أوَّلًا: أستغفرُ اللهَ ثلاثًاالدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن ثَوبانَ رضيَ اللهُ عنه مولَى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذا انصرَفَ مِن صلاتِه، استغفَرَ ثلاثًا...)) رواه مسلم (591) .ثانيًا: ربِّ قِنِي عذابَك يومَ تبعَثُ عِبادَكَالدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن البَرَاءِ بنِ عازبٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا إذا صلَّيْنا خَلْفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أحبَبْنا أنْ نكونَ عن يمينِه، يُقبِلُ علينا بوجهِه، قال: فسمِعْتُه يقولُ: ربِّ قِنِي عذاَبك يومَ تبعَثُ أو تجمَعُ عِبادَكَ)) رواه مسلم (709) .ثالثًا: اللهمَّ أعِنِّي على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسْنِ عبادتِكَالدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَذَ بيدِه وقال: يا مُعاذُ، واللهِ إنِّي لَأُحِبُّك، واللهِ إنِّي لَأُحِبُّك، فقال: أُوصيكَ يا مُعاذُ؛ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ اختلف أهلُ العلم في المراد بقوله: ((دُبرَ كلِّ صلاةٍ))، فقال الجمهور: دُبر الصلاة بعدَها، وحُكي إجماعًا، وذهب بعضُ العلماء إلى أنَّ المراد به آخِرُ الصلاة قبل الخروج منها، وعليه بعضُ أئمَّة الحديث، ورجَّحه ابنُ تيميَّة وابن عُثَيمين. قال ابن القيِّم: (ودُبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعدَه، وكان شيخُنا يرجِّح أن يكون قبلَ السلام، فراجعتُه فيه، فقال: دُبر كلِّ شيءٍ منه، كدُبرِ الحيوان) ((زاد المعاد)) (1/305). ولابن عُثَيمين تفصيل في ذلك، حيث قال: (كلمة دُبر القاعدة فيها: أنَّه إذا كان المذكور أذكارًا، فإنه يكون بعد السلام، وإذا كان المذكور دعاءً، فإنه يكون قبل السَّلام؛ لأنَّ ما قبل السلام وبعد التشهُّد هو دُبر الصلاة، وكما قال ابن تيمية دُبر الشيء مِن الشيءِ، كما يُقال: دُبر الحيوان المؤخِّرة، وعلى هذا فيكون حديثُ سعد بن أبي وقاص، وحديث معاذ بن جبل، يكون هذا الدعاء قبل أن تُسلِّم إذا انتهيتَ من التشهُّد) ((شرح رياض الصالحين)) (5/499). وقال ابنُ حجر: (فإن قيل: المراد بدُبر كل صلاة قُربُ آخرها، وهو التشهد، قلنا: قد وردَ الأمرُ بالذِّكر دُبرَ كل صلاة، والمراد به بعد السلام إجماعًا، فكذا هذا حتى يثبتَ ما يخالفه) ((فتح الباري)) (11/133).  وقال الشَّوكانيُّ: (دُبر الصلاة بعدها على الأقرب... ويحتمل دُبر الصلاة آخرها قبل الخروجِ منها؛ لأنَّ دبر الحيوان منه، وعليه بعضُ أئمَّة الحديث). ((نيل الأوطار)) (2/343) وينظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (1/294). كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللهمَّ أعِنِّي على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسْنِ عبادتِكَ)) رواه أبو داود (1522)، والنسائي (3/53)، وأحمد (5/244) (22172) صحَّح إسنادَه النَّوويُّ في ((المجموع)) (3/486)، وابن الملقِّن في ((الإعلام)) (4/14)، وصحَّحه ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (7/97)، وابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (3/55)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1522)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1117). .رابعًا: اللهمَّ اغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ، وما أسرَفْتُ وما أنت أعلَمُ به منِّي، أنتَ المُقدِّمُ وأنتَ المُؤخِّرُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ.الدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا سلَّمَ مِن الصَّلاةِ قال: اللهمَّ اغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسرَرْتُ وما أعلَنْتُ، وما أسرَفْتُ وما أنت أعلَمُ به منِّي، أنتَ المُقدِّمُ وأنتَ المُؤخِّرُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ)) رواه أبو داود (1509)، وأحمد (803)، والدارقطني (1137) صحَّح إسنادَه النَّوويُّ في ((المجموع)) (3/486) وقال: وهو إسنادُ مسلم. وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1509). .