الأصلُ في الذَّبائِحِ التَّحريمُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [4] ((العناية)) للبابرتي (1/115)، ((الدر المختار)) للحصكفي (6/294)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/40).   ، والمالِكيَّةِ [5] ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (2/103)، ويُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن العربي (2/35)، ((الذخيرة)) للقرافي (4/179).   ، والشَّافِعيَّةِ [6] ((فتح العزيز)) للرافعي (1/76)، ((المجموع)) للنووي (9/80)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (2/41).   ، والحَنابِلةِ [7] ((الفروع)) لابن مفلح (10/399)، ((المبدع شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/207)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/429).   .الدَّليل مِنَ السُّنَّة:عن عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ رضي الله عنه قال: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُرسِلُ كَلْبي وأُسَمِّي، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أرسَلْتَ كَلْبَك وسَمَّيْتَ، فأخَذَ فقَتَلَ فأكَلَ، فلا تأكُلْ؛ فإنما أمسَكَ على نَفْسِه، قُلتُ: إنِّي أُرسِلُ كَلْبي أجِدُ معه كلبًا آخَرَ، لا أدري أيُّهما أخَذَه، فقال: لا تأكُلْ؛ فإنَّما سَمَّيتَ على كَلْبِك، ولم تُسَمِّ على غَيرِه، وسألتُه عن صَيدِ المِعْراضِ [8] المِعْراض- كمِحْراب-: سهمٌ يُرمَى به بلا ريشٍ ولا نَصْلٍ. وقيل: هو مِن عِيدانٍ، دقيق الطَّرَفين، غليظُ الوَسَطِ، كهيئةِ العودِ الَّذي يُحْلَجُ به القُطنُ، فإذا رَمَى به الرَّامي ذَهَب مُستَويًا، ويُصيبُ بعَرْضِه دُونَ حَدِّه، وربَّما كانت إصابتُه بوسَطِه الغليظِ فكَسَرَ ما أَصابَه وهَشَمَه، فكان كالمَوْقوذةِ، وإنْ قَرُبَ الصَّيدُ منه أصابَه بموضعِ النَّصْلِ منه فجَرَحَه. يُنظر: ((تاج العروس)) للزَّبِيديِّ (18/414)، ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/383).   ، فقال: إذا أصَبْتَ بحَدِّه فكُلْ، وإذا أصَبْتَ بعَرْضِه فقَتَلَ، فإنَّه وَقيذٌ؛ فلا تأكُلْ)) [9] أخرجه البخاري (5486) واللفظ له، ومسلم (1929).   .وفي روايةٍ: ((وإن أدرَكْتَهُ قد قَتَلَ ولم يأكُلْ منهُ فَكُلْه، وإنْ وَجَدْتَ مع كَلْبِك كلبًا غَيرَه وقد قَتَلَ، فلا تأكُلْ؛ فإنَّكَ لا تَدري أيُّهما قتَلَه)) [10] أخرجه مسلم (1929).   . وجهُ الدَّلالةِ:أنَّه لَمَّا شَكَّ هل وُجِدَ الشَّرطُ المُبيحُ أم لا، بَقِيَ الصَّيدُ على الأصلِ في التَّحريمِ، فدَلَّ هذا على أنَّ الأصلَ في الذَّبائِحِ التَّحريمُ [11] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (3/101).   .وقَولُه: ((فلا تأكُلْ؛ فإنَّكَ لا تَدري أيُّهما قتَلَه)) فيه بَيانُ قاعدةٍ مُهِمَّةٍ، وهي أنَّه إذا حصل الشَّكُّ في الذَّكاة المُبيحةِ للحيوانِ، لم يَحِلَّ؛ لأنَّ الأصلَ تَحريمُه، وهذا لا خِلافَ فيه [12] ((شرح النووي على مسلم)) (13/78).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ التذكيةِ. المبحث الثَّالِثُ: الحِكمَةُ مِن مَشروعيَّةِ الذَّكاةِ.