يُجزِئُ تَفريقُ الأيَّامِ في صَومِ كفَّارةِ اليَمينِ، وهذا مَذهَبُ المالِكيَّةِ [742] عند المالِكيَّة: يُندَبُ التَّتابُعُ. ((الرسالة)) للقَيْرَواني (ص: 86)، ((الكافي)) لابن عبد البر (1/453)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/133). ، والشَّافِعيَّةِ -في الأظهَرِ- [743] ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 327)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/328). ، وروايةٌ عن أحمَدَ [744] ((المغني)) لابن قدامة (9/555). ، وبه قال ابنُ حَزمٍ [745] قال ابنُ حزم: (ويجزِئُ الصَّومُ للثَّلاثةِ الأيَّامِ مُتفَرِّقةً إن شاء). ((المحلى)) (6/344). ، وابنُ باز [746] ويرى أنَّ الأفضَلَ صَومُها مُتتابعةً؛ قال ابنُ باز: (الأفضَلُ أن يَصومَها مُتتابِعةً، كما قاله جماعةٌ مِن السَّلَفِ، كابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وغَيرِه، ولو صامها مُتفَرِّقةً أجزأَتْه على الصَّحيحِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (16/408). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكتابِقولُه تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة: 89].وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه تعالى: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ولم يَنُصَّ على التَّتابُعِ؛ فهو حُكمٌ زائِدٌ يَفتَقِرُ إلى دليلٍ [747] ((أحكام القرآن)) لابن العربي (2/162). .ثانيًا: لأنَّه صام الأيَّامَ الثَّلاثةَ، فلم يَجِبِ التَّتابُعُ فيه، كصِيامِ المتمَتِّعِ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ [748] ((المغني)) لابن قدامة (9/555). .ثالثًا: لأنَّ الأمرَ بالصَّومِ مُطلَقٌ؛ فلا يجوزُ تَقييدُه إلَّا بدَليلٍ [749] ((المغني)) لابن قدامة (9/555). . انظر أيضا: المَبحثُ الثَّاني: قَضاءُ الصِّيامِ عن المَيِّتِ في كفَّارة اليَمينِ .

اختلف العُلَماءُ في قَضاءِ الصِّيامِ عن الميِّتِ في كفَّارة اليَمينِ؛ على قولَينِ:القَولُ الأوَّلُ: لا يُقضى الصِّيامُ عن الميِّتِ في كفَّارةِ اليَمينِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّةِ [750] عندَ الحَنفيَّةِ: لا تجوزُ النِّيابةُ في الصِّيامِ، ومنه صَومُ الكفَّارةِ. ((شرح مختصر الطحاوي)) للجَصَّاص (2/478)، ((الهداية)) للمَرْغِيناني (1/127)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (1/335). ، والمالِكيَّةِ [751] عند المالِكيَّةِ: لا تجوزُ النِّيابةُ في الصِّيامِ، ومنه صَومُ الكفَّارةِ. ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (3/519). ويُنظر: ((الجامع لمسائل المدونة)) لابن يونس الصقلي (3/1182)، ((الذخيرة)) للقَرافي (2/524). ، والحَنابِلةِ [752] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (3/238)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (2/335). ، وهو قَولُ الشَّافعيِّ في الجديدِ [753] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/436)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/439). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكتابِقَولُ الله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39]. ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا مات الإنسانُ انقَطَع عنه عَمَلُه إلَّا مِن ثلاثةٍ: إلَّا مِن صَدَقةٍ جاريةٍ، أو عِلمٍ يُنتَفَعُ به، أو ولَدٍ صالحٍ يدعو له)) [754] أخرجه مسلم (1631). .القَولُ الثَّاني: يجوزُ الصِّيامُ عن الميِّتِ في كفَّارةِ اليَمينِ، وهو قَولُ الشَّافعيِّ في القَديمِ، والأظهَرُ في المَذهَبِ [755] ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/436)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/439). ، وهو اختيارُ ابنِ حزمٍ [756] قال ابنُ حزم: (من مات وعليه صومُ فَرضٍ مِن قَضاءِ رَمضانَ، أو نَذرٌ، أو كفَّارةٌ واجِبةٌ: ففَرضٌ على أوليائِه أن يَصوموه عنه هم أو بَعضُهم، ولا إطعامَ في ذلك أصلًا). ((المحلى)) (4/420). ، وابنِ باز [757] قال ابنُ باز: (يُصامُ عنه إذا كان عليه دَينٌ، إذا كان عليه رَمضانُ، أو نذورٌ، يصامُ عنه، أو كفَّاراتٌ؛ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه» يعني: قريبَه). ((فتاوى نور على الدرب)) (14/327). ، وابنِ عُثَيمين [758] قال ابنُ عُثَيمين: (الصَّدَقةُ للمَيِّتِ جائِزةٌ، وأنَّ الميِّتَ ينتَفِعُ بها، وكذلك ثبت عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ مَن مات وعليه صيامُ فَرضِ رمَضانَ، أو نذرٍ، أو كفَّارةٍ؛ فإنَّ وَليَّه يَصومُ عنه، يعني: إذا شاء). ((فتاوى نور على الدرب)) (6/185). .الدَّليلُ مِن السُّنَّةِ:عن عائِشةَ أمِّ المُؤمِنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن مات وعليه صيامٌ، صام عنه ولِيُّه)) [759] أخرجه البخاري (1952)، ومسلم (1147). .وَجهُ الدَّلالةِ:قولُه: ((صيامٌ)) نَكِرةٌ لم تُقَيَّدْ بصَومٍ مُعَيَّنٍ؛ فيَدخُلُ فيها قَضاءُ الكفَّارةِ [760] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (6/451). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: الصَّومُ في كفَّارةِ اليَمينِ مُتتابِعًا.