المطلب الأوَّل: الدَّمُ الخارج قبل الولادة مع الطَّلق الدَّمُ الخارجُ قبل الولادة، ومعه طَلقٌ، يُعتبَرُ نفاسًا، وهذا مَذهَبُ الحنابلة قال البُهوتي: (النِّفاس بقيَّة للدَّم الذي احتبس في مدَّة الحمل، مأخوذٌ من النَّفس، وهو الخروجُ مِن الجوف، أو مِن نفَّسَ الله كُربتَه؛ أي: فرَّجها، وعُرفًا (دم تُرخيه الرَّحِم مع ولادةٍ، وقبلها)؛ أي: الولادة (بيومين أو ثلاثة، بأمارة)؛ أي: علامة على الولادة، كالتألُّم، وإلَّا فلا تجلِسْه؛ عملًا بالأصل) ((شرح منتهى الإرادات)) (1/122)، ويُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/218). ، وقولٌ عند المالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/209). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/521)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/439). ، وهو قولُ إسحاقَ بن راهويه قال ابن المُنذِر: (ذِكْر المرأة ترى الدَّم وهي تطلق: واختلفوا في المرأة ترى الدَّمَ وهي تَمخَض، فقالت طائفة: هو حيضٌ لا تُصلِّي؛ رُوي هذا القول عن النَّخعي، وقال الحسن: إذا رأت الدَّمَ على الولد أمسكتْ عن الصَّلاة، وقال مالكٌ في الماء الأبيض الذي يخرُج من فرْج المرأة حين يضربُها الطَّلقُ حضرةَ الولادة: تَوضَّأُ وتُصلِّي حتى ترى دمَ النِّفاس، وجعل ذلك بمنزلةِ البولِ، وقال إسحاق بن راهويه: إذا ظهر الدَّمُ تركت الصَّلاةَ، وإن كان قبل الولادة بيوم أو يومين، وكان عطاءٌ يقول: تَصنع ما تصنَعُ المستحاضة، قال أبو بكر: لا تدَع الصَّلاة حتى تلدَ، فيكون حُكمُها حينئذٍ حُكمَ النُّفَساء) ((الأوسط)) (2/370). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (فأمَّا الذي تراه قبل الوضع بيومين أو ثلاثة، فهو نفاس؛ لأنَّه دم خارج بسبب الولادة، فكان نفاسًا كالخارج بعدها؛ وهذا لأنَّ الحامِلَ لا تكاد ترى الدَّم، فإذا رأته قريبَ الوضع، فالظَّاهر أنَّه بسبَبِ الولد لا سيَّما إن كان قد ضربها المخاضُ). ((شرح عمدة الفقه- من كتاب الطهارة والحج)) (1/514). وقال أيضًا: (ما تراه من حينِ تَشرَعُ في الطَّلق، فهو نفاسٌ). ((مجموع الفتاوى)) (19/240). ، وابنُ باز قال ابن باز: (إذا نزل الدَّمُ مع الطَّلقِ، فهو نِفاسٌ). ((اختيارات الشيخ ابن باز)) لخالد آل حامد (1/339، 340). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (النِّفاس: دمٌ يخرج من المرأة بعد الولادة، أو معها، أو قبلها بيومينِ، أو ثلاثة مع الطَّلْقِ، أمَّا بدون الطَّلقِ، فالذي يخرج قبل الولادةِ دَمُ فسادٍ، وليس بشيءٍ). ((الشرح الممتع)) (1/507). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه دمٌ خرج بسبب الولادةِ، فكان نِفاسًا، كالخارِجِ بعدها، وإنَّما يُعلَمُ خروجُه بسبب الولادة إذا كان قريبًا منها، ويُعلَمُ ذلك برؤية أماراتِها؛ من المخاضِ ونحوه في وَقتِه ((المغني)) لابن قدامة (1/262). . ثانيًا: أنَّ الحامِلَ لا تكاد ترى الدَّم، فإذا رأتْه قريبَ الوضعِ، فالظَّاهِرُ أنَّه بسبَبِ الولَدِ، لا سيَّما إن كان قد ضرَبَها المخاضُ سُئِلَت اللجنة الدائمة: (بعضُ النسوة تعسُرُ عليهن الولادةُ فيُضطرُّ إلى توليدِهنَّ بطريقةِ العمليَّة الجراحيَّة، ولربَّما يحصُلُ من جرَّاءِ ذلك خروجُ الولدِ عن طريقِ غيرِ الفَرجِ. فما حكمُ أمثال هؤلاء النِّسوة في الشَّرعِ من ناحيةِ دَمِ النفاس؟ وما حكم غُسلِهنَّ شرعًا؟ فأجابت: (... حكمُها حكمُ النُّفَساء، إن رأت دمًا جلست حتى تطهُرَ، وإن لم تر دمًا، فإنها تصومُ وتصلِّي كسائِرِ الطاهراتِ) ((فتاوى اللجنة الدائمة – 1)) (5/461). . المطلب الثَّاني: الدَّم الخارج مع المولودالدَّمُ الخارج مع المولودِ يكون نفاسًا؛ وهو مذهَبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/553)، ((حاشية الدسوقي)) (1/174). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/357)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/219). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/175)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/438). ، وقولٌ لبعضِ الحنفيَّة ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) (1/67)، ((العناية)) للبابرتي (1/187). ، واختاره ابن تيميَّة قال ابن تيميَّة: (ما تراه من حين تشرَعُ في الطَّلق، فهو نفاسٌ). ((مجموع الفتاوى)) (19/240). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (النِّفاس: دمٌ يخرج من المرأةِ بعد الولادة، أو معها..). ((الشرح الممتع)) (1/507). ؛ وذلك لأنَّه دمٌ خرج بسبب الولادة، فكان نفاسًا، كالخارج بعدها، وإنَّما يُعلَمُ خروجُه بسببِ الولادة إذا كان قريبًا منها، ويُعلَم ذلك برؤيةِ أماراتِها من المخاضِ ونَحوِه في وَقتِه ((المغني)) لابن قدامة (1/262). . المطلب الثَّالث: الدَّم الخارج بعد الولادةالدَّمُ الخارجُ بعد الولادة، هو دمُ نِفاسٍ.الدَّليل من الإجماع: نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم قال ابن حزم: (اتَّفقوا على أنَّ المرأة إذا وَضعت آخِرَ ولدٍ في بطنها، فإنَّ ذلك الدَّمَ الظَّاهِرَ منها بعد خروج ِذلك الولَدِ الآخِر دمُ نفاسٍ لا شكَّ فيه، تجتنِبُ فيه الصَّلاةَ والصِّيام والوطءَ). ولم يتعقَّبه ابن تيميَّة. يُنظر: ((مراتب الإجماع)) (ص: 23). ، والنووي قال النوويُّ: (فأمَّا الدَّمُ الخارجُ بعد الولادة، فنِفاسٌ بلا خلافٍ). ((المجموع)) (2/520). ، والرافعيُّ قال الرافعي: (لأنَّ ما بعد الولَدِ نفاسٌ بلا خلافٍ) ((فتح العزيز)) (2/578). .المطلب الرَّابع: أوَّل نفاس التَّوءَمين وآخِرُهاختلف أهلُ العِلم في أوَّلِ نِفاسِ التَّوءمينِ وآخِرِه على أقوال؛ أقواها قولان: القول الأوّل: إن ولدت المرأةُ تَوءمينِ؛ فأوَّلُ النِّفاس وآخِرُه مِن الوَلَد الأوَّل قال ابن باز: (تكونُ بداية النِّفاس من الوَلَد الأوَّل، وكذا نهايَتُه، هذا هو الأقرب) ((اختيارات الشيخ ابن باز وآراؤه الفقهية في قضايا معاصرة)) لخالد آل مفلح (1/340). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/68)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/696). ، والمالكيَّة استثنى المالكيَّة حالًا واحدةً، وهي ما إذا استمرَّ الدَّمُ بين التوءمين ستِّين يومًا فأكثَر، فإنَّه يكون نفاسَينِ، لكلٍّ منهما نفاسٌ مستقلٌّ. ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/553)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/220)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/253). ، وهو وجهٌ عند الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/526). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه بالولَدِ الأوَّل ظهر انفتاحُ الرَّحِم، فكان المرئيُّ عقبَه نفاسًا ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/231). .ثانيًا: أنَّه دمٌ يعقُب ولادةً، فاعتُبِرَت المدَّةُ منه كما لو كان وحْدَه ((المجموع)) للنووي (2/526). .ثالثًا: أنَّ أوَّلَه مِن الأوَّل، فكان آخِرُه منه أيضًا، كالمُنفَرد ((المغني)) لابن قدامة (1/253). . القول الثاني: إن ولدَت المرأةُ توءَمينِ؛ فأوَّلُ النِّفاسِ مِن الولَدِ الأوَّل، وآخِرُه من الثاني، وهذا قولٌ عند المالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174). ، وروايةٌ عن أحمد ((المغني)) لابن قدامة (1/253). ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الأقربُ أن يكونَ [أوَّل النِّفاس] من الأوَّلِ، وآخِرُه من الثاني). ((الموقع الرسمي لابن عثيمين – التعليقات على الكافي لابن قدامة)). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه بالولَدِ الأوَّلِ ظهَر انفتاحُ الرَّحم، فكان المرئيُّ عقبَه نفاسًا ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/231). .ثانيًا: أنَّ العِدَّةَ تنقضي بالأخيرِ إجماعًا، فكذا النِّفاسُ ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/697). . انظر أيضا: المبحث الأول: تعريف النِّفاس لُغةً واصطلاحًا. المبحث الثالث: أكثَرُ النِّفاس وأقلُّه. المبحث الرابع: ما يثبُت بالنِّفاسِ من الأحكام .

المطلب الأوَّل: أكثَرُ النِّفاسأكثَرُ النِّفاسِ أربعونَ يومًا، وهو مذهبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/68)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/41). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/273)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/250). ، واختاره ابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (التَّحديدُ ضعيف؛ لأنَّه لا يصحُّ إلَّا بتوقيفٍ، وليس في مسألةِ أكثرِ النِّفاسِ مَوضِعٌ للاتِّباعِ والتقليدِ، إلَّا مَن قال بالأربعين؛ فإنَّهم أصحابُ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا مخالِفَ لهم منهم، وسائِرُ الأقوال جاءت عن غَيرِهم، ولا يجوز عندنا الخلافُ عليهم بِغَيرِهم؛ لأنَّ إجماعَ الصحابة حُجَّةٌ على مَن بَعدَهم، والنَّفسُ تسكُن إليهم، فأين المَهرَبُ عنهم دون سُنَّةٍ ولا أصلٍ؟!). ((الاستذكار)) (1/355). ، ومال إليه الشَّوكانيُّ قال الشوكانيُّ- بعدما ساق الأقوالَ الواردة في أكثر النِّفاسِ، وبدأ بقول مَن قال: إنَّ أكثَرَه أربعين يومًا-: (وجميع الأقوال ما عدا الأوَّلَ لا دليلَ عليها، ولا مُستَندَ لها، إلَّا الظُّنونَ). ((نيل الأوطار)) (1/284). ، وبه أفتت اللَّجنة الدَّائمة قالت اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز: (لا يكون ما تراه من الدَّم بعد الأربعينَ نفاسًا، بل دمُ استحاضة). ((فتاوى اللجنة الدائمة- 1)) (5/457). ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ قال ابن عبدِ البَرِّ: (قال أكثرُ أهل العلم: أقصى مدَّة النِّفاس أربعون يومًا، ورُوي ذلك عن عمر بن الخطَّاب، وعبد الله بن عبَّاس، وعثمان بن أبي العاصي، وأنس بن مالك، وعائذ بن عَمرٍو المزنيِّ، وأمِّ سلمة زوج النبيِّ عليه السَّلام، وهؤلاء كلُّهم صحابةٌ لا مخالفَ لهم فيه، وبه قال سفيان الثوريُّ، والليث بن سعد، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو عُبَيد القاسم بن سلَّام، وداود). ((الاستذكار)) (1/354). وقال النوويُّ: (ذهب أكثرُ العلماءِ مِن الصَّحابة والتَّابعين ومَن بَعدَهم إلى أنَّ أكثرَه أربعونَ، كذا حكاه عن الأكثرينَ: الترمذيُّ، والخطابيُّ، وغيرهما). ((المجموع)) (2/524)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/250). . الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ عن أمِّ سلمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: (كانت النُّفَساءُ تجلِسُ على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعينَ يومًا وأربعينَ ليلةً) رواه أبو داود (311)، والترمذيُّ (139)، وابن ماجه (648)، وأحمد (26626)، حسَّنه النووي في ((المجموع)) (2/525)، وجوَّد إسناده الذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (1/91)، وصححه ابن القيم في ((زاد المعاد)) (4/369)، وابن الملقِّن في ((خلاصة البدر المنير)) (1/83)، وحسن إسناده ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (145) وقال: تقوم به الحجة وله شواهد، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (139): حسن صحيح. .