يَنعقِدُ النَّذرُ مِنَ الكافرِ، ويَلزَمُه الوفاءُ به إذا أسلَمَ، وهذا مذهَبُ الحنابِلةِ [96]   ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/89). ، ووجْهٌ للشافعيَّةِ [97]   ((المجموع)) للنووي (8/449)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/274). ، وهو قولُ البُخاريِّ، وابنِ جَريرٍ [98]   ((إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (5/424)، ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مُفلح (9/285)، ((سبل السلام)) للصَّنعاني (2/564). ، واختارَه ابنُ حَزمٍ [99]   قال ابنُ حزمٍ: (مَن نذَرَ في حالةِ كُفرِه طاعةً للهِ عزَّ وجلَّ، ثم أسلَمَ؛ لَزِمَه الوفاءُ به). ((المحلى)) (6/274). ، والشَّوْكانيُّ [100] قال الشَّوكانيُّ: (يَجِبُ الوفاءُ بالنَّذرِ مِنَ الكافرِ متى أسلَمَ). ((نيل الأوطار)) (8/287). وقال أيضًا: (إذا نذَرَ بقُربةٍ في حالِ كُفرِه ثم أسلَمَ، فقد قام الدليلُ الصحيحُ أنَّه يَفي بنذْرِه).((السيل الجرار)) (ص: 697). ، والصَّنْعانيُّ [101] قال الصَّنعانيُّ: (يجبُ على الكافرِ الوفاءُ بما نذَرَ به إذا أسلَمَ، وإليه ذهَبَ البُخاريُّ وابنُ جَريرٍ وجماعةٌ من الشافعيَّةِ). ((سبل السلام)) (2/564). ، والشِّنقيطيُّ [102] قال الشِّنقيطيُّ: (اشتراطَ الإسلامِ في النَّذرِ فيه نظَرٌ؛ لأنَّ ما نذَرَه الكافرُ مِن فِعلِ الطاعاتِ قد يَنعقِدُ نذْرُه له، بدليلِ أنَّه يَفعَلُه إذا أسلَمَ بعْدَ ذلك، ولو كان لَغْوًا غيرَ مُنعقِدٍ لَما كان له أثرٌ بعدَ الإسلامِ). ((أضواء البيان)) (5/248). ، وابنُ باز [103] قال ابنُ باز في حديثِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه في قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له: «أَوْفِ بنَذْرِكَ»: (هذا يدُلُّ على أنَّ الكافرَ إذا أَسلَمَ وعِندَه نُذورٌ شَرعيَّةٌ يُوفي بها؛ فإنَّ الإسلامَ لا يَزيدُه إلَّا خَيرًا، وأَسلَمَ على ما أَسلَفَ مِن خَيرٍ، فإذا كان عِندَه نُذُورٌ: صَدَقاتٌ، أو اعتِكافٌ، أو حَجٌّ يوفِ بنَذْرِه؛ يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أَوْفِ بنَذْرِكَ») ((الإفهام في شرح عمدة الأحكام)) (ص: 731). ، وابنُ عُثيمينَ [104] قال ابنُ عُثيمينَ: (قولُه: «ولو كافرًا» «لو» هذه إشارةُ خلافٍ، يعني: ولو كان الناذِرُ كافرًا فإنَّ نذْرَه يَنعقِدُ، فإنْ وفَّى به في حالِ كُفرِه بَرِئت ذِمَّتُه، وإنْ لم يَفِ به لَزِمَه أنْ يوفِّيَ به بعْدَ إسلامِه؛ لأنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنِّي نذَرتُ أنْ أعتكِفَ لَيلةً في المسجِدِ الحرامِ في الجاهليَّةِ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَوْفِ بنَذْرِكَ»، والأمرُ هنا للوجوبِ، وإيجابُ الوفاءِ عليه لنَذرِه فرعٌ عن صحَّتِه؛ لأنَّه لو كان غيرَ صحيحٍ ما وجَبَ الوفاءُ به. وقوله: «ولو كافرًا» إشارةُ خلافٍ، ولكنَّ الصحيحَ ما ذهَبَ إليه المؤلِّفُ رحمه اللهُ). ((الشرح الممتع)) (15/209). . الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمرَ قال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي نذَرتُ في الجاهليَّةِ أنْ أعتكِفَ لَيلةً في المسجِدِ الحرامِ، قال: أَوْفِ بنَذْرِكَ)) [105] أخرجه البخاري (6697)، ومسلم (1656). .وَجهُ الدَّلالةِ:قولُه: ((أَوْفِ بنَذْرِكَ)) ظاهِرُه أنَّ الكافرَ إذا نذَرَ وجَبَ الوفاءُ به، وفي هذا دليلٌ على صِحَّةِ النَّذرِ حالَ الكُفرِ [106] ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطَّال (6/157)، ((تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة)) للبَيْضاوي (1/513)، ((عمدة القاري)) للعَيْني (23/209). . انظر أيضا: المَبحثُ الثَّاني: البُلوغُ . المَبحثُ الثَّالثُ: العقلُ. المَبحثُ الرَّابعُ: الاختيارُ . المَبحثُ الخامسُ: نَذْرُ السَّفيهِ.

