زكاةُ الزُّروعِ والثِّمارِ في الأرضِ المُستأجَرةَ على المُستأجِرِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 247)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/88). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/234)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/254). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 218)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/30)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/83). ، وبه قال أبو يوسُفَ ومحمَّدُ بنُ الحَسَنِ مِنَ الحنفيَّة ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/6). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ1- قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة: 267].وجه الدَّلالة: أنَّ الزَّرعَ مُخرَجٌ للمستأجِر، فوجَبَ أن يتوجَّه حقُّ الإنفاقِ عليه ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/254). .2- قولُ الله تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141].وجه الدَّلالة:أنَّه أمَر بإيتاءِ الحقِّ مَن أباح له الأكلَ، والأكلُ مُباحٌ للمُستأجِرِ، فوجب أن يكونَ الحقُّ واجبًا على المستأجِر دونَ المؤجِّرِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/254). .ثانيًا: أنَّ العُشرَ يجِبُ في الخارِجِ، والخارِجُ مِلكُ المستأجِر، فكان العُشرُ عليه كالمُستعيرِ ((المغني)) لابن قدامة (3/30)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/56). .ثالثًا: أنَّه حقٌّ في مالٍ يَجِبُ أداؤه عن مالٍ، فوجب أن يكون على مالكِ المالِ كالخَراجِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/254). .رابعًا: أنَّ الزَّكاةَ متعلِّقةٌ بعَينِ الزَّرعِ؛ لاختلافِها باختلافِه بالكَثرةِ والقِلَّةِ والجِنسِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/88). . انظر أيضا: المبحث الثاني: زكاة الأرض التي تُستغلُّ بالمزارعة أو المساقاة . المبحث الثالث: زكاة الأرض الخَراجيَّة.

تجب الزَّكاةُ على المتعاقِدَينِ جميعًا: المالِكِ والعامِلِ، كلٌّ بحسَب حصَّتِه؛ نصَّ على هذا الحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/218)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (5/304). ، وبه قال أبو يوسفَ ومحمَّدُ بنُ الحَسَنِ مِنَ الحنفيَّة قال الكاسانيُّ: (لو دفعها مزارعةً؛ فإمَّا على مذهبهما [يعني: محمدَ بنَ الحَسنِ، وأبا يوسف]، فالمزارعة جائزة والعُشر يجب في الخارج، والخارج بينهما فيجِبُ العُشرُ عليهما) ((بدائع الصنائع)) (2/56)، وينظر: ((المبسوط)) للسرخسي (23/30). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيميَّة: (للعلماء في المزارعة قولان: أحدهما: أنَّها باطلة، وأنَّ الزَّرعَ جَميعَه لصاحِبِ البَذْر، وعليه العُشرُ جميعه، ولربِّ الأرضِ قِيمةُ الأرضِ، فمن كان من المُقطعين يرى العُشرَ كُلَّه على الفلَّاح، فتمامُ قوله أن يُعطيَه الزَّرع كلَّه ويطالِبَه بقيمة الأرض. والقول الثاني - وهو الصحيح الذي مضَتْ به سُنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وسُنَّة خلفائه الرَّاشدين، وعليه العَمَلُ - أنَّ المزارعةَ صحيحةٌ؛ فعلى هذا يكون للمُقْطِع نصيبُه، وعليه زكاةُ نَصيبِه، وللفلَّاحِ نصيبُه، وعليه زكاتُه). ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (30/149، 150). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (على مَن تجِبُ الزَّكاةُ في المزارعة والمُساقاة والمُغارسة؟ تجب الزَّكاةُ في هذه الأحوالِ على العامِلِ وعلى مالِكِ الأصلِ بقدْرِ حصَّتَيْهما، إنْ بلغت حصَّةُ كُلِّ واحدٍ منهما نِصابًا، فإن لم تبلُغْ انبنى على تأثيرِ الخُلطةِ في غير بهيمةِ الأنعام). ((الشرح الممتع)) (6/85، 86). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: زكاة الزروع والثِّمار في الأرض المستأجرة. المبحث الثالث: زكاة الأرض الخَراجيَّة.