خامسًا: اللهمَّ إني أعوذُ بك مِن الجُبْنِ، وأعوذُ بك مِن البُخلِ، وأعوذُ بك مِن أنْ أُرَدَّ إلى أرذَلِ العُمُرِ، وأعوذُ بك مِن فتنةِ الدُّنيا وعذابِ القبرِ. الدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يتعوَّذُ بهنَّ دُبُرَ ذهَب بعضُ أهل العلم إلى أنَّ هذا الدعاء مشروعٌ قبل السلام، وهذا بناء على الخلاف في معنى دُبر الصلاة، وقد تقدَّم. ينظر: ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز (12/65). الصَّلاةِ، اللهمَّ إنِّي أعوُذ بك مِن الجُبْنِ، وأعوذُ بك مِن البُخلِ، وأعوذُ بك مِن أرذَلِ العُمُرِ [2665] أرذَلِ العُمُرِ أي: آخِره فِي حَالِ الكِبَر والعَجْزِ والخرَفِ. والأرْذَلُ مِنْ كلِّ شىء: الرَّديء منه. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/217). ، وأعوذُ بك مِن فِتنةِ الدُّنيا وعذابِ القَبْرِ)) رواه البخاري (6374). . انظر أيضا: المبحث الثاني: ما يُسَنُّ قولُه بعدَ الصَّلاة مِن الأذكارِ. المبحث الثالثُ: ما يُسَنُّ قراءتُه مِن القرآنِ بعد الصَّلاةِ . المبحث الرابعُ: حُكمُ الجَهرِ بالذِّكرِ عقِبَ الصَّلواتِ.

أوَّلًا: اللهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، تبارَكْتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.الدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن ثوبانَ رضيَ اللهُ عنه مولَى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا انصرَفَ مِن صلاتِه، استغفَرَ ثلاثًا، وقال: اللهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، تبارَكْتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ)) رواه مسلم (591). .ثانيًا: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيْتَ، ولا مُعطِيَ لِما منَعْتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ.الدَّليلُ مِن السنَّةِ:عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيْتَ، ولا مُعْطيَ لِما منَعْتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ)) رواه البخاري (844)، ومسلم (593). .ثالثًا:  لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولا نعبُدُ إلَّا إيَّاهُ، له النِّعمةُ وله الفضلُ، وله الثَّناءُ الحَسَنُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ مُخلِصينَ له الدِّينَ ولو كرِهَ الكافرونَ.الدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رضيَ اللهُ عنه: ((أنَّه كان يقولُ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ حين يُسلِّمُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولا نعبُدُ إلَّا إياهُ، له النِّعمةُ وله الفضلُ، وله الثَّناءُ الحسَنُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ مُخلِصينَ له الدِّينَ ولو كرِهَ الكافرونَ، وقال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُهلِّلُ بهنَّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ)) رواه مسلم (594). .رابعًا: التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ، وصفةُ العَقْدِ بالأناملِ 1- التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ بعدَ الصَّلاةللتَّسبيحِ والتَّحميدِ والتَّكبيرِ أربعُ صِفاتٍ:الصِّفةُ الأُولى: أنْ يقولَ: سُبحانَ اللهِ عشْرَ مرَّاتٍ، والحمدُ للهِ عشْرَ مرَّاتٍ، واللهُ أكبَرْ عشْرَ مرَّاتٍ.الدَّليلُ مِن السنَّةِ:عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((قالوا: يا رسولَ اللهِ، ذهَبَ أهلُ الدُّثورِ بالدَّرجاتِ والنَّعيمِ المُقيمِ، قال: كيف ذاكَ؟ قالوا: صلَّوْا كما صلَّيْنا، وجاهَدوا كما جاهَدْنا، وأنفَقوا مِن فُضولِ أموالِهم، وليسَتْ لنا أموالٌ، قال: أفلا أُخبِرُكم بأمرٍ تُدركونَ مَن كان قبْلَكم، وتسبِقونَ مَن جاء بعدَكم، ولا يأتي أحدٌ بمِثلِ ما جِئتُم به إلَّا مَن جاء بمِثلِه؟! تُسبِّحونَ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ عَشْرًا، وتحمَدونَ عَشْرًا، وتُكبِّروَن عَشْرًا)) رواه البخاري (6329)، ومسلم (595). .الصِّفةُ الثَّانيةُ: أنْ يقولَ: سُبحانَ اللهِ خَمْسًا وعشرينَ مرَّةً، والحمدُ للهِ خَمْسًا وعشرينَ مرَّةً، واللهُ أكبَرْ خَمْسًا وعشرينَ مرَّةً، ولا إلهَ إلَّا اللهُ خَمْسًا وعشرينَ مرَّةً.الدَّليلُ مِن السُّنَّة:عن زيدِ بنِ ثابتٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((أُمِرْنا أنْ نُسبِّحَ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ، ونحمَدَه ثلاثًا وثلاثينَ، ونكبِّرَه أربعًا وثلاثينَ، قال: فرأى رجُلٌ مِن الأنصارِ في المنامِ، فقال: أمَرَكم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ تُسبِّحوا في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ، وتحمَدوا اللهَ ثلاثًا وثلاثينَ، وتُكبِّروا أربعًا وثلاثين؟ قال: نَعم، قال: فاجعَلوا خمسًا وعشرينَ، واجعَلوا التَّهليلَ معهنَّ، فغدَا على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فحدَّثَه، فقال: افعَلوا)) رواه الترمذي (3413)، والنسائي (1350)، أحمد (21702) صحَّحه الترمذي، والألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (3413)، والوادعي في ((المسند الصحيح)) (360). .الصِّفةُ الثالثةُ: أنْ يقولَ: سُبحانَ اللهِ ثلاثًا وثلاثينَ مرَّةً، والحمدُ للهِ ثلاثًا وثلاثينَ مرَّةً، واللهُ أكبَرُ أربعًا وثلاثيَن مرَّةً.الدَّليلُ مِن السنَّةِ:عن كعبِ بنِ عُجْرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مُعقِّباتٌ لا يخِيبُ قائِلُهنَّ (أو فاعِلُهنَّ) دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ؛ ثلاثٌ وثلاثونَ تسبيحةً، وثلاثٌ وثلاثونَ تحميدةً، وأربعٌ وثلاثونَ تكبيرةً)) رواه مسلم (596). .الصِّفةُ الرابعةُ: أنْ يقولَ: سُبحانَ اللهِ ثلاثًا وثلاثينَ، والحمدُ للهِ ثلاثًا وثلاثينَ، واللهُ أكبَرُ ثلاثًا وثلاثينَ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، مرَّةً تمامَ المائةِ.الدَّليلُ مِن السنَّةِ:             عن أبي هريرةَ، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من سَبَّحَ اللهَ في دبُرِ كُلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ، وحَمِدَ الله ثلاثًا وثلاثينَ، وكبَّرَ اللهَ ثلاثًا وثلاثينَ، فتلك تسِعةٌ وتسعونَ، وقال تمامَ المائةِ: لا إلهَ إلَّا الله وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شَيءٍ قَديرٌ، غُفِرَت خطاياه وإن كانت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ)) [2673] رواه مسلم (597). . وله الجمعُ بينها فيقولُ: سُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ واللهُ أكبَرُ، هكذا، ثلاثًا وثلاثينَ مرَّةً قال ابنُ رجب: (وهل الأفضل أن يَجمع بين التَّسبيح والتحميد والتكبير في كلِّ مرةٍ، فيقولهن ثلاثًا وثلاثين مرةً، ثم يختم بالتهليل، أم الأفضل أن يُفرد التسبيح والتحميد والتكبير على حِدةٍ؟ قال أحمد - في رواية محمَّد بن ماهان، وسأله: هل يجمع بينهما، أو يفرد؟ قال: لا يضيق. قال أبو يَعلَى: وظاهر هذا: أنَّه مخيَّرٌ بين الإفراد والجمع. وقال أحمد - في رواية أبي داود -: يقول هكذا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولا يقطعه. وهذا ترجيحٌ منه للجمع، كما قاله أبو صالحٍ، لكن ذِكر التهليل فيه غرابةٌ... وقال إسحاق: الأفضل أن يُفرد كلُّ واحدٍ منها. وهو اختيارُ القاضي أبي يعلى من أصحابنا، قال: وهو ظاهرُ الأحاديث... قلت: هذا على رواية مَن رَوى التسبيح ثلاثًا وثلاثين، والتَّحميد ثلاثًا وثلاثين، والتكبير ثلاثًا وثلاثين ظاهرٌ، وأمَّا رواية مَن رَوى ((تُسبِّحون وتَحمدون وتُكبِّرون ثلاثًا وثلاثين)) فمحتملةٌ؛ ولذلك وقع الاختلافُ في فَهم المراد منها) ((فتح الباري)) (5/249-250). . عن أبي هريرة رَضِيَ الله