1- فيه أُنزِلَ القُرآنُ:الدَّليل من الكتابقولُه تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة: 185].وكان هذا في ليلةِ القَدرِ مِن رمضانَ، قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر: 1].وقال سبحانه: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ [الدخان: 3]. 2- فيه تُفَتَّحُ أبوابُ الجنَّةِ، وتُغَلَّقُ أبوابُ النَّارِ، وتُصَفَّدُ الشَّياطينُ:الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا جاء رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ الجنَّة، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ، وصُفِّدَت الشَّياطينُ)) رواه البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ له. . 3- العُمرةُ فيه تعدِلُ حَجَّةً:الدَّليل منَ السُّنَّة:عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لامرأةٍ مِنَ الأنصارِ: ما منعَكِ أن تحجِّي معنا؟ قالت: لم يكُنْ لنا إلَّا ناضحانِ، فحَجَّ أبو وَلَدِها وابنُها على ناضحٍ، وترك لنا ناضحًا ننضَحُ عليه. قال: فإذا جاء رمضانُ فاعتَمِري؛ فإنَّ عُمرةً فيه تعدِلُ حَجَّةً)) رواه البخاري (1782)، ومسلم (1256). .وفي روايةٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((لَمَّا رجَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن حَجَّتِه قال لأمِّ سِنانٍ الأنصاريَّة: ما منعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قالت: أبو فلان- تعني زوجَها- كان له ناضحانِ؛ حَجَّ على أحَدِهما، والآخَرُ يَسقِي أرضًا لنا. قال: فإنَّ عُمرةً في رمضانَ تَقضي حَجَّةً معي)) رواه البخاري (1863)، ومسلم (1256). .- وهذا الفَضلُ ليس مختصًّا بهذه المرأةِ وَحدَها، بل هو عامٌّ لجميعِ المُسلمين قال ابنُ حجر: (والظَّاهِرُ حَملُه على العُمومِ كما تقَدَّمَ) ((فتح الباري)) (3/605). وقال ابنُ عُثيمين: (والصَّحيحُ أنَّها عامَّةٌ خلافًا لِمَن قال: إنَّ هذا الحديثَ ورَدَ في المرأةِ التي تخلَّفَتْ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَجِّ، فقال لها: ((عُمرةٌ في رَمَضانَ تَعدِلُ حَجَّةً معي))، فإنَّ بَعضَ العُلَماءِ قال: إنَّ هذا خاصٌّ بهذه المرأةِ، يريد أن يُطَيِّبَ قَلْبَها، ولكنَّ الصَّوابَ أنَّها عامَّةٌ) ((الشرح الممتع)) (7/378). قال ابنُ باز: (أفضَلُ زمانٍ تؤدَّى فيه العمرةُ: شَهرُ رَمَضانَ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/431). . - وكان السَّلَفُ رَحِمَهم اللهُ يُسَمُّونَ العُمرةَ في رمضانَ: الحَجَّ الأصغرَ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/137). ؛ لأنَّ المُعتَمِرَ في رمضانَ إن عاد إلى بلَدِه فقد أتى بسفرٍ كاملٍ للعُمرةِ ذَهابًا وإيابًا في شَهرِ رَمضانَ، فاجتمَعَ له حُرمةُ شَهرِ رَمضانَ وحُرمةُ العُمرةِ، وصار ما في ذلك مِن شَرَفِ الزَّمان والمَكان، يناسِبُ أن يُعدَلَ بما في الحَجِّ مِن شَرَفِ الزَّمان- وهو أشهُرُ الحَجِّ- وشرَفِ المكان ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/293). .- كما أنَّ هذه العُمرةَ لا تُغني عن حَجَّةِ الإسلامِ الواجِبةِ، بإجماعِ أهلِ العِلمِ قال ابنُ بطَّالٍ: (قوله: "فإنَّ عمرة فيه كحجة" يدل أنَّ الحج الذى ندبها إليه كان تطوعًا؛ لإجماع الأمة أنَّ العمرة لا تجزئ من حجة الفريضة) ((شرح صحيح البخاري)) (4/438). وينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (3/604). وقال النووي: (وفي الرواية الأخرى (تقضي حَجَّةً)، أي تقومُ مَقامَها في الثَّوابِ، لا أنَّها تَعدِلُها في كلِّ شَيءٍ فإنَّه لو كان عليه حَجَّةٌ فاعتمَرَ في رمضانَ، لا تُجزِئُه عَنِ الحَجَّةِ). ((شرح النووي على مسلم)) (9/2). وقال ابنُ تيمية: (المُشَبَّه ليس كالمُشَبَّهِ به من جميعِ الوُجوهِ، لا سيما في هذه القِصَّةِ؛ باتفاقِ المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) (26/293). وقال ابنُ حجر: (فالحاصِلُ أنَّه أعلَمَها أنَّ العُمرةَ في رمَضانَ تَعدِلُ الحجَّةَ في الثَّوابِ، لا أنَّها تقومُ مَقامَها في إسقاطِ الفَرضِ؛ للإجماعِ على أنَّ الاعتمارَ لا يُجزِئُ عن حَجِّ الفَرضِ، ونقل التِّرمذي