الخُلطةُ لها تأثيرٌ في الزَّكاة، إيجابًا مثل: أن يكون لكلِّ واحدٍ منهما عِشرون شاةً، فلا يجب فيها شيءٌ على انفرادِهما، ومع اجتماعِهما تجب فيها شاةٌ. ، وتغليظًا قد توجِبُ الخُلطةُ التثقيل: كاثنين، يكون لكلِّ واحدٍ منهما مئةٌ وشاةٌ، فعليهما ثلاثُ شِياهٍ، وقد كان الواجبُ على كلِّ واحدٍ- لو لم توجَدِ الخُلطةُ- شاةً واحدةً، فقد أوجبت الخُلطةُ عليهما زيادةً واحدةً، على كلِّ واحدٍ نِصْفُها. ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/439) ، وتخفيفًا وقد توجِبُ التَّخفيفَ: فمثلًا لو كان لثلاثةِ أنفُسٍ مئةٌ وعشرون شاةً، لكلِّ واحدٍ منهم أربعونَ شاةً، لَزِمَتْهم جميعًا شاةٌ واحدة فقط، على كلِّ واحدٍ منهم ثُلُثُها، ولو كانوا على انفرادِهم لوجب عليهم ثلاثُ شِياهٍ، على كلِّ واحدٍ شاةٌ. ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/197). ، فتصيرُ الأموالُ كالمالِ الواحِدِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/ 16)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/127)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/117). لكِنِ انفرَدَ المالكيَّة بقولهم: إنَّ تأثيرَ الخلطةِ ليس تأثيرَ إيجابٍ، ولكن تأثيرٌ في قدْرِ الواجِبِ تغليظًا أو تخفيفًا. انظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/263). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/170)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/376). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/196)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/454). ، واختاره داودُ الظاهريُّ قال النوويُّ: (بمذهبنا في تأثير الخلطتين قال عطاء ابن أبي رباح والأوزاعيُّ، والليث وأحمد، وإسحاق وداود). ((المجموع)) (5/433). ، وبه قال أكثَرُ الفُقَهاءِ قال ابنُ رُشْدٍ: (أكثرُ فُقهاء الأمصار اتَّفقوا على أنَّ الخلطاء يزكُّون زكاة المالك الواحد). ((بداية المجتهد)) (1/263). . الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، كتَبَ له التي فرَضَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((وما كان من خَليطينِ؛ فإنَّهما يتراجعانِ بينهما بالسَّوِيَّة)) رواه البخاري (1451). .وجه الدَّلالة: أنَّه قال: يتراجعانِ بينهما بالسَّوِيَّة، ولا يصحُّ ذلك إلَّا في الخليطينِ؛ تُؤخَذُ صدقةُ أحَدِهما من ماشيةِ أحَدِهما، فيرجِعُ الذي أُخِذَتْ صدقةُ الماشيةِ مِن غَنَمِه على صاحِبِه بقدْرِ ما أدَّى عنه من ذلك ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/136). .2- عن أنسٍ رَضِيَ الله عنه أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ الله عنه كتَبَ له التي فرَضَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ((ولا يُجمَعُ بين متَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّق بين مُجتَمِعٍ؛ خَشيةَ الصَّدقةِ)) رواه البخاري (1450). .وجه الدَّلالة:أنَّ الجَمعَ بين المتفرِّق: هو أن يجتَمِعَ ثلاثةُ نَفَرٍ مثلًا، ويكون لكلِّ واحدٍ منهم أربعون شاةً، وقد وجب على كلِّ واحدٍ منهم شاةٌ، فإذا أظلَّهم المصَدِّقُ جَمعوها؛ لئلَّا يكونَ عليهم فيها إلَّا شاةٌ واحدةٌ. وأمَّا تفريقُ المجتَمِع: فكأنْ يكونَ اثنانِ شريكينِ، ولكلِّ واحدٍ منهما مئةُ شاةٍ، وشاةٌ، فيكون عليهما في ماليهما ثلاثُ شياهٍ، فإذا أظلَّهما المصدِّقُ فرَّقَا غَنَمَهما، فلم يكُنْ على كلِّ واحدٍ منهما إلَّا شاةٌ واحدةٌ. فأُمِرَ كلُّ واحدٍ منهما ألَّا يُحدِثَ في المال شيئًا من الجَمعِ والتَّفريقِ ((النهاية)) لابن الأثير (2/62). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ الخُلطة. المبحث الثاني: أنواعُ الخُلطة. المبحث الرابع: تأثيرُ الخُلطة في غير بهيمة الأنعام  . المبحث الخامس: ما يُشْترطُ وما لا يُشْترطُ في زكاةِ الخُلَطاء.

