إذا شَرَعَ الإنسانُ في صومٍ واجبٍ- كقضاءٍ، أو كفَّارة يمينٍ، وما أشبَه ذلك مِنَ الصِّيام الواجبِ- فإنَّه يلزَمُه إتمامُه، ولا يجوزُ له أن يقطَعَه إلَّا لعُذرٍ شَرعيٍّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/338)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/94). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/537)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (2/523). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/316)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/448). ، والحَنابِلة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/34) ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/343). .الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتابعمومُ قَولِه تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33].ثانيًا: لأنَّ المتعَيِّنَ وجب عليه الدُّخولُ فيه، وغيرُ المتعَيِّنِ تعيَّنَ بدُخولِه فيه، فصار بمنزلةِ الفَرضِ المتعَيِّن ((المغني)) لابن قدامة (3/ 161). . انظر أيضا: المبحث الثاني: حكمُ إتمامِ مَن شرَعَ في صومِ التطوُّعِ وحُكمُ قَضائِه إن أفسَدَه.

المطلب الأول: حكمُ إتمامِ مَن شَرَعَ في صومِ التطوُّعِمَن شرَعَ في صومِ تطوعٍ فيُستحَبُّ إتمامُه ولا يلزَمُه، وهذا مذهَبُ الشَّافِعيَّة قال النووي: (قد ذَكَرْنا أنَّ مَذهَبَنا أنَّه يستحَبُّ البقاءُ فيهما، وأن الخروجَ منهما بلا عذر ٍليس بحرام، ولا يجِبُ قضاؤهما، وبهذا قال عمر وعلي، وابن مسعود وابن عمر، وابن عباس وجابر بن عبد الله، وسفيان الثوري، وأحمد وإسحاق) ((المجموع)) للنووي (6/421)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/448). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/342)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/159). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَفِ نقل النووي وابن قدامة هذا القول عن ابن عمر، وعلي، وابن عباس، وابن مسعود وابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، وكذا عن سفيان الثوري وإسحاق. ينظر: ((المغني)) (3/159)، ((المجموع)) للنووي (6/493). ، واختيارُ ابنِ عُثيمين   ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/286). . الأدِلَّة منَ السُّنَّة:1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((دخل عليَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ، فقال: هل عندكم شَيءٌ؟ فقلنا: لا. قال: فإنِّي إذًا صائِمٌ، ثم أتانا يومًا آخَرَ، فقلنا: يا رسولَ الله، أهدِيَ لنا حَيسٌ، فقال: أرينِيه، فلقد أصبحتُ صائِمًا. فأكَلَ)) رواه مسلم (1154). . 2- عن أبي جُحيفةَ قال: ((آخى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين سلمانَ وأبي الدَّرداءِ، فزار سَلمانُ أبا الدَّرداءِ، فرأى أمَّ الدَّرداءِ مُتبذِّلةً، فقال لها: ما شأنُكِ؟ قالت: أخوك أبو الدَّرداءِ ليس له في الدُّنيا حاجةٌ. فجاء أبو الدَّرداءِ فصَنَعَ له طعامًا، فقال: كُلْ فإني صائمٌ. قال ما أنا بآكِلٍ حتى تأكُلَ، فأكَلَ. فلمَّا كان الليلُ ذهب أبو الدَّرداءِ يقوم، قال: نَمْ. فنام ثم ذهَبَ يقومُ، فقال: نَمْ. فنام، ثم ذهَبَ يقومُ، قال: نم، فنام. فلما كان مِن آخرِ اللَّيلِ، قال سَلمانُ: قُمِ الآن. فصَلَّيَا. فقال له سلمانُ: إنَّ لِرَبِّك عليك حقًّا، ولنفسِك عليك حقًّا، ولأهلِكَ عليك حقًّا، فأعِطْ كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكَرَ ذلك له، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: صَدَقَ سَلْمانُ)) رواه البخاري (1968). . المطلب الثاني: حكمُ قَضاءِ صَومِ التطَوُّعِ إن أفسَدَهإذا أفسد الإنسانُ صَومَه النَّفلَ، فلا يجِبُ عليه القضاءُ، وهذا مذهَبُ الشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/394)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/448). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/343)، وينظر: ((المغني)) (3/159). ؛ وهو قول طائفةٍ من السلف قال النووي: (قد ذكرنا أنَّ مَذْهَبَنا أنَّه يُستحَبُّ البقاءُ فيهما- أي في صوم تطوع أو صلاة تطوُّعٍ- وأنَّ الخروجَ منهما بلا عذرٍ، ليس بحرامٍ، ولا يجِبُ قضاؤهما، وبهذا قال عمر وعلي، وابن مسعود وابن عمر، وابن عباس وجابر بن عبد الله، وسفيان الثوري، وأحمد وإسحاق) ((المجموع)) للنووي (6/394). ؛ وذلك لأنَّ القضاءَ يتبَعُ المقضِيَّ عنه، فإذا لم يكُنْ واجبًا، لم يكن القَضاءُ واجِبًا ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/343). . انظر أيضا: المبحث الأول: حكمُ إتمامِ مَن شرع في الصَّومِ الواجِبِ.