يَصِحُّ الصَّداقُ بكُلِّ ما يَصلُحُ أن يكونَ مالًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1132]   ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/136)، ((العناية)) للبابرتي (8/415)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/131). ، والمالِكيَّةِ [1133]   ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/550)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/172)، ((منح الجليل)) لعليش (3/415، 435). ، والشَّافِعيَّةِ [1134]   ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/375)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/220)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/335). ، والحَنابِلةِ [1135]   ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/5)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/131). . الدَّليلُ مِنَ الكِتابِ:قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [النساء: 24].وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه: بِأَمْوَالِكُمْ دَليلٌ على أنَّه ينبغي أن يكونَ المَهرُ مالًا [1136]   ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/274)، ((المغني)) لابن قدامة (7/217،212)، ((تفسير القرطبي)) (13/274). . انظر أيضا: المَبحثُ الثَّاني: جَعلُ الصَّداقِ عَينًا أو دَينًا أو مَنفعةً. المَبحثُ الثَّالثُ: الصَّداقُ بالمُحَرَّمِ. المَبحثُ الرَّابِعُ: الصَّداقُ بالمَجهولِ. المَبحثُ الخامِسُ: جَعْلُ الصَّداقِ طلاقَ امرأتِه الأُولى.

يَبطُلُ الصَّداقُ بالمُحَرَّمِ [1162]   نقل الإجماعَ على بُطلانِه: ابنُ بطَّال، وابنُ عبد البر. قال ابن بطال: (إجماعُ العلماء على أنَّ الخمرَ والخنزيرَ لا يكونُ منهما مهرٌ لِمُسلم). ((شرح صحيح البخارى)) (7/219). ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (5/466). -كالخَمرِ والخِنزيرِ- ويصِحُّ العَقدُ، وللزَّوجةِ مَهرُ المِثلِ [1163]   اختُلِفَ في المعتبَرِ في المِثليَّةِ، فقيل: بالجمالِ والمالِ. وقيل: بالأقارب. وقيل غيرُ ذلك. يُنظر: ((مختصر القدوري)) (ص: 149)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/28)، ((فتح ذي الجلال والإكرام )) لابن عثيمين (4/591). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [1164]   ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/207)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/338). ، والشَّافِعيَّةِ [1165]   ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 219)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/225)، ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج)) لابن حجر الهيتمي (7/384)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/342). ، والحَنابِلةِ [1166]   ((شرح منتهى الإرادات)) لابن النجار (3/11)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/135). ، وقَولٌ للمالكيَّةِ [1167]   ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/187). ، وبه قال عامة الفقهاء [1168]   قال ابن قدامة: (إذا سَمَّى في النِّكاحِ صَداقًا مُحَرَّمًا، كالخَمرِ والخنزير، فالتَّسميةُ فاسِدةٌ، والنِّكاحُ صَحيحٌ، نص عليه أحمد، وبه قال عامَّةُ الفقهاء، منهم الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي). ((المغني)) (7/223). .وذلك للآتي: أوَّلًا: لأنَّه عَقدٌ كالعُقودِ لا يَفسُدُ بجَهالةِ العِوَضِ، فلا يَفسُدُ بتحريمِه [1169]   ((المغني)) لابن قدامة (7/223)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/11). .ثانيًا: لأنَّ العَقدَ يَصِحُّ مع عدمِ العِوَضِ، فيَصِحُّ بفاسِدِه [1170]   ((المغني)) لابن قدامة (7/223)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/11). .ثالثًا: لاقتضاءِ فَسادِ العِوَضِ رَدَّ عِوَضِه، وقد تعَذَّرَ لصِحَّةِ النِّكاحِ؛ فوجَبَ رَدُّ قيمتِه، وهي مَهرُ المِثلِ [1171]   ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/135)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/11). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: جَعلُ الصَّداقِ مِن المالِ. المَبحثُ الثَّاني: جَعلُ الصَّداقِ عَينًا أو دَينًا أو مَنفعةً. المَبحثُ الرَّابِعُ: الصَّداقُ بالمَجهولِ. المَبحثُ الخامِسُ: جَعْلُ الصَّداقِ طلاقَ امرأتِه الأُولى.

