المطلب الأول: الخروجُ بجَميعِ البَدَنِ بغير عُذرمَن خرَج من مُعتكَفِه في المسجِدِ لغيرِ حاجةٍ، ولا ضَرورةٍ، ولا بِرٍّ أُمِرَ به، أو نُدِب إليه- بطَل اعتكافُه. الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((وإن كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَيُدخِلُ عليَّ رأسَه وهو في المسجِدِ، فأُرَجِّلُه، وكان لا يدخُلُ البَيتَ إلَّا لحاجةٍ، إذا كان مُعتَكِفًا)) رواه البخاري (2029)، ومسلم (297). . ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا على أنَّ مَن خرج من معتكَفه في المسجد لغيرِ حاجة، ولا ضرورةٍ، ولا بِرٍّ أُمِر به، أو نُدب إليه- فإنَّ اعتكافَه قد بطَل). ((مراتب الإجماع)) (ص: 41)، ولم يتعقَّبه ابنُ تيمية في ((نقد مراتب الإجماع)).      وقيَّد أبو حنيفة الخروجَ بساعة من الزمن، وعند أبي يوسف ومحمد بن الحسن: يَفسُدُ إذا خرج أكثَرَ مِن نصف يوم، قال السرخسي: (فأمَّا إذا خرج ساعةً من المسجد، فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يفسُدُ اعتكافُه، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، لا يفسُدُ ما لم يخرُجْ أكثرَ من نصفِ يَومٍ). ((المبسوط)) (3/215). . المطلب الثاني: الخروجُ بجميع البدَنِ بِعُذرٍالخروجُ لأمرٍ لا بدَّ منه حِسًّا-كقضاء الحاجة- أو شرعًا- كالوضوءِ من الحَدَثِ- جائِزٌ قال ابنُ تيمية: (إنَّ المُعتَكِفَ يخرُجُ من المسجِدِ لِما لا بدَّ منه: كقضاء الحاجة والأكل والشرب) ((مجموع الفتاوى)) (26/216). وقال الشوكاني: («قوله: إلا لحاجةِ الإنسان» فسَّرَها الزهري بالبولِ والغائِطِ، وقد وقع الإجماعُ على استثنائِهما، واختلفوا في غيرِهما من الحاجات كالأكل والشُّربِ، ويلحقُ بالبول والغائِطِ القَيءُ والفَصدُ والحِجامةُ لِمَن احتاج إلى ذلك) ((نيل الأوطار)) (4/266). وقال ابنُ عُثيمين: (الخروج لأمرٍ لا بدَّ منه طبعًا أو شرعًا- كقضاء حاجة البول والغائطِ، والوضوءِ الواجِبِ، والغُسلِ الواجب لجنابةٍ أو غيرها، والأكلِ والشُّربِ- فهذا جائزٌ إذا لم يُمكِنْ فِعلُه في المسجد، فإن أمكَنَ فِعلُه في المسجِدِ فلا، مثل أن يكونَ في المسجِدِ حمَّامٌ يُمكِنُه أن يقضِيَ حاجته فيه وأن يغتسِلَ فيه، أو يكونَ له من يأتيه بالأكلِ والشُّربِ، فلا يخرجْ حينئذٍ؛ لِعَدَمِ الحاجةِ إليه) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/342) . الدَّليل من الإجماعِ:نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر قال ابنُ المنذر: (وأجمعوا على أنَّ للمُعتَكِفِ أن يخرُجَ من مُعتَكَفِه للغائِطِ والبول) ((الإجماع)) (ص50) ، والماوَرْدي قال النووي: (.. وقد نقل ابن المنذر والماوردي وغيرهما إجماعَ المسلمين على هذا) ((المجموع)) (6/490). ، وابنُ قدامة قال ابنُ قدامة: (ولا خِلافَ في أنَّ له الخروجَ لِما لا بدَّ له منه) ((المغني)) (3/192). ، والنووي قال النووي: (.. وهي البول والغائط، وهذا لا خلاف فيه) ((المجموع)) (6/490). . المطلب الثالث: الخروجُ ببعضِ البَدَنِالخروجُ ببعضِ البَدَنِ مِن المسجِدِ، لا بأسَ به للمُعتَكِف، ولا يُفسِدُ الاعتكافَ قال ابنُ حزم: (وله إخراجُ رأسِه من المسجِدِ للتَّرجيلِ) ((المحلى)) (5/187). وقال ابنُ دقيق العيد: (إن المعتكِفَ إذا أخرج رأسَه من المسجد لم يفسُدْ اعتكافه، وقد يُقاسُ عليه غيرُه من الأعضاء إذا لم يُخرِجْ جَميعَ بَدَنِه من المسجِدِ) ((إحكام الأحكام)) (ص89). وقال ابنُ القيم: (وكان إذا اعتكف، دخل قُبَّتَه وَحدَه، وكان لا يدخُلُ بيتَه في حال اعتكافِه إلَّا لحاجة الإنسان، وكان يُخرِجُ رأسه من المسجِدِ إلى بيتِ عائشةَ، فتُرَجِّلُه، وتَغسِلُه وهو في المسجِدِ، وهى حائضٌ) ((زاد المعاد)) (2/89). وقال الصنعاني: (في الحديثِ دليلٌ على... أنَّ خروجَ بعضِ بَدَنِه لا يضُرُّ) ((سبل السلام)) (2/174). وقال ابنُ عُثيمين: (وأمَّا خُروجُه مِن المسجد، فإن كان ببعضِ بَدَنِه فلا بأسَ به) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/341). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (3/117)، وينظر: ((المبسوط)) للشيباني (2/287). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/549)، ((حاشية الدسوقي)) (1/543). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/500)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/332). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/360)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/141). .الأدِلَّة منَ السُّنَّة:1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم...يُخرِجُ رأسَه من المسجِدِ- وهو مُعتكِفٌ- فأغسِلُه، وأنا حائِضٌ)) رواه البخاري (2031) واللفظ له، ومسلم (297). .2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّها كانت تُرَجِّلُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهي حائِضٌ، وهو معتكِفٌ في المسجِدِ، وهي في حُجْرَتِها، يناوِلُها رأسَه)) رواه البخاري (2046) واللفظ له، ومسلم (297). . انظر أيضا: المبحث الثاني: الجِماعُ وإنزالُ المنيِّ والاحتلامُ.  المبحث الثالث: المباشَرة والقُبلة بشَهوةٍ. المبحث الرابع: طروءُ الحَيضِ والنِّفاسِ. المبحث الخامس: طروءُ الإغماءِ والجُنونِ.

المطلب الأول: الجِماعُ وإنزالُ المَنيِّالجِماعُ يَحرُمُ على المُعتَكِفِ ويُفسِدُ عليه الاعتكافَ. الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابقوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187].ثانيًا: من الإجماعنقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر قال ابنُ المنذر: (وأجمعوا على أنَّ المُعتكِفَ ممنوعٌ من المباشرةِ) ((الإجماع)) (ص50). وقال أيضًا: (وأجمعوا على أنَّ من جامع امرأتَه- وهو معتكفٌ عامدًا لذلك في فَرجِها- أنَّه مُفسِدٌ لاعتكافِه) ((الإجماع)) (ص50). ، والجصَّاصُ قال الجصاص: (أنه معلومٌ أنَّ حَظْرَ الجِماع على المُعتَكِف، غيرُ متعَلِّقٍ بِكَونِه في المسجِدِ؛ لأنَّه لا خلاف بين أهل العلم أنَّه ليس له أن يُجامِعَ امرأتَه في بيتِه في حالِ الاعتكافِ) ((أحكام القرآن)) (1/309-310). ، وابنُ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (واتَّفقوا أنَّ الوَطءَ يُفسِدُ الاعتكافَ) ((مراتب الإجماع)) (ص41). ، وابنُ عبدِ البَرِّ قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (ولا أعلم خلافًا في المعتَكِفِ يطأُ أهلَه عامدًا، أنَّه قد أفسَدَ اعتكافَه) ((الاستذكار)) (10/317). ، وابنُ رُشد قال ابنُ رشد: (أجمعوا على أنَّ المُعتكِفَ إذا جامع عامدًا، بطَل اعتكافُه، إلَّا ما رُوي عن ابن لُبابةَ: في غيرِ المَسجِد). ((بداية المجتهد)) (1/316). ، وابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: (وجملةُ ذلك أنَّ الوطءَ في الاعتكافِ مُحَرَّمٌ بالإجماعِ). ((المغني)) (3/196). ، والقُرطبي قال القُرطبي: (وأجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ من جامع امرأتَه- وهو معتكِفٌ عامدًا لذلك في فرجها- أنَّه مُفسِدٌ لاعتكافه) ((تفسير القرطبي)) (2/332). ، والنووي قال النووي: (إن جامع المعتكِفُ ذاكرًا للاعتكافِ، عالِمًا بتحريمِه؛ بطل اعتكافُه بإجماع المسلمينَ، سواء كان جماعُه في المسجِدِ، أو عند خروجه لقضاءِ الحاجةِ ونحوه من الأعذارِ التي يجوز لها الخُروجُ) ((المجموع)) (6/524). .المطلب الثاني: الاحتلامُالمُعتَكِفُ إذا احتلم لا يَفسُدُ اعتكافُه، وعليه أن يغتسِلَ ويُتِمَّ اعتكافَه قال ابنُ حزم: (وكذلك يخرُجُ لحاجةِ الإنسانِ من البول والغائط، وغَسلِ النجاسة وغُسل ِالاحتلامِ) ((المحلى)) (5/188). وقال ابنُ عُثيمين: (الخروجُ لأمرٍ لا بد منه طبعًا أو شرعًا- كقضاءِ حاجةِ البول والغائِطِ، والوضوءِ الواجِبِ، والغُسلِ الواجِبِ لجنابةٍ...) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/342). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعينيى (4/133)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/116)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/396). ، والمالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/177)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/270)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/732). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/500)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/455). ، والحَنابِلة ((الفروع)) لابن مفلح (5/164)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/356،368). . الدَّليل منَ السُّنَّة:عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائِمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يكبَرَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ، أو يُفيقَ)) [1603] رواه أبو داود (4398)، والنسائي (3432)، وابن ماجة (2041)، وأحمد (24694)، والدارمي (2342). صححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/392)، والألباني في ((صحيح النسائي)) (3432)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (89/1): إسناده على شرط مسلم، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (12/124): له شاهد وله طرق يقوي بعضها بعضًا . انظر أيضا: المبحث الأول: الخروجُ من المسجد.  المبحث الثالث: المباشَرة والقُبلة بشَهوةٍ. المبحث الرابع: طروءُ الحَيضِ والنِّفاسِ. المبحث الخامس: طروءُ الإغماءِ والجُنونِ.

