يجوز المسحُ على الخُفَّينِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/7)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/143)، ((الكافي)) لابن عبدِ البَرِّ (1/176)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/321)، ((الأم)) للشافعي (1/49،50)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/350)، ((المغني)) لابن قدامة (1/206)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/169). .الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابقولُ الله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة: 6].وجه الدَّلالة: أنَّه على قراءة الجرِّ في قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ، تكون (أَرجُلِكم) معطوفةً على قوله: وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ، فتدخُل في ضِمنِ الممسوحِ حين تكونُ مستورةً بالخفِّ ونحوه، كما بيَّنتْه السُّنَّة قال الصَّنعاني: (هو أحسنُ الوجوهِ التي تُوجَّهُ به قراءةُ الجرِّ) ((سبل السلام)) (1/58)، وينظر: ((التمهيد)) لابن عبدِ البَرِّ (24/256)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/157- 159). .ثانيًا: مِن السُّنَّةِ1- عنِ المغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفرٍ، فأهويتُ لِأنزعَ خُفَّيه، فقال: ((دَعْهما؛ فإنِّي أدخلتُهما طاهرتينِ، فمَسَح عليهما)) رواه البخاري (206) واللفظ له، ومسلم (274). .2- وعن عبد اللهِ بنِ عُمرَ، عن سعد بن أبي وقَّاص عن ((النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه مَسَح على الخُفَّين))، وأنَّ عبدَ الله ابن عُمرَ سأل عُمرَ عن ذلك فقال: نعَمْ، إذا حدَّثك شيئًا سعدٌ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا تسألْ عنه غيرَه رواه البخاري (202). . 3- وعن جعفرِ بن عَمرِو بن أُميَّة الضَّمريِّ، أنَّ أباه، أخبره أنَّه ((رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمسحُ على الخُفَّينِ)) رواه البخاري (204). .4- عن همَّام بن الحارث، قال: رأيتُ جريرَ بنَ عبد اللهِ بالَ، ثمَّ توضَّأ ومسَح على خفَّيه، ثم قام فصلَّى، فسُئِل، فقال: ((رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَنَع مِثلَ هذا)) قال إبراهيم: (فكان يُعجِبُهم؛ لأنَّ جريرًا كان مِن آخِر مَن أسلَمَ) رواه البخاري (387) واللفظ له، ومسلم (272). .5- وعن حُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فانتهى إلى سُباطةِ قَومٍ، فبال قائمًا، فتنحَّيْتُ فقال: ادْنُه، فدنوتُ، حتَّى قمتُ عند عَقبَيهِ، فتوضَّأ فمَسح على خفَّيه)) رواه البخاري (224)، ومسلم (273) واللفظ له. .ثالثًا: من الإجماعنقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المبارك قال ابن المُنذِر: (رُوِّينا عن ابن المبارك أنَّه قال: ليس في المسحِ على الخُفَّين اختلافٌ أنَّه جائِزٌ) ((الأوسط)) (2/83). ، وابنُ المُنذِر قال ابن المُنذِر: (أجمع كلُّ مَن نحفَظُ عنه من أهل العلم وكلُّ مَن لَقِيتُ منهم على القَولِ به) ((الأوسط)) (2/82). ، وابن عبدِ البَرِّ قال ابن عبدِ البَرِّ: (عَمِل بالمسحِ على الخفَّين أبو بكر وعُمرُ وعثمان وعليٌّ، وسائِرُ أهل بدر والحديبيَّة، وغيرُهم من المهاجرين والأنصار، وسائرُ الصَّحابة والتابعين أجمعين، وفقهاء المسلمين في جميعِ الأمصار، وجماعةُ أهل الفقه والأثر كلُّهم يُجيز المسحَ على الخفَّين في الحضَر والسَّفر للرِّجال والنِّساء) ((التمهيد)) (11/137). ، والبَغَويُّ قال البغويُّ: (أمَّا المسح على الخُفَّين، فجائزٌ عند عامَّة أهلِ العِلمِ مِن الصَّحابة فمَن بعدهم) ((شرح السنة)) (1/454). ، وابن قُدامة قال ابن قدامة: (المسحُ على الخفَّين جائزٌ عند عامَّة أهل العلم). ((المغني)) (1/206). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمع مَن يُعتدُّ به في الإجماعِ على جوازِ المَسحِ على الخُفَّين في السَّفَر والحضر، سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوزَ للمرأةِ الملازِمة بيتَها، والزَّمِنِ الذي لا يمشي، وإنَّما أنكرتْه الشِّيعةُ والخوارجُ، ولا يُعتدُّ بخلافِهم) ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (3/164). وقال أيضًا: (مذهبُنا ومذهب العلماء كافَّةً جوازُ المسحِ على الخُفَّينِ، في الحَضَر والسَّفَر). ((المجموع)) (1/476). ونُقِل الخلافُ في المسألة عن بعضِ السلف، ورُدَّ على ذلك بأنَّه إمَّا رُوي خلافُه، أو لم يثبتْ عنه, قال ابن المبارك: (وذلك أنَّ كلَّ مَن رُوي عنه من أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كرِه المسحَ على الخفَّين، فقد رُوي عنه غيرُ ذلك) نقلًا عن ((الأوسط)) لابن المُنذِر (2/84). وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (ولم يُروَ عن أحدٍ مِن الصحابة إنكارُ المسحِ على الخفَّين، إلَّا عن ابنِ عبَّاس وعائشةَ وأبي هُرَيرة، فأمَّا ابن عباس وأبو هريرة، فقد جاء عنهما بالأسانيد الصِّحاح خلافُ ذلك، وموافقة لسائرِ الصحابة؛ ذكر أبو بكر بن أبي شَيبة: حدَّثَنا عبد الله بن إدريس، عن فِطر، قال: قلتُ لعطاءٍ: إنَّ عِكرمةَ يقولُ: قال ابنُ عبَّاس: سبَق الكتابُ الخُفَّينِ؟ قال عطاءٌ: كذَبَ عكرمةُ! أنا رأيتُ ابن عبَّاس يمسحُ عليهما. ورَوى أبو زُرعةَ بن عمرو بن جرير عن أبي هُريرَة: أنَّه كان يمسحُ على خُفَّيه. وذكَر الأثرمُ، قال: سمعتُ أحمد ابن حنبل، وقيل له: ما تقولُ فيما رُوي عن أبي هريرة وأبي أيُّوبَ وعائشةَ في إنكار المسحِ على الخُفَّين؟ فقال: إنما رُوي عن أبي أيُّوب أنَّه قال: حُبِّب إليَّ الغَسلُ، فإنْ ذهَب ذاهبٌ إلى قول أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ حُبِّب إليَّ الغسلُ لم أعِبْه، قال: إلَّا أن يترُكَ رجلٌ المسحَ ولا يراه كما صنع أهلُ البِدَع، فهذا لا يُصلَّى خَلْفَه، ثم قال: نحن لا نذهَبُ إلى قول أبي أيُّوب، ونرى المسحَ أفضلَ، ثم قال: ومَن تأوَّل تأويلًا سائغًا لا يخالِفُ فيه السَّلفَ، صَلَّيْنا خلفَه، وإنْ كنَّا نرى غيرَه... قال أبو عمر: لا أعلَمُ أحدًا من الصحابة جاء عنه إنكارُ المسحِ على الخُفَّين ممَّن لا يُختلفُ عليه فيه، إلَّا عائشةَ، وكذلك لا أعلَمُ أحدًا من فقهاءِ المسلمين رُوي عنه إنكارُ ذلك إلَّا مالكًا، والروايات الصِّحاحُ عنه بخلافِ ذلك، موطَّؤُه يشهَدُ للمسحِ على الخُفَّين في الحَضَر والسَّفَر، وعلى ذلك جميعُ أصحابِه وجماعةُ أهل السُّنة، وإنْ كان من أصحابنا مَن يستحبُّ الغَسلَ ويُفضِّلُه على المسحِ من غيرِ إنكارٍ للمسح). ((الاستذكار)) (1/217). وقال الكاسانيُّ: (فالمسحُ على الخُفَّين جائزٌ عند عامَّة الفقهاء، وعامَّةِ الصحابة رَضِيَ اللهُ عنهم، إلَّا شيئًا قليلًا رُوي عن ابن عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه لا يجوزُ). ((بدائع الصنائع)) (1/7). وقال ابنُ رشد: (فأمَّا الجوازُ، ففيه ثلاثة أقوال: القولُ المشهور أنَّه جائزٌ على الإطلاقِ، وبه قال جمهورُ فقهاءِ الأمصار. والقول الثاني: جوازُه في السَّفر دون الحضَر. والقول الثالث: مَنعُ جوازه بإطلاق، وهو أشدُّها، والأقاويلُ الثلاثةُ مرويَّةٌ عن الصَّدر الأوَّل، وعن مالكٍ). ((بداية المجتهد)) (1/18). وقال ابنُ تيميَّة: (وخفِي أصلُه على كثيرٍ من السَّلَف والخلَف، حتى أنكرَه بعضُ الصحابة، وطائفةٌ من أهل المدينة، وأهل البيت، وصنَّف الإمامُ أحمد كتابًا كبيرًا في "الأشربة" في تحريمِ المُسكِر، ولم يذكُر فيه خلافًا عن الصَّحابة، فقيل له في ذلك، فقال: هذا صحَّ فيه الخلافُ عن الصَّحابة، بخلاف المُسكِر، ومالكٌ مع سَعةِ عِلمه وعلوِّ قدْره أنكرَه في روايةٍ، وأصحابُه خالفوه في ذلك. قلت: وحكَى ابنُ أبي شيبة إنكارَه عن عائشةَ، وأبي هريرة، وابن عباس، وضعَّف الروايةَ عن الصحابةِ بإنكارِه غيرُ واحدٍ، والله أعلم). ((الفتاوى الكبرى)) (5/303). . انظر أيضا: المبحث الثَّاني: المسح على الجوارب. المبحث الثَّالث: المسح على النَّعلينِ . المبحث الرابع: حُكم المسح على اللَّفائف. المبحث الخامس: هل الأفضلُ المسحُ على الخُفَّين، أم خَلْعهما وغَسْل الرِّجلينِ؟ .

المطلب الأوَّل: حُكمُ المسحِ على الجَواربِيجوزُ المسحُ على الجَوربينِ في الجملة الجوربان: تثنيةُ جَوربٍ، وهو لِباسُ الرِّجل، ويُسمِّيه العامَّة (شراب). انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/259)، ((تاج العروس)) للزبيدي (2/156). ، وهو مذهب الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/499)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/364). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/124، 125)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/215). ، والظَّاهريَّة ((المحلى)) لابن حزم (1/321). ، وبه قال أبو يوسفَ، ومحمَّد بن الحسن ((المبسوط)) للسرخسي (1/96)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/10) ، ورُوي رجوعُ أبي حنيفة إليه في مرَضِه ((المبسوط)) للسرخسي (1/96)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/10) ، وبه قال بعضُ السَّلف قال ابن حزم: (فَهُم- عمر وعليٌّ، وعبد الله بن عمرو، وأبو مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أُمامة، وابن مسعود، وسعد، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث- لا يُعرَفُ لهم ممَّن يُجيزُ المسحَ على الخفَّينِ مِن الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم مخالِفٌ. ومن التَّابعين: سعيدُ بن المسيَّب وعطاء، وإبراهيمُ النَّخَعي والأعمش، وخِلَاس بن عمرو، وسعيد بن جبير، ونافع مولى ابن عمر، وهو قولُ سفيان الثوريِّ، والحسن بن حي، وأبي يوسف، ومحمَّد بن الحسن، وأبي ثور، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وداود بن عليٍّ، وغيرهم). ((المحلى بالآثار)) (1/323).  