يُستَحَبُّ تخفيفُ المُهورِ، وتَركُ المغالاةِ فيها [699]     وممَّا يُؤسَف له في هذا الزمانِ: المغالاةُ الفاحشةُ في المُهور، حتى صار الزواجُ مِن الأمور الشاقَّة التي تُثقِل كاهلَ الزَّوج بجبال مِن الدُّيون؛ ممَّا أدَّى إلى كثرةِ العوانسِ الحَبيساتِ في المنازِل؛ بسببِ التعنُّتِ والتمظْهر والمباهاة. ، نَصَّ عليه الجُمهورُ: المالِكيَّةُ [700]     ((الشرح الكبير)) للدردير (2/309)، ((منح الجليل)) لعليش (3/452). ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (4/352). ، والشَّافِعيَّةُ [701]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (7/375)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/335)، ((الغرر البهية)) لزكريا الأنصاري (4/182). ، والحَنابِلةُ [702]                                                                  ((الإقناع)) للحجاوي (3/208)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/128). .الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ مِن يُمنِ المرأةِ تَيسيرَ خِطبتِها، وتَيسيرَ صَداقِها، وتَيسيرَ رَحِمِها [703]     تَيسير رَحِمِها: أي للولادةِ بأن تكونَ سريعةَ الحَمْلِ، كثيرةَ النَّسلِ. يُنظر: ((فيض القدير)) للمناوي (2/543). ) [704]     أخرجه أحمد (24478) واللفظُ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3612)، والحاكم (2739). ذكر ابنُ عَدِيٍّ في ((الكامل في الضعفاء)) (2/78) أنَّ فيه أسامةَ بنَ زيد الليثي: أرجو أنَّه لا بأس به. وصحَّحه الحاكمُ على شرط مسلم، وقال أبو نُعَيم في ((حلية الأولياء)) (3/191): ثابتٌ من حديث صفوانَ وعُروةَ، تفرَّد به أسامةُ. وجَوَّد إسنادَه العراقيُّ في ((تخريج الإحياء)) (2/52)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/258): فيه أسامةُ بنُ زيدِ بن أسلم، وهو ضعيفٌ، وقد وُثِّقَ، وبقيَّةُ رجاله ثقاتٌ. وجَوَّد إسناده السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (244)، وصَحَّح الحديثَ الألباني في ((صحيح الجامع)) (2235). .2- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لرجُلٍ: ((أترضى أن أزَوِّجَكَ فلانةَ؟ قال: نعم. وقال للمرأةِ: أترضَينَ أن أزوِّجَكِ فُلانًا؟ قالت: نعم. فزوَّج أحَدَهما صاحِبَه، ولم يَفرِضْ لها صَداقًا ولم يُعطِها شيئًا، وكان ممَّن شَهِد الحُدَيبيَةَ، وكان مَن شَهِدَ الحُدَيبيَةَ له سَهمٌ بخيبرَ، فلمَّا حضَرَته الوفاةُ قال: إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زوَّجَني فلانةَ ولم أفرِضْ لها صَداقًا ولم أُعطِها شيئًا، وإنِّي أُشهِدُكم أنِّي أعطيتُها صَداقَها سَهمِي بخيبرَ، فأخَذَت سَهمًا فباعَته بمائةِ ألفٍ! قال: وقال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خيرُ الصَّداقِ أيسَرُه)) [705]     أخرجه من طرق: أبو داود (2117)، وابن حبان (4072)، والحاكم (2742) واللَّفظُ له. صحَّحه الحاكمُ على شرط الشيخين، وجَوَّد إسنادَه وقوَّاه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/171)، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (2/262): رجالُه ثقاتٌ إلَّا عبد العزيز بن يحيى، وهو صدوقٌ يَهِمُ. وصحَّح الحديثَ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2117)، وحَسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (953)، وصَحَّح إسناده شعيب الأرناؤوط في ((تخريج صحيح ابن حبان)) (4072). .3- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه قال: ((جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنِّي تزوَّجتُ امرأةً مِن الأنصارِ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل نظَرْتَ إليها؛ فإنَّ في عيونِ الأنصارِ شَيئًا؟ قال: قد نظرتُ إليها. قال: على كم تزوَّجْتَها؟ قال: على أربَعِ أواقٍ. فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على أربعِ أواقٍ؟! كأنَّما تَنحِتونَ الفِضَّةَ مِن عُرضِ هذا الجبَلِ! ما عندنا ما نُعطيك، ولكِنْ عسى أن نبعَثَك في بَعثٍ تُصيبُ منه. قال: فبعَثَ بَعثًا إلى بني عَبسٍ بَعَث ذلك الرجُلَ فيهم)) [706]     أخرجه مسلم (1424). .وَجهُ الدَّلالةِ:الحديثُ فيه دَلالةٌ على كراهةِ إكثارِ المَهرِ بالنِّسبةِ إلى حالِ الزَّوجِ [707]     ((شرح النووي على مسلم)) (9/211). . انظر أيضا: المَبحثُ الثَّاني: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الخُطبةُ قَبلَ عَقدِ النِّكاحِ. المَبحثُ الثَّالثُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الدُّعاءُ للزَّوجينِ. المَبحثُ الرَّابِعُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الدُّعاءُ عند الدُّخولِ على الزَّوجةِ.