لا يَصِحُّ الصَّداقُ المَجهولُ، ويَصِحُّ النِّكاحُ بمَهرِ المِثلِ، وهو باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [1172]   ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (3/108)، ((الفتاوى الهندية)) (1/309). ، والمالِكيَّةِ [1173]   يرى المالكيَّةُ أنَّ النِّكاحَ يَفسُدُ قبل الدخولِ، ويَثبُتُ بعده بالأكثَرِ مِن المهرِ المسمَّى ومَهرِ المِثلِ، ويُغتَفَرُ عندهم يسيرُ الجَهلِ. يُنظر: ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/21)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/294)، ((منح الجليل)) لعليش (3/415)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/41). ، والشَّافِعيَّةِ [1174]   ((روضة الطالبين)) للنووي (7/276) و(7/222)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/384). ، والحَنابِلةِ [1175]   لا يضُرُّ عند الحنابلةِ الجَهلُ اليسيرُ ولا الغَرَرُ الذي يُرجى زواله. ((المبدع في شرح المقنع)) لإبراهيم بن مفلح (6/196)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/132، 135). ؛ وذلك لأنَّ الصَّداقَ عِوَضٌ، فاشتُرِطَ فيه عَدَمُ الجَهالةِ، كالبَيعِ [1176]   ((الممتع في شرح المقنع)) للتنوخي (3/662)، ((المبدع في شرح المقنع)) لإبراهيم بن مفلح (6/196). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: جَعلُ الصَّداقِ مِن المالِ. المَبحثُ الثَّاني: جَعلُ الصَّداقِ عَينًا أو دَينًا أو مَنفعةً. المَبحثُ الثَّالثُ: الصَّداقُ بالمُحَرَّمِ. المَبحثُ الخامِسُ: جَعْلُ الصَّداقِ طلاقَ امرأتِه الأُولى.

لا يَصِحُّ جَعلُ الصَّداقِ طلاقَ امرأتِه الأُولى، ويَصِحُّ النِّكاحُ ويُفرَضُ لها مَهرُ المِثلِ، نَصَّ عليه الحَنَفيَّةُ [1177]   ((المبسوط)) للسرخسي (5/95). ، والحَنابِلةُ [1178]   ((الإقناع)) للحجاوي (3/211)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/181). ، ونسَبَه ابنُ قُدامةَ لأكثَرِ الفُقَهاءِ [1179]   قال ابن قدامة: (إن تزوَّجَها على طلاقِ امرأةٍ له أخرى، لم تَصِحَّ التسميةُ، ولها مَهرُ مِثلِها. وهذا اختيارُ أبي بكر، وقَولُ أكثَرِ الفُقَهاء). ((المغني)) (7/265). ، وهو اختيارُ ابنِ عثيمين [1180]   قال ابن عثيمين: (قوله: «وإن أصدَقَها طلاقَ ضَرَّتِها لم يصِحَّ» بأن قالت: أنا لا أريدُ منك مالًا، أريد أن يكون صداقي طلاقَ امرأتِك، فهذا غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ طلاقَ امرأتِه ليس مالًا ولا منفعةً تُعقَدُ عليها الأجرةُ). ((الشرح الممتع)) (12/264). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [النساء: 24].وَجهُ الدَّلالةِ:في قَولِه تعالى: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ فقَولُه: بِأَمْوَالِكُمْ دَليلٌ على أنَّه ينبغي أن يكونَ المَهرُ مالًا، وجَعلُ الصَّداقِ طلاقَ امرأتِه الأخرى ليس بمالٍ [1181]   ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/274)، ((المغني)) لابن قدامة (7/265)، ((تفسير القرطبي)) (13/274). . ثانيًا: مِنَ السُّنَّةعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَسألِ المرأةُ طَلاقَ أُختِها؛ لِتَستفرِغَ صَحفَتَها [1182]   الصَّحْفةُ: إناءٌ يُشبِعُ خمسةَ أشخاصٍ ونحوَهم، ويُقصَدُ بذلك الاستِئثارُ عليها بحَظِّها، فتكونُ كمن أفرغَ صَحفةَ غيرِه فكفأَ ما في إنائِه فقلَبَه في إناءِ نفسِه. يُنظر: ((معالم السنن)) للخطابي (3/230)، ((لسان العرب)) لابن منظور (9/187). ، ولْتَنْكِحْ؛ فإنَّما لها ما قُدِّرَ لها)) [1183]   أخرجه البخاري (6601). .وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ ما نهى اللهُ عنه لا يُجعَلُ صَداقًا [1184]   ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (12/264). .ثالثًا: لأنَّ الطَّلاقَ لا يَصلُحُ ثَمنًا؛ فلا يَصلُحُ صَداقًا [1185]   ((المغني)) لابن قدامة (7/265). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: جَعلُ الصَّداقِ مِن المالِ. المَبحثُ الثَّاني: جَعلُ الصَّداقِ عَينًا أو دَينًا أو مَنفعةً. المَبحثُ الثَّالثُ: الصَّداقُ بالمُحَرَّمِ. المَبحثُ الرَّابِعُ: الصَّداقُ بالمَجهولِ.