ثانيًا: من الإجماعنقل إجماعَ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم على ذلك: الترمذيُّ قال أبو عيسى الترمذيُّ: (أجمع أهلُ العلم من أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَن بعدَهم على أنَّ النُّفَساءَ تدَع الصَّلاةَ أربعين يومًا، إلَّا أن ترى الطُّهرَ قبل ذلك فتغتسِل وتصلِّي) سنن الترمذي (1/258)، ((المغني)) لابن قدامة (1/250). ، وابنُ عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (أقصى مدَّة النِّفاسِ أربعون يومًا، ورُوي ذلك عن عُمرَ بنِ الخطَّاب، وعبد الله بن عبَّاس، وعثمان بن أبي العاصي، وأنس بن مالك، وعائذ بن عمرٍو المزنيِّ، وأمِّ سلمةَ زوج النبيِّ عليه السَّلام، وهؤلاء كلُّهم صحابةٌ لا مخالِفَ لهم فيه). ((الاستذكار)) (1/354). وقال أيضًا: (ليس في مسألةِ أكثرِ النِّفاسِ مَوضِعٌ للاتِّباعِ والتقليدِ، إلَّا مَن قال بالأربعين؛ فإنَّهم أصحابُ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا مخالِفَ لهم منهم، وسائِرُ الأقوال جاءت عن غَيرِهم، ولا يجوز عندنا الخلافُ عليهم بِغَيرِهم؛ لأنَّ إجماعَ الصحابة حُجَّةٌ على مَن بَعدَهم، والنَّفسُ تسكُن إليهم، فأين المَهرَبُ عنهم دون سُنَّةٍ ولا أصلٍ؟!) ). ((الاستذكار)) (1/355). وقال الطحاويُّ: (لم يقل بالستِّينَ أحدٌ مِن الصَّحابةِ) ((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (1/68). .المطلب الثاني: أقلُّ النِّفاسلا حدَّ لأقلِّ النِّفاسِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (2/18)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/41). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/186)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/52). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/169)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/436). ، والمشهورُ عند الحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/394)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/251). ، وهو اختيارُ ابنِ حزم الظاهريِّ قال ابن حزم: (ولا حدَّ لأقلِّ النِّفاس) ((المحلى)) (1/413). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال الترمذيُّ: (قد أجمع أهل العلم من أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والتَّابعين ومَن بعدهم، على أنَّ النُّفَساءَ تدَعُ الصَّلاةَ أربعين يومًا، إلَّا أن ترى الطُّهرَ قبل ذلك؛ فإنَّها تغتسِلُ وتصلِّي). ((سنن الترمذي)) (1/256). وقال الكاسانيُّ: (أمَّا الكلامُ في مقداره، فأقلُّه غيرُ مقدَّرٍ، بلا خلافٍ). ((بدائع الصنائع)) (1/41). ؛ وذلك لأنَّه لم يأتِ دليلٌ على تحديدِ أقلِّ النِّفاسِ؛ فالمرجعُ فيه يكونُ إلى الوجودِ قال ابن قدامة: (لم يَرِد في الشَّرعِ تحديدُه، فيُرجَع فيه إلى الوجود، وقد وُجِدَ قليلًا وكثيرًا، وقد رُوي أنَّ امرأةً ولدت على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلم ترَ دمًا، فسُمِّيت ذاتَ الجُفوفِ. قال أبو داود: ذاكرتُ أبا عبدِ الله حديثَ جريرٍ: كانت امرأةٌ تُسمَّى الطَّاهِرَ؛ تضَع أوَّلَ النَّهارِ وتطهُرُ آخِره؟ فجعل يعجَبُ منه). ((المغني)) (1/251). . انظر أيضا: المبحث الأول: تعريف النِّفاس لُغةً واصطلاحًا. المبحث الثاني: حُكم دم النِّفاس. المبحث الرابع: ما يثبُت بالنِّفاسِ من الأحكام .