عن إسحاقَ بنِ راهَوَيهِ أنَّ معنى الحديثِ نظيرُ ما جاء أنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدِلُ ثلُثَ القُرآنِ) ((فتح الباري)) (3/604)، وانظر ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (3/500)، ((شرح النووي على مسلم)) (9/2)، ((الفروع)) لابن مفلح (5/321)، ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/70-71). ، فلا يَلزَمُ من معادَلةِ الشَّيءِ للشَّيءِ أن يكون مُجْزِئًا عنه، فهو يعادِلُه في الثَّوابِ لا في الإجزاءِ عنه ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/71). . انظر أيضا: المبحث الثاني: ليلةُ القَدرِ .

المطلب الأول: ليلةُ القَدرِ، فَضلُها، وما يُشرَع فيها، ووقتُها الفرع الأول: فضلُ ليلةِ القَدرِ وفي سبَبِ تَسمِيَتِها بليلةِ القَدرِ عِدَّةُ أقوالٍ؛ أهمها: أنَّها سُمِّيَتْ بلَيلةِ القَدرِ، مِنَ القَدْرِ وهو الشَّرفُ. وقيل: لأنَّه يُقَدَّرُ فيها ما يكون في تلك السَّنَة. وقيل: لأنَّ للقيامِ فيها قدْرًا عظيمًا. ينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/181)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/492). - أُنزِلَ فيها القُرآنُ:قال تعالى: إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر: 1].- يقَدِّرُ اللهُ سبحانه وتعالى فيها كُلَّ ما هو كائنٌ في السَّنَةِ:قال تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [الدخان: 4-5].ففي تلك الليلةِ يُقَدِّرُ اللهُ سبحانه مقاديرَ الخلائِقِ على مدارِ العامِ وهو تقديرٌ ثانٍ؛ إذ إنَّ الله تعالى قد قدَّر كلَّ شيء قَبل أن يخلُق الخلائق بخمسين ألفَ سَنةٍ. ، ويُكتَبُ فيها الأحياءُ والأمواتُ، والنَّاجون والهالكونَ، والسُّعداءُ والأشقياءُ، والعزيزُ والذَّليلُ، وكلُّ ما أراده اللهُ سبحانه وتعالى في السَّنةِ المُقبلةِ، يُكتَبُ في ليلةِ القَدرِ هذه ((تفسير ابن جرير)) (16/480)، ((تفسير ابن كثير)) (4/469). .- أنَّها ليلةٌ مُبارَكة:قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ [الدخان: 3].- العبادةُ فيها تَفضُلُ العبادةَ في ألفِ شَهرٍ:قال تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر: 3].فالعبادةُ فيها أفضَلُ عند اللهِ مِن عبادة ألفِ شَهرٍ، ليس فيها ليلةُ القَدرِ.وألفُ شَهرٍ تَعدِلُ: ثلاثًا وثمانينَ سَنَةً وأربعةَ أشهُرٍ ((تفسير ابن كثير)) (4/442). .- ينزِلُ فيها جبريلُ والملائكةُ بالخَيرِ والبَرَكةِ:قال تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [القدر: 4].فتنزِلُ الملائكةُ فيها إلى الأرضِ بالخَيرِ والبَرَكة والرَّحمةِ والمَغفرةِ.- ليلةُ القَدرِ سَلامٌ:قال تعالى: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر: 5]فهي ليلةٌ خاليةٌ مِنَ الشَّرِّ والأذى، وتكثُرُ فيها الطَّاعةُ وأعمالُ الخَيرِ والبِرِّ، وتكثُرُ فيها السَّلامةُ مِنَ العذابِ؛ فهي سلامٌ كُلُّها. الفرع الثاني: ما يُشرَعُ في ليلةِ القَدرِ المسألة الأولى: القيامُيُشرَعُ في هذه الليلةِ الشَّريفةِ قيامُ لَيلِها بالصَّلاةِ.الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ومن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقَدَّمَ مِن ذَنبِه)) رواه البخاري (2014)، ومسلم (760). . المسألة الثانية: الاعتكافيُشرَعُ في ليلةِ القَدرِ الاعتكافُ؛ فقد كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعتَكِفُ في العَشْرِ الأواخِرِ؛ التماسًا لِلَيلةِ القَدْرِ. الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من كان اعتكَفَ معي، فلْيعتكِفِ العَشرَ الأواخِرَ، وقد أُريتُ هذه الليلةَ ثم أُنسِيتُها، وقد رأيتُني أسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ مِن صَبيحَتِها فالتَمِسوها في العَشرِ الأواخِرِ، والتَمِسوها في كُلِّ وِترٍ)) رواه البخاري (2027)، واللفظ له، ومسلم (1167). . المسألة الثالثة: الدُّعاءيُشرَعُ الدُّعاءُ فيها والتقَرُّبُ به إلى اللهِ تبارك وتعالى.الدَّليل منَ السُّنَّة:عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القَدرِ، ما أقولُ فيها؟ قال: قُولي: اللَّهُمَّ، إنِكَّ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي)) رواه أحمد (6/171) (25423)، والترمذي (3513)، وابن ماجة (3850)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (4/407) (7712)، والحاكم (1/712)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (3/338) (3700). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال النووي في ((الأذكار)) (247): إسناده صحيح، وصححه ابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/249)، والألباني في ((صحيح الترمذي)) (3513) قال الدارقطني رحمه الله في سُنَنِه (3/233): "هذه كلها مراسيلُ؛ ابنُ بُريدةَ لم يسمَعْ من عائشةَ شَيئًا" وقال البيهقي في السنن الكبرى(7/118):"وهذا مرسلٌ؛ ابنُ بريدةَ لم يسمَعْ من عائشةَ" . المسألة الرابعة: العَمَلُ الصَّالِحُقال الله تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر: 3].قال كثيرٌ مِنَ المُفَسِّرينَ: أي: العَمَلُ فيها خيرٌ مِنَ العَمَلِ في ألفِ شَهرٍ، ليس فيها ليلةُ القَدْرِ؛ ففي تلك الليلةِ يُقسَمُ الخيرُ الكثيرُ الذي لا يُوجَدُ مِثلُه في ألفِ شَهرٍ ((تفسير القرطبي)) (20/131). .المطلب الثاني: وقتُ ليلةِ القَدرِ وعلامَتُها الفرع الأول: وقتُ ليلةِ القَدْرِليلةُ القَدْرِ في العَشْرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ، وهي في الأوتارِ أقرَبُ مِنَ الأشفاعِ، وهو مذهبُ الشَّافِعيَّة قال النووي: (مذهَبُنا ومذهَبُ جُمهورِ العُلَماءِ أنَّها في العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ وفي أوتارِها أرجى) ((روضة الطالبين)) (2/389)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/449). ، والحَنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/344)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/182). ، وقولٌ للمالكيَّة ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص 85)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/740). واختاره ابنُ تيميَّةَ قال ابنُ تيمية: (ليلةُ القَدرِ في العَشرِ الأواخِرِ مِن شَهرِ رمضان، هكذا صحَّ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ أنَّه قال: هي في العَشرِ الأواخِرِ مِن رمضان، وتكونُ في الوِترِ منها) ((مجموع الفتاوى)) (25/284). والصنعانيُّ قال الصنعاني: (وجمع بين الرِّواياتِ بأنَّ العَشرَ للاحتياطِ منها، وكذلك السَّبع والتِّسع لأن ذلك هو المَظِنَّة، وهو أقصى ما يُظَنُّ فيه الإدراكُ) ((سبل السلام)) (2/176). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (والرَّاجِحُ أنَّها متنقِّلةٌ في ليالي العَشرِ كُلِّها، وأوتارُها أحرى، وليلةُ سَبعٍ وعشرين آكَدُ الأوتارِ في ذلك، ومن اجتهَدَ في العَشرِ كُلِّها في الصَّلاةِ والقُرآنِ والدُّعاءِ وغَيرِ ذلك مِن وُجوهِ الخَيرِ، أدرك ليلةَ القَدْرِ بلا شكٍّ، وفاز بما وعَدَ اللهُ به مَن قامَها، إذا فعل ذلك إيمانًا واحتسابًا) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (6/399). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (وليلةُ القَدْرِ في العَشرِ الأواخِرِ مِن رمضانَ.. وهي في الأوتارِ أقرَبُ من الأشفاعِ.. وهي في السَّبعِ الأواخِرِ أقرَبُ..) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/346-347). .الأدِلَّة منَ السُّنَّة:1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تَحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ في الوِترِ مِنَ العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ)) رواه البخاري (2017)، ومسلم (1169). .2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((التَمِسُوها في العَشرِ الأواخِرِ مِن رمضانَ، ليلةُ القَدْرِ في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى، في خامسةٍ تبقى)) رواه البخاري (2021). .3- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رجالًا مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُرُوا ليلةَ القَدْرِ في المنامِ في السَّبعِ الأواخِرِ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أرى رُؤيَاكم قد تواطَأَتْ في السَّبعِ الأواخِرِ، فمن كان مُتَحَرِّيَها فلْيتحَرَّها في السَّبعِ الأواخِرِ)) رواه البخاري (2015)، ومسلم (1165). .4- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رأى رجلٌ أنَّ ليلةَ القَدْرِ ليلةَ سَبعٍ وعشرينَ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أرى رُؤياكم في العَشْرِ الأواخِرِ، فاطلُبوها في الوِترِ منها)) رواه البخاري (6991)، ومسلم (1165). . الفرع الثاني: هل ليلةُ القَدْرِ تتنقَّلُ أم هي ثابتةٌ؟لا تختَصُّ ليلةُ القَدرِ بليلةٍ مُعَيَّنةٍ في جميعِ الأعوامِ، بل تتنقَّلُ في ليالي العَشْرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/450). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/354). ، وقولٌ عند المالكيِّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/551)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 85)، ((المقدمات الممهدات)) لابن رشد (1/267). وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العلم ((المقدمات الممهدات)) لابن رشد (1/267)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/389). .الأدِلَّة مِن السُّنَّةِ:1- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كنتُ أجاوِرُ هذه العَشْرَ، ثم قد بدا لي أن أجاوِرَ هذه العَشْرَ الأواخِر، فمن كان اعتَكَفَ معي فلْيَثْبُتْ في مُعتَكَفِه، وقد أُرِيتُ هذه الليلةَ، ثم أُنْسِيتُها مِن أسبابِ إخفاءِ ليلةِ القدْر عن العِباد؛ ليَكثُرَ عملُهم في طَلَبِها في تلك الليالي الفاضِلة، بالصَّلاةِ والذِّكرِ والدُّعاءِ؛ فيزدادوا قُربةً مِنَ الله وثوابًا، وكذلك ليتبيَّنَ مَن كان جادًّا في طَلَبِها، حريصًا عليها، ممَّن كان كسلانَ مُتهاوِنًا، فإنَّ مَن حرَص على شيءٍ، جَدَّ في طَلَبِه، وهان عليه التَّعبُ في سبيلِ الوُصولِ إليه، والظَّفَرِ به.ينظر: (( مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/347). ، فابتَغُوها في العَشْرِ الأواخِرِ، وابتَغُوها في كلِّ وِترٍ، وقد رأيتُني أسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ، فاستهَلَّتِ السَّماءُ في تلك الليلةِ فأمطَرَت، فوَكَف المسجِدُ في مُصَلَّى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليلةَ إحدى وعشرينَ، فبَصُرَتْ عيني رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ونَظَرْتُ إليه انصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ ووجهُه ممتلئٌ طينًا وماءً)) رواه البخاري (2108)، واللفظ له، ومسلم (1167). .2- عن عبدِ اللهِ بنِ أُنَيسٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أُرِيتُ ليلةَ القَدْرِ ثمَّ أُنْسِيتُها، وأُراني صُبْحَها أسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ، قال: فمُطِرْنَا ليلةَ ثلاثٍ وعِشرينَ، فصلَّى بنا رسولُ الله، فانصرَفَ، وإنَّ أثَرَ الماءِ والطِّينِ على جَبهَتِه وأنفِه)) رواه مسلم (1168). . الفرع الثالث: بقاءُ ليلةِ القَدْرِليلةُ القدْرِ موجودةٌ لم تُرفَعْ، وباقيةٌ إلى يومِ القِيامة. الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تَحرَّوا لَيلةَ القدْرِ في الوِتْر من العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمضانَ)) رواه البخاري (2017)، ومسلم (1169). .ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ قال النووي: (وأجمَعَ مَن يُعتَدُّ به على وُجودِها ودوامِها إلى آخِرِ الدَّهرِ؛ للأحاديثِ الصحيحةِ المشهورةِ ) ((شرح النووي على مسلم)) (8/57). . الفرع الرابع: علامةُ ليلةِ القَدْرِمن علاماتِ ليلةِ القَدرِ أنَّ الشَّمسَ تطلُعُ في صبيحَتِها صافيةً، ليس لها شُعاعٌ. الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: ((... أخبَرَنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها تطلُعُ يومَئذٍ لا شُعاعَ لها)) رواه مسلم (762). وفي لفظٍ آخَرَ لِمُسلمٍ عن أبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((وأمارَتُها أن تطلُعَ الشَّمسُ في صبيحةِ يَومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها)) رواه مسلم (762). . انظر أيضا: المبحث الأول: خصائصُ شَهرِ رَمَضان.