اختلف أهلُ العِلم في الوَقتِ الذي تجِبُ فيه زكاةُ الفِطرِ قال ابنُ رُشْدٍ: (وفائدة هذا الاختلافِ في المولودِ يُولَدُ قبل الفَجرِ مِن يومِ العِيدِ وبعد مَغيبِ الشَّمسِ: هل تجِبُ عليه أم لا تجِبُ؟). ((بداية المجتهد)) (1/282). وقال القَرَضاوي: (وكذلك المكلَّفُ الذي يموتُ في هذا الوَقتِ). ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (2/952)، وكذا مَن أسلَمَ قبل الفَجرِ مِن يومِ العِيدِ وبعد مَغِيبِ الشَّمسِ. على قَولينِ:القول الأوّل: تجِبُ بغُروبِ شَمسِ آخِر يومٍ مِن رمضانَ، وهو مذهَبُ الشافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (6/126)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/401). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/125)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/89). ،وهو أحَدُ القَولينِ المشهورينِ لدى المالكيَّة ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/228)، ((حاشية العدوي)) (1/514). ، وبه قال بعضُ السَّلَفِ قال ابنُ حجر: (واستُدلَّ به على أنَّ وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر؛ لأنَّه وقت الفطر من رمضان، وقيل: وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد؛ لأنَّ اللَّيل ليس محلًّا للصوم، وإنما يتبيَّن الفطر الحقيقيُّ بالأكْل بعد طلوع الفجر، والأول قول الثوري وأحمد وإسحاق، والشافعي في الجديد، وإحدى الروايتين عن مالك). ((فتح الباري)) (3/368). ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: (تجب بغروب الشَّمس ليلة الفطر) ((الشرح الممتع)) (6/166). ، واللَّجنةُ الدَّائمة وفي فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أوَّل ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (9/373). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فرَضَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائمِ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةً للمَساكينِ؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ، فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ، فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدَقاتِ)) [2115] - رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والدارقطني (2/138)، والحاكم (1/568) قال الدارقطني عن رواته: ليس فيهم مَجروحٌ، وحسَّن إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (6/126)، وصحَّحه ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (10/636)، وابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (15/271). و الألباني في ((صحيح الجامع)) (3570). .وجه الدَّلالة من وجهين:الوجه الأول: دلَّ الحديثُ على أنَّ صَدَقةَ الفِطرِ تَجِبُ بغُروبِ شَمسِ آخِرِ يَومٍ مِن رَمضانَ، مِن جِهةِ أنَّه أضاف الصَّدقةَ إلى الفِطرِ، والإضافةُ تقتضي اختصاصَ الصَّدَقةِ بالفِطرِ، وأوَّلُ فِطرٍ يَقَعُ عن جميعِ رَمَضانَ هو بغُروبِ شَمسِ آخِرِ يَومٍ منه ينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/362)، ((المغني)) لابن قدامة (3/89)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/166). . الوجه الثاني: قوله: (طهرة للصائم) أن الفطرة جعلت طهرة للصائم وانقضاء الصوم يكون بغروب الشمس ((المجموع)) للنووي (6/125). . وأن من لم يدرك شيئا من زمان الصوم لم يحتج إلى الطهرة من الصوم، لأنه لم يدرك شيئا من رمضان، فوجب أن لا تلزمه زكاة الفطر ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/362). .ثانيًا: أنَّ زكاةَ الفِطرِ تُضافُ إلى الفِطرِ، فكانت واجبةً به، كزكاةِ المالِ ((المغني)) لابن قدامة (3/89). .ثالثًا: أن زكاة الفطر إما أن تجب بخروج رمضان، أو بدخول شوال، وغروب الشمس يجمع الأمرين فكان تعلق الزكاة به أولى ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/362). .القول الثاني: أنَّ وَقتَ وُجوبِها يبدأُ مِن طُلُوعِ الفَجرِ مِن يومِ الفِطرِ، وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/310)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/297). ، والظَّاهِريَّة قال ابنُ حَزْم: (وقتُ زكاةِ الفِطرِ الذي لا تَجِبُ قبله, إنما تَجِبُ بدخولِه, ثم لا تجب بخُروجِه: فهو إثرَ طُلوعِ الفَجرِ الثَّاني مِن يَومِ الفِطرِ, ممتدًّا إلى أن تبيَّضَ الشَّمسُ وتحلَّ الصلاةُ من ذلك اليوم نفْسِه; فمن مات قبل طُلوعِ الفَجرِ مِن اليومِ المَذكورِ، فليس عليه زكاةُ الفِطرِ, ومَن وُلِد حين ابيِضاضِ الشَّمسِ مِن يَومِ الفِطرِ فما بعد ذلك، أو أسلم كذلك؛ فليس عليه زكاةُ الفِطرِ, ومَن مات بين هذينِ الوَقتينِ أو وُلِدَ أو أسلَمَ أو تمادتْ حياتُه وهو مسلم: فعليه زكاةُ الفطر). ((المحلى)) (6/142 رقم 718). وقال النوويُّ: (قال أبو حنيفةَ وأصحابُه وأبو ثور وداود ورواية عن مالك: تجِبُ بطُلوعِ الفَجرِ). ((المجموع)) للنووي (6/128). وقال النوويُّ أيضًا: (قال داود: لا يجوزُ تَقديمُها قبل فَجرِ يَومِ العِيدِ ولا تأخيرُها إلى أن يصلِّيَ الإمامُ العيدَ). ((المجموع)) للنووي (6/142). ، وأحَدُ القَولينِ المَشهورينِ لدى المالكيَّة ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/228)، ((حاشية العدوي)) (1/514). ، وهو قَولُ الشافعيِّ القديم ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/361)، ((المجموع)) للنووي (6/126). ، وبه قال اللَّيثُ بنُ سَعدٍ ((فتح الباري)) (3/368). ، واختاره ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِرِ: (الوقتُ الذي يجِبُ فِيهِ زكاةُ الفِطرِ طُلوعُ الفَجرِ مِن يومِ الفِطرِ، فكلُّ مَن مَلَك عبدًا أو وُلِدَ له مولودٌ قبل طُلوعِ الفَجرِ، فطلَعَ الفَجرُ والعبدُ في مِلكه والمولودُ حيٌّ، فعليه في كلِّ واحدٍ منهما زكاةُ الفِطرِ). ((الإقناع)) لابن المُنْذِر (1/182). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فرَضَ رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ منَ اللَّغوِ والرَّفث، وطُعمةً للمَساكينِ؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاة فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ، فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدقات)) [2127] - رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والدارقطني (2/138)، والحاكم (1/568) قال الدارقطني عن رواته: ليس فيهم مَجروحٌ، وحسَّن إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (6/126)، وصحَّحه ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (10/636)، وابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (15/271). و الألباني في ((صحيح الجامع)) (3570). .وجه الدَّلالة:أنَّ الصَّدقةَ أُضيفَتْ إلى الفِطرِ، والإضافةُ للاختصاصِ، والاختصاصُ للفِطرِ باليومِ دُونَ اللَّيلِ؛ إذ المرادُ فِطرٌ يضادُّ الصَّومَ، وهو في اليَومِ دُونَ اللَّيل؛ لأنَّ الصَّومَ في يومِ العِيدِ حَرامٌ، أمَّا الفِطرُ في ليلَتِه فقد كان يوجَدُ في كلِّ ليلةٍ مِن رَمَضانَ ولا يتعلَّقُ الوجوبُ به، فدلَّ على أنَّ المرادَ به ما يضادُّ الصَّومَ ((العناية شرح الهداية)) البابرتي (2/298). .2- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أمَر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بزكاةِ الفِطرِ أنْ تُؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ)) رواه البخاري (1503)، ومسلم (986) .وجه الدَّلالة: أنَّ الحديثَ دلَّ على أنَّ أداءَها الذي ندَبَ إليه الشَّارعُ هو قبل الخُروجِ إلى مصلَّى العِيدِ، فعُلِمَ أنَّ وقتَ وُجوبِها هو يومُ الفِطرِ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/340). .ثانيًا: أنَّ تعلُّقَ زكاةِ الفِطرِ بِعيدِ الفِطرِ كتعلُّقِ الأضحِيَّةِ بعيد الأضحى، فلمَّا كانت الأضحيَّةُ متعلِّقةً بنَهارِ النَّحرِ دون لَيلِه، فكذلك زكاةُ الفِطرِ تكون متعلِّقةً بنَهارِ الفِطرِ دُونَ لَيلِه ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/362). .ثالثًا: أنَّ ليلةَ الفِطرِ مِثلُ ما قَبلَها فيما يحِلُّ ويحرُمُ فيها؛ فلم يجزْ أن تتعلَّقَ زكاةُ الفِطرِ بها كما لم تتعلَّقْ بما قبلَها ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/362). .رابعًا: أنَّها قُربةٌ تتعلَّقُ بالعِيد، فلم يتقدَّمْ وُجوبُها يومَ العِيدِ ((المغني)) لابن قدامة (3/89). .خامسًا: أنَّ تسمِيَتَها صدقةَ الفِطرِ، تدلُّ على أنَّ وُجوبَها بطلوعِ فَجرِ يَومِ الفِطرِ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/340). . انظر أيضا: المبحث الثاني: السُّنَّة في وقت إخراجِ صدقة الفطر. المبحث الثالث: تعجيلُ زكاة الفطر. المبحث الرابع: آخِرُ وقت زكاة الفطر. المبحث الخامس: قضاء صدقة الفطر.

الأفضَلُ إخراجُ زكاةِ الفِطرِ يَومَ العِيدِ قَبلَ صلاةِ العيدِ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى: 14-15].وجه الدَّلالة:أنَّ المراد بـمن تَزكَّى مَن أدَّى صدقةَ الفِطرِ، ثمَّ غدا ذاكرًا لله إلى المصلَّى فصلَّى ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطَّال (3/566)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/372)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/375). .ثانيًا: من السُّنَّة1- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أمَر رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بزكاةِ الفِطرِ أن تُؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ)) رواه البخاري (1503)، ومسلم (986) .3- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةً للمَساكينِ؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدقاتِ)) [2137] - رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والدارقطني (2/138)، والحاكم (1/568) قال الدارقطني عن رواته: ليس فيهم مَجروحٌ، وحسَّن إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (6/126)، وصحَّحه ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (10/636)، وابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (15/271). و الألباني في ((صحيح الجامع)) (3570). .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنقل الإجماعَ على ذلك: العبدريُّ قال العبدري: (أجمَعوا على أنَّ الأفضَلَ أنْ يُخرِجَها يومَ الفِطرِ قبلَ صلاةِ العيدِ). ((المجموع)) للنووي (6/142)، ، وابنُ الحاجب قال العدويُّ: (قيَّده ابن الحاجب بقَبل الغُدوِّ إلى المصلَّى، وحكى عليه الاتفاق). ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/514). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: وقتُ وُجوبِ زكاة الفطر. المبحث الثالث: تعجيلُ زكاة الفطر. المبحث الرابع: آخِرُ وقت زكاة الفطر. المبحث الخامس: قضاء صدقة الفطر.

يجوز تعجيلُ زكاةِ الفِطرِ عن وَقتِها بيومٍ أو يومينِ فقط، وهذا مذهَبُ المالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/ 106)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/157)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/645). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/442)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/89). ، واختاره الشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (أقول: جَعْلُها طُهرةً للصائِمِ مِنَ اللَّغو والرَّفث، وكذلك التَّصريحُ بإغناء الفُقَراءِ في ذلك اليوم، وكذلك ما ثبت في الصَّحيحينِ وغَيرِهما من حديث ابنِ عُمَرَ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَر بزكاةِ الفِطرِ أن تُؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاة))- يدلُّ على أنَّ وَقتَها يومُ الفِطرِ قبل الخُروجِ إلى صلاةِ العيدِ، ولكنَّه روى البُخاريُّ وغيرُه من حديثِ ابنِ عُمَرَ أنَّهم كانوا يُعطُونَ قبل الفطر بيومٍ أو يومينِ، فيُقتَصَر على هذا القدْرِ في التعجيلِ، وقد حَكَى الإمامُ يحيى إجماعَ السَّلَفِ على جوازِ التَّعجيلِ، فيُحمَل هذا الإجماعُ على هذا القدْرِ مِنَ التعجيل، وهو يُستفادُ مِن حديث: ((مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ، فهي صدقةٌ مقبولة))؛ فإنَّ المرادَ القَبْليَّةُ القريبة لا القبْليَّةُ البعيدة التي تُنافي حديث: ((إنَّها طُهرةٌ للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفَثِ، وطُعمةٌ للمساكين)). ((السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)) (ص: 268، 269). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (يجوزُ إخراجُها قبل العيد بيومٍ أو يومينِ، كما كان أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يفعلونَ ذلك، وبذلك يُعلَمُ أنَّه لا مانِعَ من إخراجِها في اليومِ الثَّامِنِ والعِشرين، والتَّاسع والعشرين، والثلاثين، وليلة العيد، وصباح العيدِ قبل الصَّلاةِ؛ لأنَّ الشَّهرَ يكون ثلاثينَ، ويكون تِسعةً وعشرين، كما صحَّت بذلك الأحاديثُ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/32). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: (يجوز أن تُقدَّمَ قبل العيد بيومٍ أو يومين، ولا يجوز أكثَر من ذلك؛ لأنَّها تسمَّى زكاةَ الفطر، فتضافُ إلى الفِطرِ، ولو قلنا بجوازِ إخراجِها بدخولِ الشَّهرِ كان اسمُها زكاةَ الصِّيامِ، فهي محدَّدةٌ بيومِ العِيدِ قبل الصلاة، ورُخِّصَ في إخراجِها قبل العيدِ بِيَومٍ أو يومين). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/270). .ويدلُّ لذلك ما يلي:أوَّلًا: عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يُعطيها الذين يَقبَلونَها، وكانوا يُعطُونَ قبل الفِطرِ بِيَومٍ أو يومينِ) رواه البخاري (1511) والحديث رواه مسلم (984) دون هذا اللفظ. . وجه الدَّلالة:أنَّ إعطاءَهم صدقةَ الفِطرِ قَبلَ الفطرِ بِيَومٍ أو يومين ممَّا لا يخفى على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بل لا بدَّ مِن كَونِه بإذنٍ سابقٍ؛ فإنَّ الإسقاطَ قبل الوجوبِ ممَّا لم يُعقَل، فلم يكونوا يُقْدِمون عليه إلَّا بسَمعٍ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/299). .ثانيًا: أنَّها زكاةٌ، فجاز تعجيلُها قبل وُجوبِها، كزكاةِ المالِ ((المغني)) لابن قدامة (3/90). .ثالثًا: أنَّ المقصودَ مِن صَدَقةِ الفِطرِ إغناءُ الفُقَراءِ يومَ العيدِ، ومتى قدَّمها بالزَّمانِ الكثير لم يحصُلْ مَقصودُ إغنائِهم بها يومَ العِيدِ، وتعجيلُها باليومِ واليومينِ لا يُخلُّ بالمقصودِ منها؛ فإنَّ الظَّاهِرَ أنَّها تبقى أو بعضها إلى يومِ العيدِ، فيُستغنى بها عن الطَّوافِ والطَّلَبِ فيه ((المغني)) لابن قدامة (3/90). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: وقتُ وُجوبِ زكاة الفطر. المبحث الثاني: السُّنَّة في وقت إخراجِ صدقة الفطر. المبحث الرابع: آخِرُ وقت زكاة الفطر. المبحث الخامس: قضاء صدقة الفطر.

اختلف أهلُ العِلم في آخِرِ وقت زكاة الفطر على أقوال؛ أقواها قولان:القول الأوّل: آخِرُ وقتِ زكاةِ الفِطرِ الذي يحرُمُ تأخيرُها عنه هو غروبُ شَمسِ يَومِ عِيدِ الفِطرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/508)، ويُنظر: ((الشرح الصغير)) للدردير و((حاشية الصاوي)) (1/678). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/126)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/402). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/252)، ويُنظر: ((العدة شرح العمدة)) للمقدسي (ص: 152). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا نُخرِجُ في عهدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ الفِطرِ صاعًا من طعامٍ....)) رواه البخاري (1510) واللفظ له، ومسلم (985). .وجه الدَّلالة:أنَّ ظاهِرَ قَولِه: (يومَ الفِطرِ) صحَّةُ الإخراجِ في اليوم كلِّه؛ لصِدقِ اليَومِ على جميعِ النَّهارِ ((فتح الباري)) لابن حجر (3/375)، ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (2/953). .2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ مِنَ اللَّغو والرَّفَث، وطُعمةً للمساكينِ؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ فهي زكاة مقبولة، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدَقاتِ)) [2154] - رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والدارقطني (2/138)، والحاكم (1/568) قال الدارقطني عن رواته: ليس فيهم مَجروحٌ، وحسَّن إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (6/126)، وصحَّحه ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (10/636)، وابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (15/271). و الألباني في ((صحيح الجامع)) (3570). .وجه الدَّلالة:أنَّ تكريرَ قَولِه: (مَن أدَّاها) مرَّتين، واتِّحادَ مَرجِعِ الضَّميرِ في المرَّتين؛ يفيدُ أنَّ الصدقةَ المؤدَّاة قبل الصَّلاةِ وبعد الصَّلاة هي صدقةُ الفِطرِ، لكِنْ نَقَصَ ثوابُها فصارتْ كغَيرِها من الصَّدَقاتِ قال الكمال ابن الهمام: (ربَّما يُؤخَذُ سُقوطُها ببادئِ الرَّأي من حديثِ ابنِ عبَّاس المتقدِّم أوَّلَ البابِ حديث قال: ((مَن أدَّاها قبل الصَّلاة فهي صدقةٌ مقبولة، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدقاتِ))، لكن قد يُدفعُ باتِّحادِ مَرجِعِ ضَميرِ (أدَّاها) في المرَّتين؛ إذ يُفيدُ أنَّها هي المؤدَّاة بعد الصَّلاة، غيرَ أنَّه نقَصَ الثَّوابُ، فصارتْ كغَيرِها من الصَّدَقاتِ، على أنَّ اعتبارَ ظاهِرِه يؤدِّي إلى سُقوطِها بعد الصَّلاةِ، وإنْ كان في باقي اليومِ). ((فتح القدير)) (2/300). .ثانيًا: أنَّ المقصودَ منها الإغناءُ عن الطَّوافِ والطَّلَبِ في هذا اليوم، وهذا يتحقَّقُ بالإخراجِ في اليومِ، ولو بعد صلاةِ العِيدِ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطَّال (3/566)، ((المغني)) لابن قدامة (3/88). . القول الثاني: أنَّ آخِرَ وَقتِ زكاةِ الفِطرِ هو صلاةُ العِيدِ، ويحرُمُ تأخيرُها إلى ما بعدَ صلاةِ العيدِ، فإنْ أخَّرها لم تقَعْ زكاةَ فِطرٍ، وإنَّما له أجْرُ تصدُّقِه، وهو مذهَبُ الظَّاهِريَّة قال النوويُّ: (قال داود: لا يجوزُ تقديمُها قبلَ فَجرِ يَومِ العِيدِ، ولا تأخيرُها إلى أن يصلِّي الإمامُ العيدَ). ((المجموع)) (6/142). وكذا قال ابنُ حزم، إلَّا أنَّه اعتبَرَ أنَّ نهايةَ الوَقتِ تكونُ بحلِّ صلاةِ عِيدِ الفطر، وهو أنْ تبيَّضَ الشَّمسُ؛ يقول في ذلك: (وقتُ زكاةِ الفِطرِ الذي لا تجِبُ قبله, إنَّما تَجِبُ بدخولِه, ثم لا تجِبُ بِخُروجِه: فهو إثرَ طُلوعِ الفَجرِ الثاني من يوم الفِطرِ, ممتدًّا إلى أن تبيَّضَ الشَّمسُ وتحلُّ الصلاةُ من ذلك اليوم نفْسِه; فمَن مات قبل طُلوعِ الفَجرِ من اليومِ المذكور، فليس عليه زكاةُ الفِطرِ, ومَن وُلِدَ حين ابيِضاضِ الشَّمسِ مِن يومِ الفِطرِ فما بعد ذلك، أو أسلَمَ كذلك: فليس عليه زكاةُ الفِطرِ, ومَن مات بين هذينِ الوَقتينِ أو وُلِدَ أو أسلَمَ أو تمادتْ حياتُه، وهو مُسلِمٌ: فعليه زكاةُ الفِطرِ). ((المحلى)) (6/142 رقم 718). ، واختارَه ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (إن أخَّرَها بعد صلاة العيدِ، فهي قضاءٌ؛ لخبَرِ ابنِ عَبَّاسٍ ((فمَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ، فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ، فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدقاتِ)) ) ((حاشية الروض المربع)) (3/282). وقال ابنُ القيِّم بعدما صوَّب هذا القَولَ: (كان شيخُنا يقوِّي ذلك وينصُرُه). ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) (2/21، 22). ، وابنُ القيِّم قال ابنُ القيِّم: (كان مِن هدْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم إخراجُ هذه الصَّدقةِ قَبلَ صَلاةِ العيدِ، وفى السُّننِ عنه: أنَّه قال: ((من أدَّاها قبل الصَّلاة، فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صَدَقةٌ منَ الصَّدقاتِ))، وفي ((الصحيحين))، عن ابنِ عُمَرَ، قال: ((أمَر رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بزكاةِ الفِطرِ أن تؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاة))، ومقتضى هذينِ الحديثين: أنَّه لا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ، وأنَّها تفوتُ بالفراغِ مِنَ الصَّلاة، وهذا هو الصَّواب؛ فإنَّه لا مُعارِضَ لهذينِ الحَديثينِ ولا ناسِخَ، ولا إجماعَ يدفَعُ القَولَ بهما، وكان شيخُنا يقوِّي ذلك وينصُرُه، ونظيرُه ترتيبُ الأضحيَّةِ على صلاةِ الإمام، لا على وَقتِها، وأنَّ مَن ذبحَ قبل صلاةِ الإمامِ، لم تكن ذبيحَتُه أضحيَّةً، بل شاةَ لحمٍ. وهذا أيضًا هو الصَّوابُ في المسألةِ الأخرى، وهذا هدْيُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الموضِعَينِ). ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) (2/21، 22). ، والصنعانيُّ قال الصَّنعانيُّ: (قوله: (وأمَرَ بها أن تُؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ)، يدلُّ على أنَّ المبادرةَ بها هي المأمورُ بها، فلو أخَّرَها عن الصَّلاةِ أثِمَ، وخرجت عن كَونِها صدقةَ فِطرٍ وصارتْ صدقةً مِنَ الصَّدقاتِ). ((سبل السلام)) (2/138). ، والشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (حديث ابن عباس قال: (فرَض رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرةِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ مِنَ اللَّغو والرَّفثِ، وطُعمةً للمساكينِ؛ فمَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدقات)... يدلُّ على أنَّها لا تكونُ بعد الصَّلاةِ زكاةَ فطرٍ، بل صدقةٌ مِن صَدَقاتِ التطوُّعِ). ((السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)) (ص: 266). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: ((والواجِبُ أيضًا إخراجُها قبل صلاةِ العِيدِ، ولا يجوزُ تأخيرُها إلى ما بعدَ صلاةِ العِيدِ). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/201). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: ((والصَّحيحُ: أنَّ إخراجَها في هذا الوَقتِ- أي يومَ العيدِ بعد الصَّلاة- محرَّمٌ، وأنَّها لا تُجزِئُ، والدَّليلُ على ذلك حديثُ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أمر أن تُؤدَّى قبل خروجِ النَّاسِ للصَّلاةِ)). فإذا أخَّرها حتى يخرُجَ النَّاسُ مِنَ الصَّلاة، فقد عمِل عملًا ليس عليه أمرُ اللهِ ورسولِه، فهو مردودٌ؛ لقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرُنا، فهو رَدٌّ)). بل إنَّ حديثَ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما صريحٌ في هذا؛ حيث قال فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مَقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ، فهي صدقةٌ مِنَ الصَّدقاتِ)) وهذا نصٌّ في أنَّها لا تُجزِئُ، وإذا كانت لا تُجزِئُ فإنَّ الإنسانَ يكون قد ترَك فرضًا عليه بالنَّصِّ، وهو ((فرضَ رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ)) فيكون بذلك آثمًا، ولا تُقبَلُ على أنَّها زكاةُ فِطرٍ). ((الشرح الممتع)) (6/172). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((فرضَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ من اللَّغو والرَّفَثِ، وطُعمةً للمساكينِ؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ، فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ، فهي صَدَقةٌ مِنَ الصَّدقاتِ)) [2164] - رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، والدارقطني (2/138)، والحاكم (1/568) قال الدارقطني عن رواته: ليس فيهم مَجروحٌ، وحسَّن إسنادَه النوويُّ في ((المجموع)) (6/126)، وصحَّحه ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (10/636)، وابنُ باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (15/271). و الألباني في ((صحيح الجامع)) (3570). .2- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم بزكاةِ الفِطرِ أن تؤدَّى قبل خُروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاةِ)) رواه البخاري (1503)، ومسلم (986) .3- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن عمِل عملًا ليس عليه أمرُنا، فهو رَدٌّ)) رواه مسلم (1718). .وجه الدَّلالة:أنَّه إذا أخَّرها حتى يخرُجَ النَّاسُ مِنَ الصَّلاةِ، فقد عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرُ اللهِ ورسولُه؛ فهو مردودٌ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/172). .ثانيًا: أنَّ كلَّ عبادةٍ مؤقَّتة إذا تعمَّد الإنسانُ إخراجَها عن وَقتِها لم تُقبَلْ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/174). .ثالثا: القِياسُ على مَن ذَبَحَ أضحِيَّتَه قبل صلاةِ الإمامِ؛ فإنَّها لا تكونُ ذبيحةَ أضحيَّةٍ، بل شاة لحمٍ ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/21، 22). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: وقتُ وُجوبِ زكاة الفطر. المبحث الثاني: السُّنَّة في وقت إخراجِ صدقة الفطر. المبحث الثالث: تعجيلُ زكاة الفطر. المبحث الخامس: قضاء صدقة الفطر.

مَن لم يُخرِجْ صدقةَ الفِطرِ في وَقتِها، أخرَجَها قضاءً، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/514)، ((منح الجليل)) لعليش (2/107). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/142)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/309). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (4/229)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/252). ، واختاره ابنُ حَزمٍ الظاهريُّ قال ابنُ حَزْم: (فإنْ لم يؤدِّها... فهي دَينٌ عليه أبدًا، حتى يؤدِّيَها متى أدَّاها). ((المحلى)) (6/142). وقال: (فمَن لم يؤدِّها حتى خرَجَ وَقتُها، فقد وجبت في ذمَّتِه ومالِه لِمَن هي له, فهي دَينٌ لهم, وحقٌّ مِن حقوقِهم, وقد وجب إخراجُها مِن مالِه، وحرُمَ عليه إمساكُها في مالِه, فوجب عليه أداؤُها أبدًا, وبالله تعالى التَّوفيق, ويسقُط بذلك حقُّهم, ويبقى حقُّ الله تعالى في تضييعِه الوقتَ, لا يقدِرُ على جبْرِه إلَّا بالاستغفارِ والنَّدامةِ). ((المحلى)) (6/143 رقم 718). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ زكاةَ الفِطرِ حقُّ مالٍ وجَبَ عليه، فمن لم يؤدِّها حتى خرَجَ وَقتُها، فقد وجبَتْ في ذمَّتِه ومالِه لِمَن هي له, فلا يسقُطُ عنه بِفَواتِ وَقتِه كالدَّينِ ((المحلى)) (6/143 رقم 718)، ((المجموع)) للنووي (6/126)، ((العدة شرح العمدة)) (ص: 152). .ثانيًا: أنَّ زكاةَ الفِطرِ عبادةٌ، فلم تسقُطْ بخُروجِ الوقتِ، كالصَّلاةِ ((كشاف القناع)) (2/252). .       ثالثًا: أنَّ المقصودَ في زكاةِ الفِطرِ سدُّ الخَلَّة، وهو حاصِلٌ في كلِّ وقتٍ ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/272). .رابعًا: أنَّ القضاءَ مِن خواصِّ الواجِبِ، وصدقةُ الفِطرِ واجبةٌ ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/272). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: وقتُ وُجوبِ زكاة الفطر. المبحث الثاني: السُّنَّة في وقت إخراجِ صدقة الفطر. المبحث الثالث: تعجيلُ زكاة الفطر. المبحث الرابع: آخِرُ وقت زكاة الفطر.