المطلب الأوَّل: تعريف العاملين عليهاالعاملون على الزَّكاة: هم الذين نَصبَهم الإمامُ لجبايةِ الصَّدقاتِ مِن أهلِها ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/44)، وينظر: ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/326). .المطلب الثاني: العاملون عليها من مصارف الزَّكاة العاملون على الزَّكاة مَصرِفٌ من مصارِفِ الزَّكاةِ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقول الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60].ثانيًا: من السُّنَّةعن عبدِ المُطَّلبِ بنِ رَبيعةَ بنِ الحارِثِ، قال: ((اجْتَمَعَ رَبيعةُ بنُ الحارِثِ، والعبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلبِ، فقالَا: واللهِ، لو بعَثْنا هذين الغلامَينِ- قالا لي وللفَضْلِ بنِ عبَّاسٍ- إلى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فكلَّماه، فأمَّرَهما على هذه الصَّدقاتِ، فأدَّيَا ما يؤدِّي النَّاسُ، وأصابَا ممَّا يُصيبُ النَّاسَ، قال فبينما هما في ذلك جاء عليُّ بنُ أبي طالبٍ، فوقَف عليهما، فذكرَا له ذلِك، فقال عليُّ بنُ أبي طالب: لا تفعلَا، فواللهِ ما هو بفاعلٍ، فانتحاه رَبيعةُ بنُ الحارثِ فقال: واللهِ ما تصنَع هذا إلَّا نَفاسةً منك عَلينا، فواللهِ لقد نِلتَ صِهرَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فما نَفسناهُ عليك، قال عليٌّ: أرسِلوهما، فانطلقَا، واضطجع عليٌّ، قال: فلمَّا صلَّى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الظهرَ سبقْناه إلى الحُجرةِ، فقُمْنا عندها، حتى جاء فأخَذَ بآذانِنا، ثم قال: أخْرِجَا ما تُصَرِّرانِ تُصَرِّران- بضَمِّ التَّاءِ وفَتحِ الصاد معناه: تجمعانِه في صُدورِكما مِنَ الكلامِ، وكلُّ شيءٍ جَمعتَه فقدْ صَرَرتَه. وفي بعض النُّسخِ وقعت هذه اللفظة بالسِّين، ورُوِيَت: تصدران، وتصوران. ينظر: ((شرح النووي على مسلم)) (7/178). ، ثم دخَل ودخلْنا عليه، وهو يومئذٍ عند زينبَ بنتِ جحشٍ، قال: فتواكَلْنا الكَلامَ، ثم تَكلَّم أحدُنا، فقال: يا رسولَ الله، أنتَ أبرُّ الناسِ وأوصلُ النَّاسِ، وقد بلَغْنا النِّكاحَ، فجِئْنا لتؤمِّرَنا على بعضِ هذه الصَّدَقاتِ، فنؤدِّيَ إليك كما يؤدِّي النَّاسُ، ونُصيب كما يُصيبون، قال: فسكَتَ طويلًا حتى أردْنا أن نُكلِّمَه، قال: وجعلتْ زينبُ تُلْمِعُ تُلْمِع- بضمِّ التَّاءِ وإسكانِ اللَّامِ، أي: أشارت بثَوبِها أو بِيَدِها. ((شرح النووي على مسلم)) (7/179). علينا مِن وراءِ الحِجابِ أنْ لا تُكلِّماه، قال: ثمَّ قال: إنَّ الصَّدقةَ لا تَنبغِي لآلِ مُحمَّدٍ، إنَّما هي أوساخُ النَّاسِ)) رواه مسلم (1072) .وجه الدَّلالة: قولُه: (ونُصيب كما يُصيبون) دلَّ على أنَّ أخْذَ العُمَّالِ على الزَّكاةِ منها أمرٌ مَشهورٌ، ولم يُنكِرْه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم.ثالثًا: مِنَ الإجماعِنقَل الإجماعَ على ذلك في الجُملة: ابنُ المُنْذِر قال ابنُ المُنْذِرِ: (أجْمعوا على أنَّه إنْ فرَض صَدَقتَه في الأصنافِ التي ذكَرها في سورةِ براءة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا **التوبة: 60**، أنه مؤدٍّ كما فُرِض عليه). ((الإجماع)) (ص: 48). ، وابنُ حزمٍ قال ابنُ حَزْم: (اتَّفقوا على أنَّ الإمامَ المذكورَ إذا وضَع الزَّكاةَ التي تُقبَضُ في الأسهم السَّبعة من الثَّمانية المنصوصة في القُرآنِ، فقد أصاب، واختلفوا في المؤلَّفةِ). ((مراتب الإجماع)) (ص: 37). ، وشمسُ الدين ابنُ قُدامة قال شمسُ الدِّين ابن قُدامة: (قد كانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يبْعَثُ على الصَّدقةِ سُعاةً ويُعطيهم عَمالتَهم، فبعث عُمرَ وأبا موسى وابنَ اللُّتْبِيَّة وغيرَهم، وليس فيه اختلافٌ). ((الشرح الكبير)) (2/694). . انظر أيضا: المبحث الثاني: أقسامُ العاملينَ على الزَّكاة. المبحث الثالث: إعطاء العامل على الزَّكاة إذا كان غنيًّا. المبحث الرابع: مقدارُ ما يأخذ العاملُ على الزَّكاة. المبحث الخامس: الهدايا للعاملين.

 العامِلون على الزَّكاةِ ثلاثةُ أقسامٍ:القِسم الأوَّل: الجُباة: الذين يُوكِّلُهم وليُّ الأمرِ في جبايَتِها مِن أهلِها، والسَّفَرِ إلى البلدانِ والمياه التي عليها أهلُ الأموالِ حتى يَجبُوها منهم.القِسم الثاني: الحُفَّاظ: الذين يقومونَ على حِفظِ أموالِ الزَّكاةِ. القِسم الثالث: القاسمون: الذين يَقسِمون الزَّكاة في أهلِها ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/14)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/225). .فرعٌ: يدخُلُ في العاملينَ على الزَّكاة في التطبيقِ المعاصِرِ المؤسَّساتُ والإداراتُ ومرافِقُها المنتدبَة لتحصيلِ الزَّكاة من الأغنياءِ وتوزيعِها على الفُقراءِ وَفقَ الضَّوابِطِ الشرعية، وبهذا صدَر قرار المجمَعِ الفقهيِّ التَّابِعِ لمنظَّمة المؤتَمَر الإسلاميِّ قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ، الموافق 9 م 13 تموز (يوليو) 2007 م. قرار رقم: 165 (3/18) .فرع: العاملونَ على الزَّكاة- وفي حُكمِهم المؤسَّساتُ المخوَّلةُ بجَمعِ الزَّكاةِ وتوزيعِها- يدُهم يدُ أمانةٍ؛ لا يَضمنونَ هلاكَ المالِ الذي في يَدِهم إلَّا في حالتَي التعدِّي أو التقصيرِ، وتبرَأُ ذِمَّة المزكِّي بتسليمِ الزَّكاة إليهم؛ نصَّ على هذا الحَنابِلَة ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/696)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/276). ، وبه صدَر قرارُ المجمعِ الفقهيِّ التَّابع لمنظَّمَّةِ المؤتَمَر الإسلاميِّ قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ، الموافق 9 م 13 تموز (يوليو) 2007 م. قرار رقم: 165 (3/18) ، وهو ضِمن توصياتِ النَّدوة الرَّابعة لقضايا الزَّكاةِ المعاصرة ((الندوة الرابعة لقضايا الزَّكاة المعاصرة)) (ص 607). ؛ وذلك لأنَّ يدَها يدُ أمانةٍ؛ فلا تضمَنُ إذا لم تُفرِّطْ أو تَعْتدِ ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (2/696)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/276)، وينظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/225). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريف العاملين عليها، وأنَّهم من مصارف الزَّكاة. المبحث الثالث: إعطاء العامل على الزَّكاة إذا كان غنيًّا. المبحث الرابع: مقدارُ ما يأخذ العاملُ على الزَّكاة. المبحث الخامس: الهدايا للعاملين.

