يصِحُّ وقْفُ المعيَّنِ مجهولِ القدْرِ أو الصِّفةِ، وهو مَذهبُ الحنفيَّةِ [543] ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/203)، ((الفتاوى الهندية)) (2/355)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/341). ، ومُقتضى مَذهبِ الشافعيَّةِ [544] يصِحُّ عندَ الشافعيَّةِ وقْفُ المشاعِ إنْ جُهِل قدْرُه وصِفتُه، فمِن بابِ أَولى صِحَّةُ غيرِ المشاعِ. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/238)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/362). ، وهو اختيارُ البُخاريِّ [545] قال البخاريُّ: (بابٌ إذا وقَف أرضًا ولم يبيِّنِ الحُدودَ فهو جائزٌ، وكذلك الصَّدقةُ). ((صحيح البخاري)) (4/11). ، وابنِ تَيميَّةَ [546] قال ابنُ تيميَّةَ: (المجهولُ نوعانِ: مُبهَمٌ، ومعيَّنٌ، مِثل دارٍ لم يَرَها، فمنْعُ هذا بعيدٌ، وكذلك هِبتُه). ((الفتاوى الكبرى)) (5/426). ، وابنِ عُثيمين [547] قال ابن عُثيمين: (الراجحُ أنه يصِحُّ وقْفُ المعيَّنِ، وإن كان مجهولًا؛ لأنَّه تبرُّعٌ محضٌ، إذا أمْضاهُ الإنسانُ نَفَذ). (الشرح الممتع)) (11/17). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِن السُّنةعن أنسٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لمَّا نزَلَت لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[آل عمران: 92] جاء أبو طَلحةَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، يقولُ اللهُ تَبارك وتَعالى في كتابِه: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ[آل عمران: 92]، وإنَّ أحبَّ أموالي إلَيَّ بِيرُحاءُ -قال: وكانت حَديقةً كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدخُلها، ويَستظِلُّ بها، ويَشرَبُ مِن مائِها- فهي إلى اللهِ عزَّ وجلَّ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أرْجو بِرَّه وذُخْرَه، فضَعْها أيْ رسولَ اللهِ حيث أراكَ اللهُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بَخْ يا أبا طَلحةَ، ذلك مالٌ رابحٌ، قَبِلْناه منك، وردَدْناه عليك، فاجْعَلْه في الأقربينَ، فتَصدَّقَ به أبو طَلحةَ على ذَوي رَحِمِه...)) الحديثَ [548] أخرجه البخاري (2758) واللفظُ له، ومسلم (998). .وجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ أبا طلحةَ لم يُبيِّنْ حُدودَها [549] ((الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري)) لابن باز (2/458). .ثانيًا: لأنَّ الوقْفَ تبرُّعٌ مَحضٌ، كما لو تَصدَّقَ بدراهمَ بلا عدٍّ، فتصِحُّ وتَنفُذُ [550] ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (11/17). . انظر أيضا: المَبحَثُ الثاني: وقْفُ المُبهَمِ [551] مثالُ وقْفِ المبهَمِ: كأن يقولَ: وقفتُ أحد هذَينِ البيتَينِ، ولم يُعيِّنْ أحدَهما. . المَبحَثُ الثالثُ: وقْفُ ما في الذِّمَّةِ .

لا يصِحُّ وقْفُ المبهَمِ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: الحنفيَّةِ [552] ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/203)، ((الفتاوى الهندية)) (2/355)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/341). ، والشافعيَّةِ -في الأصحِّ- [553] ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/378)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (5/363). ، والحنابلةِ [554] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/244)، ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/277). .وذلك للآتي:أولًا: لأنَّ الوقْفَ نقْلُ ملْكٍ على وجْهِ الصَّدقةِ؛ فلم يصِحَّ في غيرِ مُعَيَّنٍ [555] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/244)، ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/277). .ثانيًا: لأنَّه لا يُمكِنُ تَسليمُه ما لم يَتعيَّنْ؛ فلا يُمكِنُ الانتِفاعُ به [556] ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (7/518). .ثالثًا: لأنَّه تَمليكٌ مُنجَزٌ؛ فلم يصِحَّ في عَينٍ غَيرِ مُعيَّنةٍ، كالبيعِ [557] ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (8/63)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/239). . انظر أيضا: المَبحَثُ الأولُ: وقْفُ المعيَّنِ مجهولِ القَدْرِ أو الصِّفةِ [542] كأن يَقِفَ أرضًا لم يَرَها، ولم يَعلَمْ حدودَها، فهو وقْفٌ معيَّنٌ لكنَّه مجهولٌ. . المَبحَثُ الثالثُ: وقْفُ ما في الذِّمَّةِ .

لا يصِحُّ وقْفُ ما في الذِّمةِ [558] كأن يكونَ له عنَد شخصٍ دَينٌ، فلا يصِحُّ وقْفُه، أو كأن يقولَ: وقفتُ دارًا، ولم يُعيِّنْ هذه الدارَ. ، وهو مَذهبُ الجُمهورِ: الشافعيَّةِ [559] ((روضة الطالبين)) للنووي (5/314)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/377). ، والحنابلةِ [560] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/244)، ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/275). ، ومُقتضى مَذهبِ الحنفيَّةِ [561] منَع الحنفيَّةُ وقْفَ المجهولِ، واشتَرطوا أن يكونَ معلومًا، وما في الذِّمَّةِ ليس بمعلومٍ، وأيضًا الدُّيونُ ليست مالًا عندَهم ما دامت في الذِّمَّةِ. ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (5/203)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/341). ، وهو قولٌ للمالكيَّةِ [562] ((حاشية البناني على شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (7/354)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (8/489). ؛ وذلك لأنَّ الوقْفَ نقْلُ ملْكٍ على وَجْهِ الصَّدقةِ، فلم يَصِحَّ وقْفُ ما في الذِّمةِ؛ لأنَّه غيرُ مُعيَّنٍ [563] ((كشاف القِناع)) للبُهُوتي (4/244). . انظر أيضا: المَبحَثُ الأولُ: وقْفُ المعيَّنِ مجهولِ القَدْرِ أو الصِّفةِ [542] كأن يَقِفَ أرضًا لم يَرَها، ولم يَعلَمْ حدودَها، فهو وقْفٌ معيَّنٌ لكنَّه مجهولٌ. . المَبحَثُ الثاني: وقْفُ المُبهَمِ [551] مثالُ وقْفِ المبهَمِ: كأن يقولَ: وقفتُ أحد هذَينِ البيتَينِ، ولم يُعيِّنْ أحدَهما. .