279] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/139). ، وابنُ عُثَيمين [8280] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/129). .الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة1- عن نافعٍ أبي غالبٍ، قال: ((كنتُ في سِكَّةِ المِرْبَد، فمرَّت جِنازة معها ناسٌ كثير، قالوا: جِنازة عبدِ الله بن عُمير، فتبعتُها فإذا أنا برجلٍ عليه كساءٌ رقيقٌ على بُرَيذينَتِه، وعلى رأسِه خِرقةٌ تَقِيه من الشَّمس، فقلتُ: مَن هذا الدِّهقانُ؟ قالوا: هذا أنسُ بن مالك، فلمَّا وُضِعتِ الجِنازة قام أنسٌ فصلَّى عليها، وأنا خلفَه لا يحولُ بيني وبينه شيءٌ، فقام عندَ رأسه فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، لم يُطِلْ ولم يُسرِعْ، ثم ذهب يقعُد، فقالوا: يا أبا حمزةَ، المرأةُ الأنصاريَّةُ، فقرَّبوها وعليها نعشٌ أخضرُ، فقام عندَ عَجيزتِها فصلَّى عليها نحوَ صلاتِه على الرجُلِ، ثم جلس، فقال العلاءُ بن زيادٍ: يا أبا حمزةَ، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّرُ عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم)) [8281] أخرجه أبو داود (3194) واللفظ له، والترمذي (1034)، وابن ماجه (1494) مختصرًا، والبيهقي (7173).  صحَّحه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (5/256)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3194)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (129).  .2- عن سَمُرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((صليتُ وراءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على امرأةٍ ماتتْ في نفاسِها، فقام عليها وسَطَها)) [8282] أخرجه البخاري (1332) واللفظ له، ومسلم (964). .ثانيًا: لأنَّه أبلغُ في صِيانتِها عن الباقِينَ [8283] ((المجموع)) للنووي (5/225). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة. المطلب الرَّابع: عددُ التكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة..

قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة رُكنٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة [8284] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 218)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/209). ، والمالِكيَّة [8285] ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/255). ويُنظر: ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/119)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/556). ، والشافعيَّة [8286] ((المجموع)) للنووي (5/222)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/342). ، والحَنابِلَة [8287] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/361)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/884). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كانتْ بي بواسيرُ، فسألتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الصَّلاةِ، فقال: صَلِّ قائمًا...)) [8288] رواه البخاري (1117). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ هذا الأمرَ عامٌّ في كلِّ الصَّلواتِ، فيشمَلُ صلاةَ الجِنازة؛ لأنَّها صلاةٌ من الصَّلواتِ [8289] ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 217). .ثانيًا: قياسًا على غيرِها مِنَ الفَرائضِ [8290] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/342). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها. المطلب الرَّابع: عددُ التكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة..

الفرع الأوَّل: أقلُّ ما يُجزِئ من التَّكبيراتِلا تصحُّ صلاةُ الجِنازة بأقلَّ مِن أربعِ تكبيراتٍ.الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على أَصْحمَةَ النجاشيِّ، فكبَّر عليه أربعًا)) [8291] أخرجه البخاري (1334)، ومسلم (952) واللفظ له. .2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نعَى النجاشيَّ في اليومِ الذي ماتَ فيه؛ خرَج إلى المصلَّى فصفَّ بِهم، وكبَّر أربعًا)) [8292] أخرجه البخاري (1245) واللفظ له، ومسلم (951). .ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البرِّ [8293] قال ابنُ عبد البرِّ: (اختَلف السلفُ في عَدَدِ التكبيرِ على الجِنازَة، ثم اتَّفقوا على أربعِ تكبيراتٍ، وما خالف ذلك شذوذٌ يُشبِهُ البِدعةَ والحَدَث). ((التمهيد)) (6/334). ، والنوويُّ [8294] قال النوويُّ: (التكبيراتُ الأربعُ أركانٌ، لا تصحُّ هذه الصَّلاةُ إلَّا بهنَّ، وهذا مُجمَعٌ عليه). ((المجموع)) (5/230). وقال أيضًا: (أجمعَتِ الأمَّةُ الآن على أنَّه أربعُ تكبيراتٍ بلا زيادةٍ ولا نقصٍ). ((المجموع)) (5/230). .الفرع الثَّاني: الزِّيادةُ على أربعِ تَكبيراتٍ  لا تُشرعُ الزيادةُ على أربعِ تكبيراتٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة [8295] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ)) (1/241)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 219). ، والمالِكيَّة [8296] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/213). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/118). ، والشَّافعيَّة [8297] ((المجموع)) للنووي (5/230)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/341). ، والحَنابِلَة [8298] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/118). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/362). عندَ الحنابلة: للجِنازَة أربعُ تكبيراتٍ، والأَوْلى عندهم عدمُ الزيادةِ على الأربعِ، وصرَّحوا بعدم سُنيَّة الزيادة، لكنَّهم يُجيزون الزيادةَ إلى سبعِ تكبيراتٍ. ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [8299] قال ابنُ عبد البرِّ: (اتَّفق الفقهاءُ أهلُ الفتوى بالأمصارِ على أنَّ التكبير على الجنائز أربعٌ لا زيادةَ على ما جاء في الآثارِ المسنَدة مِن نقْل الآحادِ الثقات، وما سوى ذلك عندهم شذوذٌ لا يُلتفت إليه اليومَ، ولا يُعرَّج عليه). ((الاستذكار)) (3/30). وقال: (اختَلف السَّلَفُ في عدد التكبيرِ على الجِنازَة، ثم اتَّفقوا على أربعِ تكبيراتٍ، وما خالف ذلك شذوذٌ يشبه البِدعة والحدَث). ((التمهيد)) (6/334). وقال النوويُّ: (قد كان لبعض الصَّحابة وغيرِهم خلافٌ في أنَّ التكبيرَ المشروع خمسٌ، أم أربع، أم غير ذلك، ثم انقرَض ذلك الخلافُ، وأجمعتِ الأمَّة الآن على أنَّه أربعُ تكبيرات بلا زيادةٍ ولا نقص). ((المجموع)) (5/230). قال الخرشيُّ: (ومنها أربعُ تكبيرات، كلُّ تكبيرةٍ بمنزلة ركعة، وانعقد الإجماعُ في زَمَنِ عُمر رضي الله تعالى عنه على الأربعِ، حتى صارت الزيادةُ عليها شِعارَ أهل البِدع). ((شرح مختصر خليل)) (2/118) .  الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نَعَى النَّجَاشِيَّ في اليومِ الذي ماتَ فيهِ، وخرَج بهم إلى المُصَلَّى، فصفَّ بهم، وكبَّرَ عليهِ أربعَ تكبيراتٍ)) [8300] أخرجه البخاري (1245) واللفظ له، ومسلم (951). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النجاشيَّ مع كونِه له مزيَّةٌ كبيرةٌ إلا أنَّ النبيَّ  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اقتَصر في التكبير عليه بأربعِ تكبيراتٍ [8301] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/148). .ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثبَت عليها حتى تُوفِّي، فنَسخَتْ ما قبلَها [8302] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ)) (1/241)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 219). .ثالثًا: لتقرُّرِ الأمرِ عليها مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابِه [8303] ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/341). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة.

قراءةُ الفاتحةِ فرضٌ في صلاةِ الجِنازة، وهو مذهبُ الشافعيَّة [8304] ((المجموع)) للنووي (5/233)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/341). ، والحَنابِلَة [8305] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/117). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/367). لكنَّ الحنابلةَ أَوْجبوها على الإمامِ والمُنفرِد، أمَّا المأمومُ فيتحمَّلها عنه الإمامُ. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/117). ، وهو قولُ بعض السَّلَف [8306] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/481). ، وهو مذهَبُ الظَّاهريَّة [8307] ((المجموع)) للنووي (5/242)، ((المحلى)) لابن حزم (3/351). ، والشوكانيِّ [8308] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/75)، ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 217). ، وابنِ باز [8309] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/143). ، وابنِ عُثَيمين [8310] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (13/133). .الأدلَّة من السُّنَّة:1- عن طلحةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عوفٍ، قال: ((صليتُ خلفَ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما على جِنازة، فقرَأَ بفاتحةِ الكتابِ، قال: لِيَعْلموا أنَّها سُنَّةٌ)) [8311] أخرجه البخاري (1335). . 2- عن أَبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه أنَّه قال: ((السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يَقرأَ في التكبيرةِ الأولى بأمِّ القرآنِ مُخافتةً، ثم يُكبِّر ثلاثًا، والتسليمُ عندَ الآخِرة)) [8312] أخرجه النسائي (1989)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (3165)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000).  قال النوويُّ في ((المجموع)) (5/233): إسنادُه على شرْط الشَّيخينِ، وقال ابنُ الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (1/595): إسناده على شرط الصَّحيح، وصحَّح إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (3/242)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1988).  .3- عن عُبادةَ بنِ الصَّامت رَضِيَ الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((لا صلاةَ لِمَن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ)) [8313] رواه البخاري (756)، ومسلم (394). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ صلاةَ الجِنازة صلاةٌ مِن الصَّلواتِ، فتدخُلُ في عمومِ هذا النصِّ؛ في كونِ قِراءة الفاتحةِ فرضًا فيها [8314] ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 217). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة.

الفرع الأول: حُكمُ الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازةالصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم [8315] قال ابنُ القيِّم: (الموطنُ الرابع من مواطن الصَّلاة عليه صلَّى الله عليه وسلَّم: صلاةُ الجِنازَة بعدَ التكبيرة الثانية، لا خلافَ في مشروعيَّتِها فيها). ((جلاء الأفهام)) (1/367). قال الألباني: (وأمَّا صيغةُ الصلاةِ على النبيِّ  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الجِنازةِ، فلم أقِفْ عليها في شيءٍ من الأحاديثِ الصَّحيحة، فالظَّاهِرُ أنَّ الجنازةَ ليس لها صيغةٌ خاصَّةٌ، بل يؤتى فيها بصيغةٍ مِن الصِّيغِ الثابتة في التشهُّد في المكتوبةِ). ((أحكام الجنائز)) (ص: 122) فرضٌ في صلاةِ الجِنازة، وهو مشهورُ مذهبِ الشافعيَّة [8316] ((المجموع)) للنووي (5/235)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/342) ، ومذهبُ الحَنابِلَة [8317] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/117). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/367). ، واختاره ابنُ باز [8318] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/144) ، وابن عثيمين [8319] قال ابنُ عثيمين: (والترتيبُ بين أركانِ صلاةِ الجنازةِ واجِبٌ، فيبدأ بالفاتحةِ، ثم الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ الدُّعاء؛ فلا يُقَدِّم بعضَها على بعضٍ)  ((الشرح الممتع)) (5/342). وقال: (قوله: "والصلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم"، أي: من واجباتِ الصَّلاة على الميِّت، وهو ركنٌ على المشهورِ من المذهَبِ، وهو مبنيٌّ على القَولِ بركنيَّةِ الصَّلاة على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصلوات. أمَّا إذا قلنا: إنها ليست ركنًا في الصلواتِ فهي هنا ليست بركنٍ، لكنَّ الصَّلاةَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا المقامِ لها شأنٌ؛ لأنَّ الفاتحةَ ثناءٌ على الله، والصَّلاة على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلاةٌ عليه، والثالثة دعاءٌ، فينبغي للدَّاعي أن يقَدِّمَ بين يديه الثَّناءَ على الله، ثم الصلاةَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) ((الشرح الممتع)) (5/340) .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة  عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنَّ السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للجِنازةِ في التكبيراتِ، لا يقرأُ فى شىءٍ منهنَّ، ثم يُسلِّم...)) [8320] أخرجه الشافعي في ((المسند- ترتيب سنجر)) (588)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2868)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7209) من حديث أبي أمامة عن رجل من أصحاب النبي  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.  وأخرجه ابن أبي شيبة (3/296)، وابن الجارود (540)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000) من حديث أبي أمامة به، وهو عند النسائي (1989) مختصرًا. قال البيهقي ((السنن الكبرى)) (4/39): رواية قوية. وصحَّح إسنادَه ابنُ القيِّم في ((جلاء الأفهام)) (192)، وقال الألباني في ((أحكام الجنائز)) (155): صحيحٌ على شرط الشيخين .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ هذه هي سُنَّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازة، وقد قال: ((صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي)) [8321] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/231) والحديث أخرجه البخاري (631). .ثانيًا: لأنَّها صلاةٌ؛ فوجبَ فيها الصَّلاةُ على رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كسائرِ الصَّلواتِ [8322] ((المجموع)) للنووي (5/235). .الفرع الثاني: محلُّ الصلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازةمحلُّ الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ بعدَ التكبيرةِ الثَّانيةِ مِن صلاةِ الجِنازة، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة [8323] ((البناية)) للعيني (3/216). ويُنظر: ((فتح القدير)) لابن الهمام (2/122). ، والشافعيَّة [8324] ((المجموع)) للنووي (5/235) ، والحَنابِلَة [8325] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/113). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة: عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنَّ السُّنَّةَ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للميِّت في التكبيراتِ، لا يقرأُ فى شىءٍ منهنَّ، ثم يُسلِّم...)) [8326] أخرجه الشافعي في ((المسند- ترتيب سنجر)) (588)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2868)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7209) من حديث أبي أمامة عن رجل من أصحاب النبي  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.  وأخرجه ابن أبي شيبة (3/296)، وابن الجارود (540)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000) من حديث أبي أمامة به، وهو عند النسائي (1989) مختصرًا. قال البيهقي ((السنن الكبرى)) (4/39): رواية قوية. وصحَّح إسنادَه ابنُ القيِّم في ((جلاء الأفهام)) (192)، وقال الألباني في ((أحكام الجنائز)) (155): صحيحٌ على شرط الشيخين .وَجهُ الدَّلالةِ:ظاهرُ هذا الحديثِ أنَّ الصلاةَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ تكون بعدَ التكبيرةِ الثانية؛ لأنَّه لو كان قبلها لم تقعْ في التكبيراتِ، بل قبلَها [8327] ((أحكام الجنائز)) للألباني (ص 155). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة.