لا تؤثِّرُ الخُلطةُ في غيرِ زكاةِ بهيمةِ الأنعامِ، وهذا مذهَبُ المالكيَّة ((حاشية الدسوقي)) (1/ 439)، ويُنظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/100). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/256)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/462). ، وبه قال الشافعيُّ في القديم ((المجموع)) للنووي (5/450)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/172، 173). ، واختاره ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (الصحيحُ أنَّ الخُلطةَ لا تؤثِّرُ في غير الماشية؛ لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((والخليطانِ ما اشتركَا في الحَوضِ والفَحلِ والرَّاعي))، فدلَّ على أنَّ ما لم يُوجَدْ فيه ذلك لا يكون خُلطةً مؤثِّرة، وقولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يُجمَع بين متفرَّق؛ خشيةَ الصَّدقة)) إنما يكون في الماشية؛ لأنَّ الزَّكاة تقِلُّ بجمعها تارةً، وتكثُرُ أخرى، وسائِرُ الأموالِ تجِبُ فيها فيما زاد على النِّصابِ بحِسابِه، فلا أثَرَ لجَمْعِها، ولأنَّ الخُلطةَ في الماشية تؤثِّر في النَّفعِ تارةً، وفي الضَّرر أخرى، ولو اعتبرناها في غيرِ الماشية أثَّرَت ضَررًا محضًا بربِّ المالِ، فلا يجوزُ اعتبارها). ((المغني)) (2/462، 463). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (الخُلطةُ لا تؤثِّر في غيرِ بهيمةِ الأنعام) ((الشرح الممتع)) (6/65). . وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ قال ابنُ قدامة: (إذا اختلطوا في غيرِ السَّائمة، كالذَّهَب والفِضَّة وعروضِ التِّجارةِ والزُّروع والثِّمار، لم تُؤثِّر خُلطَتُهم شيئًا، وكان حُكمُهم حكمَ المُنفردَينِ. وهذا قولُ أكثر أهل العِلم. وعن أحمد رواية أخرى: أنَّ شَرِكةَ الأعيانِ تؤثِّر في غير الماشيةِ، فإذا كان بينهم نِصابٌ يشتركون فيه، فعليهم الزَّكاةُ، وهذا قولُ إسحاق والأوزاعي في الحَبِّ والثَّمَر). ((المغني)) (2/462). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أنسٍ رَضِيَ الله عنه أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ الله عنه كتَبَ له التي فرَضَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ((ولا يُجمَعُ بين متَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّق بين مُجتَمِعٍ؛ خَشيةَ الصَّدقةِ)) رواه البخاري (1450). . وجه الدَّلالة: أنَّ التحيُّلَ بجَمعِ المتفرِّقِ وتفريقِ المجتَمِع خشيةَ الصَّدقة؛ إنَّما يكونُ في زكاةِ الماشيةِ؛ وذلك لأنَّ الزَّكاةَ تَقِلُّ بجَمعِها تارةً، وتكثُرُ أخرى، وسائِرُ الأموالِ الزَّكَويَّة تجِبُ فيها فيما زاد على النِّصابِ بحِسابِه، فلا أثَرَ لجَمعِها ((المغني)) لابن قدامة (2/463). .ثانيًا: أنَّ الخُلطةَ اعتُبِرَت في زكاةِ الماشية؛ لأنَّها تؤثِّرُ في النَّفعِ تارةً، وفي الضَّرَرِ أخرى، ولم تُعتبَرْ في زكاةِ غيرِ الماشيةِ؛ لأنَّها ضررٌ مَحضٌ بربِّ المالِ؛ لأنَّه لا وقَصَ فيها بعد النِّصابِ ((المغني)) لابن قدامة (2/463)، ((المجموع)) للنووي (5/450). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ الخُلطة. المبحث الثاني: أنواعُ الخُلطة. المبحث الثالث: أثَرُ الخُلطة. المبحث الخامس: ما يُشْترطُ وما لا يُشْترطُ في زكاةِ الخُلَطاء.