يُمنَعُ المُعتكِفُ من أن يُباشِرَ، أو أن يُقبِّل بشهوة.الدَّليل من الإجماعِ:نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذر قال ابنُ المُنذر: (وأجمعوا على أنَّ المعتكِف ممنوعٌ من المباشَرة). ((الإجماع)) (ص50). ، والماورديُّ قال الماوردي: (وأمَّا المباشرة في غير الفرْج للمعتكِف، فضربان؛ أحدُهما: لشهوة  والثاني: لغير شهوة؛ فإن كان لغيرِ شَهوة، كأنْ مسَّ بدَنها لعارضٍ، وقبَّلها عند قدومِها من سفرٍ غيرَ قاصِدٍ للذَّةٍ، فهذا غيرُ ممنوع، ولا مؤثِّرٌ في الاعتكاف؛ لِمَا رُوي عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها كانت تُرجِّلُ شَعرَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومعلومٌ أنَّ بدنَها قد مسَّ بدنَه. وإنْ كان لشهوة، كأنْ قبَّلها، أو لمسَها لشهوةٍ، أو وطِئَها دون الفرْج، فهذا ممنوعٌ منه لا يُختلَفُ [فيه]). ((الحاوي الكبير)) (3/1086). ونقله عنه النوويُّ فقال: (قال الماورديُّ: لكنَّه يُكرَهُ ويحرُم عليه الجِماعُ، وجميعُ المباشرات بالشَّهوة، بلا خِلافٍ). ((المجموع)) (6/524). ، وابنُ عبد البرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (أجمع العلماء أنَّ المعتكِف لا يُباشِرُ ولا يُقبِّلُ). ((التمهيد)) (8/331). ، وابنُ كثير قال ابنُ كثير: (المتَّفَقُ عليه عند العلماء: أنَ المعتكِفَ يحرُم عليه النِّساءُ، ما دام مُعتكِفًا في مسجِده). ((تفسير ابن كثير)) (1/519). ، والشوكانيُّ قال الشَّوكاني: (قيل: المرادُ بالمباشرة هنا الجِماعُ، وقيل: تشمَلُ التقبيلَ واللَّمس إذا كانَا لشهوةٍ، لا إذا كانَا لغير شهوةٍ، فهُما جائزان، كما قاله عطاءٌ، والشَّافعيُّ، وابن المُنذر، وغيرهم، وعلى هذا [يُحمَلُ] ما حكاه ابن عبد البرِّ من الإجماعِ، على أنَّ المعتكِف لا يُباشِرُ ولا يُقبِّلُ، فتكون هذه الحكايةُ للإجماعِ مُقيَّدة بأن يكونَا لشهوةٍ). ((تفسير فتح القدير)) (1/186). . انظر أيضا: المبحث الأول: الخروجُ من المسجد. المبحث الثاني: الجِماعُ وإنزالُ المنيِّ والاحتلامُ. المبحث الرابع: طروءُ الحَيضِ والنِّفاسِ. المبحث الخامس: طروءُ الإغماءِ والجُنونِ.

طُروءُ الحَيضِ أو النِّفاسِ على المعتكِفَةِ يُحرِّمُ عليها اللُّبْثَ في المسجِدِ، فينقطِعُ بذلك اعتكافُها مؤَّقتًا، ولا يُبطِلُه، فإذا طهُرَتْ فإنَّها ترجِعُ إلى المسجِدِ الذي كانت تعتكِفُ فيه، وتبني على ما مضى من اعتكافِها، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/552)، وينظر: (((الكافي)) (1/354)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/45)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص31، 85). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/519،520)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/454، 455). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرادوي (3/265)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/357-358). ، وحُكي الإجماعُ على تحريمِ مُكْثِها في المسجِدِ قال ابنُ قدامة: (أما خروجُها من المسجِدِ، فلا خلافَ فيه؛ لأنَّ الحَيضَ حدثٌ يمنَعُ اللُّبثَ في المسجدِ، فهو كالجنابةِ وآكَدُ منه) ((المغني)) (3/206). .الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43].وجه الدلالة:أنه إذا وجب على الجُنُبِ ألَّا يمكُثَ في المسجِدِ حتى يغتسِلَ، فالحائِضُ والنُّفَساءُ أَوْلَى منه بذلك؛ لأنَّ حَدَثَهما أغلَظُ مِن حَدَثِ الجَنابةِ ((نيل الأوطار)) للشوكاني (1/ 286). . ثانيًا: مِن السُّنَّةِ1- عن أمِّ عطيَّةَ قالت ((أمَرَنا- تعني النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أن نُخرِجَ في العِيدَينِ العواتِقَ، وذواتِ الخُدورِ، وأمَرَ الحُيَّضَ أن يعتَزِلْنَ مُصَلَّى المُسلِمينَ)) رواه البخاري (324)، ومسلم (890) واللفظ له. 2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((قال لي رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ناولِيني الخُمرةَ من المسجِدِ. قالت: فقُلْتُ إنِّي حائِضٌ. فقال: إنَّ حَيضَتَكِ ليست في يَدِكِ)) رواه مسلم (298). انظر أيضا: المبحث الأول: الخروجُ من المسجد. المبحث الثاني: الجِماعُ وإنزالُ المنيِّ والاحتلامُ.  المبحث الثالث: المباشَرة والقُبلة بشَهوةٍ. المبحث الخامس: طروءُ الإغماءِ والجُنونِ.

