يَحرُمُ استِعمالُ المعازِفِ إلَّا ما استَثناه الشَّرعُ، كالدُّفِّ [1387]   سيأتي الحديثُ عنه مفصَّلًا (ص: 265). وقد اشتَهَر بين النَّاسِ -وخاصَّةً في أوساطِ النِّساءِ- استِخدامُ آلةِ (الدي جي) (D. J) وهي اختصارٌ للكلمة الإنجليزية (دِيْسْكْ جُوكِيْ) (Disc Jockey‏) وهي آلة كغيرها من آلات مكبِّراتِ الصوت وتفخيمِه، إن استُخدِمَت في الإنشاد الخالي من المحرَّمات -كالمعازف، وكَلِمات الفُحشِ والمجونِ، والألحانِ الشبيهة بالغناء المحرَّم، وما فيه تشبُّهٌ بالغربِ- فلها حكمُ الإنشاد الجائز، وإلَّا فحُكمُها كحُكمِ الغناءِ المحَرَّم. في العُرسِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1388]   ((البحر الرائق)) لابن نجيم (7/88). ، والمالِكيَّةِ [1389]   المالكيَّةُ لهم تفصيل في أنواع الدُّف والطَّبْل. يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/248)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/433)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/339). ، والشَّافِعيَّةِ [1390]   ((روضة الطالبين)) للنووي (11/228)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/429). ، والحَنابِلةِ [1391]   ((الإقناع)) للحجاوي (3/238)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/183). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ1- قَولُه تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [لقمان:6].وَجهُ الدَّلالةِ:وقد فُسِّر لهوُ الحديثِ بأنَّه الغِناءُ أو المزاميرُ والمعازِفُ [1392]   ((تفسير الطبري)) (18/539)، ((تفسير ابن أبي حاتم)) (9/3096)، ((تفسير السمعاني)) (4/226)، ((تفسير ابن كثير)) (6/330)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (20/256). . 2- قَولُه تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [الإسراء: 64].وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه تعالى: بِصَوْتِكَ فسَّر ابنُ عبَّاسٍ -رَضِيَ الله عنهما- صوتَ الشَّيطانِ بكُلِّ داعٍ إلى مَعصيةِ اللهِ [1393]   ((تفسير الطبري)) (17/491)، ((تفسير ابن كثير)) (5/93). ، والمزاميرُ والملاهي داخِلةٌ في معنى صوتِ الشَّيطانِ.ثانيًا: مِنَ السُّنَّةعن أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّه قال: سَمِعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((لَيَكونَنَّ من أمَّتى أقوامٌ يَستَحِلُّونَ الحِرَ، والحَريرَ، والخَمرَ، والمعازِفَ، ولَينزِلَنَّ أقوامٌ إلى جَنبِ عَلَمٍ يروحُ عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهم لحاجةٍ، فيقولوا: ارجِعْ إلينا غدًا، فيُبَيِّتُهم اللهُ، ويَضَعُ العَلَمَ، ويَمسَخُ آخرينَ قِرَدةً وخنازيرَ إلى يومِ القيامةِ)) [1394]   أخرجه البخاري مُعلَّقًا (5590) واللفظ له، وأخرجه موصولًا أبو داود (4039) مختصرًا. صحَّحه ابن القيم في ((تهذيب السنن)) (10/153)، وابن رجب في ((نزهة الأسماع)) (2/449)، والعراقي في ((التقييد والإيضاح)) (89)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/79)، وابن حجر في ((تغليق التعليق)) (5/17)، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (21/152)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4039). . أوجُهُ الدَّلالةِ:1- قَولُه: ((يَسْتَحِلُّونَ...)) بمعنى: يجعَلونَ الحرامَ حلالًا [1395]   ((سبل السلام)) (1/465). ويُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/535)، ((الكلام على مسألة السماع)) لابن القيم (1/221). . 2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكَرَ الذين يَستَحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخَمرَ والمعازِفَ على وَجهِ الذَّمِّ لهم، وأنَّ اللهَ مُعاقِبُهم؛ فدَلَّ على تحريمِ المعازِفِ [1396]   ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/535). . انظر أيضا: المَبحثُ الثاني: الضَّربُ بالدُّفِّ . المَبحثُ الثَّالثُ: الإنشادُ في الأعراسِ. المبحثُ الرَّابِعُ: حُكمُ الزَّغاريدِ للنِّساءِ في الأعراسِ. المَبحثُ الخامِسُ: حُكمُ الرَّقصِ [1438]   الرَّقصُ لغةً: القَفزُ، وتأديةُ حَرَكاتٍ بجزءٍ أو أكثَرَ مِن أجزاءِ الجِسمِ على استقامةٍ واعوِجاجٍ، وأصلُه في اللغةِ يدُلُّ على الارتفاعِ والانخفاضِ، والإسراعِ في الحَرَكةِ، ومنه قولُهم: أرقص القومُ في سَيرِهم: إذا كانوا يرتَفِعون وينخَفِضون، ورقصَ في كلامِه: إذا أسرعَ. يُنظر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (2/742)، ((الصحاح)) للجوهري (3/1041)، ((مجمل اللغة)) لابن فارس (ص: 394)، ((تاج العروس)) للزبيدي (17/603)، ((معجم الغني)) لعبد الغني أبو العزم (10/25). .

