المطلب الأوَّل: حُكْمُ كفَّارةِ قَتلِ الصَّيدِيجب الجزاءُ في قتلِ الصَّيدِ في الجملةِ .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [المائدة: 95].ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقلَ الإجماعَ على ذلك في الجملةِ: ابنُ المُنذِر قال ابن المنذر: (أجمعوا على أنَّ المحرمَ إذا قتل صيدًا، عامدًا لقتله، ذاكرًا لإحرامِه؛ أنَّ عليه الجزاءَ) ((الإجماع)) (ص: 53). ، وابنُ رُشد قال ابن رشد: (أجمع العُلماءُ على أنَّ المُحْرِمَ إذا قتل الصَّيدَ أنَّ عليه الجزاءَ؛ للنَّصِّ في ذلك) ((بداية المجتهد)) (1/359). ، وابنُ قُدامة قال ابن قُدامة: (وجوبُ الجزاءِ على المُحْرِم بقَتْلِ الصَّيدِ في الجملة، وأجمَعَ أهل العلم على وجوبِه) ((المغني)) (3/437). .المطلب الثاني: كفَّارةُ قَتلِ الصَّيدِيُخيَّر المُحْرِمُ إذا قتَلَ صيدًا بين ذبْحِ مِثلِه، والتصدُّقِ به على المساكينِ، وبينَ أن يقوَّمَ الصَّيدُ، ويَشتري بقيمَتِه طعامًا لهم، وبين أن يصومَ عن إطعامِ كلِّ مُدٍّ يومًا، أمَّا إذا قتل المُحْرِمُ ما لا يُشْبِهُ شيئًا من النَّعم، فإنَّه يُخيَّر بين الإطعامِ والصِّيامِ، وهذا مَذهَبُ الجمهورِ: المالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (2/82)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/835). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/156)، ((المجموع)) للنووي (7/423). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/361)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/452). . الدَّليل مِنَ الكِتابِ: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [المائدة: 95].المطلب الثالث: مكانُ ذَبْحِ الهَدْيِ في جزاءِ الصَّيدِيجب أن يكونَ ذَبْحُ الهَدْيِ الواجِبُ في جزاءِ الصَّيدِ، في الحَرَمِ، وهذا مَذهَبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة ((الهداية)) للميرغيناني (1/186)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/224). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/187،191)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/187). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/376)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/416). ، وهو قَولُ ابنِ حَزْمٍ قال ابن حزم: (لا يجوزُ نَحْرُ البُدُنِ والهَدْيِ في غيرِ الحَرَمِ، إلَّا ما خصَّه النصُّ مِن هَدْيِ المُحصَر, وهَدْيِ التطوُّع إذا عَطِبَ قبل بلوغِه مكَّةَ) ((المحلى)) (7/156). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقولُه تعالى في جزاءِ الصَّيدِ: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه لو جاز ذبحُه في غيرِ الحَرَمِ؛ لم يكن لذِكْرِ بُلوغِه الكعبةَ معنًى ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/224)، ((الهداية)) للميرغيناني (1/186). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نحَرْتُ ها هنا، ومِنًى كلُّها منحَرٌ)) رواه مسلم (1218) ، 2- وعنه أيضًا مرفوعًا: ((هذا المنحَرُ, وفِجاجُ مكَّةَ كُلُّها مَنحرٌ)) رواه أبو داود (1937)، وابن ماجه (3048)، وأحمد (146538)، والدارمي (1879). حسنه الزيلعي في ((نصب الراية)) (3/162)، وصححه ابن الملقن في البدر المنير (6/427)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1937): حسن صحيح. .وَجهُ الدَّلالةِ:قوله: ((وفِجاجُ مكَّة كلُّها مَنحرٌ)) فيه أنَّه في أيِّ موضعٍ مِن نواحي مكَّةَ ينحَرُ الهَدْيَ جاز؛ لأنَّها مِن أرضِ الحَرَمِ ((شرح المشكاة)) للطيبي (6/1989). وفي فتوى اللجنة الدائمة: (كلُّ ما كان داخِلَ الأميالِ المنصوبة على حدودِ الحَرَمِ، فهو من الحرمِ؛ لقول النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وكلُّ فِجاجِ مكَّة طريقٌ ومَنحَرٌ) ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (10/399 .ثالثًا: أنَّ الهَدْيَ اسمٌ لِمَا يُهدى إلى مكانِ الهدايا، ومكانُ الهدايا الحَرَمُ؛ وإضافةُ الهدايا إلى الحرمِ ثابتةٌ بالإجماعِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/224)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/163). .رابعًا: أنَّ هذا دمٌ يجِبُ للنُّسُك؛ فوجَبَ أن يكونَ في مكانِه، وهو الحَرَمُ ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (22/226). .المطلب الرابع: توزيعُ الصَّدقةِ على مساكينِ الحَرَمِيُشتَرَط أن توزَّعَ الصدقةُ على مساكينِ الحَرَمِ فائدة: قال ابنُ عُثيمين: (مساكينُ الحرم: من كان داخِلَ الحرمِ من الفقراء، سواءٌ كان داخِلَ مكَّة، أو خارِجَ مكَّة، لكنَّه داخل حدودِ الحَرمِ، ولا فرق بين أن يكون المساكينُ مِن أهلِ مكَّة، أو من الآفاقِيِّينَ، فلو أنَّنا وجَدْنا حُجَّاجًا فقراءَ، وذَبَحْنا ما يجب علينا من الهديِ وأعطيناه إيَّاهم؛ فلا بأس، والدَّليلُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمر عليًّا أن يتصَدَّقَ بلحمِ الإبِلِ التي أهداها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم يستثنِ أحدًا، فدلَّ هذا على أنَّ الآفاقيَّ مثلُ أهلِ مكَّة؛ ولأنهم أهلٌ أن يُصرَف لهم، وهل المرادُ بالمساكينِ، الفقراءُ والمساكينُ، أو المساكينُ فقط؟ الجواب: المرادُ الفقراءُ والمساكينُ؛ لأنَّه إذا جاء لفظُ المساكين وحده، أو لفظُ الفقراءِ وحده، فكلُّ واحدٍ منهما يشمل الآخَرَ، وأمَّا إذا جاء لفظُ المساكينِ، ولفظُ الفقراءِ، فالفقراءُ أشدُّ حاجةً من المساكينِ، كما بينَّا ذلك في كتابِ الزكاة) ((الشرح الممتع)) (7/204-205). ، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/156) ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/452، 46)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/449). ، واختاره الشنقيطيُّ قال الشنقيطي: (ذهب بعض العلماء إلى أنَّه لا يُطعِمُ إلَّا في الحَرَم، وذهب بعضُهم إلى أنَّه يُطعِمُ في موضع إصابةِ الصَّيدِ، وذهب بعضُهم إلى أنه يُطعِم حيث شاء، وأظهَرُها أنه حقٌّ لمساكينِ الحَرَم; لأنه بدلٌ عن الهدي، أو نظيرٌ له، وهو حقٌّ لهم إجماعًا، كما صرَّح به تعالى بقوله: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) ((أضواء البيان)) (1/445). ، وابنُ باز قال ابن باز: (وهكذا الصَّيدُ يكون جزاؤه في الحَرَم، إذا كان جزاؤُه غيرَ الصيام، كالذَّبح والطعام يكونُ لمساكينِ الحرم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/128). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عُثيمين: (ولو ذبَحَه في مِنًى، وفرَّقه في عَرَفةَ، والطَّائف، والشَّرائع، أو غيرها من الحِلِّ، لم يجزِئْ؛ لأنَّه لا بدَّ أن يكون لمساكينِ الحَرَم؛ وعلى هذا فيضمَنُ اللَّحمَ بمثله لمساكينِ الحَرَم. وذهب بعضُ العلماء إلى أنَّه لو ذبحه خارج الحرم، وفرَّقه في الحرَمِ أجزأه؛ لأن المقصودَ نفعُ فقراءِ الحَرَمِ وقد حصل، وهذا وجهٌ للشافعية، ولا ينبغي الإفتاءُ به إلا عند الضرورةِ، كما لو فعل ذلك أناسٌ يجهلونَ الحُكْمَ، ثم جاؤوا يسألون بعد فَواتِ وقت الذبح، أو كانوا فقراءَ؛ فحينئذٍ ربما يسَعُ الإنسانَ أن يُفتيَ بهذا القول) ((الشرح الممتع)) (7/207). . الدَّليل مِنَ الكِتابِ:قولُه تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ في حُكْمِ الهديِ ما كان بدلًا عنه من الإطعامِ؛ فيجب أن يكون مِثلَه كذلك، بالِغَ الكعبةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/460). .المطلب الخامس: موضِعُ الصِّيامِيجوزُ الصِّيامُ في أيِّ موضعٍ ((المبسوط)) للسرخسي (4/179)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/334)، ((التاج والإكليل)) للمواق (3/180)، ((المجموع)) للنووي (7/438)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/452). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقوله تعالى: أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه أطلَقَ الصِّيامَ، ولم يقيِّدْه بشيءٍ، والواجِبُ البقاءُ على إطلاقاتِ النُّصوصِ، وعدمُ التَّصرُّفِ بتقييدِها مِن غيرِ دليلٍ ((المجموع)) للنووي (7/438)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/452). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابن عَبدِ البَرِّ: (لا خلافَ في الصِّيامِ؛ أن يصومَ حيثُ شاء) ((الاستذكار)) (4/272). ، وابنُ قُدامة قال ابن قُدامة: (أما الصِّيامُ فيجزئه بكلِّ مكانٍ؛ لا نعلم في هذا خلافًا، كذلك قال ابن عباس، وعطاء، والنخعي، وغيرهم) ((المغني)) (3/471). .ثالثًا: أنَّ الصِّيامَ لا يتعدَّى نفعُه إلى أحدٍ، فلا معنى لتخصيصِه بمكانٍ، بخلافِ الهَدْيِ والإطعامِ؛ فإنَّ نَفعَه يتعدَّى إلى من يُعطَاه ((الاستذكار)) لابن عَبدِ البَرِّ (4/272)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/471). .رابعًا: أنَّ الصَّومَ عبادةٌ تختصُّ بالصَّائِمِ لا حقَّ فيها لمخلوقٍ؛ فله فِعْلُها في أيِّ موضعٍ شاء ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/445). .المطلب السادس: اشتراطُ التَّتابُعِ في الصِّيامِ لا يُشتَرَطُ التتابُعُ في الصِّيامِ ((المبسوط)) للسرخسي (4/179)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/334)، ((التاج والإكليل)) للمواق (3/180)، ((المجموع)) للنووي (7/438)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/452). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقوله تعالى: أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه أطلَقَ الصِّيامَ، ولم يقيِّدْه بشيءٍ، والواجِبُ البقاءُ على إطلاقاتِ النُّصوصِ، وعدمُ التَّصرُّفِ بتقييدِها مِن غيرِ دليلٍ ((المجموع)) للنووي (7/438)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/452). .ثانيًا: من الإجماعنقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ قال النووي: (الصومُ الواجِبُ هنا يجوز متفرِّقًا ومتتابعًا؛ نصَّ عليه الشافعي، ونقله عنه ابنُ المنذر، ولا نعلم فيه خلافًا) ((المجموع)) (7/438). . انظر أيضا: المبحث الثاني: الجزاءُ في الصَّيدِ. المبحث الثالث: صَيدُ الحَرَمِ. المبحث الرابع: ما لا يدخُلُ في الصَّيدِ. المبحث الخامس: أحكامُ الأكْلِ مِنَ الصَّيدِ، والدلالةُ عليه.

