اختلف أهلُ العِلمِ في أقسامِ المياهِ على أقوالٍ؛ أقواها قَولانِ:

القول الأوّل: أنَّ الماءَ ثلاثةُ أقسامٍ: طَهورٌ قال القرطبيُّ: (أجمعت الأمَّةُ لغةً وشريعةً على أنَّ وصفَ طَهورٍ يختصُّ بالماءِ، ولا يتعدَّى إلى سائِرِ المائعاتِ، وهي طاهرةٌ، فكان اقتصارُهم بذلك على الماءِ أدلَّ دليلٍ على أنَّ الطَّهورَ هو المطهِّرُ). ((الجامع لأحكام القرآن)) (13/41). ، وطاهِرٌ، ونَجِسٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ في الجُملة لاختلافِهم في بعضِ المياه؛ هل تُلحَقُ بالطَّاهِرِ أو الطَّهورِ. : الحنفيَّة ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 17)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/67). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/155)، ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/82). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/80) ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبُهوتي (1/24). .الأدلَّة:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ - عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِلَ عن ماءِ البَحرِ، فقال: هو الطَّهورُ ماؤُه)) رواه أبو داود (83)، والترمذي (69)، والنَّسائي (59)، وابن ماجه (386)، وأحمد (8720). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/316)، والنووي في ((المجموع)) (1/82)، وقال ابن البر في ((التمهيد)) (16/217): لا يحتج أهل الحديث بإسناده لكنه صحيح لأن العلماء تلقوه بالقبول، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/24): (في إسناد هذا الحديث اختلافٌ، لكن قال البخاري والترمذي: هو حديثٌ صحيح)، وصححه ابن العراقي في ((طرح التثريب)) (6/11)، وصححه أحمد شاكر في تحقيق ((المحلى)) (1/221)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (386).
وجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الصَّحابة يعلمونَ أنَّ ماءَ البَحرِ طاهِرٌ وليس نَجِسًا- بلا شكٍّ- فسؤالُهم إنَّما كان عن تطهيرِ ماءِ البَحرِ لا عن طهارَتِه، وهذا يدلُّ على أنَّ هناك ماءً طاهرًا ليس بطَهورٍ ((المجموع)) للنووي (1/85).
ثانيًا: أحاديثُ النَّهيِ عن الاغتسالِ في الماءِ الرَّاكدِ كحديث أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه في الصَّحيحين مرفوعًا: ((لا يَبولنَّ أحدُكم في الماءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجري، ثُمَّ يَغتسِل فيه)).أخرجه البخاري (239) واللفظ له، ومسلم (282) والنَّهيِ عن غمْسِ اليَدِ في الإناءِ قبل غَسلِها لِمَن قام مِنَ النَّومِ فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا استيقظ أحدُكم مِن نومِه فلْيغسِلْ يدَه قبل أن يُدخِلَها في وَضوئِه؛ فإنَّ أحدَكم لا يدري أين باتَتْ يدُه)). رواه البخاري (162) واللفظ له، ومسلم (278).
وجهُ الدَّلالةِ منها: أنَّه قد ورد النَّهيُ عن الاغتسالِ في هذه المياهِ، مع عدم نجاسَتِها، فدلَّ ذلك على وجودِ نَوعٍ مِنَ الماءِ ليس بنَجِسٍ، ولا يمكِنُ التطهُّرُ به، وهو الطَّاهِرُ.

