يَحرُمُ كُلُّ نَبيذٍ مُسكِرٍ [143] سواءٌ كان من الذُّرةِ أو القَمحِ، أو الشَّعيرِ أو العِنَبِ، أو الزَّبيبِ أو العَسَلِ، أو غيرِ ذلك.   ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ [144] قال ابن تيمية: (وسواءٌ كان نِيئًا أو مطبوخًا، وسواءٌ ذهب ثُلُثاه أو ثُلُثُه؛ أو نصفُه أو غيرُ ذلك. فمتى كان كثيرُه مُسكِرًا حَرُم قَليلُه بلا نزاعٍ بينهم... مناط التَّحريمِ هو السُّكْرُ باتفاقِ الأئمَّةِ). ((مجموع الفتاوى)) (24/200). وقال: (والأصلُ في ذلك «أنَّ كل ما أسكَرَ، فهو حرامٌ» وهذا مذهَبُ جماهيرِ العُلَماءِ الأئمَّة، كما قال الشافعي وأحمد وغيرُهم). ((مجموع الفتاوى)) (34/198).   : الحَنَفيَّةِ [145] على المعتمد في الفتوى. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/47)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/455، 456).   ، والمالِكيَّةِ [146] ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/352)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/422)، ويُنظر: ((التبصرة)) للَّخمي (4/1614).   ، والشَّافِعيَّةِ [147] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/168)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/167)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (4/158).   ، والحَنابِلةِ [148] ((الفروع)) لابن مفلح (10/96)، ((الإقناع)) للحجاوي (4/266)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/116).   .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 90].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ لَفظَ الخَمرِ عامٌّ في كُلِّ مُسكِر؛ فإخراجُ بَعضِ الأشرِبةِ المُسكِرةِ عن شُمولِ اسمِ الخَمرِ لها: تَقصيرٌ به وهَضمٌ لِعُمومِه [149] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (1/168).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِن جَيشانَ- وجَيشانُ مِن اليَمَنِ- فسأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عن شَرابٍ يَشرَبونَه بأرضِهم مِنَ الذُّرَةِ، يقالُ له المِزْرُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوَمُسكِرٌ هو؟ قال: نعم، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُلُّ مُسكِرٍ حرامٌ، وإنَّ اللهَ عَهِدَ لِمَن يَشرَبُ المُسكِرَ أن يَسقِيَه مِن طِينةِ الخَبالِ. قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وما طِينةُ الخبالِ؟ قال: عَرَقُ أهلِ النَّارِ، أو عُصارةُ أهلِ النَّارِ)) [150] أخرجه مسلم (2002).   .2- عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفْتِنا في شَرابَينِ كُنَّا نَصنَعُهما باليَمَنِ: البِتْعُ، وهو مِن العَسَلِ يُنبَذُ حتى يشتَدَّ، والمِزْرُ، وهو من الذُّرَةِ والشَّعيرِ يُنبَذُ حتى يشتَدَّ، قال: وكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أُعطِيَ جوامِعَ الكَلِمِ بخواتِمِه، فقال: كلُّ مسُكرٍ حَرامٌ)) [151] أخرجه البخاري (6124)، ومسلم (1733) واللفظ له.   .3- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((خطَبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكَرَ آيةَ الخَمرِ، فقال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، أرأَيتَ المِزْرَ؟ قال: وما المِزْرُ؟ قال: حَبَّةٌ تُصنَعُ باليَمَنِ، قال: تُسكِرُ؟ قال: نعم، قال: كُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ)) [152] أخرجه النسائي (5605) واللفظ له، وعبد الرزاق في ((الأمالي في آثار الصحابة)) (171). صَحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (5605).   .4- عن دَيلَم الحِمْيَريِّ رضي الله عنه قال: سألتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلتُ: ((يا رسولَ اللهِ، إنَّا بأرضٍ بارِدةٍ نعالِجُ عَمَلًا شَديدًا، وإنَّا نتَّخِذُ شَرابًا مِن هذا القَمحِ نتَقَوَّى به على أعمالِنا، وعلى بَردِ بلادِنا. قال: هل يُسكِرُ؟ قلتُ: نعم. قال: فاجتَنِبوه. قال: قُلتُ: فإنَّ النَّاسِ غَيرُ تاركِيه. قال: فإنْ لم يَترُكوه فقاتِلوهم)) [153] أخرجه أبو داود (3683) واللفظ له، وأحمد (18035). صَحَّحه ابنُ حزم في ((المحلى)) (7/500)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في ((قتل مدمن الخمر)) (63)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3683)، وشعيب الأرناؤوط في تحقيق ((مسند أحمد)) (29/570).   .5- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أسْكَر كثيرُه فقليلُه حرام)) [154] أخرجه أبو داود (3681)، والترمذي (1865)، وابن ماجه (3393)، وأحمد (14703). قال الترمذي: حسن غريب، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (34/197): (قد صحح ذلك غير واحد من الحفاظ) ووثق رجاله ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (4/1394)، والصنعاني في ((سبل السلام)) (4/53)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3393)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (220).   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّه أناط الحُكمَ بعِلَّةِ الإسكارِ؛ فكُلُّ شَرابٍ كان جِنسُه مُسكِرًا حَرامٌ، سواءٌ سَكِرَ منه أو لم يَسكَرْ [155] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (34/194).   . انظر أيضا: المبحث الثَّاني: حُكمُ النَّبيذِ [156] معنى الانتباذِ هنا: أن يُوضَعَ الزَّبيبُ أو التَّمرُ أو نحوُهما في الماءِ ويُشرَبَ نَقيعُه قبل أن يختَمِرَ ويُصبِحَ مُسكِرًا. والنَّبيذُ: هو ما يُعمَلُ مِن الأشربةِ مِن التَّمرِ والزَّبيبِ والعَسَلِ والحِنطةِ والشَّعيرِ وغير ذلك. يقالُ: نَبَذْتُ التَّمرَ والعِنَبَ: إذا طَرَحْتَه في وعاءٍ أو سِقاءٍ، وتَرَكْتَ عليه الماءَ لِيَصيرَ نبيذًا، وسواءٌ كان مُسكِرًا أو غيرَ مُسكِرٍ فإنَّه يقالُ له نَبيذٌ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/511).   غَيرِ المُسكِرِ. المبحث الثَّالِثُ: المَطبوخُ مِن نَبيذِ التَّمرِ ونقيعِ الزَّبيبِ وسائِرِ الأنبِذَةِ . المبحث الرَّابع: الخَليطانِ [176] الخليطانِ: ما يُنبَذُ مِن البُسرِ والتَّمرِ مَعًا، أو مِنَ العِنَبِ والزَّبيبِ، أو منه ومِنَ التَّمرِ، ونحوُ ذلك ممَّا يُنبَذُ مُختَلِطًا؛ لأنَّه يُسرِعُ إليه التغَيُّرُ والإسكارُ. ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص: 666)، ((تاج العروس)) للزبيدي (19/264). ومنه الخُشَّاف: وهو شَرابٌ يُعمَلُ مِنَ الزَّبيبِ والتِّينِ ونَحوِهما من الفَواكِه بعد نَقْعِها أو إغلائِها في الماءِ. يُنظر: ((المعجم الوسيط)) (1/236).   مِنَ الأنبِذَةِ .

يُباحُ نَقعُ الزَّبيبِ، ونَبيذُ التَّمرِ والعِنَبِ وغَيرِهما [157] كالفقاعِ، والسُّوبِية. والفقاع: شرابٌ يُعمَلُ من الشَّعيرِ أو من القَمحِ أو التمر ونحوِه. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للمواق (4/351). والسُّوبِية: شرابٌ يتَّخَذُ مِن الحنطةِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/416)، ((لسان العرب)) لابن منظور (1/477). ما لم يُسكِرْ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [158] ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (6/355)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/45)، ((البناية)) للعيني (12/367)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/248).   ، والمالِكيَّةِ [159] ((التاج والإكليل)) للمواق (4/350)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/232)، ويُنظر: ((المدونة)) لسحنون (4/524).   ، والشَّافِعيَّةِ [160] ((فتح العزيز)) للرافعي (11/275)، ((المجموع)) للنووي (2/564) و(1/93)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/168)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/187)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/203).   ، والحَنابِلةِ [161] ((الفروع)) لابن مفلح (10/101)، ((الإنصاف)) للمرداوي (10/179)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (1/663). الحَنابِلَةُ اشترطوا لحِلِّيَّتِه إذا لم يَغْلِ أو يشتَدَّ أو يمضِ عليه ثلاثةُ أيامٍ.   ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك [162] قال ابنُ حزم: (قد صَحَّ بالنصِّ والإجماعِ المتيَقَّن إباحةُ التمرِ وإباحةُ الزبيب، وإباحةُ نبيذِهما غيرَ مخلوطَينِ). ((المحلى)) (6/178). وقال النووي: (وأمَّا القِسمُ الثاني من النبيذِ، فهو ما لم يشتَدَّ ولم يَصِرْ مُسكِرًا، وذلك كالماءِ الذي وُضِعَ فيه حَبَّاتُ تَمرٍ أو زبيبٍ أو مِشمِش أو عسل أو نحوها، فصار حُلوًا؛ وهذا القِسمُ طاهِرٌ بالإجماعِ، يَجوزُ شُربُه وبَيعُه وسائِرُ التصَرُّفاتِ فيه). ((المجموع)) (2/564). وقال الرحيباني: (والنبيذُ: هو عَصيرُ العِنَب، ونَقيعُ التينِ والتَّمرِ، ونقيعُ الزَّبيبِ والذُّرةِ، والبُرِّ والشَّعيرِ، ونحوها: إذا لم يَغْلِ بنفسِه ويشتَدَّ، أو يمضِ عليه ثلاثةُ أيامٍ؛ فهو باقٍ على إباحتِه إجماعًا). ((مطالب أولي النهى)) (1/663). . الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ الله عنه: ((أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن خَليطِ التَّمرِ والبُسرِ، وعن خَليطِ الزَّبيبِ والتَّمرِ، وعن خَليطِ الزَّهوِ والرُّطَبِ، وقال: انتَبِذوا كُلَّ واحدٍ على حِدَتِه)) [163] أخرجه مسلم (1988).   . وجهُ الدَّلالةِ:في الحديثِ نَصٌّ على أنَّ النَّبيذَ المُتَّخَذَ مِن كُلِّ واحدٍ منهما، مُباحٌ [164] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/46).   .2- عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُنقَعُ له الزَّبيبُ فيَشرَبُه اليومَ والغَدَ وبعدَ الغَدِ إلى مساءِ الثَّالِثةِ، ثمَّ يأمُرُ به فيُسقى، أو يُهْراقُ- وفي روايةٍ: شَرِبَه وسقاه، فإنْ فَضَل شَيءٌ أهراقَه)) [165] أخرجه مسلم (2004).   .وجهُ الدَّلالةِ:الحديثُ فيه جَوازُ شُربِ النَّبيذِ ما دام حُلوًا ولم يتغَيَّرْ ولم يَغْلِ [166] ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (6/471).   .ثانيًا: أنَّ العِبرةَ في التَّحريمِ هي وجودُ صِفةِ الإسكارِ؛ فحيثُ اتَّصَف النَّبيذُ بالإسكارِ فهو حَرامٌ، وحيثُ لم يتَّصِفْ بالإسكارِ فهو مُباحٌ [167] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/342).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: حُكمُ النَّبيذِ المُسْكِرِ . المبحث الثَّالِثُ: المَطبوخُ مِن نَبيذِ التَّمرِ ونقيعِ الزَّبيبِ وسائِرِ الأنبِذَةِ . المبحث الرَّابع: الخَليطانِ [176] الخليطانِ: ما يُنبَذُ مِن البُسرِ والتَّمرِ مَعًا، أو مِنَ العِنَبِ والزَّبيبِ، أو منه ومِنَ التَّمرِ، ونحوُ ذلك ممَّا يُنبَذُ مُختَلِطًا؛ لأنَّه يُسرِعُ إليه التغَيُّرُ والإسكارُ. ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص: 666)، ((تاج العروس)) للزبيدي (19/264). ومنه الخُشَّاف: وهو شَرابٌ يُعمَلُ مِنَ الزَّبيبِ والتِّينِ ونَحوِهما من الفَواكِه بعد نَقْعِها أو إغلائِها في الماءِ. يُنظر: ((المعجم الوسيط)) (1/236).   مِنَ الأنبِذَةِ .

