السُّترةُ بين يدَيِ المُصلِّي إذا كان إمامًا أو منفرِدًا سنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةِ ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (1/637، 636)، وينظر: ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/432). ، والمالكيَّةِ ((الكافي)) لابن عبد البر (1/209)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/113)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/278). ، والشافعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (3/247)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/52). ، والحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/382)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/174). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ رشد: (واتَّفق العلماء بأجمعهم على استحباب السُّترة بين المصلِّي والقِبلة، إذا صلّى منفردًا كان أو إمامًا) ((بداية المجتهد)) (1/113). وقال النَّوويُّ: (السنَّة للمصلِّي أن يكون بين يديه سُترة من جدار أو سارية أو غيرهما، ويدنو منها، ونقل الشيخ أبو حامد الإجماعَ فيه) ((المجموع)) (3/247). وقال ابنُ قُدامة: (وجملته: أنه يُستحب للمصلِّي أن يصلي إلى سُترة، فإنْ كان في مسجد أو بيت صلَّى إلى الحائط أو سارية، وإنْ كان في فضاء صلَّى إلى شيءٍ شاخص بين يديه، أو نصَب بين يديه حربةً أو عصا، أو عرض البَعير فصلَّى إليه، أو جعل رَحْله بين يديه. وسُئل أحمد: يصلي الراحلُ إلى سُترة في الحضر والسفر؟ قال: نعم، مِثل آخِرة الرَّحل. ولا نعلم في استحباب ذلك خلافًا) ((المغني)) (2/174). وقال برهان الدِّين ابنُ مفلح: ("ويستحبُّ أن يصلِّي إلى سُترة" مع القدرة عليها، بغير خلاف نعلمه) ((المبدع)) (1/437). . الأدلَّة مِن السنَّةِ:1- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا صلَّى أحَدُكم فليُصَلِّ إلى سُترةٍ ولْيَدْنُ منها)) أخرجه أبو داود (698) واللفظ له، وابن ماجه (954)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (3446) صحَّح إسنادَه النَّووي في ((الخلاصة)) (1/518)، وصحَّح الحديثَ ابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (9/308)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (698). .2- عن أبي ذَرٍّ الغِفاريِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا قام أحَدُكم يُصلِّي، فإنَّه يستُرُه إذا كان بين يديه مِثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإذا لم يكُنْ بين يديه مِثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإنَّه يقطَعُ صلاتَه الحِمارُ والمرأةُ والكلبُ الأسودُ)) [2583] رواه مسلم (510). .3- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((سمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: إذا صلَّى أحَدُكم إلى شيءٍ يستُرُه مِن النَّاسِ فأراد أحدٌ أنْ يجتازَ بين يديه فليدفَعْه، فإن أبى فليُقاتِلْه؛ فإنَّما هو شيطانٌ)) رواه البخاري (509)، ومسلم (505). .4- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((أقبَلْتُ راكبًا على حمارٍ أتَانٍ، وأنا يومَئذٍ قد ناهَزْتُ الاحتلامَ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بمِنًى إلى غيِر جِدارٍ، فمرَرْتُ بين يدَيْ بعضِ الصَّفِّ، وأرسَلْتُ الأتَانَ [2585] الأَتَانُ: الحمارَةُ الأُنْثَى خاصَّةً. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/21). ترتَعُ، فدخَلْتُ في الصَّفِّ، فلم يُنكَرْ ذلك علَيَّ)) رواه البخاري (76)، ومسلم (504). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:قولُه: ((يُصلِّي بمِنًى إلى غيرِ جِدارٍ))، فيه: أنَّ الإمامَ يجوزُ أنْ يُصلِيَ إلى غيرِ سُترةٍ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (1/162). . انظر أيضا: المبحث الثاني: يتحمَّلُ الإمامُ عنِ المأمومِ السُّترةَ. المبحث الثالثُ: صِفةُ السُّترةِ في الصَّلاةِ. المبحث الرابعُ: الدُّنوُّ مِن السُّترةِ ومِقْدارُه. المبحث الخامسُ: المرورُ بين المُصلِّي والسُّترةِ ومُدافَعتُه.