القول الثاني: أنَّ الماء قسمانِ فقط: طَهورٌ ونجِسٌ، وهو محكيٌّ عن بعضِ الحنفيَّة قال ابن تيميَّة: (وقال كثيرٌ من أصحابِ أبي حنيفة: بل الطَّاهِرُ هو الطَّهورُ). ((الفتاوى الكبرى)) (5/297). ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (اسمُ الماءِ مُطلقٌ في الكتابِ والسُّنةِ، ولم يقسِّمه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى قِسمينِ: طهورٍ وغيرٍ طَهورٍ، فهذا التقسيمُ مخالفٌ للكتابِ والسُّنة، وإنَّما قال الله: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً, و... كلُّ ما وقع عليه اسمُ الماءِ فهو طاهِرٌ طَهورٌ، سواءٌ كان مستعمَلًا في طهرٍ واجبٍ أو مُستحَبٍّ أو غيرِ مُستحَبٍّ). ((مجموع الفتاوى)) (19/236). ، وابنِ باز قال ابن باز: (الصَّوابُ: أنَّ الماءَ المُطلَق قسمان: طَهورٌ، ونجِسٌ؛ قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا **الفرقان: 48**. وقال تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ **الأنفال: 11**. الآية. وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ)). أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي بسند صحيح، عن أبي سعيد الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، ومرادُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إلَّا ما تغيَّر طَعمُه أو رِيحُه أو لَونُه بشيءٍ مِنَ النَّجاساتِ؛ فإنَّه يَنجُسُ بإجماعِ العُلَماءِ، أمَّا ما يقَعُ في الماء من الشَّرابِ أو أوراقِ الشَّجر أو نحوهما، فإنَّه لا ينجِّسه، ولا يُفقِدُه الطُّهوريَّة ما دام اسمُ الماءِ باقيًا. أمَّا إن تغيَّر اسمُ الماءِ بما خالطه إلى اسمٍ آخَرَ؛ كاللَّبَنِ، والقهوةِ، والشاي، ونحو ذلك؛ فإنه يخرُجُ بذلك عن اسمِ الماءِ، ولا يُسمَّى ماءً، ولكنَّه في نفسِه طاهِرٌ بهذه المُخالطة، ولا يَنجُسُ بها. أمَّا الماءُ المقيَّد؛ كماءِ الوردِ، وماء العِنَبِ، وماء الرُّمَّانِ، فهذا يسمَّى طاهرًا، ولا يسمَّى طَهورًا، ولا يحصُلُ به التطهيرُ مِنَ الأحداثِ والنَّجاسة؛ لأنَّه ماءٌ مُقيَّدٌ، وليس ماءً مُطلقًا، فلا تَشمَلُه الأدلَّةُ الشرعيَّةُ الدالَّة على التَّطهيرِ بالماء، والشَّرعُ إنَّما وصَفَ الماءَ المطلَقَ بالتَّطهيرِ؛ كماءِ المَطَر، وماءِ البحر، والأنهارِ، والعيون). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/14). ، وابنِ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الرَّاجِحُ أنَّ الماءَ قسمان: طَهورٌ ونَجِسٌ، فما تغيَّرَ بالنجاسةِ، فهو نجِسٌ، وما لم يتغيَّرْ بنجاسة، فهو طَهورٌ. أمَّا إثباتُ قسم ثالث، وهو الطَّاهِرُ، فلا أصلَ لذلك في الشريعة، والدليلُ على هذا هو عَدَمُ الدَّليلِ؛ إذ لو كان القِسمُ الطَّاهِرُ ثابتًا بالشَّرع، لكان أمرًا معلومًا مفهومًا، تأتي به الأحاديثُ البيِّنةُ الواضِحةُ؛ لأنَّ الحاجةَ تدعو إلى بيانِه، وليس بالأمرِ الهيِّنِ؛ إذ يترتَّبُ عليه: إمَّا أن يتطهَّرَ بماءٍ أو يتيمَّم). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/86).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
1- قولُه تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان: 48].
2- قوله تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال: 11].

ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ)) رواه أبو داود (66)، والترمذي (66)، والنَّسائي (326)، وأحمد (11275). صحَّحه يحيى ابن معين كما في ((خلاصة البدر المنير)) لابن الملقِّن (1/7)، والإمام أحمد كما في ((تهذيب الكمال)) للمِزِّي (12/219)، والنووي في ((المجموع)) (1/82)، وابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (21/41)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (1/381)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (66)، وحسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/485).
وجهُ الدَّلالةِ مِنَ الآيتينِ والحديثِ: أنَّ اسمَ الماءِ مُطلقٌ في الكتابِ والسُّنةِ، ولم يرِدْ فيهما تقسيمُه إلى: طَهورٍ وطاهرٍ، فهذا التَّقسيمُ مخالفٌ للكتابِ والسُّنةِ، ولا أصلَ له في الشَّريعةِ؛ إذ لو كان القِسمُ الطَّاهِرُ ثابتًا بالشَّرع، لكان أمرًا معلومًا مفهومًا، تأتي به الأحاديثُ البيِّنةُ الواضِحةُ؛ لأنَّ الحاجةَ تدعو إلى بيانِه، وليس بالأمرِ الهيِّنِ؛ إذ يترتَّبُ عليه: إمَّا أن يتطهَّرَ بماءٍ أو يتيمَّم ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/14)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/86).
ثالثًا: أنَّ الماءَ إمَّا أن يبلُغَ اختلاطُ الطَّاهِرِ به إلى حدِّ زَوالِ وَصفِ الماءِ عنه، فلا يكون ماءً مُطلقًا، وإمَّا ألَّا يبلُغَ به ذلك، فيجوز التطهُّرُ به، يدلُّ على ذلك ما جاء عن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((دخل علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين تُوفِّيتِ ابنَتُه، فقال: اغسِلنَها ثلاثًا أو خَمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدرٍ، واجعَلنَ في الآخِرة كافورًا أو شيئًا مِن كافورٍ، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّنِي)) رواه البخاري (1253) واللفظ له، ومسلم (939). ، فهذا ماءٌ مُختلِط، ولكنَّه لم يبلُغْ مِنَ الاختلاطِ بحيث يُسلَبُ عنه اسمُ الماءِ المُطلَقِ ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/27). انظر أيضا:
المبحث الثَّاني: الماءُ المُطلَق (الطَّهور).
المبحث الثَّالث: الماء النَّجِس.
المبحث الرَّابع: الماءُ المختلِط أو المتغيِّر.
المبحث الخامس: الماءُ المستعمَل .

المطلب الأوَّل:
تعريفُ الماءِ المُطلَق
الماءُ المُطلَقُ: هو الماءُ الباقي على أصلِ خِلقَتِه ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهوتي (1/15).

المطلب الثَّاني:
أنواعُ الماء المُطلَقِ
قال ابنُ رُشد: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ جميعَ أنواعِ المياه طاهرةٌ في نَفسِها مطهِّرةٌ لغيرها، إلَّا ماءَ البَحرِ؛ فإنَّ فيه خلافًا في الصَّدرِ الأوَّل شاذًّا). ((بداية المجتهد)) (1/23).

الفرع الأوَّل: ماءُ المَطرِ
قال الله تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال: 11].

الفرع الثَّاني: ماءُ البَحرِ
قال ابنُ رُشد: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ جميعَ أنواعِ المياه طاهرةٌ في نَفسِها مطهِّرةٌ لغيرها، إلَّا ماءَ البَحرِ؛ فإنَّ فيه خلافًا في الصَّدرِ الأوَّل شاذًّا، وهم محجوجونَ بتَناوُلِ اسمِ الماءِ المُطلَق له، وبالأثَرِ الذي خرَّجه مالك، وهو قولُه عليه الصلاة والسلام في البحر: ((هو الطَّهورُ ماؤُه الحِلُّ مَيتَتُه))، وهو وإن كان حديثًا مختلَفًا في صحَّته، فظاهِرُ الشَّرع يُعضِّده). ((بداية المجتهد)) (1/23) وقال الترمذيُّ: (هو قَولُ أكثَرِ الفُقَهاءِ مِن أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ منهم: أبو بكر وعمر وابن عبَّاس، لم يروا بأسًا بماءِ البَحرِ، وقد كرِه بعضُ أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الوُضوءَ بماءِ البحرِ؛ منهم ابن عمر وعبد الله بن عمرو، وقال عبد الله بن عمرو: هو نارٌ). ((سنن الترمذي)) (1/100). عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سأل رجلٌ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ الله، إنَّا نركبُ البحرَ، ونحمِل معنا القليلَ مِنَ الماءِ، فإنْ توضَّأْنا به عَطِشْنا، أفنتوضَّأُ مِن ماءِ البَحرِ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيتتُه)) رواه أبو داود (83)، والترمذي (69)، والنَّسائي (59)، وابن ماجه (386)، وأحمد (8720). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/316)، والنووي في ((المجموع)) (1/82)، وقال ابن البر في ((التمهيد)) (16/217): لا يحتج أهل الحديث بإسناده لكنه صحيح لأن العلماء تلقوه بالقبول، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/24): (في إسناد هذا الحديث اختلافٌ، لكن قال البخاري والترمذي: هو حديثٌ صحيح)، وصححه ابن العراقي في ((طرح التثريب)) (6/11)، وصححه أحمد شاكر في تحقيق ((المحلى)) (1/221)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (386).