يُستحَبُّ أن يَقْدُمَ عَقدَ النِّكاحِ خُطبةٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [708]     ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/87)، ((حاشية ابن عابدين)) (3/8). ، والمالِكيَّةِ [709]     ((الشرح الكبير)) للدردير (2/216)، ((منح الجليل)) لعليش (3/257). ، والشَّافِعيَّةِ [710]     ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/138). ، والحَنابِلةِ [711]     ((الإقناع)) للحجاوي (3/162)، ((كشاف القناع)) البهوتي (5/21). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رضي الله عنه قال: ((علَّمَنا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُطبةَ الحاجةِ: أنِ الحَمدُ لله نستعينُه ونَستغفِرُه، ونعوذُ به من شُرورِ أنفُسِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، يا أيُّها الذين آمَنوا اتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ به والأرْحامَ إنَّ اللَّهَ كان عليكم رَقيبًا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)) [الأحزاب: 70، 71] [712]     أخرجه أبو داود (2118) واللفظ له، والترمذي (1105)، والنسائي (1404)، وابن ماجه (1892)، وأحمد (3720). حسَّنه الترمذي، وصحَّح إسنادَه النووي في ((الأذكار)) (355)، وصحَّح الحديث الذهبي في ((المهذب)) (3/1142)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/530) وذكَرَ أنَّه روي موقوفًا ومرفوعًا، وذكَرَ ثبوته ابنُ القيم في ((زاد المعاد)) (2/415)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2118)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (872). . وَجهُ الدَّلالةِ:قَولُه: ((علَّمَنا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُطبةَ الحاجةِ)) فالظَّاهِرُ عُمومُ الحاجةِ للنِّكَاح وغَيرِه [713]     ((حاشية السندي على سنن النسائي)) (3/105). ، فهذه الخُطبةُ تقالُ عند كلِّ حاجةٍ، ولا شَكَّ أنَّ مِن أعظَمِ الحوائجِ حاجةَ النِّكاحِ [714]     ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/92). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: تَخفيفُ المَهرِ. المَبحثُ الثَّالثُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الدُّعاءُ للزَّوجينِ. المَبحثُ الرَّابِعُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الدُّعاءُ عند الدُّخولِ على الزَّوجةِ.

يُستحَبُّ بعد عَقدِ النِّكاحِ الدُّعاءُ للزَّوجَينِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [715]     ((الشرح الكبير)) للدردير (2/216)، ((منح الجليل)) لعليش (3/258). ، والشَّافِعيَّةِ [716]     ((روضة الطالبين)) للنووي (7/35)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (6/208). ، والحَنابِلةِ [717]     ((الإقناع)) للحجاوي (3/162)، ((كشاف القناع)) البهوتي (5/22). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا رَفَأَ [718]     الرِّفاءُ: الالتِئامُ والاتِّفاقُ، ثمَّ استعير للدُّعاءِ للمُتزوِّج، والمعنى: أنَّه إذا أراد الدعاءَ للمتزوِّجِ دعا له بالبركةِ. يُنظر: ((غريب الحديث)) للخطابي (1/296)، ((الغريبين في القرآن والحديث)) لأبي عبيد (3/759)، ((لسان العرب)) لابن منظور (1/87)، ((شرح المشكاة)) للطيبي (6/1906). الإنسانَ إذا تزوَّجَ، قال: بارك اللهُ لك، وبارك عليك، وجمَعَ بينكما في خَيرٍ)) [719]     أخرجه أبو داود (2130)، والترمذي (1091) واللفظ لهما، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10089)، وابن ماجه (1905)، وأحمد (8957). قال الترمذي: حسَنٌ صحيح. وصحَّحه ابن حبان كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (289)، والحاكم في ((المستدرك)) (2/199) وقال: على شرط مسلم. وصحح إسناده النووي في ((الأذكار)) (356)، وصحح الحديثَ ابنُ دقيق في ((الاقتراح)) (111)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/534)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (9/129): أقوى من حديث معاذ. وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1091)، وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1295). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: تَخفيفُ المَهرِ. المَبحثُ الثَّاني: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الخُطبةُ قَبلَ عَقدِ النِّكاحِ. المَبحثُ الرَّابِعُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الدُّعاءُ عند الدُّخولِ على الزَّوجةِ.

يُستحَبُّ مِن الزَّوجِ الدُّعاءُ عند الدُّخولِ على الزَّوجةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [720]     ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/27). ويُنظر: ((النوادر والزيادات)) للقيرواني (4/391). ، والشَّافِعيَّةِ [721]     ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/139). ، والحَنابِلةِ [722]     ((الإقناع)) للحجاوي (3/162)، ((كشاف القناع)) البهوتي (5/22). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا تزوَّج أحَدُكم امرأةً أو اشترى خادِمًا، فلْيَقُل: اللهُمَّ إنِّي أسألُك خَيرَها وخَيرَ ما جبَلْتَها عليه، وأعوذُ بك مِن شَرِّها ومِن شَرِّ ما جبَلْتَها عليه، وإذا اشتَرى بعيرًا فليأخُذْ بذِروةِ سَنامِه، وليَقُلْ مِثلَ ذلك)) [723]     أخرجه أبو داود (2160) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10093)، وابن ماجه (2252). صحَّحه الحاكِمُ في ((المستدرك)) (2/202)، وصحَّح إسنادَه النووي في ((الأذكار)) (357)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (6/339): رجال إسناده إلى عمرِو بنِ شُعَيب ثِقاتٌ. وحَسَّن الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (2160). . انظر أيضا: المَبحثُ الأوَّلُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: تَخفيفُ المَهرِ. المَبحثُ الثَّاني: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الخُطبةُ قَبلَ عَقدِ النِّكاحِ. المَبحثُ الثَّالثُ: منْ سُنَنِ النِّكاحِ: الدُّعاءُ للزَّوجينِ.