المطلب الأوَّل: تعريفُ المِثْلِيِّالمِثْليُّ: ما كان له مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، أي: مُشابِهٌ في الخِلْقةِ والصورةِ؛ للإبِلِ أو البَقَرِ أو الغَنَمِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ قال ابن تيميَّة: (ومَذهَب أهلِ المدينةِ ومَن وافقَهم- كالشافعي وأحمد- في جزاءِ الصَّيد: أنَّه يضمَنُ بالمِثْل في الصورة، كما مضت بذلك السُّنَّة وأقضِيَة الصحابةِ) ((مجموع الفتاوى)) (20/352). : المالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (3/179)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/331). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/157)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/463)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/350). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقولُه تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الذي يُتصوَّرُ أن يكون هديًا، هو ما كان مِثْلَ المقتولِ مِنَ النَّعَمِ، فأمَّا القيمةُ فلا يُتصَوَّرُ أن تكون هَدْيًا، ولا جَرى لها ذكرٌ في نفْسِ الآيةِ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/443). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةعن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الضَّبُعِ يُصيبُه المُحْرِمُ كَبْشًا)) رواه أبو داود (3801)، وابن ماجه (3085)، والدارمي (1941). صحَّحه البخاريُّ، كما في ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (3/920) وابن دقيق في ((الاقتراح)) (125)، وقال ابن كثير ((إرشاد الفقيه)) (1/326): إسنادُه على شرط مسلم، وله متابِعٌ من حديث ابن عباس مرفوعًا، وإسنادُه لا بأس به، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2522)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (221). .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا حَكَمَ في الضَّبُعِ بكبشٍ, عَلِمْنا من ذلك أنَّ المماثَلةَ إنَّما هي في القَدِّ وهيئةِ الجِسْمِ؛ لأنَّ الكَبشَ أشْبَهُ النَّعَمِ بالضَّبُع ((المحلى)) لابن حزم (7/227). .المطلب الثاني: ما قَضى به الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم مِنَ المِثْليِّما قضى به الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم مِنَ المِثْليِّ؛ فإنَّه يجِبُ الأخذُ به قال ابن قُدامة: (وأجمع الصحابةُ على إيجابِ المِثْل) ((المغني)) (3/441). ، وما لا نَقْلَ فيه عنهم؛ فإنَّه يَحكُمُ بمِثْلِه عَدْلانِ مِن أهلِ الخِبرةِ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/439)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/380)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351). ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ منهم: عطاء، وإسحاق، وداود. ((المجموع)) للنووي (7/439)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين قال ابن عُثيمين: (والنوعُ الذي له مِثْلٌ نوعان أيضًا: نوعٌ قضت الصحابة به، فيُرجَعُ إلى ما قَضَوا به، وليس لنا أن نعدِلَ عما قَضَوْا به، ونوعٌ لم تقْضِ به الصحابةُ، فيَحْكُم فيه ذوا عدلٍ مِن أهلِ الخبرةِ، ويحكمانِ بما يكون مماثِلًا) ((الشرح الممتع)) (7/211). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ ما تقدَّمَ فيه حُكمٌ مِن عَدلَينِ من الصَّحابةِ، أو ممَّنْ بعدهم، فإنَّه يُتَّبَعُ حُكْمُهم، ولا حاجةَ إلى نظَرِ عَدْلينِ وحُكْمِهما; لأنَّ الله تعالى قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ، وقد حكَمَا بأنَّ هذا مِثْلٌ لهذا؛ وعَدالَتُهم أوكَدُ مِن عدالَتِنا؛ فوجَبَ الأخذُ بحُكْمِهم ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/446). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةعن العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((عليكم بسُنَّتِي، وسُنَّةِ الخُلفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ)) رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وأحمد (17184) قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن عَبدِ البَرِّ في ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/1164)، والجورقاني في ((الأباطيل والمناكير)) (1/472): وابنُ تيميَّة في ((مجموع الفتاوى)) (20/309)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/582). .ثالثًا: أنَّ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم إذا حَكَمُوا بشيءٍ، أو حَكَمَ بعضُهم به، وسكت باقوهم عليه؛ صار إجماعًا، وما انعقَدَ الإجماعُ عليه فلا يجوزُ الاجتهادُ فيه؛ ولأنَّ العُدولَ عما قَضَوْا به يؤدِّي إلى تخطِئَتِهم ((الذخيرة)) للقرافي (3/331)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291). .رابعًا: أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم شاهَدوا الوحيَ، وحَضَروا التَّنزيلَ والتَّأويلَ، وهم أقرَبُ إلى الصَّوابِ، وأبصَرُ بالعِلْمِ، وأعرَفُ بمواقِعِ الخِطابِ؛ فكان حُكْمُهم حُجَّةً على غيرِهم؛ كالعالِمِ مع العامِّيِّ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291 )، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351)، .المطلب الثالث: ما يجِبُ في صيدِ الدَّوابِّ والطُّيورِ مِنَ الجَزاءِالفرع الأوَّل: ما يجِبُ في صيدِ الدَّوابِّ في النَّعامة بَدَنةٌ، وفي بَقَرِ الوَحْشِ وحمارِ الوَحْشِ بقرةٌ إنسيَّةٌ، وفي الضَّبُعِ كَبشٌ الكَبْشُ: فَحْلُ الضَّأنِ. ((لسان العرب)) لابن منظور (6/ 338). ، وفي الغَزالِ عَنْزٌ العَنْزُ: الماعزة، وهى الأنثى من المعْزِ. ((الصحاح)) للجوهري (3/ 887). ، وفي الأرنبِ عَناقٌ العَناق: الأنثى من ولَدِ المعز قبلَ استكمالِها الحَوْل. ((المصباح المنير)) للفيومي (2/432). ، وفي اليَرْبوعِ اليربوع: حيوانٌ يُشبِه الفأرة، لكنَّه أطوَلُ منها رِجلًا، وله ذَنَبٌ طويل، وفي طَرَفِه شعرٌ كثيرٌ. ((النهاية)) لابن الأثير (5/295)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/213). جَفْرةٌ الجَفْرةُ: هي الأنثى من وَلَد المَعْزِ إذا كان ابنَ أربعةِ أشهُرْ وفُصِلَ عن أمِّه. ((فتح الباري)) (9/270)، وينظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، وفي الضَّبِّ جَدْيٌ الجَدْيُ: الذَّكَرُ من أولادِ المعْز. ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 93)، ((لسان العرب)) لابن منظور (14/ 135). ، وما لا مِثْلَ له، فإنَّه يحكُمُ بمِثْلِه حَكَمانِ عَدْلانِ، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/431)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/385)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351). .الأدلَّة قال ابن تيميَّة: (وأمَّا إجماعُ الصَّحابةِ؛ فإنه رُوِيَ عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وابن الزبير؛ أنَّهم قَضَوْا في النعامة ببدنةٍ، وفي حمارِ الوحش وبقرةِ الأَيْلِ والتيتل والوَعْل ببقرة، وفي الضبُع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي اليربوع بجفرة، وإنما حكموا بذلك للمماثلةِ في الخلقة، لا على جهةِ القيمةِ؛ لوجوهٍ: أحدها: أنَّ ذلك مُبَيَّنٌ في قَصَصِهم... الثاني: أنَّ كل واحدٍ من هذه القضايا تعدَّدَتْ في أمكنةٍ وأزمنةٍ مختلفة، فلو كان المحكومُ به قيمَتَه؛ لاختلفت باختلافِ الأوقات والبِقاعِ، فلمَّا قَضَوْا به على وجهٍ واحدٍ عُلِمَ أنَّهم لم يعتبروا القيمةَ) ((شرح العمدة - كتاب الحج)) (2/283). قال ابن عُثيمين: (فهذا كله قضى به الصحابة، منه ما روي عن واحدٍ من الصحابة، ومنه ما روي عن أكثر من واحد، فإذا وجدنا شيئًا من الصيود لم تحكم به الصحابة، أقمنا حكمين عدلين خبيرين، وقلنا: ما الذي يشبه هذا من بهيمة الأنعام؟ فإذا قالوا: كذا وكذا، حكمنا به، وإذا لم نجد شيئًا محكومًا به من قبل الصحابة، ولا وجدنا شبهًا له من النعم، فيكون من الذي لا مثل له، وفيه قيمة الصيد قلَّت أم كثُرت) ((الشرح الممتع)) (7/214). :أدلَّة أنَّ في النَّعامةِ بَدَنةًأوَّلًا: مِنَ الآثارِعنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ، وعليَّ بنَ أبي طالبٍ، وعُثمانَ بنَ عفَّانَ، وزيدَ بنَ ثابتٍ، قالوا في النَّعامةِ قَتَلَها المُحْرِمُ: بَدَنةٌ من الإبِلِ) رواه عبد الرزاق في ((المصنف)) (4/398) .ثانيًا: أنَّه لا شيءَ أشبَهُ بالنَّعامةِ مِنَ النَّاقةِ؛ في طُولِ العُنُقِ, والهيئةِ، والصُّورةِ ((المحلى)) لابن حزم (7/227). .أدلَّةُ أنَّ في بَقَرةِ الوَحشِ وحِمارِ الوَحْشِ بقرةً:أوَّلًا: مِنَ الآثارِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (وفي البَقَرةِ بَقَرةٌ، وفي الحِمارِ بَقَرةٌ) رواه الدارقطني (2/247)، والبيهقي (10151). وانظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/228)، ((الحاوي الكبير)) للمرداوي (4/292)، ((المجموع)) للنووي (7/425)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/442). .ثانيًا: أنَّ حِمارَ الوَحشِ وبَقَرةَ الوَحْشِ أشبَهُ بالبقرة؛ لأنَّهما ذوا شعْرٍ وذَنَبٍ سابغٍ؛ وليس لهما سَنامٌ؛ فوجب الحكمُ بالبَقَرةِ لقوةِ المُماثَلةِ، أمَّا الناقةُ فليست كذلك؛ فهي ذاتُ وَبَرٍ وذَنَبٍ قصيرٍ وسَنامٍ ((المحلى)) لابن حزم (7/228). .أدلَّة أنَّ في الضَّبُعِ كَبشًا:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةعن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الضَّبُعِ يُصيبُه المُحْرِمُ كَبشًا)) رواه أبو داود (3801)، وابن ماجه (3085)، والدارمي (1941) وصحَّحه البخاريُّ، كما في ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (3/920) واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (1/132)،، وصححه ابن دقيق في ((الاقتراح)) (125)، وقال ابن كثير ((إرشاد الفقيه)) (1/326): إسنادُه على شرط مسلم، وله متابِعٌ من حديث ابن عباس مرفوعًا، وإسنادُه لا بأس به، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2522)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (221). .ثانيًا: مِنَ الآثارِ1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/495)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245) .2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: (في الضَّبُعِ كَبشٌ) رواه الشافعي (7/180)، وابن أبي شيبة (3/675). وانظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/227). .3- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: (في الضَّبُعِ كَبشٌ) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/495)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (8225)، والبيهقي (10167) قال النووي في ((المجموع)) (7/426): إسناده صحيح أو حسن، وحسن إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/244) إذا كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه. .4- وبه قضى: ابنُ عمر, وجابر, وقد بلغ ابنَ الزُّبيرِ قولُ عُمَرَ فلم يخالِفْه، رَضِيَ اللهُ عنهم جميعًا ((المحلى)) لابن حزم (7/227)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/442). .أدلَّة أنَّ في الظَّبْيِ عَنْزًا:1- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ، وفى الغزالِ بعَنْزٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (4/76)، والبيهقي (5/183) (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245). .2- عن محمَّدِ بنِ سيرينَ: (أنَّ رجلًا جاء إلى عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، فقال: إنِّي أَجْرَيتُ أنا وصاحبٌ لي فَرَسينِ نَسْتَبِقُ إلى ثُغْرةِ ثَنِيَّةٍ، فأصَبْنا ظبْيًا ونحن مُحْرمانِ، فماذا ترى؟ فقال عُمَرُ لرجلٍ إلى جَنْبِه: تعالَ حتى أحكُمَ أنا وأنت، قال: فحَكَما عليه بعَنْزٍ، فولَّى الرجلُ وهو يقول: هذا أميرُ المؤمنينَ لا يستطيعُ أن يحكُمَ في ظَبيٍ حتى دعا رجُلًا يحكُمُ معه، فسَمِعَ عُمَرُ قولَ الرَّجُلِ فدعاه، فسأله: هل تقرَأُ سُورةَ المائدةِ؟ قال: لا، قال: فهل تعرِفُ هذا الرَّجُلَ الذي حكَمَ معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبَرْتَني أنَّك تقرَأُ سورةَ المائدةِ؛ لأوجَعْتُك ضَرْبًا، ثمَّ قال: إنَّ اللهَ تبارك وتعالى يقولُ في كتابه يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95]. وهذا عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ)، وفي روايةٍ عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه حكَمَ هو وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ في ظبيٍ بعَنْزٍ) رواه مالك في ((الموطأ)) (3/608)، والشافعي في ((الأم)) (7/254)، والبيهقي (5/180) (10142). قال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/323): منقطع إلا أنه يستأنس به في هذا، ومثله يشتهر عن أمير المؤمنين عمر.. .3- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكَبْشٍ، وفي الغزالِ بعَنْزٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245). .