الدُّعاءُ للميِّت رُكنٌ في صلاةِ الجِنازة [8328] الشافعيَّة والحنابلة، قالوا: الدُّعاء يكونُ بعد التكبيرة الثالثة. أمَّا المالكيَّة، فقالوا: إنَّ الدعاء واجبٌ بعدَ كلِّ تكبيرةٍ. ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة [8329] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/213). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/118)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/684). ، والشافعيَّة [8330] ((المجموع)) للنووي (5/236)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/342). ، والحَنابِلَة [8331] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/231)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/117). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إذا صليتُم على الميِّتِ، فأخْلِصوا له الدُّعاءَ)) [8332] أخرجه أبو داود (3199)، وابن ماجه (1497)، وابن حبان (3076)  جوَّد إسنادَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/230)، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/269): ثابت، وحسَّن الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (3199).   ومن الأدعية الصَّحيحة للميت في صلاة الجنازة: ((اللهمَّ اغفرْ له وارحمه، وعافِه واعفُ عنه، وأكرِمْ نُزُلَه، ووسِّع مُدْخَلَه، واغْسِلْه بالماءِ والثلج والبَرَد، ونقِّه من الخطايا كما نَقَّيْتَ (وفي رواية: كما يُنَقَّى) الثوب الأبيض من الدَّنَسِ، وأبدِلْه دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا (وفي رواية: زوجة) خيرًا من زوجه، وأَدْخِلْه الجنَّةَ، وأَعِذْه من عذابِ القَبرِ، ومن عذابِ النَّارِ)) رواه مسلم (963). واستحبَّ بعضُ الفقهاء أنْ يُدعَى للطِّفْل بهذا الدُّعاء: (اللهمَّ اجعَلْه ذُخرًا لوالِدَيه، وفرَطًا وشفيعًا مُجابًا، اللهمَّ أعْظِمْ به أجورَهما، وثقِّل به موازينَهما، وألْحِقْه بصالحِ سلفِ المؤمنينَ، واجعله في كفالة إبراهيمَ عليه الصَّلاة والسَّلام، وقِهِ برحمَتِك عذابَ الجحيم). يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/365)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/320)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/147)، ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (رقم اللقاء: 149) .ثانيًا: لأنَّ القصدَ من هذه الصَّلاةِ الدُّعاءُ للميِّت؛ فلا يجوزُ الإخلالُ بالمقصودِ [8333] ((المجموع)) للنووي (5/236) وأدْنى الدُّعاءِ ما يقَع عليه الاسمُ. . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة.

اختَلَف العلماءُ في مشروعيَّةِ الدُّعاءِ للميِّتِ بعدَ التكبيرةِ الرَّابعة، على قولين:القولُ الأوَّل: يُشرَعُ الدُّعاءُ للمَيِّت بعدَ التكبيرةِ الرابعةِ وقبلَ التَّسليمِ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة [8334] ((منح الجليل)) لعليش (1/485). ويُنظر: ((حاشية الصاوي)) (1/555)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/118). ، والشافعيَّة [8335] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/142)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/480). ، واختارَه بعضُ الحَنفيَّة [8336] قال ابنُ مازة: (ثم في ظاهِرِ المذهَبِ ليس بعدَ التكبيرةِ الرابعة دعاءٌ سوى السَّلامِ، وقد اختار بعضُ مشايخنا ما يُختم به سائِرُ الصَّلوات ((اللهمَّ ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسنةً...)) إلى آخره، قال شمس الأئمَّة رحمه الله: وهو مخيَّرٌ بين السُّكوت والدُّعاءِ؛ لِمَا بينَّا، وقال بعضُهم: يقرأ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا... **آل عمران: 8** إلى آخِره، وقال بعضُهم: يقرأ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ **الصافات: 180** إلى آخِره). ((المحيط البرهاني)) (2/179). وينظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/213)، ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/107). ، وروايةٌ عن أحمد [8337] ((المغني)) لابن قدامة (2/365). ، واختاره الشوكانيُّ [8338] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/80). ، وابنُ عُثَيمين [8339] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/336). ، والألبانيُّ [8340] ((أحكام الجنائز)) للألباني (1/126). ؛ وذلك لأنَّه قيامٌ في صلاةٍ، فكان فيه ذِكرٌ مشروعٌ، كالذي قبل التكبيرةِ الرابعةِ [8341] ((المغني)) لابن قدامة (2/365). .القول الثاني: أنَّه ليس بعدَ التَّكبيرةِ الرَّابعةِ دعاءٌ، وإنَّما يليها السَّلامُ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة [8342] ((البناية)) للعيني (3/217). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/179). ، والحَنابِلَة [8343] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/366)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/115). ، وقولٌ عند المالِكيَّة [8344] قال أبو الوليد الباجي: (قال سحنون: يقفُ بعد الرابعة ويدعو، كما يدعو بين كلِّ تكبيرتينِ. وقال سائرُ أصحابه: لا يقِف بعدَ الرابعةِ ويُسلِّم بأثَرِها). ((المنتقى شرح الموطأ)) (2/12). ، واختارَه ابنُ باز [8345] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/141). ؛ وذلك لأنَّ الدُّعاءَ في صلاةِ الجِنازة بمنزلةِ القراءةِ في غيرِها، فلو دعا بعدَ الرَّابعةِ لاحتاجَ إلى تكبيرةٍ تَفصِلُ بين القراءةِ والسَّلامِ، كما يَفصِلُ الركوعُ بين القراءةِ والتَّسليمِ [8346] ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/12). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة.