عنه، قال: جاء الفُقَراءُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: ذهب أهلُ الدُّثورِ من الأموالِ بالدَّرَجاتِ العُلا، والنَّعيمِ المقيمِ؛ يُصَلُّون كما نصلِّي، ويصومونَ كما نصومُ، ولهم فَضلٌ مِن أموالٍ يحجُّونَ بها، ويعتَمِرونَ، ويجاهِدونَ، ويتصَدَّقون، قال: ((ألَا أحَدِّثُكم إن أخَذْتم أدرَكْتُم مَن سبَقَكم ولم يُدرِكْكُم أحدٌ بَعدَكم، وكُنتم خيرَ مَن أنتم بين ظَهرانَيه، إلَّا مَن عَمِلَ مِثلَه: تُسَبِّحونَ وتَحمَدونَ وتكَبِّرون خَلْفَ كُلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ))، فاختَلَفْنا بيننا، فقال بعضُنا: نسبِّحُ ثلاثًا وثلاثينَ، ونَحمَدُ ثلاثًا وثلاثينَ، ونكَبِّرُ أربعًا وثلاثين، فرجعْتُ إليه، فقال: تقول: ((سُبحانَ اللهِ، والحمدُ لله، والله أكبَرُ، حتى يكونَ منهنَّ كُلِّهنَّ ثلاثًا وثلاثينَ)) [2675] رواه البخاري (843). .2- كيفيَّةُ العَقْدِ بالأناملِيُسَنُّ أنْ يَعُدَّ التسبيحَ والتحميدَ والتكبيرَ بعقدِ أصابِعه وذلك بعقدها ثم فتحها حتَّى يُكمِلَ ثلاثةً وثلاثينَ، والأفضلُ أنْ يكونَ باليمينِ، وإنْ سبَّح بالثِّنتَيْنِ فلا حرَجَ. ،نصَّ على ذلك الحنابلةُ قال البهوتي: ((ويعقده) أي: يعقد التسبيح والتحميد والتكبير بعقد أصابعه استحبابا) ((شرح منتهى الإرادات)) (1/205). وقال الرحيباني: (ويعقد (الاستغفار بيده)، أي: يضبط عدده بأصابعه، لحديث بسرة مرفوعا: «واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسئولات مستنطقات) ((مطالب أولي النهى)) (1/469). ،وهو قولُ النَّوويُّ قال النووي: ("باب استحباب إخفاء الذكر وعقده بالأنامل".... وعن يسيرة رضي الله عنها، بمثناتين تحت، قالت: قال لنا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: " يا نساء المؤمنين عليكن بالتسبيح، والتهليل، والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل، فإنهن مسؤولات مستنطقات " وعن ابن عمرو رضي الله عنهما: " رأيت رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعقد التسبيح بيمينه) ((خلاصة الأحكام)) (ص:472). ،وابنُ تيميَّة وقال ابن تيمية: (وعد التسبيح بالأصابع سنة كما قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للنساء: "سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مسئولات مستنطقات") ((مجموع الفتاوى)) (22/506). وقال: (علم بالنقل المتواتر أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابه لم يكن هذا شعارهم وكانوا يسبحون ويعقدون على أصابعهم كما جاء في الحديث: ((اعقِدْنَ بالأصابِعِ؛ فإنهنَّ مَسؤولاتٌ مُستَنطَقاتٌ))... لم يقل أحد: إنَّ التسبيح به أفضل من التسبيح بالأصابع وغيرها) ((مجموع الفتاوى)) (22/187). ،وابنُ القيِّم وقال ابن القيم: (الفصل الثامن والستون: في عقد التسبيح بالأصابع وأنه أفضل من السبحة. روى الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد بن عمر قال: رأيت رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعقِدُ التسبيح بيمينه. رواه أبو داود. وروت بسيرة إحدى المهاجرات رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفُلنَ فتَنسَينَ الرَّحمة، واعقِدْنَ بالأنامل؛ فإنهن مسؤولاتٌ ومُستنطقاتٌ)) ) ((الوابل الصيب)) (ص:143). ،والشَّوكانيُّ وقال الشوكاني: (والحديث الأول يدل على مشروعية عقد الأنامل بالتسبيح... وقد علل رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك في حديث الباب بأن الأنامِلَ مسؤولات مستنطَقاتٌ، يعني أنهن يشهدنَ بذلك، فكان عقدُهن بالتسبيحِ من هذه الحيثيَّة أولى من السبحة والحَصى) ((نيل الأوطار)) (2/366). ، وابنُ بازٍ قال ابن باز: (السنَّة العدُّ بالأصابع بخمسة أصابع تطبيقًا وفتحًا حتى يكملَ ثلاثة وثلاثين، ويكون باليمنى أفضل، وإنْ سبَّح بالثنتين فلا حرج) ((فتاوى نور على الدرب)) (9/118). ، وابنُ عُثَيْمين قال ابن عُثَيمين: (قوله: "اعقدن بالأنامل" معروف العقد عند العرب، أنَّهم لا يعقدون بكلِّ أنملة وحدها، وإنما يعقدون بالإصبع كله، فمثلًا يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر بدون أن يُشير إلى المفاصل. بعض الناس يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر على كلِّ مَفصِل تسبيحه أو تحميده، وهذا لا أظنُّ أنه هو السنَّة، السنَّة هكذا: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، سبحان الله والحمد لله والله أكبر، سبحان الله والحمد لله والله أكبر، لماذا؟ لأنَّ الرسول قال: (اعقدن بالأنامل) والعقد عند العرب ما يكون في كلِّ مَفصِل، بل بالأصابع) ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 168). وقال: (السنَّة أن يُسبِّح باليُمنى؛ لأنَّ هذا هو ما رواه أبو داود من أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يعقد التسبيحَ بيمينه، ولكن لا يَنبغي التشديد في هذا الأمر بحيث ينكر على مَن يسبح بكلتا يديه، بل نقول: إنَّ السنَّة أن تقتصرَ على اليمين) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (13/243). .الأدلة مِن السُّنَّة:1- عن يسيرةَ بنتِ ياسرٍ رضيَ اللهُ عنها - وكانت مِن المُهاجراتِ – قالت: قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((يا نساءَ المؤمناتِ، عليكُنَّ بالتَّهليلِ والتَّسبيحِ والتَّقديسِ، ولا تغفُلْنَ فتنسَيْنَ الرَّحمةَ، واعقِدْنَ بالأناملِ؛ فإنَّهنَّ مسؤولاتٌ مُستَنْطَقاتٌ)) رواه أبو داود (1501)، والترمذي (3583)، وأحمد (27089)، وابن حبان (842) قال الترمذيُّ: غريبٌ جود إسناده النووي في ((الأذكار)) (24)، والعراقي في ((تخريج الإحياء)) (1/398)، وحسَّنه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (1/248)، والألبانيُّ في ((صحيح أبي داود)) (1501) .2- عن ابنِ عمرٍو رضيَ اللهُ عنهما: ((رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعقِدُ التَّسبيحَ بيمينِه)) رواه أبو داود (1501)، والترمذيُّ (3583)، وأحمد (27134) واللفظ له. قال الترمذيُّ: غريبٌ، وجوَّد إسنادَه النَّووي في ((الأذكار)) (24)، وحسَّنه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (1/248)، وقال الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (3583): حسن صحيح. .3- عمومُ حديثِ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعجِبُه التَّيمُّنُ في تنعُّلِه وترجُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّه)) أخرجه البخاري (168) واللفظ له، ومسلم (268). . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: ما يُسَنُّ قولُه بعدَ الصَّلاة مِن الأدعيَةِ. المبحث الثالثُ: ما يُسَنُّ قراءتُه مِن القرآنِ بعد الصَّلاةِ . المبحث الرابعُ: حُكمُ الجَهرِ بالذِّكرِ عقِبَ الصَّلواتِ.

اختلَفَ العلماءُ في مشروعيَّةِ الجَهرِ بالذِّكرِ عقِبَ الصَّلواتِ إلى قولينِ:القولُ الأوَّلُ: يُستحَبُّ الجَهرُ بالذِّكرِ عقِبَ الصَّلاةِ، وهو قولُ بعضِ الحنفيَّةِ ((حاشية ابن عابدين)) (1/666)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 214). ، وقولُ بعضِ متأخِّري الحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/366). وقال المرداويُّ: (هذه المسألة ليس للأصحاب فيها كلامٌ) ((تصحيح الفروع)) (2/231). ، واختارَه ابنُ حزمٍ خصَّه بالتكبير فقط، فقال: (ورفْع الصَّوت بالتكبير إثر كلِّ صلاة: حسنٌ) ((المحلى)) (3/180). ، وابنُ تيميَّةَ قال ابنُ تَيميَّة: (ويستحبُّ الجهر بالتسبيح والتحميد لا التكبير «في كشاف القناع: والتكبير» عقيبَ الصلاة). ((الفتاوى الكبرى)) (5/336) وينظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/366)، ((حاشية الروض المربع)) لابن قاسم (2/84). ، وابنُ بازٍ قال ابن باز: (السنَّة الجهر بالذكر عقبَ الصلوات الخمس وعقب صلاة الجُمُعة بعد التسليم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/191). ، وابنُ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (الجهرُ بالذِّكر بعد الصلوات المكتوبة سُنَّة... وقد اختار الجهرَ بذلك شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - وجماعةٌ من السَّلف، والخلف؛ لحديثي ابن عباس، والمغيرة رضي الله عنهم، والجهر عامٌّ في كل ذِكر مشروع بعد الصلاة سواء كان تهليلًا، أو تسبيحًا، أو تكبيرًا، أو تحميدًا؛ لعموم حديث ابن عباس، ولم يرِدْ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التفريقُ بين التهليل وغيره، بل جاء في حديث ابن عباس أنَّهم يعرفون انقضاءَ صلاة النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتكبير، وبهذا يُعرَف الردُّ على مَن قال لا جهرَ في التسبيح والتحميد والتكبير. وأمَّا مَن قال: إنَّ الجهر بذلك بدعةٌ فقد أخطأ؛ فكيف يكون الشيءُ المعهود في عهد النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بدعة؟). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (13/247، 248). .الأدلة مِن السنَّةِ:1- عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رفعَ الصَّوتِ بالذِّكرِ حينَ ينصرِفُ النَّاسُ مِن المكتوبةِ كان على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم))، قال ابنُ عبَّاسٍ: ((كنتُ أعلَمُ إذا انصرَفوا بذلك إذا سمِعْتُه)) رواه البخاري (841)، ومسلم (583). ، وفي لفظٍ: ((ما كنَّا نعرِفُ انقضاءَ صلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا بالتَّكبيرِ)) رواه البخاري (842)، ومسلم (583). .2- عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ - رضيَ اللهُ عنه - قال: سمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ إذا قضى الصَّلاةَ: ((لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له)) رواه مسلم (593). .وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّه لا يسمَعُ القولَ إلَّا إذا جهَرَ به القائلُ ((مجموع فتاوى ورسائل العُثَيمين)) (13/247). .3- أنَّ ابنَ الزُّبيرِ كان يقولُ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ حين يُسلِّمُ: ((لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولا نعبُدُ إلَّا إيَّاه، له النِّعمةُ وله الفضلُ، وله الثَّناءُ الحسَنُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، مُخلِصينَ له الدِّينَ ولو كرِهَ الكافرونَ))، قال ابنُ الزُّبيرِ: (كان رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وسلَّم - يُهلِّلُ بهنَّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ) [2699] رواه مسلم (594). . وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ قولَه: (يُهلِّلُ)، أي: يرفَعُ صوتَه؛ فالتَّهليلُ رفعُ الصَّوتِ ((فتح الباري)) لابن رجب (7/400)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/468). .القول الثاني: لا يُشرَعُ الجَهرُ بالذِّكرِ عقِبَ الصَّلاةِ قال الشافعيَّة والحنابلة: إلَّا أن يكون إمامًا يُريد أن يُتعلَّم منه، فيجهر حتى يَعلم أنه قد تُعلِّم منه ثم يُسرُّ. ، وهو مذهبُ المالكيَّةِ قال النفراويُّ: (اختُلف: هل الأفضل في الأذكار الواردةِ عقبَ الصلوات السرُّ أو الجهر؟ قال بعضهم: يستحبُّ رفْع الصوت بها لِما في الصحيحين من حديث ابن عباسٍ، قال: "كنتُ أعرف انقضاءَ صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتكبير"، وفي مسلمٍ من حديث الزُّبير: "كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا سلَّم من صلاتِه قال بصوته: لا إله إلَّا اللهُ وحده لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، لا حولَ ولا قوةَ إلَّا بالله العليِّ العظيم، لا إله إلَّا الله، ولا نعبُد إلَّا إيَّاه، له النِّعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلَّا اللهُ مُخلصين له الدِّين ولو كرِه الكافرون". وحمل الشافعيُّ رضي الله عنه الحديث على أنَّه جهر زمنًا يسيرًا حتى علَّمهم صفةَ الذكر لا أنه داومَ على الجهر، فاختار للإمامِ والمأموم إخفاءَ الذكر، إلَّا أن يريد الإمامُ برفع صوته تعليمَ الجماعة أو إعلامهم، قلت: وفي كلام أئمَّتنا في التكبير المطلوب في يوم العيد ما يُوافق ما قاله الشافعيُّ؛ لأنَّهم عدُّوا رفْع الصوت بالتكبير بدعةً) ((الفواكه الدواني)) (1/492)، وينظر: ((المدخل)) لابن الحاج (2/276). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/487)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/150). ، وبعضِ الحنفيَّةِ ((حاشية ابن عابدين)) (1/666)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 214). ، وحُكِيَ عن أكثرِ العلماءِ قال ابنُ بطَّال: (ولم أجد من الفقهاء من يقول بشىءٍ من هذا الحديث إلَّا ما ذكره ابنُ حبيب فى الواضحة قال: يُستحَبُّ التكبير فى العساكر والثغور بأثَرِ صلاة الصبح، والعشاء تكبيرًا عاليًا ثلاث مرات، وهو قديمٌ من شأن الناس) ((شرح صحيح البخاري)) (2/458). وقال النَّوويُّ: (نقل ابنُ بطال وآخرون أنَّ أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متَّفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالذكر والتكبير) ((شرح النَّووي على مسلم)) (5/84). وينظر: ((الفروع)) لابن مفلح (2/231). وقال ابن رجب: (وحكي عن أكثرِ العلماء خلاف ذلك، وأنَّ الأفضل الإسرارُ بالذكر) ((فتح الباري)) (5/235). ، وصوَّبه المَرْداويُّ قال المردواي: (قلت: الصوابُ الإخفات في ذلك، وكذا كُلُّ ذِكْر). ((تصحيح الفروع)) (2/231). ، واختارَه الألبانيُّ قال الألبانيُّ: (الثابِتُ في السنَّة أنَّه لا يجوز رَفْعُ الصوت بالذِّكْرِ؛ لِمَا يترتَّبُ من وراء ذلك من التشويش) ((موقع تفريغات أشرطة الألباني - سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم: 428)). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِن الكتابِ1- قولُه تعالى: وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا [الإسراء: 110].وَجْهُ الدَّلالَةِ:نهى اللهُ في هذه الآيةِ عن الجهرِ بالدُّعاءِ ((الأم)) للشافعي (1/150)، ((المجموع)) للنووي (3/487). .2- عمومُ قولِه تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [الأعراف: 55].3- عموم قوله تعالى: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ثانيًا: من السُّنَّةعن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّمَ، وكنَّا إذا أشرَفْنا على وادٍ هلَّلْنا وكبَّرْنا ارتفعَتْ أصواتُنا، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّمَ: يا أيُّها النَّاسُ، اربَعُوا على أنفسِكم؛ فإنَّكم لا تَدْعونَ أصَمَّ ولا غائبًا، إنَّه معكم سميعٌ قريبٌ)) رواه البخاري (2992) واللفظ له، ومسلم (2704). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ فيه النَّهيَ عن رفعِ الصَّوتِ بالدُّعاءِ والذِّكرِ ((فتح الباري)) لابن حجر (6/135). .ثالثًا: أنَّه يترتَّبُ مِن رفعِ الصَّوتِ بالذِّكرِ التَّشويشُ على المُصلِّين قال الألبانيُّ: (الثابت في السنَّة أنَّه لا يجوز رَفْعُ الصَّوت بالذِّكْر؛ لِمَا يترتب من وراء ذلك من التشويش) ((موقع تفريغات أشرطة الألباني - سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم: 428)). .رابعًا: أنَّ الإسرارَ أبلَغُ في الإخلاصِ، وأقربُ إلى الإجابةِ ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 214). .خامسًا: أنَّ أحاديثَ الجَهْرِ بالذِّكرِ عَقِيبَ الصَّلاةِ إنَّما هي للتَّعليمِ [2713] ((الأم)) للشافعي (1/150). .