يَمسَحُ المقيمُ يومًا وليلة، والمسافرُ ثلاثةَ أيَّام بلياليهنَّ؛ وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/48)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/8). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/131)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/50). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/176)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/63) ، وهو روايةٌ عن مالك ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (11/152)، ((حاشية العدوي)) (1/296) ، وقالت به طائفةٌ من السَّلَفِ قال به الثوريُّ، والأوزاعيُّ، والحسن بن حي، وداود، والطبريُّ. يُنظر: ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (11/152). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (فكلُّ ما ذَكَرْنا إذا لُبِسَ على وضوء، جاز المسحُ عليه للمُقيمِ يومًا وليلةً، وللمسافِرِ ثلاثةَ أيَّام بلياليهنَّ). ((المحلى)) (1/321). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ1- عن شُرَيحِ بنِ هانئ قال: ((أتيتُ عائشةَ أسألُها عن المسح على الخفَّين، فقالت: عليكَ بابنِ أبي طالبٍ، فسلْه؛ فإنَّه كان يسافِرُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسألْناه، فقال: جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليهنَّ للمسافِر، ويومًا وليلةً للمُقيم)) رواه مسلم (276). .2- عن صفوانَ بن عَسَّال رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرنا إذا كنَّا على سفَرٍ أنْ لا ننزِعَ خِفافنا ثلاثةَ أيَّام وليالِيَهنَّ، إلَّا مِن جَنابةٍ، ولكِنْ مِن غائطٍ وبولٍ ونومٍ)) رواه الترمذي (96) واللفظ له، والنسائي (127)، وابن ماجه (478)، وأحمد (4/239) (18116). حسَّنه البخاريُّ كما في ((التلخيص الحبير)) (1/247) وقال الترمذي: حسنٌ صحيح، وقال البيهقيُّ: أصحُّ ما رُوي في التوقيتِ في المسح على الخفَّين، وقال ابن العربي في ((أحكام القرآن)) (2/49): ثابت، وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (1/479)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (3/9)، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (5/203)، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (1/83)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (504). .ثانيًا: من الآثار قال ابن حزم: (لا يصحُّ خلافُ التَّوقيتِ عن أحدٍ مِن الصَّحابة إلَّا عن ابنِ عُمَرَ فقط؛ فإنَّنا رُوِّينا من طريق هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: "أنَّه كان لا يوقِّتُ في المسح على الخفَّين شيئًا"، وهذا لا حُجَّة فيه؛ لأنَّ ابن عمر لم يكُن عنده المسحُ ولا عرَفَه، بل أنكَرَه حتى أعْلَمَه به سعدٌ بالكوفةِ، ثم أبوه بالمدينةِ في خِلافَتِه، فلم يكُن في عِلم المَسحِ كَغَيره، وعلى ذلك فقد رُوِيَ عنه التوقيتُ، رُوِّينا من طريق حمَّاد بن زيد عن محمَّد بن عُبَيد الله العرزميِّ، عن نافع، عن ابن عمر قال: "أين السَّائلونَ عن المَسحِ على الخفَّين؟ للمسافِرِ ثلاثًا، وللمُقيم يومًا وليلة"). ((المحلى)) (1/328). 1- عن أبي عُثمان النَّهْديِّ قال: (حضرتُ سعدًا وابنَ عُمَرَ يَختصمانِ إلى عمرَ في المَسحِ على الخفَّين؛ فقال عمر: يَمسَحُ عليهما إلى مِثل ساعَتِه مِن يَومِه ولَيلَتِه) رواه عبد الرزَّاق في ((المصنف)) (1/209). قال ابن حزم في ((المحلى)) (2/87): إسناده لا نظير له في الصحَّة والجلالة، وصحَّح إسنادَه على شرْط الشَّيخين الألبانيُّ في ((تمام النصح)) (91). .2- عن شُرَيحِ بنِ هانئ الحارثي قال: (سألتُ عليًّا عن المَسحِ، فقال: للمسافِرِ ثلاثًا، وللمقيم يومًا وليلة) أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1904)، وذكره ابن حزم في ((المحلى)) (2/88). قال ابن حزم: إسناده في غاية الصحَّة. . انظر أيضا: المبحث الثَّاني: بداية مُدَّة المسح . المبحث الثَّالث: مَن لَبس الخفَّينِ وهو مُقيم ثمَّ سافر. المبحث الرَّابع: إذا مسح وهو مسافر ثمَّ أقام.

تَبتدئ مُدَّة المسحِ مِن أوَّلِ مسْحٍ بعد الحدَث؛ وهو قولُ الأوزاعيِّ ((المجموع)) للنووي (1/487). وأبي ثور ((المجموع)) للنووي (1/487) ، وروايةٌ عن أحمد ((المبدع)) لابن مفلح الحفيد (1/105)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/177) ، وروايةٌ عن داود الظاهريِّ ((المجموع)) للنووي (1/487) ، واختاره ابن المُنذِر ((الأوسط)) لابن المُنذِر (2/93)، ((المبدع)) لابن مفلح الحفيد (1/105). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (وهو المختار الرَّاجح دليلًا). ((المجموع)) (1/487) ، وابنُ باز قال ابن باز: (ابتداءً مِن أوَّل مسحٍ وقَع بعد الحدَث الذي يعقُبُ اللُّبسَ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (29/73). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (تَبتدئ هذه المدَّةُ مِن أوَّل مرَّةٍ مسَح، وليس من لُبس الخفِّ، ولا من الحدَث بعد اللُّبسِ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/160). .الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ للمسافر، ويومًا وليلةً للمقيم)) رواه مسلم (276). .وجه الدَّلالة: أنَّ الحديث صريحٌ بأنَّه يمسَحُ ثلاثةً، ولا يكون ذلك إلَّا إذا كانت المدَّةُ مِن المَسحِ ((المجموع)) للنووي (1/487). .ثانيًا: من الآثارعن أبي عُثمان النَّهديِّ قال: (حضرتُ سعدًا وابنَ عُمَرَ يختصمانِ إلى عُمرَ في المسحِ على الخفَّين؛ فقال عمر: يمسَحُ عليهما إلى مِثل ساعَتِه مِن يَومِه ولَيلَتِه) رواه عبدالرزاق في ((المصنف)) (808)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (531). قال الطحاوي: تواترت الآثار عنه بذلك، وقال ابن حزم في ((المحلى)) (2/87): إسناده لا نظير له في الصحَّة والجلالة، وصحَّح إسنادَه على شرْط الشَّيخين الألبانيُّ في ((تمام النصح)) (91). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: مدَّة المسح للمقيم والمسافر. المبحث الثَّالث: مَن لَبس الخفَّينِ وهو مُقيم ثمَّ سافر. المبحث الرَّابع: إذا مسح وهو مسافر ثمَّ أقام.