يجوزُ إنشادُ الشِّعرِ الخالي مِنَ الهَجوِ، والفُحشِ، والكَذِبِ، والمعازِفِ [1423]   المؤثِّراتُ الصوتيةُ المصاحِبةُ لبعض الإنشادِ إذا كانت شبيهةً بالمعازِفِ حتى لا تكادُ تفَرِّقُ بينهما، فإنها تلحَقُ بها في الحُكمِ. قال ابن عثيمين: (هذه الأناشيدُ التي سأل عنها السائِلُ وتُسمَّى بالأناشيدِ الإسلاميَّةِ دخل فيها بعضُ ما نحذر منها؛ أنَّها تُغنَّى كغناءِ المُطرِبين الذين يغَنُّونَ بالأغاني الهابطة، ومنها أنَّها تكون بأصواتٍ جميلة جذَّابة، ومنها أنَّها أحيانًا تكون مصحوبةً بالتصفيقِ أو بالدَّقِّ على طشت أو شبهِه، والذي جاء في السؤال خالٍ عن التصفيقِ وخالٍ من الضَّربِ على الطشت وشبهِه، لكنْ يقولُ السائِلُ: إنَّه بألحانٍ كألحان الغناء الهابطِ، وإنَّه بأصواتٍ جميلة جذَّابة، وحينئذ نرى ألَّا يُستمَعَ لمثل هذا؛ لِما فيه من الفتنةِ والتشَبُّهِ بألحان الغناءِ الماجنِ، وخيرٌ من ذلك أن يستَمِعَ الإنسانُ إلى مواعِظَ نافعةٍ مأخوذةٍ مِن كتاب الله وسُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأقوالِ الصَّحابةِ والأئمة من أهل العلمِ والدين؛ فإن في ذلك غِنى وكفايةً عمَّا سواه). ((فتاوى نور على الدرب)) (12/581). وقال: (الأناشيدُ الإسلاميَّةُ كَثُر الكلامُ حولها، وأنا لم أستَمِعْ إليها إلَّا من مدة طويلة، وهي أوَّل ما خرجت لا بأسَ بها، ليس فيها دفوفٌ وتؤدَّى تأديةً ليس فيها فتنةٌ، وليست على نَغمات الأغاني المحرَّمة، لكِنَّها تطوَّرت وصارت يُسمَعُ منها قرعٌ يمكِنُ أن يكون دفًّا ويمكِنُ أن يكونَ غيرَ دُفٍّ. ثمَّ تطَوَّرت باختيارِ ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة، ثم تطوَّرت أيضًا إلى أنَّها تؤدَّى على صفة الأغاني المحرَّمة؛ لذلك بَقِيَ في النفس منها شيءٌ وقَلَقٌ، ولا يمكِنُ للإنسانِ أن يفتيَ بأنها جائزةٌ على كُلِّ حالٍ ولا بأنَّها ممنوعةٌ على كلِّ حالٍ، لكِنْ إن خَلَت من الأمور التي أشَرْنا إليها فهي جائزةٌ، أمَّا إذا كانت مصحوبةً بدُفٍّ، أو كانت مختارًا لها ذوو الأصواتِ الجميلةِ التي تَفتِن، أو أُدِّيَت على نغماتِ الأغاني الهابطة، فإنَّه لا يجوزُ الاستماعُ لها). ((اللقاء الشهري)) رقم اللقاء (11). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1424]   ((البناية)) للعيني (9/147)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/660). ، والمالِكيَّةِ [1425]   ((الرسالة)) لابن أبي زيد القيرواني (ص: 169)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (7/620)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/505). ، والشَّافِعيَّةِ [1426]   ((روضة الطالبين)) للنووي (11/229)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/430). ، والحَنابِلةِ [1427]   ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/593)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/368)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (6/619). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [1428]   قال ابن عبد البر: (هذا مِمَّا لا أعلَمُ فيه خلافًا بين العلماء إذا كان الشِّعرُ سالِمًا من الفُحشِ والخَنَا). ((التمهيد)) (22/198). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/539). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا [الشعراء: 224- 227].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الشِّعرَ لا يضُرُّ مَن آمنَ وعَمِلَ صالِحًا وقال حَقًّا، وأنَّه كالكلامِ المنثورِ؛ يؤجَرُ منه المرءُ على ما يُؤجَرُ منه، ويُكرَهُ له منه ما يُكرَهُ منه [1429]   ((التمهيد)) لابن عبد البر (22/196). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ، وكان معه غلامٌ له أسوَدُ يقالُ له أنجَشةُ، يَحدو، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: وَيحَكَ يا أنجَشةُ! رُوَيدَكَ بالقَواريرِ)) [1430]   أخرجه البخاري (6161) واللَّفظُ له، ومسلم (2323). .2- عن سَلَمةَ بنِ الأكوَعِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خرَجْنا مع رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى خَيبَرَ، فتَسيَّرنا ليلًا، فقال رجلٌ مِن القَومِ لعامِرِ بنِ الأكوَعِ: ألا تُسمِعُنا مِن هُنَيْهاتِكَ، وكان عامِرٌ رجُلًا شاعِرًا، فنزَلَ يحدو بالقَومِ، يقولُ: اللَّهمَّ لولا أنت ما اهتَدَينا، ولا تصَدَّقْنا ولا صَلَّينا؛ فاغفِرْ فِداءً لك ما اقتَفَينا، وثَبِّتِ الأقدامَ إن لاقَينا، وألقِيَنْ سَكينةً علينا، إنَّا إذا صِيحَ بنا أتَينا، وبالصِّياحِ عوَّلوا علينا. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: مَن هذا السَّائِقُ؟! قالوا: عامِرٌ، قال: يَرحَمُه اللهُ! فقال رجُلٌ مِن القَومِ: وجَبَت يا رَسولَ اللهِ، لولا أمتَعْتَنا به!)) [1431]   أخرجه البخاري (4196)، ومسلم (1802) واللَّفظُ له. .وَجهُ الدَّلالةِ مِن الحَديثَينِ:الحديثانِ فيهما جوازُ الحُدَاءِ بالرَّجَزِ والشِّعرِ، وأنَّ الرَّسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم قد سَمِعَه وأقَرَّه، ولم يُنكِرْه [1432]   ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/319)، ((التمهيد)) لابن عبد البر (22/198)، ((فتح الباري)) لابن حجر (10/545،543). .ثالثًا: لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان له شُعراءُ يُصغي إليهم، منهم حَسَّانُ بنُ ثابتٍ، وعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ [1433]   ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/430). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: حكم استِعمالِ المَعازِفِ في الأعراسِ. المَبحثُ الثاني: الضَّربُ بالدُّفِّ . المبحثُ الرَّابِعُ: حُكمُ الزَّغاريدِ للنِّساءِ في الأعراسِ. المَبحثُ الخامِسُ: حُكمُ الرَّقصِ [1438]   الرَّقصُ لغةً: القَفزُ، وتأديةُ حَرَكاتٍ بجزءٍ أو أكثَرَ مِن أجزاءِ الجِسمِ على استقامةٍ واعوِجاجٍ، وأصلُه في اللغةِ يدُلُّ على الارتفاعِ والانخفاضِ، والإسراعِ في الحَرَكةِ، ومنه قولُهم: أرقص القومُ في سَيرِهم: إذا كانوا يرتَفِعون وينخَفِضون، ورقصَ في كلامِه: إذا أسرعَ. يُنظر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (2/742)، ((الصحاح)) للجوهري (3/1041)، ((مجمل اللغة)) لابن فارس (ص: 394)، ((تاج العروس)) للزبيدي (17/603)، ((معجم الغني)) لعبد الغني أبو العزم (10/25). .