إذا نفِسَت المرأة فلها حُكمُ الحائِضِ في الأحكام كلِّها، فيحرُمُ عليها ما يحرُمُ على الحائض؛ كالصَّلاةِ والصَّومِ، وطوافِ الوداعِ، والوطءِ، ويحرُمُ طلاقُها، ويلزَمُها الغُسلُ إذا طَهُرت، وقضاءُ الصَّومِ لا قضاءُ الصَّلاةِ.الأدلَّة:أوَّلًا: من الإجماعنقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ جريرٍ الطبريُّ قال ابن رجب: (دمُ النِّفاس حُكمُه حُكمُ دَمِ الحيض فيما يُحرِّمُه ويُسقِطُه، وقد حكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ مِن العلماء، منهم: ابنُ جرير، وغيره). ((فتح الباري)) (1/546). ، وابنُ حزم فيما عدا الطَّوافَ بالبَيتِ قال ابن حزم: (دم النِّفاسِ يمنَعُ ما يمنَعُ منه دمُ الحيضِ، هذا لا خلافَ فيه من أحدٍ، حاشَا الطَّواف بالبيت) ((المحلى)) (1/400). ، وابنُ رشد قال ابن رشد: (أجمعوا على أنَّه دمُ نِفاس، وأنَّ حُكمَه حُكمُ الحيضِ في مَنعِه الصَّلاةَ، وغيرِ ذلك من أحكامه). ((بداية المجتهد)) (1/59). ، وابن قدامة قال ابن قدامة: (حُكمُ النُّفساءِ حُكم الحائضِ في جميعِ ما يحرُمُ عليها، ويسقُطُ عنها، لا نعلَمُ في هذا خلافًا، وكذلك تحريمُ وَطئِها، وحِلُّ مُباشرتِها، والاستمتاعُ بما دون الفرْجِ منها، والخلافُ في الكفَّارةِ بِوطئِها). ((المغني)) (1/254). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (أمَّا كونُ النِّفاس كالحيض في تحريمِ الوطء، وترْكِ الصِّيامِ والصَّلاةِ؛ فلا خلافَ في ذلك). ((الدراري المضية)) (1/70). .ثانيًا: أنَّ دمَ النِّفاسِ هو دم الحيض، وإنَّما امتنع خروجُه مدَّة الحمل؛ لكونِه ينصرف إلى غِذاءِ الحَملِ، فإذا وُضِعَ الحَملُ، وانقطع العِرقُ الذي كان مَجْرى الدَّمِ، خرج الدَّمُ من الفَرْج، فيثبُت حُكمه، كما لو خرج من الحائِضِ قال ابن حزم: (النِّفاس حيضٌ صحيحٌ، وحُكمُه حُكم الحيضِ في كلِّ شيء). ((المحلى)) (1/400)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/254). قال النوويُّ: (قال المصنِّف رحمه الله- أي: الشيرازي صاحِب المهذَّب-: دَمُ النفاس يُحرِّم ما يحرِّمُه الحيضُ، ويُسقِطُ ما يُسقِطُه الحيضُ؛ لأنَّه حيضٌ مُجتمِعٌ، احتبس لأجْل الحَملِ، فكان حُكمُه حُكمَ الحَيضِ). ((المجموع)) (2/518). . انظر أيضا: المبحث الأول: تعريف النِّفاس لُغةً واصطلاحًا. المبحث الثاني: حُكم دم النِّفاس. المبحث الثالث: أكثَرُ النِّفاس وأقلُّه.