المطلب الأوَّل: تعريفُ الأرض الخَراجيَّةالخراج لُغةً: ما يحصُلُ مِن غلَّة ((النهاية)) لابن الأثير (2/19)، ((المصباح المنير)) للفيومي (1/166). .والأرضُ الخَراجيَّة: هي أرضُ العَنوةِ التي فتَحَها الإمامُ قهرًا، وضرب عليها خَراجًا، أو ما جلَا عنها أهلُها خوفًا من المسلمين، أو ما صُولِحَ عليه الكفَّارُ ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 113)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/58)، و(تبيين الحقائق، للزيلعي مع حاشية الشلبي)) (3/248) ((الكافي)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/482)، و((مواهب الجليل)) للحطاب (2/278). ((المجموع)) للنووي (5/536)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/234)، ((المغني)) لابن قدامة (3/22-23)، ((الكافي)) لابن قدامة (4/160)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (8/38)، ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (405). .المطلب الثاني: اجتماعُ العُشر والخَراج في أرض واحدة يجتمِعُ العُشرُ والخَراجُ في أرضٍ واحدةٍ، وهي الأرضُ الخَراجيَّةُ التي يمتلِكُها مسلمٌ، فيجِبُ عليه فيها العُشرُ زكاةً، مع الخراجِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّةِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/87)، ((حاشية الصاوي)) (1/609). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/543)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/252). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 219)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/29)، و((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/575). ، وبه قال أكثرُ العُلَماءِ قال ابنُ حزم: (ممَّن صحَّ عنه إيجابُ الزَّكاةِ في الخارِجِ مِن أرضِ الخراجِ: عمرُ بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وشريك، والحسن بن حي) ((المحلى)) (4/56). وقال النوويُّ: (مذاهِبُ العُلَماءِ في اجتماعِ العُشرِ والخَراج: مذهبُنا اجتماعُهما، ولا يمنَعُ أحدُهما وجوبَ الآخَرِ، وبه قال جمهورُ العُلَماءِ، قال ابنُ المُنْذِر: هو قَولُ أكثَرِ العُلَماءِ، ممَّن قال به: عُمَرُ بن عبد العزيز وربيعة، والزهريُّ ويحيى الأنصاري، ومالك والأوزاعيُّ والثوريُّ، والحسن بن صالح وابن أبي ليلي، والليث وابن المبارك، وأحمد وإسحاق، وأبو عُبيد وداود). ((المجموع)) (5/544، 545)، وينظر: ((الأموال)) للقاسم بن سلام (ص: 114، 115). .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة: 267].وجه الدَّلالة:أنَّ الآيةَ عامَّةٌ في وجوبِ الزَّكاةِ فيما خرَجَ مِنَ الأرضِ دون تفريقٍ بين نوعٍ منَ الأرضِ وآخَرَ، سواءٌ أكانت خراجيَّةً، أو عُشْريَّة ((فقه الزَّكاة )) للقرضاوي (1/414). . ثانيًا: من السُّنَّةعن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((فيما سقَتِ السماءُ والعُيونُ أو كان عَثَريًّا العُشرُ، وما سُقِيَ بالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ)) رواه البخاري (1483). .وجه الدَّلالة:أنَّ الحديثَ عامٌّ في كلِّ أرضٍ يُنتفَعُ بها وتُزرَعُ، سواءٌ أكانتْ خَراجيَّة، أو عُشْريَّة ((المجموع)) للنووي (5/549)، ((المغني)) لابن قدامة (3/29). .ثالثًا: أنهما حقَّان مختلفانِ ذاتًا ومحلًّا وسببًا، فلا يتدافعانِ، فالعُشرُ يجِبُ في الزَّرعِ، والخَراجُ يجبُ في الأرضِ، والعُشرُ يجِبُ لأهلِ السهمانِ، والخراجُ دراهِمُ تجِبُ لبيتِ المالِ، والخراجُ واجِبٌ في رَقَبةِ الأرضِ؛ وُجِدَتِ المنفعةُ أو فُقِدَت، والعُشرُ واجِبُ المنفعةِ، ويسقُطُ بفقْدِ المنفعةِ، فلم يجُزْ إسقاطُ أحَدِ الحقَّينِ بالآخَرِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253)، ((رؤوس المسائل الخلافية)) للزمخشري (ص: 214)، ((المجموع)) للنووي (5/549، 550). .رابعًا: أنَّ العُشرَ وَجَبَ بالنصِّ، والخَراج وجب بالاجتهادِ، وما ورد به النصُّ أثبتُ حكمًا، فلم يجزْ إبطالُه بما هو أضعَفُ منه حُكمًا ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253)، ((المجموع)) للنووي (5/550). .خامسًا: أنَّه حُكمٌ يتعلَّقُ بالمُستفادِ مِن غيرِ أرضِ الخراجِ، فجاز أن يتعلَّقَ بالمُستفادِ مِن أرضِ الخراجِ، كالمعادِنِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253). .سادسًا: أنَّ الخراجَ أُجرةٌ لا جِزيةٌ؛ لجواز أخْذِه مِنَ المُسلِم، وإذا كان أُجرةً لم يمنعْ وجوبَ العُشرِ، كالأرضِ المُستأجَرةِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/253). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: زكاة الزروع والثِّمار في الأرض المستأجرة. المبحث الثاني: زكاة الأرض التي تُستغلُّ بالمزارعة أو المساقاة .