مَن نذَرَ الاعتكافَ، فإنَّه يلزَمُه الوفاءُ به، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (2/441)، وينظر: ((المبسوط)) للشيباني (2/279)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/109). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (2/458)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/545). ، والشَّافِعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/394)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/491). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/348)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/128). .الأدِلَّة منَ السُّنَّة:1- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمَرَ سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: كنتُ نَذَرْتُ في الجاهليَّةِ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحرامِ؟ قال: فأوفِ بنَذْرِك)) رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656). 2- عمومُ ما جاء عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من نذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فَلْيُطِعْه)) رواه البخاري (6700). . انظر أيضا: المبحث الثاني: نذرُ الاعتكافِ في المساجِدِ الثَّلاثةِ. المبحث الثالث: حكمُ من نذَرَ الاعتكافَ قبلَ إسلامِه. المبحث الرابع: من نذر اعتكافَ يومٍ هل يدخُلُ فيه اللَّيلُ؟.

مَن نَذَرَ الاعتكافَ في أحَدِ المساجِدِ الثَّلاثةِ (وهي: المسجِدُ الحرامُ، ومسجِدُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، والمسجِدُ الأقصى)؛ فعليه الوفاءُ بنَذرِه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/405)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/461). والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/481-482)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/491). والحَنابِلة ((الفروع)) لابن مفلح (5/151)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/210). قال ابنُ تيمية: (ولو نذر صلاةً أو صيامًا أو قراءةً أو اعتكافًا في مكانٍ بعينِه، فإن كان للتَّعيينِ مَزيَّةٌ في الشَّرعِ- كالصَّلاة والاعتكافِ في المساجِدِ الثلاثةِ- لَزِمَ الوفاءُ به) ((مجموع الفتاوى)) (31/50-51). وقال ابنُ باز: (إذا نذر الاعتكافَ في المساجِدِ الثلاثةِ، فإنَّه يَلزَمُه الاعتكافُ بها؛ وفاءً لِنَذرِه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/445). وقال ابنُ عُثيمين: (لو نذر رجلٌ أن يعتكِفَ في أي مسجدٍ من المساجد، في أي بلدٍ، فإنَّه لا يلزَمُه أن يعتكِفَ فيه، إلا المساجِدَ الثَّلاثة) ((الشرح الممتع)) (6/512). .الأدِلَّة منَ السُّنَّة:1 – عمومُ ما جاء عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من نذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فَلْيُطِعْه))فالوفاء بنذر الطاعة واجبٌ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (9/243). . 2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمَرَ سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: كنتُ نَذَرْتُ في الجاهليَّةِ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحَرامِ. قال: فأوفِ بِنَذرِك)) رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656). .3- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجِدَ: المسجِدِ الحرامِ، ومَسجِدِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَسجِدِ الأقصى)) رواه البخاري (1189)، ومسلم (1397). . انظر أيضا: المبحث الأول: حكمُ نَذرِ الاعتكافِ. المبحث الثالث: حكمُ من نذَرَ الاعتكافَ قبلَ إسلامِه. المبحث الرابع: من نذر اعتكافَ يومٍ هل يدخُلُ فيه اللَّيلُ؟.

من نذرَ الاعتكافَ قبل أن يُسلِمَ، فيجِبُ الوفاءُ به بعد إسلامِه، وهذا قَولُ أهلِ الظَّاهِرِ ((المحلى)) لابن حزم (5/183)، قال ابنُ حجر: (وبه جزم الطبري والمغيرة بن عبد الرحمن من المالكيَّة، والبخاري، وداود وأتباعُه) ((فتح الباري)) (11/582). ، وهو روايةٌ عن أحمد ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/472). ، واختاره ابنُ بطَّالٍ قال ابنُ حجر: (قال ابنُ بطال: من نذر أو حلَف قبل أن يُسلِمَ على شيءٍ يجبُ الوفاءُ به لو كان مسلمًا؛ فإنّضه إذا أسلَمَ يجِبُ عليه، على ظاهِرِ قصَّةِ عُمرَ) ((فتح الباري)) (11/582). ، والبَغَويُّ قال البغوي: (في هذا الحديث دليلٌ على أنَّ مَن نذر في حال كُفرِه بما يجوز نذره في الإسلام، صحَّ نَذْرُه، ويجب عليه الوفاءُ به بعد الإسلام) ((شرح السنة)) (6/402). ، والصنعاني قال الصنعاني: (دل الحديثُ على أنَّه يجِبُ على الكافر الوفاءُ بما نذر به إذا أسلم) ((سبل السلام)) (4/115). ، والشنقيطي قال الشنقيطي: (اشتراط الإسلامِ في النذر فيه نظر؛ لأنَّ ما نذره الكافِرُ من فِعْلِ الطاعات قد ينعقِدُ نَذْرُه له، بدليل أنَّه يَفعَلُه إذا أسلم بعد ذلك، ولو كان لَغوًا غيرَ مُنعقِدٍ، لَمَا كان له أثرٌ بعد الإسلامِ، فقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعُمَرَ في هذا الحديث الصحيح: ((أوفِ بنَذْرِكَ)). مع أنَّه نَذَرَه في الجاهلية، صريحٌ في ذلك كما ترى) ((أضواء البيان)) (5/248). ، وابن عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (لو كان الناذر كافرًا، فإنَّ نَذْرَه ينعقِدُ، فإنْ وفى به في حال كُفرِه بَرِئَت ذِمَّتُه، وإن لم يَفِ به لَزِمَه أن يُوفِيَ به بعد إسلامِه؛ لأن عمَرَ بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عنه سأل النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (إني نذرْتُ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحرام في الجاهلية، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوفِ بِنَذْرِك). والأمر هنا للوجوبِ، وإيجابُ الوفاءِ عليه لِنَذْرِه فرعٌ عن صِحَّتِه؛ لأنه لو كان غيرَ صحيحٍ، ما وجب الوفاءُ به) ((الشرح الممتع)) (15/209). .الدَّليل منَ السُّنَّة:عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمَرَ سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: كنتُ نَذَرْتُ في الجاهليَّةِ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحَرامِ. قال: فأوفِ بِنَذرِك)) رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656). . انظر أيضا: المبحث الأول: حكمُ نَذرِ الاعتكافِ. المبحث الثاني: نذرُ الاعتكافِ في المساجِدِ الثَّلاثةِ. المبحث الرابع: من نذر اعتكافَ يومٍ هل يدخُلُ فيه اللَّيلُ؟.