الجِمارُ لغةً: جَمعُ جَمْرةٍ، وهي الأحجارُ الصِّغارُ، وتُطلَقُ على المواضِعِ التي يُرمى فيها حَصَياتُ الجِمارِ في مِنًى، إمَّا لأنَّها تُرمَى بالجِمارِ، وإمَّا لأنَّها مَجْمَعُ الحصى التي يُرمَى بها، وإمَّا لاجتماعِ الحَجيجِ عِندَها ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/292)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/99). قال الشنقيطي: (اعلمْ أنَّ العُلَماء اختلفوا في المعنى الذي منه الجَمْرة، فقال بعضُ أهل العلمِ: الجَمْرةُ في اللغة: الحصاةُ، وسُمِّيَت الجَمرةُ التي هي موضِعُ الرَّميِ بذلك، لأنَّها المحَلُّ الذي يُرمَى فيه بالحصى، وعلى هذا فهو مِن تسمِيَةِ الشَّيءِ باسْمِ ما يحُلُّ فيه، وقال بعضُ أهل العلم: أصلُ الجَمْرة مِنَ التجَمُّر، بمعنى التجمُّعِ، تقول العرب: تجمَّرَ القومُ، إذا اجتمعوا، وانضَمَّ بعضُهم إلى بعضٍ، وعلى هذا فاشتقاقُ الجَمْرة: مِنَ التجمُّر بمعنى التجمُّع; لاجتماعِ الحجيجِ عندها يرمونَها، وقيل: لأنَّ الحصى يتجَمَّع فيها) ((أضواء البيان)) باختصار (4/466، 467)، ويُنْظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/144). . رميُ الجِمارِ شرعًا: القَذْفُ بالحصى في زمانٍ مخصوصٍ، ومكانٍ مخصوصٍ، وعددٍ مخصوصٍ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/137). . انظر أيضا: المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ. المبحث الخامس: شروطُ الرَّميِ.

أوَّلًا: إقامةُ ذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ:حِكمةُ الرَّميِ في الجملةِ هي طاعةُ اللهِ فيما أمَرَ به، وذِكْرُه بامتثالِ أمْرِه على لسانِ نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النووي: (أصلُ العبادةِ الطاعة، وكلُّ عبادةٍ فلها معنًى قطعًا; لأنَّ الشَّرعَ لا يأمر بالعبثِ، ثم معنى العبادةِ قد يفهَمُه المكلَّف، وقد لا يفهمه، فالحكمةُ في الصَّلاة: التواضعُ، والخضوعُ، وإظهار الافتقارِ إلى الله تعالى، والحكمةُ في الصَّوم كسْرُ النَّفْس وقَمْعُ الشهوات، والحكمةُ في الزكاةِ: مواساةُ المحتاج، وفي الحَجِّ: إقبالُ العبدِ أشعَثَ أغبَرَ من مسافةٍ بعيدةٍ إلى بيتٍ فَضَّلَه اللهِ، كإقبالِ العبدِ إلى مولاه ذليلًا، ومِنَ العباداتِ التي لا يُفهَم معناها: السَّعيُ والرَّميُ، فكُلِّفَ العبدُ بهما ليتِمَّ انقيادُه، فإنَّ هذا النوع لا حظَّ للنَّفْسِ فيه، ولا للعَقْلِ، ولا يَحمِلْ عليه إلا مجرَّدُ امتثالِ الأمرِ، وكمالِ الانقيادِ، فهذه إشارةٌ مختصرةٌ تُعرَف بها الحكمةُ في جميعِ العباداتِ) ((المجموع)) (8/243). وقال الشنقيطي: (ما ذَكَرَه الشيخُ النَّووي رحمه الله: من أنَّ حِكمةَ السَّعيِ والرَّميِ غيرُ معقولةِ المعنى؛ غيرُ صحيحٍ فيما يظهر لي- واللهُ تعالى أعلم، بل حِكْمَةُ الرَّمْيِ والسَّعيِ معقولةٌ، وقد دلَّ بعضُ النُّصوصِ على أنها معقولةٌ) ((أضواء البيان)) (4/489- 481). وقال ابنُ عثيمين: (الحكمةُ مِن رَميِ الجَمَراتِ: إقامةُ ذِكْرِ الله عزَّ وجلَّ، ولهذا يُشرَعُ أن يكبِّرَ عند رمي كلِّ حصاةٍ؛ مِن أجْلِ أن يُعَظِّمَ اللهَ تعالى بلسانه كما هو مُعظِّمٌ له بقلبه، لأنَّ رَمْيَ الجَمَراتِ على هذا المكانِ أظهَرُ ما فيه مِنَ المعنى المعقولِ هو التعبُّد لله، وهذا كمالُ الانقيادِ؛ إذ إنَّ الإنسانَ لا يعرف معنًى معقولًا واضحًا في رَمْيِ هذه الحصى في هذا المكانِ سِوَى أنَّه يتعبَّدُ لله عزَّ وجلَّ بأمْرٍ، وِإن كان لا يَعقِل معناه على وجهِ التَّمامِ؛ تعبدًا لله تعالى وتذلُّلًا له، وهذا هو كمالُ الخضوعِ لله عزَّ وجلَّ؛ ولهذا كان في رميِ الجِمار تعظيمٌ لله باللِّسان وبالقلب) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/499، 500). وقال أيضًا: (الحكمةُ مِن رَمْيِ الجَمَرات هو كمالُ التعبُّدِ لله تعالى، والتعظيمُ لأَمْرِه؛ ولهذا يحصُلُ ذِكْرُ الله بالقلب واللِّسان) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/501). .قال الله تعالى: وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203]. ويدخُلُ في الذِّكْرِ المأمورِ به: رمْيُ الجِمارِ؛ بدليلِ قَولِه بعدَه: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 203]، فإنَّ ذلك يدلُّ على أنَّ الرميَ شُرِعَ لإقامةِ ذِكرِ اللهِ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/479). .ثانيًا: الاقتداءُ بإبراهيمَ في عداوةِ الشَّيطانِ ورَمْيِه وعَدَمِ الانقيادِ له قال الغزالي: (أمَّا رَمْيُ الجِمار فاقصِدْ به الانقيادَ للأمر؛ إظهارًا للرِّقِّ والعبودية، وانتهاضًا لمجرَّدِ الامتثال، مِن غيرِ حَظٍّ للعقلِ والنَّفْسِ فيه، ثم اقصِدْ به التشبُّه بإبراهيمَ عليه السلامُ؛ حيث عَرَضَ له إبليسُ- لعَنَه اللهُ تعالى- في ذلك الموضِعِ؛ ليُدْخِلَ على حَجِّه شُبهةً، أو يفتِنَه بمعصيةٍ، فأمَرَه اللهُ عزَّ وجَلَّ أن يرمِيَه بالحجارةِ؛ طردًا له، وقطعًا لأمَلِه؛ فإن خَطَرَ لك أنَّ الشيطانَ عَرَضَ له وشاهَدَه؛ فلذلك رماه وأمَّا أنا فليس يَعْرِضُ لي الشيطانُ، فاعلَمْ أنَّ هذا الخاطِرَ مِنَ الشيطانِ، وأنه الذي ألقاه في قلبِكَ؛ ليُفَتِّرَ عزمك في الرميِ، ويُخَيِّلَ إليك أنَّه فِعْلٌ لا فائدة فيه، وأنه يضاهي اللَّعِبَ، فلم تشتغِلْ به فاطرُدْه عن نفسك بالجِدِّ والتشميرِ في الرميِ فيه برَغْمِ أنفِ الشيطانِ، واعلم أنَّك في الظاهر ترمي الحصى إلى العَقَبة، وفي الحقيقةِ ترمي به وجهَ الشَّيطانِ وتَقْصِمُ به ظهْرَه؛ إذ لا يحصلُ إرغامُ أنفِه إلَّا بامتثالك أمْرَ الله سبحانه وتعالى؛ تعظيمًا له بمجَرَّدِ الأمرِ من غير حظٍّ للنفسِ والعقلِ فيه) ((إحياء علوم الدين)) (1/270). وقال الشنقيطي: (فكأنَّ الرَّميَ رمزٌ وإشارةٌ إلى عداوةِ الشَّيطانِ التي أمَرَنا اللهُ بها في قوله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [فاطر: 6] وقوله تعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ [الكهف: 50]، ومعلومٌ أنَّ الرَّجمَ بالحجارةِ مِن أكبَرِ مظاهِرِ العداوةِ). ((أضواء البيان)) (4/479). :عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما مرفوعًا، قال: ((لَمَّا أتى إبراهيمُ خليلُ اللهِ عليه السَّلامُ المناسِكَ، عَرضَ له الشَّيطانُ عند جَمْرةِ العَقَبةِ، فرماه بسَبْعِ حَصَياتٍ، حتى ساخَ في الأرضِ، ثم عَرَضَ له عند الجَمْرة الثَّانيَة، فرماه بسبْعِ حَصَياتٍ، حتى ساخ في الأرضِ، ثم عَرَضَ له في الجَمْرة الثَّالثةِ، فرماه بسَبْعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض. قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما: الشَّيطانَ تَرْجمونَ، ومِلَّةَ أبيكم تَتَّبِعونَ)) رواه الحاكم (1713)، والبيهقي (9975). صحَّحه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (1156) . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ. المبحث الخامس: شروطُ الرَّميِ.