يُشترَطُ لصِحَّةِ النَّذرِ: البُلوغُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [107] ((التجريد)) للقُدُوري (4/1972)، ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبي)) (2/232)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/81). ، والمالكيَّةِ [108] يُندَبُ عند المالكيَّةِ الوفاءُ به بعد البُلوغِ. ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/161)، ((منح الجليل)) لعُلَيْش (3/97). ،  والشافعيَّةِ [109] ((المجموع)) للنووي (8/449)، ((حاشيتا قليوبي وعَمِيرة)) (4/289). ، والحنابِلةِ [110] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/89)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/472)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/273). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثٍ: عن النَّائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يَكبَرَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ أو يُفيقَ)) [111] تقدَّم تخريجُه (ص: 19). .ثانيًا: أنَّه إيجابُ حقٍّ بالقَولِ؛ فلمْ يَصِحَّ مِنَ الصَّبيِّ، كضَمانِ المالِ [112] ((المهذب في فقة الإمام الشافعي)) للشِّيرازي (1/441). .ثالثًا: أنَّ النَّذرَ تَصرُّفُ إيجابٍ، وهو ليس مِن أهلِ الإيجابِ [113] ((المجموع)) للنووي (8/449). .رابعًا: لعَدَمِ أهْليَّتِه للالتِزامِ [114] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/354). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: الإسلامُ. المَبحثُ الثَّالثُ: العقلُ. المَبحثُ الرَّابعُ: الاختيارُ . المَبحثُ الخامسُ: نَذْرُ السَّفيهِ.

يُشترَطُ لصِحَّةِ النَّذرِ: العقلُ، فلا يَلزَمُ مجنونًا تلفَّظَ به، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ [115] ((التجريد)) للقُدُوري (4/1972)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (2/232)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/81). ، والمالكيَّةِ [116] يُندَبُ عند المالكيَّةِ الوفاءُ به بعد الإفاقةِ من الجنونِ. ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/161). ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنَّفَراوي (2/921). ، والشافعيَّةِ [117] ((المجموع)) للنووي (8/449)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/293)، ((حاشيتا قليوبي وعَمِيرة)) (4/289). ، والحنابِلةِ [118] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/89)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/478)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/273). ويُنظر: ((شرح الزَّركَشي على مختصر الخِرَقي)) (7/220). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثٍ: عن النَّائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يَكبَرَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ أو يُفيقَ)) [119] تقدَّم تخريجُه (ص: 19). .ثانيًا: لأنَّ المجنونَ لا يَتوجَّهُ إليه خِطابٌ؛ فلا يَجِبُ عليه وفاءٌ [120] ((شرح الزَّركَشي على مختصر الخِرَقي)) (7/220). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: الإسلامُ. المَبحثُ الثَّاني: البُلوغُ . المَبحثُ الرَّابعُ: الاختيارُ . المَبحثُ الخامسُ: نَذْرُ السَّفيهِ.

