أوَّلًا: تعظيمُ خَطَرِ عَقدِ النِّكاحِ، ورَفعُ قَدْرِه، وإظهارُ شَرَفِه [8]   ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/51). .ثانيًا: أنَّ عِدَّةَ الوفاةِ حَرَمٌ لانقِضاءِ النِّكاحِ، ورعايةٌ لحَقِّ الزَّوجِ؛ ولهذا تُحِدُّ المتوفَّى عنها في عِدَّةِ الوَفاةِ رِعايةً لحَقِّ الزَّوجِ، فجُعِلَت العِدَّةُ حَريمًا لحَقِّ هذا العَقدِ الذي له خَطَرٌ وشأنٌ، فيَحصُلُ بهذه فَصلٌ بينَ نِكاحِ الأوَّلِ ونِكاحِ الثَّاني، ولا يتَّصِلُ النَّاكِحانِ [9]   ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/590)، ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/51). .ثالثًا: الاحتياطُ لحَقِّ الزَّوجِ، والقيامُ بحَقِّ اللهِ الذي أوجَبَه، وحَقِّ الولَدِ، ومَصلحةِ الزَّوجةِ؛ فحَقُّ الزَّوجِ ليتمَكَّنَ مِن الرَّجعةِ في العِدَّةِ، وحَقُّ اللهِ لوُجوبِ مُلازمتِها المنزِلَ، وحَقُّ الولَدِ لئَلَّا يَضيعَ نَسَبُه، ولا يُدرَى لأيِّ الواطِئَينِ، وحَقُّ المرأةِ لِما لها مِن النَّفَقةِ زَمنَ العِدَّةِ؛ لِكَونِها زوجةً تَرِثُ وتُورَثُ [10] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/51)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/590). . رابعًا: العِلمُ ببَراءةِ الرَّحِمِ، وألَّا يجتَمِعَ ماءُ الواطِئَينِ فأكثَرَ في رَحِمٍ واحِدٍ، فتختَلِطَ الأنسابُ وتَفسُدَ، وفي ذلك مِن الفَسادِ ما تمنَعُه الشَّريعةُ والحِكْمةُ [11] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/51)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (5/590). . انظر أيضا: المَبحَثُ الثَّاني: أسبابُ العِدَّةِ.

العِدَّةُ تَكونُ بسَبَبِ طَلاقٍ أو وَفاةٍ. الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ1- قَولُه تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ البقرة: 228.2- قَولُه تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا البقرة: 234.ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ1- كتب عُمَرُ بنُ عَبدِ اللهِ إلى عبدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ يُخبِرُه أنَّ سُبَيعةَ أخبَرَتْه: ((أنَّها كانت تحتَ سَعدِ بنِ خَولةَ -وهو في بني عامرِ بنِ لُؤَيٍّ، وكان ممَّن شَهِدَ بَدرًا- فتُوفِّيَ عنها في حَجَّةِ الوداعِ وهي حامِلٌ، فلم تَنشَبْ أن وَضَعت حَملَها بعد وفاتِه، فلمَّا تعَلَّت مِن نِفاسِها تجَمَّلت للخُطَّابِ، فدخل عليها أبو السَّنابِلِ بنُ بَعكَكٍ -رجلٌ مِن بني عبدِ الدَّارِ- فقال لها: ما لي أراكِ مُتجَمِّلةً؟ لعلَّك تَرجِينَ النِّكاحَ، إنَّك واللهِ ما أنتِ بناكِحٍ حتى تمُرَّ عليك أربعةُ أشهُرٍ وعَشرٌ، قالت سُبَيعةُ: فلمَّا قال لي ذلك جَمَعْتُ عليَّ ثيابي حين أمسَيتُ، فأتيتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسألتُه عن ذلك، فأفتاني بأنِّي قد حَلَلْتُ حينَ وَضعتُ حَملي، وأمرَني بالتزَوُّجِ إنْ بدا لي)) [12] رواه مسلم (1484). .2- عن فاطمةَ بنتِ قَيسٍ: ((أنَّ أبا عَمرِو بنَ حَفصٍ طَلَّقها البتَّةَ، وهو غائِبٌ، فأرسَلَ إليها وَكيلَه بشَعيرٍ فتَسخَّطَتْه، فقال: واللهِ ما لكِ علينا مِن شَيءٍ، فجاءت رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكَرَت ذلك له، فقال لها: ليس لكِ عليه نَفَقةٌ، وأمَرَها أن تعتَدَّ في بَيتِ أمِّ شَريكٍ، ثمَّ قال: تلكِ امرأةٌ يَغشاها أصحابي، اعتَدِّي في بيتِ ابنِ أمِّ مَكتومٍ؛ فإنَّه رجلٌ أعمى، تَضعينَ ثيابَكِ، فإذا حَلَلْتِ فآذنِيني)) [13] رواه مسلم (1480). . ثالثًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: الشافعيُّ [14] قال الشافعي: (لم يختلفوا في أنْ لا عِدَّةَ على زوجةٍ إلَّا من وفاةٍ أو طلاقٍ). ((الأم)) (5/255). ، والجصَّاصُ [15] قال الجصاص: (اتَّفقوا على أنَّ عِدَّةَ المطلَّقةِ مِن يومِ طَلَّق، ولم يعتَبروا وقتَ بلوغِ الخبَرِ، كذلك عِدَّةُ الوفاةِ؛ لأنَّهما جميعًا سبَبَا وجوبِ العِدَّةِ). ((أحكام القرآن)) (1/504). ، وابنُ رُشدٍ [16] قال ابنُ رشد: (ينبغي أن تعلَمَ أنَّ المُسلِمينَ اتَّفقوا على أنَّ العِدَّةَ تكونُ في ثلاثةِ أشياءَ: في طلاقٍ، أو موتٍ، أو اختيارِ الأَمَةِ نَفسَها إذا أُعتِقَت). ((بداية المجتهد)) (3/114). .   انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: الحِكْمةُ مِن مَشروعيَّةِ العِدَّةِ.