المطلب الأول: تعجيلُ الفِطرِيُسَنُّ للصَّائِمِ تعجيلُ الفِطرِ، إذا تحقَّقَ مِن غروبِ الشَّمسِ [275] استحبَّ الجمهورُ الإفطارَ على رُطَبٍ، فإنْ لم يوجَد فتَمْرٌ، فإنْ لم يوجَدْ فَعَلى ماءٍ. . الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّة1- عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عَجَّلوا الفِطرَ)) رواه البخاري (1957)، ومسلم (1098). .2- وعن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يزالُ الدِّينُ ظاهرًا ما عَجَّلَ النَّاسُ الفِطرَ؛ لأنَّ اليَهودَ والنَّصارى يُؤَخِّرونَ)) رواه أبو داود (2353)، وابن ماجه (1698)، وأحمد (2/450) (9809)، وابن خزيمة (3/275)، وابن حبان (8/273) (3503)، والحاكم (1/596). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (6/359)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)). .ثانيًا: من الإجماعنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (وأجمعوا على أنَّ مِن سُنَنِ الصَّوم: تأخيرَ السُّحورِ، وتَعجيلَ الفِطر). ((بداية المجتهد)) (1/307). ، وابنُ دقيق العيد قال ابنُ دقيق العيد: (تعجيلُ الفِطر بعد تيقُّن الغُروبِ: مُستحبٌّ باتِّفاقٍ). ((إحكام الأحكام)) (1/281). ، وابنُ مُفلح قال ابنُ مفلح: (يُسنُّ تعجيلُ الإفطارِ إذا تحقَّقَ غُروبُ الشَّمسِ"ع" [إجماع]، وتأخيرُ السُّحور "ع" [إجماع] ما لم يَخشَ طلوعَ الفجر). ((الفروع وتصحيح الفروع)) (5/30). ، والمَرداويُّ قال المَرداويُّ: (أحدهما: قوله: "ويُستحبُّ تعجيلُ الإفطارِ"، إجماعًا، يعني: إذا تحقَّقَ غروب الشَّمسِ. الثاني: قوله: "ويُستحَبُّ تأخيرُ السُّحورِ". إجماعًا). ((الإنصاف)) (3/234). ونسب ابنُ قُدامةَ استحبابَ تعجيلِ الفِطرِ إلى أكثَرِ أهلِ العِلمِ، فقال: (وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلم؛ لِمَا رَوى سَهلُ بنُ سَعدٍ الساعديُّ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تزالُ أمَّتي بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطرَ)) متفق عليه). ((المغني)) (3/174)، وهذا يُشعِر بالخِلافِ، لكنَّه لم يذكُر مَن خالفَ الإجماعَ، فالله أعلم. فرع: حُكمُ الفِطرِ بغَلَبةِ الظَّنِّيجوزُ الفِطرُ إذا غلب على ظنِّه أنَّ الشَّمسَ قد غرَبَت، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/407). ، والمالكيَّة ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/443)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/702). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/307). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/220). . الأدلة:أولًا: منَ السُّنَّةعن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قالت: ((أفطَرْنا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ غيمٍ ثم طَلَعتِ الشَّمسُ)) رواه البخاري (1959). . وجهُ الدَّلالة:أنَّ الصَّحابةَ أفطَروا بناءً على اجتهادٍ منهم؛ حيث غلَبَ على ظَنِّهِم أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبَت وكانوا في يومِ غيمٍ، مع أنَّها في نَفسِ الأمرِ لم تَغرُبْ ولم يُنكَرْ عليهم ما فَعَلوه مِنَ العَمَلِ بالظَّنِّ الغالِبِ ينظر: تعليق ابن عُثيمين على حقيقة الصيام. ((الموقع الرسمي للشيخ ابن عُثيمين)). .ثانيًا: أنَّه لا يوجَدُ يَقينٌ أزال ذلك الظَّنَّ الذي بنى عليه، فأشبَهَ ما لو صلَّى بالاجتهادِ، ثمَّ شَكَّ في الإصابةِ بعد صلاتِه ((المغني)) لابن قدامة (3/148). . المطلب الثَّاني: ما يُقالُ عند الإفطارِيُسَنُّ أن يُقالَ عند الإفطارِ: ذهَبَ الظَّمَأُ، وابتلَّتِ العروقُ، وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ.فعن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أفطَرَ قال: ((ذهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثَبَتَ الأجرُ قال الطيبي: (قوله: (ثبت الأجرُ) بعد قوله (ذَهَبَ الظَّمَأ) استبشارٌ منه؛ لأنَّه مَن فاز ببُغيَتِه ونال مَطلوبَه بعد التَّعَب والنَّصَب، وأراد اللَّذَّةَ بما أدركَه، ذكر له تلك المشقَّة، ومن ثم حَمِدَ أهلُ الجنَّة في الجنَّة). يُنظر: ((فيض القدير للمناوي)) (5/136). وقال القاري: (وابتلَّتِ العُروق) أي: بزوالِ اليُبوسة الحاصلةِ بالعَطَش... وقال: (ثبت الأجر) أي زال التَّعَب وحصل الثَّوابُ) ((مرقاة المفاتيح)) (4/474). إن شاءَ اللهُ)) رواه أبو داود (2357)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2/255)، والدارقطني في ((السنن)) (2279)، والحاكم (1/584)، قال الحاكم في ((المستدرك)): صحيح على شرط الشيخين، وحسن إسناده الدارقطني في ((السنن)) (2/401)، وابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (407)، وحسن الحديث ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (4/339)، والألباني في ((صحيح أبي داود)) (2357) . انظر أيضا: المبحث الثاني: السُّحـــورُ. المبحث الثالث: اجتنابُ الصَّائِم للمُحَرَّمات والاشتغالُ بالطَّاعات . المبحث الرابع: ما يقوله الصَّائِم إن سابَّه أحد أو قاتله.  المبحث الخامس: ما يفعَلُه الصَّائِم إذا دُعِيَ إلى طعامٍ .

المطلب الأول: تعريفُ السُّحورالسُّحُور (بضَمِّ السِّينِ): أكلُ طَعامِ السَّحَرِ. والسَّحورُ (بِفَتحِ السِّينِ): طعامُ السَّحَرِ وشرابُه.فهو بالفَتح: اسمُ ما يُتَسَحَّرُ به، وبالضَّمِّ المصدَرُ والفِعلُ نَفسُه ((لسان العرب)) لابن منظور (1/ 351). قال الأَزهري: (السَّحُور: ما يُتَسَحَّرُ به وقتَ السَّحَرِ مِن طعامٍ أو لَبَنٍ أو سُوَيق، وُضع اسمًا لِمَا يؤكَلُ ذلك الوقتَ، وقد تسحَّرَ الرجلُ ذلك الطعامَ؛ أي: أكَلَه) ((تهذيب اللغة)) (4/ 171، 172). وقال ابنُ الأَثير: (.. وهو بالفتح- أي السَّحُور-: اسمُ ما يُتَسحَّرُ به مِنَ الطَّعامِ والشَّرابِ، وبالضَّمِّ- أي السُّحُور-: المصدَرُ والفِعلُ نَفسُه) ((النهاية)) (2/ 347). . المطلب الثاني: حُكمُ السُّحورِيُستحبُّ لِمَن أراد الصِّيامَ أن يتسحَّرَ. الأدِلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِثبت ذلك عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالسنَّةِ القوليَّة والفعليَّة.1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تسَحَّرُوا؛ فإنَّ في السَّحورِ بَرَكةً قال البخاري في صحيحه: (بابُ بَرَكةِ السَّحور من غيرِ إيجابٍ: لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه واصلوا ولم يُذكَرِ السَّحورُ). ((صحيح البخاري)) قبل حديث (1922)، وانظر ((فتح الباري)) لابن حجر (4/139). )) رواه البخاري (1923)، ومسلم (1095). .2- وعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه حَدَّثَه: ((أنَّهم تسَحَّروا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ قاموا إلى الصَّلاةِ... قال الجصاص: (فندب رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى السَّحور، وليس يمتنِعُ أن يكونَ مُرادُ الله بقوله:وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ في بعضِ ما انتظمه: أكْلةَ السحورِ، فيكون مندوبًا إليها بالآية. فإن قيل: قد تضمَّنَتِ الآيةُ- لا محالةَ- الرُّخصةَ في إباحةِ الأكلِ، وهو ما كان منه في أوَّلِ اللَّيلِ لا على وجهِ السحورِ، فكيف يجوزُ أن ينتَظِمَ لَفظٌ واحدٌ ندبًا وإباحةً؟ قيل له: لم يثبُتْ ذلك بظاهرِ الآية، وإنَّما استدلَلْنا عليه بظاهِرِ السُّنة، فأمَّا ظاهِرُ اللَّفظِ فهو إطلاقُ إباحةٍ على ما بَيَّنَّا) ((أحكام القرآن)) (1/289). )) رواه البخاري (575)، ومسلم (1097). . ثانيًا: من الإجماعنقل الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِر قال ابنُ المنذر: (وأجمَعُوا على أنَّ السُّحورَ مندوبٌ إليه) ((الإجماع)) (ص 49). ، والقاضي عِياضٌ قال القاضي عِياضٌ: (أجمَع الفقهاءُ على أنَّ السُّحورَ مندوبٌ إليه، ليس بواجبٍ). ((إكمال المعلم)) (4/33). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة في استحبابِ السُّحورِ: (ولا نعلَمُ فيه بين العلماءِ خلافًا) ((المغني)) (3/ 173). ، والنَّوويُّ قال النووي: (وأجمع العُلَماءُ على استحبابِه- أي: السحور- وأنَّه ليس بواجبٍ) ((شرح النووي على مسلم)) (7/206). ، والعيني قال العينيُّ: (فإن قلتَ: قوله: (تسحَّروا) أمرٌ، ومقتضاه الوجوبُ؟ قلتُ: أُجيبَ بأنَّه أمْرُ ندبٍ بالإجماعِ). ((عمدة القاري)) (10/300). . المطلب الثالث: فضائِلُ السُّحورِالسَّحور فيه بَرَكةٌ قال ابنُ دقيق العيد: (البَرَكةُ مُحتملة لأن تُضافَ إلى كلِّ واحدٍ مِنَ: الفعل- أي الأكْل- والمتسحَّرِ به- أي الطَّعامِ- معًا) ((إحكام الأحكام)) (1/269). الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((تَسَحَّروا؛ فإنَّ في السَّحورِ بَرَكةً)) رواه البخاري (1923)، ومسلم (1095). .والبَرَكةُ في السَّحورِ تَحصُلُ بجهاتٍ مُتعَدِّدةٍ، منها: اتِّباعُ السنَّة، ومخالفةُ أهلِ الكِتابِ، والتقوِّي به على العبادةِ، والزِّيادةُ في النَّشاط، ومدافعةُ سُوءِ الخُلُقِ الذي يُثيرُه الجوعُ، والتسبُّبُ بالصَّدَقةِ على من يسألُ إذ ذاك، أو يجتَمِع معه على الأكلِ، والتسبُّبُ للذِّكْرِ والدُّعاءِ وَقتَ مَظِنَّةِ الإجابةِ، وتدارُكُ نيَّةِ الصَّومِ لِمَن أغفَلَها قبل أن ينامَ ((فتح الباري)) لابن حجر (4/140). قال النووي: (وسَبَبُ البركةِ فيه: تقويَتُه الصَّائِم على الصَّومِ، وتنشيطُه له، وفَرَحُه به، وتَهوينُه عليه، وذلك سَبَبٌ لكثرةِ الصَّومِ) ((المجموع)) (6/360). وقال ابنُ دقيق العيد: (وهذه البَرَكة يجوزُ أن تعودَ إلى الأمورِ الأخرويَّة؛ فإنَّ إقامةَ السُّنَّة توجِبُ الأجرَ وزيادَتَه، ويحتملُ أن تعودَ إلى الأمورِ الدنيويَّة لقُوَّةِ البَدَن على الصَّومِ وتيسيره مِن غَيرِ إجحافٍ به) ((إحكام الأحكام)) (1/269). وقال ابنُ عُثيمين: (بركةُ السَّحورِ: المرادُ بها البَرَكة الشرعيَّة، والبَرَكة البدنيَّة، أمَّا البَرَكةُ الشرعيَّة فمنها امتثالُ أمرِ الرَّسولِ والاقتداءُ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأمَّا البَرَكة البدنيَّة؛ فمنها تغذيةُ البَدَنِ وقُوَّتُه على الصَّوم) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/362) وقال أيضًا: (ومِن بَرَكَتِه أنَّه مَعونةٌ على العبادةِ؛ فإنَّه يُعِينُ الإنسانَ على الصِّيامِ؛ فإذا تسَحَّرَ كفاه هذا السَّحورُ إلى غروبِ الشَّمسِ، مع أنَّه في أيامِ الإفطارِ يأكُلُ في أوَّلِ النَّهارِ، وفي وسَطِ النَّهارِ، وفي آخِرِ النَّهارِ، ويشرب كثيرًا، فيُنزِلُ اللهُ البركةَ في السَّحورِ، يكفيه مِن قبل طلوعِ الفَجرِ إلى غُروبِ الشَّمس) ((شرح رياض الصالحين)) (3/336). . المطلب الرابع: الحكمةُ مِن السُّحورِمِن حِكَمِ السُّحورِ ومقاصِدِه:1- أنَّه مَعُونةٌ على العبادةِ؛ فإنَّه يُعينُ الإنسانَ على الصِّيامِ.2- أنَّ فيه مُخالفةَ أهلِ الكِتابِ؛ فإنَّهم لا يتسَحَّرونَ.الدَّليل منَ السُّنَّة:عن عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فصْلُ ما بين صيامِنَا وصيامِ أهْلِ الكتابِ؛ أَكْلةُ السَّحَرِ)) رواه مسلم (1096). . المطلب الخامس: تأخيرُ السُّحورِيُسَنُّ للصائمِ تأخيرُ السُّحورِ ما لم يَخشَ طلوعَ الفَجرِ [305] يحصُلُ السُّحورُ بكُلِّ مطعومٍ أو مشروبٍ ولو كان قليلًا. انظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/ 174)، و((فتح الباري)) لابن حجر(4/140) . الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّةعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه حدَّثَه ((أنَّهم تسَحَّروا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ قاموا إلى الصَّلاةِ، قلتُ- أي أنَس-: كم بينهما؟ قال: قَدْرُ خَمسينَ آيةً قال ابنُ حجر: (في قوله: قَدْرُ خَمسينَ آيةً؛ أي: متوسِّطةٌ، لا طويلةٌ ولا قصيرةٌ ولا سريعةٌ ولا بطيئةٌ) ((فتح الباري)) (1/367). )) رواه البخاري (1921)، ومسلم (1097). .وجه الدلالة:الحديثُ فيه دَلالةٌ على استحبابِ التَّسحُّرِ وتأخيرِه إلى قريبِ طُلوعِ الفَجرِ ((عمدة القاري)) للعيني (5/73). .ثانيًا: الإجماعُنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشد قال ابنُ رشد: (وأجمعوا على أنَّ مِن سُنَنِ الصَّومِ: تأخيرَ السُّحورِ، وتَعجيلَ الفِطرِ). ((بداية المجتهد)) (1/307). ، وابنُ مفلِحٍ قال ابنُ مفلح: (يُسنُّ تعجيلُ الإفطارِ، إذا تحقَّقَ غُروب الشَّمس"ع" [إجماع]، وتأخيرُ السُّحور "ع" [إجماع] ما لم يَخشَ طلوعَ الفَجرِ). ((الفروع)) (5/30). ، والمَرداويُّ قال المَرداويُّ: (أحدهما: قوله: "ويُستحبُّ تعجيلُ الإفطار"، إجماعًا، يعني: إذا تحقَّق غروب الشَّمسِ. الثاني: قولُه: "ويستحَبُّ تأخيرُ السُّحورِ". إجماعا). ((الإنصاف)) (3/234). . المطلب السادس: ما يُسَنُّ التسحُّرُ بهيُسَنُّ التسحُّرُ بالتَّمرِ. الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نِعْمَ سَحورُ المؤمِنِ التَّمرُ)) رواه أبو داود (2345)، وابن حبان (8/253) (3475)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (4/236) (8375). صححه ابن الملقن في ((شرح صحيح البخاري)) (13/136)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2345). . انظر أيضا: المبحث الأول: آدابٌ تتعَلَّقُ بالإفطارِ. المبحث الثالث: اجتنابُ الصَّائِم للمُحَرَّمات والاشتغالُ بالطَّاعات . المبحث الرابع: ما يقوله الصَّائِم إن سابَّه أحد أو قاتله.  المبحث الخامس: ما يفعَلُه الصَّائِم إذا دُعِيَ إلى طعامٍ .

يَنبغي على الصَّائِم اجتنابُ المعاصي؛ فهي تجرَحُ الصَّومَ، وتَنقُصُ الأجْرَ   ((المجموع)) للنووي (6/356)، ((شرح النووي على مسلم)) (8/28 - 29)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/320)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/104). ، وذلك مِثل الغِيبةِ، والنَّميمةِ، والكَذِب، والغِشِّ، والسُّخريةِ مِنَ الآخَرينَ، وسماعِ المعازِفِ، والنَّظرِ إلى المحرَّماتِ، وغيرِ ذلك مِن أنواعِ المعاصي والمُنكَراتِ. 1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ والعَمَلَ به، والجَهْلَ؛ فليس للهِ حاجةٌ أن يدَعَ طعامَه وشَرابَه قال ابنُ حجر: (والمرادُ بِقَولِ الزُّورِ: الكَذِبُ. والجَهلُ: السَّفَهُ، والعَمَلُ به: أي بمُقتَضاه) ((فتح الباري)) (4/117)، وقيل: الجهلُ هو الظُّلم. ((الحلل الإبريزية)) لابن باز (2/121).  قال ابنُ عُثيمين: (قَولُ الزُّورِ: كلُّ قَولٍ محرَّمٍ، والعمَلُ بالزُّورِ: كلُّ فِعلٍ محرَّم) ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (19/27). )) رواه البخاري (1903). . فالصِّيامُ مدرسةٌ عظيمةٌ، فيها يكتَسِبُ الصَّائِمونَ فضائِلَ جليلةً، ويتخلَّصونَ مِن خصالٍ ذميمةٍ؛ يتعوَّدونَ على تَرْكِ المُحَرَّماتِ، ويُقلِعونَ عَن مُقارَفةِ السيِّئاتِ. 2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((وإذا كان يومُ صَومِ أحَدِكم فلا يَرْفُثْ قال ابنُ حجر: (والمرادُ بالرَّفَثِ هنا:... الكلامُ الفاحِشُ، وهو يُطلَقُ على هذا، وعلى الجِماع، وعلى مُقَدِّماتِه، وعلى ذِكْرِه مع النِّساءِ أو مطلقًا، ويحتمل أن يكونَ لِمَا هو أعَمُّ منها) ((فتح الباري)) (4/104). ، ولا يصخَبْ الصَّخَب: الخِصامُ والصِّياحُ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (4/118). فإن سابَّه أحدٌ، أو قاتَلَه، فليقُلْ: إنِّي امْرؤٌ صائِمٌ)) رواه البخاري (1904)، ومسلم (1151). .وفي روايةٍ أخرى عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أصبَحَ أحدُكم يومًا صائمًا فلا يرْفُثْ ولا يَجهَلْ قال النووي: (الجهلُ قَريبٌ مِنَ الرَّفَثِ، وهو خلافُ الحِكمةِ، وخلافُ الصَّوابِ مِن القَولِ والفِعلِ) ((شرح النووي على مسلم)) (8/28). وقال ابنُ حجر: (قولُه: ولا يَجهَل، أي لا يفعَلْ شيئًا مِن أفعالِ أهلِ الجَهلِ؛ كالصِّياحِ والسَّفَهِ) ((فتح الباري)) (4/104). وقال ابنُ عُثيمين: (ولا يجهَلْ: يعني: لا يعتَدِ على أحدٍ، وليس المراد: لا يَجهَل، يعني: يتعَلَّم، ولكنَّه الجَهلُ مِنَ الجهالةِ لا مِنَ الجَهلِ...) ((شرح صحيح مسلم)) (4/119). فإنِ امرؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَه، فلْيَقلْ: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائِمٌ)) رواه البخاري (1894)، ومسلم (1151) واللفظ له. . كما أنَّه حَرِيٌّ بالصَّائِم الذي امتنَعَ عن المُباحاتِ مِنَ المفطِّراتِ، وابتعَدَ عن جميعِ المحرَّمات؛ أن يكون دَيدنَه الاشتغالُ بالطَّاعاتِ؛ كقراءةِ القُرآنِ الكريمِ، وكثرةِ الذِّكرِ، والدعاءِ، والإحسانِ إلى الآخَرينَ، وغيرِ ذلك. انظر أيضا: المبحث الأول: آدابٌ تتعَلَّقُ بالإفطارِ. المبحث الثاني: السُّحـــورُ. المبحث الرابع: ما يقوله الصَّائِم إن سابَّه أحد أو قاتله.  المبحث الخامس: ما يفعَلُه الصَّائِم إذا دُعِيَ إلى طعامٍ .

ينبغي للصَّائِمِ إن سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه أن يقولَ جهرًا ((المجموع)) للنووي (6/356). قال ابن تيميَّةَ: (الصحيحُ أنَّه يقولُ بلِسانِه كما دلَّ عليه الحديثُ؛ فإنَّ القولَ المُطلَق لا يكونُ إلَّا باللِّسانِ، وأمَّا ما في النَّفْسِ، فمُقَيَّدٌ). ((منهاج السنة النبوية)) (5/197). وقال ابنُ القيم: (ونهى الصَّائِم عن الرَّفَثِ، والصَّخَب والسِّبابِ وجوابِ السِّبابِ، فأمَرَه أن يقولَ لِمَن سابَّه: إنِّي صائِمٌ، فقيل: يقولُه بِلِسانِه، وهو أظهَرُ) ((زاد المعاد)) (2/52). وقال ابنُ عُثيمين: (الصَّحيحُ أنَّه يقولُها جهرًا في صَومِ النَّافلةِ والفَريضةِ؛ وذلك لأنَّ فيه فائدتينِ: الفائدة الأولى: بيانُ أنَّ المشتومَ لم يترُكْ مقابلةَ الشَّاتِمِ إلَّا لكونِه صائمًا، لا لِعَجزِه عن المقابَلةِ بالمِثلِ. الفائدة الثانية: تذكيرُ هذا الرَّجُل بأنَّ الصَّائِم لا يُشاتِمُ أحدًا، وربما يكونُ هذا الشَّاتِمُ صائمًا كما لو كان ذلك في رمضانَ، وكلاهما في الحَضَرِ سواءٌ، حتى يكون قولُه هذا متضَمِّنًا لِنَهيِه عن الشَّتمِ، وتوبيخِه عليه) ((الشرح الممتع)) (6/432)، وانظر ((شرح صحيح مسلم)) لابن عُثيمين (4/119). : إنِّي صائِمٌ.الدَّليل منَ السُّنَّة:عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((وإذا كان يومُ صَومِ أحَدِكم فلا يَرفُثْ، ولا يصخَبْ، فإن سابَّهَ أحدٌ، أو قاتَلَه؛ فلْيقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائِمٌ)) رواه البخاري (1894)، ومسلم (1151) واللفظ له. . وفي روايةٍ أخرى عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أصبَحَ أحدُكم يومًا صائمًا، فلا يرفُثْ ولا يَجهَلْ، فإنِ امرؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَه، فلْيَقُل: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائِمٌ قال الصنعاني: (فلا تَشتمْ مبتدئًا ولا مُجاوِبًا) ((سبل السلام)) (2/157). )) رواه البخاري (1894)، ومسلم (1151) واللفظ له. . انظر أيضا: المبحث الأول: آدابٌ تتعَلَّقُ بالإفطارِ. المبحث الثاني: السُّحـــورُ. المبحث الثالث: اجتنابُ الصَّائِم للمُحَرَّمات والاشتغالُ بالطَّاعات .  المبحث الخامس: ما يفعَلُه الصَّائِم إذا دُعِيَ إلى طعامٍ .

إذا دُعِيَ الصَّائِم إلى طعامٍ؛ فلْيقُلْ: إنِّي صائِمٌ، سواءٌ كان صَومَ فَرضٍ أو نفْلٍ، ولْيَدْعُ لصاحِبِ الطَّعامِ ((المحلى)) لابن حزم (7/32)، ((شرح رياض الصالحين)) لابن عُثيمين (2/480). ، فإن كان يشقُّ على صاحِبِ الطعامِ صَومُه؛ استُحِبَّ له الفِطْرُ، وإلَّا فلا، هذا إذا كان صومَ تطوُّعٍ ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّه إن سمح له، ولم يطالبْه بالحضور، سقَط عنه الحضورُ، وإن لم يسمحْ، وطالبه بالحضور، لزِمه الحضور، ولا يلزمه الأكْلُ. ومن أهل العلم مَن فرَّق بين الفرض والنَّفل في مسألة الحضور، فإنْ كان صومه فرضًا، فليس عليه أن يحضُر؛ لأنَّ الداعي سيعذره، وإن كان نفلًا، فيُنظر إنْ كان الداعي ممَّن له حقٌّ عليه لقَرابةٍ أو صداقةٍ، ويُخشى إن اعتذر أن يكون في قلبه شيءٌ، فالأفضل أن يحضُر ولا يعتذر. ينظر:((شرح النووي على مسلم)) (8/28) ((شرح صحيح مسلم)) لابن عُثيمين (4/118). ، فإن كان صومًا واجبًا حرُمَ الفِطرُ ((شرح النووي على مسلم)) (9/236)، وانظر: ((شرح رياض الصالحين)) لابن عُثيمين ( 2/480 ). .الأدِلَّة منَ السُّنَّة:1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا دُعِيَ أحدُكم إلى طعامٍ وهو صائِمٌ، فليَقُلْ: إنِّي صائِمٌ)) رواه مسلم (1150). . 2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((دخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أمِّ سُلَيمٍ، فأتَتْه بتَمرٍ وسَمنٍ، قال: أعِيدُوا سَمْنَكم في سِقائِه، وتَمْرَكم في وِعائِه؛ فإنِّي صائِمٌ. ثم قام إلى ناحيةٍ مِنَ البَيتِ فصَلَّى غيرَ المكتوبةِ، فدعا لأمِّ سُلَيمٍ وأهلِ بَيْتِها قال ابنُ باز: (الضَّيفُ إذا كان صائمًا فهو مُخَيَّرٌ إن شاء أفطَرَ وإن شاء صامَ، وقد صام هنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإن كان صائمًا فليُصَلِّ، وفي لفظٍ: فليَدْعُ) ((الحلل الإبريزية)) (2/157). )) رواه البخاري (1982)، ومسلم (2481). . انظر أيضا: المبحث الأول: آدابٌ تتعَلَّقُ بالإفطارِ. المبحث الثاني: السُّحـــورُ. المبحث الثالث: اجتنابُ الصَّائِم للمُحَرَّمات والاشتغالُ بالطَّاعات . المبحث الرابع: ما يقوله الصَّائِم إن سابَّه أحد أو قاتله.