رَمْيُ الجِمارِ واجبٌ في الحَجِّ.الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، رمى مِن بَطْنِ الوادي)) رواه البخاري (1218) .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثبت عنه في هذا الحديثِ وفي أحاديثَ كثيرةٍ أنَّه رمى الجَمْرة قال الشوكاني: (قد صحَّ مِن قِبَلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الصِّفةِ الثابتةِ في الأحاديث المشتمِلَةِ على بيانِ حَجِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان رَمْيُها مَنْسَكًا من مناسِكِ الحجِّ؛ لِمَا قَدَّمْنا من أنَّ فِعْلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لبيانِ مُجمَل الكتاب والسنَّة، ومن جملة ذلك ما في حديثِ جابرٍ رَضِيَ الله عنهما الثابتِ في الصحيحِ؛ قال: ((رَمَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجَمْرةَ يومَ النَّحْرِ ضُحًى، وأمَّا بَعْدُ فإذا زالتِ الشَّمسُ))). ((السيل الجرار)) (ص: 328)، ويُنْظَر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/136). ، والأصلُ في أفعالِه في الحجِّ الوُجوبُ؛ لأنَّ أفعالَه فيها وَقَعَت بيانًا لمُجْمَلِ الكتابِ، ولِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لِتَأخُذوا مَناسِكَكم)) رواه مسلم (1297) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. .2- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقف في حجَّةِ الوداعِ فجعلوا يسألونَه، فقال رجلٌ: لم أشْعُرْ فحَلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ قال: اذبَحْ ولا حَرَجَ، فجاء آخَرُ، فقال: لم أشعُرْ فنَحَرْتُ قبل أن أرْمِيَ؟ قال: ارْمِ ولا حَرَجَ)) رواه البخاري (1736) واللفظ له، ومسلم (1306). .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّه أَمَر بالرَّمْيِ، وظاهِرُ الأمْرِ يقتضي الوجوبَ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/136). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِ نقلَ الإجماعَ على وجوبِ الرَّميِ: الكاسانيُّ قال الكاساني: (إنَّ الأمَّةَ أجمعَتْ على وجوبِه) ((بدائع الصنائع)) (2/136) ، والنوويُّ قال النووي: (رميُ جَمْرة العَقَبة واجبٌ بلا خلافٍ) ((المجموع)) (8/162)، ((شرح النووي على مسلم)) (9/42). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (وعليه أيضًا رمي الجِمارِ أيامَ مِنًى باتفاقِ المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) (17/460). ، والشنقيطيُّ قال الشنقيطي: (إذا عرفتَ أقوالَ أهل العلم في حُكْمِ من أخلَّ بشيءٍ مِنَ الرمي، حتى فات وقتُه، فاعلم أنَّ دليلَهم في إجماعِهم على أنَّ مَن تَرَك الرميَ كُلَّه وجب عليه دَمٌ، هو ما جاء عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: (من نَسِيَ مِن نُسُكِه شيئًا، أو تَرَكَه، فلْيُهْرِق دمًا)، وهذا صحَّ عن ابن عبَّاس موقوفًا عليه، وجاء عنه مرفوعًا ولم يَثْبُت) ((أضواء البيان)) (4/472). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الخامس: شروطُ الرَّميِ.

المطلب الأوَّل: أن يكون المَرْمِيُّ به حَجَرًا: يُشْتَرَطُ أن يكون المرمِيُّ به حَجَرًا؛ ويُجْزِئُ الرَّمْيُ بكلِّ ما يُسمَّى حَصًى قال النووي: (فأمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحصى، فلا يجوزُ العدولُ عنه، والأحاديثُ المطلقة محمولةٌ على هذا المعنى) ((المجموع)) (8/186). وقال الكمال بن الهمام: (إنَّ أكثَرَ المحققينَ على أنَّها أمورٌ تعبُّديةٌ، لا يُشتَغَل بالمعنى فيها- أي بالعِلَّة- والحاصل أنَّه إما أن يلاحَظَ مُجَرَّد الرمي، أو مع الاستهانةِ، أو خصوص ما وَقَعَ منه عليه الصَّلاة والسلام، والأولُ يستلزِمُ الجوازَ بالجواهِرِ، والثَّاني بالبَعرةِ والخَشَبة التي لا قيمةَ لها، والثَّالث بالحَجَر خصوصًا، فليكُنْ هذا أَوْلى؛ لكونه أسلَمَ، ولكونه الأصلَ في أعمالِ هذه المواطِنِ، إلا ما قام دليلٌ على عدمِ تعيينِه) ((فتح القدير)) (2/489). ، وهي الحجارةُ الصِّغارُ، ولا يصِحُّ الرميُ بالطِّينِ، والمعادِن، والترابِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) و((حاشية البناني)) (2/ 502، 503)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/339), ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/812). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/ 170)، ويُنظر: ((الأم)) للشافعي (2/234), ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/179). ، والحَنابِلة ((شرح منتهي الإرادات)) للبهوتي (1/ 584)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/451). .الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ: 1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه؛ يصِفُ رميَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَمْرةَ العَقَبةِ، قال: ((فرمَاها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حَصَى الخَذْفِ)) رواه مسلم (1218) .2- عن الفَضْلِ بنِ عبَّاسٍ، ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في غَداةِ جَمْعٍ- يعني يومَ النَّحرِ- عليكم بحَصْى الخَذْفِ الذي يُرمَى به الجَمْرة)) أخرجه مسلم (1282). .وَجْهُ الدَّلالةِ:  أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى بالحَصَى، وأمَرَ بالرَّمْيِ بمِثْلِ حَصى الخَذْفِ، فلا يتناوَلُ غيرَ الحصى، ويتناولُ جميعَ أنواعِه، فلا يجوزُ تَخصيصٌ بغيرِ دليلٍ، ولا إلحاقُ غَيرِه به ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/451). .المطلب الثَّاني: العَدَدُ المَخصوصُ: الفرع الأوَّل: عددُ الحَصَياتِعَدَدُ الحَصَياتِ لكُلِّ جَمْرةٍ سَبْعةٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/485). ، والمالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/ 376)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/815). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/ 238)، ويُنظر: ((الأم)) للشافعي (2/234)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/196). ، والحَنابِلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/ 392)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/509- 510). .الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:1- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((ثمَّ سَلَكَ الطَّريقَ الوُسْطى التي تَخْرُجُ على الجَمْرةِ الكُبْرى، حتى أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِن بطْنِ الوادي، ثم انصَرَفَ إلى المَنْحَر)) رواه مسلم (1218). .2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنْيا بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ على إِثْرِ كلِّ حصاةٍ، ثم يتقَدَّمُ حتى يُسْهِلَ، فيقومَ مُسْتَقبِلَ القبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويَرْفَعُ يديه، ثم يَرْمي الوُسْطى، ثم يأخذُ ذاتَ الشِّمالِ فيَسْتَهِلُ، ويقومُ مستقبِلَ القبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويرفَعُ يديه، ويقومُ طويلًا، ثم يرمي جَمْرةَ ذاتِ العَقَبةِ مِن بَطْنِ الوادي، ولا يقِفُ عندها، ثم ينصَرِفُ، فيقول: هكذا رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه)) رواه البخاري (1751). . الفرع الثَّاني: استيفاءُ عَدَدِ الحَصَياتِ يجبُ استيفاءُ عَدَدِ حَصَياتِ الرَّمْيِ السَّبْعِ في كل جَمْرةٍ، وهو المذهَبُ عند المالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/410)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/265). , وروايةٌ عند أحمدَ ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 400). ، وبه قال الأوزاعيُّ ((فتح الباري)) لابن حجر (3/581). , والليثُ ((الاستذكار)) لابن عَبْدِ البَرِّ (4/357). , وهو قولُ الشِّنقيطيِّ قال الشنقيطي: (اعلم أنَّ التحقيقَ في عددِ الحَصَياتِ التي تُرمَى بها كلُّ جَمْرةٍ: سَبْعُ حَصَياتٍ، وأحوطُ الأقوالِ في ذلك قولُ مالكٍ وأصحابِه ومَن وافَقَهم: أنَّ مَن تَرَكَ حصاةً واحدةً كَمَن تَرَكَ رَمْيَ الجميعِ) ((أضواء البيان)) (4/475). ، وابنِ باز قال ابنُ باز: (فالجَمَرات تتداخَلُ إذا تَرَكَه كلَّه أو ترك رَمْيَ يومٍ من أيام التَّشريقِ غيرِ اليوم الثَّالث، بأنْ تَرَكَ رميَ الحاديَ عَشَرَ أو الثَّاني عشَرَ, أو ترك جَمْرةً واحدةً يعني سَبْعَ حصيات, أو أربَعَ حَصَيات, أو خَمْسَ حَصَيات, أو ثلاثَ حَصَيات؛ فإنَّ عليه دمًا. ويُلاحَظُ في مسألة الرمي، أنَّ الدَّمَ إنَّما يجب عند فواتِ الوَقتِ, أما ما دام الوقتُ موجودًا فإنَّه يُكْمِلُ.) ((الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). ، وابنِ عُثيمين سئل فضيلة الشَّيخِ رحمه الله تعالى: حاجٌّ رمى جَمْرةَ العقبةِ في آخِرِ يومٍ بثلاثِ حَصَياتٍ فقط والباقي نَفِدَت دون سقوطٍ في الحَوضِ، أو ضُرِبَتْ في العمودِ ثم خرجَتْ ولم يأخُذْ حصاةً ولم يَرْمِ، فماذا يلزمه؟ فأجاب- رحمه الله- بقوله: (.... أمَّا بالنسبةِ للسائل فأنا أقول:- وعلى ذمَّة القائلين مِنَ العُلَماء بذلك- إنَّه يجِبُ عليه أن يذبَحَ فِدْيةً في مكَّة ويوزِّعَها على الفقراءِ؛ لأنَّه ترك واجبًا). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/266). .الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ: 1- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ)) رواه مسلم (1218) . 2- حديثُ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنيا بسَبْعِ حَصَياتٍ...)) رواه البخاري (1751) .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ الرِّواياتِ الصحيحةَ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه كان يرمي الجِمارَ بسَبْعِ حَصَياتٍ. مع قولِه: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم)) رواه مسلم (1297) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. ، فلا ينبغي العُدُولُ عن ذلك; لوضوحِ دليلِه وصِحَّتِه، ولأنَّ مُقابِلَه لم يَقُمْ عليه دليلٌ يقارِبُ دليله ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/475). .المطلب الثَّالث: رَمْيُ الجَمْرةِ بالحَصَياتِ السَّبْعِ مُتَفَرِّقاتٍ واحدةً فواحدةًيُشْتَرَط أن يَرمِيَ الجَمْرةَ بالحَصَياتِ السَّبعِ متفرِّقاتٍ واحدةً فواحدةً، فلو رمى حصاتينِ معًا أو السَّبْعَ جملةً، فهي حصاةٌ واحدةٌ، ويَلْزَمُه أن يرمِيَ بسِتٍّ سواها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/30). , والمالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/ 377)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/815). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/176), ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/312). , والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/26)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/448). ؛ وذلك لأنَّ المنصوصَ عليه تفريقُ الأفعالِ، فيتقَيَّد بالتفريقِ الواردِ في السنَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/30). .المطلب الرابع: وقوعُ الحصى داخِلَ الحَوضِ: يُشْتَرَط وقوعُ الحَصَى في الجَمْرةِ التي يَجْتَمِعُ فيها الحصى، وهذا مذهَبُ جُمهورِ الفُقَهاءِ مِنَ المالِكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (2/50). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/176), ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/508). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/501), ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 382). ، وحُكي الإجماع على ذلك [2510] قال ابن عبد البَرِّ: (وقد أجمعوا أنَّه إنْ رماها من فوق الوادي، أو أسفله، أو ما فوقه، أو أمامه، فقد جزَى عنه، وقالوا: إذا وقعتِ الحصاةُ من العَقبة أجْزَى، وإن لم تقعْ فيها ولا قريبًا منها، أعاد الرَّمْي، ولم يَجزِه). ((الاستذكار)) (4/352). وقال ابنُ رُشد: (وأجمَعوا على أنه يُعيد الرمي إذا لم تقَعِ الحصاةُ في العَقبة). ((بداية المجتهد)) (1/353). وقال ابنُ قُدامة: (ولا يُجزئه الرميُ إلَّا أن يقع الحصى في المَرمى، فإنْ وقَع دونه، لم يُجزِئه في قولهم جميعًا). ((المغني)) (3/382). وقال النوويُّ: (ولو رمَى حصاةً فوقعتْ على حصاةٍ خارجَ المرمى، فوقعتْ هذه الحصاةُ في المرمى، ولم تقَعِ المرمَى بها، لم تَجزِه بلا خِلاف). ((المجموع)) (8/174). لكن عند الحنفية تجزئ إن وقعت قريبا من الجمرة، قال الكاساني: (حتى لو رماها من مكان بعيد فوقعت الحصاة عند الجمرة أجزأه وإن لم تقع عنده لم تجزها إلا إذا وقعت بقرب منها لأن ما يقرب من ذلك المكان كان في حكمه لكونه تبعا له) ((بدائع الصنائع)) (2/138). . الدليل من السنة:أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى إلى المرمى ((المجموع)) للنووي (8/176). ، مع قوله صلى الله عليه وسلم ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم)) رواه مسلم (1297) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. .المطلب الخامس: قَصْدُ المَرْمى ووقوعُ الحصى فيه بفِعْلِه: يُشْتَرَط أن يقْصِدَ المَرْمى، ويقَعَ الحصى فيه بفِعْلِه، فلو ضرب شخصٌ يَدَه فطارَتْ الحَصاةُ إلى المرمى وأصابَتْه لم يصِحَّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/513). , والمالِكيَّة ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (2/ 503)، ويُنظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/436), ((الذخيرة)) للقرافي (3/276). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/155). , والحَنابِلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/ 390)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 383). .الدليل من السنة:قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907). .المطلب السادس: أنْ تُرْمَى الحَصَى ولا تُوضَع: يُشْتَرَط أن يَرمِيَ الحَصَياتِ رَميًا ولا يكتفِيَ بوَضْعِها وضعًا، وهذا باتفاق المذاهِبِ الفقهية الأربعةِ مِنَ الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/369)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/137). , والمالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/377), ((التاج والإكليل)) للمواق (3/133). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/173). , والحَنابِلة ((الإقناع)) للحجاوي (1/ 390)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/450). .الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ لأنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى الجَمَراتِ, وقد قال: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم)) رواه مسلم (1297) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. .ثانيًا: أنَّه مأمورٌ بالرَّميِ، فاشتُرِطَ فيه ما يقَعُ عليه اسمُ الرَّمْيِ ((المجموع)) للنووي (8/173). . المطلب السابع: ترتيبُ الجَمَراتِ في رَمْيِ أيَّامِ التَّشريقِ يُشْتَرَط أن يرمِيَ الجِمارَ الثَّلاثَ على التَّرتيبِ: يرمي أوَّلًا الجَمْرةَ الصُّغرى التي تلي مسجِدَ الخِيفِ، ثمَّ الوُسطى، ثم يرمي جَمْرةَ العَقَبةِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ المالِكيَّة ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (2/ 504)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/815), ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/340). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/239), ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/312). , والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/509)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/477). .الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ  أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رتَّبَها في الرَّمْيِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/509). ، وقال ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم)) رواه مسلم (1297) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. .ثانيًا: لأنَّه نُسُكٌ متكَرِّرٌ، فاشتُرِطَ الترتيبُ فيه كالسَّعيِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/509). . المطلب الثامن: أن يكونَ الرَّميُ في زَمَنِ الرَّميِ ينظر تفصيل ذلك في مسألة (زَمَن الرمي يوم النَّحر) ومسألة (وقت الرمي في أيام التشريق). انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ.

