لا تَبطُلُ الوَصيَّةُ إذا ردَّها المُوصَى له قبْلَ مَوتِ المُوصِي؛ وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [767] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (22/41)، ((الدر المختار للحَصْكَفي وحاشية ابن عابدين)) (6/657)، ((الاختيار لتعليل المختار)) للمَوْصِلي (5/65). ، والمالِكيَّةِ [768] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/366)، ((الشرح الكبير للدَّرْدِير مع حاشية الدسوقي)) (4/424)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/507). ، والشَّافعيَّةِ [769] ((العزيز شرح الوجيز)) للرافعي (7/63)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/53). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (8/262). ، والحَنابِلةِ [770] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/18)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/153). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ حُكمَه -وهو ثُبوتُ المِلكِ- إنَّما يَثبُتُ بعْدَ المَوتِ؛ فلا اعتِبارَ بما يُوجَدُ قبْلَه، كما إذا وُجِد قبْلَ العَقدِ [771] ((الاختيار لتعليل المختار)) للمَوْصِلي (5/65). .ثانيًا: لأنَّه ليس بمَحَلٍّ للقَبولِ؛ فلا يكونُ مَحَلًّا للرَّدِّ، كما قبْلَ الوَصيَّةِ [772] ((المغني)) لابن قُدامة (6/153). .ثالثًا: لأنَّه تَبرُّعٌ لم يَتِمَّ، وتَمامُه بالمَوتِ والقَبولِ [773] ((الاختيار لتعليل المختار)) للمَوْصِلي (5/65). .رابعًا: لأنَّ الوَصيَّةَ لم تقَعْ بَعدُ؛ فأشبَهَ ردَّ المَبيعِ قبْلَ إيجابِ البَيعِ [774] ((المغني)) لابن قُدامة (6/153). . انظر أيضا: المَبحثُ الثَّاني: ردُّ المُوصَى له الوَصيَّةَ بعْدَ مَوتِ المُوصِي وقبْلَ القَبولِ [775] كأن يُقالَ لزَيدٍ مَثلًا: إنَّ فلانًا المتوفَّى أوصى لك بوَصيَّةٍ، فيَرُدَّها مُباشَرةً ولا يَقبَلَها. . المَبحثُ الثَّالثُ: ردُّ المُوصَى له الوَصيَّةَ بعْدَ موتِ المُوصِي بعْدَ القَبولِ وقبْلَ القَبضِ.

تَبطُلُ الوَصيَّةُ برَدِّ المُوصَى له الوَصيَّةَ بعْدَ مَوتِ المُوصِي وقبْلَ القَبولِ؛ وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [776] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (28/43)، ((الفتاوى الهندية)) (6/90). ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (7/332). ، والمالِكيَّةِ [777] ((التاج والإكليل)) للمَوَّاق (6/366)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/424)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (9/507). ، والشَّافعيَّةِ [778] ((روضة الطالبين)) للنووي 6/142). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (3/370). ، والحَنابِلةِ [779] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/18)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/460). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [780] قال ابن قُدامة: (أن يرُدَّها بعْدَ المَوتِ، وقبْلَ القَبولِ، فيَصِحُّ الرَّدُّ، وتَبطُلُ الوَصيَّةُ. لا نَعلَمُ فيه خِلافًا). ((المغني)) (6/154). وقال برهانُ الدِّينِ بنُ مُفلِحٍ: (أن يَرُدَّها بعْدَ المَوتِ وقبْلَ القَبولِ، وهي مسألةُ المَتنِ؛ فيَصِحُّ الرَّدُّ وتَبطُلُ الوَصيَّةُ بغَيرِ خِلافٍ نَعلَمُه). ((المبدع)) (6/18). ووقَع خِلافٌ في ذلك؛ فقيل: بأنَّ الوَصيَّةَ يَملِكُها المُوصَى له بلا قَبولٍ، فلا تَرتدُّ بالرَّدِّ، فهي كالميراثِ. وهو قولُ زُفَرَ مِنَ الحنفيَّةِ، وحُكيَ عن الشافِعيِّ، وهو روايةٌ عن الحنابلةِ. يُنظر: ((تحفة الفقهاء)) لعلاء الدين السَّمَرْقَنْديِّ (3/206)، ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (3/370)، ((الفروع)) لابن مُفلِح (7/426). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه أسقَطَ حقَّه في حالٍ يَملِكُ قَبولَه وأخْذَه، فأشَبَه عَفْوَ الشَّفيعِ عنِ الشُّفعةِ بعْدَ البَيعِ [781] ((المغني)) لابن قُدامة (6/154). .ثانيًا: لأنَّ الوَصيَّةَ لا تجِبُ للمُوصَى له إلَّا بعْدَ موتِ المُوصِي؛ فيَحِقُّ له قَبولُها أو ردُّها [782] ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (8/518). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: ردُّ المُوصَى له الوَصيَّةَ قبْلَ مَوتِ المُوصِي. المَبحثُ الثَّالثُ: ردُّ المُوصَى له الوَصيَّةَ بعْدَ موتِ المُوصِي بعْدَ القَبولِ وقبْلَ القَبضِ.

لا يصِحُّ ردُّ الوَصيَّةِ بعْدَ موتِ المُوصِي بعْدَ القَبولِ ولو لم يقبِضْ؛ نصَّ عليه الشَّافعيَّةُ [783] ((روضة الطالبين)) للنووي (6/142)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/53). ، والحَنابِلةُ [784] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/19)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (7/154)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/460). ، وهو الظَّاهرُ مِن مذهبِ الحَنفيَّةِ [785] لا يصِحُّ الرَّدُّ عندَهم إلَّا إذا رضيَ الورَثةُ بذلك. ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (28/44). ، والمالِكيَّةِ [786] ((الشرح الكبير للدَّرْدِير وحاشية الدسوقي)) (4/424). ؛ وذلك لأنَّ المِلكَ يَحصُلُ فيه بالقَبولِ مِن غَيرِ قَبضٍ، أمَّا إذا قَبَض فإنَّ مِلكَه قد استَقَرَّ عليه؛ فأشبَهَ سائِرَ أملاكِه [787] ((المبدع)) لبرهان الدِّين ابن مفلِح (6/19). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: ردُّ المُوصَى له الوَصيَّةَ قبْلَ مَوتِ المُوصِي. المَبحثُ الثَّاني: ردُّ المُوصَى له الوَصيَّةَ بعْدَ مَوتِ المُوصِي وقبْلَ القَبولِ [775] كأن يُقالَ لزَيدٍ مَثلًا: إنَّ فلانًا المتوفَّى أوصى لك بوَصيَّةٍ، فيَرُدَّها مُباشَرةً ولا يَقبَلَها. .