المطلب الأوَّل: كونُ الخَليطين أهلًا للزَّكاةيُشتَرَطُ أن يكون الخليطانِ مِن أهل الزَّكاة، أي: يكونا حُرَّينِ مُسلِمَينِ؛ نصَّ على هذا الجمهورُ: المالكيَّة ((منح الجليل)) لعليش (2/ 17)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/157). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/432-434). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 196)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/456). ؛ وذلك لأنَّ مخالطةَ مَن ليس مِن أهلِ الزَّكاةِ كالمعدوم قال ابنُ عُثيمين: (لو اختلط مسلمٌ، ومَن ليس من أهلِ الزَّكاة- كالكافر- خُلطةَ أوصافٍ، فالزَّكاةُ على المسلِم في نصيبِه إذا بلغ نِصابًا؛ لأنَّ مخالطةَ مَن ليس من أهلِ الزَّكاة كالمعدوم) ((الشرح الممتع)) (6/66). .المطلب الثاني: مضيُّ حولٍ كاملٍ على الخُلطةِيُشتَرَطُ أن يمضِيَ حوْلٌ كامِلٌ على الخُلطةِ، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/171)، ((المجموع)) للنووي (5/432). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/196)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/534). ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة في فتاوى اللَّجنة الدَّائمة: (أن يستمرَّ الاختلاطُ حولًا كاملًا، فلا تُؤخَذُ الخُلطة فيما دون الحَوْلِ، إجماعًا). ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة – المجموعة الثانية)) (8/14). ، وبه قال ابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (يُشتَرَط في الخلطة أن تكون كلَّ الحَوْلِ أو أكثَرَه، كالسَّوم) ((الشرح الممتع)) (6/64). ؛ وذلك لأنَّ الخُلطةَ معنًى يتعلَّقُ به إيجابُ الزَّكاة، فاعتُبِرَت في جميعِ الحَوْلِ كالنِّصاب ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/534)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/196). .المطلب الثالث: هل تُشَتَرط نيَّةُ الخُلطة؟ اختلف أهلُ العِلم في اشتراطِ نيَّةِ الخُلطةِ على قولين:القول الأوّل: لا تُشتَرَط نيَّةُ الخُلطة، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (5/434، 436)، ويُنظر: ((البيان)) للعمراني (3/212). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/198)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/456). ، وبه قال أشهَبُ من المالكيَّة ((الذخيرة)) للقرافي (3/130). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الخُلطةَ إنما تؤثِّرُ مِن جهة خفَّةِ المَؤُونة باتِّحادِ المَرافِق، واقتسامِ المَؤُونة، وذلك لا يختلِفُ بالقَصدِ وعَدَمِه ((المجموع)) للنووي (5/434)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (2/15). .