يَحرُمُ أكْلُ الأطعمةِ النَّجِسَةِ مِن غيرِ الحيوانِ حالَ الاختيارِ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقولُه تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف: 157].وجهُ الدَّلالةِ: أنَّ اللهَ تعالى نَصَّ على تحريمِ الخبائثِ، والنَّجِسُ خبيثٌ [539] ((المجموع)) للنَّووي (9/35).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةعنِ ابنِ عبَّاسٍ، عن مَيمونةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سُئِل عن فأْرةٍ سَقطَتْ في سَمْنٍ، فقال: ((أَلْقوها وما حَولَها فاطْرَحوه، وكُلوا سَمْنَكم)) [540] أخرجه البُخاري (235).   .وجهُ الدَّلالةِ: أنَّ مَيْتةَ الفأْرةِ نَجِسةٌ، فنَجَّستْ ما حَولَها مِنَ السَّمنِ الجامدِ، ونَجَّسَتِ السَّمْنَ كلَّه إنْ كان مائِعًا، ولو حَلَّ أكْلُه لم يَأمُرْ بإراقتِه [541] ((المجموع)) للنَّووي (9/35).   .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزْمٍ [542] قال ابنُ حَزْم: (واتَّفَقوا على أنَّ أكْلَ النَّجاسةِ وشُربَها حرامٌ، حاشا النَّبيذَ المُسْكِرَ). ((مراتب الإجماع)) (ص 19).   ، وابنُ عبدِ البَرِّ [543] قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (فإنْ أَراد التَّقذُّرَ مِنَ القَذَرِ الَّذي هو النَّجاسةُ، فلا خلافَ في تحريمِ ذلك بيْن العلماءِ، وأنَّه لا يَحِلُّ أكْلُ النَّجاساتِ، ولا استِباحةُ شيْءٍ منها، ويَلزَمُ التَّنزُّهُ عنها لُزومَ فرْضٍ). (الاستذكار)) (5/289).   ، وابنُ القطَّانِ [544] قال ابنُ القطَّان: (واتَّفَقوا أنَّ كلَّ مائِعٍ غيَّرَتْه نجاسةٌ أو مَيْتةٌ، فأَحالَتْ لَونَه أو طعْمَه أو رائحتَه إلى لَونِها أو طعمِها أو رائحتِها؛ فحرامٌ أكْلُه وشُربُه على المُسلِم). ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (1/326).   ، والنَّوويُّ [545] قال النَّوويُّ: (يَحرُمُ أكْلُ نَجِسِ العَينِ، كالمَيْتةِ ولبَنِ الأتانِ والبَولِ وغيرِ ذلك، وكذا يَحرُمُ أكْلُ المُتَنجِّسِ، كاللَّبَنِ والخلِّ والدِّبْسِ والطَّبيخِ والدُّهنِ وغيرِها إذا تنجَّسَتْ، وهذا لا خلافَ فيه). ((المجموع)) (9/36).   ، وابنُ حَجرٍ [546] قال ابنُ حَجَرٍ: (جميعُ النَّجاساتِ بمَثابةِ الدَّمِ، لا فرْقَ بيْنه وبيْنها إجماعًا). ((فتح الباري)) (1/331).   . انظر أيضا: المبحث الثَّاني: ما سُقيَ بالماءِ النَّجِسِ.

يُباحُ أكْلُ الثِّمارِ والحبوبِ الَّتي سُقيَ شجرُها بالماءِ النَّجِسِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّةِ [547] ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (1/239)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/341).   ، والمالكيَّةِ [548] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (1/97)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخراشي (1/88).   ، والشَّافعيَّةِ [549] ((المجموع)) للنَّووي (2/573)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/568).   ، وهو قولُ بعضِ الحنابلةِ [550] ((المغني)) لابن قُدامة (9/414)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/277).   .وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ النَّجاسةَ تَستَحيلُ في باطنِها، فتَطهُرُ بالاستِحالةِ، كالدَّمِ يَستَحيلُ في أعضاءِ الحيوانِ لحمًا، ويَصيرُ لبَنًا [551] ((المغني)) لابن قُدامة (9/414).   .ثانيًا: أنَّه لا عِبرةَ بالأصلِ، بل بوصْفِ الشَّيْءِ في نفْسِه، ومِنَ المُمتنِعِ بَقاءُ حُكمِ الخَبَثِ وقد زال اسمُه ووصْفُه، والحُكمُ تابعٌ للاسمِ والوصفِ، دائرٌ معه وُجودًا وعَدمًا، فالنُّصوصُ المُتناوِلةُ لتحريمِ المَيْتةِ والدَّمِ ولحمِ الخِنزيرِ والخَمْرِ لا تَتناوَلُ الزُّروعَ والثِّمارَ والرَّمادَ والمِلْحَ والتُّرابَ والخَلَّ، لا لفظًا ولا معنًى، ولا نَصًّا ولا قياسًا [552] ((إعلام المُوقِّعين)) لابن القَيِّم (1/298).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: الأطعمةُ النَّجِسَةُ مِن غيرِ الحيوانِ.