الفرع الأوَّل: حُكمُ غُسْلِ المَيِّتِغُسْلُ الميِّتِ المسلمِ فَرْضُ كفايةٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7467] ((المبسوط)) للسرخسي (30/277). ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/105)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/299). ، والمالِكيَّة [7468] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/270). ويُنظر: ((الشرح الصغير)) للدردير (1/543). وهناك قول آخر عند المالكية بالسنية. قال الخرشي: («ص» في وجوب غُسلِ المَيِّت بمُطَهِّر، ولو بزمزم، والصَّلاةِ عليه كَدَفْنِه وكَفَنه وسُنِّيَّتهما؛ خلافٌ. «ش» يعني أنه اختُلِفَ: هل غُسْلُ المَيِّت المُسلِمِ، المتقدِّمِ له استقرارُ حياةٍ، وليس بشهيدٍ ولا فُقِدَ أكثَرُه؛ واجِبُ كفايةٍ- وشَهَره ابنُ راشد وابن فرحون- أو سُنَّةٌ- وشَهَرَه ابن بزيزة؟ وكذلك اختُلِفَ: هل الصَّلاةُ عليه واجبةٌ وجوبَ الكفايةِ- وعليه الأكثرُ، وشهره الفاكهاني وغيره- أو سُنَّة؟). ((شرح مختصر خليل)) (2/113). ، والشَّافعيَّة [7469] ((المجموع)) للنووي (2/98). ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (3/17)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/298). ، والحَنابِلَة [7470] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/330)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/85). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [7471] قال ابن حزم: (اتَّفقوا على أنَّ غُسله-أي المسلم- والصَّلاة عليه إن كان بالغًا، وتكفينَه ما لم يكن شهيدًا، أو مقتولًا ظُلمًا في قصاصٍ؛ فَرْضٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص:34). وقال ابن عبد البَرِّ: (غُسْلُ الموتى قد ثبت بالإجماع ونَقْل الكافَّة؛ فواجِبٌ غسل كلِّ ميتٍ إلَّا من أخرجه إجماعٌ أو سنَّة ثابتةٌ، وهذا قول مالكٍ، واللهُ الموفِّقُ للصواب). ((التمهيد)) (24/246). وقال الكاساني: (الإجماع منعقِدٌ على وجوبه). ((بدائع الصنائع)) (1/299). وقال السمرقندي: (فإنَّ غُسْلَ المَيِّت واجبٌ بإجماع الأمَّةِ عليه مِن لَدُنْ آدمَ عليه السلام إلى يَوْمِنا هذا). ((تحفة الفقهاء)) (1/239). وقال النووي: (غُسْلُ المَيِّت فرضُ كفايةٍ بإجماع المسلمين). ((المجموع)) (5/128). وقال العيني: (في غُسْلِ الميت، هل هو فرضٌ أو واجبٌ أو سُنَّة؟ فقال أصحابنا: هو واجِبٌ على الأحياء بالسُّنَّة وإجماعِ الأُمَّةِ، أمَّا السُّنة: فقوله صلَّى الله عليه وسلَّم (للمُسْلِمِ على المُسْلِمِ سِتُّ حقوقٍ...) وذكر منها: إذا مات أن يُغَسِّلَه؛ وأجمعت الأمَّةُ على هذا). ((عمدة القاري)) (8/35). وقال ابن الهمام: («فصل في الغُسْلِ» غسل المَيِّت فرضٌ بالإجماعِ إذا لم يكن المَيِّت خنثى مشكلًا؛ فإنه مختلف فيه: قيل: يُيَمَّم، وقيل: يُغَسَّل في ثيابِه، والأوَّلُ أولى. وسنَدُ الإجماعِ في السنَّة: قيل: ونوع من المعنى). ((فتح القدير)) (2/105). وقال المرداوي: (قوله: «غسل المَيِّت وتكفينه والصلاة عليه ودفنُه فرضُ كفايةٍ». بلا نزاعٍ). ((الإنصاف)) (2/330). لكن قال ابن حجر: (وقد نقل النوويُّ الإجماعَ على أنَّ غُسل المَيِّت فرضُ كفايةٍ، وهو ذهولٌ شديدٌ؛ فإن الخلاف مشهور عند المالكية؛ حتى إنَّ القرطبيَّ رجَّحَ في شرح مسلم أنه سُنَّة، ولكنَّ الجمهورَ على وجوبِهِ، وقد رد ابنُ العربيِّ على من لم يَقُلْ بذلك، وقد توارَدَ به القولُ والعَمَلُ، وغُسل الطاهر المُطَهر فكيف بمن سواه). ((فتح الباري)) (3/125). وتعقَّبه العيني فقال: (وقد أنكر بعضُهم على النوويِّ في نقله هذا؛ فقال: وهو ذهولٌ شديدٌ؛ فإنَّ الخلافَ مشهورٌ جدًّا عند المالكية، حتى إنَّ القرطبيَّ رجَّحَ في (شرح مسلم) أنه سنَّة، ولكنَّ الجمهور على وجوبه. انتهى. قلت: هذا ذهولٌ أشدُّ من هذا القائل؛ حيث لم ينظر إلى معنى الكلامِ، فإن معنى قوله: سنَّة، أي: سنة مؤكَّدة، وهي في قوَّةِ الوجوب، حتى قال هو: وقد ردَّ ابن العربي على من لم يَقُلْ بذلك، أي: بالوجوب، وقال: توارَدَ به القولُ والعمل، وغسل الطاهر المطهر فكيف بمن سواه؟). ((عمدة القاري)) (8/36). . الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة: 1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: بينما رجلٌ واقِفٌ بعرَفَةَ، إذْ وَقَعَ عن راحِلَتِه، فوقَصَتْه [7472] الوَقْصُ: كَسْرُ العُنُقِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (5/214)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/206). - أو قال: فأَوْقَصَتْه- قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اغسِلوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنوه في ثوبينِ..)) [7473] أخرجه البخاري (1265) واللفظ له، ومسلم (1206). .وَجهُ الدَّلالةِ: 2- أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَرَ بغُسْلِ الميِّتِ، فدَلَّ على وجوبِه، فإذا قام به بعضُ المُسلمين سَقَطَ عن الباقينَ؛ لحصولِ المقصود [7474] ((المبسوط)) للسرخسي (2 /105)، ((سبل السلام)) للصنعاني (2/92). .الفرع الثاني: حُكمُ أخْذِ الأُجرةِ على غُسْلِ المَيِّتيجوز أخْذُ الأجرةِ على غُسلِ المَيِّت، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنفيَّة [7475] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/187)، ((البناية)) للعيني (3/194). الأحناف قالوا: إن كان في البلدة غيره يجوز له أخذ الأجرة، وإن لم يكن لا يجوز. ، والمالِكيَّة [7476] ( ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/192). ويُنظر: (الذخيرة)) للقرافي (5/401). وقال المالكيَّة: (يجوز أخْذُ الأجرة ما لم يتعيَّنْ عليه؛ كأنْ لم يُوجَدْ غيرُه، فعندها لا يجوز أخْذُ الأجرة). ينظر: (الشرح الصغير)) للدردير (4/10). والشَّافعيَّة [7477] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/187)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/344). ، وروايةٌ عن أحمَدَ [7478] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/378). ، وهو قولُ ابنِ بازٍ [7479] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/117). .وذلك للآتي: أوَّلًا: لأنَّ هذه الأجرةَ تكون في مقابِلِ العَمَلِ المتعَدِّي للغَيْرِ، والعملُ المتعدِّي للغَيرِ يجوزُ أَخْذُ الأُجرَةِ عليه [7480] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (6/60). .ثانيًا: لأنَّ وجوبَ مُؤَنِ ذلك في مالِ المَيِّتِ بالأصالةِ، ثمَّ في مالِ مُمَوِّنِه، ثمَّ المياسير، فلم يُقصَد الأجيرُ لِنَفسِه حتى يقَعَ عنه، ولا يضرُّ عروض تعيُّنِه عليه كالمضطرِّ؛ فإنَّه يَتَعَيَّنُ إطعامُه مع تَغْريمِه البَدلَ [7481] ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/292). .الفرع الثالث: سَتْرُ الغاسِلِ القبيحَ الذي يراهيجب على الغاسِلِ سَتْرُ قبيحٍ رآه من الميِّتِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7482] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 374). ويُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (2/239). ، والمالِكيَّة [7483] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/29). ويُنظر: ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)) (2/125). ، والشَّافعيَّة [7484] ((المجموع)) للنووي (5/186)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/358). ، والحَنابِلَة [7485] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/102). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/340). .الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((... ومن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَه اللهُ يومَ القيامة)) [7486] أخرجه البخاري (2442)، ومسلم (2580). .ثانيًا: لأنَّه غِيبَةٌ، والغِيبةُ محرَّمةٌ [7487] ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/358). .الفرع الرابع: حُكمُ حضورِ من لا يُحتاجُ إليه في الغُسْلِيُكْرَه أن يَحْضُرَ الميِّتَ من لا يُعينُ في غُسْلِه، ولا حاجَة تدعو إلى حُضورهِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة [7488] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/29). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/124). قال الخرشي: يُستحَبُّ عدمُ حضورِ غيرِ مُعينٍ للغاسِلِ لصَبٍّ أو تقليبٍ، بل يُكرَه حُضُوره. ، والشَّافعيَّة [7489] ((المجموع)) للنووي (5/160). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/305). ونصُّوا على استحبابِ عَدَمِ حضورِ الغُسل إلَّا للغاسِلِ، ومن لا بدَّ له مِن مَعونَتِه، وقالوا: وللوليِّ أن يَدْخُلَ وإنْ لم يُغَسِّل. ، والحَنابِلَة [7490] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/341). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/339). ؛ وذلك لأنَّه يُكرَه النَّظَرُ إلى المَيِّتِ إلَّا لحاجةٍ [7491] ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/317). . انظر أيضا: المطلب الثَّاني: من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل. المطلب الثالثُ: من يتولَّى الغُسْل . المطلب الرابعُ: صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه.