يتحمَّلُ الإمامُ عنِ المأمومِ السُّترةَ.الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّه قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةً بمِنًى، فجِئتُ على حمارٍ لي وقد ناهَزْتُ الحُلُمَ، فمرَرْتُ بين يدَيْ بعضِ الصُّفوفِ، فنزَلْتُ وأرسَلْتُ الحِمارَ يرتَعُ، فدخَلْتُ مع الإمامِ، فلم يُنكِرْ ذلك علَيَّ أحَدٌ)) رواه البخاري (1857)، ومسلم (504). .2- عن عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: ((هبَطْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ثنيَّةِ أذاخِرَ [2589] ثَنيَّة أَذاخِر: هي مَوضِعٌ قُربَ مكَّةَ، بينها وبين المدينةِ. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/33)، ((معجم البلدان)) لياقوت (1/127)، ((تاج العروس)) للزبيدي (11/364). ، فحضَرَتِ الصَّلاةُ- يعني فصلَّى إلى جِدارٍ- فاتَّخَذَه قِبْلةً ونحن خَلْفَه، فجاءَتْ بَهْمَةٌ [2590] هِيَ وَلَدُ الضَّأْنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. يُنظر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 41). تمُرُّ بين يدَيْه، فما زال يُدارِئُها [2591] أَيْ: يُدَافعُها. ينظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/110). حتَّى لصِقَ بطنُه بالجدارِ، ومرَّتْ مِن ورائِه)) رواه أبو داود (708)، وأحمد (2/196) (6852)، والبيهقي (2/268) (3585) قال الذهبي في ((المهذب)) (2/707): إسناده صالح. ووثَّق رجال إسناده البُوصِيريُّ في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (2/108)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المسند)) (11/77)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (708): حسنٌ صحيح. .ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ [2593] قال ابنُ حزم: (الإجماع المتيقَّن الذي لا شكَّ فيه في أنَّ سترة الإمام لا يُكلَّف أحدٌ من المأمومين اتِّخاذ سُترة أخرى؛ بل اكتفى الجميعُ بالعَنَزةِ التي كان عليه السلام يصلِّي إليها) ((المحلى)) (2/325). ، وابنُ عبدِ البرِّ [2594] قال ابن عبد البرِّ: (فأمَّا المأموم فلا يضرُّه مَن مرَّ بين يديه، كما أنَّ الإمام والمنفرد لا يضرُّ واحدًا منهما من مرَّ من وراء سترته... هذا كله لا خلافَ فيه بين العلماء) ((الاستذكار)) (2/274). وقال أيضًا: (فإذا كان الإمامُ أو المنفرد يُصلِّيان إلى سُترة، فليس عليه أن يدفعَ من يمرُّ من وراء سترته... لا أعلمُ بين أهل العِلم فيه اختلافًا) ((التمهيد)) (4/188). ، والقَرافيُّ [2595] قال القرافيُّ: (وثانيهما أنَّ الجماعة لا تحتاج كلُّ واحد منهم إلى سترة إجماعًا، فكانت سترةُ الإمام سترةً لهم) ((الذخيرة)) (2/159). . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: حُكمُ وَضْعِ السُّترةِ في الصَّلاةِ. المبحث الثالثُ: صِفةُ السُّترةِ في الصَّلاةِ. المبحث الرابعُ: الدُّنوُّ مِن السُّترةِ ومِقْدارُه. المبحث الخامسُ: المرورُ بين المُصلِّي والسُّترةِ ومُدافَعتُه.

تحصُلُ السُّترةُ للمصلِّي بأن يضَعَ أمامَه شيئًا قائمًا مِثلَ مُؤْخِرةِ الرَّحلِ مُؤخِرة الرَّحل: العودُ الذي في آخِر الرحل. ((شرح النَّووي على مسلم)) (4/216). ، ومِقدارُها ذراعٌ، أو أكثرُ مِن ذلك، وتحصل أيضًا بالجدارِ والعَمودِ والكُرسيِّ، ونحوِ ذلك، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّةِ ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/18، 19). ، والشافعيَّةِ ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (2/157)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/184). ، والحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/383)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/175، 177).   .