الفرع الثَّالث: ماءُ النَّهرِ
قال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ [إبراهيم: 32] ويُستدلُّ بالآيةِ على طهارةِ ماءِ النَّهرِ؛ إذ لا مِنَّةَ بالنَّجِس ((حاشية ابن عابدين)) (1/180).

الفرع الرابع: ماءُ البِئرِ
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: ((قيل: يا رسولَ الله، أنتوضَّأُ من بئر بُضاعةَ؟- وهي بِئرٌ يُلقى فيها الحِيَضُ الحِيَض (بكسر الحاء وفتح الياء): جمع حِيضَة (بكسر الحاء وسكون الياء)، وهي الخِرقةُ التي تُستعمَلُ في دَمِ الحَيْضِ. ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (1/169)، ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/469). ولحومُ الكِلابِ والنَّتْنُ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ)) رواه أبو داود (66)، والترمذي (66)، والنَّسائي (326)، وأحمد (11275). صحَّحه يحيى ابن معين كما في ((خلاصة البدر المنير)) لابن الملقِّن (1/7)، والإمام أحمد كما في ((تهذيب الكمال)) للمِزِّي (12/219)، والنووي في ((المجموع)) (1/82)، وابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (21/41)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (1/381)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (66)، وحسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/485).

الفرع الخامس: ماءُ الثَّلجِ
لا خلافَ بين الفُقَهاءِ في جوازِ التطهُّرِ بماءِ الثَّلجِ إذا ذاب، وإنَّما الخِلافُ بينهم في استعمالِه قبل الإذابةِ. ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (39/356). والبَرَد البَرَد (بفتحتين): شيءٌ ينزِلُ مِن السَّحابِ يُشبِهُ الحصى ((المصباح المنير)) للفيومي (1/249)، وقال الزَّبيديُّ: (البَرَدُ بالتَّحريك: حَبُّ الغَمَامِ. وعبَّرَه اللَّيثُ فقال: مَطَرٌ جامدٌ) ((تاج العروس)) (7/413). النَّازل من السَّماء عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسكُتُ بين التَّكبيرِ وبينَ القِراءةِ إسكاتةً- قال: أحسَبُه قال: هُنيَّةً-، فقلت: بأبي وأمِّي يا رسولَ الله، إسكاتُك بين التَّكبيرِ والقراءةِ، ما تقولُ؟ قال: أقولُ: اللهمَّ باعدْ بيني وبين خَطايايَ كما باعَدْتَ بينَ المَشرِقِ والمَغربِ، اللهُمَّ نقِّني مِنَ الخَطايا كما يُنقَّى الثَّوبُ الأبيضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهمَّ اغسِلْ خطاياي بالماءِ والثَّلجِ والبَرَدِ)) رواه البخاريُّ (744)، ومسلم (598).

الفرع السَّادس: ماءُ العُيونِ
وهو ما ينبُعُ مِنَ الأرضِ قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ [الزمر: 21] ويُستدَلُّ بالآيةِ على طهارةِ ماءِ العُيونِ؛ إذ لا مِنَّةَ بالنَّجِس ((حاشية ابن عابدين)) (1/179-180).