ثانيًا: أنَّ المقصودَ بالخُلطةِ مِنَ الارتفاقِ، يحصُلُ بدون النيَّة، فلم يتغيَّرْ وجودُها معه، كما لا تتغيَّرُ نيَّةُ السَّومِ في الإسامةِ، ولا نيَّةُ السَّقيِ في الزَّرع والثِّمار، ولا نيَّة مُضيِّ الحَوْلِ فيما يُشتَرَط الحَوْلُ فيه ((الذخيرة)) للقرافي (3/130)، ((المغني)) لابن قدامة (2/456). .ثالثًا: أنَّ النيَّةَ لازمةٌ لوجودِ الخُلطةِ، فلا معنَى لاشتراطِها ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/157). .القول الثاني: تُشتَرَط نيَّةُ الخُلطةِ، وهذا مذهَبُ المالكيَّة قرَّر بعضُ المالكيَّة أنَّه لا حاجة لاشتراطِ النيَّة؛ لأنَّ المرادَ بنيَّةِ الخُلطة عدمُ نيَّةِ الفِرارِ بالخُلطة، وبذلك يكون الخلافُ بينهم وبين الجمهورِ لفظيًّا. ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/777)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/439). ، وقولٌ للشافعيَّة ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (3/212)، ((المجموع)) للنووي (5/434، 436). ، وبه قال القاضي أبو يعلَى مِنَ الحَنابِلَة ((المغني)) لابن قدامة (2/456). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الخُلطةَ معنًى يغيِّرُ موجِبَ الحُكم، فيفتقِرُ إلى النيَّةِ، كالاقتداءِ في الصَّلاةِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/130)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/505). .ثانيًا: أنَّ الخُلطةَ تُغيِّرُ أمرَ الزَّكاةِ بالتَّكثيرِ أو التَّقليل، ولا ينبغي أن يُكَثَّرَ مِن غيرِ قَصدِه ورضاه، ولا أن يُقَلَّلَ إذا لم يقصِدْه، محافظةً على حقِّ الفُقَراءِ ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (2/15). .المطلب الرابع: ما يُعتَبَر في الخُلطةممَّا يُعتبَرُ في الخُلطة: الاشتراكُ في المَراحِ المَرَاح: هو الموضِعُ الذي تَروحُ إليه الماشية وتجتمِعُ فيه للانصرافِ إلى المبيت، وقيل: هو الموضِعُ الذي تَقيلُ فيه. ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/137). ، والمَشرَبِ الخُلطة في المشرب: أن يسقِيَ الجَميعَ بدَلْوٍ واحد، أو الاشتراكُ في الماء، إمَّا أن يكون موضِعُه مملوكًا، أو تكون المنفعةُ فيه مُشتَرَكة. ((التاج والإكليل)) للمواق (2/267) ، والفَحلِ الفحل: هو الفَحلُ الذي يضرِبُ الماشيةَ، أي ينزو عليها. ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/137). ، وهذا في الجُملةِ مَذهَبُ الجمهورِ: المالكيَّة المعاني المعتبَرَة عند المالكيَّة في الخُلطة: الراعي، والفَحْل، والمَرَاح، والدَّلْو، والمَبيتُ. ((التاج والإكليل)) للمواق (2/267)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/777). ، والشافعيَّة المعاني المعتبَرة عند الشافعيَّة في الخلطة: المشرب، والمسرح، والمراح، وموضع الحلْب، والراعي، والفحل. ((المجموع)) للنووي (5/432)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر للهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/230). ، والحَنابِلَة