يجبُ الصَّداقُ كاملًا إذا ماتَ الزَّوجُ بعدَ العَقدِ وتَسميةِ الصَّداقِ.الأدلَّة:أوَّلًا: من الإجماعِنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ [1227]   قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا على أنَّ مَن مات أو ماتتْ وقد سمَّى لها صداقًا صحيحًا، ووطئِها أو لم يطأْها، فلها جميعُ ذلك الصَّداق). ((مراتب الإجماع)) (ص: 70). ، والكاسانيُّ [1228]   قال الكاسانيُّ: (أمَّا التأكُّد بموت أحد الزَّوجين، فنقول: لا خِلافَ في أنَّ أحد الزوجين إذا مات حتْفَ أنفه قبلَ الدخول في نِكاح فيه تسميةٌ؛ أنه يتأكَّد المسمَّى، سواء كانت المرأةُ حُرَّةً أو أَمَةً). ((بدائع الصنائع)) (2/294). ، وابنُ رُشدٍ [1229]   قال ابنُ رشد: (اتَّفق العلماءُ على أنَّ الصداق يجبُ كلُّه بالدخول أو الموت). ((بداية المجتهد)) (3/48). ، والقُرطبيُّ [1230]   قال القرطبيُّ: (لا خلافَ أنَّ مَن دخَل بزوجته، ثم مات عنها وقد سمَّى لها؛ أنَّ لها ذلك المسمَّى كاملًا والميراثَ، وعليها العِدَّة). ((تفسير القرطبي)) (3/205). ، وابنُ جُزَيٍّ [1231]   قال ابنُ جُزَيٍّ: (يجبُ جميعُه بالدخول أو بالموت اتِّفاقًا). ((القوانين الفقهية))(2/58). ، والبابرتيُّ [1232]   قال البابرتيُّ: (إنْ تزوَّجها ولم يُسمِّ لها مهرًا، ثم تراضيَا على تَسميةِ مهرٍ؛ فهي لها إنْ دخَل بها أو مات عنها بالاتِّفاق). ((العناية شرح الهداية)) (3/328). .ثانيًا: لأنَّ الصَّداقَ واجبٌ مِن حِينِ العَقدِ، ولا يَنفسِخْ بالموتِ بل يتأكَّدُ [1233]   ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/294). .ثالثًا: لأنَّه كالدَّينِ على الميِّتِ؛ فيَجِبُ بذلُه قَبْلَ تَقسيمِ التَّرِكَةِ على الوَرَثةِ [1234]   ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/294). . انظر أيضا: المَبحَث الأوَّل: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بعدَ العَقدِ وقَبْلَ الدُّخولِ. المَبحَث الثَّاني: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بَعدَ العَقدِ والخَلوةِ وقَبْلَ الدُّخولِ. المَبحَث الثَّالث: الفُرقةُ بَعدَ العَقدِ وبَعدَ الدُّخولِ. المَبحَث الرَّابع: الفُرقةُ بسَببٍ مِن قِبَلِ الزَّوجةِ .

