صدقة التطوُّع مُستحبَّةٌ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ1- قال اللهُ تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة: 245].2- وقال اللهُ تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:274].3- وقال الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكاة وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المزمل: 20].ثانيًا: من السُّنَّة1- عن المُنْذِر بنِ جَريرٍ، عن أبيه، قال: ((كنَّا عند رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في صَدرِ النَّهارِ، قال: فجاءَه قومٌ حُفاةٌ عُراةٌ مُجتابي النِّمارِ أو العَباءِ، مُتقلِّدي السُّيوفِ، عامَّتُهم مِن مُضَرَ، بل كلُّهم مِن مُضَرَ، فتمَعَّرَ وَجهُ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لِمَا رأى بهم مِنَ الفاقةِ، فدخل ثمَّ خرَجَ، فأمَرَ بلالًا، فأذَّنَ وأقام فصلَّى، ثم خطَبَ، فقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إلى آخِرِ الآية إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1] والآية التي في الحَشرِ: اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحشر: 18]، تصدَّق رجلٌ مِن دينارِه، مِن دِرهَمِه، مِن ثَوبِه، مِن صاعِ بُرِّه، مِن صاعِ تَمرِه- حتى قال- ولو بشقِّ تمرةٍ. قال: فجاء رجلٌ مِنَ الأنصارِ بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجِزُ عنها، بل قد عَجَزَت، قال: ثمَّ تتابَعَ النَّاسُ حتَّى رأيتُ كَومينِ مِن طعامٍ وثيابٍ، حتى رأيتُ وَجهَ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يتهلَّلُ، كأنَّه مُذهَبَةٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: مَن سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً، فله أجْرُها، وأجرُ مَن عَمِلَ بها بَعدَه، مِن غَيرِ أن يَنقُصَ مِن أجُورِهم شيءٌ، ومَن سنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيِّئةً، كان عليه وِزرُها، ووِزرُ مَن عَمِلَ بها مِن بَعدِه، مِن غَيرِ أن ينقُصَ مِن أوزارِهم شَيءٌ) رواه مسلم (1017) . 2- وعن حُذيفةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((فِتنةُ الرَّجُلِ في أهلِه، ووَلَدِه، وجارِه، تُكفِّرُها الصلاةُ، والصَّومُ، والصَّدَقةُ، والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المُنكَر)) رواه البخاري (3586)، ومسلم (144) .3- عن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يا ابن آدَمَ، إنَّك أن تَبذُلَ الفَضلَ خيرٌ لك، وأن تُمسِكَه شرٌّ لك، ولا تُلامُ على كَفافٍ، وابدأ بمن تَعولُ، واليدُ العُليا خَيرٌ مِنَ اليَدِ السُّفلى)) رواه مسلم (1036) .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على استحبابِ الصَّدَقةِ: النوويُّ قال النووي: (قال المصنِّف والأصحابُ والعلماءُ كافَّة: يُستحَبُّ لِمَن فضَلَ عَن كِفايَتِه وما يلزَمُه شيءٌ أن يتصدَّقَ؛ لِما ذَكَره المُصَنِّف، ودلائِلُه مشهورةٌ في القرآنِ والسُّنة والإجماع). ((المجموع)) للنووي (6/237). ، وابنُ حَجَرٍ الهيتميُّ قال ابنُ حَجرٍ الهيتميُّ: (أمَّا التصدُّقُ ببعضِ الفاضِلِ- أي عن حاجةِ نَفسِه ومَن يَمونُه- عن ذلك؛ فيُسنُّ اتِّفاقًا). ((تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي)) (7/182). ، والبُهوتيُّ قال البُهوتيُّ: (صدقةُ التطوُّعِ مستحبَّةٌ كلَّ وقتٍ، إجماعًا). ((كشاف القناع)) (2/295). . انظر أيضا: المبحث الثاني: حُكم الرُّجوع في الصدقة. المبحث الثالث: صدقةُ المرأةِ. المبحث الرابع: الصدقة عن الميِّت. المبحث الخامس: الصَّدقة على آلِ البيت .

لا يجوز الرُّجوعُ في الصَّدَقةِ، بعد أن يقبِضَها المتصدَّقُ عليه.الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((مثَل الذي يرجِعُ في صَدَقَتِه، كمثَلِ الكَلبِ يَقيءٌ، ثم يعودُ في قَيئِه فيأكُلُه)) رواه مسلم (1622) .2- عن عبد اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّاب تصدَّقَ بفَرَسٍ في سبيلِ الله، فوجَدَه يُباعُ، فأراد أن يَشتَرِيَه، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاستأمَرَه استأمره: استشاره. ((لسان العرب)) (4/30). ، فقال: لا تعُدْ في صَدَقَتِك. فبذلك كان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، لا يَترُكُ أن يبتاعَ شيئًا تصدَّقَ به، إلَّا جَعَلَه صدقةً)) رواه البخاري (1489)، ومسلم (1621) .ثانيًا: مِنَ الآثارِ  عن عُمَرَ بنِ الخطَّاب رَضِيَ اللهُ عنه قال: (مَن وهَبَ هِبةً لِصِلةِ رَحِمٍ، أو على وَجهٍ صَدَقةٍ، فإنَّه لا يَرجِعُ فيها) رواه مالك في ((الموطأ)) (4/1091) (2790)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (13/ 32)، والبيهقي (6/182) (12386). قال العيني في ((نخب الأفكار)) (14/327): طريقه صحيح، وصحَّح إسنادَه الألباني على شرط مسلم في ((إرواء الغليل)) (6/55). .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على عَدَمِ جوازِ الرُّجوعِ في الصَّدَقةِ: ابنُ حَزمٍ قال ابنُ حزم: (اتَّفقوا أنَّ أخذَ المتصدِّقِ بِغَيرِ حقٍّ ما تصدَّقَ به بعد أنْ قبَضَه المتصدَّقُ عليه؛ حرامٌ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 97). ، وابنُ حَجَرٍ العسقلانيُّ قال ابنُ حجر: (أمَّا الصَّدقةُ فاتَّفقوا على أنَّه لا يجوزُ الرُّجوعُ فيها بعد القَبضِ). ((فتح الباري)) (5/235). . رابعًا: أنَّها خرجَتْ عَن مِلكِه على طريقِ الثَّوابِ، وابتغاء وَجهِ الله تعالى، ولا يصلُحُ الرُّجوعُ عن ذلك ((كفاية الطالب الرباني)) للبقاعي (2/333). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم صدقة التطوُّع. المبحث الثالث: صدقةُ المرأةِ. المبحث الرابع: الصدقة عن الميِّت. المبحث الخامس: الصَّدقة على آلِ البيت .

تجوز الصَّدقةُ عن الميِّت، ويصِلُ ثوابُها إليه.الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أمِّي افتُلتَتْ افتُلِتَت نفسُها: ماتت فجأةً، وأُخِذَت نفسُها فلتةً. ((النهاية)) لابن الأثير (3/467). نفسُها، وأظنُّها لو تكلَّمَتْ تصدَّقَتْ؛ فهل لها أجرٌ إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعمْ)) رواه البخاري (1388)، ومسلم (1004) .2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رجلًا قال للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أبي مات، وترك مالًا، ولم يُوصِ؛ فهل يكفِّرُ عنه إن تصدَّقْتُ عنه؟ فقال: نعمْ)) رواه مسلم (1630) .3- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاس رضي الله عنهما: ((أنَّ سعدَ بنَ عُبادة تُوفِّيتْ أمُّه وهو غائبٌ عنها، فأتى النبيَّ فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أمِّي تُوفِّيَتْ وأنا غائِبٌ عنها؛ فهل ينفَعُها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: نعم، قال: فإنِّي أُشهِدُك أنَّ حائِطي المِخْرافَ المِخْرافُ: المكانُ المُثمِرُ؛ سُمِّي بذلك لِمَا يُخرَفُ منه، أي: يُجنَى مِنَ الثَّمَرة. ((فتح الباري)) لابن حجر (5/386). صدقةٌ عنها)) رواه البخاري (2756) .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على جوازِ الصَّدَقةِ عَنِ الميِّت، ووصولِ ثَوابِها إليه قصَر بعضُ العُلَماءِ جوازَ الصَّدقةِ ووصولَ ثوابِها على الوالدَينِ فقط، انظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/112)، ((أحكام الجنائز)) للألباني (ص: 173). : ابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (أمَّا الصَّدقةُ عَنِ الميِّت؛ فمُجتَمَعٌ على جوازِها، لا خلاف بين العُلَماءِ فيها) ((التمهيد)) (20/27). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (أجمع المسلمونَ على أنَّ الصَّدقةَ عن الميِّتِ تَنفَعُه وتَصِلُه). ((المجموع)) (5/323). وقال أيضًا وهو يتكلَّم عن حديث: ((إنَّ أمِّي افتُلِتَت نفسُها)): (في هذا الحديث أنَّ الصَّدَقةَ عَنِ الميِّتِ تَنفَعُ الميِّتَ ويَصِلُه ثوابُها، وهو كذلك بإجماعِ العُلَماءِ) ((شرح النووي على مسلم)) (7/90). ، وابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (أمَّا الصَّدقةُ عَنِ الميِّتِ، فإنَّه يُنتَفَعُ بها باتِّفاقِ المُسلمين). ((مجموع الفتاوى)) (24/314). وقال أيضًا: (الأئمَّة اتَّفقوا على أنَّ الصَّدَقةَ تَصِلُ إلى الميِّتِ، وكذلك العباداتُ الماليَّةُ: كالعتق). ((مجموع الفتاوى)) (24/309). ، وابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (هل تنتفِعُ أرواحُ الموتى بشيءٍ مِن سعْيِ الأحياءِ أم لا؟... فالجواب: أنَّها تَنتَفِعُ مِن سعْيِ الأحياءِ بأمرَينِ مُجمَعٌ عليهما بين أهلِ السُّنةِ مِنَ الفُقهاءِ وأهلِ الحديثِ والتَّفسيرِ؛ أحدهما: ما تسبَّب إليه الميِّتُ في حياتِه. والثاني: دعاءُ المُسلمينَ له واستغفارُهم له والصَّدَقة). ((الروح لابن القيم)) (ص: 117). .ثالثًا: أنَّ وُصولَ ثَوابِ الصَّدقةِ إلى الميِّتِ هو محضُ القِياسِ؛ فإنَّ الثوابَ حقٌّ للعامِلِ، فإذا وهَبَه لأخيه المُسلمِ لم يمنعْ مِن ذلك، كما لم يمنَعْ مِن هِبَةِ مالِه في حياتِه وإبرائِه له مِن بَعدِ مَوتِه ((الروح لابن القيم)) (ص: 122). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم صدقة التطوُّع. المبحث الثاني: حُكم الرُّجوع في الصدقة. المبحث الثالث: صدقةُ المرأةِ. المبحث الخامس: الصَّدقة على آلِ البيت .

تُدفَعُ صدقةُ التطوُّعِ لفُقَراءِ آلِ البَيتِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعيني (3/ 472)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/274)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/331) ، والمالكيَّة على المعتمَد ((منح الجليل)) لعليش (3/247)، ويُنظر: ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/660)، ((الاستذكار)) لابن عبد البر (8/613)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (2/212). ، والشافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (6/239)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (8/538). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/182)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/491). قال ابنُ قدامة في إباحة صدقةِ التطوعُّ لآل البيت: (والأوَّل أظهَرُ؛ فإنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((المعروفُ كلُّه صدقةٌ))، متَّفق عليه، وقال الله تعالى: فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ **المائدة: 45**. وقال الله تعالى: فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ **البقرة: 280**، ولا خلاف في إباحة المعروفِ إلى الهاشميِّ، والعفوِ عنه وإنظارِه، وقال إخوةُ يوسف: وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا **يوسف: 88**، والخبرُ أريدُ به صَدَقةُ الفَرضِ؛ لأنَّ الطَّلَبَ كان لها، والألف واللامُ تعودُ إلى المعهود. وروى جعفر بن محمد، عن أبيه أنَّه كان يشرَبُ مِن سقاياتٍ بين مكَّةَ والمدينةِ. فقلتُ له: أتشرَبُ مِنَ الصَّدقةِ؟ فقال: إنَّما حُرِّمَتْ علينا الصَّدَقةُ المفروضة). ((المغني)) لابن قدامة (2/491). وقال الكمال ابن الهمام وهو يتكلَّم عن حُكمِ الصَّدقة على آل البَيتِ: (وأمَّا الصَّدقةُ النَّافلة في النهاية: "ويجوز النَّفلُ بالإجماعِ، وكذا يجوزُ النفلُ للغَنِيِّ، كذا في فتاوى العتابي" انتهى). ((فتح القدير)) (2/273). وقال ابنُ باز: (قد صحَّت الأحاديثُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم دالَّةً على تَحريمِ الزَّكاةِ على أهلِ البَيتِ، وهم بنو هاشمٍ، سواءٌ كانت نقودًا أو غيرَها. أمَّا صدقةُ التطوُّعِ فلا حرَجَ فيها). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/314). وقال ابنُ عُثيمِين: (أمَّا صدقةُ التطوُّعِ فتُدفَعُ لبني هاشمٍ، وهو قولُ جُمهورِ أهلِ العِلمِ، وهو الرَّاجِحُ؛ لأنَّ صدقةَ التطوُّعِ كمالٌ، وليستْ أوساخَ النَّاسِ، فيُعطَونَ مِن صدقةِ التطوُّع). ((الشرح الممتع)) (6/254). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن عبد المُطَّلب بن ربيعة بنِ الحارثِ، ((عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال للفَضلِ بنِ عبَّاسٍ وعبدِ المطَّلبِ بنِ رَبيعةَ بنِ الحارِثِ رَضِيَ اللهُ عنهما حين سألاه الإمرةَ على الزَّكاةِ وأخْذَ ما يأخُذُ النَّاسُ: إنَّها لا تَحِلُّ لآلِ محمَّدٍ؛ إنَّما هي أوساخُ النَّاسِ)) رواه مسلم (1072) .وجه الدَّلالة:أنَّ التَّعليلَ بأنَّها أوساخُ النَّاسِ قاضٍ بتَحريمِ الصَّدقةِ الواجبةِ عليهم لا النَّافلة؛ لأنَّها هي التي يَطهُرُ بها من يُخرِجُها، كما قال الله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [التوبة: 103]، أمَّا التطوُّعُ فبِمَنزلةِ التبرُّدِ بالماء ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/274)، ((سبل السلام)) (2/147). .ثانيًا: أنَّه لا خلافَ في إباحةِ المعروفِ إلى الهاشميِّ، ومِن المعروفِ صَدَقةُ التطوُّعِ ((المغني)) لابن قدامة (2/491). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم صدقة التطوُّع. المبحث الثاني: حُكم الرُّجوع في الصدقة. المبحث الثالث: صدقةُ المرأةِ. المبحث الرابع: الصدقة عن الميِّت.

تجوزُ الصَّدقةُ على الكافِرِ ما عدا الحربيَّ، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) و((حاشية الشلبي)) (1/300), ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 473). ، والمالكيَّة ((حاشية العدوي)) (2/265)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (7/14). ، واختاره الأذرعيُّ والشربينيُّ من الشافعيَّة قال الخطيب الشربينيُّ: (وتحِلُّ لشخصٍ (كافر)... تنبيه: قضيَّةُ إطلاقِه الكافرَ أنَّه لا فرْقَ بين الحربيِّ وغَيرِه، وهو ما في البيانِ عن الصيمري. والأوجَهُ ما قاله الأذرعيُّ من أنَّ هذا فيمَن له عهدٌ أو ذمَّة، أو قرابةٌ، أو يُرجَى إسلامُه، أو كان بأيدينا بأسْرٍ ونَحوِه،  فإن كان حربيًّا ليس فيه شيءٌ ممَّا ذُكِرَ، فلا) ((مغني المحتاج)) (3/121). ، واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (الصدقةُ على غيرِ المُسلمينَ جائزةٌ، إذا كانوا ليس حربًا لنا، إذا كان الكفارُ ليسوا حربًا لنا، في حالِ أمانٍ وهُدنةٍ ومعاهدةٍ ونحو ذلك، فلا بأسَ؛ لقولِ اللهِ عَزَّ وجلَّ: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ **الممتحنة: 8**.) ((فتاوى نور على الدرب- الموقع الرسمي للشيخ ابن باز)). ، وابن عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: ((تجوز الصَّدقةُ على الكافِرِ بشرْط: ألَّا يكونَ مِمَّن يُقاتِلونَنا في دِينِنا، ولم يُخرجُونا مِن ديارِنا، لكِنْ إذا كان قومُه يُقاتلونَنا في الدِّينِ أو يُخرِجونَنا مِن ديارنا، فلا نتصدَّقُ عليه؛ لأنَّنا إذا تصدَّقْنا عليه وفَّرْنَا وجبةً مِنَ الوجباتِ، والوجبةُ تكونُ بعشرةِ ريالاتٍ، العشرةُ هذه يوفِّرُها لِدَولَتِه ويستعينُ الكفَّارُ بها على المسلمينَ، فإذا كان مِن قَومٍ لا يقاتِلونَنا في دِينِ اللهِ ولا يُخرجوننا مِن ديارنا، فلا بأسَ أن نتصدَّقَ عليه)). ((لقاء الباب المفتوح)) اللقاء رقم 100 السؤال 31. .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ1- قال اللهُ تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّما يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ [الممتحنة: 8-9].وجه الدَّلالة: دلَّتِ الآيةُ على جوازِ الصَّدقةِ على الكافِرِ بشرْط: ألَّا يكونَ مِمَّن يقاتلونَنا في دِينِنا، ولم يُخرِجونا مِن ديارِنا ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عُثيمين (اللقاء رقم 100 السؤال 31). .2- وقال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2].وجه الدَّلالة:أنَّ في الدَّفعِ إلى الحربيِّ إعانةً له على الحَربِ مع المُسلمين، وهذا مِنَ الإثمِ والعُدوانِ الذي نُهينَا عنه ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/104). .ثانيًا: من السُّنَّةعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ امرأةً يهوديَّةً سألتْها فأعطَتْها، فقالت لها: أعاذَكِ اللهُ مِن عذابِ القَبرِ، فأنكرتْ عائشةُ ذلك، فلمَّا رأتِ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالت له، فقال: لا، قالتْ عائِشةُ: ثم قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بعد ذلك: إنَّه أُوحِيَ إليَّ أنَّكم تُفتَنونَ في قُبورِكم)) رواه أحمد (6/238) (26050) واللفظ له، وهو بنحوه في البخاري (1049)، ومسلم (903). .وجهُ الدَّلالة:أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُنكِرْ على عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها إعطاءَها لليهوديَّة، ولو كان غيرَ جائزٍ لأنكَرَه؛ إذ تأخُّرُ البيانِ عَن وَقتِ الحاجةِ غَيرُ جائزٍ. ثالثًا: أنَّ الواجِبَ مع الحربيِّ كَبْتُه وإضعافُه، لا مواساتُه وتقويَتُه بالصَّدقةِ ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (11/424). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: حُكم صدقة التطوُّع. المبحث الثاني: حُكم الرُّجوع في الصدقة. المبحث الثالث: صدقةُ المرأةِ. المبحث الرابع: الصدقة عن الميِّت.