المطلب الأوَّل: السُّنَّة في موقِفِ الرَّامي لجَمْرةِ العَقَبةِ الأفضلُ في موقِفِ الرَّامي جَمْرةَ العَقَبةِ أن يقِفَ في بطْنِ الوادي، وتكونَ مِنًى عن يمينِه، ومكَّةُ عن يَسارِه، وهو مذهَبُ جماهيرِ أهلِ العِلمِ: الحَنَفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/233), ويُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/412). , والمالِكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 52)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/341), ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/812). , والصَّحيحُ عند الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/163), ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/501). , وقولُ جماعةٍ مِنَ السَّلَفِ قال النووي: (... وبهذا قال جمهورُ العُلَماء؛ منهم: ابن مسعود وجابر والقاسم بن محمد وسالم وعطاء ونافع والثوري ومالك وأحمد) ((المجموع)) (8/184). , واختارَه ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (ولا يرمي يومَ النَّحرِ غَيرَها, يرميها مستقبِلًا لها؛ يجعل البيتَ عن يسارِه ومِنًى عن يمينه، هذا هو الذي صحَّ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها) ((مجموع الفتاوى)) (26/135). , وابنُ القَيِّم قال ابنُ القيم: (فأتى جَمْرةَ العَقَبة، فوقف في أسفَلِ الوادي، وجعل البيتَ عن يساره، ومِنًى عن يمينه، واستقبل الجَمْرةَ، وهو على راحِلَتِه، فرماها راكبًا بعد طلوعِ الشَّمس) ((زاد المعاد)) (2/237). , والشنقيطيُّ قال الشنقيطي: (اعلم أنَّ الأفضَلَ في موقِفِ مَن أرادَ رميَ جَمْرةِ العقبة أن يقِفَ في بطنِ الوادي، وتكون مِنًى عن يمينِه، ومكَّةُ عن يساره، كما دلَّت الأحاديثُ الصحيحةُ، على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَلَ كذلك.) ((أضواء البيان)) (4/458). , وابنُ باز ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/77). , وابنُ عُثيمين ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/301). .الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ: ((أنَّه حجَّ مع ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فرآه يرمي الجَمْرةَ الكُبرى بسَبْعِ حَصَياتٍ فجعل البيتَ عن يسارِه، ومِنًى عن يمينِه، ثم قال: هذا مقامُ الذي أُنْزِلَتْ عليه سورةُ البَقَرةِ)) رواه البخاري (1749) واللفظ له، ومسلم (1296). ، وفي لفظٍ: ((أنَّه انتهى إلى الجَمْرةِ الكُبرى، جَعَلَ البيتَ عن يسارِه، ومِنًى عن يمينِه، ورمى بسَبْعٍ، وقال: هكذا رمى الذي أُنْزِلَت عليه سورةُ البَقَرةِ صلى الله عليه وسلم)) رواه البخاري (1748) ومسلم (1296). .فرعٌ: رميُ جَمْرةِ العَقَبةِ مِنَ الجهاتِ الأخرىيجوزُ رَمْيُ جَمْرةِ العَقَبةِ مِن أيِّ جهةٍ كانت، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/485)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (2/30). ، والمالِكيَّة في الأظهَرِ قال خليل: (وفي إجزاء ما وقف بالبناء تردد. قال الحطاب: الظاهر الإجزاء والله أعلم) يُنْظَر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/191). قال الحطَّاب: (وقال في النوادر: قال مالك: ورَمْيُها مِن أسفَلِها، فإن لم يصِلْ لزحامٍ فلا بأس أن يرمِيَها من فوقِها، وقد فعله عُمَرُ لزحامٍ، ثم رجع مالك فقال: لا يَرْميها إلَّا مِن أسفَلِها، فإن فعل فليستغفِرِ اللهَ) ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/179)، ويُنْظَر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/812). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/501)، قال ابنُ قُدامة: (وإنْ رماها مِن فَوْقِها جاز؛ لأنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جاء والزحامُ عند الجَمْرة، فصَعِدَ فرماها من فوقها) ((المغني)) (3/381). ، ونصَّ عليه الشافعيُّ قال الشافعي: (ومن حيثُ رماها أجزَأَه) ((الأم)) (2/235)، بينما نقل المتأخِّرون مِنَ الشَّافعيَّة عن بعض المتأخِّرين: أنَّ جَمْرةَ العَقَبة ليس لها إلَّا وجهٌ واحدٌ، ورَمْيُ كثيرين مِن أعلاها باطلٌ، ولم يتعقَّبوه. ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/508)، ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج)) لابن حجر للهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (4/132) ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (سُئلَ عبد الرحمن بن القاسم: من أين كان القاسِمُ يرمي جَمْرة العَقَبة؟ فقال: من حيث تيسَّر)، قال أبو عمر: (يعني من حيث تيسَّرَ مِنَ العقبةِ: مِن أسفَلِها، أو مِن أعلاها، أو وَسَطِها، كلُّ ذلك واسع، وقد أجمعوا أنَّه إن رماها من فوقِ الوادي أو أسفَلِه، أو ما فوقه أو أمامَه؛ فقد جَزَى عنه) ((الاستذكار)) (4/351). وقال ابنُ رُشد: (اتَّفقوا على أنَّ جُملةَ ما يرميه الحاجُّ سبعونَ حصاةً, منها في يوم النَّحرِ جَمْرة العقبة بسَبْعٍ, وأنَّ رمْيَ هذه الجَمْرةِ من حيث تيسَّرَ مِنَ العقبةِ: مِن أسفَلِها، أو من أعلاها، أو مِن وَسَطِها، كُلُّ ذلك واسعٌ) ((بداية المجتهد)) (1/352). وقال النووي: (وأجمعوا على أنَّه من حيث رماها جاز سواءٌ استقبَلَها, أو جَعَلَها عن يمينه, أو عن يسارِه, أو رماها مِن فوقها, أو أسفَلِها, أو وقف في وَسَطِها ورماها) ((شرح النووي على مسلم)) (9/42). .وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّه ثَبَتَ رميُ خَلْقٍ كثيرٍ في زَمَن الصَّحابةِ مِن أعلاها أي: من فوق الجبل الذي كان ملاصِقًا للجَمْرة مِنَ الجهة الشمالية، ثم أُزيلَ بعد ذلك؛ لزيادة عدد الحُجَّاج زياداتٍ هائلةً. يُنْظَر: ((فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ)) (5/151)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/324). قال ابنُ جاسر: (وقولهم: له رَمْيُ جَمْرةِ العَقَبة مِن فوقها؛ وذلك أنَّ هناك عقَبةً معتَلِيةً في جانب الجَمْرة، وقد أزيلت العقبةُ في زَمَنِنا هذا، فما ذكره العُلَماء في كُتُبِهم مِنَ الآثارِ وأقوال العُلَماء مِن ذِكْرِ رمي جَمْرة العقبة مِن فَوْقِها، إنما كان ذلك قبل إزالةِ العَقَبة التي في ظَهْرِ الجَمْرة المذكورة شَمالًا شَرقًا، وكان إزالة العقبةِ في شهرِ جمادى الأُولى سنةَ ستةٍ وسبعينَ وثَلَثمائة وألفٍ) ((مفيد الأنام ونور الظلام)) (2/63). ، ولم يأمرُوهم بالإعادةِ، ولا أعلنوا بالنِّداءِ بذلك في النَّاسِ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/485)، وروي ذلك عن عمر، فعن الأسود قال: ((رأيت عمر رمى جَمْرةَ العقبةِ من فوقها)). ((الذخيرة)) للقرافي (3/265)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (3/256)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/580)، ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (9/183)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/458). .ثانيًا: أنَّ رَمْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أسفَلِها سُنَّةٌ، لا أنَّه المُتَعَيَّن، وكان وجهُ اختيارِ الرميِ مِنَ الأسفَلِ هو توقُّعُ الأذى- إذا رَمَوْا من أعلاها- لِمَن أسفَلَها؛ فإنَّه لا يخلو مِن مرورِ النَّاس، فيصيبُهم الحصى، وقد انعدَمَ هذا التخوُّفُ بإزالة الجَبَلِ الذي كان ملاصقًا للجَمْرةِ مِنَ الخَلْفِ، وصار الجميعُ يرمي في مستوًى واحدٍ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/195)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/485)، ((مجلة المجمع الفقهي)) (العدد الثَّالث: 3/1591)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/324، 325). .ثالثا: أنَّ ما حولها موضِعُ النُّسُكِ؛ فلو رماها من أيِّ جهةٍ أجْزَأَه ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (2/30). .المطلب الثَّاني: أن يكون الرَّميُ بمِثْلِ حصى الخَذْفِيُستحَبُّ أن يكون الرَّميُ بمِثْلِ حَصى الخَذْفِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/30), ويُنظر: ((المبسوط)) للشيباني (2/429). , والمالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/375). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) النووي (8/183), ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/313). , والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/499)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/446). ، وبه قال جمهور العُلَماء مِنَ السلف والخلف قال النووي: (وبه قال جمهور العُلَماء مِنَ السلف والخلف منهم ابن عمر, وجابر, وابن عبَّاس, وابن الزبير, وطاوس, وعطاء, وسعيد بن جبير, وأبو حنيفة, وأبو ثور..) ((المجموع)) (8/183). . الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ: 1- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ العَقَبةِ وهو على راحلته ((هات الْقُطْ لي فلَقَطْتُ له حَصَياتٍ هن حَصى الخَذْفِ، فلما وضعتهن في يده، قال: بأمثالَ هؤلاءِ وإيَّاكم والغُلُوَّ في الدِّينِ؛ فإنَّما أهلَكَ مَن كان قَبْلَكم الغُلُوُّ في الدِّينِ)) رواه النسائي (3057) واللفظ له، وابن ماجه (3029)، وأحمد (1851)  احتج به ابن حزم في ((المحلى)) (7/133)، وصحَّحه ابن عَبْدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (24/428)، وصحَّح إسنادَه على شرط مسلم النووي في ((المجموع)) (8/171)، وابن تيميَّة في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/327)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (5/85)، وصحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (1/186)، و الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (3057) . 2- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((حتى أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حَصى الخَذْفِ)) رواه مسلم (1218) .المطلب الثَّالث: المُوالاةُ بين الرَّمَياتِ السَّبْعِالموالاةُ بينَ الرَّمَياتِ السَّبْعِ مُستحَبَّةٌ، وليسَتْ بشرطٍ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/514). , والحَنابِلة لم ينص الحنابلة على الاستحباب وإن كان هو مقتضى كلامهم، وقد نص مرعي على عدم الوجوب فقال: (ويتجه: ولا يجب موالاة رمي). ((غاية المنتهى)) (1/431). وينظر: ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/ 432). , والصَّحيحُ عند المالِكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (3/134)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/334). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/240), ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/507). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّه نُسُكٌ لا يتعلَّقُ بالبيتِ، فلم تُشْتَرَط له الموالاةُ ((المغني)) لابن قُدامة (3/357). .ثانيًا: لأنَّ اشْتِراطَ الموالاةِ فيه مشَقَّةٌ؛ لكثرةِ الزِّحامِ عند الجَمَراتِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (92/331). .