طُروءُ الإغماءِ والجُنونِ يقطَعُ الاعتكافَ، فإن أفاق بنى على اعتكافِه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/183)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/291)، ((الذخيرة)) للقرافي (2/544). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/517-518)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/495). والحَنابِلة ((الفروع)) لابن مفلح (5/133)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/351). . الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّةعن عائشةَ رَضِيَ الله عنها، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائِمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصَّغيرِ حتى يكبَرَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ، أو يُفيقَ)) [1619] رواه أبو داود (4398)، والنسائي (3432)، وابن ماجة (2041)، وأحمد (24694)، والدارمي (2342). صححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/392)، والألباني في ((صحيح النسائي)) (3432)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (89/1): إسناده على شرط مسلم، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (12/124): له شاهد وله طرق يقوي بعضها بعضًا . ثانيًا: لأنَّه مغلوبٌ على زوالِ عَقلِه بأمرٍ هو فيه مَعذورٌ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/ 495). . انظر أيضا: المبحث الأول: الخروجُ من المسجد. المبحث الثاني: الجِماعُ وإنزالُ المنيِّ والاحتلامُ.  المبحث الثالث: المباشَرة والقُبلة بشَهوةٍ. المبحث الرابع: طروءُ الحَيضِ والنِّفاسِ.

الرِّدَّةُ تُفسِدُ الاعتكافَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (3/115)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/116). ، والمالكيَّة ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (2/392)،وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/544)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص85). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/518)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/494). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/362)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/198)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/145). .الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب1- قوله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِه [التوبة: 54].وجه الدلالة:أنَّه من بابِ أَوْلى عَدَمُ قَبولِ العباداتِ البَدَنيَّةِ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/9). .2- قَولُه تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان: 23].وجه الدلالة:أنَّ المعنى: أي: قَصَدْنا في ذلك إلى ما كان يَعْمَلُه المُجرِمونَ من عملِ بِرٍّ عند أنفُسِهم، فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا أي: لا يُنتفَعُ به؛ حيثُ أبطَلْناه بالكُفرِ ((تفسير القرطبي)) (13/21 - 22)، وانظر ((تفسير الطبري)) (19/256 - 257). قال ابنُ كثير: (فعَمَلُ الرُّهبانِ ومَن شابَهَهم- وإن فُرِضَ أنَّهم مُخلِصون فيه لله- فإنَّه لا يُتقَبَّلُ منهم، حتى يكونَ ذلك مُتابِعًا للرَّسولِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المبعوثِ إليهم وإلى النَّاسِ كافَّةً، وفيهم وأمثالِهم قال الله تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا **الفرقان: 23**، وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا **النور: 39** ) ((تفسير ابن كثير)) (1/385). . 3- قوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65].ثانيًا: مِن السُّنَّةِعن عُمَرَ بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى)) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907). .وجه الدلالة:أنَّ العبادةَ لا تؤدَّى إلَّا بالنيَّةِ، والكافِرُ ليس من أهلِ النيَّةِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/108). . انظر أيضا: المبحث الأول: الخروجُ من المسجد. المبحث الثاني: الجِماعُ وإنزالُ المنيِّ والاحتلامُ.  المبحث الثالث: المباشَرة والقُبلة بشَهوةٍ. المبحث الرابع: طروءُ الحَيضِ والنِّفاسِ.