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن طَلْحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا وضَعَ أحَدُكم بين يديه مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ قال ابنُ قُدامة: (الظاهر أنَّ هذا على سبيل التقريب لا التَّحديد؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدَّرها بآخرة الرَّحل، وآخرة الرَّحل تختلف في الطُّول والقصر، فتارةً تكون ذراعًا، وتارةً تكون أقلَّ منه، فما قاربَ الذراع أجزأ الاستتارُ به، والله أعلم). ((المغني)) (2/175). فلْيُصَلِّ، ولا يُبالِ مَن مَرَّ وراءَ ذلك))، وفي روايةٍ: ((كنَّا نُصلِّي والدَّوابُّ تمُرُّ بين أيدينا، فذكَرْنا ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحلِ تكونُ بين يدَيْ أحَدِكم، ثم لا يضُرُّه ما مرَّ بين يديه)) رواه مسلم (499). .عن عائشةَ، أنَّها قالت: ((سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن سُترةِ المُصلِّي؟ فقال: مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ)) رواه مسلم (500). .2- عن أبي جُحَيفةً، قال: ((خرَجَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُهاجرةِ، فأُتِيَ بوَضوءٍ فتوضَّأ، فصلَّى بنا الظُّهرَ والعصرَ، وبين يديه عَنَزةٌ العَنَزَة: مِثل نِصف الرُّمحِ أو أكبر شيئًا، وفيها سِنانٌ مثل سنان الرُّمح، والعكازة: قريبٌ منها. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/308)، ((فتح الباري)) لابن رجب (2/629). ، والمرأةُ والحِمارُ يمرُّون مِن ورائِها)) رواه البخاري (499) واللفظ له، ومسلم (503). .3- عن ابنِ عُمَرَ، ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا خرَجَ يومَ العيدِ، أمَر بالحربةِ فتوضَعُ بين يديه، فيُصلِّي إليها والنَّاسُ وراءَه، وكان يفعَلُ ذلك في السَّفَرِ، فمِن ثمَّ اتَّخَذها الأُمَراءُ)) رواه البخاري (494)، ومسلم (501). 4- عن ابنِ عُمَرَ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يركُزُ - وقال أبو بكر: يغرِزُ - العَنَزةَ ويُصلِّي إليها))، زاد ابنُ أبي شيبةَ: قال عُبَيدُ اللهِ: ((وهي الحَرْبةُ)) رواه مسلم (501). .5- عن ابنِ عُمَرَ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يعرِضُ راحلتَه وهو يُصلِّي إليها)) رواه البخاري (507)، ومسلم (502). .6- عن أبي ذُرٍّ، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا قام أحَدُكم يُصلِّي فإنَّه يستُرُه إذا كان بين يديه مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ)) أخرجه مسلم (510). .7- عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا خرَجَ لحاجتِه تبِعْتُه أنا وغلامٌ، ومعنا عُكَّازةٌ أو عصًى أو عَنَزَةٌ، ومعنا إداوةٌ، فإذا فرَغَ مِن حاجتِه ناوَلْناه الإداوةَ)) رواه البخاري (500)، ومسلم (271). . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: حُكمُ وَضْعِ السُّترةِ في الصَّلاةِ. المبحث الثاني: يتحمَّلُ الإمامُ عنِ المأمومِ السُّترةَ. المبحث الرابعُ: الدُّنوُّ مِن السُّترةِ ومِقْدارُه. المبحث الخامسُ: المرورُ بين المُصلِّي والسُّترةِ ومُدافَعتُه.

مُرورُ المرأةِ والكلبِ الأسودِ والحمارِ، بين يَدَي المصلِّي يُبطِلُ صلاتَه، وهو روايةٌ عن أحمدَ [2646] قال المرداويُّ: (...والرِّواية الثانية: تَبطُل؛ اختارها المجدُ، ورجَّحه الشارح، وقدمه في المستوعب، وابن تميم، وحواشي ابن مفلح، وجزم به ناظمُ المفردات، وهو منها، واختاره الشيخ تقيُّ الدِّين، وقال: هو مذهب أحمد). ((الإنصاف)) (2/78). والمذهبُ أنَّ مرورَ الكلبِ الأسودِ البهيم يُبطل الصلاةَ، أمَّا مرور المرأة والحمار فلا يُبطلها. ينظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (2/77). ، وقولُ طائفةٍ من السَّلفِ وأصحابِ الحديثِ [2647] قال ابنُ المنذِر: (وقالتْ طائفةٌ: يَقطعُ الصلاةَ الكلبُ الأسودُ، والمرأة الحائض، والحمار؛ هذا قولُ طائفةٍ من أصحابِ الحديث) ((الأوسط)) (5/92). وقال ابنُ عبد البَرِّ: (فقالت طائفة: يقطع الصلاةَ على المصلِّي إذا مر بين يديه الحمارُ والكلب والمرأة، وممَّن قال بها: أنسُ بن مالك، وأبو الأحوص، والحسن البصري، وحُجَّتهم حديثُ أبي ذرٍّ، وحديثُ ابن عباس بذلك عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((الاستذكار)) (2/84). وقال ابنُ خُزيمةَ: (والخبر ثابت صحيحٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ الكلب الأسود، والمرأة الحائض، والحمار، يَقطعُ الصلاةَ، وما لم يثبتْ خبرٌ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضدِّ ذلك لم يجُزِ القولُ والفتيا بخلافِ ما ثبَتَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((صحيح ابن خزيمة)) (2/23). ويُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (2/141)، ((فتح الباري)) لابن رجب (4/115). ، واختارَه ابنُ المنذرِ [2648] قال ابنُ المنذِر: (أمَّا حُجَّة مَن قال: «يقطعُ الصلاةَ الكلبُ، والمرأة، والحمار»، فظاهرُ خبر عُبَيد الله بن الصَّامت، عن أبي ذرٍّ، قال: وهو خبر صحيح لا عِلَّة له، فالقولُ بظاهره يجِبُ، وليس ممَّا يثبُت عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا التسليمُ له، وتركُ أن يُحمَل على قياسٍ أو نظر) ((الأوسط)) (5/94). ، وابنُ حزمٍ [2649] قال ابنُ حزم: (ويَقطعُ صلاةَ المصلِّي كونُ الكلبِ بين يديه، مارًّا أو غير مار، صغيرًا أو كبيرًا، حيًّا أو ميتًا، أو كون الحمار بين يديه كذلك أيضًا، وكون المرأة بين يدي الرَّجُل) ((المحلى)) (2/320). ، وابنُ تيميَّة [2650] قال ابنُ تَيميَّة: (والصَّواب: أنَّ مرور المرأة والكلب الأسود والحمار بين يَدي المصلِّي دون سُترته يقطعُ الصلاةَ) ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/99). ، وابنُ القيِّم [2651] قال ابنُ القيِّم: (صحَّ عنه أنه يقطع صلاتَه: المرأةُ والحمارُ والكلبُ الأسود، وثبَت ذلك عنه من رواية أبي ذرٍّ، وأبي هُرَيرة، وابن عباس، وعبد الله بن مُغفَّل. ومعارضُ هذه الأحاديثِ قِسمانِ: صحيحٌ غيرُ صريح، وصريحٌ غير صحيح؛ فلا يُترك العملُ بها لمعارض هذا شأنُه) ((زاد المعاد)) (1/306). والشوكانيُّ [2652] قال الشوكانيُّ: (إذا تقرَّر لك ما أسلفنا عرفتَ أنَّ الكلبَ الأسودَ والمرأة الحائض يقطعانِ الصلاة، ولم يعارض الأدلَّة القاضية بذلك معارضٌ إلَّا ذلك العمومُ على المذهب الثاني، وقد عرفتَ أنَّه مرجوح) ((نيل الأوطار)) (3/18). ، وابنُ باز [2653] قال ابنُ باز: (يَقطعُ الصلاةَ: المرأةُ، والحمارُ، والكلب الأسود، كما صحَّت بذلك الأحاديث) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/90). ، وابنُ عُثَيمين [2654] قال ابنُ عثيمين: (المرأة، والكلب الأسود، والحمار إذا مرَّ واحد منها بين المصلِّي وبين سُترته، بطَلت الصلاة، ووجَب استئنافُها من جديد) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (13/318). .الأدلَّة من السُّنَّة:1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَقطَعُ الصَّلاةَ: المرأةُ، والحمارُ، والكلبُ، ويقِي ذلك مِثلُ مُؤْخِرةِ الرَّحلِ)) رواه مسلم (511). .2- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا قامَ أحدُكم فصَلَّى فإنَّه يَستُرُه إذا كان بَينَ يَديهِ مِثلُ آخِرَةِ الرَّحلِ، فإذا لم يكُنْ بَينَ يَديهِ مِثلُ آخِرَةِ الرَّحلِ فإنَّه يَقطَعُ صلاتَه: الحمارُ، والمرأةُ، والكلبُ الأسودُ)) رواه مسلم (510). .3- عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((تُعادُ الصلاةُ من ممرِّ الحمارِ، والمرأةِ، والكلبِ الأسودِ))، قلت: ما بالُ الأسودِ من الكلبِ الأصفرِ، من الكلبِ الأحمرِ؟! فقال: سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما سألتَني، فقال: ((الكلبُ الأسودُ شَيطانٌ)) رواه ابن خزيمة (831)، وابن حبان (2391). قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (3323): (إسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم). . وَجْهُ الدَّلالَةِ:أنَّ تَصريحَه بالإعادةِ المفسِّر للفظ: (يَقطَعُ) يدلُّ على البُطلانِ ((السلسلة الصحيحة)) للألباني (13/126). . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: حُكمُ وَضْعِ السُّترةِ في الصَّلاةِ. المبحث الثاني: يتحمَّلُ الإمامُ عنِ المأمومِ السُّترةَ. المبحث الثالثُ: صِفةُ السُّترةِ في الصَّلاةِ. المبحث الرابعُ: الدُّنوُّ مِن السُّترةِ ومِقْدارُه.