تجوزُ الزَّغاريدُ للنِّساءِ فيما بينهنَّ [1434]   أمَّا سماعُ الرجالِ لزغاريد النِّساءِ إذا خُشِيَ منها فتنةٌ، فلا يجوزُ. جاء في ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)): (رفعُ صَوتِ المرأة التي يخشى التلذذُ بَسماعِه، لا يجوزُ مِن هذه الحيثيَّةِ؛ لا في الجنازةِ ولا في الأعراسِ، سواءٌ كان زغاريتَ أم لا). ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)) (1/275). ، نصَّ عليه المالِكيَّةُ [1435]   ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/41)، ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)) (1/275). ، والشَّافِعيَّةُ [1436]   ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي)) (7/192)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج مع حاشية الشبراملسي)) (6/187)، ((إعانة الطالبين)) للدمياطي (3/302). ، وهو اختيارُ ابنِ باز [1437]   قال ابنُ باز: (زغاريد النساءِ فيها تفصيل: زغاريدُهم فيما بينهنَّ وهنَّ في حفلة العُرسِ، اجتماعِ العُرسِ فيما بينهن: هذا لا بأسَ به، أو زغاريد في شيءٍ لا يضرُّ الناسَّ، فيما بينهنَّ؛ في لعبٍ خاصٍّ بينهنَّ لا يضُرُّ الناسَ وليس فيه خلطةٌ بالرِّجالِ، ولا يكون فيه شيءٌ مما حرَّم الله: فليس فيه شيءٌ). ((الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). ؛ وذلك لأنَّه يأخُذُ حُكمَ صَوتِ النِّساءِ فيما بينَهنَّ. انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: حكم استِعمالِ المَعازِفِ في الأعراسِ. المَبحثُ الثاني: الضَّربُ بالدُّفِّ . المَبحثُ الثَّالثُ: الإنشادُ في الأعراسِ. المَبحثُ الخامِسُ: حُكمُ الرَّقصِ [1438]   الرَّقصُ لغةً: القَفزُ، وتأديةُ حَرَكاتٍ بجزءٍ أو أكثَرَ مِن أجزاءِ الجِسمِ على استقامةٍ واعوِجاجٍ، وأصلُه في اللغةِ يدُلُّ على الارتفاعِ والانخفاضِ، والإسراعِ في الحَرَكةِ، ومنه قولُهم: أرقص القومُ في سَيرِهم: إذا كانوا يرتَفِعون وينخَفِضون، ورقصَ في كلامِه: إذا أسرعَ. يُنظر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (2/742)، ((الصحاح)) للجوهري (3/1041)، ((مجمل اللغة)) لابن فارس (ص: 394)، ((تاج العروس)) للزبيدي (17/603)، ((معجم الغني)) لعبد الغني أبو العزم (10/25). .

تُباحُ للعَروسِ الزَّفَّةُ والشرْعةُ إذا كانت لا تشتَمِلُ على مخالفاتٍ شَرعيَّةٍ، نَصَّ عليه ابنُ عثيمين [1457]   قال ابن عثيمين: (تشريعُ المرأةِ ليلةَ الزواج إذا كان على الوجهِ الذي لا يتضَمَّنُ محظورًا فلا بأسَ به، مثل أن يُؤتى بالمرأةِ المتزوِّجة وعليها ثيابٌ لا تخالِفُ الشرعَ، وتجلِس على منصَّة حتى يراها النساء، وليس في النساءِ خليطٌ من الرجالِ، وليس مع المرأةِ زَوجُها؛ فإنَّ هذا لا بأسَ به؛ لأنَّ الأصلَ في غيرِ العبادات الحِلُّ إلَّا ما قام الدَّليلُ على تحريمه، أمَّا لو كانت المرأةُ هذه تأتي إلى النساءِ ومعها زوجُها، أو يكونُ في محفِلِ النساءِ رِجالٌ؛ فإن ذلك لا يجوزُ؛ لأنَّ هذا يتضَمَّنُ محظورًا شرعيًّا). ((فتاوى نور على الدرب)) (11/109). . الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّها زَفَّت امرأةً إلى رجُلٍ مِن الأنصارِ، فقال نبيُّ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا عائشةُ، ما كان معكم لهْوٌ؟ فإنَّ الأنصارَ يُعجِبُهم اللَّهوُ)) [1458]   أخرجه البخاري (5162). .ثانيًا: لأنَّ الأصلَ في غيرِ العباداتِ الحِلُّ [1459]   ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (11/109). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: حكم استِعمالِ المَعازِفِ في الأعراسِ. المَبحثُ الثاني: الضَّربُ بالدُّفِّ . المَبحثُ الثَّالثُ: الإنشادُ في الأعراسِ. المبحثُ الرَّابِعُ: حُكمُ الزَّغاريدِ للنِّساءِ في الأعراسِ.