الفرع السَّابع: ماءُ زَمزمَ
المسألة الأولى: حُكمُ التطهُّرِ بماءِ زَمزمَيجوزُ الوضوءُ والغُسلُ بماءِ زَمزمَ، وهو باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (1/180)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 16). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/64-66)، ((حاشية العدوي)) (1/200). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/90،91)، (2/120)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/76). ، والحنابلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/16). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال الحطَّاب: (قال القاضي تقيُّ الدِّين الفاسيُّ في تاريخه: يصحُّ التطهُّرُ به بالإجماعِ، على ما ذكره الرُّويانيُّ في البحر، والماورديُّ في الحاوي، والنوويُّ في شرح المهذَّب). ((مواهب الجليل)) (1/66). وقال الحطَّاب أيضًا: (أمَّا الوضوءُ به لِمَن كان طاهِرَ الأعضاءِ فلا أعلَمُ في جوازه خلافًا، بل صرَّح باستحبابِه غيرُ واحد نقلًا عن ابن حبيبٍ، وكذلك لا أعلَمُ في جواز الغُسلِ به لِمَن كان طاهِرَ الأعضاءِ خلافًا، بل صرَّح ابنُ حبيب أيضًا باستحبابِ الغُسلِ به). ((مواهب الجليل)) (1/64). لكن قال النوويُّ: (لا تُكرهُ الطَّهارةُ بماءِ زَمزمَ عندنا، وبه قال العُلَماءُ كافةً إلَّا أحمدَ في روايةٍ). ((المسائل المنثورة)) (ص: 6). وقال النووي أيضًا: (أمَّا زمزمُ فمَذهَبُ الجُمهورِ كمذهبنا؛ أنَّه لا يُكرَهُ الوضوء والغُسل به، وعن أحمد روايةٌ بكراهَتِه). ((المجموع)) (1/91).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا بسَجْلٍ من ماءِ زَمزمَ، فشَرِبَ منه وتوضَّأَ)) رواه أحمد (564)، والأزرقي في ((أخبار مكة)) (2/55)، والفاكهي في ((أخبار مكة)) (1130). قال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (1/23): إسنادُه مستقيم، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/19)، وجوَّد إسنادَه ابنُ باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (466)، وحسَّن إسناده الألباني في ((تمام المنة)) (46).
ثانيًا: عمومُ النُّصوصِ المُطلَقةِ في التطهُّرِ بالمياه، سواءٌ كان لوُضوءٍ أو غُسلٍ أو غيرِ ذلك قال النوويُّ: (دليلنا النُّصوصُ الصحيحة الصريحة المطلقة في المياه بلا فرق). ((المجموع)) (1/91).
المسألة الثانية: حُكمُ إزالةِ النَّجاسةِ بماءِ زَمزمَتُجزئُ إزالةُ النَّجاسةِ بماءِ زَمزمَ قال ابن باز: (... فهكذا ماء زمزم، ماء عظيم مبارَك، ولا حرج في الوضوء منه والاغتسال منه، وإزالة النَّجاسة، ومَن قال بكراهية ذلك مِن الفقهاء فقوله ضعيف مرجوح) ((فتاوى نور على الدرب)) (5/306). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 16)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/625)، (1/180). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/64-66)، ((حاشية العدوي)) (1/200)، وينظر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) (62/39). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/90،91) (2/120)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/20،333)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/167). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/34)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/28).
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّه لا دليلَ على منعِ استعمالِه لإزالةِ النَّجاسة ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/20).
ثانيًا: ولأنَّ أبا ذرٍّ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه أزال به الدَّمَ الذي أدمَتْه قُريشٌ حين رَجَمُوه ((الإقناع)) للشربيني (1/20). .ثالثًا: أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ غَسَّلَت ولَدَها عبدَ اللهِ بنَ الزُّبيرِ رَضِيَ اللهُ تعالى عنهم- حين قُتِلَ وتقطَّعَت أوصالُه- بماءِ زَمزمَ بمحضَرٍ مِنَ الصَّحابةِ وغيرِهم، ولم يُنكِرْ ذلك عليها أحَدٌ منهم ((الإقناع)) للشربيني (1/20).