قال النوويُّ: (حكَى أصحابنا عن عُمر وعليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما جوازَ المسحِ على الجورَبِ، وإنْ كان رقيقًا). ((المجموع)) (1/500). ، واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (يجوزُ المَسحُ على الجوربين، وهما: ما يُنسَجُ لِسَترِ القدَمينِ من قُطنٍ أو صوفٍ أو غيرهما، كالخفَّين في أصحِّ قولَي العلماء؛ لأنَّه قد ثبَت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه (مسح على الجَوربينِ والنَّعلين)، وثبَت ذلك عن جماعةٍ من أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَضِيَ اللهُ عنهم؛ ولأنَّهما في معنى الخفَّينِ في حُصولِ الارتفاقِ بهما). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/112). ، وابنُ عثيمين قال ابنُ عثيمين: (القول الراجح: أنَّه يجوزُ المسحُ على الجَوربِ المخرَّقِ، والجوربِ الخفيف الذي تُرى من ورائِه البَشَرة؛ لأنَّه ليس المقصودُ مِن جواز المسحِ على الجورَبِ ونحوه أن يكون ساترًا). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/167). .الدليلُ مِن الآثار:عمَلُ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم، وحكَى فيه إجماعَهم: ابنُ حزم قال ابن حزم: (وقد رُوي أيضًا عن عبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقَّاص، وسَهْل بن سعد وعمرو بن حُرَيث، وعن سعيد بن جُبَير ونافع مولى ابن عمر؛ فَهُم- عمر وعليٌّ، وعبد الله بن عمرو وأبو مسعود، والبراء بن عازب وأنس بن مالك، وأبو أُمامة وابن مسعود، وسعد، وسهل بن سعد، وعمرو بن حُرَيث- لا يُعرف لهم ممَّن يُجيزُ المسحَ على الخفَّين من الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم مخالِفٌ). ((المحلى)) (1/324). ، وابن قُدامة قال ابن قدامة: (... لأنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم مسَحوا على الجوارِبِ، ولم يظهرْ لهم مخالِفٌ في عَصرِهم؛ فكان إجماعًا). ((المغني)) (1/215). .المطلب الثَّاني: المسحُ على الجوارِبِ إذا لم تكُن صفيقةً اختلف أهلُ العِلمِ في جوازِ المَسحِ على الجوارِبِ، إذا لم تكُن صفيقةً صفيقةٌ: جمع صَفيقٍ: أي ثَخينٍ غيرِ شفَّاف، بحيث لا تُرى البَشَرةِ معه. ((لسان العرب)) لابن منظور (10/204)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/231). ، وذلك على قولينِ: القول الأوّل: يجوزُ المسحُ على الجَوربينِ مطلقًا، ولو لم يكونا صَفيقينِ، وهذا مَذهَبُ الظَّاهريَّة ((المحلى)) لابن حزم (1/321). ، وبه قال بعضُ السَّلف قال النوويُّ: (حكَى أصحابُنا عن عمر وعليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما جوازَ المسحِ على الجورب، وإنْ كان رقيقًا). ((المجموع)) (1/500) ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (القول الرَّاجح: أنَّه يجوز المسحُ على الجورَبِ المخرَّق، والجورَبِ الخفيف الذي تُرى مِن ورائه البَشَرة؛ لأنَّه ليس المقصودُ مِن جواز المسحِ على الجورب ونحوه أن يكونَ ساترًا). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/167). ؛ وذلك لأنَّ المقصودَ مِن جوازِ المَسحِ على الخفِّ والجوربِ، ونحوهما، الرُّخصةُ للمُكلَّف، والتسهيلُ عليه، بحيث لا يلزَمُه خلْعُ الجورَبِ، أو الخفِّ عند الوضوءِ، وهذه العلَّة يستوي فيها الخفُّ أو الجورَبُ؛ المخرَّقُ والسَّليمُ، والخفيفُ والثَّقيلُ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/167). . القول الثاني: لا يجوزُ المسحُ على الجوارِبِ إذا لم تكن صفيقةً، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/269)، ((الفتاوى الهندية)) (1/32). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/499). ، والحنابلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/61)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/215). ، وهو اختيارُ ابنِ باز قال ابن باز: (مِن شرْطِ المسحِ على الجوارِبِ: أن يكونَ صفيقًا ساترًا، فإنْ كان شفَّافًا لم يجُزِ المسحُ عليه؛ لأنَّ القدَم- والحال ما ذُكر- في حُكمِ المكشوفة). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/110). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه إذا لم يكن صفيقًا، فإنَّه لا يُمكِنُ متابعةُ المشيِ عليه؛ ولذا لم يجُزِ المسحُ عليه ((المجموع)) للنووي (1/500). . ثانيًا: أنَّ الرَّقيقَ ليس بساتر، فإذا كان شفَّافًا، فالقدَمُ في حُكمِ المكشوفة ((المغني)) لابن قدامة (1/215)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/110). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم المسحِ على الخُفَّين. المبحث الثَّالث: المسح على النَّعلينِ . المبحث الرابع: حُكم المسح على اللَّفائف. المبحث الخامس: هل الأفضلُ المسحُ على الخُفَّين، أم خَلْعهما وغَسْل الرِّجلينِ؟ .

لا يجوز المسحُ على النَّعلينِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ قال الماوردي: (مسح النَّعلينِ لا يُجزئُ عن مسح الرِّجلينِ بالإجماع). ((الحاوي الكبير)) (1/127، 128). : الحنفيَّة ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (1/97)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/157). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/319)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) (1/143). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/500)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/49)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/127، 128). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/111)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/214). ، وذلك لأنَّه إذا مسَحَ على نَعلَيه، فإنَّه حينئذٍ لم يغسِلْ رِجليه، ولم يمسَحْ على ساترٍ لها، فلم يأتِ بالأصلِ، ولا بالبَدلِ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/346). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم المسحِ على الخُفَّين. المبحث الثَّاني: المسح على الجوارب. المبحث الرابع: حُكم المسح على اللَّفائف. المبحث الخامس: هل الأفضلُ المسحُ على الخُفَّين، أم خَلْعهما وغَسْل الرِّجلينِ؟ .

اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ المَسح ِعلى اللَّفائِفِ اللَّفائف: جمع لِفافة، وهي ما يُلفُّ على الرِّجلِ وغَيرِها. ((لسان العرب)) لابن منظور (9/317). على قَولينِ:القول الأوّل: لا يجوز المسحُ على اللَّفائِفِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/95-96)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/10). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/319)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/332). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/498)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/364، 365). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/198)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/216). ، وحُكيَ فيه الإجماعُ قال ابنُ قدامة: (لا يجوز المسحُ على اللَّفائِفِ والخِرَقِ... وذلك لأنَّ اللِّفافةَ لا تثبُتُ بِنَفسِها، إنَّما تثبُتُ بشدِّها، ولا نعلَمُ في هذا خلافًا). ((المغني)) (1/216، 217) .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ اللفائفَ لا تُسمَّى خُفًّا، ولا هي في معناه، والرُّخصةُ إنما جاءت في مَسحِ الخفَّين. ثانيًا: أنَّ الخِرَقَ ونحوها لا تعمُّ الحاجةُ إليها، كما أنَّه لا مشقَّةَ في نَزعِها ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/10)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/324). .القول الثاني: يجوز المسحُ على اللَّفائِفِ، وهو وجهٌ للحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/137)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/185). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (الصوابُ: أنْ يمسحَ على اللَّفائِفِ، وهي بالمسحِ أَوْلى من الخفِّ والجورَبِ؛ فإنَّ تلك اللَّفائِفَ إنَّما تُستعمَلُ للحاجةِ في العادة، وفي نزْعِها ضررٌ، إمَّا إصابةٌ بالبَرد، وإمَّا التأذِّي بالحَفاءِ، وإمَّا التأذِّي بالجُرح... ومَن ادَّعى في ذلك إجماعًا فليس معه إلَّا عَدَمُ العِلمِ، ولا يمكِنُه أن ينقُل المنعَ عن عشرةٍ مِن العُلَماءِ المشهورين، فضلًا عن الإجماعِ...). ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (21/185). ، وابنُ عثيمين سُئل ابن عثيمين: هل يدخُل في معنى الخفِّ اللَّفائفُ؟ فأجاب: (نعَمْ، يدخل في معنى الخفِّ اللَّفائفُ؛ لأنَّ اللَّفائفَ يُعذر فيها صاحبُها أكثرَ من الخفِّ؛ لأنَّ الذي يخلَعُ الخفَّ ثم يغسِلُ الرِّجل ثم يَلبَس الخفَّ، أسهَلُ من الذي يحُلُّ هذه اللَّفائِفَ ثم يُعيدُها مرةً أُخرى، فإذا كان الخفُّ قد أباح الشرعُ المسحَ عليه، فاللِّفافة من باب أَوْلى). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/168). وقال ابن حزم: (المسحُ على كلِّ ما لُبِس في الرِّجلين- ممَّا يحِلُّ لباسُه، ممَّا يبلُغُ فوق الكعبين، سُنَّةٌ، سواء كانا خفَّينِ من جلودٍ أو لبود، أو عودٍ أو حَلفاء، أو جوربين من كَتَّان أو صُوفٍ أو قُطن، أو وبَر أو شَعر- كان عليهما جلدٌ أو لم يكُن- أو جُرموقَين [الجُرموق: خُفٌّ صغير يُلبَس فَوق الخُفِّ]، أو خفَّين على خفَّين، أو جَوربين على جَوربين، أو ما كثُرَ من ذلك، أو هِراكَس [هو حِذاء رِيفيٌّ من الجِلد]). ((المحلى)) (1/321). ؛ وذلك قياسًا على الخفِّ، فإذا كان الخفُّ قد أباح الشرعُ المسحَ عليه، فاللِّفافةُ من باب أَوْلى؛ فمَن يَلبَسها غالبًا يكون مِن أهل الحاجةِ، ولُبْسُها يكون للبَردِ أو للتأذِّي بالحَفاءِ، أو للتأذِّي بالجُرحِ ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (21/185)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/168). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم المسحِ على الخُفَّين. المبحث الثَّاني: المسح على الجوارب. المبحث الثَّالث: المسح على النَّعلينِ . المبحث الخامس: هل الأفضلُ المسحُ على الخُفَّين، أم خَلْعهما وغَسْل الرِّجلينِ؟ .

المسحُ لِلابِسِ الخُفَّين أفضَلُ مِن خَلعِهما وغَسْلِ الرِّجلين لكن قد يجِبُ المسح على الخُفَّين إذا خشِي خروج الوقتِ، أو نحوه . انظر: ((الدر المختار)) للحصكفي (1/285)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/264)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (1/199-200) ، وهو مذهَبُ الحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/128)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/60). ، وقولُ بعضِ الحنفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/570)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/264). ، وهو قَولُ بعضِ السَّلف قال الشِّنقيطيُّ: (ذهبت طائفةٌ من أهل العِلمِ إلى أنَّ المسحَ أفضَلُ، وهو أصحُّ الرِّوايات عن الإمام أحمد، وبه قال الشَّعبيُّ، والحَكم، وحمَّاد) ((أضواء البيان)) (1/340). ، واختيارُ ابن المُنذِر قال ابن حجر: (قال ابن المُنذِر: اختلف العلماء أيُّهما أفضلُ: المسح على الخفَّين، أو نزعُهما وغَسلُ القدَمين؟ قال: والذي أختارُه أنَّ المسحَ أفضَلُ؛ لأجْل مَن طعَنَ فيه من أهل البِدع من الخوارج والرَّوافض، قال: وإحياءُ ما طعَن فيه المخالِفونَ مِن السُّنن أفضَلُ مِن ترْكِه) ((فتح الباري)) (1/305). ، وابنِ تيميَّة قال ابنُ القيِّم: (ولم يكن [صلَّى اللهُ عليه وسلَّم] يتكلَّف ضدَّ حالِه التي عليها قَدَماه، بل إنْ كانتا في الخفِّ، مسَحَ عليهما ولم يَنزِعْهما، وإنْ كانتَا مكشوفَتينِ، غسَل القَدَمينِ ولم يَلبَس الخفَّ ليمسحَ عليه، وهذا أعدلُ الأقوالِ في مسألةِ الأفضل من المسحِ والغَسل؛ قاله شيخُنا، واللهُ أعلم). ((زاد المعاد)) (1/199). ، وابن القيِّم ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/199). ، والشِّنقيطيِّ قال الشِّنقيطيُّ- بعد أن ذكَر خلافَ العُلَماءِ في أيهما أفضَل-: (أظهَرُ ما قيل في هذه المسألة عندي، هو ما ذكَره ابن القيِّم، وعزاه لشيخه تقيِّ الدِّين، وهو أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكُن يتكلَّفُ ضدَّ حاله التي كان عليها قَدَماه، بل إن كانتا في الخُفِّ، مسَحَ عليهما ولم ينزِعْهما، وإنْ كانتا مكشوفَتينِ، غسَل القَدَمينِ ولم يَلبَس الخفَّ ليمسَحَ عليه، وهذا أعدلُ الأقوالِ في هذه المسألةِ ا.هـ). ((أضواء البيان)) (1/340). ، وابن باز قال ابن باز: (فإنْ خَلَعَهما وغسَل رِجليه بعد غسْل الوَجهِ واليدين والمسحِ على الرأس والأذُنينِ؛ فلا بأس، لكن ذلك خِلافُ السُّنَّة). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/107). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (الأفضل أن تَمسحَ ولا تَخلع؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم قال للمُغيرة لَمَّا أراد أن يخلَع خفَّيْهِ- قال: ((دَعْهما؛ فإنِّي أدخلتُهما طاهِرَتينِ)).). ((اللقاء الشهري)) رقم (23). وقال رحمه الله: (بل إنَّ المسحَ على الخفَّين أفضلُ إذا كان الإنسانُ لابسًا لهما). ((شرح رياض الصالحين)) (1/110). . الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِعن عُروةَ بن المُغيرةِ، عن أبيه قال: كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفرٍ، فأهويتُ لِأنزعَ خُفَّيه، فقال: ((دَعْهما؛ فإنِّي أدخلتُهما طاهِرَتينِ، فمَسَح عليهما)) رواه البخاري (206) واللفظ له، ومسلم (274). .ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكنْ يتكلَّفُ ضدَّ حالِه التي عليها قَدَماه، بل إنْ كانتا في الخفِّ، مسَحَ عليهما ولم يَنزِعْهما، وإنْ كانتَا مكشوفَتينِ، غسَل القَدَمينِ ولم يَلبَس الخفَّ ليمسحَ عليه ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/199). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم المسحِ على الخُفَّين. المبحث الثَّاني: المسح على الجوارب. المبحث الثَّالث: المسح على النَّعلينِ . المبحث الرابع: حُكم المسح على اللَّفائف.