فائدةٌ: ما تُخالِفُ به المرأةُ الرَّجُلَ في الصَّلاةِلا فرقَ في صفةِ الصَّلاةِ بين المرأةِ والرَّجُلِ عن أمِّ الدَّرداء: (أنها كانت تجلسُ في صلاتها جِلْسَةَ الرجل، وكانت فقيهةً)، أخرجه البخاري في ((التاريخ الصغير)) (906)، وأخرجه في الصَّحيح معلقًا (1/165)، وأخرجه ابن أبي شيبة (2785) ولم يقل: (وكانت فقيهة)، وصحَّح سنده الألباني في ((صفة صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) (ص 189). ، وهو قولٌ للمالكيَّةِ قال ابنُ عبد البرِّ: (أمَّا جلوس المرأة فقد ذكَرْنا عن مالك أنَّ المرأة والرجُل في الجلوس في الصَّلاة سواء، لا يخالفها فيما بعدَ الإحرام إلَّا في اللباس والجهر) ((الاستذكار)) (1/480)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/286). ، واختيارُ ابنِ بازٍ قال ابن باز: (الصَّواب: أنه ليس بين صلاة الرجل وصلاة المرأة فرقٌ، وما ذكره بعض الفقهاء من الفرق ليس عليه دليل، والحديث الذي ذكرتِه في السؤال، وهو قول النبيِّ عليه الصلاة والسلام: «صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي» أصلٌ يعم الجميع، والتشريعات تعمُّ الرجال والنساء، إلَّا ما قام عليه الدليلُ بالتخصيص. فالسنَّة للمرأة أن تصلِّيَ كما يُصلِّي الرجل في الركوع والسُّجود، والقِراءة، ووضْع اليدين على الصدر، وغير ذلك، هذا هو الأفضل، وهكذا وضْعها على الركبتين في الركوع، وهكذا وضْعهما على الأرض في السجود حيالَ المنكبين أو حيال الأُذنين، وهكذا استواء الظَّهر في الركوع، وهكذا ما يُقال في الركوع والسجود وبعد الرفع من الركوع وبعدَ الرفع من السُّجود وبين السَّجدتين كلِّه كالرجل سواء، عملًا بقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي» رواه البخاري في الصحيح). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/79، 80). ، والألبانيِّ قال الألبانيُّ: (كل ما تقدَّم من صِفة صلاته صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستوي فيه الرِّجال والنساء، ولم يردْ في السنَّة ما يقتضي استثناءَ النساء من بعض ذلك؛ بل إنَّ عموم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي». يشملهن، وهو قولُ إبراهيم النَّخَعي؛ قال: "تفعل المرأةُ في الصلاة كما يفعل الرجل"؛ أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. وحديث انضمام المرأة في السُّجود، وأنها ليست في ذلك كالرجل؛ مرسلٌ لا حُجَّة فيه؛ رواه أبو داود في "المراسيل" عن يَزيدَ بن أبي حبيب...وأمَّا ما رواه الإمامُ أحمد في "مسائل ابنه عبد الله عنه" عن ابن عُمرَ: أنَّه كان يأمر نساءه يتربَّعن في الصَّلاة؛ فلا يصحُّ إسناده؛ لأنَّ فيه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف، وروى البخاريُّ في ((التاريخ الصغير)) بسندٍ صحيح عن أمِّ الدرداء: أنَّها كانت تجلس في صلاتها جِلْسَةَ الرجل، وكانت فقيهةً). ((أصل صفة صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) (3/1040). ، وابنِ عُثَيمين قال ابن عُثَيمين: (القول الراجح: أنَّ المرأة تصنع كما يصنع الرجلُ في كلِّ شيء، فترفع يديها وتجافي، وتمدُّ الظهر في حال الركوع، وترفع بطنَها عن الفخذين، والفخذين عن الساقين في حال السجود...؛ وعلى هذا تكون المرأة مساويةً للرجل في كيفية الصلاة). ((الشرح الممتع)) (3/219، 220). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن مالكِ بنِ الحُوَيرثِ رضيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلُّوا كما رأَيْتُموني أُصلِّي)) رواه البخاري (631). وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ عمومَ الحديثِ يشمَلُ النِّساءَ كالرِّجالِ ((أصل صفة صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) للألباني (3/1040)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (3/219). .ثانيًا: أنَّه لم يرِدْ في السنَّةِ ما يقتضي استثناءَ النِّساءِ مِن بعضِ ما جاء في صفةِ الصَّلاةِ ((أصل صفة صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) للألباني (3/1040). .ثالثًا: أنَّ الأصلَ اشتراكُ المُكلَّفينَ مِن الرِّجالِ والنِّساءِ في الأحكامِ، إلَّا ما قام الدَّليلُ عليه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (3/217، 218). . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: ما يُسَنُّ قولُه بعدَ الصَّلاة مِن الأدعيَةِ. المبحث الثاني: ما يُسَنُّ قولُه بعدَ الصَّلاة مِن الأذكارِ. المبحث الثالثُ: ما يُسَنُّ قراءتُه مِن القرآنِ بعد الصَّلاةِ .