يَحرُمُ شُربُ المَطبوخِ مِن نَبيذِ التَّمرِ ونَقيعِ الزَّبيبِ وسائِر الأنبِذَةِ إذا أسكَرَ [168] أمَّا إذا لم يُسكِرْ فلا يَحرُمُ، كالطِّلاءِ وهو الدِّبسُ، شُبِّهَ بطِلاءِ الإبِلِ، وهو القَطِرانُ الذي يُدهَنُ به، فإذا طُبِخَ عَصيرُ العِنَبِ حتى تمَدَّدَ، أشبَهَ طِلاءَ الإبِلِ، وهو في تلك الحالةِ غالِبًا لا يُسكِرُ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/64). وقال ابن منظور: (الطِّلاءُ: ما طُبِخَ من عصيرِ العِنَبِ حتى ذهب ثُلُثاه). ((لسان العرب)) (15/11).  قال ابن حجر: (وأطبق الجَميعُ على أنَّه إن كان يُسكِرُ حَرُمَ... والذي يظهَرُ أنَّ ذلك يختَلِفُ باختلافِ أعنابِ البلادِ؛ فقد قال ابنُ حزم: إنَّه شاهدَ مِن العصير ما إذا طُبِخَ إلى الثُّلُثِ ينعَقِدُ ولا يصيرُ مُسكِرًا أصلًا، ومنه ما إذا طُبِخَ إلى النِّصفِ كذلك، ومنه ما إذا طُبِخَ إلى الربُعِ كذلك، بل قال: إنه شاهَدَ منه ما يصيرُ رُبًّا خاثِرًا لا يُسكِرُ، ومنه ما لو طُبِخَ لا يبقى غيرُ رُبُعِه لا يَخثُرُ ولا ينفَكُّ السُّكْرُ عنه، قال: فوجب أن يُحمَلَ ما ورد عن الصَّحابةِ مِن أمرِ الطِّلاءِ على ما لا يُسكِرُ بعد الطبخِ). ((فتح الباري)) (10/64). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [169] ((حاشية ابن عابدين)) (6/455).   ، والمالِكيَّةِ [170] ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/442).   ، والشَّافِعيَّةِ [171] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/167)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/187).   ، والحَنابِلةِ [172] ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/119)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/171).   .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقَولُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 90].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ لَفظَ الخَمرِ عامٌّ في كُلِّ مُسكِرٍ؛ فإخراجُ بَعضِ الأشرِبةِ المُسكِرةِ عن شُمولِ اسمِ الخَمرِ لها: تَقصيرٌ به وهَضمٌ لعُمومِه [173] ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (1/168).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةعن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ)) [174] أخرجه مسلم (2002).   .ثالثًا: أنَّه لا عِبرةَ باختِلافِ الأسماءِ، ولا بكَونِه مَطبوخًا أو نِيئًا، وإنَّما العِبرةُ بحَقيقةِ وَصفِ الشَّرابِ، وهو الإسكارُ [175] قال ابن تيمية: (وسواءٌ كان نِيئًا أو مطبوخًا، وسواءٌ ذهب ثُلثاه أو ثُلُثه، أو نِصفُه أو غيرُ ذلك، فمتى كان كثيرُه مُسكِرًا حَرُمَ قَليلُه بلا نزاعٍ بينهم... مناط التحريمِ هو السُّكْرُ باتِّفاقِ الأئمَّةِ). ((مجموع الفتاوى)) (24/200)، وانظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (13/399، 400).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: حُكمُ النَّبيذِ المُسْكِرِ . المبحث الثَّاني: حُكمُ النَّبيذِ [156] معنى الانتباذِ هنا: أن يُوضَعَ الزَّبيبُ أو التَّمرُ أو نحوُهما في الماءِ ويُشرَبَ نَقيعُه قبل أن يختَمِرَ ويُصبِحَ مُسكِرًا. والنَّبيذُ: هو ما يُعمَلُ مِن الأشربةِ مِن التَّمرِ والزَّبيبِ والعَسَلِ والحِنطةِ والشَّعيرِ وغير ذلك. يقالُ: نَبَذْتُ التَّمرَ والعِنَبَ: إذا طَرَحْتَه في وعاءٍ أو سِقاءٍ، وتَرَكْتَ عليه الماءَ لِيَصيرَ نبيذًا، وسواءٌ كان مُسكِرًا أو غيرَ مُسكِرٍ فإنَّه يقالُ له نَبيذٌ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/511).   غَيرِ المُسكِرِ. المبحث الرَّابع: الخَليطانِ [176] الخليطانِ: ما يُنبَذُ مِن البُسرِ والتَّمرِ مَعًا، أو مِنَ العِنَبِ والزَّبيبِ، أو منه ومِنَ التَّمرِ، ونحوُ ذلك ممَّا يُنبَذُ مُختَلِطًا؛ لأنَّه يُسرِعُ إليه التغَيُّرُ والإسكارُ. ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص: 666)، ((تاج العروس)) للزبيدي (19/264). ومنه الخُشَّاف: وهو شَرابٌ يُعمَلُ مِنَ الزَّبيبِ والتِّينِ ونَحوِهما من الفَواكِه بعد نَقْعِها أو إغلائِها في الماءِ. يُنظر: ((المعجم الوسيط)) (1/236).   مِنَ الأنبِذَةِ .