أدلَّة أنَّ في الأرنَبِ عَناقًا:1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكَبشٍ، وفي الغزالِ بعَنزٍ، وفي الأرنبِ بعَناقٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245). .2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه قضى في الأرنَبِ بعَناقٍ، وقال: هي تمشي على أربعٍ، والعَناقُ كذلك، وهي تأكُلُ الشَّجَرَ، والعَناقُ كذلك، وهي تجتَرُّ، والعناقُ كذلك) رواه البيهقي (10170) .3- وجاء أيضًا: عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ, وعمرو بن حبشي، وعطاء ((المحلى)) لابن حزم (7/228)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/443). .أدلَّةُ أنَّ في اليَربوعِ جَفرةً:1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ، وفي الغزالِ بعَنْزٍ، وفي الأرنبِ بعَناقٍ، وفي اليَرْبوعِ بجَفْرةٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245). .2- عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه قضى في اليَرْبوع بجَفْرٍ أو جَفْرةٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/532)، والبيهقي (10173). وصححه ابن حزم في ((الحيرة والالتباس)) (2/750)، وقال البيهقي: مرسل .3- وجاء ذلك أيضًا: عن ابنِ عمر، وابن عباس رَضِيَ اللهُ عنهم، وبه قال عطاء ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/443). .دليلُ أنَّ في الضَّبِّ جَدْيًا:عن طارقٍ قال: (خَرَجْنا حُجَّاجًا، فأوطَأَ رجلٌ يُقال له أَربدُ، ضبًّا ففزَرَ ظَهْرَه، فقَدِمْنا على عُمَرَ، فسأله أربدُ، فقال عُمرُ: احكم يا أربَدُ، فقال: أنتَ خيرٌ مني يا أميرَ المؤمنين وأعلَمُ، فقال عمر: إنَّما أمَرْتُك أن تحكُمَ فيه، ولم آمُرْكَ أن تزكِّيَني، فقال أربدُ: أرى فيه جَدْيًا قد جمع الماءَ والشَّجَر، فقال عُمَرُ بذلك فيه) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/500)، والبيهقي (10149). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/425)، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/401). وينظر: ((الحاوي الكبير)) (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/443). .الفرع الثاني: ما يجِبُ في صَيدِ الطُّيورِفي أنواعِ الحَمامِ الحمام: ما عبَّ وهَدَر، وعَبَّ: أي شَرِبَ نَفَسًا نَفَسًا، والهديرُ صوتُ الحمامِ كلِّه. ((تهذيب اللغة)) للأزهري (4/12). شاةٌ، عند أكثَرِ أهلِ العِلمِ قال ابن المنذر: (أجمعوا أنَّ في حمام الحَرَم شاةً، وانفرد النعمان، فقال: فيه قيمَتُه) ((الإجماع)) (ص: 54). ، وما عداه فإنَّه تجِبُ فيه القيمةُ، سواء كان أصغَرَ منه أو أكبَرَ، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/158)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/373)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/352، 354). ، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ منهم عثمان وابن عمر ونافع بن عبد الحارث وعطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير وقتادة. ينظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/229)، ((المجموع)) للنووي (7/424، 440). .أدلَّة أنَّ في أنواعِ الحَمَام شاةٌ:الأدلَّة مِنَ الآثارِ:1- عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه حكم في الحمامةِ شاة) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/505) حسن إسناده ابن حجر في ((التلخيص)) (2/285) .2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (في حمامةِ الحَرَمِ شاةٌ) رواه الدارقطني (2/247)، البيهقي (10151) وصححه ابن حزم في ((الإعراب عن الحيرة والالتباس)) (2/750)، وصحح إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/247) .أدلَّة أنَّ ما كان أكبَرَ أو أصغَرَ من الحمامِ فإنَّ فيه قيمَتَه:أوَّلًا: مِنَ الآثارِ 1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (في كلِّ طيرٍ دون الحمامِ قِيمَتُه) رواه البيهقي (5/206)، وانظر: ((المجموع)) للنووي (7/441). .2- وعنه قال: (ما كان سِوى حَمامِ الحَرَمِ، ففيه ثَمَنُه إذا أصابَه المُحرِمُ) أخرجه البيهقي (10305) صحح إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/247). ثانيا: أنَّ ما كان أصغَرَ مِن الحمامِ أو أكبَرَ فيضمَنُ بالقيمةِ؛ لأنَّه لا مِثْلَ له مِنَ النَّعَمِ ((المجموع)) للنووي (7/424). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: كفَّارةُ قتلِ المُحْرِمِ للصَّيدِ. المبحث الثالث: صَيدُ الحَرَمِ. المبحث الرابع: ما لا يدخُلُ في الصَّيدِ. المبحث الخامس: أحكامُ الأكْلِ مِنَ الصَّيدِ، والدلالةُ عليه.

يحرُمُ الصَّيدُ في الحَرَمِ على المُحْرِمِ، وعلى الحَلالِ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةعنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الفتحِ: ((إنَّ هذا البلدَ حَرَّمَه اللهُ يومَ خَلَقَ السَّمواتِ والأرضَ، فهو حرامٌ بحُرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، وإنَّه لم يحِلَّ القتالُ فيه لأحدٍ قبلي، ولم يحِلَّ لي إلَّا ساعةً مِن نهارٍ، فهو حرامٌ بحُرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامَةِ، لا يُعضَدُ شَوكُه، ولا يُنَفَّرُ صَيدُه، ولا يَلتَقِطُ إلَّا مَن عَرَّفَها، ولا يُختَلى خَلاها)) رواه البخاري (3189)، ومسلم (1353) واللفظ له. .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ قال ابن المنذر: (أجمعوا على أنَّ صَيدَ الحَرَم حرامٌ على الحلالِ والمُحْرِم، وأجمعوا على تحريمِ قَطْعِ شجَرِها) ((الإجماع)) (ص:60). ، والنَّوويُّ قال النووي: (أمَّا صيد الحرمِ فحرامٌ بالإجماعِ على الحلال والمُحْرِم، فإنْ قَتَلَه فعليه الجزاءُ عند العلماء كافةً، إلا داودَ، فقال: يأثَمُ ولا جزاءَ عليه) ((شرح النووي على مسلم)) (9/125). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: كفَّارةُ قتلِ المُحْرِمِ للصَّيدِ. المبحث الثاني: الجزاءُ في الصَّيدِ. المبحث الرابع: ما لا يدخُلُ في الصَّيدِ. المبحث الخامس: أحكامُ الأكْلِ مِنَ الصَّيدِ، والدلالةُ عليه.