يَلزَمُ السَّفيهَ [125] السَّفَهُ: ضِدُّ الحِلمِ، وهو ضَعفُ العقلِ، وسوءُ التصرُّفِ. يُنظر: ((الصِّحاح)) للجوهري (6/2234)، ((المطلع على ألفاظ المقنع)) للبَعْلي (ص: 272)، ((لسان العرب)) لابن منظور (13/498). الوفاءُ بالنَّذرِ ما لم يَكُنْ مالًا، نَصَّ عليه المالكيَّةُ [126] ((شرح الزُّرقاني على مختصر خليل وحاشية البَنَّاني)) (3/161)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/161). ، والحنابِلةُ [127] ((الإقناع)) للحَجَّاوي (2/227)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/454). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكتابِ1- قَولُه تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج: 29].وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه تعالى: وَلْيُوفُوا أمْرٌ يَقتَضي الوُجوبَ [128] ((فتح القدير)) للشوكاني (3/531)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/233). .2- قوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان: 7].وَجهُ الدَّلالةِ:الآيةُ فيها دَلالةٌ على وُجوبِ الوفاءِ بالنَّذرِ؛ لأنَّه تعالى عَقَّبَه بقولِه: وَيَخَافُونَ يَوْمًا ، وهذا يَقتَضي أنَّهم إنَّما وَفَّوْا بالنَّذرِ خَوفًا مِن شَرِّ ذلك اليَومِ، والخَوفُ مِن شَرِّ ذلك اليَومِ لا يَتحقَّقُ إلَّا إذا كان الوفاءُ به واجِبًا [129] ((تفسير الرازي)) (30/745)، ((تفسير الخازن)) (4/378)، ((تفسير ابن عادل)) (20/21). ، ولا يَخرُجُ السَّفيهُ إلَّا بدليلٍ.ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعصيَهُ فلا يَعصِهِ)) [130] أخرجه البخاري (6696). . وجهُ الدَّلالةِ:في قولِه: ((فلْيُطِعْهُ))؛ فإنَّه على إطلاقِه محمولٌ على الوُجوبِ [131] ((شرح الزُّرقاني على الموطأ)) (3/93)، ((نيل الأوطار)) للشَّوكاني (8/278). ، ولا يَخرُجُ السَّفيهُ إلَّا بدليلٍ.ثالثًا: لأنَّه تصرُّفٌ في مالٍ، والسَّفيهُ مَحجورٌ عليه في المالِ بخِلافِ بدَنِه [132] ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (3/454)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (3/417). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: الإسلامُ. المَبحثُ الثَّاني: البُلوغُ . المَبحثُ الثَّالثُ: العقلُ. المَبحثُ الرَّابعُ: الاختيارُ .

إذا نَذَرَت الزَّوجةُ ما يَضُرُّ زَوجَها فلِلزَّوجِ مَنْعُها مِنَ الوَفاءِ به، كالصَّومِ، والاعتِكافِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [133] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/322)، ((الفتاوى الهندية)) (1/211)، وينظر: ((مراقي الفلاح)) للشرنبلالي (ص: 262). ، والمالِكيَّةِ [134] ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/541)، ((منح الجليل)) لعليش (2/162)، وينظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (5/199). ، والشَّافِعيَّةِ [135] ((روضة الطالبين)) للنووي (2/396، 388)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (10/79)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (/536). ، والحَنابِلةِ [136] ((الفروع)) لابن مفلح (5/134) ، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/500)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/231). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يحِلُّ للمَرأةِ أن تَصومَ وزَوجُها شاهِدٌ إلَّا بإذنِه)) [137] أخرجه البخاري (5195) واللفظ له، ومسلم (1026). ، وفي روايةٍ: ((لا تَصومُ المرأةُ وزَوجُها شاهِدٌ يَومًا مِن غَيرِ شَهْر رَمضانَ إلَّا بإذنِه)) [138] أخرجه الترمذي (782) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3287)، وابن ماجه (1761)، وأحمد (7343). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (782)، وذكر شعيب الأرناؤوط أنه روي بإسنادين الأول:  صحيح على شرط الشيخين، والثاني: حسن. . وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه: ((يَومًا مِن غَيرِ شَهْر رَمَضانَ)) دخَلَ في النَّهيِ صَومُ النَّذرِ، فلا تَصومُه إلَّا بإذنِ الزَّوجِ [139] ((الفروع)) لابن مفلح (5/134)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/500). .ثانيًا: لِما فيه مِن تفويتِ حَقِّه بغَيرِ إذْنِه [140] ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/500)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/231). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: الإسلامُ. المَبحثُ الثَّاني: البُلوغُ . المَبحثُ الثَّالثُ: العقلُ. المَبحثُ الرَّابعُ: الاختيارُ .