المطلب الرابع: ألَّا يكونَ الحَصى ممَّا رُمِيَ بهيُفَضَّل ألَّا يكونَ الحَجَرُ ممَّا رُمِيَ به؛ فإنْ رَمَى بالحَجَرِ المُستعمَلِ أجْزَأَه, وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعيني (4/ 243)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/156). , والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/200), ويُنظر: ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/682). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/155), ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/500). , وقول للحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/28). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّه ليس هناك دليلٌ على أنَّ الحصاةَ التي رُمِيَ بها لا يُجْزِئُ الرَّميُ بها، ولا دليلَ يَمنَعُ مِنَ الرَّميِ بها ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/466)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/146). . ثانيًا: لأنَّ العِبرةَ هي الرميُ بحصاةٍ، وقد وُجِدَ، ويصدُقُ اسْمُ الرَّميِ عليها ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/466)، وينظر ((المجموع)) للنووي (8/155). . ثالثًا: قياسًا على الثَّوبِ في سَتْرِ العورةِ؛ فإنَّه يجوز أن يُصَلِّيَ في الثوبِ الواحِدِ صلواتٍ ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/500). .المطلب الخامس: طهارةُ الحَصَياتِيُستحَبُّ أن يرمِيَ بحصًى طاهرةٍ, وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/233). , والمالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/377). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/172)، ويُنظر: ((الأم)) للشافعي (2/235- 236). , ووجه عند الحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/28). .وذلك للآتي:أوَّلًا: لِصِدْقِ اسْمِ الرَّميِ على الرَّميِ بالحَجَرِ النَّجِسِ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/465)، ويُنْظَر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/447)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/499). . ثانيًا: لعَدَمِ النَّصِّ على اشتراطِ طَهارةِ الحَصَى ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/465). . ثالثًا: لِكَيلا يباشِرَ النَّجاسةَ بِيَدِه ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (4/334). . مسألةٌ: حُكْمُ غَسْلِ حَصى الرَّمْيِلا يُستحَبُّ غَسلُ الحَصى إلَّا إذا رأى فيها نجاسةً ظاهرةً، ولم يَجِدْ غيرَها، فتُغْسَلُ النَّجاسةُ؛ لئلَّا تتنجَّسَ اليدُ أو الثيابُ, وهو المذهَبُ عند المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/180). , والصَّحيحُ عند الحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/499)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/446- 447). , وهو قولُ جماعةٍ مِن أهلِ العِلم قال ابنُ المُنْذِر: (وكان عطاء ومالك والأوزاعي وكثيرٌ مِن أهلِ العِلم لا يَرَوْنَ غسْلَه) ((الإشراف)) (3/327). , وقولُ ابن المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (ولا يُعلَمُ في شيء مِنَ الأخبار التي جاءت عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه غسل الحصى، ولا أمَرَ بغَسْلِه، ولا معنًى لغَسْلِ الحصى) ((الإشراف)) (3/327). , واختاره الشنقيطيُّ قال الشنقيطي: (والأقربُ أنَّه لا يلزم غَسْلُ الحصى؛ لعدم الدَّليل على ذلك) ((أضواء البيان)) (4/465). , وابنُ بازٍ قال ابنُ باز: (ولا يُستحبُّ غَسْلُ الحصى، بل يرمي به مِن غير غسيلٍ؛ لأن ذلك لم يُنقَل عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/76). , وابنُ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (والصحيحُ أنَّ غَسْلَه بدعةٌ؛ لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلَّم لم يَغْسِلْه)) ((الشرح الممتع)) (7/318). , والألبانيُّ قال الألباني: (بِدَعُ الرَّمي.... غَسْلُ الحَصَياتِ قبل الرمي..) ((مناسك الحج والعُمْرة)) (1/54). . وذلك للآتي:أوَّلًا: لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَرِدْ عنه أنَّه غَسَل الحَصى، ولا أمَرَ بغَسْلِهِنَّ ((الإشراف)) لابن المُنْذِر (3/327)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/380) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/465)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/318). . ثانيًا: لأنَّه لم يُنقَلْ غَسْلُه عن الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/76). . ثالثًا: أنَّه لا يوجَدُ معنًى يقتضي غَسْلَه ((الإشراف)) لابن المُنْذِر (3/327). . المطلب السادس: التكبيرُ مع كُلِّ حصاةٍيُستحَبُّ أن يكَبِّرَ مع كلِّ حصاة, وذلك باتفاق المذاهِبِ الفقهية الأربعةِ: الحَنَفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/231- 232), ((المبسوط)) للسرخسي (4/35, 40). , والمالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/374, 377), ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/334, 336). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/154, 239). , والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/501, 509)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 381، 398). .الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ: 1- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((حتى أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِن بطْنِ الوادي، ثمَّ انصَرَفَ إلى المَنْحَر)) رواه مسلم (1218) .2- عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يزيدَ: ((أنَّه كان مع ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه حين رمى جَمرةَ العَقَبةِ فاستبطَنَ الواديَ، حتَّى إذا حاذى بالشَّجَرةِ اعتَرَضَها فرمى بسبعِ حَصَياتٍ، يكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ثمَّ قال: مِن هاهنا- والذي لا إلهَ غَيرُه- قام الذي أُنزِلَت عليه سورةُ البَقَرةِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) أخرجه البخاري (1750) واللفظ له، ومسلم (1296) 3- مَا رَوَتْه عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((أفاض رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخر يَومِه حين صلَّى الظُّهْرَ, ثم رجَعَ إلى مِنًى، فمكث بها لياليَ أيَّامِ التَّشريقِ يَرمي الجمرة إذا زالتِ الشَّمسُ, كلَّ جَمْرةٍ بِسَبْعِ حَصَياتٍ, يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ, ويَقِفُ عند الأُولى والثَّانيَة، فيُطيلُ القيام ويتضَرَّعُ، ويرمي الثَّالثة ولا يَقِفُ عندها)) رواه أبو داود (1973)، وأحمد (24636) جود إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/342)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1973): صحيح إلا قوله: (حين صلى الظهر) فهو منكر. .مسألةٌ: حكمُ تَرْكِ التَّكبيرِ عند رَمْيِ الجِمارِ مَن تَرَكَ التَّكبيرَ عند رَمْيِ الجِمارِ؛ فليس عليه شيءٌ.الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:نقلَ الإجماعَ على ذلك القاضي عِياضٌ قال القاضي عياض: (وأجمعوا أنَّ مَن لم يُكَبِّر؛ لا شىءَ عليه). ((إكمال المعلم)) (4/ 372). ويُنْظَر: ((شرح النووي على مسلم)) (9/42). , وابنُ حَجَرٍ قال ابنُ حجر: (وأجمعوا على أنَّ من لم يكَبِّر؛ فلا شيءَ عليه) ((فتح الباري)) (3/582). . المطلب السابع: قَطْعُ التَّلبيةِ مع أوَّلِ حَصاةٍ يَرْمي بها جَمْرةَ العَقَبةِ يَومَ النَّحرِيُستحَبُّ أن يقطَعَ التَّلبيةَ عند أوَّلِ حَصاةٍ يرمي بها جَمْرةَ العَقَبةِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/371), ((حاشية رد المختار)) لابن عابدين (2/513). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/154), ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/501). , والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمررداوي (4/27)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/ 383). ، وقولُ جماعةٍ مِنَ السَّلَفِ قال ابنُ قُدامة: (وممَّن قال: يلبِّي حتى يرمِيَ الجَمْرةَ: ابنُ مسعود, وابن عبَّاس, وميمونة, وبه قال عطاء, وطاوس, وسعيد بن جبير, والنخعي, والثوري, والشافعي, وأصحاب الرأي) ((المغني)) (3/ 383). الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن الفَضلِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يَزَلْ يُلَبِّي حتى رمى الجَمْرةَ)) رواه البخاري (1685) واللفظ له، ومسلم (1281). .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ الفَضلَ بن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما كان رَديفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَئذٍ، وهو أعلَمُ بحالِه مِن غَيرِه ((المغني)) لابن قُدامة (3/383)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/167). . ثانيًا: لأنَّه يتحَلَّلُ به، فشُرِعَ قَطْعُها في ابتدائِه؛ كالمعتَمِرِ يقطَعُها بالشُّروعِ في الطَّوافِ ((المغني)) لابن قُدامة (3/383)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/167). . المطلب الثامن: الدُّعاءُ الطَّويلُ عَقِبَ رَمْيِ الجَمْرةِ الصُّغرى والوُسْطىيُستحَبُّ الوقوفُ للدُّعاء ِإثرَ كُلِّ رَمْيٍ بعدَه رَمْيٌ آخَرُ، فيقِفُ للدُّعاءِ بعد رمْيِ الجَمْرة الصُّغرى والوُسطى وقوفًا طويلًا؛ وهذا الدُّعاءُ مُستحَبٌّ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/232), ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/34). , والمالِكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبْدِ البَرِّ (1/377)، ((التاج والإكليل)) للمواق (3/134). , والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/239), ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/195). , والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/508- 509)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لابن قُدامة (3/474). .الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنيا بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ على إِثْرِ كلِّ حَصاةٍ، ثم يتقَدَّمُ حتى يُسْهِلَ، فيقومَ مُستقْبِلَ القِبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويَرفَعُ يديه، ثمَّ يرمي الوُسطى، ثم يأخُذُ ذاتَ الشِّمالِ فيَسْتَهِلُ، ويقومُ مستقبِلَ القبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويَرفَعُ يديه، ويقومُ طويلًا، ثم يرمي جَمْرةَ ذاتِ العَقَبةِ مِن بطْنِ الوادي، ولا يقِفُ عندها، ثمَّ ينصَرِفُ، فيقول: هكذا رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه)) رواه البخاري (1751). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ.