الفرع الأول: حُكمُ غُسْلِ الكافِرِيَحْرُم على المُسْلِمِ تغسيلُ الكافِرِ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة [7492] قال المواق: («ولا يُغَسِّل مسلمٌ أبًا كافرًا ولا يُدْخِله قبرَه إلَّا أنْ يَضيعَ؛ فَلْيُوارِه» من المدونة قال مالك: لا يُغَسِّل المسلمُ أباه الكافِرَ ولا يَتْبَعُه ولا يُدْخِلُه قبرَه إلَّا أن يخافَ عليه أن يَضيعَ فَلْيُوارِه. قال مالك: وكذلك إذا ماتَ كافِرٌ بين مسلمِينَ، ولا كافِرَ معهم؛ لَفُّوه في شيءٍ ووَارَوْه). ((التاج والإكليل)) (2/254)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/146). وقال النفراوي: («ولا يُغَسِّل»-بالبناء للفاعل- وهو «المُسلِمُ أباه الكافِرَ» وأولى غير الأبِ كالأخ والعم «ولا يُدْخِله قَبرَه»؛ لأنَّ وجوبَ البِرِّ سقَطَ بمَوتِه، وقَبْرُه حُفرةٌ مِن حُفَرِ النَّارِ، بل يترُكُه إلى أهلِ دِينِه... والنهيُ عما ذُكِرَ للتَّحريم). ((الفواكه الدواني)) (1/292). ، والحَنابِلَة [7493] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/122). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/393). ، واختيارُ الشَّوكانيِّ [7494] ((السيل الجرار)) للشوكاني (1/207). ، وابنِ بازٍ [7495] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/250) ، وابنِ عُثيمين [7496] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/471)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/270). .الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتابقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [الممتحنة: 13].وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ غُسْلَ الكفَّارِ ونحوَه؛ تَوَلٍّ لهم [7497] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/122). .قوله تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبرِهِ [التوبة: 84].وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّه إذا نُهِيَ عن الصَّلاةِ على الكافِرِ، وهي أعظمُ ما يُفعَل بالميِّتِ، وأنفَعُ ما يكون للمَيِّتِ، فما دونَها من بابِ أَوْلى [7498] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/270). ثانيًا: لأنَّه تعظيمٌ له وتطهيرٌ؛ فأشْبَهَ الصَّلاةَ عليه [7499] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/122). .ثالثًا: لأنَّ الكافِرَ نَجِسٌ، وتطهيرُه لا يرفَعُ نجاسَتَه؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [7500] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/270). [التوبة: 28].الفرع الثاني: حُكمُ غُسلِ الباغي وقاطِعِ الطَّريقِالباغي وقاطِعُ الطَّريقِ يُغَسَّلانِ ويُصَلَّى عليهما، وهو مذهَبُ الجمهور: المالِكيَّة [7501] ((النوادر والزيادات)) لابن أبي زيد القيرواني (1/619)، ((التلقين في الفقه المالكي)) للقاضي عبد الوهاب (2/195)، ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (2/271). ، والشَّافعيَّة [7502] ((المجموع)) للنووي (5/261-262). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/315). ، والحَنابِلَة [7503] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/376)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/216). .وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّهما لا يَخرُجانِ عن الإسلام ببَغْيِهما [7504] ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/269). .ثانيًا: أنَّهما داخلانِ في عموماتِ الأدلَّةِ الدالَّةِ على وجوبِ الغُسْلِ، وهذه العموماتُ لا يُمكِنُ أن يَخْرُجَ منها شيءٌ إلَّا ما دلَّ الدليلُ عليه [7505] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/288). .الفرع الثالث: حُكمُ غُسْلِ الشَّهيدِ [7506] الشُّهداءُ قِسمانِ: شهيدُ الدنيا، وشهيدُ الآخرة، فشهيدُ الدنيا هو مَن يُقتَل في حربِ الكفَّار مقْبِلًا غيرَ مُدبِرٍ مُخْلِصًا، وشهيدُ الآخِرة هو مَن يُعطَى من جِنس أجْرِ الشُّهداءِ، ولا تجري عليه أحكامُهم في الدُّنيا؛ كالمطعون، والمبطون، والحريق، والغريق، وغيرهم. ينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (6/44). المسألة الأولى: شهيدُ المعركَةِلا يُغَسَّلُ الشَّهيدُ [7507] نص المالكيَّة والشافعية والحنابلة على تحريمِ غُسلِ الشَّهيد، يُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/676)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/349)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/98). قال النووي: (مذهبنا تحريمُها، وبه قال جمهورُ العلماءِ، وهو قولُ عطاءٍ، والنَّخَعي، وسليمان بن موسى، ويحيى الأنصاري، والحاكم، وحماد، والليث، ومالك وتابعيه من أهل المدينة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر). ((المجموع)) (5/264). الذي مات مِنَ المسلمينَ في جهادِ الكُفَّارِ بسببٍ من أسبابِ قتالِهم قبل انقضاءِ الحَرْبِ [7508] قال ابن قدامة: (الشهيدُ إذا مات في مَوْضِعِه، لم يُغَسَّل، ولم يُصَلَّ عليه.. وهو قولُ أكثَرِ أهل العلم، ولا نعلم فيه خلافًا، إلَّا عن الحسن، وسعيد بن المسيب). ((المغني)) (2/393). ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7509] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/248)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 230). ، والمالِكيَّة [7510] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/247). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/140). ، والشَّافعيَّة [7511] ((المجموع)) للنووي (5/260)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/349). ، والحَنابِلَة [7512] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/98). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/393). .الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن جابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ في قتلى أُحُدٍ بِدَفْنِهم بدمائِهم، ولم يُصَلَّ عليهم ولم يُغَسَّلُوا)) [7513] أخرجه البخاري (1347). .2- عن أبي بَرْزَةَ رَضِيَ الله عنه، ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كان في مغزًى له، فأفاءَ اللهُ عليه، فقال لأصحابه: هل تفقِدونَ مِن أَحَدٍ؟ قالوا: نعم، فلانًا، وفلانًا، وفلانًا، ثم قال: هل تفقِدونَ مِنْ أَحَدٍ؟ قالوا: نعم، فلانًا، وفلانًا، وفلانًا، ثم قال: هل تفقِدونَ مِن أَحَدٍ؟ قالوا: لا، قال: لكنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فاطلُبوه. فطُلِبَ في القتلى، فوجدوه إلى جَنْبِ سبعةٍ قد قَتَلَهم، ثمَّ قَتَلوه، فأتى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فوَقَفَ عليه، فقال: قَتَلَ سبعةً، ثمَّ قَتَلوه، هذا منِّي وأنا منه، هذا منِّي وأنا منه. قال: فوَضَعَه على ساعِدَيْهِ، ليس له إلَّا ساعِدَا النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: فحُفِرَ له ووُضِعَ في قَبرِه، ولم يذكُرْ غُسلًا)) [7514] رواه مسلم (2472). .ثانيًا: لئلَّا يزولَ أَثَرُ العبادَةِ المطلوبِ بقاؤُها [7515] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/353). . المسألة الثانية: الشهداءُ بغير حَرْبِ الكفَّارِ1- المقتولُ ظُلْمًاالمقتولُ ظُلْمًا يُغَسَّل، وهو مذهَبُ المالِكيَّة [7516] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/67). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/476). ، والشَّافعيَّة [7517] ((المجموع)) للنووي (5/264)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/350). ، وروايةٌ عن أحمَدَ [7518] ((المغني)) لابن قدامة (2/399). ، واختاره ابن بازٍ [7519] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/122). ، وابن عثيمين [7520] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/288). ، وبه أفتَتِ اللجنةُ الدَّائِمَةُ [7521] ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (12/27). .الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّةعن أنسٍ رَضِيَ الله عنه، ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صعِدَ أُحُدًا، وأبو بكرٍ وعُمَرُ وعُثمانُ، فَرَجَفَ بهم، فقال: اثبُتْ أُحُدُ؛ فإنَّما عليكَ نبيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهيدانِ)) [7522] أخرجه البخاري (3675). .ثانيًا: أنَّ عُمرَ وعثمانَ وعليًّا رَضِيَ اللَّهُ عنهم غُسِّلوا وصُلِّي عليهم بالاتِّفاقِ، مع كونِهم شهداءَ بالاتِّفاقِ [7523] ((المجموع)) للنووي (5/264). .ثالثًا: أنَّ المقتولَ ظُلمًا داخِلٌ في عموماتِ الأدلَّة الدالَّةِ على وجوبِ الغُسْلِ، وهذه العموماتُ لا يُمكِنُ أن يخرُجَ منها شيءٌ إلَّا ما دلَّ الدليلُ عليه، وهو شهيدُ المعركةِ [7524] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/288) . رابعًا: أنَّ رُتبَتَه دون رتبةِ الشَّهيدِ في المعتَرَكِ؛ فأشبَهَ المبطونَ [7525] ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/336). . خامسًا: أنَّ هذا لا يَكْثُر القتلُ فيه، فلم يَجُزْ إلحاقُه بشهيدِ المُعْتَرَك [7526] ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/336). .2- الشَّهيدُ بغيرِ قَتْلٍ يُغسَّلُ الشَّهيدُ بغيرِ قَتْل؛ كالمبطونِ والمطعونِ، والغريقِ والحريقِ، وصاحبِ الهَدْمِ، ونحوِ ذلك [7527] عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عيه وسلَّم: ((مَنْ قُتِلَ في سبيلِ الله فهو شهيدٌ، ومن مات في سبيل اللهِ فهو شهيدٌ، ومن مات في الطَّاعون فهو شهيدٌ، ومن مات في البَطْنِ فهو شهيدٌ، والغريقُ شهيدٌ)). أخرجه البخاري (2829) بنحوه ، ومسلم (1915). وعنه أيضًا قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الشُّهداءُ خمسةٌ: المطعون، والمَبطونُ، والغريق، وصاحِبُ الهَدْمِ، والشَّهيدُ في سبيلِ الله)). أخرجه البخاري (2829)، ومسلم (1914) وعن عُبادَةَ بن الصامِتِ رَضِيَ الله عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((والمرأةُ يَقْتلُها وَلَدُها جمعاءَ، شهادةٌ)). أخرجه أحمد (17797)، والدارمي في ((السنن)) (2458)، والبزار (2539)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9413) جوَّدَ إسنادَه ابنُ كثير في ((جامع المسانيد والسنن)) ( 5869 )، وقال البوصيري ((إتحاف الخِيَرة المهرة)) (2/422): سنده رجالُه ثقات، وصحَّح إسناده الألباني في ((أحكام الجنائز)) (53). .الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّةعن سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((صلَّيْتُ وراءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على امرأةٍ ماتَتَ في نِفاسِها، فقامَ عليها وَسَطَها)) [7528] أخرجه البخاري (1332) واللفظ له، ومسلم (964). . وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ النُّفَساءَ وإن كانت معدودةً من جملَةِ الشُّهداءِ؛ فإنَّ الصَّلاةَ عليها مشروعةٌ، ومِن ثَمَّ تَغْسيلُها، بخلافِ شهيدِ المعركةِ [7529] ((فتح الباري)) لابن حجر (3/201). .ثانيًا: من الإجماعِنَقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قدامة [7530] قال ابنُ قُدامَة: (فأمَّا الشَّهيدُ بغير قتْلٍ؛ كالمبطون، والمطعون، والغَرِق، وصاحِبِ الهَدْم، والنُّفَساءِ؛ فإنَّهم يُغسَّلون، ويُصلَّى عليهم؛ لا نعلمُ فيه خلافًا). ((المغني)) (2/399). ، والنوويُّ [7531] قال النوويُّ: (الشُّهداءُ الذين لم يموتوا بسبب حرْب الكفَّار؛ كالمبطونِ، والمطعون، والغريقِ، وصاحب الهَدْم، والغريبِ، والميِّتةِ في الطَّلْق، ومَن قتَلَه مسلمٌ أو ذِمِّيٌّ، أو مات في غيرِ حالِ القِتال، وشِبهِهم؛ فهؤلاء يُغسَّلون ويُصلَّى عليهم بلا خلافٍ). ((المجموع)) (5/264). ، والشَّوكاني [7532] قال الشوكانيُّ: (وأمَّا سائِرُ مَن يُطلَق عليه اسمُ الشَّهيد؛ كالطَّعين، والمبطون، والنُّفَساء، ونحوِهم؛ فيُغسَّلون إجماعًا، كما في البحر). ((نيل الأوطار)) (4/37). .الفرع الرابع: حُكمُ غُسل ِالسِّقْطالمسألة الأولى: حُكمُ غُسلِ السِّقْطِ إذا استهَلَّيجب غُسلُ السِّقْطِ إذا استهَلَّ [7533] استهلالُ الصبيِّ: تصويتُه، وصياحُه عند ولادَتِه. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (5/629)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (5/424). .الأدلَّةُ:أولًا: من الإجماعِنقل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [7534] قال الماوردي: (وهذا كما قال لا يخلو حالُ السِّقْطِ من أحد أمرين: إمَّا أن يستهِلَّ صارِخًا أو يسقُطَ مَيِّتًا، فإن استهلَّ صارخًا غُسِّلَ وكُفِّنَ وصُلِّيَ عليه ودُفِنَ، وبه قال كافَّةُ الفقهاء). ((الحاوي الكبير)) (3/67).  ، والكاسانيُّ [7535] قال الكاساني: (فأمَّا إذا استهَلَّ بأن حصَلَ منه ما يدُلُّ على حياتِه مِن بكاءٍ أو تحريكِ عُضوٍ أو طرفٍ أو غيرِ ذلك؛ فإنَّه يُغسَّلُ بالإجماع) ((بدائع الصنائع)) (1/302).  ، وابنُ قُدامةَ [7536] قال ابن قدامة: (فأمَّا إن خرج حيًّا واستهلَّ، فإنَّه يُغَسَّل ويُصلَّى عليه، بغير خلافٍ). ((المغني)) (2/389). .ثانيًا: لأنَّه قد ثبَتَ له حُكمُ الدُّنيا في الإسلامِ والميراثِ والدِّيةِ؛ فيُغَسَّل كغيرِه [7537] ((المجموع)) للنووي (5/255). قال ابنُ قُدامةَ: (واتَّفقوا على أنَّه إذا استهلَّ صارخًا وَرِث، ووُرث). ((المغني)) (6/384). .ثالثًا: لأنَّ الاستهلالَ دلالةُ الحياةِ، فتحقَّقَ في حَقِّه سُنَّة الموتى [7538] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/130). .المسألة الثانية: حُكمُ غُسلِ السِّقط إذا لم يستَهِلَّ 1- حُكمُ غُسلِ السِّقْط إذا لم يستهِلَّ وكان دون أربعةِ أشْهُرٍ لا يُغَسَّلُ السِّقْطُ إذا لم يستهِلَّ، وكان دونَ أربعة أشْهُرٍ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة [7539] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/240)، ((منح الجليل)) لعليش (1/511). ، والشَّافعيَّة [7540] ((المجموع)) للنووي (5/255)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/349). ، والحَنابِلَة [7541] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/354). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/389). ، وهو ظاهِرُ الرِّوايةِ عند الحَنفيَّة [7542] قال ابن نجيم: (إذا لم يستهِلَّ لا يُصَلَّى عليه، ويلزم منه ألَّا يُغَسَّل ولا يَرِث ولا يُورث ولا يُسَمَّى، واتَّفقوا على ما عدا الغُسلَ والتَّسميةَ، واختلفوا فيهما؛ فظاهِرُ الروايةِ عدَمُهما، ورَوَى الطحاويُّ فِعْلَهما، وفي الهدايةِ أنَّه المُختار). (البحر الرائق)) (1/302)، ((الهداية)) للمرغيناني (1/91). وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [7543] قال ابنُ قُدامةَ: (فأمَّا مَن لم يأتِ له أربعةُ أشهُرٍ، فإنَّه لا يُغَسَّل، ولا يُصلَّى عليه، ويُلَفُّ في خِرقةٍ، ويُدْفَنُ، ولا نعلَمُ فيه خلافًا، إلَّا عن ابن سيرين، فإنَّه قال: يُصلَّى عليه إذا عُلِم أنَّه نُفِخَ فيه الرُّوحُ، وحديثُ الصَّادق المصدوق يدلُّ على أنَّه لا يُنفَخُ فيه الرُّوحُ إلَّا بعد أربعةِ أشْهُرٍ، وقبل ذلك فلا يكونُ نسَمَةً؛ فلا يُصلَّى عليه؛ كالجماداتِ والدَّمِ). ((المغني)) (2/389). ؛ وذلك لأنَّه قبل الأربعةِ أشْهُرٍ لا يكون نَسَمَةً، فهو كالجماداتِ والدَّمِ، فلا يُغَسَّلُ [7544] ((المغني)) لابن قدامة (2/389). .2- السِّقْطُ إذا لم يستهِلَّ وبلغ أربعةَ أَشْهُرٍ يُغَسَّلُ السِّقطُ إذا وُلِدَ مَيِّتًا ولم يستهِلَّ، إذا كان له أربعةُ أشهرٍ فأَكْثَر، وهو الصَّحيحُ عند الشَّافعيَّة [7545] ((المجموع)) للنووي (5/256)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/96). ، ومذهَبُ الحَنابِلَة [7546] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/101). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/389). ، وهو اختيارُ ابنِ بازٍ [7547] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/18). ، وابنِ عثيمين [7548] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/343). ؛ وذلك لأنَّه نَسَمةٌ نُفِخَ فيها الرُّوحُ؛ فيُغَسَّل [7549] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/101). وقد أخبَرَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه يُنفَخُ فيه الروحُ لأربعةِ أشْهُرٍ؛ فعن ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ أحدَكم يُجْمَعُ في بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا، ثم يكونُ عَلَقةً مثلَ ذلك، ثم يكونُ مُضغةً مثلَ ذلك، ثم يبعثُ اللهُ ملكًا فيؤمرُ بأربعِ كلماتٍ، ويقالُ له: اكتُبْ عملَه، ورزقَه، وأجلَه، وشقيٌّ أم سعيدٌ، ثم يُنفخُ فيه الروحُ...)) أخرجه البخاري (3208) ومسلم (2643). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ غُسْلِ الميِّت، وبعضُ الأحكامِ المتعلِّقة به. المطلب الثالثُ: من يتولَّى الغُسْل . المطلب الرابعُ: صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه.

الفرع الأول: أولى النَّاسِ بغُسْلِ المَيِّتالمسألة الأولى: إذا كان الميِّتُ رَجلًاأَوْلى النَّاسِ بغُسْلِ الميِّتِ وَصِيُّه الذي أوصى أن يُغَسِّلَه، ثم أبوه، ثمَّ جَدُّه، ثم ابنُه، ثم الأقرَبُ فالأقربُ مِن عَصَباتِه نَسَبًا، ثم ولاءً، ثم ذوو أرحامِه، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة [7550] (( ((الإنصاف)) للمرداوي (2/331)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/88). ، واختاره ابنُ بازٍ [7551] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (3 /297). ، وابنُ عثيمينَ [7552] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/265). قال ابن عثيمين في تعليقه على ((الكافي)): (فيه أيضًا تعليلٌ ثالثٌ مُهِمٌّ، وهو: أنَّ المَيِّت قد يكون فيه أشياءُ لا يُحِبُّ أن يطَّلِع عليها كلُّ أحدٍ ولا يُحِبُّ أن يطَّلِع عليها إلَّا شخصٌ يأتَمِنُه فيوصي أن يُغَسِّلَه فلانٌ. رابعًا: لأنَّ المَيِّتَ يُحِبُّ أن يُغَسِّلَه من كان أعبدَ لله وأطْوَعَ لله فيختارُ شخصًا مُعَيَّنًا، ففي هذا الحكم أثَرٌ ونظَرٌ؛ يعني آثار ونظر صحيحٌ في أنه يُقَدَّم في تغسيل المَيِّت من أوصى إليه الميِّتُ). ((الموقع الرسمي لابن عثيمين)). ؛ وذلك لأنَّه حقٌّ للميِّتِ؛ فقُدِّمَ فيه وَصِيُّه على غيرِه كباقي حُقوقِه [7553] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/88). ، ولأنَّ الميِّت قد يكون فيه أشياءُ لا يحبُّ أن يَطَّلِعَ عليها كلُّ أحدٍ، ولا يُحِبُّ أن يَطَّلِعَ عليها إلَّا شخصٌ يأتَمِنُه، فيُوصي أن يُغَسِّلَه فلانٌ.ويُقَدَّم أبوه بعد ذلك؛ لِحُنُوِّه وشَفَقَتِه، ثم جَدُّه؛ لمشاركَتِه الأبَ في المعنى، ثم ابنُه وإن نَزَلَ؛ لِقُرْبِه [7554] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/88). .المسألة الثانية: إذا كان المَيِّتُ امرأةًاختلف أهلُ العِلْمِ في أَوْلى النَّاسِ بغُسلِ المَيِّت إن كان الميِّتُ امرأةً على قولينِ: القول الأول: إن كان الميِّتُ امرأةً، فأَوْلى النَّاسِ بها النِّساءُ، ثم الزَّوجُ إن كانت متزوِّجةً، وهو الأصحُّ عند الشَّافعيَّة [7555] ((المجموع)) للنووي (5/135)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/335) ؛ لأنَّهنَّ أليَقُ [7556] ((روضة الطالبين)) للنووي (2/106). . القول الثاني: أنَّ الأَوْلى الزَّوجُ ثم النِّساءُ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة [7557] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/210). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/114). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة [7558] ((المجموع)) للنووي (5/135)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/335). ؛ وذلك لأنَّه ينظرُ منها إلى ما لا يَنظُرُ غَيرُه [7559] ((المهذب)) للشيرازي (1/238). .الفرع الثاني: حُكمُ غُسلِ المرأةِ زَوْجَها أو العكسالمسألة الأولى: حُكمُ غُسلِ المرأةِ زَوْجَهايجوز للمرأةِ أن تُغَسِّلَ زَوْجَها إذا مات.الدليلُ مِنَ الإجماعِ:نقل الإجماعَ [7560] وحُكِيَ عن أحمدَ في روايةٍ عدَمُ الجوازِ، وفي ثبوتِ هذه الرِّوايةِ خلافٌ بين الحنابلةِ. ينظر: ((الإنصاف)) (2/335).  على ذلك: ابنُ المُنْذِر [7561] قال ابنُ المُنذِر: (أجمعوا على أنَّ المرأةَ تُغَسِّلُ زوجَها إذا مات). ((الإجماع)) (ص:44). وقال أيضًا: (أجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ للمرأةِ أنْ تُغَسِّلَ زوجَها إذا مات، وقد رُوِّينَا عن أبي بكرٍ الصديقِ أنَّه أوصى أن تُغَسِّلَه أسماءُ. قال أبو بكر: وذلك بحضرةِ المهاجرينَ والأنصارِ لم يُنْكِرْ ذلك منهم مُنْكِرٌ، وإنَّ أبا موسى غَسَّلَتْه امرأَتُه). ((الأوسط)) (5/354)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/390). ، وابنُ عبدِ البَرِّ [7562] قال ابن عبد البَرِّ: (ولم يختلفِ الفقهاءُ في جوازِ غُسلِ المرأةِ لِزَوْجِها). ((الاستذكار)) (3/11). وقال أيضًا: (وأجمعَ العلماءُ على جواز غُسلِ المرأةِ زَوْجَها). ((التمهيد)) (1/380). ، والنَّوويُّ [7563] قال النووي: (وأجمعوا أنَّ لها غُسْلَ زوجِها). ((شرح النووي على مسلم)) (7/5). وقال أيضًا: (ذَكَرَ المصنِّفُ أنَّ دليلَ غُسلِ الزوجةِ زَوْجَها قضيةُ أسماءَ، وذَكَرْنا أنَّه حديثٌ ضعيفٌ، فالصوابُ الاحتجاجُ بالإجماعِ؛ فقد نَقَلَ ابن المُنْذِر في كتابيه ((الإشراف)) وكتاب ((الإجماع)) أنَّ الأمَّةَ أجمعت أنَّ للمرأةِ غُسلَ زَوْجِها، وكذا نقَلَ الإجماعَ غيرُه «وأما» الروايةُ التي نقلها صاحِبُ الشامِلِ وغيرُه عن أحمد أنَّها ليس لها غُسلٌ؛ فإنْ ثَبَتَت عنه؛ فهو محجوجٌ بالإجماعِ قبله). ((المجموع)) (5/132).                                     وقال أيضًا: (نقل ابنُ المُنذِر في كتابَيه الإجماعِ والإشراف، والعبدري وآخرون: إجماعَ المسلمينَ أنَّ للمرأةِ غُسْلَ زَوْجِها). ((المجموع)) (5/149). ، وابن قدامة [7564] قال ابنُ قُدامة: (ويجوزُ للمرأةِ غُسلُ زَوجِها بلا خلافٍ) ((الكافي)) (1/353). ، وابنُ رُشْدٍ [7565] قال ابن رشد: (وأجمعوا مِن هذا البابِ على جَوازِ غُسلِ المرأةِ زَوْجَها). ((بداية المجتهد)) (1/228). ، والشربينيُّ [7566] قال الشربيني: (و«هي» تُغَسِّلُ «زوجَها» بالإجماعِ). ((مغني المحتاج)) (1/335). ، والشوكانيُّ [7567] قال الشوكاني: (فيه دليلٌ على أنَّ المرأة يُغَسِّلُها زوجُها إذا ماتت، وهي تغسِّله قياسًا،... وبِغُسلِ أسماءَ لأبي بكرٍ...، وعليٍّ لفاطِمَةَ؛ كما أخرجه الشافعي والدارقطني وأبو نُعيمٍ والبيهقي بإسناد حَسَنٍ، ولم يقَعْ من سائِرِ الصَّحابةِ إنكارٌ على عليٍّ وأسماءَ فكانَ إجماعًا). ((نيل الأوطار)) (4/35). ، وغيرُهم [7568] قال النووي: (نقَلَ ابنُ المُنذِرِ في كتابَيه الإجماعِ والإشرافِ، والعبدري وآخرون: إجماعَ المُسلمين أنَّ للمرأةِ غُسلَ زَوجِها). ((المجموع)) (5/149). .المسألة الثانية: حُكمُ غُسلِ الرَّجُلِ زوجَتَهيجوزُ للرَّجُلِ أن يُغَسِّلَ زوجَتَه، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة [7569] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/7). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/114). ، والشَّافعيَّة [7570] ((المجموع)) للنووي (5/149)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/335). ، والحَنابِلَة [7571]  ((الإنصاف)) للمرداوي (2/336). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/390). ، وقولُ بعضِ السَّلَفِ [7572] ((الإشراف)) لابن المنذر (2/318). وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/149). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [7573] قال الشوكاني: (فيه دليلٌ على أنَّ المرأةَ يُغَسِّلها زوجُها إذا ماتت، وهي تغَسِّلُه قياسًا، وبغسل أسماءَ لأبي بكرٍ...، وعليٍّ لفاطمةَ؛ كما أخرَجَه الشَّافعيُّ والدارقطني وأبو نُعيمٍ والبيهقيُّ بإسنادٍ حَسَنٍ، ولم يَقَعْ مِن سائِرِ الصَّحابة إنكارٌ على عليٍّ وأسماءَ؛ فكانَ إجماعًا). ((نيل الأوطار)) (4/35). . وذلك للآتي: أولًا: لأنَّه أحَدُ الزَّوجينِ، فأُبيحَ له غُسلُ صاحِبِه كالآخَرِ، والمعنى فيه أنَّ كلَّ واحدٍ مِن الزَّوجينِ يَسهُلُ عليه اطِّلاعُ الآخَرِ على عَوْرتِه دونَ غَيرِه؛ لِمَا كان بينهما في الحياةِ، ويأتي بالغُسلِ على أكمَلِ ما يُمكِنُه؛ لِما بَينَهما من المودَّةِ والرَّحمةِ [7574] ((المغني)) لابن قدامة (2/390). . ثانيًا: لأنَّ آثارَ النِّكاحِ مِن عِدَّةِ الوفاةِ والإرْثِ باقيةٌ؛ فكذا الغُسْلُ [7575] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2 /202). .الفرع الثالثُ: تغسيلُ المرأةِ للطِّفْلِللمرأةِ أن تُغَسِّلَ الصبيَّ [7576] على اختلافٍ بين أهلِ العِلْم في سنِّ الصبيِّ المعتَبَر في ذلك. فقيَّدَه المالكية: بسبعِ سنين. ينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/131)، ((التاج والإكليل)) لابن المواق (2/234). وقيَّده الحنابلة بمن دون سَبْعِ سنين. ينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/392)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/90). وقيَّده الحنفيَّةُ والشَّافعيَّةُ بالصبيِّ الذي لا يُشتَهى. ينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/306)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/188)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/160)، ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/303)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/335). الصغيرَ.الدليلُ من الإجماع: نَقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنْذِر [7577] قال ابنُ المُنذِر: (أجمعوا على أنَّ المرأةَ تُغَسِّلُ الصبيَّ الصَّغيرَ). ((الإجماع)) (ص:44)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/152). ، وابنُ قُدامةَ [7578] قال ابنُ قُدامَة: (وللنِّساءِ غُسلُ الطِّفلِ بغير خِلاف). ((المغني)) (2/392). .الفرع الرابع: تغسيلُ الرجُلِ للصَّغيرةِ.يجوزُ للرجُلِ غُسلُ الصَّغيرةِ التي لا تُشْتَهى [7579] وقريبٌ منه قولُ المالكيَّة، لكنَّهم قَصَروا جوازَ غُسلِ الرَّجُلِ للصَّغيرة على الرَّضيعة وما قارَبَها. ينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/46)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/131). ، وهذا مذهَبُ الحَنفيَّة [7580]  ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/188). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/306). ، والشَّافعيَّة [7581] ((المجموع)) للنووي (5/149)، ((إعانة الطالبين)) للبكري (2/127) ؛ وذلك لأنَّ حُكمَ العورةِ غيرُ ثابتٍ في حقِّ الصغيرةِ التي لا تُشْتَهى [7582] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/306). .الفرع الخامِسُ: حُكمُ المرأةِ تموتُ بين أجانِبَ، والرَّجُلِ يموتُ بين أجنبيَّاتٍإذا ماتَتِ المرأةُ بين رجالٍ أجانِبَ، أو مات الرَّجلُ بين نِساءٍ أجنبيَّاتٍ، ولا يوجدُ من يُباحُ له غُسلُها أو غُسلُه- يُيَمَّمَانِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7583] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/188)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 215). ، والمالِكيَّة [7584] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/212). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/116، 117). ، والأصحُّ عند الشَّافعيَّة [7585] ((المجموع)) للنووي (5/141)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/335). ، والحَنابِلَة [7586] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/90). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/392). ، وهو قولُ بعضِ السَّلَف [7587] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/358)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (5/149). ؛ وذلك إلحاقًا لفَقْدِ الغاسِلِ بفَقْدِ الماءِ [7588] ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/12). .الفرع السَّادسُ: حُكمُ غُسلِ الكافِرِ للمُسْلِمِلا يَصِحُّ غُسلُ الكافِرِ للمُسلمِ، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنفيَّة [7589] قال ابن نجيم: (وقيَّد المصنِّفُ بالوليِّ المسلمَ؛ لأنَّ المُسلِمَ إذا مات وله قريبٌ كافِرٌ؛ فإنَّ الكافِرَ لا يتولى تجهيزَه، وإنَّما يفعَلُه المسلمون، ويُكْرَه أن يَدْخُلَ الكافِرُ في قَبْرِ قرابَتِه المُسلم ليدفِنَه، وما استَدَلَّ به الزيلعيُّ على أنَّ الكافِرَ يُمَكَّن من تجهيزِ قَريبِه الُمسلِمِ، مِن قَولِ القدوريِّ: إذا مات مُسْلمٌ ولم يوجَد رجلٌ يُغَسِّله، يُعَلِّمُ النِّساءُ الكافِرَ- فاستدلالٌ غيرُ صحيحٍ). ((البحر الرائق)) (2/205). وقال الكاساني: (وإن مات مُسلمٌ وله أب كافِرٌ، هل يُمَكَّنُ من القيامِ بتَغسيلِه وتجهيزه، لم يُذْكَرْ في الكتابِ، وينبغي ألَّا يُمَكَّنَ من ذلك، بل يُغَسِّلُه المسلمونَ). ((بدائع الصنائع)) (1/303)، ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/195). ، والمالِكيَّة [7590] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/78). ويُنظر: (شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/146). واختلفوا فيما إذا لم يُوجَدْ مع المَيِّت إلَّا الكافِرُ والنِّساءُ الأجانِبُ. ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (1/410). ، والحَنابِلَة [7591] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/87). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/393). ؛ وذلك لأنَّ غُسلَ الميِّتِ عبادةٌ، وليس الكافِرُ مِن أَهْلِها [7592] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/87). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ غُسْلِ الميِّت، وبعضُ الأحكامِ المتعلِّقة به. المطلب الثَّاني: من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل. المطلب الرابعُ: صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه.