المعاني المعتبَرة عند الحَنابِلَة في الخُلطة: أن يكون مرعاهم ومَسرَحُهم ومَبِيتُهم ومَحلَبُهم وفَحلُهم واحدًا. ((الفروع)) لابن مفلح (4/ 38)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/454)، ((العدة شرح العمدة)) لبهاء الدين المقدسي (ص: 142). ؛ وذلك لأنَّها إذا اشترَكَت في هذه الأوصافِ، صارت كأنَّها لرَجُلٍ واحدٍ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/64)، ((المجموع)) للنووي (5/434). . المطلب الخامس: كونُ المالِ المخَتِلط نِصابًالا يُشتَرَط أن يبلُغَ المالُ المُختَلِطُ لكلِّ واحدٍ نِصابًا، إذا بلغ مجموعُه بعد الخُلطةِ نِصابًا، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/432)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/170). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/196)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/454). ، وبه قال بعضُ السَّلَفِ قال ابنُ قدامة: ( وسواءٌ تَساوَيَا في الشَّرِكة، أو اختلفَا، مثل أن يكون لرَجُلٍ شاةٌ، ولآخَرَ تِسعةٌ وثلاثون، أو يكون لأربعينَ رجلًا أربعونَ شاة، لكلِّ واحدٍ منهم شاة؛ نصَّ عليهما أحمد، وهذا قول عطاء والأوزاعيِّ والشافعيِّ، والليث وإسحاق). ((المغني)) (2/454). قال القرطبي: (قال الربيع والليث وجمعٌ من العلماءِ منهم الشافعيُّ: إذا كان في جميعِها ما تجِبُ فيه الزَّكاة أُخِذَت منهم الزَّكاة). ((تفسير القرطبي)) (15/179). ، واختاره داودُ الظَّاهريُّ قال النوويُّ: (وبمذهَبِنا في تأثيرِ الخُلطتين قال عطاء بنُ أبي رباح والأوزاعيُّ، والليث وأحمد، وإسحاق وداود). ((المجموع)) (5/433). ، والشنقيطيُّ قال الشنقيطيُّ: (اختلف القائلون بتأثيرها في الزَّكاة على مَن تؤثِّرُ: فقال أحمد، والشافعيُّ: تؤثِّر على جميع الخُلَطاء؛ مَن يملكون نِصابًا، ومن لا يملِك... ولعلَّ من النصوص المقدَّمة يكون الراجِحُ مذهبَ أحمد والشافعيِّ في قضية الخُلطة. والله تعالى أعلم). ((أضواء البيان)) (8/278، 279). ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ قالت اللَّجنة الدَّائمة: (الخُلطة المذكورة في السؤال تُوجِبُ الزَّكاة في هذه الأغنام، إذا بلغت بمجموعِها نِصابًا، وكانت سائمةً في جميع الحَوْلِ أو أكثَرِه، وعلى كلِّ واحدٍ مِنَ الزَّكاة بقدْرِ مالِه مِنَ الأغنام، منسوبًا إلى المجموعِ، فلو كان لإنسانٍ شاة، ولآخَرَ تسعٌ وثلاثون شاةً، فعلى الأوَّل ربُعُ عُشرِ شاةٍ، وباقيها على الآخَرِ). (( فتاوى اللَّجنة الدَّائمة – المجموعة الثانية)) (8/42). ؛ وذلك لأنَّ الخُلطةَ تُصَيِّرُ الأموالَ كَمالٍ واحدٍ ((الذخيرة)) للقرافي (3/128). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ الخُلطة. المبحث الثاني: أنواعُ الخُلطة. المبحث الثالث: أثَرُ الخُلطة. المبحث الرابع: تأثيرُ الخُلطة في غير بهيمة الأنعام  .