المطلب الأوَّل: الهوامُّ والحَشَراتُلا تدخُلُ الهوامُّ والحَشَراتُ في تحريمِ الصَّيدِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/570)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/196)، ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/316)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/341). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/439)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/284، 303). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال الماوردي: (ضَرْبٌ لا جزاءَ في قتله إجماعًا، وذلك الهوامُّ وحشراتُ الأرض؛ فالهوامُّ: كالحيَّة والعقرب، والزنبور، والحشراتُ: كالدود والخنافس والجُعولِ) ((الحاوي الكبير)) (4/ 341). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه لم يأتِ في تحريمِ صَيْدِها على المُحْرِمِ شيءٌ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 439). . ثانيًا: لأنَّه لا مِثلَ له ولا قيمةَ، والضَّمانُ إنما يكون بأحدِ هَذينِ الشَّيئينِ ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/303). .المطلب الثاني: قَتلُ الفَواسِقِ الخَمِسْللمُحْرِمِ قتلُ الفواسِقِ الخَمْسِ: الحِدَأةِ الحِدَأَةُ: طائر من الجوارِحِ ينقَضُّ على الجِرذان والدواجن والأطعمة ونحوها. ((لسان العرب)) لابن منظور (1/54) ((المعجم الوسيط))(1/159). ، والغرابِ، والفَأْرةِ، والعَقْربِ، والكَلبِ العَقورِ الكلبُ العَقور: هو كل ما عَقَرَ النَّاسَ وعدا عليهم وأخافهم؛ مثل: الأسد والنَّمِر والفهد والذِّئب، وهذا قول الجمهور، وقيل: المراد بالكَلبِ هنا الكلبُ خاصَّةً ولا يلتحِقُ به في هذا الحكم سوى الذئبِ. ينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (4/39). ، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة قال ابن المنذر: (ثبت أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: خمسٌ لا جُناحَ على مَن قتلهنَّ في الإحرام، فذكر الفأرة. ورُوِّينا إباحةَ ذلك عن أبي سعيد الخدري، وبه قال مالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ومن تبعهم، وقال عطاء في الجرذ الوحشي: ليس بصيدٍ؛ فاقتُلْه، ومنع النخعي المُحْرِمَ من قتل الفأرة، وهذا لا معنى له، لأنه خلاف السنَّة، وقولِ أهل العلم) ((الإشراف)) (3/254-255). وقال النووي: (واتفق جماهيرُ العلماء على جوازِ قتلهن في الحِلِّ والحرم والإحرامِ، واتفقوا على أنَّه يجوز للمُحْرِم أن يقتُلَ ما في معناهنَّ، ثم اختلفوا في المعنى فيهن وما يكون في معناهن) ((شرح النووي على مسلم)) (8/113). وقال ابن قُدامة: (وله أن يقتُلَ الحِدأةَ، والغرابَ، والفأرة، والعقربَ، والكلبَ العقور، وكلَّ ما عدا عليه، أو آذاه، ولا فداءَ عليه، هذا قول أكثرِ أهلِ العلم؛ منهم الثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وحُكِيَ عن النخعي أنه منع قتلَ الفأرة، والحديثُ صريحٌ في حِلِّ قَتلِها، فلا يُعوَّلُ على ما خالفه) ((المغني)) (3/314). : الحنفية ((الهداية)) للمرغيناني (1/172)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/36). ، والمالكية ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/386)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/366)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/314). المالكية اختلفوا في قتل صغار الحدأة، قال النفراوي: (ولذلك اتفقوا على قتل كبيرها، وجرى الخلاف في صغيرها، فمن نظر إلى الحال منع، ومن نظر إلى المآل أجاز، وعلى المنع لا جزاء في قتلها مراعاة للجواز) ((الفواكه الدواني)) (2/821). ، والشافعية ((المجموع)) للنووي (7/333،334)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/146). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/439)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/314). ، وحُكي الإجماع على ذلك قال ابن المنذر: (أجمعوا على ما ثبت من خبرِ النبيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم مِن قتل التي يقتلُها المُحْرِم، وانفرد النخعيُّ، فمنع مِن قتل الفأرةِ) ((الإجماع)) (ص: 54). وقال البغوي: (قال الإمام: اتَّفق أهل العلم على أنه يجوز للمُحْرم قتلُ هذه الأعيان المذكورة في الخبر، ولا شيء عليه في قَتْلِها إلا ما حكيَ عن النخعي أنه قال لا يَقتُل المحرمُ الفأرة، ولم يذكر عنه فيه فدية، وهو خلافُ النص، وأقاويل أهل العلم) ((شرح السنة)) (7/267-268). وحكاه ابنُ عَبدِ البَرِّ في الجملةِ فقال: (أجمع العلماءُ على القول بجملةِ معنى أحاديث هذا الباب، واختلفوا في تفصيلها) ((الاستذكار)) (4/151). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة1- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((خمسُ فواسِقَ يُقتلْنَ في الحَرَمِ: الفأرةُ، والعَقربُ، والحُدَيَّا، والغرابُ، والكلبُ العَقورُ)) رواه البخاري (3314) واللفظ له، ومسلم (1198) .2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قالتْ حفصةُ رَضِيَ اللهُ عنها: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((خمسٌ من الدَّوابِّ لا حَرَجَ على مَن قتَلَهنَّ: الغرابُ، والحِدَأةُ، والفأرةُ، والعَقربُ، والكلبُ العَقورُ)) رواه البخاري (1828) واللفظ له، ومسلم (1199). .المطلب الثالث: قتلُ المُؤذِياتِ من الحَيَوانات للمُحرِمِ قَتلُ كُلِّ ما آذاه، سواءٌ كان مِن طَبْعِه الأذى أو لم يكُنْ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((خمسُ فواسِقَ، يُقتلنَ في الحَرَمِ: الفأرةُ، والعقربُ، والحُدَيَّا، والغرابُ، والكلبُ العَقورُ)) رواه البخاري (3314) واللفظ له، ومسلم (1198) .وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الخَبَرَ نصَّ من كل جنسٍ على صورةٍ مِن أدناه؛ تنبيهًا على ما هو أعلى منها، ودلالةً على ما كان في معناها، فنصُّه على الحِدَأةِ والغرابِ تنبيهٌ على البازيِّ ونحوه، وعلى الفأرةِ تنبيهٌ على ما يؤذي من الحشراتِ، وعلى العقربِ تنبيهٌ على الحيَّة، وعلى الكلبِ العقور تنبيهٌ على السِّباعِ التي هي أعلى منه ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/303). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المنذر قال ابنُ المنذر: (أجمع كلُّ من يُحفظ عنه من أهل العلم، على أن السَّبُعَ إذا بدأ المُحْرِمَ، فقتله، لا شيءَ عليه) ((الإجماع)) (ص: 54). ، وابنُ حزمٍ قال ابن حزم: (أجمعوا أنَّ المحْرم يقتُلُ ما عدا عليه من الكلابِ الكبار والحديان الكبارِ، وأنَّه لا جزاء عليه فيما قتَلَه من ذلك) ((مراتب الإجماع)) (ص: 43). .ثالثا: أنَّ كُلَّ مدفوعٍ لأذاه فلا حُرمةَ له ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/146). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: كفَّارةُ قتلِ المُحْرِمِ للصَّيدِ. المبحث الثاني: الجزاءُ في الصَّيدِ. المبحث الثالث: صَيدُ الحَرَمِ. المبحث الخامس: أحكامُ الأكْلِ مِنَ الصَّيدِ، والدلالةُ عليه.

