صِيغةُ اللِّعانِ: أن يقولَ الزَّوجُ أربَعَ مَرَّاتٍ: أشهَدُ باللهِ إنِّي لصادِقٌ فيما رمَيتُها به مِنَ الزِّنا، ويقولَ في الخامِسةِ: لَعنةُ اللهِ علَيَّ إنْ كنتُ كاذِبًا فيما رَميتُها به مِنَ الزِّنا، وأن تقولَ الزَّوجةُ أربَعَ مَرَّاتٍ: أشهَدُ باللهِ إنَّه لكاذِبٌ فيما رماني به مِنَ الزِّنا، وتَقولَ في الخامِسةِ: غَضَبُ اللهِ علَيَّ إن كان صادِقًا فيما رماني به مِنَ الزِّنا [612]     ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/17)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (3/488)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/463)، ((منح الجليل)) لعليش (4/283)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 250)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/374)، ((الفروع)) لابن مفلح (9/203)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/390). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ النور: 6 - 9.ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنه قال: ((إنَّ أوَّلَ مَن سألَ عن ذلك فلانُ بنُ فلانٍ، قال: يا رَسولَ اللهِ، أرأيتَ أنْ لو وَجَد أحَدُنا امرأتَه على فاحِشةٍ: كيف يصنَعُ؟ إنْ تكَلَّمَ تكَلَّمَ بأمرٍ عَظيمٍ، وإنْ سكَتَ سَكَتَ على مِثلِ ذلك! قال: فسَكَت النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم يُجِبْه. فلمَّا كان بعد ذلك أتاه فقال: إنَّ الذي سألتُكَ عنه قد ابتُليتُ به! فأنزل اللهُ عزَّ وجَلَّ هؤلاءِ الآياتِ في سورةِ النُّورِ: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ النور: 6 فتلاهُنَّ عليه ووعَظَه وذَكَّرَه، وأخبَرَه أنَّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ. قال: لا، والذي بعَثَك بالحَقِّ ما كذَبْتُ عليها، ثمَّ دعاها فوعَظَها وذَكَّرَها، وأخبَرَها أنَّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ. قالت: لا، والذي بعَثَك بالحَقِّ إنَّه لكاذِبٌ. فبدأ بالرجُلِ فشَهِدَ أربَعَ شَهاداتٍ باللهِ إنَّه لَمِنَ الصَّادِقينَ، والخامِسةَ أنَّ لَعنةَ اللهِ عليه إنْ كان مِنَ الكاذِبينَ. ثمَّ ثنَّى بالمرأةِ فشَهِدَت أربَعَ شَهاداتٍ باللهِ إنَّه لَمِن الكاذِبينَ، والخامِسةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عليها إنْ كان مِنَ الصَّادِقينَ. ثمَّ فَرَّق بينهما)) [613]     أخرجه مسلم (1493). .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ [614]     قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا أنَّه إنْ قال في اللِّعانِ يومَ الجُمُعةِ بعد العصرِ في الجامِعِ بحَضرةِ الحاكِمِ الواجِبِ نفاذُ حُكمِه: باللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو عالمِ الغَيبِ والشَّهادةِ إنِّي لصادِقٌ فيما رميتُ به فلانةَ زوجتي هذه -ويشيرُ إليها وهي حاضِرةٌ- مِنَ الزِّنا، وأنَّ حَمْلَها هذا ما هو مِنِّي، ثمَّ كرَّرَ ذلك أربَعَ مراتٍ، ثمَّ قال في الخامسةِ: وعلَيَّ لَعنةُ اللهِ إنْ كنتُ مِن الكاذبينَ: فقد التعَنَ وسَقَطَ عنه حَدُّ القذفِ، واتَّفَقوا أنَّ الزَّوجةَ إنْ قالت بعد ذلك: باللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو عالمِ الغَيبِ والشَّهادةِ إنَّ فلانًا زوجي هذا فيما رَماني به مِنَ الزِّنا لكاذِبٌ، وكرَّرَت ذلك أربَعَ مرَّاتٍ، ثمَّ قالت في الخامِسةِ: وعلَيَّ غَضَبُ اللهِ إنْ كان مِنَ الصَّادِقينَ: أنَّها قد التعَنَت). ((مراتب الإجماع)) (ص: 81). ، وابنُ القَطَّانِ [615]     قال ابنُ القطَّانِ: ((اتَّفقوا أنَّه إذا قال في اللِّعانِ يومَ الجُمُعةِ بعد العصرِ في الجامِعِ بحَضرةِ الحاكِمِ الواجِبِ نفاذُ حُكمِه: باللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو عالمِ الغَيبِ والشَّهادةِ إنِّي لصادِقٌ فيما رميتُ به فلانةَ زوجتي هذه -ويشيرُ إليها وهي حاضِرةٌ- مِنَ الزِّنا، وأنَّ حَمْلَها هذا ما هو مِنِّي، ثمَّ كرَّرَ ذلك أربَعَ مراتٍ، ثمَّ قال في الخامسةِ: وعلَيَّ لَعنةُ اللهِ إنْ كنتُ مِن الكاذبينَ: فقد التعَنَ وسَقَطَ عنه حَدُّ القذفِ، واتَّفَقوا «أنها» إن قالت هي بعد ذلك: باللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو عالمِ الغَيبِ والشَّهادةِ إنَّ فلانًا زوجي هذا فيما رَماني به مِنَ الزِّنا لكاذِبٌ، وكرَّرَت ذلك أربَعَ مرَّاتٍ، ثمَّ قالت في الخامِسةِ: وعلَيَّ غَضَبُ اللهِ إنْ كان مِنَ الصَّادِقينَ: أنَّها قد التعَنَت، ولا حَدَّ عليها، وأنَّ الولَدَ قد انتفى حينئذٍ عنه). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (2/68). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: تَعريفُ اللِّعانِ. المَبحَثُ الثَّالِثُ: حُكمُ اللِّعانِ.

 اللِّعانُ مَشروعٌ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ النور: 6، 7.ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِعن سهَل بنِ سَعدٍ السَّاعديِّ قال: ((جاء عُوَيمرٌ العَجلانيُّ إلى عاصِمِ بنِ عَدِيٍّ فقال: أرأيتَ رَجُلًا وَجَد مع امرأتِه رَجُلًا، فيَقتُلُه، أتقتُلونَه به؟ سَلْ لي يا عاصِمُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسألَه، فكَرِهَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسائِلَ وعابَها، فرجَعَ عاصِمٌ فأخبَرَه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَرِهَ المسائِلَ، فقال عُوَيمِرٌ: واللهِ لآتِيَنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجاء وقد أنزَلَ الله تعالى القُرآنَ خَلْفَ عاصِمٍ، فقال له: قد أنزل اللهُ فيكم قُرآنًا، فدعا بهما فتقَدَّما فتلاعَنَا، ثمَّ قال عُوَيمِرٌ: كَذَبتُ عليها يا رَسولَ اللهِ إنْ أمسَكْتُها، ففارَقَها ولم يأمُرْه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بفِراقِها، فجَرَت السُّنَّةُ في المتلاعِنَينِ، وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: انظُروها، فإن جاءت به أحمَرَ قَصيرًا مِثلَ وَحَرةٍ [616]     الوَحَرةُ: دُوَيبةٌ تترامى على الطَّعامِ واللَّحمِ فتُفسِدُه، وهي من أنواعِ الوَزَغِ، وشبَّهه بها لحُمرتِها وقِصَرِها؛ فإنَّ عُوَيمرًا كان أحمَرَ. يُنظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (7/253). ، فلا أُراه إلَّا قد كَذَب، وإنْ جاءت به أسحَمَ أعيْنَ ذا أَلْيَتَينِ، فلا أحسِبُ إلَّا قد صَدَق عليها. فجاءت به على الأمرِ المكروهِ)) [617]     أخرجه البخاري (7304) واللفظ له، ومسلم (1492). .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ [618]     قال الماوردي: (الأصلُ فيه: الكتابُ، والسُّنَّةُ، والإجماعُ). ((الحاوي الكبير)) (11/3). ، وابنُ رُشدٍ الجَدُّ [619]     قال ابنُ رشد الجَدُّ: (الأصلُ في اللِّعانِ: كِتابُ اللهِ تعالى، وسُنَّةُ نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم، وإجماعُ الأمَّةِ). ((المقدمات الممهدات)) (1/629). ، وابنُ رُشدٍ الحَفيدُ [620]     قال ابنُ رُشدٍ: (اللِّعانُ حُكمٌ ثابِتٌ بالكِتابِ، والسُّنَّةِ، والقياسِ، والإجماعِ؛ إذ لا خِلافَ في ذلك أعلَمُه). ((بداية المجتهد)) (3/133). ،وابنُ حَجَرٍ [621]     قال ابنُ حجر: (أجمعوا على مشروعيَّةِ اللِّعانِ). ((فتح الباري)) (9/440). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: تَعريفُ اللِّعانِ. المَبحَثُ الثَّاني: صِيغةُ اللِّعانِ.