يُعطَى العامِلُ على الزَّكاة ولو كان غنيًّا.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا.... [التوبة: 60].وجْه الدَّلالةِ من وجْهين:الوجه الأوَّل: أنَّه أَطلَقَ حقَّ العاملينَ في الزَّكاةِ، ولم يَشتَرِط أن يكونوا فُقَراءَ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/225). .الوجه الثاني: أنَّ الله تعالى جعَل العامِلَ صِنفًا غيرَ الفقراءِ والمساكينِ، فلا يُشترَط وجودُ معناهما فيه، كما لا يُشترَطُ معناه فيهما ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (2/695). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (أجْمع العلماءُ على أنَّ الصَّدقة تحِلُّ لِمَن عمِل عليها وإنْ كان غنيًّا). ((التمهيد)) (5/101). ، والكاسانيُّ قال الكاسانيُّ: (ما يستحقُّه العامِلُ إنما يستحقُّه بطريقِ العمالةِ لا بطريقِ الزَّكاة، بدليلِ أنَّه يُعطَى وإن كان غنيًّا بالإجماعِ، ولو كان ذلك صدقةً لَمَا حلَّت للغنيِّ). ((بدائع الصنائع)) (2/44). ، والبُهوتيُّ قال البُهوتي: ( ولا يُشترَط فَقرُه إجماعًا). ((كشاف القناع)) (2/275). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريف العاملين عليها، وأنَّهم من مصارف الزَّكاة. المبحث الثاني: أقسامُ العاملينَ على الزَّكاة. المبحث الرابع: مقدارُ ما يأخذ العاملُ على الزَّكاة. المبحث الخامس: الهدايا للعاملين.

يُعطَى العامِلُ على الزَّكاةِ قَدْرَ أُجرةِ عمَلِه إلَّا إن كان وليُّ الأمرِ قد رتَّبَ للعاملينَ على الزَّكاةِ رواتِبَ من بيتِ المالِ على هذا العمَلِ؛ فلا يجوزُ أن يُعطَوا شيئًا من الزَّكاةِ. ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/112)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (4/179). لكن إِن استغرقَتْ كفايَتُه الزكاةَ لا يزادُ على النصفِ. ينظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3 / 462). ، والمالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/326)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/349). وعندهم إن استغرقت أجرته جميع الزكاة التي جمعت فإنها تدفع إليه جميعها. ينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/236). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/187)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (3/116). ويَستحِقُّ العامِلُ قَدرَ أجرةِ عَمَلِه قلَّ أم كثُرَ، وهذا متَّفَقٌ عليه، فإن كان نصيبُه من الزكاةِ قَدْرَ أجرَتِه فقط أخَذه، وإن كان أكثَرَ مِن أجرَتِه أخَذَ أجرَتَه، والباقي للأصنافِ بلا خلافٍ، فإذا لم يبقَ للعامِلِ فيها حقٌّ، تعيَّنَ الباقي للأصناف، وإن كان أقَلَّ من أُجرَتِه وجب إتمامُ أُجرَتِه بلا خلافٍ، والأصَحُّ أنَّه يُتمَّمُ مِن سهامِ بقيَّةِ الأصنافِ، ويجوز التتميمُ من بيتِ المال بلا خلافٍ. ينظر: ((المجموع)) للنووي (6/ 188). وإن شاء الإمامُ بعَثَه بلا شرطٍ ثمَّ أعطاه أُجرةً مِثلَ عَمَلِه، وإن شاء سمَّى له قَدْرَ أجرَتِه إجارةً أو جعالةً، ويؤدِّيه من الزَّكاة. ينظر: ((روضة الطالبين)) للنووي (2/327). ، والحنابِلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/275) ،ويُنظر: ((الروض المربع)) للبهوتي (1/152). ويجوزُ عند الحنابلة: أن يُرسِل الإمامُ العاملَ من غير عقْدٍ ولا تسميةِ شَيءٍ ثم يُعطيه، وإنْ شاء عقَدَ له على أجرةٍ معلومةٍ، وإن شاء جعَل له جُعلًا معلومًا على عمَلِه، فإذا فعله استحقَّ الجُعلَ. ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (2/695)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/161). ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبد البَر: (قد أجْمع العلماء أنَّ العامل عليها لا يستحقُّ ثمنها، وإنما له بقدْر عمالته، فدلَّ ذلك على أنها ليستْ مقسومةً على الأصناف بالسوية). ((الاستذكار)) (3/207). قال ابنُ رُشد: (وأما العامل عليها فلا خلافَ عند الفقهاءِ أنَّه إنما يأخُذُ بقدْرِ عَمَلِه). ((بداية المجتهد)) (1/278). .الأدلَّة:أولًا: من السنَّةِعن ابنِ السَّاعدي المالكيِّ، أنه قال: ((استعمَلَني عمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ الله عنه على الصَّدَقة، فلمَّا فَرَغْتُ منها وأدَّيتُها إليه، أمَرَ لي بعمالةٍ، فقلتُ: إنَّما عَمِلْتُ لله، وأجري على اللهِ، فقال: خُذ ما أُعطِيتَ؛ فإنِّي عَمِلتُ على عهدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فعَمَّلني، فقُلتُ مثلَ قَولِك، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: إذا أُعطِيتَ شَيئًا مِن غَيرِ أن تسألَ، فكُلْ وتَصَدَّقْ)) أخرجه البخاري (7163) ومسلم (1045) واللفظ له. .وجه الدَّلالة:أنَّ الحديثَ دلَّ على أنَّ عمَلَ السَّاعي سببٌ لاستحقاقِه الأجرةَ، كما أنَّ وَصفَ الفَقرِ والمَسكَنةِ هو السَّببُ في ذلك، وإذا كان العمَلُ هو السببَ، اقتضى قياسُ قواعِدِ الشَّرعِ أنَّ المأخوذَ في مُقابَلتِه أجرةٌ ((نيل الأوطار)) للشوكاني (4/ 195). .  ثانيًا: أن الذي يأخذُه بسبَبِ العَمَلِ، فوجب أن يكونَ بمِقدارِه ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/285). ، فهم كسائرِ العُمَّال من الأمَراءِ والحكَّامِ وجُباةِ الفَيءِ، وغير ذلك؛ فإنَّما لهم من المالِ بقَدْرِ سَعيِهم وعمالَتِهم، ولا يُبخَسونَ منه شيئًا، ولا يُزادونَ عليه ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 721). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريف العاملين عليها، وأنَّهم من مصارف الزَّكاة. المبحث الثاني: أقسامُ العاملينَ على الزَّكاة. المبحث الثالث: إعطاء العامل على الزَّكاة إذا كان غنيًّا. المبحث الخامس: الهدايا للعاملين.

لا تحِلُّ هدايا العمَّالِ، وكلُّ ما أُهدِيَ بسَبَبِ الوِلايةِ ((مختصر اختلاف العلماء)) للطحاوي (3/500)، ((شرح النووي على مسلم)) (12/219). . الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي حُمَيدٍ الساعديِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((استعمَلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلًا مِن الأزدِ يُقال له: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ على الصَّدقةِ، فلمَّا قدِمَ قال: هذا لكم، وهذا أُهدِيَ لي، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فهلَّا جلَس في بيتِ أبيه أو بيتِ أمِّه فينظُر يُهدَى له أم لا؟! والذي نفْسي بيَدِه لا يَأخُذُ أحدٌ منه شيئًا إلَّا جاءَ به يومَ القيامة يحمِلُه على رَقَبتِه؛ إنْ كان بعيرًا له رُغاءٌ الرُّغاء: صوتُ ذواتِ الخُفِّ. ينظر: ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (6/2359). ، أو بقرةً لها خُوارٌ الخُوار: صوتُ البَقَر. ((النهاية)) لابن الأثير (2/87). ، أو شاةً تَيْعِر، ثم رفَع بيده حتى رأينا عُفرةَ إبْطَيه عُفْرة إبْطيه: بياضُ ما تحت الإبطِ، وسمِّي عفرةً؛ لأنَّه بياضٌ غيرُ ناصعٍ، كأنَّه مُعفَّر بالترابِ. ((النهاية)) لابن الأثير (3/261)، ((لسان العرب)) لابن منظور (4/585). ، اللهمَّ هلْ بلَّغتُ اللهمَّ هل بلَّغتُ، ثلاثًا)) رواه البخاري (6979)، ومسلم (1832). .2- عن عَديِّ بنِ عَمِيرةَ الكِنديِّ، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((مَنِ استَعْمَلْناه منكم على عَمَلٍ، فكتَمَنا مَخِيطًا فما فوقَه، كان غُلولًا يأتي به يومَ القِيامَةِ. قال: فقام إليه رجلٌ أسودُ من الأنصارِ، كأنِّي أنظُرُ إليه، فقال: يا رسولَ الله: اقْبَلْ عنِّي عملَك. قال: وما لكَ؟ قال: سمعتُك تقول كذا وكذا. قال: وأنا أقولُه الآن، مَن استَعْمَلْناه منكُم على عمَلٍ، فلْيَجِئْ بقليلِه وكثيرِه، فما أُوتيَ منه أخَذ، وما نُهِي عنه انتهى)) رواه مسلم (1833). .3- عن بُرَيدَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: ((مَنِ استعمَلْناه على عمَلٍ فرَزقْناهُ رزقًا؛ فما أخذَه بعد ذلك فهو غُلولٌ)) رواه أبو داود (2943)، وابن خزيمة (4/70) (2369)، والحاكم (1/563)، والبيهقي (6/355) (13401) صحَّحه ابنُ دقيق العيد في ((الاقتراح)) (94)، وقال الذهبي في ((المهذب)) (5/2533): إسنادُه صالح، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (4/232): رجال إسناده ثقات، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2943). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِ نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (فإنَّ قَبولَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الهدايا أشهَرُ وأعرف وأكثَرُ مِن أن تُحصى الآثارُ في ذلك، لكنَّه كان صلَّى الله عليه وسلَّم مخصوصًا بما أفاءَ الله عليه مِن غَيرِ قِتالٍ مِن أموالِ الكفَّارِ أنْ يكون له خاصَّةً دون سائِرِ النَّاسِ، ومَن بَعدَه مِنَ الأئمَّةِ حُكمُه في ذلك خلافُ حُكمِه؛ لأنَّ ذلك لا يكونُ له خاصَّةً دون المسلمينَ بإجماع؛ لأنَّه فيءٌ، وفي حديث أبي حُمَيدٍ الساعديِّ في قِصَّة ابن اللُّتبيَّةِ ما يدلُّ على أنَّ العامِلَ لا يجوز له أن يستأثرَ بهديَّةٍ أُهدِيَتْ إليه بسببِ ولايَتِه؛ لأنَّها للمُسلمين). ((التمهيد)) (2/6، 7)، ((الاستذكار)) لابن عَبدِ البَرِّ (5/88)، وينظر: ((فتاوى السبكي)) (1/204). ، وابنُ رسلان قال ابنُ رسلان: (ويدخُل في إطلاقِ الرِّشوةِ للحاكِمِ والعامِلِ على أخْذِ الصَّدَقاتِ، وهي حرامٌ بالإجماعِ). ((نيل الأوطار)) للشوكاني (8/308). .ثالثًا: أنَّ هدايا العمَّالِ سُحتٌ؛ لأنَّه إنَّما يُهدَى إلى العامِلِ؛ ليغمضَ له في بعض ما يجِب عليه أداؤُه، ويبخَس بحقِّ المساكينِ، ويُهدَى إلى القاضي ليَميلَ إليه في الحُكمِ، أو لا يُؤمَن من أن تحملَه الهدِيَّةُ عليه ((شرح السُّنة)) للبغوي (5/498)، ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (2/168). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريف العاملين عليها، وأنَّهم من مصارف الزَّكاة. المبحث الثاني: أقسامُ العاملينَ على الزَّكاة. المبحث الثالث: إعطاء العامل على الزَّكاة إذا كان غنيًّا. المبحث الرابع: مقدارُ ما يأخذ العاملُ على الزَّكاة.