لا يرمي يومَ النَّحْرِ إلا جَمْرةَ العَقَبةِ.الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حصى الخَذْفِ، رَمى مِن بَطْنِ الوادي)) رواه مسلم (1218) .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِر: (أجمعوا على أنَّه لا يرمى في يومِ النَّحْرِ غيرَ جَمْرةِ العَقَبة.) ((الإجماع)) (ص: 58). ، وابن عَبْدِ البَرِّ قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (أجمع عُلَماءُ المسلمين على أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما رماها ضُحًى ذلك اليومَ، وأجمعوا أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَرْمِ مِنَ الجَمَراتِ يومَ النَّحْرِ غَيْرَ جَمْرةِ العقبةِ) ((التمهيد)) (7/268). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ.

يبدأُ وَقْتُ رَمْيِ جَمْرةِ العَقَبةِ مِن مُنتصَفِ ليلةِ النَّحْرِ، ويُسَنُّ أن يكون بعد طُلوعِ الشَّمسِ قال ابنُ المُنْذِر: (أجمعوا على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى يومَ النَّحرِ جَمْرةَ العقبة بعد طلوعِ الشَّمس) ((الإجماع)) (ص: 58). وقال النووي: (قال ابنُ المُنْذِر: أجمعوا على أنَّ مَن رَمى جَمْرةَ العقبة يومَ النَّحْر بعد طلوعِ الشَّمسِ أجْزَأَه) ((المجموع)) (8/181). وقال ابنُ عَبْدِ البَرِّ: (أجمع عُلَماء المسلمين على أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما رماها ضُحًى ذلك اليوم. وأجمعوا أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يرم مِنَ الجَمَرات يومَ النَّحْرِ غَيْرَ جَمْرة العقبةِ وأجمعوا على أنَّ من رماها من طلوعِ الشَّمسِ إلى الزوال يومَ النَّحْرِ، فقد أصاب سُنَّتَها ووقْتَها المختارَ، وأجمعوا أنَّ مَن رماها يومَ النَّحْرِ قبل المَغيبِ فقد رماها في وَقْتٍ لها، وإن لم يكن ذلك مُستحسَنًا له) ((التمهيد)) (7/268). وقال ابنُ قُدامة: (كان رَميُها بعد طلوعِ الشَّمس يجزئُ بالإجماعِ، وكان أَوْلى) ((المغني)) (3/382). ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/180)، ((نهاية المحتاج)) الرملي (3/302) ، والحَنابِلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/584)، قال ابنُ قُدامة: (لِرَميِ هذه الجَمْرة وقتانِ: وقتُ فضيلةٍ، ووَقْتُ إجزاءٍ، فأمَّا وَقْتُ الفضيلةِ فبَعْدَ طلوعِ الشَّمس... وأمَّا وقتُ الجواز، فأوَّلُه نِصْفُ اللَّيلِ مِن ليلةِ النَّحْرِ) ((المغني)) (3/381، 382). ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ قال ابنُ قُدامة: (وأمَّا وَقْتُ الجوازِ، فأَوَّلُه نِصْفُ اللَّيل من ليلة النَّحر، وبذلك قال عطاء، وابن أبي ليلى، وعكرمة بن خالد، والشافعي... وقد ذكَرْنا في حديث أسماءَ أنَّها رمت، ثم رَجَعت، فصَلَّتِ الصُّبحَ، وذكَرَتْ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَذِنَ للظُّعُنِ) ((المغني)) (3/382)، ويُنْظَر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) (72/314). واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (الصحيحُ أنَّ رَمْيَ جَمْرة العقبةِ في النِّصْفِ الأخيرِ مِن ليلةِ النَّحْرِ مُجْزئٌ للضَّعَفةِ وغَيْرِهم، ولكِنْ يُشْرَعُ للمُسْلِم القَوِيِّ أن يجتهِدَ حتى يرمِيَ في النَّهارِ؛ اقتداءً بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ((لأنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى جَمْرةَ العقبةِ بعد طلوعِ الشَّمس))). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/143، 17/295، 296). .الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رمى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ النَّحْرِ ضُحًى، ورمى بعد ذلكِ بعدَ الزَّوالِ)) رواه مسلم (1218) .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَرْسَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمِّ سَلَمةَ ليلةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرةَ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ فأفاضَتْ)) رواه أبو داود (1942) واللفظ له، والدارقطني (2/276)، والحاكم (1723)، والبيهقي (9846). قال محمد بن عبدالهادي في ((المحرر)) (265): رجاله رجال مسلم، وصححه ابن القيم في ((زاد المعاد)) (2/262)، وجود إسناده وقواه ووثق رجاله ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (5/162) وصحَّح إسنادَه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/250)، وقال ابنُ حجر في ((بلوغ المرام)) (215): إسناده على شرط مسلم. وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ هذا لا يكونُ إلَّا وقد رَمَت قبل الفَجْرِ بساعةٍ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (5/23)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/156). .3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((نَزَلْنا المُزْدَلِفةَ، فاستأذَنَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَوْدةُ، أنْ تدفَعَ قبل حَطْمَةِ النَّاس، وكانتِ امرأةً بَطيئةً، فأذِنَ لها، فدَفَعَتْ قبل حَطْمَةِ النَّاسِ، وأَقَمْنا حتى أصْبَحْنا نحن، ثم دَفَعْنا بدَفْعِه، فلَأَنْ أكونَ استأذَنْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما استأذَنَتْ سَوْدةُ، أحَبُّ إليَّ مِن مَفروحٍ به)) رواه البخاري (1681) واللفظ له، ومسلم (1290) .4- عن أسماءَ ((أنَّها نزَلَت ليلةَ جَمعٍ عند المزدَلِفةِ، فقامت تصلِّي، فصلَّت ساعةً، ثم قالت: يا بُنَيَّ، هل غاب القَمَرُ؟ قلتُ: لا. فصلَّت ساعةً، ثم قالت: هل غاب القَمَرُ؟ قلتُ: نعَم. قالت: فارتَحِلوا. فارتحَلْنا، ومَضَيْنا حتى رَمَت الجمرةَ، ثم رجَعَت فصلَّت الصُّبحَ في منزِلِها. فقلت لها: يا هنتاه، ما أرانا إلَّا قد غَلَّسْنا. قالت: يا بنيَّ، إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أذِنَ للظُّعُنِ)) رواه البخاري (1679) واللفظ له، ومسلم (1291) 5- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يقدِّمُ ضَعَفةَ أهلِه، فيَقِفونَ عندَ المَشْعَرِ الحرامِ بالمُزْدَلِفة بليلٍ، فيذكرونَ اللهَ ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقِفَ الإمامُ وقبل أن يدفَعَ، فمِنْهُم مَن يَقْدَمُ مِنًى لصلاةِ الفَجْرِ، ومِنْهم مَن يَقْدَمُ بعد ذلك، فإذا قَدِمُوا رَمَوُا الجَمْرةَ، وكان ابنُ عُمَرَ يقول: أرخَصَ في أولئكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) رواه البخاري (1676)، ومسلم (1295) واللفظ له. ثانيًا: أنَّ النُّصوصَ عَلَّقَتِ الرَّمْيَ بما قَبْلَ الفَجرِ، وهو تعبيرٌ صالحٌ لجميعِ اللَّيلِ، فجُعِلَ النِّصْفُ ضابطًا له؛ لأنَّه أقرَبُ إلى الحقيقةِ مِمَّا قبلَ النِّصْفِ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/157). .ثالثًا: أنَّ ما بعد نِصْفِ اللَّيلِ مِن توابِعِ النَّهارِ المستقبَلِ، فوَجَبَ أن يكون حُكْمُه في الرَّميِ حُكْمَ النَّهارِ المستقبَلِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/185). .رابعًا: أنَّه وَقْتٌ للدَّفْعِ من مُزْدَلِفة، فكان وقتًا للرَّميِ، كبَعْدَ طُلوعِ الشَّمسِ ((المغني)) لابن قُدامة (3/382). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ.