الفرع الثَّامن: الماءُ المسخَّنُ
المسألة الأولى: حُكمُ الماءِ المسخَّنِ بالشَّمسِ (المُشمَّس)يجوزُ التطهُّرُ بالماءِ المُشمَّسِ بلا كراهةٍ وذلك كالماءِ المسخَّنِ بالطَّاقة الشمسيَّة. ، وهو مذهَبُ الحنابلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (1/32)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (1/9). ، والظاهريَّة ((المحلى)) لابن حزم (1/210). ، وأحَدُ القَولينِ عند المالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/45)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/170). ، وأحدُ الأوجُهِ عند الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/87)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/16). ، واختاره النوويُّ قال النووي: (الرَّاجِحُ مِن حيثُ الدليلُ أنَّه لا يُكرَهُ مُطلقًا، وهو مذهَبُ أكثَرِ العُلَماءِ، وليس للكراهةِ دليلٌ يُعتمَد، وإذا قلنا بالكراهةِ فهي كراهةُ تَنزيهٍ لا تمنَعُ صحَّةَ الطَّهارةِ، وتختصُّ باستعمالِه في البَدَنِ وتزولُ بتَبريدِه على أصحِّ الأوجُهِ، وفي الثالثِ يُراجَعُ الأطبَّاءُ، والله أعلم) ((روضة الطالبين)) (1/11)، وقال أيضًا: (المشمَّسُ لا أصلَ لكراهَتِه، ولم يثبت عن الأطباءِ فيه شيءٌ، فالصوابُ الجَزمُ بأنَّه لا كراهةَ فيه... بل هو الصَّوابُ الموافِقُ للدَّليل ولنصِّ الشافعيِّ؛ فإنَّه قال في ((الأم)): لا أكرَهُ المشمَّسَ إلَّا أن يُكرَهُ مِن جهةِ الطِّبِّ... ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وداود والجمهور: أنَّه لا كراهةَ، كما هو المختار) ((المجموع)) (1/87). ، وابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (رُوي عن عُمَرَ: لا تغتسلوا بالمشمَّسِ؛ فإنَّه يُورِثُ البَرَص. وليس بشيءٍ؛ لأنَّ النَّاسَ ما زالوا يستعملونَه، ولم يُعلَم أنَّ أحدًا بَرص، ولأنَّ ذلك لو صحَّ لم يُفرَّق بين ما قُصِدَ بتشميسِه وما لم يُقصَد، والأثَرُ إن صحَّ فلعلَّ عمر بلغه ذلك فنهى عنه، كما نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن تأبيرِ النَّخل، وقال: ما أراه يُغني شيئًا، ثم قال: أنتم أعلَمُ بأمر دُنياكم؛ لأنَّ المرجِعَ في ذلك إلى العادةِ). ((شرح العمدة)) (1/81). ، وابنُ القيِّم قال ابن القيِّم: (ولا يصحُّ في الماءِ المسخَّن بالشَّمس حديثٌ ولا أثر، ولا كَرِهَه أحدٌ من قدماء الأطبَّاء، ولا عابوه، والشديدُ السُّخونةِ يُذيبُ شَحمَ الكُلَى) ((زاد المعاد)) (4/391). ، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائمةُ سُئِلَت اللَّجنة الدائمة عن استخدامِ الماءِ المشمَّس والسخَّانات الشمسيَّة، فأجابت: (لا نعلم دليلًا صحيحًا يمنَعُ من استعمالِ الماء المُشمَّس)، ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (5/74).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الماءَ المشمَّسَ يقَعُ عليه اسمُ الماءِ, فتتناوله عمومُ الأدلَّةِ المُفيدة لطهوريَّةِ الماء؛ فلا يخرُجُ منها إلَّا بدليلٍ ((المحلَّى)) لابن حزم (1/210).
ثانيًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ الكراهةِ، وقد سُخِّنَ الماءُ بطاهرٍ، فلا وَجهَ للكراهةِ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/9). ثم إن القائلينَ بالكراهة، قدِ اختلفوا في كونها شرعيةً أو طبِّيَّة، واختلفوا في تحديدِ قُيودها، بالبِلادِ الحارَّة، أو الأواني المنطبعة كالنُّحاس والحديد، وغير ذلك، كما اختلفوا في اشتراطِ قَصدِ التشمُّسِ، وهل تزول الكراهة بتبريدِه. وكلُّ هذا الاضطراب والاختلاف، يدلُّ على عدمِ وجاهة ما استندوا إليه في تقرير حُكمِ الكراهة. ينظر: ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/111)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/42،43)، ((حاشية الدسوقي)) (1/45).
ثالثًا: أنَّه لم يصحَّ في كراهةِ الماءِ المُسخَّن بالشَّمس حديثٌ ولا أثَرٌ، وما رُوِيَ أنه يورِث البرصَ فهو ضعيفٌ باتِّفاقِ المحدِّثينَ قال النووي: (هذا الحديثُ المذكور ضعيفٌ باتِّفاق المحدِّثين، وقد رواه البيهقي من طُرُق، وبيَّن ضعفَها كلِّها، ومنهم مَن يجعَلُه موضوعًا، وقد روى الشافعي في الإمامِ بإسناده عن عمر بن الخطَّاب رَضِيَ اللهُ عنه أنه كان يكره الاغتسالَ بالماءِ المشمَّس، وقال: إنَّه يُورِثُ البَرَصَ، وهذا ضعيفٌ أيضًا باتِّفاقِ المحدِّثين؛ فإنَّه من رواية إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، وقد اتَّفقوا على تضعيفِه وجرَّحوه وبيَّنوا أسبابَ الجَرح إلَّا الشافعيَّ رحمه الله، فإنَّه وثَّقَه، فحصَلَ مِن هذا أن المشمَّسَ لا أصلَ لكَراهَتِه، ولم يثبُتْ عن الأطباء فيه شيءٌ، فالصَّوابُ الجزمُ بأنَّه لا كراهةَ فيه) ((المجموع)) (1/87). وقال ابن القيِّم: (ولا يصحُّ في الماء المسخَّن بالشمس حديثٌ ولا أثر) ((زاد المعاد)) (4/391)، يُنظر ((الذخيرة)) للقرافي (1/170).