يجوزُ النِّثارُ والتِقاطُه بلا كَراهةٍ [1461]   ولا ينبغي أن يكونَ هناك تدافُعٌ قد يؤذي فيه القويُّ الضَّعيفَ، ولا يَصِلُ إلى حدِّ التَّباهي والتَّبذيرِ. ، وهذا مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [1462]   ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/438)، ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (4/285). ، والشَّافِعيَّةِ في الأصَحِّ [1463]   نصَّ الشافعيَّةُ على أنَّ الأَولى تَركُه. ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 223)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/437). ، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ [1464]   قال ابنُ قُدامةَ: (رُوِيَ عن أحمدَ روايةٌ ثانية: ليس بمكروهٍ، اختارها أبو بكرٍ، وهو قول الحسن، وقتادة، والنخَعي، وأبي حنيفة، وأبي عُبيد، وابن المنذر). ((المغني)) (7/288). ، واختاره ابنُ المنذِرِ [1465]   قال ابن المنذر: (كلُّ ما وصل إليه المرءُ ممَّا يُنثَرُ ويباحُ في الأملاكِ وغيرِه مِمَّا أباحه ربُّ الشَّيءِ: يباحُ؛ استدلالًا بحديثِ عبد الله بن قُرطٍ). ((الأوسط)) (8/257). ، وحُكِيَ الإجماعُ وعَدَمُ الخِلافِ على إباحتِه [1466]   قال الماوردي: (أمَّا نَثْرُ السُّكَّر واللوز في العُرسِ أو غير ذلك مِن طِيبٍ أو دراهِمَ: فمُباحٌ إجماعًا؛ اعتبارًا بالعُرفِ الجاري فيه؛ لِما رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين زوَّج عليًّا بفاطمةَ رَضِيَ الله عنها نَثَر عليهما، لكِنِ اختلف الفُقَهاءُ في استحبابِه وكراهيتِه). ((الحاوي الكبير)) (9/565). وقال ابنُ قدامة: (وفي الجُملةِ فالخِلافُ إنَّما هو في كراهيةِ ذلك، وأمَّا إباحتُه فلا خلافَ فيها ولا في الالتِقاطِ). ((المغني))  (7/288). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن عبدِ اللهِ بنِ قُرطٍ قال: ((وقُرِّبَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم خمسُ بَدَناتٍ أو سِتٌّ يَنحَرُهنَّ، فطَفِقنَ يَزدَلِفْنَ إليه: أيَّتُهُنَّ يَبدأُ بها! فلمَّا وجبَت جُنوبُها قال كَلِمةً خَفيَّةً لم أفهَمْها، فسألتُ بعضَ مَن يَليني: ما قال؟ قالوا: قال: من شاء اقتطَعَ)) [1467]   أخرجه أبو داود (1765)، وأحمد (19075) واللَّفظُ له. صحَّح إسنادَه الحاكِمُ في ((المستدرك)) (4/246)، وحَسَّن إسنادَه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/288)، وحسَّن الحديثَ الذهبيُّ في ((تاريخ الإسلام)) (2/706)، وجوَّد إسنادَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/180)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/222): صالحٌ للاحتِجاجِ. وصَحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1765)، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (921). .وَجهُ الدَّلالةِ:الحديثُ فيه إباحةُ أخذِ ما يُنثَرُ ممَّا أباحه رَبُّ الشَّيءِ [1468]   ((الأوسط)) لابن المنذر (8/257)، ((المغني)) لابن قدامة (7/288). .ثانيًا: لأنَّه نَوعُ إباحةٍ لِمالِه، فأشبَهَ إباحةَ الطَّعامِ للضِّيفانِ [1469]   ((التجريد)) للقدوري (9/4743)، ((المغني)) لابن قدامة (7/288). .ثالثًا: لأنَّ الحالَ دَليلٌ على الإذنِ، كمَن وضع الماءَ على بابِه، يُباحُ الشُّربُ منه لِمن مَرَّ به [1470]   ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (4/285). .رابعًا: أنَّ النِّثارَ ليس بنُهْبةٍ، فإنَّما النُّهْبةُ ما انتَهَبه بغيرِ طِيبِ أنفُسِ أهلِه [1471]   ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/438). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: حكم استِعمالِ المَعازِفِ في الأعراسِ. المَبحثُ الثاني: الضَّربُ بالدُّفِّ . المَبحثُ الثَّالثُ: الإنشادُ في الأعراسِ. المبحثُ الرَّابِعُ: حُكمُ الزَّغاريدِ للنِّساءِ في الأعراسِ.