يُكرَهُ شُرْبُ الخَليطَينِ مِن الأنبِذَةِ إذا لم يُسكِرْ [177] قال ابن تيمية: (وأمَّا إذا صار الخليطانِ مُسكِرًا، فإنَّه حرامٌ باتِّفاقِ جماهيرِ عُلَماءِ الأمَّةِ، كأهل الحجاز واليمن، ومصر والشام والبصرة، وفقهاء الحديث، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة؛ فإنَّ هؤلاء جميعًا على أنَّ كُلَّ ما أسكَرَ فقَليلُه حرامٌ، وهو خَمرٌ). ((مختصر الفتاوى المصرية)) للبعلي (ص: 499).   ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [178] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/54)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/117)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (3/31).   ، والشَّافِعيَّةِ [179] ((المجموع)) للنووي (2/566)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/168).   ، والحَنابِلةِ [180] ((الفروع)) لابن مفلح (10/102)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/120)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/172).   .الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِ 1- عن جابرٍ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه نهى أن يُنبَذَ التَّمرُ والزَّبيبُ جَميعًا، ونهى أن يُنبَذَ الرُّطَبُ والبُسرُ جَميعًا)) [181] أخرجه مسلم (1986).   . 2- عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن شَرِبَ النَّبيذَ منكم، فلْيَشْرَبْه زَبِيبًا فَرْدًا، أو تَمرًا فَرْدًا، أو بُسْرًا فَرْدًا)) [182] أخرجه مسلم (1987).   .3- عن أبي قَتادةَ قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَنتَبِذوا الزَّهوَ والرُّطَبَ جَميعًا، ولا تَنتَبِذوا الزَّبيبَ والتَّمرَ جَميعًا، وانتَبِذوا كُلَّ واحدٍ منهما على حِدَتِه)) [183] أخرجه البخاري (5602)، ومسلم (1988) واللفظ له.   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النَّهيَ عن الخَليطَينِ لم يجئْ مَجيءَ تَحريمِ المُسكِرِ؛ فلهذا صار شُربُ الخَليطَينِ مَكروهًا مِن غَيرِ تَحريمٍ [184] ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/443).   .ثانيًا: أنَّ الإسكارَ يُسرِعُ إليه بسَبَبِ الخَلطِ قبل أن يتغَيَّرَ طَعمُه، فيَظُنُّ الشَّارِبُ أنَّه ليس مُسكِرًا، وهو مُسكِرٌ [185] ((المجموع)) للنووي (2/566).   .ثالثًا: أنَّ هذا شَرابٌ لم تَحدُثْ فيه شِدَّةٌ مُطْرِبةٌ، فلم يَحرُمْ بها أصلُ ذلك إذا أُفرِدَ أحَدُهما بالانتِباذِ [186] ((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (3/149).   . انظر أيضا: المبحث الأوَّلُ: حُكمُ النَّبيذِ المُسْكِرِ . المبحث الثَّاني: حُكمُ النَّبيذِ [156] معنى الانتباذِ هنا: أن يُوضَعَ الزَّبيبُ أو التَّمرُ أو نحوُهما في الماءِ ويُشرَبَ نَقيعُه قبل أن يختَمِرَ ويُصبِحَ مُسكِرًا. والنَّبيذُ: هو ما يُعمَلُ مِن الأشربةِ مِن التَّمرِ والزَّبيبِ والعَسَلِ والحِنطةِ والشَّعيرِ وغير ذلك. يقالُ: نَبَذْتُ التَّمرَ والعِنَبَ: إذا طَرَحْتَه في وعاءٍ أو سِقاءٍ، وتَرَكْتَ عليه الماءَ لِيَصيرَ نبيذًا، وسواءٌ كان مُسكِرًا أو غيرَ مُسكِرٍ فإنَّه يقالُ له نَبيذٌ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/511).   غَيرِ المُسكِرِ. المبحث الثَّالِثُ: المَطبوخُ مِن نَبيذِ التَّمرِ ونقيعِ الزَّبيبِ وسائِرِ الأنبِذَةِ .