المسألة الثانية: الماءُ المسخَّنُ بطاهرٍيُجزئُ التطهُّرُ بالماءِ المسخَّنِ بطاهرٍ.
الأدلة:
أولًا: من الآثار
1- عن عُمَرَ بنِ الخطَّاب رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه كان يتوضَّأُ بالحميمِ، ويغتَسِلُ منه) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (193)، وأخرجه موصولاً عبدالرزَّاق في ((المصنَّف)) (675)، والقاسم بن سلام في ((الطهور)) (255)، وسعيد بن منصور كما في ((فتح الباري)) لابن حجر (1/299) صحح إسناده ابن الملقن في ((البدر المنير)) (1/434) وقال: على شرط الشيخين، وابن حجر في ((فتح الباري)) (1/358)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (1/50).
2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يتوضَّأُ بالماءِ الحَميمِ) رواه عبدالرزَّاق في ((المصنَّف)) (676)، وابن أبي شيبة في ((المصنَّف)) (257)، والقاسم بن سلام في ((الطهور)) (255). قال ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/434): رجال إسناده رجال الصَّحيحين، وصححه الألبانيُّ في ((إرواء الغليل)) (17).
3- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: (لا بأسَ أن يُغتسَلَ بالحَميمِ ويُتوضَّأَ منه) رواه عبد الرزَّاق في ((المصنَّف)) (677). صحَّح إسنادَه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (1/435)، وابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/30) .