الفرع الأوَّل: حُكمُ التَّسليمِ التَّسليمُ ركنٌ [8347] وأجمَعوا على مشروعيَّته. قال ابنُ عبد البرِّ: (لا خلافَ عَلِمْتُه بين العلماء والصَّحابة والتابعين ومَن بَعدَهم مِنَ الفُقهاءِ في السَّلام على الجِنازة، وإنَّما اختلفوا: هل هي واحدةٌ أو اثنتان؟). ((الاستذكار)) (3/31). وقال النوويُّ: (ولم يُذكَر في رِوايات مسلمٍ السَّلام، وقد ذكَره الدارقطنيُّ في سُنَنه، وأجمع العُلماءُ عليه، ثم قال جمهورهم: يُسلِّم تسليمةً واحدة). ((شرح النووي على مسلم)) (7/24). وقال ابن الملقِّن: (لم أرَ في هذا الحديثِ ذِكرَ السَّلامِ، نعم رَوَى أبو أُمامة أنَّه السُّنة، كما رواه النَّسائيُّ بإسناد على شرْط الصحيح، وهو إجماعٌ، وإنْ كان وقع في العتبيَّة أنَّه يُستحبُّ، وقال به محمَّد بن أبي صُفرة). ((الإعلام)) (4/401). وقال ابنُ حَجر: (قوله سمَّاها صلاةً، أي: يُشتَرَط فيها ما يُشتَرَط في الصَّلاة، وإنْ لم يكن فيها ركوعٌ، ولا سجودٌ؛ فإنَّه لا يُتكلَّم فيها، ويُكبَّر فيها، ويُسلَّم منها بالاتِّفاق، وإن اختُلِف في عدد التكبير والتسليم). ((فتح الباري)) (3/190). وقال الشوكانيُّ: (فيه دليلٌ على مشروعيَّةِ السَّلام في صلاة الجِنازة، والإسرارِ به، وهو مُجمَعٌ عليه، حَكى ذلك في البحر). ((نيل الأوطار)) (4/76) في صلاةِ الجِنازة، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة [8348] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/217)، ((الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي)) (1/413). ، والشافعيَّة [8349] ((المجموع)) للنووي (5/239)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/341). ، والحَنابِلَة [8350] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/119)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/885). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة1- عمومُ حديثِ: ((وتَحليلُها التَّسليمُ)) [8351] أخرجه أبو داود (61)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275) من حديث علي رَضِيَ اللَّهُ عنه. قال الترمذيُّ: أصحُّ شيء في هذا الباب وأحسَنُه، وحسنه النووي في ((الخلاصة)) (1/348)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/230)، (1/506)، وصحَّحه الألباني في ((إرواء الغليل)) (301). .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالتْ: ((كان يختمُ الصَّلاةَ بالتَّسليمِ)) [8352] أخرجه مسلم (498). .ثانيًا: أنَّها عبادةٌ افتُتِحَت بالتَّكبيرِ، فتُختتَمُ بالتسليمِ؛ كالصَّلاةِ المفروضةِ [8353] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/342). .الفرع الثَّاني: عددُ التَّسليمِ في صَلاةِ الجِنازةاختلَفَ أهلُ العِلمِ في عددِ التَّسليمِ في صلاةِ الجِنازة: هل هو تسليمةٌ أو تسليمتان [8354] اختَلفوا في المستحبِّ، وحُكي الإجماعُ على جوازِ الاقتصارِ على تسليمةٍ واحدةٍ في الصلاة، فقال ابنُ المنذر: (أجمَعوا على أنَّ صلاةَ مَن اقتصر على تسليمةٍ واحدة؛ جائزةٌ). ((الإجماع)) (ص: 39)، وينظر: ((الإشراف)) (2/47). وقال ابنُ قدامة: (أمَّا صلاةُ الجنازةِ والنَّافلة وسجودُ التِّلاوة؛ فلا خلافَ في أنَّه يخرجُ منها بتسليمةٍ واحدةٍ). ((المغني)) (1/397). ؛ على قولين:القول الأوّل: يُستحَبُّ في صَلاةِ الجِنازة التَّسليمُ تَسليمتَينِ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة [8355] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ)) (1/241)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 387) ، والأصحُّ عند الشَّافعيَّة [8356] ((المجموع)) للنووي (5/240)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/341). ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ [8357] ((المحلى)) لابن حزم (3/347). . الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((ثلاثُ خِلالٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يفعلهنَّ، ترَكَهنَّ النَّاسُ؛ إحداهنَّ: التسليمُ على الجِنازة مِثل التَّسليمِ في الصَّلاةِ...)) [8358] أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (10/82) (10022)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7239). جوَّد إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (5/239)، وقال الذهبي في ((المهذب)) (3/1387): إسنادُه صالح. ووثَّق رجاله الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) (3/141)، وحسَّن إسنادَه الألباني في ((أحكام الجنائز)) (162). . ثانيًا: قياسًا على سائرِ الصَّلواتِ في كونِها تَسليمتَينِ [8359] ((المغني)) لابن قدامة (2/366). .القول الثاني: يُستحبُّ في صَلاةِ الجِنازة الاقتصارُ على تسليمةٍ واحدةٍ، وهو مذهبُ المالِكيَّة [8360] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/217). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/119). ، والحَنابِلَة [8361] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/116). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/366). إلَّا أنَّ الحنابلة قالوا: إنَّه يجوز تسليمةٌ ثانية عن يساره. ، وهو القولُ القديمُ للشافعيِّ [8362] قال النوويُّ: (الاقتصارُ على تسليمة واحدة هناك- أي: في صلاة الجِنازَة- قولٌ قديم). ((المجموع)) (5/240). ، وقال به بعضُ السَّلَفِ [8363] ((الإشراف)) لابن المنذر (2/366). وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/244). ، وهو مذهبُ جماهيرِ أهلِ العِلمِ من السَّلَفِ والخَلفِ [8364] ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (3/316)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (3/32)، ((المجموع)) للنووي (5/244). ، وهو اختيارُ ابنِ المنذرِ [8365] ((الإقناع)) لابن المنذر (1/162). ، وابنِ باز [8366] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/141). ، وابنِ عُثَيمين [8367] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/129). .الأدلَّة:أولًا: مِنَ الآثارعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّه: (سَلَّمَ تسليمةً خفيفةً على الجِنازة) [8368] أخرجه عبد الرزاق (6444)، وأبو داود في ((مسائل أحمد)) (1029)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6990). حسَّن إسنادَه الألبانيُّ في ((أحكام الجنائز)) (165). . ثانيًا: لأنَّ صلاةَ الجِنازة مبنيَّةٌ على التَّخفيفِ [8369] ((المجموع)) للنووي (5/240). . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة.

الفرع الأوَّل: رفْعُ اليَدينِ مع التَّكبيرِالمسألة الأولى: رفْعُ اليَدينِ معَ التكبيرةِ الأُولىيُشرَعُ للمصلِّي على الجِنازة أن يرفعَ يديه في أوَّلِ تكبيرةٍ يُكبِّرُها.الدَّليل من الإجماع:نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ [8370] قال ابنُ المنذر: (أجمَعوا على أنَّ المصلِّي على الجِنازَة يرفع يديه في أوَّل تكبيرة يُكبِّرها). ((الإجماع)) (ص:44). ، وابنُ قُدامةَ [8371] قال ابنُ قُدامةَ: (أجمَع أهلُ العلم على أنَّ المصلِّيَ على الجنائز يرفع يديه في أوَّل تكبيرةٍ يُكبِّرها). ((المغني)) (2/366). . المسألة الثانية: رفْعُ اليدينِ مع التَّكبيراتِ سِوى تكبيرةِ الإحراميُسنُّ للمصلِّي على الجِنازة أنْ يَرفعَ يديه في كلِّ تكبيرةٍ، وهو مذهبُ الشافعيَّة [8372] ((المجموع)) للنووي (5/231)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/342). ، والحَنابِلَة [8373] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/230)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/116). ، وقولُ بعضِ الحَنفيَّة [8374] ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق)) للزيلعي (1/241)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (1/219). وقولٌ للمالكيَّة [8375] ((شرح التلقين)) للمازري (1/1151)، ((شرح مختصر خليل للخرشي مع حاشية العدوي)) (2/128). ، وقال به بعضُ السَّلفِ [8376] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/468). وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/232). ، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ [8377] ((المجموع)) للنووي (5/232). ، واختارَه ابنُ المنذر [8378] ((الإقناع)) لابن المنذر (1/161). ، وابنُ باز [8379] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/148). ، وابنُ عُثَيمين [8380] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (13/70). .الأدلَّة:أولًا: من الآثار1- عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّه: (كان يرفعُ يَديهِ في كلِّ تكبيرةٍ على الجِنازة) [8381] أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (11498)، والبخاري في ((قرة العينين)) (106)، والبيهقي (7243). صحَّح إسنادَه ابنُ حجر في ((الدراية)) (1/236)، وجوَّد إسنادَه ابنُ باز في تعليقِه على ((فتح الباري)) لابن حجر (3/227).  .2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يرفعُ يَديهِ في تكبيراتِ الجِنازة) [8382] أخرجه سعيدُ بن منصور كما قال الحافظُ ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (2/291) وصحَّحه. .ثانيًا: لأنَّها تكبيرةٌ حالَ الاستقرارِ؛ أشبهتِ الأُولى [8383] ((المغني)) لابن قدامة (2/366). .الفرع الثَّاني: الجهرُ والإسرارُ في صلاةِ الجِنازة المسألة الأولى: القراءةُ إذا كانتْ صلاةُ الجِنازة نهارًايُسرُّ بالقِراءةِ في صَلاةِ الجِنازةِ نَهارًا. الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: ((السُّنَّةُ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يقرأَ في التكبيرةِ الأُولى بأمِّ القرآنِ مخافَتَةً، ثم يُكبِّرُ ثلاثًا، والتَّسليمُ عند الآخِرةِ)) [8384] أخرجه النسائي (1989)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (3165)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000).  قال النوويُّ في ((المجموع)) (5/233): إسنادُه على شرْط الشَّيخينِ، وقال ابنُ الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (1/595): إسناده على شرط الصَّحيح، وصحَّح إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (3/242)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1988).  .ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامة [8385] قال ابنُ قُدامةَ: (ويُسِرُّ القراءةَ والدعاءَ في صلاةِ الجِنازَة، لا نعلم بين أهلِ العِلم فيه خلافًا). ((المغني)) (2/363). ، والعينيُّ [8386] قال العينيُّ: (فقد يستدلُّ به على الجَهر بها، وهو أحدُ الوجهين لأصحاب الشافعيِّ فيما إذا كانت الصلاةُ عليها ليلًا، قال شيخُنا زَينُ الدِّين: والصَّحيح أنَّه يُسرُّ بها ليلًا أيضًا، وأمَّا النَّهار فاتَّفقوا على أنَّه يُسرُّ فيه). ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) (8/140). . المسألة الثانية: القِراءةُ إذا كانتْ صلاةُ الجِنازة ليلًايُسرُّ بالقراءةِ في صلاةِ الجنازةِ ولو كانتِ الصَّلاةُ ليلًا، وهو الأصحُّ عند الشافعيَّة [8387] ((المجموع)) للنووي (5/234)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/125). ، والحَنابِلَة [8388] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/362)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/113). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: ((السُّنَّةُ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يقرأَ في التكبيرةِ الأُولى بأمِّ القرآن مخافَتَةً، ثم يُكبِّرَ ثلاثًا، والتَّسليمُ عند الآخِرةِ)) [8389] أخرجه النسائي (1989)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (3165)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000).  قال النوويُّ في ((المجموع)) (5/233): إسنادُه على شرْط الشَّيخينِ، وقال ابنُ الملقِّن في ((تحفة المحتاج)) (1/595): إسناده على شرط الصَّحيح، وصحَّح إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (3/242)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1988).  .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّه لم يُفرِّق في المخافَتَة بينَ ليلٍ ونَهار. ثانيًا: لأنَّها لا تُقاسُ على المكتوبةِ؛ لأنَّها مؤقَّتةٌ، والجِنازة غيرُ مؤقَّتة، فأشبهتْ تحيَّةَ المسجدِ ونحوَها [8390] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/113). . المسألة الثالثة: الجهرُ بالتَّكبيراتِيَجهرُ الإمامُ بالتَّكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة؛ نصَّ على ذلك الحَنفيَّة [8391] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/241)، ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 387). ، والشافعيَّة [8392] ((المجموع)) للنووي (5/234)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/342). نصَّ الشافعيَّة على تخصيصه بالإمامِ والمُبلِّغ؛ قال الرمليُّ: (واتَّفقوا على جهرِه بالتكبيرِ والسَّلام: أي الإمام، أو المبلِّغ، لا غيرهما). ((نهاية المحتاج)) (2/475). ، والحَنابِلَة [8393] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/367). ؛ وذلك لأنَّ الإمامَ يُسمِعُ مَن يَليه؛ لأنَّهم يَقتدُونَ به، فيُكبِّرونَ بتكبيرِه، ويُسلِّمونَ بسلامِه [8394] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/217). . المسألة الرابعة: الجهرُ بالتَّسليمِيَجهرُ الإمامُ بالتَّسليمِ، ويُخافِتُ بها المأمومُ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة [8395] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/217). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/119)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/685). ، والشافعيَّة [8396] ((المجموع)) للنووي (5/234)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/342). قال البجيرميُّ في حاشيته: (التكبيرُ والسَّلام، فيَجهَر بهما اتِّفاقًا الإمامُ والمبلِّغ، لا غيرهما). ((حاشية البجيرمي)) (1/473). والحَنابِلَة [8397] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/116)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/884). ؛ وذلك لأنَّ الإمامَ يُسمِعُ مَن يليه؛ لأنَّهم يقتدون به، فيُسلِّمون بسلامِه، بخلافِ مَن خَلْفَه إنَّما يُسلِّمُ ليتحلَّلَ من صلاتِه، فيُسلِّم في نفسِه [8398] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/217). ، وقياسًا على غيرِها من الصَّلوات [8399] ((شرح التلقين)) للمازري (1/1152). . المسألة الخامسة: الإسرارُ بالصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والدُّعاءِيُسرُّ بالصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والدُّعاءِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة [8400] (ولا يجهر بما يقرأ عقيبَ كلِّ تكبيرةٍ؛ لأنَّه ذِكرٌ، والسُّنة فيه المخافتةُ). ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/314)، (ويخافت في الكلِّ إلَّا في التكبير). ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/241). ، والمالِكيَّة [8401] ((منح الجليل)) لعليش (1/498). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). ، والشافعيَّة [8402] ((المجموع)) للنووي (5/234)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/342). ، والحَنابِلَة [8403] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/227). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/363). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [8404] قال ابنُ قُدامةَ: (ويسرُّ القراءةَ والدُّعاء في صلاةِ الجِنازَة، لا نعلمُ بين أهل العِلم فيه خلافًا). ((المغني)) (2/363). وقال الخطيبُ الشربينيُّ: (أمَّا الصلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والدعاء- أي: في صلاة الجِنازَة- فيُندَبُ الإسرارُ بهما اتفاقًا). ((مغني المحتاج)) (1/342). . الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبَرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّ ((السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للميِّت، ثم يُسلِّمَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ)) [8405] أخرجه الشافعي في ((المسند- ترتيب سنجر)) (588)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2868)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7209) من حديث أبي أمامة عن رجل من أصحاب النبي  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.  وأخرجه ابن أبي شيبة (3/296)، وابن الجارود (540)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (3000) من حديث أبي أمامة به، وهو عند النسائي (1989) مختصرًا. قال البيهقي ((السنن الكبرى)) (4/39): رواية قوية. وصحَّح إسنادَه ابنُ القيِّم في ((جلاء الأفهام)) (192)، وقال الألباني في ((أحكام الجنائز)) (155): صحيحٌ على شرط الشيخين .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ السُّنَّةَ قراءةُ الفاتحةَ سرًّا، فمِن بابِ أولى الصلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والدُّعاء؛ لأنَّ الأصلَ في الدعاء أن يكونَ سِرًّا. ثانيًا: لأنَّه أوقعُ في النَّفْسِ من الجهرِ، ولأنَّه مُحتوٍ على ثناءٍ وصلاةٍ على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، والإسرارُ بذلِك أفضلُ [8406] ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/128). .الفرع الثالث: الصفوفُ على صلاةِ الجِنازةيُستحبُّ أن تُجعلَ الصفوفُ على الجِنازة ثلاثةَ صُفوفٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة [8407] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 385). ويُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/270). ، والمالِكيَّة [8408] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/17). قال الحطاب: (الحادي عَشرَ: قال في العُمدة: وتُستحبُّ أن تُصَفَّ الجماعةُ على الجِنازَة ثلاثةَ صفوفٍ. انتهى. وأصلُه الحديث، والله أعلم). ، والشَّافعيَّة [8409] ((المجموع)) للنووي (5/215). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/323). ، والحَنابِلَة [8410] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/111). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/367). .الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن مَرْثدِ بنِ عبدِ اللهِ اليَزنيِّ، قال: كان مالكُ بنُ هُبَيرةَ إذا صلَّى على جِنازة، فتقالَّ الناسُ عليها، جزَّأهم ثلاثةَ أجزاءٍ، ثم قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن صلَّى عليه ثلاثةُ صفوفٍ، فقَدْ أَوْجَبَ)) [8411] أخرجه أبو داود (3166)، والترمذي (1028) وابن ماجه (1490)، وأحمد (16770)، وأبو يعلى (6831). قال الحاكم: صحيحٌ على شرط مسلم. وحسَّنه الترمذيُّ في سننه، والنوويُّ في ((المجموع)) (5/211)، وقال ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (351): سندُه جيِّد، إلَّا أنَّ فيه ابنَ إسحاق، وقد عَنْعَن. وقال الألباني ((تخريج المشكاة)) (1629): (فيه عنعنةُ ابن إسحاق، وهو مدلِّس، ومع ذلك فقد صحَّحه جمعٌ). وقد صرَّح محمَّد بن إسحاق بالتحديث عند الرُّوياني في مسنده (1537)؛ فانتفتْ شبهة تدليسه. وأورده الألباني في ((أحكام الجنائز)) (ص: 127) وقال: لهذا الحديث شاهدًا من حديث أبي أُمامة  .2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((قد تُوفِّي اليومَ رجلٌ صالحٌ من الحَبَش؛ فهَلُمَّ فصلُّوا عليه، قال فصَفَفْنا فصلَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عليه ونحن صفوف، قال أبو الزبير عن جابرٍ: كنتُ في الصفِّ الثَّاني)) [8412] أخرجه البخاري (1320) واللفظ له ومسلم (952). . وَجهُ الدَّلالةِ:في الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ للصفوفِ تأثيرًا على الجِنازة، ولو كان الجمعُ كثيرًا؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّ الذين خرَجوا معه صلَّى الله عليه وسلَّم كانوا عددًا كثيرًا، وكان المصلَّى فضاءً، ولا يَضيقُ بهم لو صفُّوا فيه صفًّا واحدًا، ومع ذلك فقد صفَّهم [8413] ((فتح الباري)) لابن حجر (3/188). .ثانيًا: من الآثارعن شراحيلَ الكنديِّ رَضِيَ اللهُ عنه- وكان من الصَّحابةِ- أنَّه صلَّى على جِنازة، فجَعَلهم ثلاثةَ صفوفٍ [8414] أخرجه أبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (3733)، وابن منده، كما في ((الإصابة)) لابن حجر (3/326)، وصحَّح إسنادَه.  . انظر أيضا: تمهيدٌ. المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة. المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها.  المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة.