المطلب الأوَّل: آل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين تحرُمُ عليهم الزَّكاةآلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين تحرُمُ عليهم الصَّدقةُ هم بنو هاشمٍ فقط وهم آلُ عليٍّ، وآلُ عبَّاسٍ، وآلُ جَعفرٍ، وآلُ عَقيلٍ، وآلُ الحارِثِ بنِ عبدِ المُطَّلِب. ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/274)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/330). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ من الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي مع ((حاشية الشلبي)) (1/303)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/272). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/ 495)، ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 75)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/659). ، والحَنابِلَة ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/454)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/490). ، وعلى هذا جماعةٌ مِن أهلِ العِلم قال ابنُ عبد البَرِّ: (الذي عليه جماعةُ أهل العِلم أنَّ بني هاشمٍ بأسْرِهم لا يحِلُّ لهم أكْلُ الصَّدقاتِ المَفروضاتِ، أعني: الزَّكواتِ). ((التمهيد)) (24/361). ؛ وذلك لأنَّ بني هاشمٍ أقربُ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأشرفُ، ومشاركةُ بني المطَّلِبِ لهم في خُمسِ الخُمُس استحقُّوه بالقَرابةِ والنُّصرةِ، لا بمُجرَّد القرابةِ، بدليلِ أنَّ بني عبدِ شمسٍ وبني نوفل يساوُونَهم في القرابةِ، ولم يُعطَوا شيئًا، والنُّصرةُ لا تَقتضي منْعَ الزَّكاةِ ((المغني)) لابن قدامة (2/490). .المَطلب الثاني: حُكم دفْع الزَّكاة لآل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّملا يجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ لآلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حكَى الإجماعَ على ذلك في الجملة عددٌ من العلماء؛ منهم: ابنُ قدامة؛ قال: (لا نعلَمُ خلافًا في أنَّ بني هاشمٍ لا تحِلُّ لهم الصدقةُ المفروضة). ((المغني)) (2/489). والنوويُّ؛ قال: (الزَّكاةُ حرامٌ على بني هاشم وبني المُطَّلِب، بلا خِلاف، إلَّا ما سبق فيما إذا كان أحدُهم عاملًا، والصَّحيحُ تحريمُه، وفي مواليهم وجهانِ). ((المجموع)) (6/227). والقرافيُّ؛ قال: (قال سندٌ: الزَّكاةُ محرَّمة على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إجماعًا، ومالك والأئمَّة على تحريمها على قَرابَتِه؛ قال الأبهريُّ: يحِلُّ لهم فرْضُها ونَفلُها، وهو مسبوقٌ بالإجماعِ، ولِمَا في مسلمٍ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (إنَّ هذِه الصَّدَقةَ إنَّما هي أوساخُ الناسِ، وإنَّها لا تحِلُّ لمحمَّدٍ ولا لآلِ مُحمَّد). ((الذخيرة)) (3/142). ، ولو مُنِعوا من الخُمُسِ وجوَّز ابنُ تيميَّةَ وابنُ عُثيمين دفْعَ الزَّكاةِ لهم إذا مُنِعوا من الخُمُسِ: ينظر: ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 456)، في ((الشرح الممتع)) (6/254)، ولهذا حظٌّ مِنَ النَّظَرِ. وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/266)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/350). ، والشافعيَّة على الأصحِّ ((روضة الطالبين)) للنووي (2/322)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/112). ، والحَنابِلَة ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/396)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/180). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن عبدِ المطَّلبِ بنِ رَبيعةَ بن الحارِثِ، عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال للفَضلِ بن عبَّاسٍ وعبد المطَّلب بن ربيعةَ بن الحارِثِ رَضِيَ اللهُ عنهما حين سألاه التأميرَ على الزَّكاةِ وأخْذَ ما يأخُذُ النَّاسِ: ((إنَّها لا تحِلُّ لآلِ محمَّدٍ؛ إنَّما هي أوساخُ النَّاسِ)) رواه مسلم (1072). .وجه الدَّلالة: الوجْه الأوَّل: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيَّن الحُكمَ والعِلَّة، فالحُكمُ أنَّها لا تحِلُّ لهم، والعلَّة أنَّها أوساخُ النَّاسِ، وهم أكملُ وأشرفُ مِن أن يتلقَّوا أوساخَ النَّاسِ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين(6/252). .الوجه الثاني: أنَّه عمومٌ فيدخُلُ فيه آلُ البَيتِ مطلقًا، سواء مُنِعوا من الخُمُس أو لم يُمنَعوا منه ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/112)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/396). .2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أخَذَ الحسنُ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما تمرةً مِن تمرِ الصَّدَقة، فجعَلَها في فيه، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: كَخْ كَخْ؛ لِيَطرحَها، ثم قال: أمَا شعرتَ أنَّا لا نأكُل الصَّدقَةَ؟!)) رواه البخاري (1491)، ومسلم (1069) ، وفي روايةٍ لمسلم: ((أنَّا لا تَحِلُّ لنا الصَّدقةُ؟!)) رواه مسلم (1069). ، وفي رواية البخاري: ((أمَا عَلِمتَ أنَّ آلَ محمَّدٍ لا يَأكُلون الصَّدَقة؟!)) رواه البخاري (1485). .ثانيًا: أنَّ منْعَ آلِ البَيتِ مِن الزَّكاة إنَّما هو لِشَرفِهم، وهو باقٍ ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (2/396). . انظر أيضا: المبحث الثاني: الكافر . المبحث الثالث: الأقارب الذين تلزمُه نفقتُهم. المبحث الرابع: الزوجة. المبحث الخامس: الغنيُّ.

لا تُدفَع الزَّكاةُ لكافرٍ من غير المؤلَّفة قلوبُهم .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال اللهُ تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60].وجه الدَّلالة:أنَّ الآيةَ مُشتمِلةٌ على مصارِفِ الزَّكاةِ الخاصَّة بالمسلمينَ، ولا يدخل فيها كافرٌ، فلم تُشرَعِ الصدقةُ إلَّا لمواساةِ مَن اتَّصفَ بِوَصفٍ من تلك الأوصافِ مِن المسلمينَ، لا لمواساةِ أهلِ الكُفر؛ فإنَّا مأمورونَ بِمُقاتَلَتِهم حتى يدخلوا في الإسلامِ، أو يُعطَوُا الجزيةَ، ومُتعبَّدونَ بالإغلاظِ عليهم وعدَمِ موالاتِهم ومحبَّتِهم ((السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)) للشوكاني (ص: 256). .ثانيًا: من السُّنَّةعن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعَث معاذًا إلى اليَمنِ، وقال له: ((أعْلِمْهم أنَّ عَليهِم صَدَقةً تُؤخَذُ من أغنيائِهم، وتُرَدُّ على فُقرائِهم)) رواه البخاري (1496)، ومسلم (19). .وجه الدَّلالة: أنَّه خصَّ الزَّكاةَ بِصَرْفها إلى فُقَراءِ المسلمينَ دُونَ سائِر المِلَلِ، كما خصَّهم بوجوبِها على أغنيائِهم ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 728)، ((المحلى)) لابن حزم (6/146 قم719)، ((المغني)) لابن قدامة (2/487). .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِرِ: (أجمعوا على أنَّ الذمِّي لا يُعطى مِن زكاةِ الأموال شيئًا). ((الإجماع)) (ص: 48). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (لا نَعلَمُ بين أهل العِلم خِلافًا في أنَّ زكاةَ الأموالِ لا تُعطَى لكافرٍ). ((المغني)) (2/487). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. المبحث الثالث: الأقارب الذين تلزمُه نفقتُهم. المبحث الرابع: الزوجة. المبحث الخامس: الغنيُّ.

المطلب الأوَّل: دفْع الزَّكاة إلى الأقارب الذين تلزمه نفقتُهملا يَصحُّ صرفُ الزَّكاةِ مِن سهم الفُقَراءِ إلى القَرابةِ الواجبةِ نَفَقتُهم قال أبو عُبَيد: (الأصلُ في هذا عندي إنَّما هو كل مَن كان عَوْلُه فرضًا على العائِلِ واجبًا لا يسعُه تضييعُهم... فهؤلاء الأهلُ والوَلَدُ، وكذلك الوالدانِ، إذا كانَا ذَوَي خَلَّةٍ وفاقة، فعلى وَلَدِهما الموسِر أن يَعولَهما كَعَولِه ولدَه وأهلَه، بسُنَّةِ ثابتة عن رسولِ الله، وهي قوله: (إنَّ ولَدَ الرَّجُلِ مِن كَسْبِه)، والحديث فيه كثيرٌ مُستفيضٌ). ((الأموال)) (ص: 695)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/141). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ نقَل الإجماعَ على عَدَمِ جوازِ صرْفِ سهْمِ الفُقَراءِ إلى الوالِدَينِ: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِرِ: (أجْمعوا على أنَّ الزَّكاةَ لا يجوزُ دفعُها إلى: الوالِدَينِ، وفي الحال التي يُجبَر الدافعُ إليهم على النَّفقةِ عليهم). ((الإجماع)) (ص: 48). ، ونقَل الإجماعَ على عَدَمِ جواز صرْفِها إلى الأولاد: أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّام قال أبو عُبَيد: (ليس من السُّنة أن يُعطِي الوالدانِ وَلَدَهما مِنَ الزَّكاةِ، فلا يجزئ ذلك في قول أحدٍ أعلَمُه). ((الأموال)) (ص: 700). .ثانيًا: أنَّ صرْفَ الزَّكاةِ إلى مَن تجِب نفقَتُه عليه: يجلِبُ إلى نفْسِه نفعًا، فهو يوفِّرُ نفقَتَه الواجبةَ عليه، فيقي بذلك مالَه، فكأنَّه دفعَها إلى نفْسِه، فلم تجُزْ، كما لو قضى بها دَينَه قال ابنُ تيميَّة: (إذا كان القريبُ مِن عيالِه، فيعطيه ما يَستغني به عَنِ النَّفقةِ المعتادة، ففي مثل هذه الصُّورةِ لا يُجزِئُه على الصَّحيح، وهو المنقول عن ابنِ عبَّاسٍ وغيرِه، أفتَوْا بأنَّه إذا كان مِن عِيالِه لم يُعطِه ما يَدْفَعُ به الإنفاقَ عليه، حتى لو كان متبرِّعًا بالإنفاقِ على رجُل لم يكن له أن يُعطيَه ما يَقي به مالَه؛ لأنَّه هنا دفَع عَن نَفسِه بالزَّكاة، فأخرَجَها لِغَرَضِه لا لله، والزَّكاةُ عليه أن يُخرِجَها لله، وإنْ لم يكن هذا واجبًا بالشَّرع، لكنَّ العاداتِ لازمةٌ لأصحابِها). ((جامع المسائل)) لابن تيمية (6/371)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/141)، ((المجموع)) للنووي (6/229)، ((المغني)) لابن قدامة (2/482). .ثالثًا: أنَّ قريبَه غنيٌّ بنفَقَتِه عليه، وإنما جُعِلَت الزَّكاة للحاجة، ولا حاجةَ إليها مع وجوبِ النَّفقةِ ((المجموع)) للنووي (6/229). .رابعًا: أنَّ الوالدينِ والولدَ، والزَّوجة والمملوكَ؛ شركاؤه في مالِه بالحقوقِ التي ألزَمَه اللهُ إيَّاها لهم سوى الزَّكاةِ، ثم جعَل الزَّكاة فرضًا آخَرَ غيرَ ذلك كلِّه، فإذا صرَفها إلى هؤلاءِ كان قد جعَل حقًّا واحدًا يُجزي عن فَرضَينِ، وهذا لا جائِزٌ ولا واسِعٌ؛ فلهذا صار هؤلاءِ خارجينَ مِن أهل الزَّكاةِ عند المسلمينَ جميعًا ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 695). .خامسًا: أنَّ القاعدةَ أنَّه لا يجوزُ للإنسانِ أن يُسقِط بزكاتِه أو بكفَّارَتِه واجبًا عليه ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/250). .المطلب الثاني: دفْع الزَّكاة إلى الأقارب الذين لا تلزمه نفقتُهم يجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ للأقارِبِ الذين لا تلزَمُه نفقَتُهم، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 473)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/49). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (2/353)، ((منح الجليل)) لعليش (2/93)، وينظر: ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/324)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/141). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/229)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (8/535). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/184)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/483). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن سَلمانَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إنَّ الصَّدقَةَ على المسكينِ صَدَقةٌ، وعلى ذِي الرَّحِمِ اثنتانِ: صَدَقةٌ, وصِلةٌ)) رواه الترمذي (658)، والنسائي (5/92)، وابن ماجه (1844)، وأحمد (4/18) (16277)، والدارمي (1/488)، وابن حبان (8/132) (3344)، حسَّنه ابن قدامة في ((المغني)) (4/319)، وقوَّى إسنادَه الذهبيُّ في ((االمهذب)) (3/1532)، وصحَّح إسنادَه ابنُ كثير في ((تفسير القرآن الكريم)) (8/430). وصحَّحه ابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (7/411)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (2581). .وجه الدَّلالة:أنَّه أطلَقَ كَونَ الصَّدقةِ على ذي الرَّحِمِ صدقةً وصِلةً، ولم يشترطْ ذلك أن يكون في نافلةٍ ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 695). .ثانيًا: لما فيه مِنَ الجَمْع بين الصَّدَقةِ وصِلةِ الرَّحِم ((الذخيرة)) للقرافي (3/141). .المطلب الثالث: دفع الزَّكاة إلى الأقارب الذين تلزمه نفقتُهم وهو عاجز عنهايجوزُ دفْعُ الزَّكاةِ إلى أقارِبِه الفُقَراءِ الذين يعجِزُ عن نفقَتِهم الواجبةِ عليه؛ نصَّ على هذا فقهاءُ الحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/293) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/463)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/483)، ((الاختيارات الفقهية)) لابن تيميَّة (ص: 456، 457). ، واختاره ابنُ تَيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (يجوزُ صَرفُ الزَّكاةِ إلى الوالدَينِ، وإنْ علوَا، وإلى الوَلَدِ، وإن سفُلِ؛ إذا كانوا فُقَراءَ وهو عاجزٌ عن نَفَقَتِهم؛ لوجودِ المُقتَضى السَّالمِ عن المُعارِض العادِمِ، وهو أحَدُ القولينِ في مذهَبِ أحمدَ، وكذا إنْ كانوا غارِمينَ أو مكاتَبِينَ أو أبناءَ السَّبيلِ، وهو أحدُ القولينِ أيضًا، وإذا كانت الأمُّ فقيرةً ولها أولادٌ صِغارٌ لهم مالٌ، ونفقَتُها تضرُّ بهم أُعطِيَتْ من زكاتِهم، والذي يخدمُه إذا لم تَكفِه أجرتُه أعطاه مِن زكاتِه إذا لم يستعمِلْه بدلَ خِدمَتِه). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 456، 457)، وينظر: ((جامع المسائل)) (6/371). ، وابنُ عُثيمِين قال ابنُ عُثيمِين: (لو كان غنيًّا يُنفِقُ على أبيه، وأبوه مستغنٍ، إمَّا بنفْسِه، أو بإنفاقِ وَلَدِه، لكنْ عليه دَينٌ يستطيعُ الولَدُ أن يؤدِّيَ الدَّينَ عنه، لكن يقول: أنا أؤدِّي الدَّينَ مِن زكاتي، فيجوزُ؛ لأنَّه لا يجِبُ على الابنِ وفاءُ دَينِ أبيه، اللهمَّ إلَّا إذا كان هذا الدَّينُ بسبَبِ النَّفقة، أي: إنَّ الأبَ يحتاجُ، ويشتري في ذِمَّتِه فلَحِقَه الدَّينُ لِشِراءِ مَؤُونَتِه، ففي هذه الحالِ نقول: لا تقضِ دَينَ أبيك مِن زكاتِك؛ لأنَّ هذا يؤدِّي إلى أن يُضيِّقَ الإنسانُ على أبيه، حتى يستدينَ للنَّفقةِ، ثم يقول: أبي عليه دَينٌ فأقضي دَينه مِن زكاتي؟ فيجوز أن يقضِيَ الدَّينَ عن أبيه، أو أمِّه، أو ابنِه وابنتِه، بشَرْط ألَّا يكونَ هذا الدَّينُ استدانةً لنفقةٍ واجبةٍ على الابنِ، فإنْ كان لنفقةٍ واجبةٍ؛ فلا يجوز). ((الشرح الممتع)) (6/260). وقال: (مسألة: إذا كان الأبُ فقيرًا، وعند الابنِ زكاةٌ وهو عاجِزٌ عن نفقةِ أبيه، فهل يجوزُ أن يصرِفَها لأبيه؟ الجوابُ: يجوز أن يُعطِيَها لوالِدِه؛ لأنَّه لا تلزَمُه نفقَتُه؛ لأنَّ الابنَ لا يملِكُ شيئًا، وهو هنا لا يُسقِطُ واجبًا، والزَّكاةُ إمَّا أن تذهبَ إلى الوالِدِ أو إلى غيره؛ فهل من الأوْلى عقلًا- فضلًا عن الشَّرعِ- أُن أعطِيَ غريبًا يتمتَّعُ بزكاتي ويدفَعُ حاجَتَه، وأبي يتضوَّرُ من الجُوع؟! الجواب: لا؛ لأنَّني لا أستطيعُ أن أُنفِقَ على والدي؛ ففي هذه الحال تُجزِئُ الزَّكاةُ للوالد). ((الشرح الممتع)) (6/251).  وقيَّدها ابنُ بازٍ بالدَّينِ، فقال: (حتَّى ولو كان ابنك أو أباك وعليه دَين لأحد ولا يستطيع وفاءه، فإنَّه يجوز لك أنْ تقضيه من زكاتك، أي: يجوز أن تقضي دَين أبيك من زَكاتك، ويجوز أن تقضي دَين ولدك من زكاتك بشَرْط ألَّا يكون سبب هذا الدَّين تحصيل نفقة واجبة عليك، فإنْ كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك فإنَّه لا يحِلُّ لك أن تقضي الدَّين من زكاتك؛ لئلَّا يُتَّخذ ذلك حِيلةً على منع الإنفاق على مَن تجب نفقتهم عليه؛ لأجل أن يستدينَ ثم يقضي دُيونهم من زكاته) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/311). .وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّ نُصوصَ الكتابِ والسُّنَّة تتناوَلُ القريبَ والبَعيدَ في الإعطاءِ مِنَ الزَّكاة، وامتاز إعطاءُ القريبِ بما فيه مِنَ الصِّلة، وقدْ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ الصَّدقةَ على المسكينِ صَدقةٌ، وعلى ذي الرَّحِمِ اثنتان: صَدَقةٌ وصِلةٌ)) رواه الترمذي (658)، والنسائي (5/92)، وابن ماجه (1506)، وأحمد (4/18) (16277)، والدارمي (1/488). حسَّنه ابن قدامة في ((المغني)) (4/319)، وقوَّى إسنادَه الذهبيُّ في ((االمهذب)) (3/1532)، وصحَّح إسنادَه ابنُ كثير في ((تفسير القرآن الكريم)) (8/430). وصحَّحه ابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (7/411)، والألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (5/34). . فالصَّدقةُ في الصِّلةِ أفضَلُ مِنَ الصَّدقةِ المجرَّدةِ ((جامع المسائل)) لابن تيمية (6/371). . ثانيًا: أنَّه لا يَتعيَّنُ أن تجِبَ النفقةُ على أقارِبِه، فقد لا يكونُ للمزكِّي فضلٌ يُنفِقُه عليهم، فإذا حُرِموا الصَّدَقةَ مع النَّفقةِ، كان هذا ضدَّ مقصودِ الشَّارِعِ ((جامع المسائل)) لابن تيمية (6/371). .ثالثًا: أنَّه لو أعطى الزَّكاةَ للإمامِ، فأعْطى الإمامُ أقارِبَه من ذلك جاز، وكذلك لو أعطاها لمن يَقسِمُها بين المستحقِّينَ فأعطاها أقارِبَه، فكذلك إذا قسَمَها هو ((جامع المسائل)) لابن تيمية (6/374). .رابعًا: أنَّه أوْلى مِن أجنبيٍّ ليس مثلَه في الحاجةِ ((جامع المسائل)) لابن تيمية (6/371). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. المبحث الثاني: الكافر . المبحث الرابع: الزوجة. المبحث الخامس: الغنيُّ.

لا يجوزُ دفْعُ الرَّجُلِ زكاتَه إلى زَوجَتِه.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِرِ: (أجْمعوا على أنَّ الرجُلَ لا يُعطِي زوجَتَه من الزَّكاة؛ لأنَّ نفقَتَها عليه، وهي غنيةٌ بغناه). ((الإجماع)) (ص: 49) ، والكاسانيُّ قال الكاسانيُّ: (لا يجوزُ أن يَدفعَ الرجلُ الزَّكاةَ إلى زوجته بالإجماعِ). ((بدائع الصنائع)) (2/49). ، وابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامة: (أمَّا الزوجةُ فلا يجوز دفعُ الزَّكاةِ إليها إجماعًا). ((المغني)) (2/484). .ثانيًا: أنَّ نفقَتَها واجبةٌ عليه، فتَستغني بها عن أخْذ الزَّكاةِ، فلم يجُزْ دفعُها إليها قال أبو عُبَيد: (أمَّا إعطاءُ المرأة زوْجَها من الزَّكاةِ، فقد كان بعضُ أهلِ العراق يرى ذلك غيرَ مُجزيها، يُشبِّهه بإعطائِه إيَّاها مِن زكاته. وهما عندنا مُفترقانِ مِن جِهة السُّنةِ والنَّظَر جميعًا... وأمَّا النَّظَر، فإنَّ الرَّجُل يُجبَرُ على نفقةِ امرأتِه، وإنْ كانت موسِرةً، وليست تُجبَرُ هي على نفقَتِه وإن كان مُعسِرًا، فأيُّ اختلافٍ أشدُّ تفاوتًا من هذينِ؟! وهذا هو الأصلُ عندنا المفرِّقُ بين كل مَن يُعطيه الرَّجُل من زكاته، ومَن لا يعطيه؛ أنَّ مَن وجبتْ على الرَّجُلِ نفقتُه وعَولُه، فلا حظَّ له في زكاتِه، ومَن خلَت له زكاتُه كان غيرَ مفروضٍ عليه مُؤنتُه. وهذا قول أهل الحجاز). ((الأموال)) (ص: 700). استثنى الإمامُ أحمد ما إذا لم يُنفِقْ عليها، وتعذَّرَ ذلك، فإنَّه يجوزُ لها أخْذُ الزَّكاةِ، كما لو تعطَّلتْ منفعةُ العقارِ. ((المغني)) لابن قدامة (2/496)، ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (2/710). .مطلب: دفْع الزوجةِ زَكاتَها لزوجهايجوزُ للمرأةِ أن تُعطِيَ زَوجَها مِن زكاتها إنْ كان من أهلِ الزَّكاةِ، وهذا مذهَبُ الشافعيَّةِ قال ابنُ حجر الهيتمي: (ويُسنُّ لها أن تُعطِيَ زَوجَها من زكاتِها، ولو بالفَقرِ، وإنْ أنفَقَها عليها). ((تحفة المحتاج)) (7/154)، ويُنظر: ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) لسليمان بن عمر المعروف بالجمل (4/98). ، وبه قال أبو يوسُفَ ومحمَّدُ بنُ الحسَنِ مِنَ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي مع ((حاشية الشلبي)) (1/301)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/270). ، وهو قولٌ للمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/239)، ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/221). ، وقولٌ للحَنابِلَة ((المغني)) لابن قدامة (2/484)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/290). ، واختاره أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّام قال أبو عُبَيدٍ: (... أنَّ الرجُلَ يُجبَرُ على نفقةِ زَوجَتِه وإنْ كانت موسرةً، وليستْ تُجبَرُ هي على نفقَتِه وإنْ كان معسِرًا؛ فأيُّ اختلافٍ أشدُّ تفاوتًا مِن هذين). ((الأموال)) (ص 700). ، وابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِرِ: (ولا يُعطي المرءُ زوجتَه ولا مملوكَه، وتُعطي المرأةُ زوجَها الفقيرَ). ((الإقناع)) (1/189)، ((المغني)) لابن قدامة (2/484). ، وابنُ حزمٍ قال ابنُ حَزْم: (تُعطي المرأةُ زوجَها مِن زكاتها; إنْ كان من أهل السِّهامِ, صحَّ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه أفْتَى زينبَ امرأةَ ابنِ مَسعودٍ؛ إذ أمَر بالصدقةِ فسألتْه: أيَسعُها أن تضَعَ صَدَقَتَها في زوجِها, وفي بني أخٍ لها يتامى، فأخبرَها عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّ لها أجرَينِ: أجْرَ الصَّدَقةِ، وأجْرَ القَرابةِ). ((المحلى)) (6/152). ، وابنُ قُدامة قال ابنُ قُدامة: (يَبقى جوازُ الدَّفعِ ثابتًا، والاستدلالُ بهذا أقوى من الاستدلالِ بالنُّصوص؛ لضعْفِ دَلالتِها؛ فإنَّ الحديثَ الأوَّلَ في صدقة التطَوُّع، لقولها: أردْتُ أن أتصدَّقَ بحُليٍّ لي. ولا تجِبُ الصَّدقةُ بالحليِّ، وقولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((زوجُك وولدُك أحقُّ مَن تَصدَّقتْ به عليهم))، والولَدُ لا تُدفَعُ إليه الزَّكاةُ. والحديث الثاني، ليس فيه ذِكْر الزَّوج، وذكر الزَّكاةِ فيه غيرُ محفوظ، قال أحمد: مَن ذكَر الزَّكاةَ فهو عِندي غيرُ محفوظٍ، إنما ذاك صَدقةٌ مِن غيرِ الزَّكاة؛ كذا قال الأعمشُ) ((المغني)) (2/485). ، والشوكانيُّ قال الشَّوكانيُّ: (الظاهِرُ أنَّه يجوز للزَّوجةِ صرْفُ زكاتها إلى زوجها، وأمَّا أوَّلًا فلِعَدمِ المانع من ذلك، ومَن قال: إنَّه لا يجوزُ، فعليه الدَّليل. وأمَّا ثانيًا فلأنَّ تركَ استفصالِه صلَّى الله عليه وسلَّم لها يُنزَّلُ منزلةَ العمومِ، فلمَّا لمْ يستفصِلْها عن الصَّدقةِ؛ هل هي تطوُّعٌ أو واجب؟ فكأنه قال: يُجزِئُ عنك فرْضًا كان أو تطوُّعًا). ((نيل الأوطار)) (4/210) ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: (ويجوزُ دفْعُ الزوجة زكاتَها لزَوجِها في قضاءِ دَينٍ عليه ونحوه؛ وذلك لأنَّ اللهَ سبحانه علَّق استحقاقَ الزَّكاةِ بأوصافٍ عامَّة تشمَلُ مَن ذكَرْنا وغيرَهم؛ فمن اتَّصفَ بها كان مستحقًّا، وعلى هذا فلا يخرُجُ أحدٌ منها إلا بنصٍّ أو إجماعٍ، فعن زينبَ الثقفيَّةِ امرأةِ عبدِ الله بن مسعودٍ «أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَر النساءَ بالصَّدقةِ، فسألتِ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنَّك أمرتَ بالصَّدَقةِ، وكان عندي حُلِيٌّ فأردتُّ أن أتصدَّقَ به، فزعم ابنُ مسعودٍ أنَّه وولَدَه أحقُّ مَنْ تصدَّقْتُ به عليهم، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((صَدَقَ ابنُ مسعودٍ؛ زوجُك وولدُكِ أحقُّ مَن تصدَّقتِ به عليهم))، وعن سلمانَ بن عامرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((الصَّدقةُ على الفَقيرِ صَدقةٌ، وعلى ذَوي الرَّحِم صدقةٌ وصِلةٌ))، وذَوُو الرحِم هم القرابة؛ قرُبوا أم بَعُدوا). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20/310). وقال أيضًا: (الصوابُ جوازُ دفْعِ الزَّكاة إلى الزَّوجِ إذا كان من أهلِ الزَّكاة، مثال ذلك: امرأةٌ موظَّفةٌ وعندها مال، وزوجُها فقيرٌ مُحتاجٌ، إمَّا أنَّه مَدينٌ، أو أنَّه يُنفِقُ على أولاده، أو ما أشبه ذلك، فللزوجةِ أن تؤدِّي زكاتَها إليه، وقولُنا أو أنه يُنفِقُ على أولاده، المرادُ بأولادِه مِن غيرِها؛ لأنَّ أولادَه منها إذا كان أبوهم فقيرًا، يلزَمُها أن تُنفِقَ عليهم؛ لأنَّهم أولادُها، لكن إذا كان له أولادٌ مِن غَيرِها وهو فقيرٌ، فللزوجة أن تُعطيَه زكاتَها. وقال أيضًا: (إنَّنا نقولُ في تقريرِ دفْعِ الزَّكاة إلى الزَّوجِ: الزوج فقيرٌ ففيه الوصفُ الذي يستحقُّ به من الزَّكاة؛ فأين الدَّليلُ على المنعِ؟ لأنَّه إذا وُجِدَ السَّبب ثبَت الحُكم، إلَّا بدليلٍ، وليس هناك دليلٌ لا مِنَ القرآنِ ولا من السُّنةِ على أنَّ المرأةَ لا تدفَع زكاتَها لزوجها، وهذه قاعدةٌ: (الأصل فيمَن ينطبِقُ عليه وصفُ الاستحقاقِ أنَّه مُستحِقٌّ، وتُجزِئُ الزَّكاةُ إليه إلَّا بدليلٍ)، ولا نعلم مانعًا من ذلك إلَّا مَن كان إذا أعطاها له أسْقَطَ عَن نفْسه بذلك واجبًا). ((الشرح الممتع)) (6/260، 262). ، وبه صدرت فتوى اللَّجنة الدَّائمة في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (نفقةُ المرأةِ واجبةٌ على زَوجِها؛ فإذا كان فقيرًا فلإخوانِ زَوجَتِه أن يُعطوه من زكاة أموالِهم؛ لينفقَ منها على نفْسِه وزوجَتِه ومَن يَعولُ، ولإخوانِ هذه الزوجةِ أن يُعطوا أختَهم مِن زكاةِ أموالِهم؛ لتنفقَ منها على نفْسِها وزوجِها الفقيرِ وأولادِه، بل هذه الزوجةُ إذا كان لها مالٌ وجبَتْ فيه الزَّكاةُ، فلها أن تُعطِيَ زكاةَ مالِها لِزَوجِها؛ لينفِقَ منها على مَن يَعولُهم). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (10/56). وقالت أيضًا: (يجوزُ أن تَصرِفَ المرأةُ زكاةَ مالها لِزَوجِها إذا كان فقيرًا؛ دفعًا لفَقرِه؛ لعموم قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... الآية) ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة - المجموعة الأولى)) (10 /62) .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال اللهُ تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60].وجه الدَّلالة:أنَّ عُمومَ الأصنافِ الثَّمانية يدخُل فيها الزَّوجُ؛ فإذا كان فقيرًا دخَل في العُمومِ، فمتى ما ثبَت الوصفُ ثبَتَ الحُكم،،  وليس في المنعِ مِن دفْع الزَّكاة إليه نصٌّ ولا إجماعٌ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطَّال (3/، 492).((المغني)) لابن قدامة (2/485). .ثانيًا: من السُّنَّةعن زَينبَ امرأةِ عبدِ اللهِ بن مسعودٍ قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ((تَصدَّقْنَ يا معشرَ النِّساءِ، ولو مِن حُليِّكُنَّ، قالتْ: فرجَعتُ إلى عبدِ اللهِ، فقلتُ: إنَّك رجلٌ ضعيفُ ذاتِ اليَد- كناية عن الفقر- وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قدْ أمَرَنا بالصَّدقةِ فَأْتِه فاسألْه، فإنْ كان ذلك يُجزِئُ عنِّي، وإلَّا صرفتُها إلى غَيرِك، قالت: فقال عبدُ الله: ائتِيه أنتِ، قالت: فانطلقتُ فإذا امرأةٌ مِنَ الأنصارِ ببابِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم حاجَتي حاجتُها، وكان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قدْ أُلقِيَتْ عليه المهابةُ، فخرَج علينا بلالٌ فقلنا له: ائتِ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فأخْبِرْه أنَّ امرأتينِ بالبابِ يسألانِك: أتُجْزِئُ الصدقةُ عنهما على أزواجِهما وعلى أيتامٍ في حُجُورهما؟ ولا تُخْبِرْ مَن نحن، فدخَل بلالٌ فسألَه فقال: مَن هما؟ فقال: امرأةٌ مِن الأنصارِ وزينبُ، فقال: أيُّ الزَّيانبِ؟ فقال: امرأةُ عبدِ اللهِ، فقال: أجْرانِ: أجْرُ القَرابةِ، وأجْرُ الصَّدقة)) رواه البخاري (1466)، مسلم (1000). ، وفي لفظ البخاريِّ: ((يُجزِئ عنِّي أن أُنفِقَ على زوْجي وعلى أيتامٍ لي في حِجْري)) [1957] رواه البخاري (1466). . وجه الدَّلالة: أنَّ قَولَها: (أيُجزِئ عنِّي) يدلُّ على أنَّ المرادَ الزَّكاةُ الواجبةُ، وفي ترْكِه صلَّى الله عليه وسلَّم الاستفصالَ عن نوعِ الزَّكاةِ ما يُنَزَّلُ منزلةَ العُمومِ قال الشوكاني: (ترْكُ استفصالِه صلَّى الله عليه وسلَّم لها يُنَزَّلُ منزلةَ العموم، فلمَّا لم يستفصِلْها عن الصَّدقةِ؛ هل هي تطوُّعٌ أو واجب؟ فكأنَّه قال: يُجزِئُ عنك فرْضًا كان أو تطوُّعًا). ((نيل الأوطار)) (4/210) .ثالثًا: أنَّ كلَّ مَن لا يلزَمُ الإنسانَ نفقَتُه؛ فجائِزٌ أنْ يضَعَ فيه الزَّكاةُ، والمرأةُ لا يلزَمُها النفقةُ على زَوجِها، ولا على بنِيه شرح صحيح البخاري لابن بطَّال (3/492)، ((المغني)) لابن قدامة (2/485). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. المبحث الثاني: الكافر . المبحث الثالث: الأقارب الذين تلزمُه نفقتُهم. المبحث الخامس: الغنيُّ.

لا يصحُّ دفْعُ الزَّكاة لغنيٍّ مِن مَصرِفِ الفُقَراءِ والمساكينِ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال اللهُ تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... [التوبة: 60].وجه الدَّلالة:أنَّ اللهَ تعالى جعَل الزَّكاةَ للفُقَراءِ والمساكينِ، فخرَج بذلك الغنيُّ. ثانيًا: من السُّنَّة1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعَثَ مُعاذًا إلى اليَمَنِ، وقال له: ((أَعْلِمْهم أنَّ عَليهم صَدقةً تُؤخَذُ مِن أغنيائِهم وتُرَدُّ على فُقرائِهم)) رواه البخاري (1496)، ومسلم (19). .2- عن عُبَيدِ الله بن عَديِّ بنِ خِيارٍ: ((أنَّ رجُلينِ حدَّثاه أنَّهما أتيَا رسولَ الله يسألانِه من الصَّدقةِ، فقلَّب فيهما النَّظَرَ، فرآهما جَلْدَينِ، فقال: إنْ شِئتُما أَعطيتُكما، ولا حظَّ فيها لغنيٍّ، ولا لقويٍّ مُكتسِبٍ)) رواه أبو داود (1633)، والنسائي (2598)، وأحمد (18001)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3/137) (2722). قال الإمام أحمد كما في ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (3/1105): ما أجوَدَه من حديث، وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (6/189)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/361)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1633)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1503)، وصحَّحَ إسنادَه محمد ابن عبد الهادي في ((تنقيح تحقيق التعليق)) (2/273)، والذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (1/362). .3- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تَحِلُّ الصَّدقة لغنيٍّ، ولا لِذي مِرَّةٍ سَويٍّ)) رواه النسائي (5/99) (2597)، وابن ماجه (1839)، وأحمد (2/389) (9049)، والدارقطني (2/118) (3) قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (5/411): قويُّ الإسنادِ، متجاذِبٌ بين الوقف والرفع. وصحَّحه ابن كثير ((تفسير القرآن)) (7/419)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/362)، والألبانيُّ في ((صحيح ابن ماجه)) (1501)، وحسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/1106) وقال: ولفظه: لِذِي مِرَّةٍ قويٍّ. .ثالثًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (عن أبي سعيدٍ الخُدري قال: قال: رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا تحِلُّ الصدقةُ لغنيٍّ إلَّا لخمسةٍ: لعاملٍ عليها، أو لرجلٍ اشتراها بمالِه، أو غارمٍ، أو غازٍ في سبيل اللهِ، أو مِسكينٍ تُصُدِّقَ عليه فأهْدى منها لغنيٍّ)...وأجمع العلماءُ على أنَّ الصدقةَ المفروضةَ لا تحِلُّ لأحدٍ مِنَ الأغنياءِ غيرَ من ذُكِر في هذا الحديثِ مِن الخمسة الموصوفين فيه). ((التمهيد)) (5/97). ، وابنُ قُدامةَ قال ابُن قدامة: (لا يُعطى مِن سَهمِ الفُقراءِ والمساكينِ غنيٌّ، ولا خلافَ في هذا بين أهل العِلمِ). ((المغني)) (2/493). .رابعًا: أنَّ أخذَ الغنيِّ من الزَّكاةِ يمنَع وُصولَها إلى أهلِها، ويُخِلُّ بحِكمةِ وُجوبِها، وهو إغناءُ الفقراءِ بها ((المغني)) لابن قدامة (2/493). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. المبحث الثاني: الكافر . المبحث الثالث: الأقارب الذين تلزمُه نفقتُهم. المبحث الرابع: الزوجة.

لا يجوزُ صرْفُ الزَّكاةِ إلى المُكتَسِبِ كسبًا يَكفِيه، وهذا مذهبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/190)، ويُنظر: ((حاشية الجمل على شرح المنهج)) لسليمان بن عمر المعروف بالجمل (4/97). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/286)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (6/471). ، واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (ومن كان له دخلٌ يكفيه للطَّعامِ وللشَّرابِ وللكِساءِ وللسَّكَنِ مِن وقفٍ أو كسبٍ أو وظيفةٍ أو نحو ذلك؛ فإنَّه لا يُسَمَّى فقيرًا ولا مسكينًا، ولا يجوز أن تُصرَفَ له الزَّكاةُ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/266). وقال أيضًا: (والإنسانُ قد يكون جَلْدًا ولكن ما عنده مالٌ، ولا وَجَدَ عملًا، فيُعطى إذا أظهَرَ الحاجةَ والفَقرَ، ولا يوجَدُ ما يدلُّ على أنَّه كاذِبٌ، يُعطى؛ لأنَّه قد يكون صادقًا، ما وجدَ عملًا، ما حصَلَ له شيءٌ، فالحاصِلُ أنَّ من أظهَرَ الفقرَ والحاجة، وسأل ولا يوجَدُ ما يدلُّ على كَذِبِه يُعطى) ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (15/101). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (فأمَّا الفقراءُ والمساكينُ: فهم المحتاجونَ الذين لا يَجِدونَ ما يكفيهم ويكفي عائِلَتَهم: إمَّا مِنَ المال، وإمَّا مِنَ العَمَل والتكَسُّب، فيُعطَون قَدْرَ كِفايَتِهم وكفايةِ عائِلَتِهم لِمُدَّةِ سنةٍ، على المشهورِ من مذهَبِ الإمامِ أحمد رحمه الله، فأمَّا من له مالٌ يكفيه ويكفي عائِلَتَه، أو له عمَلٌ يكتسِبُ به ما يكفيه، ويكفي عائِلَتَه من راتبٍ حُكوميٍّ، أو غيره، فليس بفقيرٍ، ولا يجوز له الأخذُ مِنَ الزَّكاة بهذا السَّبَبِ؛ لأنَّه غيرُ مُستحِقٍّ لها، فعليه أن يحمَدَ اللهَ على نِعمَتِه، ويستغنيَ بما أغناه اللهُ به؛ فإنَّ الزَّكاةَ أوساخُ أموالِ النَّاسِ). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/568). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن عُبَيد الله بن عَديِّ بنِ خِيارٍ: ((أنَّ رجُلين حدَّثاه أنَّهما أتيَا رسولَ الله يسألانِه من الصَّدقةِ، فقلَّب فيهما النَّظرَ، فرآهما جَلْدَينِ، فقال: إنْ شِئتُما أَعطيتُكما، ولا حظَّ فيها لغنيٍّ، ولا لقويٍّ مُكتسِبٍ)) رواه أبو داود (1633)، والنسائي (5/99) (2598)، وأحمد (4/224) (18001)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3/137) (2722). قال الإمام أحمد كما في ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (3/1105): ما أجوَدَه من حديث، وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (6/189)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/361)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1633)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1503)، وصحَّحَ إسنادَه محمد بن عبد الهادي في ((تنقيح تحقيق التعليق)) (2/273)، والذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (1/362). .2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تَحِلُّ الصَّدقة لغنيٍّ ولا لِذي مِرَّةٍ سَويٍّ)) رواه النسائي (5/99) (2597)، وابن ماجه (1839)، وأحمد (2/389) (9049)، والدارقطني (2/118) (3) قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (5/411): قويُّ الإسنادِ، متجاذِبٌ بين الوقف والرفع. وصحَّحه ابن كثير ((تفسير القرآن)) (7/419)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/362)، والألبانيُّ في ((صحيح ابن ماجه)) (1501)، وحسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/1106) وقال: ولفظه: لِذِي مِرَّةٍ قويٍّ. .ثانيًا: أنَّ الزَّكاةَ مواساةٌ؛ فلا تحِلُّ للمُكتسِبِ كسبًا يَكفيه؛ لأنه لا يُسمَّى فقيرًا ولا مسكينًا انظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/266). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. المبحث الثاني: الكافر . المبحث الثالث: الأقارب الذين تلزمُه نفقتُهم. المبحث الرابع: الزوجة.

لا يَدْفَعُ المزكِّي زكاتَه إلى رَقيقِه.الدَّليل مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامة: (لا نعلم بين أهلِ العِلم خلافًا في أنَّ زكاةَ الأموالِ لا تُعطَى لكافرٍ ولا لمملوكٍ). ((المغني)) (2/487). واستثنى الحَنَفيَّةُ مملوكَ الفقيرِ؛ فإنَّه يجوزُ عندهم دفْعُ الزَّكاةِ إليه. ((حاشية ابن عابدين)) (2/349). .ثالثًا: أنَّ المملوكَ لا يملِكُ الزَّكاةَ بدفْعِها إليه، وما يُعطاه فهو ينتقِلُ لسيِّده فورًا، فكأنَّه دفَعها إلى سيِّدِه؛ فإنَّ مالَ العَبدِ ملكٌ لسيِّدِه، وبذلك يكون نفْعُ الزَّكاةِ لِمَولاه، وهو غنيٌّ ((تحفة الفقهاء لعلاء الدين)) السمرقندي (1/300)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/47)، ((المغني)) لابن قدامة (2/487)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/260). .رابعًا: أنَّ العبدَ يَجِبُ على سيِّده نفقَتُه، فهو غنيٌّ بغِناه ((المغني)) لابن قدامة (2/487). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. المبحث الثاني: الكافر . المبحث الثالث: الأقارب الذين تلزمُه نفقتُهم. المبحث الرابع: الزوجة.