%%المطلب الأوَّل: مَن صِيدَ لأجلِه !%%مَن صِيدَ لأجلِه فإنَّه يحرُمُ عليه أكلُه، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (2/78-79). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/324). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/338). ، واختارَه داودُ الظاهريُّ ((المجموع)) للنووي (7/324). ، وبه قال بعضُ السَّلَفِ قال ابن المنذر: (وقال عطاء، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: يأكلُه إلَّا ما صِيدَ مِن أجلِه، وروي بمعناه عن عثمانَ بنِ عفَّان) ((الإشراف)) (3/249). وقال شمس الدين ابن قُدامة: (وإنْ صِيدَ مِن أجلِه حَرُمَ عليه أكْلُه، يُروى ذلك عن عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه، وبه قال مالك والشافعي) ((الشرح الكبير)) (3/289). .الأدلَّة مِنَ السُّنَّة: 1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((عن الصَّعبَ بنَ جثَّامةَ اللَّيثيَّ أنه أهدى لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حمارًا وحشيًّا، وهو بالأبواءِ أو بودَّانَ، فردَّه عليه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رأى ما في وجْهِه، قال: إنَّا لم نَرُدَّه عليك إلَّا أنَّا حُرُمٌ)) رواه البخاري (1825)، ومسلم (1193). .2- عن عبدِ اللهِ بنِ عامرِ بنِ ربيعةَ قال: ((رأيتُ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه بالعَرْجِ في يومٍ صائفٍ، وهو مُحرِمٌ وقد غطَّى وجهَه بقطيفةِ أُرجوانٍ، ثم أُتيَ بلَحْمِ صيدٍ، فقال لأصحابه: كلُوا، قالوا: ألا تأكُلُ أنت؟ قال: إنِّي لستُ كهَيأَتِكم، إنمَّا صِيدَ مِن أجلي)) رواه مالك (1/354)، والشافعي في ((الأم)) (8/674)، والبيهقي (10211). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/268)، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/398). .%%المطلب الثاني: إذا صاد المُحِلُّ صَيدًا وأطعَمَه المُحْرِمَ، فهل يكون حَلالًا للمُحْرِمِ؟!%%إذا صاد المُحِلُّ صَيدًا، وأطعَمَه المُحْرِمَ دون أن يُعينَه بشيءٍ على صَيدِه، فإنَّه يَحِلُّ للمُحرمِ أكلُه، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (2/565)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (2/68). ، والمالكيَّة ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/372).    ، والشَّافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/779).        ، والحَنابِلَة ((المغني)) لابن قُدامة (3/291)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/436). ، وحكاه الكاسانيُّ عن عامَّةِ العُلماءِ قال الكاساني: (ويحِلُّ للمُحرِمِ أكلُ صَيدٍ اصطاده الحلالُ لنَفسِه، عند عامَّةِ العلماء) ((بدائع الصنائع)) (2/205). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقوله تعالى: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا[المائدة: 96].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ كلمةَ: (صَيْد) مصدرٌ، أي: حُرِّم عليكم أن تصيدُوا صَيدَ البَرِّ، وليس بمعنى مَصيدٍ قال ابن كثير: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا أي: في حالِ إحرامِكم يحرُمُ عليكم الاصطيادُ؛ ففيه دلالةٌ على تحريمِ ذلك) ((تفسير ابن كثير)) (3/200). .ثانيًا: مِنَ السُّنَّة1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومِنَّا المُحْرِمُ، ومنا غيرُ المُحْرِمِ، فرأيتُ أصحابي يتراءَوْنَ شيئًا، فنظَرْتُ، فإذا حمارُ وحشٍ- يعني وَقَعَ سَوطُه- فقالوا: لا نُعينُكَ عليه بشَيءٍ؛ إنَّا مُحْرمونَ، فتَناوَلْتُه فأخَذْتُه، ثم أتيتُ الحمارَ مِن وراءِ أكَمَةٍ فعَقَرْتُه، فأتيتُ به أصحابي، فقال بعضُهم: كُلُوا، وقال بعضُهم: لا تأكُلُوا، فأتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو أمامَنا، فسألْتُه، فقال: كُلُوه؛ حلالٌ)) رواه البخاري (1823)، ومسلم (1196). .ثالثًا: أنَّ المُحْرِمَ ليسَ له أثرٌ في هذا الصَّيدِ؛ لا دَلالة، ولا إعانة، ولا مشاركة، ولا استقلالًا، ولا صِيدَ مِن أجْلِه؛ فلم يُمنَعْ منه ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/ 149). .%%المطلب الثالث: الدَّلالةُ على الصَّيدِ!%%%%الفرع الأوَّل: إذا دلَّ المُحْرِمُ حلالًا على صيدٍ فقَتَله!%%اختلف الفقهاءُ فيما إذا دلَّ المحْرِمُ حلالًا على صيدٍ فقَتَله، على قولينِ:القول الأوّل: إذا دلَّ المُحْرِمُ حلالًا على صيدٍ فقَتَله، يلزَمُ المحرِمَ جزاؤُه، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/68)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/28). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/336)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/288). ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ قال ابن قُدامة: (ويضمنُ الصَّيد بالدَّلالة، فإذا دلَّ المحرِمُ حلالًا على الصيدِ فأتلَفَه، فالجزاءُ كلُّه على المحْرِم؛ روي ذلك عن عليٍّ وابن عباس وعطاء ومجاهد، وبكر المزني، وإسحاق، وأصحاب الرأي) ((المغني)) (3/288). ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (وكما يَحرُمُ قتلُ الصيد تحرُمُ الإعانةُ عليه بدَلالةٍ أو إشارةٍ أو إعارةِ آلةٍ لصيدِه أو لذبحِه، وإذا أعان على قتلِه بدَلالةٍ أو إشارةٍ أو إعارةِ آلةٍ ونحو ذلك، فهو كما لو شَرَك في قتله، فإن كان المُعانُ حلالًا، فالجزاءُ جميعه على المُحرِم، وإن كان حرامًا اشتركا فيه) ((شرح عمدة الفقه)) (3/182). ، والشنقيطيِّ قال الشنقيطي: (فذهب الإمامُ أحمد وأبو حنيفة إلى أنَّ المُحْرِمَ الدَّالَّ يلزَمُه جزاؤه كاملًا... وهذا القول هو الأظهر) ((أضواء البيان)) (1/440-441). ، وحُكيَ فيه الإجماعُ قال البابرتي: (قال عطاء: أجمع النَّاسُ على أنَّ على الدَّالِّ الجزاءَ؛ قال الطحاوي: ولم يُروَ عن أحدٍ من الصحابة خلافُ ذلك؛ فصار ذلك إجماعًا) ((العناية شرح الهداية)) (3/70). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِ أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنهم: ((هل منكم أحدٌ أمَرَه، أو أشارَ إليه بشيء)) جزء من حديث رواه البخاري (1824)، ومسلم (1196) واللفظ له. .وَجهُ الدَّلالةِ:أنه علَّق الحِلَّ على عَدَمِ الإشارةِ؛ فأحرى ألَّا يَحِلَّ إذا دلَّه باللَّفْظِ، فقال هناك صيدٌ، ونحوَه ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/70). .ثانيًا: أنَّه قَولُ عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، ولا يُعرَفُ لهما مخالِفٌ من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم ((المغني)) لابن قُدامة (3/288). .ثالثًا: أنَّه سببٌ يُتوصَّلُ به إلى إتلافِ الصَّيدِ؛ فتعلَّقَ به الضَّمانُ؛ فإنَّ تحريمَ الشَّيءِ تحريمٌ لأسبابِه ((المغني)) لابن قُدامة (3/288)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/197). .القول الثاني: إذا دلَّ المحْرِمُ حلالًا على صيدٍ؛ فإنَّه يكون مُسيئًا، ولا جزاءَ عليه، وهو مَذهَبُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/258)، ((حاشية الدسوقي)) (2/77). ، والشَّافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/306). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِظاهِرُ قولِه تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه علَّقَ الجزاءَ بالقَتلِ؛ فاقتضى ألَّا يجِبَ الجزاءُ بعَدَمِ القَتلِ ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/69)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/307). .ثانيًا: أنَّها نفسٌ مضمونةٌ بالجِنايةِ؛ فوجب ألَّا تُضمَنَ بالدَّلالة، كالآدميِّ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/307). .ثالثًا: أنَّ الصَّيدَ لا يُضمَنُ إلَّا بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: إمَّا باليدِ، أو بالمباشَرةِ، أو بالتسبُّبِ؛ فاليدُ أن يأخُذَ صيدًا فيموتَ في يَدِه فيَضمَنَ، والمباشَرةُ أن يباشِرَ قتلَه فيَضْمَنَه، والتسبُّبُ أن يحفِرَ بئرًا، فيقَعَ فيها الصَّيدُ فيضمَنَ، والدَّلالةُ ليست يدًا ولا مباشَرةً ولا سَببًا ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/307). .رابعًا: أنَّ القاتَلَ انفرد بقَتْلِه باختيارِه، مع انفصالِ الدَّالِّ عنه، فصار كمَنْ دلَّ محْرِمًا أو صائِمًا على امرأةٍ فوَطِئَها؛ فإنَّه يأثمُ بالدَّلالةِ، ولا تلزَمُه كفَّارةٌ، ولا يُفطِرُ بذلك ((فتح الباري)) لابن حجر (4/29). .خامسًا: ولأنَّه صَيدٌ توالى عنه جنايةٌ ودَلالةٌ، فوجب أن يُضمَنَ بالجِنايةِ ولا يُضمَنَ بالدَّلالةِ كصَيدِ المُحْرِم ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/307). .سادسًا: أنَّ الصَّيدَ قد يجتمِعُ فيه حقَّانِ: حقُّ اللهِ تعالى، وهو الجزاءُ، وحقُّ الآدميِّ، وهو القيمةُ إذا كان مملوكًا، فلمَّا لم يجِبْ حقُّ الآدميِّ بالدَّلالةِ، فكذلك لا يجِبُ حَقُّ اللهِ تعالى بالدَّلالةِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/307). .%%الفرع الثاني: إذا دلَّ المُحرِمُ مُحْرِمًا على صيدٍ فقَتَلَه !%%اختلف الفقهاءُ فيما إذا دلَّ المحْرِمُ محْرِمًا على صيدٍ فقَتَله، على قولينِ:القول الأول: إذا دلَّ المُحْرِمُ محْرِمًا على صيدٍ فقَتَلَه؛ فالدَّالُّ مُسيءٌ ولا جزاءَ عليه، وهو قَولُ المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/258)، ((حاشية الدسوقي)) (2/77). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/330). ، واختارَه الشنقيطيُّ قال الشِّنقيطيُّ: (وأمَّا إذا دلَّ المحرِمُ مُحرِمًا آخَرَ على الصيد... قال بعض العلماء: الجزاءُ كلُّه على المحرِمِ المباشِرِ، وليس على المحرِمِ الدَّالِّ شيءٌ، وهذا قول الشافعي، ومالك، وهو الجاري على قاعدةِ تقديمِ المباشِرِ على المتسبِّبِ في الضَّمان، والمباشِرُ هنا يمكن تضمينُه; لأنَّه محرِمٌ، وهذا هو الأظهر) ((أضواء البيان)) (1/441). .الدَّليل مِنَ الكِتابِ:ظاهِرُ قولِه تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: 95].وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّه تعالى أوجبَ الجزاءَ على القاتِلِ وحْدَه، فلا يجِبُ على غيره، ولا يُلحَقُ به غيرُه؛ لأنَّه ليس في معناه ((المجموع)) للنووي (7/330). .القول الثاني: إذا دلَّ المُحْرِمُ محْرِمًا على صيدٍ فقَتَلَه فعليهما الجزاء مذهب الحنفية: على كل واحدٍ منهما جزاءٌ كامل. ومذهب الحنابلة وهو اختيار ابن تيميَّة: أنهما يشتركان في الجزاء. ، وهو مذهب الحنفية ((الفتاوى الهندية)) (1/250). ، والحنابلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/543)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/289). ، واختاره ابن تيميَّة قال ابن تيميَّة: (وإذا أعان على قتله بدلالة أو إشارة أو إعارة آلة ونحو ذلك، فهو كما لو شرك في قتله، فإن كان المعان حلالا فالجزاء جميعه على المحرم، وإن كان حراما اشتركا فيه) ((عمدة الفقه)) (2/182). . الأدلة:أولًا: من السُّنَّةِقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِ أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنهم: ((هل منكم أحدٌ أمَرَه، أو أشارَ إليه بشيءٍ)) جزء من حديث رواه البخاري (1824)، ومسلم (1196) واللفظ له. .وجه الدلالة:جعلُ ذلك بمثابةِ الإعانةِ على القَتلِ، ومعلومٌ أنَّ الإعانةَ على القَتلِ توجِبُ الجزاءَ والضَّمانَ، فكذلك الإشارةُ ((عمدة الفقه)) لابن تيميَّة (2/184). .ثانيًا: تعليلُ من قال إنَّ الجزاءَ يكونُ واحدًا:أنَّ الواجِبَ جزاءُ المُتلَفِ، وهو واحِدٌ؛ فيكونُ الجزاءُ واحدًا ((المغني)) لابن قُدامة (3/289). .ثالثًا: تعليلُ من قال على كلِّ واحدٍ منهما جزاءٌ كاملٌ:أنَّ كلَّ واحدٍ مِن الفِعلينِ يستقِلُّ بجزاءٍ كاملٍ إذا كان مُنفَردًا، فكذلك إذا انضَمَّ إليه غيرُه ((المغني)) لابن قُدامة (3/289). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: كفَّارةُ قتلِ المُحْرِمِ للصَّيدِ. المبحث الثاني: الجزاءُ في الصَّيدِ. المبحث الثالث: صَيدُ الحَرَمِ. المبحث الرابع: ما لا يدخُلُ في الصَّيدِ.