لا يَحِلُّ التَّحايلُ بخَلطِ مالِه مع مالِ غَيرِه، أو تفريقِ مالِه عن مالِ غَيرِه؛ بغرَضِ إسقاطِ أو تخفيفِ قدْرِ المالِ المُزكَّى.الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه كتب له التي فرَضَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ولا يُجمَع بين متفرِّقٍ، ولا يُفرَّق بين مجتَمِع؛ خشيةَ الصَّدقةِ)) رواه البخاري (1450). .وجه الدَّلالة: أنَّ في الحديثِ نهيًا عن تفريقِ المالِ أو جَمعِه؛ خشيةَ وجوبِ الصَّدقةِ، أو خشيةَ كَثرَتِها ((المجموع)) للنووي (5/433). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ بطَّال قال ابنُ بطَّال: (أجمعوا أنَّه إذا حال الحَوْل وأظلَّ الساعى، أنَّه لا يحِلُّ التحيُّلُ والنقصان؛ في أن يُفرَّقَ بين مجتمِعٍ أو يُجمَع بين مفترِّق) ((شرح صحيح البخاري)) (8/314). ، والقرطبيُّ قال القرطبي: (أجمعوا على أنَّه إذا حال الحَوْل وأظلَّ الساعي، أنَّه لا يحِلُّ له التحيُّل ولا النقصان، ولا أن يُفَرِّق بين مجتمِع، ولا أن يَجمَعَ بين متفرِّق) ((الجامع لأحكام القرآن)) (9/236). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ الخُلطة. المبحث الثاني: أنواعُ الخُلطة. المبحث الثالث: أثَرُ الخُلطة. المبحث الرابع: تأثيرُ الخُلطة في غير بهيمة الأنعام  .

إذا كان للمالِكِ مواشٍ متفرِّقةٌ في أماكِنَ مختلفةٍ، فإنَّها تُضَمُّ مع بَعضِها، وتزكَّى زكاةَ المالِ الواحِدِ، سواءٌ كان ما بينها مسافةٌ تُقصَرُ فيها الصَّلاةُ أو لا [1071] قال ابنُ قُدامة: (فإن كانت سائمةُ الرجُل في بُلدانٍ شتَّى، وبينهما مسافةٌ لا تُقصَرُ فيها الصَّلاة، أو كانت مجتمعةً، ضُمَّ بعضُها إلى بعض، وكانتْ زكاتُها كزكاةِ المختلطة، بغير خلافٍ نعلمُه). ((المغني)) (2/461)، وينظر: ((المبدع شرح المقنع)) لابن مُفلح (2/303).      وقال ابنُ مفلح: (وعنه: الكلُّ كسائمةٍ مجتمعةٍ في المسألتَينِ «و» [أي: وافق الأئمةُ الثلاثةُ الحنابلةَ] للعمومِ، كما لو كان بينهما دون مسافةِ القصر «ع» [أي: إجماعًا]). ((الفروع وتصحيح الفروع)) (4/56). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/29)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/174). ، والمالكيَّة ((الكافي)) لابن عَبدِ البَرِّ (1/319)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/132).      ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر للهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/223)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/55). ، وروايةٌ عن أحمَدَ قال ابنُ قدامة: (إن كانت سائمةُ الرَّجُلِ في بُلدانٍ شتَّى، وبينهما مسافةٌ لا تُقصَرُ فيها الصلاة، أو كانت مجتمعةً؛ ضمَّ بعضها إلى بعض، وكانت زكاتُها كزكاةِ المُختَلِطة، بغير خلافٍ نعلمه. وإن كان بين البلدانِ مسافةُ القَصرِ، فعن أحمدَ فيه روايتان: إحداهما، أنَّ لكلِّ مالٍ حُكمَ نفسِه، يعتبر على حِدَته، إن كان نِصابًا ففيه الزَّكاةُ، وإلَّا فلا، ولا يُضَمُّ إلى المالِ الذي في البلد الآخر. نصَّ عليه، قال ابنُ المُنْذِر: لا أعلَمُ هذا القول عن غير أحمد... والرواية الثانية، قال فيمن له مئة شاة في بلدان متفرِّقة: لا يأخُذُ المصدِّق منها شيئًا؛ لأنَّه لا يُجمَع بين متفرِّق، وصاحِبُها