المطلب الأوَّل: مَن لَبِسَ الخفَّين وأحْدث وهو مقيمٌ، ولم يمسَحْ إلَّا في السَّفَرمَن لبس الخفَّين وأحْدَث وهو مُقيمٌ، ولم يمسحْ إلَّا في السَّفَرِ؛ فإنَّه يمسَحُ مسْحَ مسافرٍ وابتداءُ مدَّة المسح تكون من أوَّل مَسحٍ بعد الحدَث، انظر المبحث السابق. ، وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/97)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/8، 9). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/488)، وينظر: ((الأم) للشافعي (1/51). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/135)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/212). . الدليلُ مِن السُّنَّةِ:عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ للمسافِرِ، ويومًا وليلةً للمقيم)) رواه مسلم (276). .وجه الدَّلالة: أنَّه حالَ ابتدائِه بالمسحِ كان مُسافرًا وليس مقيمًا؛ ولذا يمسَحُ مسْحَ مسافرٍ؛ ثلاثةَ أيَّامٍ بلياليهنَّ ((المغني)) لابن قدامة (1/212)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/253). .المطلب الثَّاني: مَن لَبِسَ الخفَّين وهو مقيمٌ ولم يُحدِث، ثمَّ سافر، ولم يمسَحْ إلَّا في السَّفَر مَن لَبِس الخفَّينِ وهو مقيمٌ ولم يُحدِث، ثمَّ سافر، ولم يمسَحْ إلَّا في السَّفر؛ فإنَّه يمسَحُ مسْحَ مسافرٍ.الدليلُ مِن الإجماع:إجماعُ كلِّ مَن وقَّت المسحَ للمُسافِر بثلاثةِ أيَّامٍ، وممَّن نقل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ قال النوويُّ: (لَبِس الخفَّ في الحضر وسافر قبل الحدَث، فيَمسَحُ مسْحَ مسافرٍ بالإجماع) ((المجموع)) (1/488). ، والعينيُّ قال العينيُّ: (لو لَبس في الحضر وسافر قبل الحدَث، يمسَحُ مسحَ مسافر بالإجماع) ((البناية)) (1/603). . المطلب الثَّالث: مَن أحدث ومسَحَ في الحَضَر، ثمَّ سافر قبلَ تمامِ يَومٍ وليلةمَن أحدث ومسَحَ في الحَضَر، ثمَّ سافر قبلَ تمامِ يومٍ وليلة، يمسحُ مسْحَ مسافرٍ؛ وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/52)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/8، 9). ، وروايةٌ عن أحمد ((الإنصاف)) للمرداوي (1/177)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/213). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابن حزم: (ومَن مسح في الحَضَرِ ثم سافر- قبل انقضاء اليوم واللَّيلة أو بعد انقضائِهما- مسحَ أيضًا حتى يتمَّ لمسحِه في كلِّ ما مسَحَ في حَضَره وسَفَره معًا ثلاثةُ أيَّامٍ بلياليها). ((المحلَّى بالآثار)) (1/341). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (إذا مسح وهو مقيمٌ، ثمَّ سافر، فإنَّه يُتمُّ مسحَ مُسافر على القول الرَّاجح، وقد ذكَر بعضُ أهل العلم أنَّه إذا مسح في الحضر ثم سافر، أتمَّ مسْح مقيم، ولكن الرَّاجح ما قلناه؛ لأنَّ هذا الرَّجل قد بقِي في مدَّة مسحه شيءٌ قبل أن يسافر وسافَر، فيَصدُق عليه أنَّه من المسافرين الذين يمسحون ثلاثةَ أيَّام، وقد ذُكِر عن الإمام أحمد- رحمه الله أنَّه رجع إلى هذا القول بعد أنْ كان يقول بأنَّه يتمُّ مسْح مقيم). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/175). . الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ للمسافِر، ويومًا وليلةً للمُقيم)) رواه مسلم (276). .وجه الدَّلالة: أنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعلَ للمُسافِرِ أن يَمسح ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ، وهذا مسافِرٌ. ثانيًا: أنَّه سافر قبل مُضيِّ مدَّة المَسحِ، فأشبَهَ مَن سافَر قبل المَسحِ بعد الحدَث ((المغني)) لابن قدامة (1/213). .ثالثًا: أنَّ الغَرَض من الرُّخصة التَّخفيفُ عن المسافرينَ، وهو بزيادةِ المدَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/51). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: مدَّة المسح للمقيم والمسافر. المبحث الثَّاني: بداية مُدَّة المسح . المبحث الرَّابع: إذا مسح وهو مسافر ثمَّ أقام.