إذا تزوَّجَت امرأةُ المَفقودِ ثمَّ عاد زوجُها المفقودُ، خُيِّرَ بين امرأتِه والصَّداقِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلةِ [1244]   ((الإقناع)) للحجاوي (4/114)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/423). ، وقَولٌ للشَّافعيَّةِ [1245]   ((روضة الطالبين)) للنووي (8/403)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (8/254)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/52). ، وقَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ [1246]   قال ابن حزم: (وأمَّا تخييرُ الزَّوجِ إذا قَدِمَ، فثابتٌ عن عمر وعثمان وعلي، ولم يُرْوَ عن صاحبِ رأيٍ التأجيلُ خِلافَ ذلك، وصَحَّ أيضًا عن الحسن، وخلاس، وإبراهيم، وعطاء، والحكم بن عتيبة، والزهري، ومكحول، والشعبي). ((المحلى)) (9/325). . الأدِلَّةُ مِنَ الآثارِ:1- عن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه في امرأةِ المفقودِ أنَّه: (أمَرَها أن تتربَّصَ أربَعَ سِنينَ مِن حينَ رَفَعَتْ أمْرَها إليه، ثمَّ دعا ولِيَّه فطَلَّقَ، وأمَرَها أن تعتَدَّ أربعةَ أشهُرٍ وعَشرًا، قال: ثمَّ جئتُ بعدما تزوَّجَتْ فخَيَّرَني عمَرُ بينها وبين الصَّداقِ الذي أصدَقْتُ) [1247]   أخرجه من طرقٍ: عبدُ الرزاق في ((المصنف)) (12320) واللفظ له، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (16985)، والبيهقي (15977). ذكَرَ الشافعي في ((الأم)) (8/657)، وابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (20/576)، وابن القيم في ((إعلام الموقعين)) (2/12): ثبوتَ الأثَرِ. وقال ابن حزم في ((المحلى)) (10/135): هذا الذى لا يصِحُّ عن عمر غيرُه أصلًا. وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/228)، وصحَّح إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (9/340)، وحسَّن الأثر الألباني في ((إرواء الغليل)) (1708). .2- عن ابنِ المسَيِّب: (أنَّ عُمَرَ وعُثمانَ قَضَيا في المفقودِ أنَّ امرأتَه تتربَّصُ أربَعَ سِنينَ وأربعةَ أشهرٍ وعَشرًا بعد ذلك، ثمَّ تُزَوَّجُ، فإن جاء زوجُها الأوَّلُ خُيِّرَ بين الصَّداقِ وبينَ امرأتِه) [1248]   أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (12317) واللفظ له، وابن أبى شيبة في ((المصنف)) (16988). صحَّحه ابن حزم في ((المحلى)) (9/371). . انظر أيضا: المَبحَث الأوَّل: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بعدَ العَقدِ وقَبْلَ الدُّخولِ. المَبحَث الثَّاني: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بَعدَ العَقدِ والخَلوةِ وقَبْلَ الدُّخولِ. المَبحَث الثَّالث: الفُرقةُ بَعدَ العَقدِ وبَعدَ الدُّخولِ. المَبحَث الرَّابع: الفُرقةُ بسَببٍ مِن قِبَلِ الزَّوجةِ .

يجِبُ مَهرُ المِثلِ للمَوطوءةِ بشُبهةٍ [1249]   قال ابن تيمية: (قال أصحابُنا وغيرُهم: يجِبُ مهرُ المِثلِ للمَوطوءة بشبهة، وينبغي أنَّه إن أمكن أن يكونَ في وطءِ الشُّبهةِ مُسمًّى، فيكونُ هو الواجِبَ؛ فإنَّ الشبهةَ ثلاثةُ أقسام: شُبهةُ عَقدٍ، وشُبهةُ اعتقادٍ، وشُبهةُ مِلك؛ فأمَّا عقدُ النِّكاح فلا ريب فيه، وأما عقدُ البيعِ فإنه إذا وَطِئَ المرأةَ المشتراةَ شراءً فاسِدًا فالأشبهُ أنْ لا مهرَ ولا أجرةَ لِمنافِعِها، وأمَّا شبهةُ الاعتقادِ فإن كان الاشتباهُ عليه فقط فينبغي ألَّا يجِبَ لها مهرٌ، وإن كان عليها فقط فإن اعتَقَدت أنَّه زوجُها فلا يبعُدُ أن يجِبَ المهرُ المسَمَّى. وأما شُبهةُ المِلكِ، مِثلُ مُكاتِبَتِه وأمَةِ مُكاتِبَتِه، والأمةِ المُشتَرَكةِ؛ فإن كان قد اتَّفَق مع مستحِقِّ المهرِ على شيءٍ فينبغي ألَّا يجِبَ سواه، وهذا قياسُ ضَمانِ الأعيان). ((الفتاوى الكبرى)) (5/477). وقال: (وجوبُ المهرِ والعِدَّةِ والنَّسَبِ ليست من خصائِصِ العَقدِ الصَّحيحِ، فإنما يثبُتُ في وطءِ الشُّبهةِ). ((الفتاوى الكبرى)) (6/198). وقال: (جميعُ أحكام الزوجيَّةِ مُنتفيةٌ في المُستمتَعِ بها، لم يثبُتْ فيها شيءٌ مِن خصائِصِ النِّكاح الحَلالِ؛ فعُلِمَ انتفاءُ كَونِها زوجةً، وما ثبت فيها مِن الأحكامِ، مِثلُ: لحوقِ النَّسَبِ، ووجوبِ الاستبراءِ، ودَرءِ الحَدِّ، ووجوبِ المهر، ونحو ذلك- فهذا يثبُتُ في وطءِ الشُّبهةِ، فعُلِمَ أنَّ وطءَ المستمتَعِ بها ليس وطئًا لزوجةٍ، لكنَّه مع اعتقادِ الحِلِّ مِثلُ وطءِ الشُّبهةِ). ((منهاج السُّنَّة النبوية)) (4/193). وقال ابن عثيمين: (رجل تزوَّجَ امرأةً بعَقدٍ ومهرٍ مُسمًّى، ثمَّ تبيَّن أنَّها أختُه مِن الرَّضاعِ، فالشُّبهةُ هنا شُبهةُ عَقدٍ؛ لأنَّه تزوَّجَها وجامَعَها على أنَّها زوجتُه، يقول المؤلف: إنَّ لها مهرَ المِثلِ، ولكِنَّ في هذا نظرًا؛ لأنَّنا نقول: إنهما قد رَضِيا بهذا المسمَّى، وجامَعَها على أنَّ هذا مَهرُها، وليس هناك ما يُبطِلُه. فالصوابُ: أنَّه إذا كانت الشبهةُ شُبهةَ عَقدٍ، وسمَّى لها صداقًا، فلها صَداقُها المسمَّى، سواءٌ كان مِثلَ مَهرِ المِثلِ، أو أكثَرَ، أو أقَلَّ. أما الموطوءةُ بشُبهةِ اعتقادٍ، فيَجِبُ لها مَهرُ المِثلِ؛ لأنَّه ليس لها مَهرٌ مُسمًّى؛ للإجماع، ولولا الإجماعُ لكان القياسُ يقتضي أنْ لا شَيءَ لها؛ لأنَّ هذا وطءٌ بغيرِ عَقدٍ، وهو معذورٌ فيه، فكيف يجِبُ عليه مهرُ المِثلِ؟! فإنْ كان أحدٌ يقول: إنَّه لا شيءَ لها، فهو أحقُّ بالاتِّباعِ). ((الشرح الممتع)) (12/312). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1250]   ((المبسوط)) للسرخسي (31/263)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/30)، ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (3/32). ، والمالِكيَّةِ [1251]   ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (4/46)، ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/317). ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (2/453). ، والشَّافِعيَّةِ [1252]   ((روضة الطالبين)) للنووي (7/114)، ((الغرر البهية)) لزكريا الانصاري (4/192). ، والحَنابِلةِ [1253]   ((الإنصاف)) للمرداوي (8/226)، ((الإقناع)) للحجاوي (3/225). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أيُّما امرأةٍ نَكَحَت بغيرِ إذنِ وَلِيِّها فنِكاحُها باطِلٌ، فنِكاحُها باطِلٌ، فنِكاحُها باطِلٌ، فإنْ دخَلَ بها فلها المَهرُ بما استحَلَّ مِن فَرجِها، فإن اشتَجَروا فالسُّلطانُ وَليُّ مَن لا وليَّ له)) [1254]   أخرجه الترمذي (1102) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (5394)، وابن ماجه (1879)، وأحمد (24205). حسَّنه الترمذي، وصحَّحه يحيى بن معين كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (7/105)، وابن العربي في ((القبس)) (2/685)، والذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (2/168)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/553)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (9/97)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1879). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ في الحديثِ دَليلًا على أنَّ وَطءَ الشُّبهةِ يُوجِبُ المَهرَ [1255]   ((معالم السنن)) للخطابي (3/197). . انظر أيضا: المَبحَث الأوَّل: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بعدَ العَقدِ وقَبْلَ الدُّخولِ. المَبحَث الثَّاني: الفُرقةُ بالطَّلاقِ بَعدَ العَقدِ والخَلوةِ وقَبْلَ الدُّخولِ. المَبحَث الثَّالث: الفُرقةُ بَعدَ العَقدِ وبَعدَ الدُّخولِ. المَبحَث الرَّابع: الفُرقةُ بسَببٍ مِن قِبَلِ الزَّوجةِ .