إذا ضبط ذلك وعرفه أخرَجَ هو بنفسه، يضعُها في الفقراء. رُوي هذا عن الميموني وحنبل، وهذا يدلُّ على أنَّ زكاتَها تجب مع اختلافِ البلدان، إلَّا أنَّ الساعِيَ لا يأخذها؛ لكونه لا يجِدُ نِصابًا كاملًا مجتَمِعًا، ولا يَعلَمُ حقيقة الحال فيها، فأمَّا المالِكُ العالم بمِلكِه نِصابًا كاملًا، فعليه أداءُ الزَّكاة، وهذا اختيارُ أبي الخطاب، ومذهَبُ سائرِ الفُقَهاء). ((المغني)) (2/461، 462). ، واختاره ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قدامة: (قال مالك: أحسنُ ما سَمِعتُ فيمن كان له غَنَمٌ على راعِيَينِ متفرِّقينِ ببلدانٍ شتى، أنَّ ذلك يُجمَعُ على صاحِبِه، فيؤدِّي صدَقَته. وهذا هو الصَّحيح- إنْ شاء الله تعالى؛ لقوله عليه السَّلام: ((في أربعينَ شاةً شاةٌ)). ولأنَّه مِلكٌ واحِدٌ أشبَهَ ما لو كان في بلدانٍ متقاربةٍ، أو غير السَّائمة. ونحمِلُ كلام أحمد، في الرواية الأولى، على أنَّ المصدِّقَ لا يأخُذُها، وأمَّا ربُّ المالِ فيُخرِجُ، فعلى هذا يُخرِجُ الفَرض في أحَدِ البَلَدين شاء؛ لأنَّه موضع حاجة). ((المغني)) (2/462). ، وابنُ عُثيمين احتياطًا قال ابنُ عُثيمين: (لو كان لرجلٍ عِشرونَ مِنَ الشِّياه في الرِّياض، وعِشرونَ في القَصيمِ، فالجمهورُ يقولون: تَجِبُ عليه الزَّكاةُ؛ لأنَّ المالِكَ واحِدٌ، والمذهَبُ لا زكاة عليه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يُفرَّق بين مجتَمِعٍ؛ خشيةَ الصدقة، ولا يُجمَع بين متفرِّقٍ؛ خشيةَ الصَّدقة))، فدلَّ على أنَّه إذا تفرَّقَ مالُه لا للحيلةِ، فلا زكاةَ عليه، والأحوطُ رأيُ الجمهورِ، ويُحمَلُ الحديثُ على خُلطةِ الأوصافِ) ((الشرح الممتع)) (6/66). ، وبه قال أكثَرُ الفُقَهاءِ ((المغني)) لابن قدامة (2/462). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّةعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، كتَبَ له هذا الكتابَ لَمَّا وجَّهه إلى البحرين: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، هذه فريضةُ الصَّدقةِ التي فرَضَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم على المسلمينَ، والتي أمر اللهُ بها رسولَه؛ فمَن سُئِلَها من المسلمينَ على وجهِها، فلْيُعطِها، ومَن سُئِلَ فَوقَها فلا يُعطِ))... وفيه: ((وفي صَدقةِ الغَنَمِ، في سائِمَتِها إذا كانت أربعين إلى عشرينَ ومئةٍ، شاةٌ...)) رواه البخاري (1454). .وجه الدَّلالة: أنَّ عُمومَ الحَديثِ يُوجِبُ لِمَن مَلَك القدْرَ الذي يُوجِبُ الزَّكاةَ، أن يؤدِّي زكاتَها، سواءٌ كانت عنده أو متفرِّقةً في البُلدانِ ينظر: ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/66). .ثانيًا: قياسًا على النَّقدينِ؛ فإنَّ تفَرُّقَهما في البُلدانِ لا يُسقِط الزَّكاةَ ((الذخيرة)) للقرافي (3/133). رابعًا: أنَّ العِبرةَ بالمالِك، والمالِكُ هنا واحِدٌ ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/66). .خامسًا: أنَّ الغِنى بالأموالِ في البُلدانِ، كالغِنى في البَلَدِ الواحِدِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/133). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ الخُلطة. المبحث الثاني: أنواعُ الخُلطة. المبحث الثالث: أثَرُ الخُلطة. المبحث الرابع: تأثيرُ الخُلطة في غير بهيمة الأنعام  .