الفرع الأول: صفةُ غُسلِ المَيِّتالمسألة الأولى: تجريدُ الميِّتِ مِن ثيابِهيُسَنُّ تجريدُ الميِّتِ من ثيابِه، وهو مذهَبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة [7593] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 213)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/195). ، والمالِكيَّة [7594] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/223). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/123). ، والحَنابِلَة [7595] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/91). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/338). .الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّةعن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((لَمَّا أرادوا غُسلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قالوا: واللهِ ما ندري: أَنُجَرِّدُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من ثيابِه كما نُجَرِّدُ موتانا، أم نُغَسِّلُه وعليه ثيابُه؟)) [7596] أخرجه أبو داود (3141)، وأحمد (26349)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (517)، وابن حبان (6628).  صححه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (2/159)، قال ابن كثير ((إرشاد الفقيه)) (222/1): إسناده جيد قوي، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/231): حسن صحيح على شرط مسلم، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3141)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1557). .وَجهُ الدَّلالةِ: دلَّ قولُهم: أَنُجَرِّدُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن ثيابِه كما نُجَرِّدُ موتانا؛ أنَّ عادتَهم كانت تجريدَ موتاهم للغُسلِ في زَمَنِه صلَّى الله عليه وسلَّم [7597] ((حاشية ابن عابدين)) (2/195). .ثانيًا: لأنَّ ذلك أَمْكَنُ في تغسيلِه [7598] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/91). .ثالثًا: لأنَّ ذلك أبلَغُ في تطهيرِه [7599] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/91). .رابعًا: لأنَّ ذلك أَصْوَنُ له مِنَ التَّنجيسِ [7600] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/91). .المسألة الثانية: سَتْرُ عورةِ المَيِّتيجبُ سَتْرُ عورةِ المَيِّتِ عند الشُّروعِ في غُسلِه، ولا يجوزُ النَّظَرُ إلى عَورتِه.الأدلَّة: أولًا: من السنَّةِعمومُ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِي رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا ينظُرُ الرَّجُلُ إلى عورةِ الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عورةِ المَرْأةِ)) [7601] أخرجه مسلم (338). . ثانيًا: من الإجماعنقَلَ الإجماعَ على وجوبِ سَتْرِ عَوْرَتِه، وحُرمَةِ النَّظَر إليها: ابنُ عبدِ البَرِّ [7602] قال ابنُ عبد البَرِّ: (السُّنة المجتمَع عليها تحريمُ النظر إلى عورة الحيِّ والميِّت، وحُرمةُ المؤمِنِ ميتًا كحُرْمَتِه حيًّا، ولا يجوز لأحدٍ أن يُغسِّلَ ميِّتًا إلَّا وعليه ما يَسْتُره، فإنْ غُسِّل في قميصٍ فحَسَنٌ، وسترُه كلِّه حَسَنٌ، وأقلُّ ما يلزم من السَّتْرِ له سَترُ عَوْرَتِه). ((الاستذكار)) (3/4). وقال أيضًا: (أجمَعَ العلماءُ على أنَّ النَّظَرَ إلى فرْج الحيِّ والميِّت يحرُم ولا يجوز، وكذلك مباشرتُه باليَدِ من غيرِ مَن أحَلَّ الله مباشرتَه من الزَّوجين، ومِلْك اليمين للرَّجُل، إلَّا ما كان من الأطفالِ الذين لا إرْبَ فيهم ولا شهوةَ تتعلَّق بهم). ((الاستذكار)) (3/8). ، وابنُ قدامةَ [7603] قال ابن قدامة- عن سَتْر عورة الميِّت- : (أمَّا سَتْر ما بين السُّرَّة والرُّكبة، فلا نعلمُ فيه خلافًا). ((المغني)) (2/338). ، والحطَّاب [7604] قال الحَطَّاب: (ولا خِلافَ في وجوب ما يستُر العورة، وما حكاه الشارحُ عن ابن يونس من أنَّه سُنَّة، يُحمل على ما زاد على سَتْر العورة؛ إذ لا خلافَ في وجوب سَترها، والله أعلم). ((مواهب الجليل)) (3/6). .المسألة الثالثة: عَصْرُ بَطْنِ الميِّتيُشْرَعُ أن يعْصِرَ الغاسِلُ بَطْنَ الميِّتِ عصرًا رفيقًا، ثم يَلُفَّ على يَدِه خِرقةً فيُنْجيه بها، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7605] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/237)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/186). إلَّا أنَّ الأحنافَ يجعلون العَصْرَ بعد غسْلِ الميت، وإن نزل شيءٌ بِسَبَب العصر لا يعادُ تغسيلُ الميت. ، والمالِكيَّة [7606] ((التاج والإكليل)) للمواق، (2/223). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/124). ، والشَّافعيَّة [7607] ((المجموع)) للنووي (5/171)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/333). ، والحَنابِلَة [7608] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/92). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/340). . وذلك للآتي: أولًا: ليُخْرِجَ ما في بَطْنِه من نجاسةٍ [7609] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/92). .ثانيًا: حتى لا يَخْرُج بعد ذلك فيُلَوِّث الكَفَن [7610] ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/109). .ثالثًا: يَعْصِر بطنَه عصرًا رفيقًا؛ لأنَّ المَيِّتَ في محَلِّ الشَّفَقة والرَّحمةِ [7611] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/92). . رابعًا: يلُفُّ على يَدِه خرقةً حتى لا يَمَسَّ عَوْرَتَه؛ لأنَّ النَّظَرَ إلى العورةِ حرامٌ؛ فاللَّمْسُ أَوْلى [7612] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/300). . المسألة الرابعة: نيَّة الغُسلِ لا تجِبُ النيَّةُ في غُسلِ المَيِّت، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة [7613] ((العناية)) للبابرتي (2/110)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/200). قال ابن الهمام: (وهل يُشترَطُ للغُسْلِ النيَّةُ؟ الظاهِرُ أنَّه يُشترَطُ لإسقاطِ وجوبِه عن المُكَلَّف لا لتحصيلِ طهارَتِه هو). ((فتح القدير)) (2/106). وأيده ابن عابدين في ((حاشيته)) (2/200). ، والمالِكيَّة [7614] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/7). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/450)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/114). ، والشَّافعيَّة [7615]  ((المجموع)) للنووي (5/164). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/91). ، وروايةٌ عن أحمدَ [7616] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/342). ؛ وذلك لأنَّ القَصْدَ التنظيفُ، فأشْبَهَ غَسْلَ النَّجاسَةِ [7617] ((المغني)) لابن قدامة (2/345). . المسألة الخامسة: مَسْحُ أسنانِ المَيِّت ومِنْخَريه وتنظيفُهمايُسْتَحَبُّ أن يمسَحَ الغاسِلُ أسنانَ الميِّتِ ومِنْخَرَيه وينظِّفَهما [7618] وقيل: يفعلُ ذلك بخرقةٍ؛ صيانةً لليَدِ، وإكرامًا للمَيِّت. يُنظر: ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 372)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/223)، ((المجموع)) للنووي (5/172)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/342). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7619] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 372). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة البخاري (2/156). ، والمالِكيَّة [7620] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/223). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/125). ، والشَّافعيَّة [7621] ((المجموع)) للنووي (5/172)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/333). ، والحَنابِلَة [7622]  ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/93). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/341). .الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّةعن أمِّ عطيَّةَ نُسيبَةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لهنَّ في غُسلِ ابنتِه: ((ابدأْنَ بمَيَامِنِها ومواضعِ الوُضوءِ منها)) [7623] أخرجه البخاري (167) واللفظ له، ومسلم (939). .