يجوزُ الرَّمْيُ ليلًا لِمَن لم يَرْمِ نهارًا، فيمتَدُّ وقتُ جوازِ رَمْيِ كلِّ يومٍ إلى فَجْرِ اليومِ التَّالي، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (2/35، 62)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/137). ، وهو وجهٌ للشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/239)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/107). ، واختاره ابنُ المُنْذِر ((المغني)) لابن قُدامة (3/382). ، والنوويُّ ((المجموع)) النووي (8/239). ، وابنُ بازٍ قال ابنُ باز: (لم يثبتْ دليلٌ على مَنْعِ الرمي ليلًا، والأصلُ جوازُه، والأفضلُ الرَّميُ نهارًا في يومِ العيدِ كُلِّه، وبعد الزَّوالِ في الأيامِ الثَّلاثة إذا تيسَّرَ ذلك، والرَّميُ في الليل إنما يصِحُّ عن اليومِ الذي غربت شمسُه، ولا يُجْزِئُ عن اليوم الذي بعده، فمَن فاتَه الرميُ نهارَ العيدِ رَمَى ليلةَ إحدى عشرةَ على آخِرِ اللَّيلِ، ومن فاته الرَّمْيُ قبل غروب الشَّمسِ في اليومِ الحاديَ عَشَرَ رمى بعد غروبِ الشَّمس في ليلةِ اليومِ الثَّاني عَشَر، ومن فاته الرَّمْيُ في اليوم الثَّاني عَشَر قبل غروبِ الشَّمس رمى بعد غروبِ الشَّمسِ في ليلة اليومِ الثَّالثَ عشَر، ومن فاته الرمي نهارًا في اليومِ الثَّالثَ عَشَر حتى غابت الشَّمسُ فاته الرَّمْيُ ووَجَبَ عليه دَمٌ؛ لأنَّ وَقْتَ الرَّمْيِ كُلَّه يخرجُ بغروبِ الشَّمس مِنَ اليوم الثَّالثَ عَشَرَ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/144). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (الذي أرى أنَّ القَولَ بأنَّه يمتَدُّ إلى الفَجْرِ؛ أقرَبُ إلى الصَّوابِ) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/289- 291). .الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ1- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسأَلُ يومَ النَّحرِ بمِنًى، فيقول: لا حَرَجَ، فسأله رجلٌ، فقال: حلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ فقال: اذبَحْ، ولا حَرَجَ، وقال: رَمَيْتُ بعدما أمسَيْتُ؟ فقال: لا حَرَجَ)) رواه البخاري (1735) واللفظ له، ومسلم (1307). .وَجْهُ الدَّلالةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صرَّحَ بأنَّ مَنْ رمى بعدما أمْسى فلا حَرَجَ عليه، واسْمُ المَساءِ يُطلَقُ لغةً على ما بعد وقْتِ الظُّهرِ إلى الليلِ، وخُصوصُ سَبَبِه بالنَّهار لا عِبرةَ به؛ لأنَّ العِبرةَ بعمومِ الألفاظِ لا بخصوصِ الأسبابِ، ولفظُ المساءِ عامٌّ لجزء مِنَ النَّهارِ، وجزءٍ مِنَ الليل قال ابنُ منظور: (المَساءُ بعد الظهر إِلى صلاة المغربِ، وقال بعضهم: إِلى نصفِ اللَّيل) ((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 281). ويُنْظَر: ((المصباح المنير في غريب الشرح الكبير)) للفيومي (1/331) (2/574).. وينظر أيضًا: ((فتح الباري)) لابن حجر (3/569)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/282)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (5/32،33)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/285). .2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسأَلُ أيَّامَ مِنًى؟ فيقول: لا حَرَجَ، فسأله رجُلٌ، فقال: حلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ قال: لا حَرَجَ، فقال رجلٌ: رَمَيْتُ بعدما أمسيتُ؟ قال: لا حَرَجَ)) أخرجه النسائي (3067)، والطبري في ((مسند ابن عباس)) (1/216). صحح إسناده الطبري، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (3067) .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ قَولَه في هذا الحديثِ الصحيحِ: (أيامَ مِنًى) بصيغة الجمعِ صادِقٌ بأكثَرَ من يومٍ واحدٍ، فهو صادِقٌ بحَسَب وضْعِ اللغة، ببعضِ أيَّامِ التَّشريق، والسؤالُ عن الرَّميِ بعد المساءِ فيها لا ينصرِفُ إلَّا إلى الليل، لأنَّ الرَّميَ فيها لا يكونُ إلَّا بعد الزوال، وهو معلومٌ، فلا يَسألُ عنه صحابيٌّ، فتعَيَّنَ أن يكونَ السُّؤالُ عن الرَّميِ في الليل ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/284)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (5/33). .ثانيًا: مِنَ الآثار1- عن نافعٍ مولى ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ ابنةَ أخٍ لصَفِيَّةَ بنتِ أبي عُبيدٍ نَفِسَتْ بالمُزْدَلِفة، فتخَلَّفَتْ هي وصَفِيَّةُ حتى أتَتَا منى بعد أن غَرَبَتِ الشَّمسُ مِن يومِ النَّحرِ، فأمَرَهما عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ أنْ تَرْمِيَا الجَمْرةَ حينَ أَتَتَا، ولم يَرَ عليهما شيئًا)) رواه مالك في ((الموطأ)) (3/600) .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أمَرَ زَوجَتَه صَفِيَّةَ بِنْتَ أبي عُبَيدٍ وابنةَ أخيها برميِ الجَمْرةِ بعد الغروبِ، ورأى أنَّه لا شيءَ عليهما في ذلك، وذلك يدلُّ على أنَّه عَلِمَ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ الرميَ ليلًا جائِزٌ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/285). . 2- عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن عمرٍو، قال: ((أخبَرَني مَن رأى بعضَ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ترمي مغربان الشمس غَرَبَتِ الشَّمسُ أو لم تَغْرُب)) رواه ابنُ أبي شيبة في ((المصنف)) (15556). ثالثًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَّتَ أَوَّلَ الرميِ، وسَكَتَ عن آخِرِه، والأصلُ بقاءُ الوَقتِ، وليس هناك سُنَّةٌ تدُلُّ على أنَّه إذا غابَتِ الشَّمسُ انتهى وقتُ الرَّميِ، واللَّيلُ يُمكِنُ أن يكون تابعًا للنَّهارِ، كما في وقوفِ عَرَفة ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/229،285، 288). .رابعًا: أنَّه إذا رخَّصَ في رَمْيِها في اليومِ الثَّاني فالرَّمْيُ بالليلِ أَوْلَى ((مجلة البحوث الإسلامية)) (5/42). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ.