ثانيًا: من الإجماع
نقل الإجماع على ذلك: ابن تيمية قال ابن تيميَّة عن الطَّاهِرِ المستخدمِ كوَقودٍ: (فأمَّا الطَّاهِرُ كالخشب والقصَب والشَّوك، فلا يؤثِّرُ باتِّفاقِ العُلَماءِ) ((مجموع الفتاوى)) (21/72).

المسألة الثالثة: الماءُ المسخَّنُ بنَجِسٍ إذا سُخِّنَ الماءُ بنجاسةٍ ولم يحصُلْ له ما يُنَجِّسُه، فهو على أصلِ طَهارَتِه.الدليلُ من الإجماع:إجماعُ أهلِ العِلمِ على ذلك، وممَّن نقَلَ الإجماعَ ابنُ تيميَّةَ [70] قال ابن تيمية: (وأما المسخَّنُ بالنَّجاسة فليس بنَجِسٍ باتِّفاقِ الأئمَّةِ، إذا لم يحصُلْ له ما يُنجِّسُه) ((مجموع الفتاوى)) (21/69).

الفرع التاسع: التطهُّرُ بالماءِ المحرَّمِ
يصحُّ التطهُّر بالماءِ المحرَّم (كالمغصوبِ والمسروق ونحوهما)، مع الإثم، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/131). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/144)، ((حاشية الدسوقي)) (1/32). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/251)، ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي)) (1/224،114). ؛ وذلك لأنَّ القاعدةَ: أنَّ النهي إذا كان عائدًا إلى غيرِ ذاتِ المنهيِّ عنه، فإنَّه لا يقتضي الفَسادَ، وهنا الأمرُ كذلك، فلم يَنهَ الشَّارِعُ عن التطهُّرِ بالماءِ المغصوبِ، وإنَّما نهى عن الغَصبِ جملةً، فيكون نهيُ الشَّارِعِ خارجَ ذاتِ المنهيِّ عنه، فلا يفسُدُ العمَلُ ((الفروق)) للقرافي (2/85)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (3/54)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (10/186).
انظر أيضا:
المبحث الأوَّل: أقسامُ المِياهِ.
المبحث الثَّالث: الماء النَّجِس.
المبحث الرَّابع: الماءُ المختلِط أو المتغيِّر.
المبحث الخامس: الماءُ المستعمَل .

المطلب الأوَّل:
تعريفُ الماءِ النَّجِسِ
الماءُ النَّجِسُ: هو ما تغيَّر بنجاسةٍ، بحيث يتغيَّرُ بها طَعمُه، أو لَونُه، أو رِيحُه ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/54).

المطلب الثَّاني:
حُكمُ الماءِ النَّجِسِلا تجوزُ الطَّهارةُ بالماءِ النَّجِسِ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماع: نقل الإجماعَ على ذلك: ابن المُنذِر قال ابن المُنذِر: (أجمَعَ أهلُ الِعلمِ على أنَّ الماءَ القَليلَ أو الكثيرَ إذا وقعت فيه نجاسةٌ، فغيَّرَتْ النجاسةُ الماءَ طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا: أنَّه نجِسٌ ما دام كذلك، ولا يُجزي الوضوءُ والاغتسالُ به) ((الأوسط)) (1/368). ، وابنُ نجيم قال ابن نجيم: (اعلم أنَّ العلماءَ أجمعوا على أنَّ الماء إذا تغيَّرَ أحد أوصافِه بالنَّجاسة لا تجوزُ الطهارة به؛ قليلًا كان أو كثيرًا، جاريًا كان أو غير جارٍ، هكذا نقل الإجماع في كتبنا) ((البحر الرائق)) (1/78).
انظر أيضا:
المبحث الأوَّل: أقسامُ المِياهِ.
المبحث الثَّاني: الماءُ المُطلَق (الطَّهور).
المبحث الرَّابع:
الماءُ المختلِط أو المتغيِّر.
المبحث الخامس: الماءُ المستعمَل .