ثانيًا: من أجل إزالَةِ ما يُكْرَه ريحُه أو رُؤْيَتُه [7624] ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/125). . المسألة السادسة: تَوضِئَةُ الميِّتيُسَنُّ أن يُوَضِّئَ الغاسِلُ المَيِّتَ في أوَّلِ غَسَلاتِه؛ كوضوءِ حَدَثٍ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7625] ((الهداية)) للمرغيناني (1/90)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 213). وقالوا: يوضَّأُ بلا مضمضةٍ ولا استنشاقٍ إلَّا أن يكون جُنُبًا. ، والمالِكيَّة [7626] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/223). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/125). وعند المالكية يُمضْمَض، ويُمالُ رَأْسُه تفاديًا لدخول الماءِ، ولِيَخْرُجَ بما معه من الأذى. ، والشَّافعيَّة [7627] ((المجموع)) للنووي (5/172)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/333). وعند الشافعية يوضَّأ وُضوءًا بمضمضةٍ واستنشاقٍ. ، والحَنابِلَة [7628] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/93). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/341). وعندهم إمرارُ خرقةٍ مبلولةٍ لِمَسْحِ أسنانِ الميِّتِ، وتنظيفِ مِنْخَريه، يقوم مقامَ المضمضةِ والاستنشاقِ. . الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّةعن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ الله عنها، قالت: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهنَّ في غُسْلِ ابنَتِه: ((ابدَأْنَ بِمَيامِنِها ومواضِعِ الوُضوءِ منها)) [7629] أخرجه البخاري (167) واللفظ له، ومسلم (939). .ثانيًا: لأنَّ الوضوءَ يُبدَأُ به في غُسْلِ الحيِّ، فكذلك الميِّتُ [7630] ((الاختيار لتعليل المختار)) للموصلي (1/97). ، فهو سنَّةُ الاغتسالِ في حالة الحياةِ، فكذا بعد المماتِ؛ لأنَّ الغُسْلَ في الموضعيْنِ لأجْلِ الصَّلاةِ [7631] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/300). . المسألة السابعة: غُسلُ الميِّت بالسِّدْريُغَسَّل الميِّتُ بماءٍ وسِدْرٍ [7632] يجوز استخدامُ الصابونِ في غُسلِ المَيِّت أو ما يقوم مقامَه في التنظيف. ينظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/113)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (17/89)، ((أحكام الجنائز)) للألباني (1/47)، ((فتاوى اللجنة الدائمة-المجموعة الأولى)) (8/353). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7633] ((الهداية)) للمرغيناني (1/90). ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/109). صرَّحوا بأنَّ المَيِّت يُغَسَّل بالسِّدْر في كيفية الغُسْل، ولم يصرحوا بالسُّنِّيَّة. ، والمالِكيَّة [7634] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/411). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/123)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/669). وصرَّحُوا بالنَّدْبِ. ، والشَّافعيَّة [7635] ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/446)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/334). وصَرَّحوا بالاستحبابِ في الغَسلةِ الأولى. ، والحَنابِلَة [7636] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/94). ويُنظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (2/287). .الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أقبلَ رجُلٌ حَرامًا مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فخَرَّ مِن بَعيرِه، فوُقِصَ وَقْصًا، فمات، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ وأَلْبِسوه ثوبَيْهِ، ولا تُخَمِّروا رَأْسَه؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ يُلَبِّي)) [7637] أخرجه البخاري (1265)، ومسلم (1206) واللفظ له. .2- عن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: دخل علينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوفِّيَتْ ابنَتُه، فقال: ((اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثَرَ من ذلك إنْ رَأَيْتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كافورًا- أو شيئًا من كافورٍ- فإذا فرَغْتُنَّ فآذِنَّنِي)) [7638] أخرجه البخاري (1253) واللفظ له، ومسلم (939). .ثانيًا: لأنَّ المقصودَ من الغُسْل التنظيفُ، فيُستعانُ بما يزيدُ فيه التَّطهيرُ [7639] ((البناية)) للعيني (3/185). . المسألة الثامنة: غَسْلُ جميعِ بَدَنِ المَيِّتِ والتيامُن فيه1- غَسْلُ جميع بَدَنِ المَيِّتيجب غَسْلُ جميعِ بَدَنِ المَيِّت، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [7640] ((المبسوط)) للسرخسي (2/229)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/188). ويُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة البخاري (2/153)، ، والمالِكيَّة [7641] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/411). ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/668). ، والشَّافعيَّة [7642] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (3/98)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (2/82). ، والحَنابِلَة [7643] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/93). ويُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (1/355). . الأدلَّة من السُّنَّة: 1- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((وَقَصَتْ برجلٍ مُحْرمٍ ناقتُه فقَتَلَتْهُ، فَأُتِيَ بهِ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالَ: اغْسِلوه...)) [7644] أخرجه البخاري (1839)، ومسلم (1206). .2- عن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: دخَلَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوُفِّيَتْ ابنَتُه، فقال: ((اغْسِلْنَها...)) [7645] أخرجه البخاري (1253) واللفظ له، ومسلم (939). .2- التيامُنُ في غُسلِهيُسَنُّ في غُسلِ المَيِّت أن يُبدَأَ بالشِّقِّ الأيمَنِ ثُمَّ الأيسَرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7646] ((الهداية)) للمرغيناني (1/90)، ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 214). ، والمالِكيَّة [7647] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/413). ويُنظر: ((الثمر الداني)) للآبي الأزهري (1/268). ، والشَّافعيَّة [7648] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (3/103، 104). ويُنظر: ((النجم الوهاج)) للدميري (3/21). والحَنابِلَة [7649] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/94). ويُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (1/356). . الأدلَّة من السُّنَّة: 1- عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهنَّ في غسلِ ابنَتِه: ((ابْدَأْنَ بميامِنِها ومواضِعِ الوُضوءِ منها)) [7650] أخرجه البخاري (167) واللفظ له، ومسلم (939). .2- عمومُ حديثِ عائشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: ((كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُعْجِبُه التيمُّنُ في تنعُّلِه وترجُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كُلِّه)) [7651] رواه البخاري (168)، ومسلم (268). . المسألة التاسعة: وَضْعُ الكافورِ في الغَسْلَة الأخيرةِيُسَنُّ أن يجعَلَ الغاسِلُ في الغَسلَةِ الأخيرةِ كافورًا [7652] الكافور: شجَرٌ يتَّخَذُ منه مَادَّة شفَّافةٌ رائحَتُها عطريَّةٌ. يُنظر: ((المعجم الوسيط)) (2/792). ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7653] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/237)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 374). ، والمالِكيَّة [7654] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/3). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/124). ، والشَّافعيَّة [7655] ((المجموع)) للنووي (5/169)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/334). ، والحَنابِلَة [7656] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/95). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/343). . الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّةعن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((دخَلَ علينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوُفِّيَتِ ابنَتُه، فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثَرَ من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخرَةِ كافورًا- أو شيئًا من كافورٍ- فإذا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّنِي)) [7657] أخرجه البخاري (1253) واللفظ له، ومسلم (939). .ثانيًا: لأنَّه يُصَلِّبُ الجسمَ، ويُبَرِّدُه، ويُطَيِّبُه، ويطردُ عنه الهوامَّ [7658] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/95). . المسألة العاشرة: الوِتْرُ في غُسلِ الميِّت الوِترُ في تغسيلِ الميِّت مُستحَبٌّ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحنفيَّة [7659] ((المبسوط)) للسرخسي (2 /107). ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2 /108)، وعندهم السُّنةُ في عددِ الغُسلِ ثلاثٌ، وإنْ زاد على الثلاثِ جاز، كما في حالةِ الحياةِ. يُنظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (2/157). ، والمالكيَّة [7660] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/270)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/517) فيُغسلُ عندهم ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، ولا يُزاد على السَّبعِ إلَّا أن يُحتاجَ إلى ذلك. ، والشافعيَّة [7661] ((فتح العزيز)) للرافعي (5/121)، ((المجموع)) للنووي (5/187) ويُستحَبُّ عندَهم أن يُغسلَ ثلاثًا، فإن لم يحصُلِ النَّقاء والتنظيفُ، يُزادُ حتى يحصلَ، والمستحبُّ أن يُختمَ بالوترِ. ، والحنابلةِ [7662] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/345)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/95)، وعندَهم يُغسل ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، ويُزاد على سبعٍ إلى أن ينقَى، ويقطَع على وِترٍ. ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك [7663] قال ابنُ عبد البَرِّ: (والوِترُ عندهم في الغَسَلات مستحبٌّ غيرُ واجبٍ عند الجميع). ((التمهيد)) (1/377). وقال ابنُ حجرٍ: (ومِن ثمَّ ذهب الكوفيون وأهلُ الظاهرِ والمزنيُّ إلى إيجابِ الثلاثِ). ((فتح الباري)) (3/128). وقال ابنُ حزمٍ: (وصفةُ الغسلِ أن يغسلَ جميعُ جسدِ الميِّت ورأسُه بماءٍ قد رُمي فيه شيءٌ مِن سدرٍ ولا بدَّ، إن وُجد، فإن لم يُوجد فبالماءِ وحدَه -: ثلاثَ مرَّات ولا بدَّ، يُبتدأ بالميامنِ، ويُوضَّأ -: فإن أحبُّوا الزيادةَ فعلى الوترِ أبدًا: إما ثلاثُ مرَّات، وإما خمسُ مراتٍ، وإما سبعُ مرَّات). ((المحلى)) (3/343). .  الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة: عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى لله عليه وسلَّم قال: ((اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثرَ من ذلك)) [7664] أخرجه البخاري (1253) واللفظ له، ومسلم (939). .وفي رواية: ((واغسِلنَها وِترًا ثلاثًا أو خمسًا)) [7665] مسلم (939). . المسألة الحادية عشرة: تقليمُ أظْفار المَيِّتِ وقَصُّ شارِبِهاختلف أهلُ العِلمِ في تقليمِ أظْفارِ المَيِّت وقَصِّ شارِبِه على قولين: القول الأول: يُكْرَه تقليمُ أظْفارِ المَيِّت وقَصُّ شاربِه، وهو مذهبُ الحَنفيَّة [7666] ((المبسوط)) للسرخسي (2/106). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/301). ، والمالِكيَّة [7667] ((منح الجليل)) لعليش (1/507). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/136). ، وقولٌ للشافعيَّةِ صحَّحَه بعضُهم، واختاره النوويُّ [7668] ((المجموع)) للنووي (5/179). ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/304). ، ومال إليه ابن المُنْذِر [7669] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/347). ؛ وذلك لأنَّه يُفْعَلُ للزِّينةِ، والمَيِّتُ ليس بمحَلِّ الزِّينةِ [7670] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/301). القول الثاني: يُستحَبُّ تقليمُ أظْفار المَيِّت وقَصُّ شارِبِه، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة [7671] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/350). ويُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (1/357). ، وقولٌ للشافعيَّة [7672] ((المجموع)) للنووي (5/179). ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ [7673] ((الأوسط)) لابن المنذر (5/346). ، واختاره ابنُ بازٍ [7674] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/114). ، وابنُ عثيمينَ [7675] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/282). . وذلك للآتي: أولًا: لأنَّه تنظيفٌ لا يتعلَّقُ بقَطْعِ عُضوٍ، أشْبَهَ إزالةَ الوَسَخِ والدَّرَن [7676] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/350). .ثانيًا: لأنَّه سُنَّةٌ في حياتِه [7677] ((الكافي)) لابن قدامة (1/357). .المسألة الثانية عشرة: حَلْقُ شَعْرِ عانَةِ المَيِّت يَحْرُم حَلْقُ شَعْرِ عانَةِ الميِّت [7678] ومِن أَهْلِ العِلْمِ من ذهب إلى جوازِ الأَخْذِ منها إذا طالَتْ وفَحُشَتْ؛ قال ابن المنذر: (وقال أحمد، وإسحاق في الشَّعْر والظُّفْر: يؤخَذُ إذا كان فاحِشًا). ((الأوسط)) (5/346). وقال ابن عثيمين: (وأمَّا العانةُ إذا طالَتْ وكَثُرَتْ؛ فإنَّها تُؤخَذُ). ((الشرح الممتع)) (5/282). ، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة [7679] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/347)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/350). ؛ وذلك لِمَا فيه مِنْ مَسِّ العورةِ ونَظَرِها، وهو مُحَرَّمٌ [7680] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/350). . المسألة الثالثة عشرة: تنشيفُ المَيِّتِ بعد الغُسْليُستَحَبُّ أن يُنَشَّفَ المَيِّتُ بعد الغُسْلِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7681] ((الهداية)) للمرغيناني (1/90). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/301). ، والمالِكيَّة [7682] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/29). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/301). ، والشَّافعيَّة [7683] ((المجموع)) للنووي (5/176)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/334). والحَنابِلَة [7684] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/348)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/211). .وذلك للآتي: أولًا: لأنَّه مِن كَمالِ غُسْلِ الحَيِّ [7685] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/348). .ثانيًا: لأنَّه إذا بَقِيَ رَطْبًا عند التَّكفينِ، أَثَّرَ ذلك في الكَفَنِ [7686] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/348)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/283). . المسألة الرابعة عشرة: التيمُّمُ عند العَجْزِ عن الماءِيُيَمَّمُ المَيِّتُ لعُذْرٍ مِن عَدمِ الماءِ، أو عَجْزٍ عن استعمالِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7687] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/151)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/253). ، والمالِكيَّة [7688] ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/411). ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/669). ، والشَّافعيَّة [7689] ((المجموع)) للنووي (5/178). ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (3/34). ، والحَنابِلَة [7690] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/218)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/344). ، وهو قولُ ابنِ حَزْمٍ الظَّاهريِّ [7691] ((المحلى)) لابن حزم (1/377). ؛ وذلك لأنَّه غُسْلٌ لا يتعلَّقُ بإزالَةِ نجاسةٍ، فنابَ التيمُّمُ عنه عند العَجْزِ؛ كغُسْلِ الجنابَةِ [7692] ((المجموع)) للنووي (5/178). ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (3/34). .الفرع الثاني: الأحكامُ الخاصَّةُ بغُسْلِ المرأةِ والخُنْثَى والمُحْرِمالمسألة الأولى: الأحكامُ الخاصَّةُ بغُسْلِ المرأةِيُستَحَبُّ تسريحُ شعْرِ الميَّتةِ، وجَعْلُه ثلاثَ ضفائِرَ خَلْفَها، وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة [7693] ((الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/410). ويُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (2/261). ، والشَّافعيَّة [7694] ((المجموع)) للنووي (5/184). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/28). ، والحَنابِلَة [7695] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/97). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/352). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة: عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((تُوُفِّيَتْ إحدى بناتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأتانا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: اغْسِلْنَها بالسِّدْرِ وِتْرًا ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثَرَ من ذلك، إن رأيتُنَّ ذلك، واجعَلْنَ في الآخِرَةِ كافورًا- أو شيئًا من كافورٍ- فإذا فرغْتُنَّ فآذِنَّنِي، فلما فَرَغْنا آذَنَّاه، فألقى إلينا حَقْوَهُ [7696] فألقى إلينا حَقْوَه: يعني إزارَه، وأصْلُ الحقْوِ مَعْقِد الإزارِ، وسُمِّيَ به الإزارُ؛ لأنه يُشَدُّ فيه. يُنظر: ((شرح النووي على مسلم)) (7/3)، ((النهاية)) لابن الأثير (1/417). ، فضَفَّرْنا شَعْرَها ثلاثةَ قُرونٍ، وألقيناها خَلْفَها)) [7697] أخرجه البخاري (1253) واللفظ له، ومسلم (939). .المسألة الثانية: غسلُ الخُنثى المُشْكِلالخُنثى المُشْكِل يُيَمَّمُ ولا يُغَسَّلُ [7698] على تفصيل بين المذاهِبِ الفِقهيَّةِ: فالحنفيَّةُ قالوا: إن كان المُيَمِّمُ ذا رَحِمٍ منه، يَمَّمَه بغير خرقةٍ، وإن كان غيرَ مَحْرَم فبخرقةٍ ويُعرِض عن ذراعيه، أما إن كان صغيرًا غُسِّلَ على كلِّ حالٍ، سواءٌ كان الغاسِلُ رجلًا أو امرأةً، وإن كان بلغ حَدَّ الشهوةِ لا يُغَسَّل للتعذُّر، بل يُيَمَّم. ينظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/235). والمالكية قالوا: الخُنْثَى المُشْكِل الكبير الذي لا مَحْرَمَ له من الذكورِ والإناثِ ولا سيِّدًا ذَكَرًا، أنَّه يُشتَرى له جاريةٌ من مالِ نفسه، فإن لم يكنْ له مالٌ فَمِنْ بيتِ المالِ، ثم تَرْجِع لبيتِ المالِ ولا تُورَثُ، وإن لم يُوجَدْ، أوْ لا وصولَ إليه، فإنَّه يُيَمَّمُ ويُدْفَنُ، وينبغي إذا يمَّمَه رجُلٌ أن يُيَمِّمَه إلى كوعَيهِ احتياطًا، وإن يَمَّمَتْه امرأةٌ يَمَّمَتْه إلى مِرْفَقَيه بالأَوْلى من الرَّجُلِ؛ وذلك لأنَّه إن كان ذَكَرًا فهي أَمَتُه، وإن كان أنثى فهو امرأةٌ إلا أنَّها تُؤمَرُ بِسَتْرِه. ينظر: ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/415)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (8/624). والحنابلة قالوا: إذا مات خُنثى مُشْكِل له سبعُ سنينَ فأكثَرُ، فإن كانت له أمَةٌ غَسَّلَتْه؛ لأنَّه إن كان أنثى فلا كلامَ، وإن كان ذَكَرًا فلِأَمَتِه أن تُغَسِّلَه. ينظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/347)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/91). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة [7699] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/235). ويُنظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (1/167). ، والمالِكيَّة [7700] ((مواهب الجليل)) للحطاب (8/624). ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/673). ، والحَنابِلَة [7701] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/339)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/347). ، ووجهٌ للشافعيَّةِ [7702] ((البيان)) للعمراني (3/22). . وذلك للآتي: أولًا: لأنَّه مات قبل أن يَستبينَ أَمْرُه فلم يُغَسِّلْه رجلٌ ولا امرأةٌ؛ لأنَّ حِلَّ الغُسل غيرُ ثابتٍ بين الرِّجالِ والنِّساءِ، فيُتَوَقَّى؛ لاحتمالِ الحُرْمَةِ، ويُيَمَّمُ بالصَّعيدِ؛ لتَعَذُّرِ الغُسْلِ [7703] ((العناية)) للبابرتي (10/520). .ثانيًا: لأنَّه لا يحلُّ للرَّجُلِ أن يُغَسِّلَه؛ لاحتمالِ أن يكونَ أنثى، ولا يحِلُّ للمرأةِ أن تُغَسِّلَه؛ لاحتمال أنَّه ذَكَرٌ؛ فَيُيَمَّم [7704] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/328). . المسألة الثالثة: صفةُ غُسْلِ من مات مُحْرِمًاغُسْلُ الْمُحْرِم المَيِّت كغُسْلِه وهو حيٌّ، فيُجَنَّب ما يُجَنَّبُ وهو حيٌّ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة [7705] ((المجموع)) للنووي (5/208). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/13). ، والحَنابِلَة [7706] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/98). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/400). ، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَف [7707] قال الماوردي: (وبه قال من الصحابة: عثمان، وعلي، وابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عنهم، ومن التابعين: عطاء، ومن الفقهاء: سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق). ((الحاوي الكبير)) (3/13). ، وهو قولُ ابنِ حزْمٍ [7708] ((المحلى)) لابن حزم (3/374). ، وابنِ تيميةَ [7709] ((شرح عمدة الفقه- كتاب الطهارة والحج)) لابن تيمية (3/51). ، وابنِ القَيِّم [7710] ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/484). والصَّنعاني [7711] ((سبل السلام)) للصنعاني (2/92). ، وابنِ بازٍ [7712] ((مجموع فتاوى ابن باز)) (3/297). ، وابنِ عثيمينَ [7713] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/285). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة: عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بَيْنَا رجلٌ واقِفٌ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِعَرَفَةَ إذْ وَقَعَ عن راحِلَتِه فوَقَصَتْه، أو قال فأَوْقَصَتْه- فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ وكفِّنوه في ثوبينِ، ولا تُمِسُّوه طِيبًا، ولا تُخَمِّروا رَأْسَه، ولا تُحَنِّطوه؛ فإنَّ اللهَ يَبْعَثُه يومَ القيامَة مُلَبِّيًا)) [7714] أخرجه البخاري (1850) واللفظ له، ومسلم (1206). .وجهُ الدَّلالة: أنَّه مَنَعَ مِن تخميرِ رَأْسِه بعد الموتِ، ومِنْ مَسِّهِ بالطِّيبِ؛ لِبقاءِ الإحرامِ عليه [7715] ((شرح عمدة الفقه- كتاب الطهارة والحج)) لابن تيمية (3/51). ، ودلَّ قَوْلُه: ((فإنَّه يُبعَثُ يومَ القيامَةِ مُلَبِّيًا)) على أنَّه باقٍ على إحرامِهِ؛ فهو كالحَيِّ [7716] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/285). .الفرع الثالث: إذا خرج من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسلِهإذا خرج من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسلِه وقبلَ تكفينِه؛ وَجَبَ غَسْلُ النَّجاسَةِ، ولا يُعادُ الغُسْلُ، وهذا مذهَبُ الجمهورِ [7717] أمَّا الحنابلة فقالوا: يُعادُ غُسْله إذا خرج منه شيءٌ إلى سبع غَسَلات ولا يزاد على سبعٍ؛ فإن خرج منه شيءٌ بعد السابعة، غُسِلَ الموضِعُ وَحْدَه. ينظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/351)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/348). : الحَنفيَّة [7718] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/237). ويُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/104). ، والمالِكيَّة [7719] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/223). ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/671). ، والشَّافعيَّة [7720] ((المجموع)) للنووي (5/176)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/334). .وذلك للآتي: أوَّلًا: لأنَّ الغُسْلَ قد عُرِفَ بالنَّصِّ، وقد حصل مرَّةً، وسقط الواجِبُ فلا يُعيدُه [7721] ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/109). .ثانيًا: لأنَّه خَرَجَ عن التَّكليفِ بِنَقْضِ الطَّهارة [7722] ((المجموع)) للنووي (5/176). . ثالثًا: قياسًا على ما لو أصابَتْه نجاسةٌ مِن غَيْرِه؛ فإنَّه يكفي غَسْلُها بلا خلافٍ [7723] ((المجموع)) للنووي (5/176). . رابعًا: لأنَّ خُروجَ النَّجاسةِ مِنَ الحَيِّ بعد غُسْلِه لا يُبْطِلُه، فكذلك المَيِّت [7724] ((المغني)) لابن قدامة (2/344). .مسألة: حُكمُ إعادةِ وُضوءِ المَيِّت بعد خروجِ النَّجاسةِ منه إذا خرَجَ من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسْله، وقبل تكفينِه؛ فلا يُعادُ وُضوؤُه، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة [7725] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/237). ويُنظر: ((الجوهرة النيرة)) للحدادي (1/104). ، والمالِكيَّة [7726] ((حاشية العدوي)) (1/520). والصَّحيحُ مِن مَذْهَبِ الشَّافعيَّة [7727] ((المجموع)) للنووي (5/176)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/334). . وذلك للآتي:  أولًا: لأنَّه إن كان حَدَثًا، فالموت فَوْقَه في هذا المَعنى؛ لكونِه ينفي التمييزَ فوقَ الإغماءِ؛ فلا معنى لإعادَتِه مع بقاءِ المَوْتِ [7728] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي مع، ((حاشية الشلبي)) (1 /237)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/109). .ثانيًا: لأنَّه خرَجَ عن التَّكليفِ بِنَقْضِ الطَّهارةِ، وقياسًا على ما لو أصابَتْه نجاسةٌ مِنْ غَيْرِه، فإنَّه يَكْفِي غَسلُها بلا خلافٍ [7729] ((المجموع)) للنووي (5 /176). .الفرع الرابع: حُكمُ الاغتسالِ مِن غُسْلِ المَيِّتيُستحَبُّ الاغتسالُ مِنْ غُسْلِ المَيِّت، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة [7730] ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 48)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/202). ، والمالِكيَّة [7731] ((منح الجليل)) لعليش (1/494). ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 22)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/549). والشَّافعيَّة [7732] ((المجموع)) للنووي (2/203)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/85). ، والحَنابِلَة [7733] ((الفروع)) لابن مفلح (1/264)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/150). .الأدلَّة من الآثار: 1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، أنه قال: (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فلْيغتَسِلْ) [7734] أخرجه البزار (7992)، وابن شاهين في ((ناسخ الحديث ومنسوخه)) (ص56) وابن أبي شيبة (3/269) والبيهقي (1/302). قال الإمام أحمد- كما في ((تنقيح تحقيق التعليق)) (1/180)- موقوفٌ على أبي هريرة، وقال البخاري كما في ((خلاصة البدر المنير)) لابن الملقِّن (1/60): الأشبه وقْفُه على أبي هريرة. وقال أبو حاتم في ((العلل)) (1/351): هو موقوفٌ على أبي هريرة، لَا يرفعُهُ الثِّقاتُ. قال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (1/302): هذا هو الصَّحيحُ مَوقوفًا على أبى هريرةَ؛ كما أَشار إليه البخارِىُّ. قال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (2/524): له طرق كثيرة، وحاصِلُه تضعيفُ رَفْعِه وتصحيحُ وَقْفِه. .2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما، قال: (كُنَّا نُغَسِّلُ المَيِّتَ؛ فمِنَّا من يَغْتَسِلُ، ومنَّا مَن لا يغتَسِلُ) [7735] أخرجه الدارقطني (2/72)، والبيهقي (1521)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (3/ 427)  صححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/378)، وصحح إسناده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/208)، والألباني في ((أحكام الجنائز)) (72). . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: حُكمُ غُسْلِ الميِّت، وبعضُ الأحكامِ المتعلِّقة به. المطلب الثَّاني: من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل. المطلب الثالثُ: من يتولَّى الغُسْل .