تُلتَقطُ حَصيَاتُ الرَّجْمِ مِن أيِّ مكانٍ، من مُزْدَلِفة قال ابن عثيمين: (وأمَّا أخْذُه من مزدلفةَ، فليس بمستحَبٍّ، وإنَّما استحبَّه بعضُ المتقدِّمين من التابعين؛ لأجلِ أن يبدأَ برمي جمرةِ العَقَبة من حينِ أن يصِلَ إلى منًى؛ لأنَّ رميَ جمرةِ العَقَبةِ هو تحيَّةُ مِنًى، ويُفعَلُ قبلَ كُلِّ شَيءٍ، حتى إنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى وهو على بعيرِه قبل أن يذهَبَ إلى رَحْلِه، وينزِلَ رَحلَه، والنَّاسُ لا يتيسَّرُ لهم أن يقولوا لأحدٍ منهم القُطْ لنا الحَصى، وهم على إبِلِهم، ولكنَّ كثيرًا مِن الخَلْقِ يظنُّونَ أنَّه يجِبُ أن يكون الحَصى من مزدلفةَ وُجوبًا) ((الشرح الممتع)) (7/317). وقال: (إنَّ بعض الناس يظنُّونَ أنَّه لا يصِحُّ الرَّميُ إلَّا إذا كانت الحصى من مزدلفةَ، ولهذا تجِدُهم يتعبونَ كثيرًا في لَقطِ الحَصى من مزدلفةَ قبل أن يذهبوا إلى مِنًى، وهذا ظنٌّ خاطئٌ، فالحصى يؤخَذُ من أيِّ مكانٍ، مِن مزدلفة، أو من مِنًى، من أي مكانٍ يؤخَذُ، المقصود أن يكون حَصًى، ولم يَرِدْ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه التقَطَ الحَصى من مزدلفةَ، حتى نقولَ إنَّه من السنَّةِ، إذًا فليس من السنة، ولا الواجِبُ أن يلتقِطَ الإنسانُ الحصى من مزدلفة، لأن السنَّةَ إمَّا قَولُ النبيِّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ، أو فِعْلُه، أو إقرارُه، وكلُّ هذا لم يكن في لَقطِ الحصى مِن مزدلفة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/141). ، أو مِن الطريقِ إلى مِنًى أو غيرِ ذلك، فمِن حيث أخَذَه أجْزَأَه قال ابنُ المُنْذِر: (لا أعلم خلافًا بينهم أنَّه من حيث أَخَذَ أجزَأَه). ((الإشراف)) (3/322)، ويُنْظَر: ((المجموع)) للنووي (8/124)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/445). ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/ 487)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/156)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/487). كَرِهَ الحنفيَّةُ أخْذَ الحصى من عند جَمرةِ العَقَبةِ. ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/180)، ويُنظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/437). استحبَّ المالكيةُ أخْذَ الحصى من مزدلفةَ لِرَميِ جمرةِ العَقَبةِ فقط في يومِ النَّحرِ. ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/124, 182)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/500). كره الشَّافعيَّةُ أخذ الحصى من الحِلِّ؛ لِعُدولِه عن الحَرَم، واستحبُّوا أخْذَها من مزدلفةَ لِرَميِ جمرةِ العقبة فقط. ، والحنابلةِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/499)، ويُنظر: ((الكافي)) لابن قُدامة (1/521). كره الحنابلةُ أخذ الحصى من مِنًى وسائِرِ الحَرَم لِرَميِ جمرةِ العَقَبةِ. .الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ- أن ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ العَقَبةِ وهو على راحلته: ((هات الْقُطْ لي، فلَقَطْتُ له حَصَياتٍ هن حَصى الخَذْفِ، فلما وضعتهن في يده، قال: بأمثالَ هؤلاءِ وإيَّاكم والغُلُوَّ في الدِّينِ؛ فإنَّما أهلَكَ مَن كان قَبْلَكم الغُلُوُّ في الدِّينِ)) رواه النسائي (3057) واللفظ له، وابن ماجه (3029)، وأحمد (1851)  احتج به ابن حزم في ((المحلى)) (7/133)، وصحَّحه ابن عَبْدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (24/428)، وصحَّح إسنادَه على شرط مسلم النووي في ((المجموع)) (8/171)، وابن تيميَّة في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/327)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (5/85)، وصحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (1/186)، و الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (3057) .وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ أمْرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لابنِ عبَّاسٍ بلَقْطِ الحَصى كان بمِنًى ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/446). .ثانيًا: أنَّ عليه فِعْلَ المسلمينَ، وهو أحَدُ نَوعَيِ الإجماعِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/156)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/487). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ.

المطلب الأوَّل: حُكْمُ التَّوكيلِ في الرَّمْيِ للمَعْذورِمن كان لا يستطيعُ الرَّمْيَ بسبَبِ علَّةٍ لا يُرجَى زوالُها قبلَ خُروجِ وَقتِ الرَّميِ؛ فإنَّه يجِبُ عليه أن يستَنِيبَ مَن يَرمي عنه مَن وكَّل على الرميِ بعذرٍ شرعيٍّ، فلا يجوزُ له أن يسافِرَ قبلَ رمْيِ الوكيلِ؛ فإنْ نَفَر يومَ النَّحرِ ولم يَبِتْ في مِنًى ليلةَ الحادي عَشَرَ والثَّانيَ عَشَر، فعليه مع التَّوبةِ ثلاثةُ دماءٍ: دَمٌ عَن تَرْكِه المبيت بمِنًى، ودَمٌ عن تَرْكِه رَمْيَ الجَمَراتِ، ودَمٌ عن تَرْكِه طوافَ الوَداعِ، ولو طاف بالبيتِ قبل مغادَرَتِه،؛ لِوقوعِ طَوافِه في غيرِ وَقْتِه؛ لأنَّ طوافَ الوداعِ إنَّما يكون بعد انتهاءِ رَمْيِ الجَمَرات. يُنْظَر: ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (11/289)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/306-307). ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (4/63)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/137).    ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/115)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) الماوردي (4/204). ، والحَنابِلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/590) ، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/427). .الأدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابقولُ اللهِ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16].وَجْهُ الدَّلالةِ:أنَّ الاستنابةَ في الرَّميِ هي غايةُ ما يَقدِرُ عليه ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/474). .ثانيًا: أنَّه لَمَّا جازت النيابةُ عنه في أصلِ الحَجِّ، فجوازُها في أبعاضِه أَوْلَى ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/204)، ((المجموع)) للنووي (8/245). .ثالثًا: أنَّ زَمَنَ الرَّمْيِ مُضَيَّقٌ، ويفوت ولا يُشْرَع قضاؤه، فجاز لهم أن يوكِّلوا، بخلافِ الطَّوافِ والسَّعي فإنَّهما لا يفوتانِ، فلا تُشرَع النيابةُ فيهما ((المجموع)) للنووي (8/243)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/85، 86، 146). .المطلب الثَّاني: هل يُشْتَرَط أن يكونَ النَّائِبُ (الوكيل) قد رمى عن نَفسِه؟ يُشْتَرَط أنْ يرمي النائبُ عن نفسِه ثم يرمي عن مُوَكِّلِه قال ابنُ باز: (ويجوزُ للنَّائِبِ أنْ يَرمِيَ عن نفسِه ثمَّ عن مُسْتَنِيبِه كُلَّ جمرةٍ مِنَ الجِمارِ الثَّلاثِ، وهو في موقفٍ واحدٍ، ولا يجِبُ عليه أن يُكمِلَ رَمْيَ الجمارِ الثَّلاثِ عن نفسِه، ثمَّ يرجِعَ فيرمِيَ عن مُستَنِيبِه؛ في أصَحِّ قَولَيِ العُلماءِ؛ لعَدَمِ الدَّليلِ الموجِبِ لذلك، ولِمَا في ذلك مِنَ المشَقَّةِ والحَرَجِ، واللهُ سبحانه وتعالى يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا))، ولأنَّ ذلك لم يُنقَلْ عن أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين رَمَوْا عن صِبْيانِهم والعاجِزِ منهم، ولو فَعَلوا ذلك لنُقِلَ؛ لأنَّه مما تتوافَرُ الهِمَمُ على نَقْلِه). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/86). ويُنظَر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/230). ، وهذا مذهبُ الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/115)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/315). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/381)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/242). ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (11/76). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ تداخُلِ الأعمالِ البدنيَّةِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/298). .ثانيًا: أنَّه لا يجوزُ أن ينوبَ عن الغيرِ، وعليه فَرْضُ نَفْسِه ((المغني)) لابن قُدامة (3/242). .ثالثًا: أنَّه لو رمى عن غيرِه قبل أن يرمِيَ عن نفسِه؛ فإنَّه يقع عن نفسِه، كأصْلِ الحجِّ ((الذخيرة)) للقرافي (3/298)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/484)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/242). .المطلب الثالث: الرَّميُ عن الصبيِّ إذا لم يَقدِرْ عليه يجوزُ الرَّميُ عن الصَّبيِّ إذا لم يَقدِرْ عليه بنفْسِه.الدليل من الإجماع:نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنذر [2665] قال ابنُ المُنذر: (أمَّا الصبيُّ الذي لا يقدِر على الرمي، فكلُّ مَن حفِظتُ عنه من أهل العلم يرَى الرميَ عنه). ((الإشراف)) (3/328)، وينظر: ((المغني)) لابن قُدامة (3/242). وقال: (وأجمَعوا على أنَّ على الصبي الذي لا يُطيق الرميَ أنَّه يُرمى عنه). ((الإجماع)) (ص: 59). ، والقرطبي [2666]  قال القرطبيُّ: (ولا خلافَ في الصبيِّ الذي لا يَقدِر على الرمي أنَّه يُرمى عنه، وكان ابنُ عُمرَ يفعل ذلك). ((تفسير القرطبي)) (3/12). ، والنووي [2667] قال النوويُّ: (أجمَعوا على الرَّمي عن الصبيِّ الذي لا يَقدِر على الرمي لصِغره). ((المجموع)) (8/283). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ رَميِ الجِمارِ. المبحث الثَّاني: أنواعُ الجَمَراتِ. المبحث الثَّالث: حِكْمةُ الرَّميِ. المبحث الرابع: حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ.